حلقة 373: ما حكم المرور بين صفوف - من أدرك الإمام راكعا يكبر تكبيرة الإحرام ثم تكبيرة الركوع - حكم من يضيف للأذان شيئا من القرآن أو الأدعية - بدع عن دفن الميت - الحكمة في الدعوة إلى الله عزوجل - ما حكم صبغ المرأة شعرها لزوجها

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

23 / 50 محاضرة

حلقة 373: ما حكم المرور بين صفوف - من أدرك الإمام راكعا يكبر تكبيرة الإحرام ثم تكبيرة الركوع - حكم من يضيف للأذان شيئا من القرآن أو الأدعية - بدع عن دفن الميت - الحكمة في الدعوة إلى الله عزوجل - ما حكم صبغ المرأة شعرها لزوجها

1- ما حكم المرور بين صفوف المصلين حتى يجد المار مكاناً يصلي فيه؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا حرج أن يمر المسلم بين المصلين والإمام يصلي ليلتمس مكاناً إذا لم يجد طريقاً سوى ذلك، أما إذا وجد طريقا بحيث يذهب معه حتى يتصل بآخر الصفوف فالأولى به أن يذهب مع الطريق حتى لا يشوش على أحد، أما لو احتاج إلى ذلك فلا بأس، لأن المأموم لا يضره مرور من مر بين يديه، لأنه مربوط بصلاة الإمام فلا يضره من مر بين يديه، وفي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: أتيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي يصلي في منى، وأنا على أتان فنـزلت عنها ودخلت في الصف، وتركت الأتان ترتع، يعني بين الصفوف، فلم يضر ذلك صلاتهم؛ لأنهم محكومون بحكم الإمام، سترة الإمام سترة لهم، فلا يضرهم مرور الأتان يعني الحمار، أو مرور إنسان آخر، لكن إذا تيسر أن يكون مرور الإنسان أو دابته من جهة أخرى حتى لا تشوش على الصفوف هذا هو الأولى، ولعل السبب في مرور أتان ابن عباس عدم تيسر طريق لها ذاك الوقت حتى تمر من بين بعض الصفوف.  
 
2- من أدرك الإمام راكعاً فهل تلزمه تكبيرة أو تكبيرتان، تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع؟
إذا أدرك الإمام راكعا فإنه يكبر أولاً وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يكبر حين ينحني للركوع هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو الأصل، الأصل أن يكبر تكبيرتين الأولى وهي تكبيرة الإحرام وهي فرض عند الجميع لا بد منها، والثانية فرض عند بعض أهل العلم وهي تكبيرة الركوع. وذهب الأكثرون إلى أنها سنة ولكن ذهب الإمام أحمد -رحمه الله- وجماعة من السلف والخلف إلى أنها فريضة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كبر وأمر بالتكبير، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) في الركوع والسجود، فدل ذلك على وجوب التكبيرات تكبيرات النقل تأسياً به -صلى الله عليه وسلم-، وتنفيذا لأمره، أما تكبيرة الإحرام وهي الأولى فهذه فريضة عند الجميع، لا تصح الصلاة إلا بها، لو دخل بالصلاة بالنية ولم يكبر لم تنعقد صلاته، فلا بد من التكبير في أول الصلاة، وهي التكبيرة التي يقال لها تكبيرة الإحرام، وهي المذكورة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، يعني التكبير الأول، لكن إذا جاء والإمام راكع قد يضيق الوقت فإن ترك تكبيرة الركوع صح عند جمع من أهل العلم، لضيق الوقت، ولكن إذا أتى بهما وهو الأحوط وفيه خروج من الخلاف، فينبغي له أن يأتي بهما على الأصل، يكبر وهو واقف تكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام، ثم يكبر الثانية عند انحنائه وانخفاضه للركوع، متى تيسر ذلك فهذا هو الأحوط والأولى، ومتى ترك الثانية للضيق أجزأته الركعة والحمد لله في أصح قولي أهل العلم.  
 
3- لفظ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يفهم من بعض المتحدثين، بما تنصحونهم؟
أنصح كل متحدث أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما مر ذكره -عليه الصلاة والسلام - في الموعظة والخطب، وفي الأحاديث العادية، وإذا سمع ذلك أيضاً أن يصلي عليه -عليه الصلاة والسلام-، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي)، عليه الصلاة والسلام، ولأحاديث أخرى جاءت بالمعنى، فينبغي للمؤمن أن يتبع ذكره -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة عليه، فإذا قال: قال رسول الله يقول: صلى الله عليه وسلم، وإذا قال: عن رسول الله، يقول: صلى الله عليه وسلم، وإذا مر ذكره وهو يسمع صلى عليه -عليه الصلاة والسلام-. كأن السائل سماحة الشيخ يقصد خروج الحروف من مخارجها في لفظ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-. ينبغي أن يعتني بذلك، يعني ينبغي للمتحدث أن يعتني بإخراج الحروف حتى يفهم الناس مراده، فينبغي أن يقول: صلى الله وسلم عليه، عليه الصلاة والسلام، اللهم صل وسلم على رسول الله، يعني تكون العبارة واضحة.  
 
4- ما حكم الإسلام فيمن يضيف إلى النداء للصلاة شيئاً من تلاوة القرآن، أو بعض الألفاظ الأخرى عبر مكبرات الصوت، حيث أن هذه الظاهرة منتشرة في كثير من المناطق، وأكثر ما تكون في شهر رمضان قبل وقت الفجر، وفي أي وقت أرادوه من الليل، وفي مثل هذه الحالة تتكاثر الأصوات من جميع نواحي المنطقة مما يؤثر ذلك على السكان، فهل هذه الأفعال صحيحة أم لا؟
هذا شيء لم يشرع، بل هو بدعة، والواجب على المؤذن ألا يضيف شيئاً إلى الأذان لا قبله ولا بعده، فلا يقرأ قبل الأذان، ولا يقول كلام قبل الأذان، ولا بعد الأذان يرفع صوته بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو بغير ذلك لا، بل يؤدي الأذان كاملا، يبدؤه بقوله: الله أكبر، وينهيه بقوله: لا إله إلا الله، فلا يأت بشيء قبله ولا يأت بشيء بعده، لأن ذلك من البدع، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل ليس عليه أمرنا فهو رد)، يعني مردود على صاحبه، أخرجه مسلم في الصحيح، وعلقه البخاري جازماً به عن عائشة -رضي الله عنها-، ولقوله -صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، أي مردود، ولم يكن بلال ولا غيره في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يأت بشيء قبل الأذان ولا بعد الأذان، فإذا قال: لا إله إلا الله، يقفل المكبر، ينتهي، وفي الأذان يبدأ، وفي الأول يبدأ: الله أكبر، يبدأ الأذان بهذا، لا يتكلم بشيء قبل ذلك، فلا يقول: صلوا، أو سبحان الله، أو ما أشبه ذلك، أو يقرأ قبل الأذان لا، ولا بعد الأذان إذا قال: لا إله إلا الله، لا يقول: اللهم صلي وسلم على رسول الله يجهر بذلك في المكبر لا، بل يقفل المكبر، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين نفسه، وإن سمعه من حوله فلا بأس، لكن يقفل المكبر، ليس تابعاً للأذان، بل يقوله بعد الأذان بينه وبين نفسه، ولا مانع من إسماع من حوله، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمدا -صلى الله عليه وسلم- الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد، كما جاء في الحديث، روى البخاري في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من قال حين يسمع النداء، اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)، زاد البيهقي -رحمه الله- بإسناد جيد: (إنك لا تخلف الميعاد)، وفي مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي واحد صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منـزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)، هذا هو المشروع للمؤمن لكن بعد قفل الأذان، بعد انتهاء الأذان، يقفل المكبر ثم يأتي بهذا، وهكذا قبله لا يتكلم بشيء. والخلاصة أن الأذان يبدأ بـ الله أكبر، وينتهي بـ لا إله إلا الله، فمن زاد معه شيء يرفع به صوته أو في المكبر فقد أتى بدعة فينكر عليه ويعلم. المذيع/ إذن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- برفع الصوت قريباً من الصوت الذي رفع به الأذان يعتبر هذا بدعة؟ بدعة نعم.   
 
5-   توجد عندنا عادات قديمة، ولا يزال الكثيرون يتبعون هذه العادات، وهي: الاستغفار، والتهليل بالرنة والترانيم عند حمل الميت، بما يسمون ذلك التشهودة، كما يقومون بتلاوة القرآن أثناء دفن الميت والأذان عليه، وعند الفراغ من دفنه يقوم أحدهم عند رأسه ويقول له: -أي مخاطباً للميت- إذا جاءك كذا فقل: كذا! فما رأيكم في ذلك؟
كل هذا بدع، لا أصل لها، فالسنة مع الجنازة التفكير، وخفض الصوت، وتأمل مصير الميت، وماذا يقال له وماذا يجيب به، وتذكر هذا الأمر العظيم، لأنك صائر إلى ما صار إليه، فينبغي للمؤمن أن يستشعر هذا الأمر العظيم، وكان السلف -رضي الله عنهم- يخفضون أصواتهم ولا يتكلمون برفع الصوت في مثل هذه الحالة مع الجنائز، بل يخفضون أصواتهم ولا يتكلمون إلا بالتفكير والنظر والموعظة، وتذكير الناس بالخير، ودعوتهم إلى الخير، أما وحدوه أو لا إله إلا الله، أو سبحان الله بأصوات مرتفعة هذا لا، غير مشروع، بل هذا بين الإنسان وبين نفسه. كذلك الأذان عند القبر، أو كونه يدرس في نفس القبر أو عند القبر، أو يقيم عند القبر، أو في نفس القبر هذا بدعة أيضا، أو يقرأ فيه القرآن هذا بدعة لا أصل لذلك، لا في نفس القبر ولا عند القبر، كل هذا من البدع، والمقابر ما هي مثل المساجد، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا)، دل على أن القبور لا يصلى عندها، ولا يقرأ عندها، ما هي مثل المساجد. كذلك التلقين كونه يقف عند رأسه عند الدفن ويقول: قل كذا، قل كذا، إذا سألك الملك عن كذا، فقل كذا، يسمونه التلقين ويقولون: أذكر ما خرجت عليه من الدنيا، أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك ترضى بالله رباً وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماماً، إلى غير ذلك مما يقولون هذا لا أصل له، جاء في أخبار موضوعة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا أصل لها، فعله بعض أهل الشام كما ذكره جماعة ولكن ليس فعلهم بحجة ولا غيرهم من الناس، الحجة فيما قاله الله ورسوله وفيما أجمع عليه الصحابة، أما قول بعض الناس من المتأخرين من التابعين أو أتباع التابعين إذا اختار شيئا أو رأى شيئا لا يكون حجة على الناس ولا يكون دينا، الدين ما شرعه الله ورسوله وما أمر الله به ورسوله.   
 
6-   بعض الأعمال ظاهرة الفضل، وقد يستنكر بعض الناس إذا قلت إن هذا العمل غير مشروع، ولا يجوز، وأنه بدعة، كيف نوجه الناس في هذه الحالة؟
قد تقرر في الأصول أن الشرع هو ما شرعه الله ورسوله، وأن الدين هو ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ربه -عز وجل-، فمن قال قولا أو ادعى دعوى فعليه البرهان، فعليه الدليل، فإذ قال: هذا بدعة، أو هذا غير مشروع، فعليه الدليل الذي يدل على شرعية هذا أو بدعية هذا، وليست أقوال الناس حجة إذا لم تستند على نص من كتاب الله أو من سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو من إجماع أهل العلم، إذا قلت أنا أو غيري: هذه بدعة، فعلي الدليل، وإذا قال غيري أو أنا: هذا مشروع، فعلي الدليل، فإذا قلنا: إن الأذان عند القبور والإقامة عند القبور والقراءة عند القبور أو الصلاة عندها بدعة فحجتنا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا)، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك، والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب: 21]، فلم يقرأ عند القبر لا هو ولا أصحابه، ولم يؤذن عند القبر ولم يقم عند القبر لا هو لا أصحابه، ونحن مأمورون بالاتباع الله يقول -سبحانه-: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ[النساء: 59]، ويقول -سبحانه وتعالى-: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب: 21]، ويقول -عز وجل-: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ[التوبة: 100]، فالمتبع بإحسان هو الذي يسير على نهجهم ولا يزيد عليهم ولا ينقص، بل يتبعهم ويسير على نهجهم وطريقهم، فعلى من زعم أنه يؤذن في القبر أو يقام أو يقرأ في القبر أو يلقن الميت عليه الدليل، ونحن بينا أنه لا دليل معه، بل الدليل مع خصمه، ولم يثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- لقن الميت ولا أمر بتلقينه، والميت انقطع عمله بعد الممات، الميت ما عاد ينفعه الكلام، انقطع عمله يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، فالقبر مو محل عمل، هو محل مساءلة ومحل جزاء، هذه حجة من قال بهذه الأمور أنها بدعة. وإذا قلنا أنه يشرع للمؤمن أن يصلي على الميت وأن يتبع الجنازة وأن يدعو للميت وإذا دفناه يدعو له بالمغفرة والثبات لأن الرسول فعل ذلك، وأمر بذلك، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت يقف عليه، ويقول: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسال)، فنحن إذا قلنا يوقف ويستغفر له ويدعى له بالثبات هذا حق، لأن الرسول فعل ذلك وأمر به -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا بقية الأمور كل من ادعى شيئا أنه مشروع يقال: هات البرهان، لأن الله -سبحانه- يقول: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ[البقرة: 111]، ومن ادعى أن هذا بدعة يقال: هات البرهان، هكذا هذا هو الميـزان، وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ * إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[النساء: 59]، ولولا هذا لقال كل أحد ما شاء، ولهذا عرفنا أن البناء على القبور والقباب واتخاذ المساجد عليها بدعة لماذا؟ لأن الرسول أنكر هذا -عليه الصلاة والسلام-، فقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تجصيص القبور، والقعود عليها، والبناء عليها) رواه مسلم في الصحيح، فلهذا نقول: إن البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب من البدع المنكرة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعن من فعل ذلك، ونهى عن تجصيص القبور، ونهى عن البناء عليها، فواجب علينا الامتثال، وواجب علينا أن نعمل بما وجهنا إليه -عليه الصلاة والسلام-. إذن الأعمال وإن كان ظاهرها الفضيلة فلا بد أن تكون مدعمة بالأدلة من الشريعة الإسلامية حتى تكون عملاً مسنوناً يتبعه الناس ويعملوا به. نعم.  
 
7- امرأة تصبغ شعرها لزوجها، ما هو رأيكم؟
الصبغ إن كان بالحناء أو بالزعفران أو نحو ذلك لا بأس، أما صبغ الشيب بالسواد فلا يجوز؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنكر ذلك، ولم يفصل لم يقل هذا للنساء أو للرجال بل عمم، قال -عليه الصلاة والسلام-: (غيروا هذا الشيب واجتبوا السواد)، وقال: (يأتي في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة)، رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح، والأول رواه مسلم في الصحيح، في قصة والد الصديق لما جيء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح ورأسه ولحيته كثغامة بياضاً، قال -عليه الصلاة والسلام-: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد)، وفي لفظ: (واجتنبوا السواد)، فهذه يعم الرجال والنساء، فإذا كانت المرأة فيها شيب تغير بغير السواد. سمعت من بعضهن أن هناك حناء أسود سماحة الشيخ؟ لا بد أن يكون الخضاب ليس بأسود، الحناء الذي يجعل الخضاب أحمر أو بين الحمرة والسواد، أما إذا وجد شيء يجعله أسود فلا، لأن هذا هو المنهي عنه. حتى وإن سمي حناء؟ وإن سمي حناء.  
 
8- الصلاة في البيت لكي لا يرى من لا يحب؟
هذا ليس بعذر بل يجب عليه أن يصلي في المساجد مع المسلمين، وإن رأى من لا يحب، الأمر في هذا واسع، ويش يضره، عليه أن يجيب الله ورسوله، وعليه أن يفعل ما أمر الله به ورسوله، وإن رأى بعض الناس الذين لا يحبهم، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: (من سمع النداء ولم يأت فلا صلاة له، إلا من عذر)، أخرجه ابن ماجة والدارقطني والحاكم وجماعة بإسناد جيد على شرط مسلم، وقال -عليه الصلاة والسلام- لما سأله ابن أم مكتوم قال: يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني المسجد، فهل لي من رخصة أصلي في بيتي؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: (هل تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم، قال: فأجب)، رواه مسلم في الصحيح، هذا أعمى ليس له قائد يلائمه، وقال: لا أجد، في اللفظ الآخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: (لا أجد لك رخصة)، فإذا كان أعمى لا يجد له رخصة، ليس له قائد يلائمه، فكيف بحال الرجل الصحيح السليم المعافى البصير، فهو في حقه أعظم، وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر برجل يؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم)، فهذا يدل على عظم الأمر، وفي مسند أحمد قال: (لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم). فالحاصل أن الأدلة واضحة قائمة على وجوب الصلاة في الجماعة في المساجد، وليس لمن تأخر عنها لئلا يرى بعض الناس الذين لا يحبهم ليس له عذر في ذلك، بل عليه أن يتقي الله ويراقب الله ويصلي مع المسلمين ولو رأى من لا يحب.  
 
9-  إذا اتفق الزوجان على الانتهاء من الإنجاب، فما الحكم؟
لا يجوز لهما، ما دامت المرأة قادرة فليس لهما ذلك، لأن الشريعة تريد من الناس العناية بالأولاد وتكثير الأمة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، وفي لفظ: (الأنبياء يوم القيامة)، ولأن في ذلك تكثير لمن يعبد الله من المسلمين، ولأن فيها أيضا تكثير الأمة حتى تكون أقوى ضد أعدائها، فليس للرجل أن يدع الإنجاب خوفاً من تبعة المؤونة ومشقة النفقة، أو من أجل التلذذ بالمرأة ونحو ذلك، وليس للمرأة كذلك، بل عليهما أن يتعاطيا أسباب الذرية، ويحرصا على أسباب الذرية، حتى يكثروا الأمة، وحتى يحققا ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن متى وجد لأنها تتألم كثيرا بسبب مرض في رحمها أو لأنها لا تلد إلا بالعملية، فهذا عذر في عدم الإنجاب، فإذا كانت العملية تضرها ويخشى عليها منها، كذلك إذا كان الأولاد كثيرين بأن تتابعوا في زمن متقارب وشق عليها التربية فلا مانع أن تأخذ بعض الحبوب أو بعض المانع سنة أو سنتين مدة الرضاع حتى تقوى على التربية، وحتى تستعين بذلك على تربية الآخرين الجديدين.  
 
10- أديت فريضة الحج بدون محرم، ما حكم حجي؟
الحج صحيح، والحمد لله، وقد سقطت به الفريضة، ونسأل الله أن يتقبله منك، ولكنك أخطأت في الحج بغير محرم، فعليك التوبة إلى الله من ذلك، والاستغفار، والندم، وألا تحجي مستقبلا إلا بمحرم، لقول النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)، متفق على صحته، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)، فعليك وعلى المسلمات الامتثال، وألا تسافر امرأة مع ذي محرم، والمحرم معروف، زوجها أو أبوها أو أخوها أو نحوهم ممن تحرم عليهم على التأبيد، بسبب قرابته منها أو بسبب مصاهرة أو رضاعة، وأما الحج فقد حصل به المقصود وأديت الفريضة والحمد لله.  
 
11- إنها استغلت وجودها في المملكة وهي تعمل هنا فحجت
لا بأس، المقصود الحج صحيح، وفي المستقبل ليس لها الحج إلا بمحرم.  
 
12- إن لها أولاد عم، ولم ترهم منذ فترة طويلة، وهم في الخمسينات وهي صغيرة، هل لها أن تصافحهم.
لها أن تسلهم عليهم وترحب عليهم، تدعوا لهم وتجلس معهم للسؤال عنهم، وعن أحوالهم، مع الحجاب والحشمة، وعدم التبذل، وعدم إبداء شيء من عورتها، أما المصافحة فلا، لا تصافح المرأة الرجال، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء) وقالت عائشة رضي الله عنها لما بايع النبي النساء تقول رضي الله عنها: (والله ما مست يده يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام) فإذا جلست المرأة مع أقربائها أو مع جيرانها مع الحشمة والحجاب وسترت بدنها ووجهها ورأسها وبدنها وكلمتهم وكلموها وسلمت عليهم وسلموا عليها لا بأس بهذا، من دون خلوة، لا تخلو بالأجنبي أبداً، لكن مع جماعة أقارب أو الجيران أو أمها أو مع أخيها لا بأس بذلك من دون مصافحة، من دون كشف للوجه وغيره. بارك الله فيكم سماحة الشيخ في ختام.... 

545 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply