حلقة 468: حكم من استعملت دواء فتسبب في إسقاط جنينها - ميراث الزوجة من زوجها - غيبة الزوج عن زوجته لمدة ثلاث سنوات - حكم رفض الطالبة للزواج أو تأخيره بسبب الدراسة - عمل المرأة في المجالات المتنوعة كالطب والتعليم وغيره

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

18 / 50 محاضرة

حلقة 468: حكم من استعملت دواء فتسبب في إسقاط جنينها - ميراث الزوجة من زوجها - غيبة الزوج عن زوجته لمدة ثلاث سنوات - حكم رفض الطالبة للزواج أو تأخيره بسبب الدراسة - عمل المرأة في المجالات المتنوعة كالطب والتعليم وغيره

1- حكم امرأة كانت حامل فأكلت دواء فسبب مرضاً فأسقط الجنين، هل عليها شيء أو لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الله -عز وجل- أباح لعباده التداوي بل شرعه لهم، مما لا محذور فيه قال: (عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءًن علمه من علمه وجهله من جهله) وقال أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله)، فعلى الرجل والمرأة أن يتداوا بالأمر المباح الذي ترجى فيه الفائدة، فإذا تداوت المرأة بشيء من الدواء وحصل به إسقاط حبلها، فإنه يكون من باب القتل الخطأ، فإن قتل الخطأ هو أن يفعل الإنسان ما له فعله فيترتب عليه قتل، كان يرمي الصيد فيصيب إنساناً، أو يرمي الهدف فيصيب إنساناً، فهذا هو القتل الخطأ، فإذا تعاطت شيئاً من الدواء لا لقصد إسقاط الحبل ولكن لأجل التداوي فذكر الأطباء أو العارفون بهذا الدواء وأثاره على الحمل أنه هو السبب في قتله، فإن عليها الدية، وهي غرة عبد أو أمة، إذا سقط ميتاً بأسباب هذا الدواء، وعليها الكفارة إذا كان قد مضى عليه الأربعة الأشهر؛ لأنه حينئذ تنفخ فيه الروح، ويكون إنساناً، فعليها عنه غرة عبد أو أمة للورثة، وعليها كفارة عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع فصيام شهرين متتابعين، كأمثاله من النفوس المعصوم، إلا أن يسمح الورثة عن الغرة فلا حرج في ذلك، كما لو سمة الورثة عن الدية الكاملة إذا كانوا عقلاء مرشدين، وهذه الغرة التي هي عبد أو أمة تكون للورثة، قيمتها خمس من الإبل عشر دية أمه، أما الكفارة فهي حق لله ليس للورثة فيها حق فعليها أن تصوم إذا عجزت عن العتق، فإذا لم تستطع العتق ولا الصيام بقي في ذمتها حتى تقدر على شيء من ذلك، تبقى الكفارة في ذمتها حتى تقتدر على العتق أو تقدر على الصيام، والله ولي التوفيق.  
 
2- ما حق امرأة كانت متزوجة برجل مكثت معه مدة تسعة عشرة عاماً فمات ولم تنجب أولاداً منه، فبقي أخوه يعمل وكوَّن أملاكاً أخرى لمدة أربعة عشرة عاماً، ومات ولم تأخذ نصيبها منه، هل عندها الحق في الأملاك كلها، أم لا؟ علماً بأن الأخ أيضاً لم ينجب أولاداً، أفيدونا.
هذه مسألة تتعلق بالمحاكم فالمحكمة تنظر في الأمر، وتعطي المرأة حقها من زوجها، فلها حقها من زوجها وهو الربع إذا لم يكن له ذرية من غيرها لها الربع، كما قال الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ[النساء: 12]، فإذا كان زوجها ليس له ذرية من غيرها وهي لم تنجب منه شيئاً فإن لها الربع من أملاكه، وأما التقسيم في أملاكه وأملاك أخيه والنظر في ذلك فهذا يرجع إلى المحكمة لإثبات ما يخصه دون أخيه، فلها الحق فيما خلفه زوجها، أما أموال أخي زوجها فليس لها حق في ذلك. المذيع/ إذا خلط المالين جميعاً سماحة الشيخ؟ تنظر الحكمة حتى يميز مال زوجها من مال أخيه، فلها الإرث في مال زوجها دون مال أخيه. المذيع/ في مال زوجها وأرباحه مثلاً؟ هذا إلى المحكمة تنظر في هذا.  
 
3-  لي مدة ثلاث سنوات وأنا الآن داخل في الرابعة غائب عن زوجتي وأطفالي، إلا أنني قد كفيتهم المئونة مئونة البيت ومئونة المدرسة، هل علي خطأ في غيابي عن زوجتي هذه المدة؟ أرجو التوجيه جزاكم الله خيراً.
م يرد فيما نعلم في الشرع المطهر تحديد للغيبة للزوج، وقد روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه حدد للجنود ستة أشهر من باب الاجتهاد والتحري للخير، فإذا كنت أيها السائل غبت في طلب الرزق الحلال، وشغلت عن المجيء إلى أهلك لأمور ألجأتك إلى طول الغيبة، فنرجو أن لا يكون عليك شيء، مادمت قد قمت بحقهم وأنفقت عليهم، ولكن ينبغي لك أن لا تطيل الغربة، وأن تلاحظ حاجة الزوجة وحاجة الأولاد إلى مجيئك وإلى قضاء وطرك من أهلك، وإلى عفة أهلك، وإلى ملاحظة أولادك، وتأديبهم وتربيتهم التربية الإسلامية إلى غير ذلك من مصالحهم، فينبغي لك أن تلاحظ المدة المناسبة التي ترجع فيها إليهم، ثم تعود إلى عملك، إذا لم تيسير لك عملٌ في محل أهلك، ولم يتيسر نقلهم معك في محل مناسب آمن، فأنت على كل حال تنظر ما هو الأصلح في عفة أهلك، وصلاح أولادك، من جهة النقل معك أو من جهة المجيء إليهم في وقت ليس بالطويل، كثلاثة أشهر شهرين أربعة خمسة على حسب ما يتيسر لك، مادمت في طلب الرزق وطلب الحلال والحاجة إلى ذلك، فليس في هذا وقت مقدر فيما نعلم من جهة الكتاب والسنة، واجتهاد عمر -رضي الله عنه- في ذلك له وجاهته، وقد تحتاج الزوجة إلى أقل من الستة الأشهر، تكون في محل خطير، تضرها غيبتك ستة أشهر، قد تكون في محل آمن فيكون عندها من العقل والدين والإيمان ما يطمئنك لو أطلت أكثر من ستة أشهر، فالحال تختلف والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) وعمر منهم بل هو أفضلهم بعد الصديق، فعليك أن تلاحظ ما هو الأصلح، وما هو الأقرب إلى سلامة أهلك وأولادك، بمراعاة الستة الأشهر أو ما هو أقل منها أو ما هو فوقها على حسب قدرتك وعلى حسب حال أهلك، والطمأنينة إلى سلامة الأهل والأولاد مما يضرهم، وعدم ذلك، فهو محل اجتهاد ومحل نظر منك، والواجب عليك أن تعمل ما هو الأصلح وما هو الأحوط وما الأقرب إلى سلامة أهلك وأولادك، والله المستعان. المذيع/ بارك الله فيكم ، بالنسبة لعصرنا وما فيه من الفتن والمغريات تنصحون بتبني رأي عمر -رضي الله عنه-؟ بل أنصح بأقل من ذلك أنصح بأن تكون المدة أقل من ستة أشهر، وأن يلاحظ الزوج أن لا تطول الغيبة، وأن تكون الغيبة قصيرة جداً مهما أمكن، أو يبقى عند أهله ولو بالمشقة، أو ينقلهم معه، لأن الأخطار كثيرة والفتن كثيرة، والسلامة الآن قليلة في غالب الأماكن، فينبغي له أن يلاحظ ذلك وأن يحذر أن يقع أهله فيما لا ينبغي بسبب غيبته، والله المستعان.   
 
4- إنني طالبة في كلية الطب البشري وقد مضى على التحاقي بهذه الكلية أربع سنوات؛ وكانت مكللة بالنجاح بحمد الله، وأنا حريصة على مواصلة الدراسة، ولذلك فإنني أحاول تجنب أي سبب يعوق سيري فيها وأصمم على ذلك، ثم إن أهم ما واجهني في ذلك كله هو: رفضي للزواج لهذا السبب؛ لأن ذلك سيحتاج من وقتي الكثير، علماً بأن الدراسة في هذه الكلية أهم عامل فيها هو الوقت الذي إن لم نستغله استغلالاً كاملاً فإن ذلك سيؤثر على التحصيل وعلى سير الدراسة، فهل يجوز لي أن أرفض الزواج أو أن أؤجله لهذا السبب أم أنني آثمة في ذلك، أرجو الإفادة بالتوضيح جزاكم الله خيراً؟
إذا كنت لا تخشين شراً في إكمال الدراسة وأنتِ ليس عند من الاندفاع إلى الزواج ما يسبب خطراً عليك فلا حرج في الإكمال، أما إن كان هناك حاجة للزواج أو ...... على نفسك في هذه المدة التي تقضينها في الدراسة، فالواجب عليك الزواج والبدار به حفاظاً على دينك وعفتك وسمعتك جميعاً، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) هذا الحديث العظيم يدل على شرعية المبادرة بالزواج، وهو يعم الشباب الذكور والإناث جميعاً، يعم الرجال والنساء، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب ذلك مع الاستطاعة، وقال آخرون: إن خاف على نفسه أو خافت على نفسها وجب، وإلا شرع فقط من دون وجوب، ومن تأمل حال الوقت وحال الناس اليوم يتضح له أن الواجب البدار بالزواج إذا تيسر، ولو تأخرت الدراسة أو تعطلت الدراسة، فحفظ دينك وعفتك وسمعتك مقدم على إكمال الدراسة، فعليك أن تتقي الله، وأن تحرصي على سلامة دينك وسلامة عفتك، وسمعتك من عدم ذلك، ولا تؤثري الدراسة على ما يسبب هذا الخطر، يسبب عليك خطراً في دينك وعفتك، فعليك أن تتقي الله وأن تجتهد في أسباب السلامة، فإن قويت على إكمال الدراسة من دون خطر فلا حرج إن شاء الله، وإلا فالواجب البدار بالزواج إذا تيسر، والحرص عليه، وإكمال الدراسة بعد ذلك، إن تيسر ذلك وإلا فلا حاجة إلى إكمال الدراسة، الزواج وعفة الفرج وعفة النظر وحصول الأولاد أولى من إكمال الدراسة، هذا ما ظهر لي في هذه المسألة. وإن كان في الدراسة اختلاط وجب عليك ترك هذه الدراسة، والحذر من شرها، والبدار بالزواج أو بالجلوس في البيت، حتى يسهل الله الزواج، أو دراسة غير مختلطة، أما الدراسة المختلطة مع الشباب في فصول الدراسة فشرها عظيم، وعواقبها وخيمة، والواجب عليك تركها والحذر من عواقبها الوخيمة، سواءً كانت في الطب أو في غير الطب مطلقاً، ويكفي المسلمة أن تتعلم ما يحفظ لها دينها من كتاب الله وسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وكفى، والحمد لله، ولا تعرض دينها وعفتها وسمعتها للخطر، وليس تعلم الطب ولا غيره من الأمور الأخرى غير الدين بأمر ضروري، بل هو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإذا كان تعلمها للطب أو غيره من الأمور الأخرى يفضي إلى المضرة الدينية والخطر العظيم على العفة فإنه لا يجوز حينئذ، فالمقصود أنه يكفيك أن تتعلمي من طريق الأسئلة، ومن طريق حلقات العلم التي تسمعينها من بعيد ما فيها مخالطة للرجال مع الاحتجاب والعفة والاحتشام، فيما يحفظ عليك دينك، ويبصرك في دينك، أو من طريق المذياع تسمعين من إذاعات القرآن في المملكة العربية السعودية من هذا النور نور على الدرب من هذا البرنامج أو غيره، ما يعلمك دينك وما يحصل به لك البصيرة من دون حاجة إلى أن تتعلمي بالاختلاط لما فيه الخطر العظيم. والله المستعان. المذيع/ الموضوع واسع شيخ عبد العزيز ويحتاج إلى أن يرتدي البرنامج درعاً من الشجاعة فيناقش بعض الأمور طلبات كلية الطب؟ هذا واجب على البرنامج وعلى العلماء في كل المكان، على العلماء في كل مكان وعلى العلماء في برنامج نور على الدرب، واجب على الجميع أن يعلموا أبنائهم وبناتهم ما أوجب الله وما حرم الله، فإن أبناء المسلمين وبنات المسلمين أمانة في ذمة العلماء، والواجب على العلماء أينما كانوا في أي بلاد الله أن ينصحوا لله ولعباده، وأن يعلموا أبناء المسلمين وبنات المسلمين ما يجب عليهم، وأن يحذروهم ما يحرم عليه، وأن يحذروهم من أسباب الخطر، والواجب على ولاة الأمور في كل دولة مسلمة أو منتسبة للإسلام الواجب عليها أن تتقي الله، وأن تفصل الرجال عن النساء، وأن تكون مدارس النساء منفصلة عن مدارس الرجال، وهكذا الكليات، يجب أن تكون كلية الرجال منفصلة عن كلية النساء في كل شيء، في الشريعة في الفقه في الآداب في الهندسة في الطب في أي شيء، يجب أن تكون الدراسة منفصلة غير مختلطة، وأن يتحمل المسئولون النفقة في ذلك، وسوف يعينهم الله ويخلف عليهم ويؤديهم وينصرهم إذا تحروا رضاه –سبحانه-، واتباع شريعته، والحذر من أسباب الخطر على بلادهم وشعوبهم، هذا واجبهم جميعاً هذا واجب على جميع المسئولين في أي دولة منتسبة للإسلام، أن تتقي الله، وأن تعمل على تعليم النساء وحدهن، والرجال وحدهم، حتى لا تقع الفتنة وحتى لا يقع ما لا تحمد عاقبته من الفتن والفساد، والله المستعان.  
5- المرأة في زماننا في حاجة إلى الطب ولا شك؛ والبنات في حاجة إلى تعلم الطب حتى يخدمن المرأة، المرأة اصطدمت باختلاطها مع الدكتور ومع المعلم أيضاً ومع المرضى، لابد أن سماحتكم قد أَهَّبَ وجهز موازنة لهذين الأمرين، الأمر الأول: حاجة المرأة إلى التطبب، والأمر الثاني: أن الفتاة المتعلمة للطب لابد أن تختلط؛ لأنه لا يوجد حتى الآن كلية للطب منفصلة، ولا يوجد حتى الآن مستشفيات تخلو من الرجال، كيف يكون الجواب لو تكرمتم؟
دين المرأة ألزم عليها من علاج الناس ومن نفع الناس، دينها وسمعتها وعفتها ورضا الله عنها مقدم على نفعها للناس، فإذا لم يتيسر تعلم تتوصل به إلى نفع أخواتها وشعبها ومجتمعها إلا بما يضرها في دينها، ويسبب الخطر عليها، وتعريضها للفتنة؛ فإن حفظ دينها وحفظ سمعتها وعفتها مقدم على أن تنفع الناس، هذا هو الذي نعتقده وهذا هو الذي نراه واجباً في حق البنين والبنات، أن يكون كل واحد حريصاً على حفظ دينه وسلامة إيمانه مما يخدشه ويضره، ولا يجوز أن يتعلل بأن عدم تعلمه يضر شعبي أو مجتمعي، فإن عليه أن يحفظ دينه أولاً وعليه أن يسعى في حفظ دينه وسلامته، ثم يسعى في حفظ الناس بعد ذلك، فلا يقدم نفع الناس على هلاكه، كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه، كالفتيلة كما ذكر جمع من أهل العلم في تمثيل العالم الذي يهلك نفسه ويعلم الناس ولكنه لا يعمل، بل يخالف علمه عمله، فهو كالفتيلة التي تحرق نفسها لإضاءة غيرها، لا حول ولا قوة إلا بالله.

542 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply