حلقة 364: حكم من قال أن الله في كل مكان - حكم الصلاة بغير وضوء - مدة غياب الرجل عن زوجته - مذهب أهل السنة في الرجاء والخوف - عادات في تجهيز الزواج - حكم صلاة الخسوف بعد صلاة الفجر - تفسير قوله تعالى وشاهد ومشهود - أصحاب الأخدود

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

14 / 50 محاضرة

حلقة 364: حكم من قال أن الله في كل مكان - حكم الصلاة بغير وضوء - مدة غياب الرجل عن زوجته - مذهب أهل السنة في الرجاء والخوف - عادات في تجهيز الزواج - حكم صلاة الخسوف بعد صلاة الفجر - تفسير قوله تعالى وشاهد ومشهود - أصحاب الأخدود

1- الإيمان بالأسماء والصفات من أهم شروط اكتمال العقيدة الصحيحة ومنها الاستواء على العرش, ولكن نجد في بعض البلاد بأنهم يقولون: إن الله في كل مكان! بماذا تنصحونهم، وإن ماتوا على هذا هل هم خارج الملة؟ أفتونا بالتفصيل،

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا سؤال مهم عظيم يجب على كل مسلم أن ينتبه له ، وقد أوضحه الرب جل وعلا في كتابه العظيم أوضح الجواب في كتابه العظيم سبحانه وتعالى، وهو الإيمان بعلو الله واستوائه على عرشه، وقد دل كتاب الله العظيم في سبعة مواضع على أنه سبحانه فوق العرش، قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من ذلك سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا في سورة الأعراف: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) سورة الأعراف، في سبعة مواضع من القرآن، ومنها قوله جل وعلا في سورة طه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) سورة طـه، فالذي عليه أهل السنة والجماعة الإيمان بذلك، وأنه سبحانه فوق العرش في العلو قد استوى على العرش استواءً يليق بجلاله وعظمته، كما قال تعالى: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) سورة غافر، وقال سبحانه: وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) سورة البقرة، وقال سبحانه: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) سورة المعارج، وقال سبحانه: ..إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ.. (10) سورة فاطر، إلى آيات كثيرة، تدل على علوه سبحانه وتعالى وأنه فوق العرش، فوق جميع الخلق. وهذا قول أهل السنة والجماعة، وهو الذي جاءت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً وهو الذي دل عليه القرآن العظيم، ودلت عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم المتواترة، وأجمع عليه المسلمون: الصحابة ومن بعدهم، ومن زعم أن الله في كل مكان فقد كفر، لأنه مكذب لله ولرسوله، ومكذب لجماعة المسلمين، فالواجب على كل من يعتقد هذا الاعتقاد أن يتوب إلى الله، وأن يقلع عن ذنبه العظيم، وأن يؤمن بأن الله سبحانه في العلو فوق العرش، فوق جميع الخلق جل وعلا.  
 
2-   نرى البعض من الناس يصلون بدون وضوء نهائياً, وأحياناً لا يتمون التيمم مع توفر الماء, وعند مناقشتهم يحتج هؤلاء بأنهم يعيشون في الصحراء, والماء قليل، مع أن مصادر جلب الماء موجود, والماء متوفر, والسؤال: هل الصلاة في مثل هذه الحالة صحيحة؟
الواجب على كل مسلم أن يتوضأ للصلاة عند وجود الماء والقدرة على استعماله، فإن عجز لبعد الماء وعدم وجوده أو لمرض يمنعه من ذلك، وجب عليه التيمم بالتراب: يضرب الأرض بيديه ويمسح وجهه وكفيه، هذا هو الواجب، فمن صلى بدون وضوء ولا تيمم فصلاته باطلة، لا بد من أحد الأمرين: الوضوء عند القدرة وعند وجود الماء والقدرة على استعماله وإذا كان قريباً أمكن نقله يذهب ويتوضأ أو ينقل الماء في سيارته أو في دابته ليشرب ويتوضأ، أما من عجز عن الماء لمرض يضره الماء أو لعدم وجود الماء ليس معه إلا ماء قليل لشأن حاجته لأكله وشربه فإنه يتيمم، والحمد لله؛ لأن الله يقول: ..فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا.. (43) سورة النساء، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين). يتيمم من الأرض التي هو فيها، يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه، هذا هو الواجب على كل مسلم، ومن عجز عن التيمم وعن الماء فهو معذور، لو كان إنسان مربوط في سارية أو عمود ولا يستطيع لا يتيمم ولا يتوضأ صلى على حسب حاله، أو مريض لا يستطيع التحرك وليس عنده من يوضئه ولا من ييممه صلى على حسب حاله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.. (16) سورة التغابن، لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا.. (286) سورة البقرة.  
 
3-   يغيب البعض من العمال عن زوجاتهم سنين عديدة من أجل البحث عن لقمة العيش, ما رأي الشرع -في نظركم سماحة الشيخ- في غياب الرجل عن زوجته هذه السنين، وهل هو يأثم؟
إذا اضطر إلى ذلك لا حرج عليه، إذا اضطر إلى ذلك لطلب الرزق فلا حرج عليه في ذلك، وإن تيسر نقلها معه نقلها معه، وإن تيسر أن يرجع إليها بعد ستة أشهر، ثم يرجع فهذا حسن، كما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه وقت للمسافرين عن أزواجهم ستة أشهر، الجنود، فإذا تيسر هذا فهو أحوط وأحسن، وإلا فلا، لأن الإنسان قد يضطر إلى العمل ولا يتيسر له الرجوع كل ستة أشهر، أو أقل أو أكثر، فإذا كان في طلب الرزق طلب الحلال، وليس عنده في بلده ما يحصل به المقصود فإنه معذور، سواء طالت المدة أو قصرت على حسب القدرة، وإذا تيسر له أن ينقل زوجته معه فهذا أكمل وأحوط، وإذا رضيت في بقائه تنتظره ولم تُشدد في الموضوع فلا بأس الحق لها إذا سمحت فلا بأس، وإن طلبت فإنه ينقلها معه إذا تيسر له ذلك، أو يأتيها كل ستة أشهر أو ما يقاربها إذا تيسر له ذلك؛ لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ..، وإذا كان يخشى عليها من غيبته عنها فليرجع إليها ولو كل ثلاثة أشهر، ليقضي وطره ووطرها وليحافظ على سلامة دينها، على حسب قدرته، المقصود أنه يتقي الله ما استطاع في نقلها معه أو رجوعه إليها بين وقت وآخر حرصاً على سلامة دينها وعفتها، وهو معذور في طلب الرزق والسفر لطلب الرزق.  
 
4- ما مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف؟
أهل السنة والجماعة يقولون: يجب الرجاء والخوف، والعبد يسير إلى الله بين الرجاء والخوف كالجناحين للطائر، يخاف الله ويرجوه، يصلي ويصوم ويتصدق ويحج ويجاهد وهو مع ذلك يخاف الله ويرجوه، كما قال تعالى عن الرسل وأتباعهم يقول سبحانه: ..إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا.. (90) سورة الأنبياء، فرغباً يعني رجاء، ورهباً يعني خوفاً، ..وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ، وقال سبحانه: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ.. (57) سورة الإسراء، فالمؤمن يرجو رحمة ربه ويخاف عذابه، ويتقيه دائماً، فلا يقنط ولا يأمن، قال تعالى: ..إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) سورة يوسف، وقال: ..لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ.. (53) سورة الزمر، وقال عز وجل: أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) سورة الأعراف، فالواجب الخوف والرجاء لا أمن ولا قنوط، يرجو ربه ولا ييأس ولا يقنط، ولكن يخاف لا يأمن أيضاً، يخاف عقوبته، يخاف الذنوب وشرها، هكذا المؤمن، وهذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، يجب على المؤمن أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء حتى يلقى ربه. وقال بعض أهل العلم: ينبغي له أن يغلب الرجاء في حال المرض، والخوف في حال الصحة، حتى ينشط في العمل الصالح، وحتى يحذر محارم الله، ولكن المعتمد في هذا أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء، دَائماً دائماً.  
 
5- يوجد عندنا في القرية إذا تزوج الشاب بفتاة, أو شرع في الزواج منها فيخير بين أمرين, وهما: أولاً: أن يدفع لوالد العروس مهراً وفي هذه الحالة يقوم والد العروس بتجهيز المنـزل المعد للزواج. ثانياً: أن يقوم الشاب بتجهيز المنـزل، وفي هذه الحالة لا يدفع لوالد العروس شيئاً من المال, علماً بأن الزوج هو الذي يقوم ببناء البيت, فأيهما أفضل يا سماحة الشيخ من جهة الشرع، هل هو دفع المهر، أم تجهيز المنـزل؟
الأمر في هذا واسع، والحمد لله، الله يقول: ..أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم.. (24) سورة النساء، فإذا تراضى الزوج والمرأة وأبوها على شيء: تجهيز المنـزل أو تسليم نقود أو نقود وتجهيـز أو غير ذلك فلا بأس الأمر إليهم، المهم أن يبذل مالاً ترضى به المرأة ولا بأس سواء قليل أو كثير، النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد)، والله يقول: ..أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم..، والمال يعم القليل والكثير، فإذا تراضوا على شيء من تجهيز منـزل أو تسليم نقود أو نقود وتجهيز أو غير هذا من وجوه المصالحة بينهما فالأمر واسع في هذا، والحمد لله.  
 
6- في حالة خسوف القمر بعد صلاة الفجر وشوهد، هل تصلى صلاة الخسوف في هذا الوقت أم لا، وكذلك بعد صلاة العصر؟
نعم، إذا خسفت الشمس بعد العصر شرعت الصلاة والذكر والدعاء والصدقة والتكبير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت لأحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم)، وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره). وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى الكسوف أمر بالصدقة والتكبير والعتق، هذا هو السنة ولو بعد العصر على الصحيح، وقال بعض أهل العلم: أنه لا يصلى لها بعد العصر لأنه وقت نهي، والصواب أنه يصلى لها؛ لأن صلاة الكسوف من ذوات الأسباب وذوات الأسباب تفعل ولو في وقت النهي، مثل صلاة الطواف إذا طاف بعد العصر، مثل تحية المسجد إذا دخل المسجد، يريد أن يصلي المغرب دخل قبل المغرب يصلي ركعتي التحية، مثل الوضوء لو توضأ بعد العصر يصلي ركعتين، هذا هو الصواب، ذوات الأسباب لا بأس بها في وقت النهي، وصلاة الكسوف من ذوات الأسباب، هذا هو الصواب والراجح من قولي العلماء. وقد كتبنا في هذا كتابات تنشر لعلها نشرت أو تنشر غداً أو بعد غد. وهكذا إذا كسف القمر في آخر الليل أو في أول النهار، يصلى لكسوفه أفضل، ومن ترك فلا حرج، لأن وقته قد ذهب، قد ذهب سلطانه بعد الفجر، ولم يبق إلا الشيء اليسير من سلطانه، فمن صلى فهو أفضل، ويخفف حتى يصلي الفجر بعد ذلك في وقتها، ومن لم يصل فلا حرج؛ لأن القمر إذا طلع الفجر ذهب سلطانه ولم يبق منه إلا اليسير، فمن صلى بعد طلوع الفجر، لعموم الأحاديث فلا بأس، وهو أفضل، ومن ترك ذلك فلا حرج، وإن صلى فيخفف، يبدأ بصلاة الخسوف قبل الفجر، ثم يصلي صلاة الفجر في وقتها قبل الشمس، وقد كتبنا في هذا كما تقدم وهو ينشر إن شاء الله أو قد نشر. - وكذلك بعد صلاة العصر سماحة الشيخ؟ ج/ تقدم بعد صلاة العصر، خسوف الشمس.  
 
7-  ما هو واجب إمام المسجد في حيه وتجاه جماعته في المسجد؟
الواجب عليه تفقدهم وملاحظاتهم ونصيحتهم، وألا يشق عليهم بالتأخير ولا بالتبكير، تكون صلاته وسط، صلاته وسط، حسب التوجيهات التي إليه من المسؤولين عن الصلاة، يصلي حسب التوجيه، يحذر من التأخير الذي يضرهم أو التقديم الذي يضرهم، يكون مراعٍ للأوقات التي حددت له، والتقدم اليسير أو التأخر خمس دقائق أو كذا لا يضر، المهم أنه لا يتأخر شيء يضرهم أو يتقدم شيء يخالف التعليم، بل يكون متحرز التعليم، وإذا تأخر قليلا عن التعليمات خمس دقائق أو نحوه كل هذا لا حرج فيه، يراعي المصلحة في ذلك.  
 
8- يستفسر عن الآيتين الكريمتين في سورة البروج: ((وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)) [البروج:3]، من هو الشاهد ومن هو المشهود في هذه الآية؟
للعلماء في هذا كلام كثير، وأحسن ما قيل فيه: أن الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، يوم الجمعة الشاهد والمشهود يوم عرفة، يشهده الناس -الحجاج- وقيل غير ذلك، لكن هذا أحسن ما قيل، وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ*وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ أي يوم القيامة، وَشَاهِدٍ، يوم الجمعة، وَمَشْهُودٍ (1-3 البروج)، يوم عرفة، هذا هو أحسن ما قيل في ذلك.    
 
9- الآية الثانية سماحة الشيخ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) سورة البروج، يقول: من هم أصحاب الأخدود؟
جماعة من الكفرة والظلمة عذبوا المؤمنين بأن أخدوا لهم أخاديد وجعلوا فيها النيران، نسأل الله العافية، الله جل وعلا ذمهم فقال: قُتِلَ يعني: لُعن أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ*النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ*إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ*وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (4-7) سورة البروج، يعني ناس من الكفرة الملحدين ظلموا المؤمنين وجعلوا لهم خدوداً عذبوا من لم يطاوعهم، نسأل الله العافية.  
 
10- ما هو الفرق بين النبي والرسول صلى الله عليه وسلم، وما هي فائدة علم النبي للبشر؟
المشهور أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع لنفسه يعمل به بنفسه ولا يؤمر بالتبليغ، والرسول الذي يؤمر بالتبليغ، مثل النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: اقْرَأْ (3) سورة العلق، هذا نبي، فلما قيل له: قُمْ فَأَنذِرْ (2) سورة المدثر، صار رسولاً نبياً جميعاً، فالرسول هو الذي يؤمر بالتبليغ، يوحى إليه ويؤمر بتبليغ الناس ودعوتهم، كمحمد صلى الله عليه وسلم وموسى وعيسى وداود وسليمان ونوح ونحوهم، والنبي هو الذي يوحى إليه بشرع ولكن لا يؤمر بالتبليغ، ككثير من أنبياء بني إسرائيل أوحي إليهم ولم يؤمروا بالتبليغ، لأنفسهم.    
 
11-   هل هناك أشخاص يعلمون الغيب بعد ارتضاء الله لهم غير الرسل والأنبياء، وما الفرق بين ذلك؟ وأيضاً عن كرامات الأنبياء التي يجريها الله عز وجل على ألسنتهم, وهي في الحقيقة غائبة عن النظر, كتلك التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [يا سارية الجبل!] وغير ذلك؟
الغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه الرسل ولا غيرهم، الغيب لا يعلمه إلا الله، وإنما يعلم الرسول ما أوحي إليه، قال تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ.. (65) سورة النمل، وقال: ..فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا*إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ.. (27) سورة الجن، فقد يخبرهم بعض المغيبات، كما أخبر الله نبينا عن أشراط الساعة وعن بعض أمور الجنة والنار، إلى غير ذلك، فالغيب لا يعلمه إلا الله، لكنه سبحانه يطلع بعض أنبيائه ورسله على بعض الغيب. والأنبياء لهم المعجزات وهي كرامات ومعجزات تدل على صدقهم وأنهم رسل الله، كالعصا لموسى، واليد التي قدَّمها موسى لفرعون، تخرج يده بيضاء من غير سوء، والعصا بينما هي عصا صارت حية تسعى، آيتان من آيات الله، ومعجزتان لموسى، على أنه نبي عليه الصلاة والسلام. ومن ذلك: ما وقع لنبينا عليه الصلاة والسلام من نبوع الماء من بين أصابعه ينبع الماء من بين أصابعه، ويراه الناس في الإناء فيشربون ويأخذون في أوعيتهم، ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم تبوك وكانت العين تبض بضاً قليلاً فتوضأ وصب الماء فيها حتى جاشت بالماء، وكان هكذا يوم الحديبية لما شق عليهم عدم الماء، أغرق سهمه في البئر حتى جاشت بالماء عليه الصلاة والسلام، كل هذه من معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأولياء لهم كرامات، الصالحون لهم كرامات أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لهم كرامات يكرمهم الله وتخرق العادة، لكنها ليست معجزة إنما هي كرامة للولي الذي هو من الصالحين وليس نبياً، كما جرى لعبَّاد بن بشر وأسيد بن حضير، في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لما سريا من النبي في آخر الليل، قاما من عنده صلى الله عليه وسلم بعدما سمرا عنده خرجا إلى بيوتهما في ليلة مظلمة فأضاءت لهما أسواطهما كالسراج، كل واحد سوطه ...... هذه من آيات الله ومن كرامات أوليائه. وهكذا الطفيل الدوسي لما طلب من النبي آية يدعو بها قومه، سأل الله أن يعطيه آية فصار نور له في جبهته في وجهه، فقال: يا رب في غير وجهي! فجعله الله في سوطه، فإذا رفعه استنار فدعا قومه فأسلموا. 
 
12-   امرأة متزوجة برجل لا يوفر لها ولا لأولادها أبسط أسباب المعيشة, فهو يعمل يوماً ويستريح أسبوعاً, وأصبح الأولاد كأنهم أيتام, يتصدق عليهم الجيران ومن يرى من حالتهم يعطف عليهم ويقدم لهم الصدقة، تقول: هي تنصحه وتطالبه بسد حاجات البيت والأولاد, ولكن لا حياة لمن تنادي!! فأصبحت هي وهو في شجار دائم, فتذكر أيضاً يا سماحة الشيخ بأنها تقول: بأنني لا أقوم في خدمته، فهل آثم في ذلك، وهل أسأل عن تعاملي معه أمام الله عز وجل؟
أيها السائلة أنت بالخيار: إن صبرت فلا بأس، وإن لم تصبري فارفعي الأمر إلى المحكمة، لك أن تطلبي الطلاق؛ لأنه لا يقوم بالواجب وإن صبرت وتعاونت معه فلا بأس عليك، ولا يلزمك طاعته فيما لا تستطيعين كطلب الرزق لأولادك، وأما في الأوقات التي تستطيعين فاستجيبي له لحاجاته، وإذا طلبك في وقت لا تستطيعين إجابته فأنت معذورة، والله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.. (16) سورة التغابن، فعليك طاعته فيما تستطيعين، ولا حرج عليك فيما لا تستطيعين كوقت طلب الرزق لأولادك ولنفسك لأنه لا يقوم بالنفقة، والأوقات الأخرى التي يمنعك مرض أو عذر شرعي كالحيض أو ما أشبه ذلك، المقصود عليك طاعته حسب الطاقة فيما أباح الله وشرع الله، ولك طلب الفرقة وطلب الطلاق عند المحكمة لأنه لم يقم بالواجب.  
 
13- عندما أصلي لا أشعر بالاطمئنان إلا إذا أغمضت من عيني، ولا أفكر في أشياء دنيوية، ورغم ذلك فأنا أستعيذ بالله من بداية صلاتي, ولكنني رغم ذلك أفكر، وأشعر بالحزن لذلك, ما رأيكم في إغماض العينين؟
عليك أن تجتهدي في إحضار قلبك في الصلاة، وسؤال الله أن يعنيك على هذا، وتذكري أنك بين يدي الله، وأن الله يطلع عليك سبحانه وتعالى، فالمؤمن إذا قام في الصلاة يراقب ربه ويستحضر عظمته جل وعلا، فالواجب هو العناية بهذا الأمر وتذكر أنك بين يدي الله، وأن الله ينصب وجهه إلى عبده ما دام يصلي، فعليك أن تجتهدي في إحضار قلبك والخشوع لله وترك الإغماض، الإغماض للعينين مكروه تركه أولى، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه من فعل اليهود فالأولى ترك ذلك، ولكن ضعي البصر في موضع السجود، انظري موضع السجود، واخشعي لله واذكري عظمته، وأنك بين يديه، واجتهدي في ذلك وأبشري بالخير.  
 
14- هل الصلاة وراء من اعتقد في التمائم التي تكتب من القرآن وتعلق, هل تجوز الصلاة خلف مثل هؤلاء؟
الصلاة خلفهم صحيحة؛ لأنها مسألة خلافية، التمائم التي من القرآن بعض أهل العلم يجيزيها، والصواب أنها لا تجوز؛ لأنها وسيلة لتعليق التمائم الأخرى، ولأن الأحاديث عامة في النهي عن التمائم، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له)، هذا عام، فينبغي ترك التمائم كلها من القرآن وغير القرآن، فلا يعلق تميمة على ولده ولا على بنته ولا على دابته، لا من القرآن ولا من غير القرآن، بل يتوكل على الله ويسأله العافية والشفاء ويترك تعليق التمائم، سواء كانت من حديد أو من حلق أو من آيات قرآنية أو من أحاديث أو من غير ذلك، الأحاديث عامة، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له)، (من تعلق تميمة فقد أشرك)، لكن الصلاة خلفه صحيحة لأن المسألة خلافية بين أهل العلم، والذي ننصح به الإمام أن يدع هذا الأمر.  
 
15- الصلاة خلف المبتدع ما حكمها؟
الصلاة فيها تفصيل خلف المبتدع: إذا كان مبتدعاً ابتدع بدعة تكفر، كالجهمي هذا لا يصلى خلفه، والمعتزلي ينفي صفات الله والخوارج لا يصلى خلفهم، أما إذا كانت بدعة خفيفة مثل أن يقول: نويت أن أصلي، أو عنده بدع أخرى غير هذه من البدع الخفيفة التي لا تفضي إلى الشرك فالأمر في هذا سهل يصلى خلفه، ولكن إذا تيسر إزالته والتماس إمام من أهل السنة فهذا هو الواجب، ولكن إذا دعت الضرورة إلى أن يصلى خلفه إذا كانت بدعته لا تكفره كالعاصي كالذي يعرف بالمعاصي يصلى خلفه ما دام مسلماً.  
 
16-   إذا كان الناس بقرية ويغلب عليهم الجهل بالدين, هل يجوز أن يتخذوا مصلى آخر خلاف مسجد القرية، وإذا كانت مداومة الصلاة فيه تؤدي إلى الفتنة عند مناصحتهم، ما حكم ذلك؟
الواجب على أهل القرية أن يصلوا جميعاً في مسجد واحد، وأن يتعاونوا على البر والتقوى؛ لأن الصلاة في المسجد تعينهم على الخير، والتعارف، والتواصي بالحق والنصيحة، ولا يري نصيحته من تيسر له أن ينصحهم جميعاً، أما إذا كانت القرية كبيرة تباعد أطرافها وجعلوا مسجدين للتباعد فلا بأس، لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا (286) سورة البقرة، إذا كان في مشقة يجعل في جانبها مسجد وفي الآخر مسجد، أو في شرقها مسجد وغربها مسجد، إذا كان المسافة متباعدة، يشق عليهم الصلاة في مسجد واحد، فلا حرج. والواجب عليهم التعاون على البر والتقوى والتواصي والتناصح والحذر من أسباب الشحناء، والمستعان. شكر الله لكم... 

529 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply