حلقة 452: تفسير آية الروم - تفسير قوله تعالى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ - كفارة من جامع أهله في نهار رمضان - حكم من ترك الرمي في ثالث العيد - أنواع النسك - حكم الإنصات عند قراءة الإمام

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

2 / 50 محاضرة

حلقة 452: تفسير آية الروم - تفسير قوله تعالى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ - كفارة من جامع أهله في نهار رمضان - حكم من ترك الرمي في ثالث العيد - أنواع النسك - حكم الإنصات عند قراءة الإمام

1- سؤال عن تفسير قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (( الم * غُلِبَتِ الرُّومُ *فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ))[الروم:1-3]، أرجو من فضيلة الشيخ تفسير هذه الآية الكريمة، ومن هم الروم المذكورون فيها؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.. فالروم هم النصارى المعروفون، وكانت الحالة بينهم وبين الفرس سجال في الحرب، يزال هؤلاء على هؤلاء تارة وهؤلاء على هؤلاء تارة، فأخبر الله سبحانه وتعالى أنهم غلبوا يعني غلبتهم الفرس في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين، فوقع ذلك فغلبت الروم الفرس، وكان ذلك في أو المبعث حين كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك من الآيات والدلائل على صدقه -صلى الله عليه وسلم- وأنه رسول الله حقاً، إذ وقع الأمر كما أخبر الله به في كتابه العظيم، الله جل وعلا هو العالم بالمغيبات ويخبر نبيه بما يشاء منها سبحانه وتعالى، كما أخبره عن كثير مما يكون في آخر الزمان، وكما أخبره عما كان في ما مضى من الزمان من أخبار عاد وثمود وقوم نوح وفرعون ولوط وغير ذلك، وكما أخبره أيضاً عليه الصلاة والسلام بما يكون يوم القيامة وحال أهل الجنة وحال أهل النار إلى غير ذلك، فهذا من جملة الأخبار الغيبية التي أخبر بها القرآن فوقعت كما أخبر، وكان ذلك من علامات صدق رسوله محمد عليه الصلاة والسلام.   
 
2- يسأل أيضاً عن تفسير قوله تعالى: ((وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ*وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْل سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس:38-40].
هذه الآيات الكريمة فسر أولها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي قوله جل وعلا: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر قال: (يا أبا ذر! أتدري ما مستقرها؟) فقال أبو ذر: الله ورسوله أعلم، قال: (مستقرها تحت العرش) تسجد تحت العرش لربها عز وجل ذاهبة وآيبة بأمره سبحانه وتعالى، سجود الله أعلم بكيفيته سبحانه وتعالى، فهذه المخلوقات كلها تسجد لله وتسبح لله جل وعلا تسبيحاً وسجوداً يعلمه سبحانه وإن كنا لا نعلمه ولا نفقهه، كما قال عز وجل: تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) سورة الإسراء، وقال سبحانه: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ.. الآية (18) سورة الحـج ، فهذا السجود يليق بها ويعلمه مولاها ويعلم كيفيته سبحانه وتعالى، فهي تجري كما أمرها الله، تطلع من المشرق وتغيب من المغرب حتى ينتهي هذا العالم، فإذا انتهى هذا العالم كورت كما قال سبحانه: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) سورة التكوير، فتكور ويذهب نورها وتطرح هي والقمر في جهنم لأنه ذهبت الحاجة إليهما بزوال هذه الدنيا. والمقصود أنها تجري لمستقر لها ذاهبة وآيبة، ومستقرها سجودها تحت العرش في سيرها طالعة وغاربة، ذلك تقدير العزيز العليم، هو الذي قدر هذا سبحانه، هو العزيز المنيع الجناب الغالب لكل شيء العليم بأحوال خلقه سبحانه وتعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ) الله جعل القمر له منازل كما أن الشمس لها منازل، في كل ليلة له منزلة وهي ثمانية وعشرون منزلة، ويقال لها ثمانية وعشرون نوءاً يعني نجماً، ينزلها كل ليلة والليلة التاسعة والعشرين ليلة الاستشهار وليلة الثلاثين كذلك إذا لم يهل، فقد يهل في .... الثلاثين، ويكون الشهر ناقصاً، ويقد يستكمل الشهر فلا يهل إلا في الليلة الحادية والثلاثين، وإذا كان في آخر الشهر ضعف نوره وصار في آخر الشيء كالعرجون القديم، والعرجون هو العسف الذي يكون فيه عجوة التمر، ينحني ويكون كالعرجون القديم يعني منحنياً ضعيفاً نوره ويذهب نوره كلياً في آخر الشهر حتى لا يبقى له نور، وإنما يبقى صورة خلقته، هذه من آيات الله سبحانه وتعالى، (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ)، لما ذكر أن القمر مقدر منازل وهكذا الشمس تجري لمستقر لها ذكر أن الليل والنهار جاريان كما أمر الله والشمس والقمر جاريان كما أمر الله سبحانه وتعالى. فالشمس لا تدرك القمر والقمر كذلك، (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ) يعني كل من هذه المخلوقات لها مقدار بإذن الله سبحانه وتعالى لا تتجاوزه أبداً، بل هي في سيرها تسير سيراً متقناً، وهكذا القمر وهكذا الليل والنهار، فالشمس لا تخرج في سلطان القمر ولا تذهب بنور القمر والقمر كذلك لا يذهب بنورها ولا يطلع بسلطانها، كلٌ له وقت وكل له سلطان، فالشمس سلطانها في النهار، والقمر سلطانه في الليل، (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ) يعني تحيط به وتقضي عليه وتذهب بنوره، ليس لها سلطان في هذا سلطانها في النهار، والقمر كذلك لا يذهب بنورها، فهو له سلطان ولها سلطان كل في فلك يسبح، كلٌ في فلكه الذي قدره الله له سبحانه وتعالى، وهكذا الليل والنهار هذا في وقته يأتي بظلامه والنهار في وقته يأتي بضيائه لا يسبق هَذا هذا ولا هَذا هذا، كلٌ في منهما له شيءٌ مقدر لا يزيد عليه ولا ينقص عنه إلا بإذن الله، فتارة يزيد الليل وينقص النهار، وتارة بالعكس يتقاربان في مدة أربعٍ وعشرين ساعة، هذا ينقص تارة ويزيد الآخر تارة، ثم يأتي العكس فينقص هذا ويزيد هذا؛ ولهذا يقول جل وعلا: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ).  
 
3- أنني وقعت في أهلي نهار رمضان ثلاث مرات في ثلاثة أيام من ذلك الشهر قبل ست سنوات تقريباً، وقد ندمت على فعلتي تلك، وقد كنت أظن أن كفارة ذلك هي إطعام فقط، ومن ثم أهملت ذلك لعدة سنوات ظناً مني أنه يجوز لي أن أطعم في أي وقت أشاء، وفي الفترة الأخيرة علمت حقيقة الكفارة، فما رأي فضيلتكم، هل يجوز لي أن أطعم عشرة مساكين عن كل يوم، أم ماذا؟ وهل على زوجتي أيضاً كفارة؟ وهل هناك فرق بين كونها مكرهة أو غير مكرهة، جزاكم الله خيراً؟
الواجب عليكما جميعاً التوبة والاستغفار والندم على ما وقع؛ لأن الله حرم على الصائم تناول المفطرات، ومن أشدها الجماع، فلا يجوز للمؤمن حال صومه في رمضان وهو صحيح مقيم أن يتناول المفطرات لا الجماع ولا غيره، ولا يجوز له أيضاً أن يكره زوجته على ذلك، وليس لها أن تطاوعها على ذلك، بل يجب عليها أن تمتنع. وعليكما الكفارة جميعاً وهي: عتق رقبة مؤمنة عن كل واحد منكما عن كل يوم يعني ثلاث رقاب عن كل يوم رقبة وعنها كذلك، فالجميع ست رقاب عليك ثلاث وعليها ثلاث عن الأيام الثلاث إذا كانت مطاوعة غير مكرهة، فإن عجزتما فعليكما صيام شهرين متتالين، كل واحد يصوم شهرين متتابعين عن كل جماع في يوم فعليك ستة أشهر عن الأيام الثلاث، وعليها ستة أشهر عن الأيام الثلاثة إلا أن تكون مكرهة، يعني أكرهتها بالقوة حتى لم تستطع منعك، فإن عجزتما على العتق والصيام فعليكما إطعام ستين مسكيناً عن كل جماع، يعني عن كل يوم وقع فيه الجماع، فالمعنى إطعام ثلاث كفارات ستين مسكيناً، يعني ثلاث مرات ثلاثين صاع وثلاثين صاع وثلاثين صاع تسعين صاعاً، توزع بين ستين مسكيناً كل مسكين له صاع ونصف، عن كل يوم نصف صاع، وعليها مثل ذلك إن كانت مطاوعة، تسعون صاعاً عن الأيام الثلاث عن كل يوم ثلاثين صاعاً لستين فقيراً، هذه التسعون صاع تسلم لستين فقيراً يعني تدفع إليهم كل واحد يعطى صاعاً ونصفاً عن الثلاثة الأيام كل نصف صاع عن يوم، ونصف الصاع كيلو ونصف تقريباً يعني أربعة كيلو ونصف عن الثلاثة الأيام من الحنطة أو من الأرز أو من التمر من قوت البلد، هذا هو الواجب عليكما مع التوبة والاستغفار والندم وعدم العودة إلى مثل هذا، وأنتما أعلم بحالكما، فمع الاستطاعة يجب العتق، ومع العجز الصيام، ومع العجز عن الصيام الإطعام هو الأخير، والله يهدينا جميعاً لما يرضيه.  
 
4- ذهبت إلى الحج وقد خرجت من بيتي ومعي أربع نساء من الحي مع إخوانهن، وكذلك كان ابني برفقتي من بيتي إلى المطار، إلى أن وصلت إلى جماعة النساء واللائي كان معهن إخوانهن، واستقبلني زوجي في المطار، وبعد ذلك قمنا بالبدء بأداء شعائر الحج، وحل وقت العيد ورميت الجمرات  يوم العيد وثاني العيد وكلت زوجي، وثالث العيد قلت لزوجي: أريد أن أرمي الجمرات فمانع لشدة الزحام، وعلى إثر ذلك وقع بيننا شيء من الخصام فلم أوكله ولم أرم الجمرة ولم أطف أيضاً طواف الوداع نتيجة ما حصل بيننا، والآن أنا قلقة على ذلك النقص الذي حصل مني، أرجو أن توجهوني جزاكم الله خيراً؟
الحج صحيح، والحمد لله، ولكن عليك فديتان، إحداهما: عن ترك الرمي تُذبح في مكة، ذبيحة من الغنم كالضحية، إما جذع ضان أو ثني معز تذبح بالحرم في مكة وتوزع بين الفقراء. والفدية الثانية: عن طواف الوداع؛ لأنك سافرت ولم تودعي، وظاهر كلامك أنك سافرت بدون محرم من بلدك إلى مطار جدة وأن ابنك معك إلى المطار ثم تلاقك زوجك إلى المطار في جدة وأنتِ معك نسوة، وهذا إن كان صحيحاً ما ظهر من سؤالك هو لا يجوز، ليس للمرأة أن تسافر إلى مع ذي محرم، ولو أن معها من يصحبها إلى المطار ويتلقاها في المطار، فالرسول عليه السلام قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإن كان هذا هو الواقع وأنك سافرت بدون محرم فعليك التوبة إلى الله والاستغفار وعدم العودة إلى مثل هذا، والحج صحيح، والحمد لله، وعليك ما ذكرنا من الفديتين: ذبيحة عن ترك الرمي، وذبيحة أخرى عن ترك الوداع.  
 
5- أعلم أن الحج ثلاثة أقسام: قران، وتمتع، وإفراد، وأريد منكم أن تحدثوني عن كلٍ؟ جزاكم الله خيراً.
نعم، هو كما ذكرت، الأنساك ثلاثة: حج مفرد، وعمرة مفردة، وقران بينهما، وقد أجمع العلماء على جوز الأنساك الثلاثة، والحمد لله، وإنما اختلفوا في الأفضل، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الأفضل هو التمتع بالعمرة، كون المتوجه من بلده إلى مكة يحرم بالعمرة أولاً، إذا كان في أشهر الحج يحرم بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، ويلبي فيقول: اللهم لبيك عمرة، أو اللهم قد أوجبت عمرة، ونحو هذه العبارة، بعدما يتأهب لذلك بعدما يغتسل ويتطيب هذا هو الأفضل، يغتسل ويتطيب في بيته أو في المطار أو في بيت كان قريب من المطار أو في الطريق يغتسل ويتنظف ويأخذ ما يحتاج إلى أخذه من قص شارب أو قلم ظفر أو نتف إبط أو حلق عانة إذا دعت الحاجة إلى ذلك من باب النظافة، ويتطيب في بدنه وفي لحيته ورأسه وبدنه، لا في الملابس، بل في بدنه، ثم يلبس ملابس الإحرام إزاراً ورداء إن كان رجلاً، والمرأة تلبس ما شاءت من الملابس لكن تكون ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر حتى لا تفتن أحداً بسبب الخلطة والنظرات في الطواف وغيره، ثم بعد هذا كله يركب المؤمن والمؤمنة السيارة فيلبي وهو في السيارة راكباً؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يلبي إذا انبعثت به راحلته إذا قام به جمله لبى بعد ذلك وهو راكب عليه الصلاة والسلام هذا هو الأفضل، وإن أحرم وهو في الأرض قبل أن يركب فلا بأس، لكن الأفضل أنه يتأهب وهو في الأرض؛ لما شرع الله من الغسل والطيب والتنظف ثم يلبس ملابس الإحرام ثم يركب ثم يلبي بعد الركوب، فيقول: اللهم لبيك عمرة، إذا كان متمتعاً بالعمرة إلى الحج، أو كان قصد العمرة في غير أوقات الحج كرمضان أو غيره، فإذا وصل إلى مكة وهو متمتع بالعمرة إلى الحج بعد رمضان طاف وسعى وقصر وتحلل، إذا طاف بالبيت سبعة أشواط ثم سعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة، أما الطواف يبدأ بالحَجر الأسود ويختم به، الحَجر الأسود يبدأه به ويختم به سبعة أشواط من وراء الحِجر لا يدخل الحِجر لا يدخل في الفرجة التي في الحِجر لا، بل يطوف من وراء الحِجر، وقد يغلط بعض الحجاج في ذلك، فالواجب أن يطوف من وراء الحِجر سبعة أشواط من الحَجر إلى الحَجر، ثم يصلي ركعتين ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم أو في أي مكان من الحرم، ثم بعد ذلك يذهب إلى السعي فيسعى سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، فيمشي مشي العادة إلا في بطن الوادي فإنه يهرول بين العلمين الموضوعين هناك، ويكبر على الصفا والمروة، يكبر الله ويذكره ويدعو ثلاث مرات؛ كما أنه يذكر الله ويدعو في الطواف إذا يسر الله له، وإن قرأ القرآن فلا بأس، ليس فيه شيء محدد، ما تيسر، يذكر الله في طوافه ويدعو في طوافه ويقرأ القرآن كله طيب، والحمد لله. وهكذا في السعي يذكر الله بما تيسر ويقرأ القرآن إذا أحب، وعلى الصفا يكرر ذكر الدعاء ثلاث مرات كما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- وهكذا على المروة، فالبدء يكون بالصفا والختام يكون بالمروة، ثم يحلق إن كان رجلاً أو يقصر، وتمت العمرة، والمرأة تقصر فقط وليس لها الحلق لا تحلق رأسها ولكن تقصر من كل أطراف الشعر قليل، إن كان الشعر مفتولاً... وإن كان غير مفتول بل منقوض جمعت شعرها وقصت من أطرافه قليلاً، والرجل كذلك، وبهذا تمت العمرة وحل للرجل والمرأة كل شيء حرم عليهم بالإحرام، حل له جماع زوجته، وحل له لبس المخيط، حل له الطيب كسائر الحلال كسائر المحلين، فإذا جاء يوم الثامن من ذي الحجة لبى بالحج الرجل والمرأة هذا هو الأفضل وهذا هو الذي أمر به -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في حجة الوداع لما قدموا، وبعضهم قد أحرم بالحج مفرداً وبعضهم قد أحرم بالحج والعمرة جميعاً قائلاً لهم: (اجعلوها عمرة)، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا، فلما كان اليوم الثامن أمرهم أن يلبوا بالحج عند توجههم إلى منى، أما هو -صلى الله عليه وسلم- فكان قد أحرم بالحج والعمرة جميعاً قارناً؛ لأن معه الهدي؛ لأنه قد ساق معه إبلاً من المدينة هدياً يذبح في مكة، والمُهدي لا يحل، فلهذا أحرم بالحج والعمرة جميعاً، فمن كان مثل النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم بالحج والعمرة جميعاً إذا كان مهدياً إبلاً أو بقراً أو غنماً يلبي بالحج والعمرة جميعاً، هذا هو الأفضل، ولا يحل ينحر يوم العيد، حتى يحل يوم النحر. النسك الثاني: الإحرام بالحج والعمرة جميعاً، يقول: اللهم لبيك عمرة وحجاً في الميقات، ميقات بلده، هذا هو النسك الثاني، والأفضل تركه، وهو أن يقول: اللهم لبيك عمرة وحجاً، أو يقول: اللهم لبيك عمرة، ثم في أثناء الطريق يلبي بالحج ويدخله مع العمرة، فيكون قارناً بين الحج والعمرة، فإن كان معه هدي فهذا هو الأفضل له، فيبقى على إحرامه حتى يوم العيد، مثل ما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان ما معه هدي شرع له أن يحل كما حل الصحابة بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة، وإن كان قد لبى بالحج والعمرة جميعاً عند الميقات، فالسنة له أن يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ويجعل إحرامه عمرة، ويسمى فسخاً، إذا فسخ إحرامه من القران إلى العمرة، كما أمر النبي أصحابه بذلك عليه الصلاة والسلام. وهكذا يفعل من أحرم بالحج من الميقات مفرداً/ وهو النسك الثالث قال: اللهم لبيك حجاً، أو اللهم قد أوجبت حجاً، يعني في الميقات، فإن كان معه هدي يبقى على إحرامه ولا يحل حتى يحل يوم العيد، وإن كان ما معه هدي ليس معه إبل ولا بقر ولا غنم فإنه يفسخ الحج والعمرة مثل ما فعل القارن سابقاً، فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل تكون عمرة كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه.....!، فإذا كان يوم الثامن لبى بالحج وقال: اللهم لبيك حجاً، يغتسل ويتطيب مثل ما فعل في الميقات إن تيسر يغتسل ويتطيب ويتنظف إذا احتاج إلى ذلك قص الشارب ونحوه، ثم يلبي بالحج وهو في منزله في خيمته في الأبطح، في داخل مكة، في أي مكان، يفعل ما يشرع من الآداب الشرعية عند الإحرام من الغسل والطيب ونحو ذلك ثم يلبي في مكانه، ما في حاجة يدخل إلى مكة حتى يطوف، ما في وداع عند الخروج إلى منى ما في وداع، يحرم من منزله سواءٌ كان في الأبطح أو في كان في.....! أو كان في أي مكان من مكة وضواحيها، يحرم من مكانه في الخيام والمنازل هذا السنة، وإن دخل مكة وطاف فلا حرج لكن خلاف السنة، السنة أن يحرم من مكانه ويتوجه إلى منى ملبياً، والأفضل إذا كان عنده مركوب أن لا يلبي حتى يركب، كما تقدم في الميقات، هذا هو الأفضل، فإن كان ماشياً على قدميه إلى منى فعند توجهه ماشياً يلبي يقول: اللهم لبيك حجاً، ثم يكمل التلبية في الطريق من الميقات الذي أحرم من الميقات يلبي، والذي أحرم من منزله بالحج يلبي، كلهم يلبون، من الميقات إلى مكة ومن منزله حين خروجه إلى منى كذلك يلبي يقول: " لبيك اللهم لبَّيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، النبي كان يلبي بهذه التلبية عليه الصلاة السلام في طريقه من المدينة إلى أن وصل مكة يكثر منها ويرفع صوته عليه الصلاة والسلام يقول: (إن جبرائيل أمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال) أي بالتلبية، فكان يلبي ويجهر ويأمر أصحابه بذلك عليه الصلاة والسلام؛ لأن ذلك شعار الحج، شعار عظيم، فالسنة رفع الأصوات بذلك، رفعاً لا يضر أحداً، هذا هو السنة، وهذه هي الأنساك الثلاثة وهذه أعمالها. 
 
6- إنني شاب في الثامنة والعشرين من عمري ومحافظ ولله الحمد على الصلوات جماعة، لكني أرغب أيضاً في كثير من المعلومات، فمثلاً أسألكم عندما يقرأ الإمام الفاتحة وبعدها يقرأ سورة طويلة، في تلك اللحظات هل أسأل الله سبحانه وتعالى بعض الدعاء، أم أقرأ، أم أنصت؟
الواجب الإنصات؛ لقول الله سبحانه: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ.. (204) سورة الأعراف؛ ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قرأ الإمام فأنصتوا) إلا الفاتحة فإنه يقرؤها، سواءٌ كان سكت الإمام أو ما سكت يقرؤها، إن كان يسكت قرأها في السكتات، فإن كان يتابع القراءة قرأها ثم أنصت؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟) قلنا: نعم، قال: (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) فيقرأ بها سراً ثم ينصت للإمام.  
 
7- اتهمني صاحبي ذات يوم أنني تحدثت إلى أحد أقاربه بكلام يسيء إليه، ثم قمت بإحضار قريبه ذلك وأثبت له أنني بريء من تهمته، وفي لحظة غضب أقسمت بالطلاق أنني لا بد أن آخذ منه حقي ولو بعد حين، وبعدها سافرت للعراق وعلمت بعد فترة علمت أن صديقي هذا قد توفي، ماذا علي؟

إذا كنت قصدت من ذلك التأكيد على نفسك أنك تأخذ حقك وتقتص منه ولم ترد إيقاع الطلاق وإنما أردت التأكيد على نفسك وإلزام نفسك بأنك تأخذ حقك فإنه ليس عليك إلا كفارة اليمين، عليك كفارة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإذا أطعمت عشرة مساكين، عشيتهم أو غديتهم أو أعطيت كل واحد كيلوا ونصف تمر أو رز كفى ذلك، أو كسوتهم كسوة على قميص قميص كفى ذلك، فإن عجزت صمت ثلاثة أيام، هذا الواجب عليك، أما إن كنت قصدت إيقاع الطلاق، كانت نيتك إيقاع الطلاق على أهل بيتك إن لم تنتقل، هذا قصدك، فإنه يقع طلقة واحدة على أهلك بهذا الطلاق، وتراجعها، إن علمت أنه مات ولم تنتقم تراجع زوجتك؛ لأنه وقع عنها طلقة، تشهد اثنين بأنك راجعت زوجتك، وتشهد اثنين وثلاثة على أني راجعت زوجتي فلانة، هذا إذا كنت أردت الطلاق أردت إيقاع الطلاق ولم يسبق منك طلقتان سابقتان، أما إن كنت لم ترد الطلاق وإنما أردت التأكيد على نفسك والعزم على نفسك أنك تنتقم فإنه لا يقع طلاق وعليك كفارة يمين، أما إن كنت أردت الطلاق وقد سبق منك طلقتان فإن هذه تكون الثلاثة، فلا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، لقوله سبحانه في الطلاق: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ (229) سورة البقرة، إلى أن قال سبحانه: فَإِن طَلَّقَهَا يعني الثالثة فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ (230) سورة البقرة، أرجوا أنك فهمت المراد.

628 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply