حلقة 264: إذا تاب السارق ولم يجد صاحب المال المسروق - حكم من تزوج امرأة على أن زوجها قد استشهد ثم بعد مدة علم أنه حي - الدعاء دبر الصلوات - التبليغ خلف الأمام - حكم من نذر ولم يستطع الوفاء - صلاة الجماعة مع النساء - الإحداد أكثر من المشروع

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

14 / 50 محاضرة

حلقة 264: إذا تاب السارق ولم يجد صاحب المال المسروق - حكم من تزوج امرأة على أن زوجها قد استشهد ثم بعد مدة علم أنه حي - الدعاء دبر الصلوات - التبليغ خلف الأمام - حكم من نذر ولم يستطع الوفاء - صلاة الجماعة مع النساء - الإحداد أكثر من المشروع

1- أعلمكم بأن أحد أصدقائي كان يعمل مع شخصٍ ما في مطعم، وقام بسرقة بعض نقوده وذلك بدون علمٍ من صاحب هذا المطعم، ولكنه في النهاية تاب إلى ربه وسمع أن هذا الشخص قد توفي، ويريد أن يرجع هذه النقود، مع العلم أنه لا يعرف مكان أهله، أفيدونا هل يجوز له أن يتصدق بها على نية صاحب المطعم أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: هذا الذي سرق النقود من صاحب المطعم الواجب عليه التوبة إلى الله-سبحانه وتعالى-، فإذا كان قد تاب فالحمد لله على ذلك، ثم النقود فإن عرف صاحبها أو عرف الورثة فإنه يلزمه أن يؤديها إلى الورثة إذا كان صاحبها قد مات، وعليه أن يبحث ويجتهد حتى يوصلها إلى الورثة، فإن عجز ولم يجد سبيلاً إلى معرفة الورثة فإنه يتصدق بذلك بالنية عن صاحب المطعم، يتصدق بها عنه، والله -عز وجل- ينفعه بها، إذا كان مسلماً ينفعه بها، هذا هو طريق البراءة من ذمته. 
 
2- طلقت امرأتي وقلت لها: إذا وافقتي خيراً فاستخيريه، أي إذا طلبك رجلاً فتزوجيه، وأعطيتها ورقتها، فهل يمكن لي أن أعود لها مرةً ثانية؟
إذا كان الطلاق بهذا الأمر فإنه يقع بواحدة، إذا قال لها: إذا وافقك خيراً فوافقيه، أو إذا خطبك زوج فتزوجي، أو ما أشبه ذلك، أو أنت مطلقة أو أنت طالق، أو ما أشبه ذلك فإن هذا يعتبر طلقة واحدة فقط، فله أن يراجعها ما دامت العدة، بأن يشهد شاهدين بأنه راجعها، يقول: قد راجعت امرأتي، أو أرتجعت امرأتي، أو رددت امرأتي، و ما أشبه من الألفاظ الدالة على عوده إليها، والأفضل أنه يشهد شاهدين عدلين، يشهدا بأنه راجع زوجته ما دامت العدة، ما دامت لم تحيض ثلاث حيضات إن كانت تحيض، وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، فإذا راجعها قبل الأشهر الثلاثة، قبل مضي الأشهر الثلاثة حلت وصارت زوجةً له، أما إن كانت قد اعتدت؛ يعني مضى عليها بعد الطلاق ثلاث حيضات إن كانت تحيض، أو مضى عليها ثلاثة أشهر كانت لا تحيض كالعجوز الكبيرة والبنت الصغيرة؛ فإنها حينئذٍ تكون أجنبية ولا تحل له إلا بعقدٍ جديد، كسائر الخطباء، وسائر الخطاب الذين يخطبونها لا تحل إلا بنكاحٍ جديد بشروطٍ معتبرة شرعاً. 
 
3- في منطقتنا استشهد أحد الشباب، وجاءت الجثة إلى أهله مشوهة غير واضحة المعالم، ولكن العنوان يدل على اسم الشهيد وبيته، ودفنوه في مقبرة القرية، وترك الشهيد زوجه وأطفاله، وبعد تسعة أو عشرة أشهر مضت على استشهاد الشاب جاء أهل الزوجة إلى أخي الشهيد يريدون منه أن يتزوج ابنتهم زوجة الشهيد، فرفض أن يتزوجها، وبعد أيام من هذا الأمر قالوا له: إن لم تتزوجها زوجناها لغيرك، وبقي الأخ في موقف حرجٍ، إما أن يتزوجها ويحافظ على يتامى أخيه، وإما أن يتركها تتزوج غيره، وعلى أي حال فقد تزوجها من غير رغبة، وبعد مرور سنة من الزواج أنجبت له طفلاً، وبعد أشهر جاءت رسالة من أخيه الذي اعتقدوا بأنه قد استشهد يقول فيها: أنا باقٍ على قيد الحياة، وإنني أسير في أحد سجون العدو، ويوصي فيها بزوجته وأولاده، فأصيب أخيه بمصيبة عظيمة، بسبب زواجه من زوجة أخيه الموجود حياً يرزق، فعندما يرجع الأسير إلى بلده وأهله بسلام هل يكون الزواج الثاني باطلاً أم يحق لهم البقاء في بيت الزوجية، وإن كان باطلاً فكيف يرجع الزوج الأول إلى زوجته إن كان له حق الرجوع، وأخيراً ما هو حل الشريعة في هذا الأمر؟
هذا الأمر يحتاج إلى تثبت ما دام الشهيد الذي جاء إليهم عليه علامات أنه أخو الشخص وأنه قتيلهم وولدهم، وتزوجها على هذا الأمر وأن أخاه قد استشهد فلا إثم عليه ولا حرج عليه، لكن متى ثبت يقيناً أن أخاه موجود في السجن فعليه أن يفارقها حينئذٍ وتبقى زوجةً لأخيه، وإن شاءت رفعت الأمر إلى القاضي الشرعي ليفسخها إذا كانت في حاجة للفسخ والمفارقة؛ لسجنه وعدم وصوله إليها، هذا الشيء يرجع إلى القاضي الشرعي الذي ينظر في أمرهم، أمر المرأة هذه وزوجها، لأني أخشى أن يكون هذا الكاتب كاذباً وأراد أن يشوش على أخي الشهيد ويزعم أنه فلان الذي كتب الرسالة، يخشى أن يكون أيضاً مزوراً كاذباً فلا بد من التثبت في الأمور فإذا سأل المسئولين في حكومة العراق أو أرسلوا من ينظر السجناء ويختبر السجناء حتى يعرفهم الذين يعرفونه بعد التثبت من ذلك حينئذٍ يفارقها، زوجها الجديد أخوه وتبقى في عصمة زوجها الأول،ولا حرج على أخيه؛ لأنه لم يتعمد الباطل إنما أخذها على اعتقاده أن أخاه قد مات، وهكذا اعتقاد أهلها فلا شيء عليهم والحمد لله، وإن لم يثبت هذا فإنها زوجته ولا يعجل، ولا يكترث بأمر الكتاب الذي كتبه إلا إذا كان معروفاً أنه خطه، خط أخوه، إذا عُرِف أن هذا خط أخيه عرفه الشهود العدول أن هذا قلمه وأنه جديد وليس فيه شبهة، لا يخشى أنه أخذ خطاً قديماً، أو قلد خطه المقصود أنه لا بد من التثبت في الأمور، فإذا تيقن يقيناً أن أخاه موجود فحينئذ يعتزلها، ويكون تزوجها ..........، ويكون معذوراً والأحوط أن يطلقها طلقة واحدةً خروجاً من كلام من قال بصحة الزواج في هذه الحالة ولو رآه أنه حي، لأنه تزوجها على وجهٍ شرعي باعتقاده أنه مفقود. لكن بعد وصول الخبر إلى أن تتضح الحقيقة هل يعتزل زوجته؟ ما يلزمه الاعتزال، لأن الأصل حل النكاح، الأصل أنه زواجٌ شرعي، فلا يلزمه اعتزالها حتى يتحقق أن أخاه موجود. 
 
4- ما حكم الدعاء بعد كل دبر كل صلاة بالنسبة للجماعة، حيث يدعو الإمام ويقول المأمومون جميعاً خلفه: آمين؟
هذا شيءٌ لا أصل له، الدعاء بعد كل صلاة يدعو الإمام ويؤمن عليه المأمومون؛ هذا شيءٌ لا أصل له، بل هو بدعة، فلم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه يفعلونه، بل كان إذا سلم من صلاته استغفر ثلاثاً قال: استغفر الله، استغفر الله،استغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف إلى الناس يعطيهم وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولما معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، هذا ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، بعضه ثابت من حديث ثوبان عند مسلم، وبعضه من حديث ابن الزبير عند مسلم، وبعضه في الصحيحين من حديث المغيرة، هذه الأذكار التي يقولها إذا سلم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ عنه أنه كان يرفع يديه إذا سلم ويدعو ويُأَمِّن المأموم كل هذا محدث لا أساس له، فلا يجوز فعله بل هو بدعة. 
 
5- ما حكم التبليغ للإمام بالتكبير في الصلاة خلفه بصوت عالٍ، مع العلم أن الجميع يسمعون صوت الإمام، تكبيره وتحميده؟
إذا كان الجماعة يسمعون صوت الإمام ولا يخفى عليهم، فلا حاجة إلى التبليغ، أما إذا كان قد يخفى على بعض الصفوف المؤخرة فإنه يستحب التبليغ، وقد صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم- ذات يوم في مرضه عليه الصلاة والسلام وكان صوته ضعيفاً فكان الصديق يبلغ عنه عليه الصلاة والسلام، هذا لا بأس به، إذا احتيج إلى التبليغ لسعة المسجد وكثرة الجماعة، أو لضعف صوت الإمام لمرضٍ أو غيره فإنه يقوم بعض الجماعة بالتبليغ، أما إذا كان الصوت واضحاً يسمعه الجميع ولا يخفى على أحد في الأطراف بل أمر معلوم أنه يسمعه الجميع فليس هناك حاجة إلى التبليغ... 
 
6- أولاً من نذر ولم يستطع الوفاء بنذره فماذا يجب عليه؟
هذا فيه تفصيل: إن نذر طاعةً فعليه أن يوفي بها، كأن ينذر صلاةً أو صوماً أو نحو ذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يطع الله فليطعه). أما نذر مكروهاً كأن يقول: لله علي صوم سنة كاملة، أو يصوم الأبد؛ هذا نذرٌ مكروه لا ينبغي، فعليه كفارة يمين عن هذا الشيء. أما إن نذر مالا يطيقه بأن قال: لله عليه بأن يتصدق بمليون ريال، وما يستطيع المليون ولا ما يقارب المليون فيكفر كفارة يمين، إن نذر مالا يطيقه فعليه كفارة يمين، إذا كان لا يطيق ذلك ولا يُظن أنه يطيق ذلك، فإن كان يمكن أن يحصِّل ذلك يكون ديناً في ذمته، كأن يقول: لله عليه، أن يتصدق بألف ريال وليس حاضراً فإن هذا دينٌ في ذمته يسعى في تحصيله فمتى حصله وتيسر له تصدق به، أما إذا كان الشيء من المستحيل عادة أن يقوم به أو لا يستطيعه فهذا يكفيه كفارة يمين. 
 
7- كيف يقوم رجل وامرأة بتأدية صلاة الجماعة.
هذا له أحوال: تارةً يمكن أن يصليا جميعاً في النوافل، كأن يصلي هو وامرأته أو أهل بيته صلاة الضحى نافلةً أو يتهجد بالليل أو صلاة الوتر، فيقوم هو وحده وتصف النساء خلفه، حتى ولو كانت زوجته، خلفه لا تصف معه، لا بأس بهذا، وهكذا في التروايح لو صلوا مع الإمام صلَّيْن خلفه، أو صلّى بهن صاحب البيت صلين خلفه، سواء واحدة أو عدد صلين خلفه،... في الفرائض أو جاء النساء إلى المساجد وصلين مع الناس فإنهن يصلين خلف الأئمة، وخلف المأمومين ولا تصف امرأة مع رجل، لا مع زوجها ولا مع أبيها ولا مع غيرهم، موقفهن خلف الرجال، سواء في فريضة أو في نافلة، في الليل أو في النهار، المقصود أن هذه الأنواع كلها طريقها واحد، المرأة فيها تكون خلف الإمام أو خلف المأمومين إذا كان هناك مأمومون، ولا تقف مع الإمام ولا مع المأمومين. وإن كن نساءً فقط؟ تقف الإمامة وسطهن، إذا كن نساءً فقط تكن إمامتهن في وسطهن. لا تتقدم عنهن؟ لا، لا تتشبه بالرجال. 
 
8- ماذا يجب على المسلم أن يفعله عند نزول المطر، وسماع الرعد، ومشاهدة البرق؟
إذا سمع الرعد يقول: سبحان من سبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، جاء هذا عن ابن الزبير وعن بعض السلف، فإذا قال ذلك المؤمن فحسن. أما عند المطر فيقول اللهم صيباً نافعاً، مطرنا بفضل الله ورحمته، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، يقول: اللهم صيباً نافعاً اللهم صيباً نافعاً مطرنا بفضل الله ورحمته، هذه السنة عند نزول المطر. 
 
9- صلاة التطوع إذا اعتاد عليها الإنسان هل تكون واجبة؟
لا، ما تكون واجبة، التطوع يكون دائماً تطوع، لا يكون واجباً أبداً، لكن نفس الحج والعمرة إذا أحرم فيهما وجبتا، لقول الله - تعالى -: (وأتموا الحج والعمرة لله)، هذا شيء خاص بالعمرة والحج، فإذا أحرم بهما وجبتا حتى يكملهما، أما ما سواهما كالصلاة والصوم والصدقة ونحو ذلك هذه التطوعات تبقى على حالها تطوعاً، فإن شرع في الصلاة جاز له قطعها، وإن شرع في الصوم النافلة جاز له قطعه، ولكن الأفضل أن يتمم ويكمل، ولو أخرج مال ليتصدق جاز له أن يرجع حتى لا يسلم ذلك للفقير، فالمقصود أن جميع النوافل على حالها هي تطوع حتى ينتهي منها، إلا الحج والعمرة فإنهما إذا شرع فيهما وجبا حتى يكملهما. 
 
10- توفي والدي منذ سنتين تقريباً ولكن المشكلة في زوجته التي هي والدتي، فقد استمر حزنها عليه ربما إلى هذا الوقت، مما جعلها ترفض تغيير اللباس الأسود أو التزين بأي زينة أقلها وضع الكحل في العين أو الحناء، وقد بذلنا كل ما نستطيع في سبيل إقناعها بترك هذا المظهر الحزين ولكن دون جدوى، فنرجو منكم توضيح المشروع في هذا الموضوع جزاكم الله خير الجزاء.
هذا لا يجوز، كونها تبقى على حزنها وعلى لباس الإحداد هذا لا يجوز. فالواجب عليها اتباع الشرع، وترك طاعة الشيطان، كونها تبقى على حالة الإحداد هذا من طاعة الشيطان، وفيه نوعٌ من السخط من المصيبة والجزع، والواجب عليها عدم ذلك، النبي - صلى الله عليه وسلم- حث على الصبر والاحتساب كما حث الله عليه في كتابه العظيم، قال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (155-157) سورة البقرة، الله يقول جل وعلا: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ (11) سورة التغابن، قال بعض السلف: هو الرجل أو المرأة تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، فالواجب عليها الصبر والاحتساب وأن تغير من حالها، تلبس الملابس الجميلة، تكحل عينيها، تتطيب، تخرج إلى جيرانها وأقاربها الطيبين، تزور من تحسن زيارته، تترك هذا الأمر الرديء، الذي هو طاعةٌ للشيطان وإظهار الجزع والسخط، هذا لا يجوز فعليكم أن تنصحوها وأن توجهوها إلى الخير، وأن تخبروها بهذا الكلام الذي سمعتم، أخبروها بهذا الكلام، أو سجلوه واقرؤوه عليها، سجلوا هذا الكلام واقرؤوه عليها حتى تستفيد، وحتى تبتعد عن طاعة الشيطان، هدانا الله وإياها صراطه المستقيم. اللهم آمين. أحسن الله إليكم.

597 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply