حلقة 466: حكم من منعها والدها من أداء فريضة الحج - توديع الصديقات - الرضيع يكون ولداً للزوج، ويكون أخاً لأولاده من نسائه كلهن - توجيه لمن يشكون من ظلم والديهم - حكم قتل البهائم السائبة - الدعاء بعد كل صلاة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

16 / 50 محاضرة

حلقة 466: حكم من منعها والدها من أداء فريضة الحج - توديع الصديقات - الرضيع يكون ولداً للزوج، ويكون أخاً لأولاده من نسائه كلهن - توجيه لمن يشكون من ظلم والديهم - حكم قتل البهائم السائبة - الدعاء بعد كل صلاة

1- إذا أردت أداء فريضة الحج وامتنع والدي، فهل أطيعه أم أذهب للسفر؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الله -عز وجل- فرض على عباده حج بيته الحرام، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة، حيث قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت) متفق على صحته، وثبت في الصحيح أيضاً من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن جبرائيل -عليه الصلاة والسلام- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام، فقال: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً) والله يقول في كتابه الكريم وهو أصدق القائلين: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[آل عمران: 97]، فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين المستطيعين لأداء الحج أن يحجوا مرةً واحدة في العمر، لأنه -صلى الله عليه وسلم- سئل عن ذلك فقال -عليه الصلاة والسلام-: (الحج مرة، فما زاد فهو تطوع)، فإذا كنتِ أيها السائلة قادرة على الحج من جهة المال فليس لوالدك أن يمنعك، ولا يجوز لك طاعته في ذلك، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة في المعروف) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فالواجب عليه أن يساعد في هذا وأن يفرح بحجك، وأن يعينك على ذلك، أما المنع فليس له منعك، إذا تيسر لكِ محرم يسافر معك من أخٍ أو زوجٍ أو عمٍ أو خالٍ أو غيرهم من المحارم، وعليك أن تجتهدي في الأخذ بخاطره واستسماحه والتوصل إلى ذلك بمن ترين من الأقارب حتى لا يكون بينك وبين والدك شيء، وهو إذا كان مسلماً سوف يرضى، وسوف يرجع إلى الصواب إن شاء الله، ونسأل الله لك وله التوفيق والهداية.  
 
2- تسأل سماحة الشيخ عن صديقات لها تصفهن بعدم الالتزام، تقول: إذا أردت السفر هل أودعهن وأطلب منهن السماح أو لا؟
إذا كن صديقات وكن طيبات في دينهن فتوديعهن ووصيتهن بالخير، وهن يوصيانك بالخير أيضاً، كل هذا طيب؛ لأن المؤمنين إخوة، والمؤمنون إخوة، كما قال -جل وعلا-: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ[التوبة: 71]، فهن أخواتك في الله، إذا ودعتهن وطلبتِ منهن الدعاء، ودعوتي لهن، وأوصيتهن بالخير كل هذا طيب. أما إن كن يتعاطين شيئاً يكفرهن: كترك الصلاة، أو الاستهزاء بالدين، أو سب الدين، أو معلنات فجورهن وكفرهن، أو اعتناق دين الإلحاد، فهؤلاء لا يجوز مصادقتهن، لا تجوز مصادقتهن ولا توديعهن، ولا اعتبارهن صديقات، بل يجب أن تبغضيهن في الله، وأن تعاديهن في الله، إذا كن كافرات، إما باعتناق المذهب الشيوعي، أو باعتناق المذهب الوثني، كدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، كالعيدروس وغيره، أو بسب الدين والاستهزاء بالدين، فهؤلاء بهذه الأعمال يكن كافرات. أما إن كن مسلمات موحدات ولكن عندهن شيء من المعاصي، فالأمر في هذا واسع، إن ودعتيهن فلا بأس، وإن تركتيهن فلا بأس، الأمر في هذا واسع، إلا إذا كن معلنات فجورهن كالزنا وشرب المسكر، فمثلهن ينبغي ترك توديعهن وترك صحبتهن، وإن كن مسلمات لأنهن مظهرات للفجور والمعاصي، ومثلهن يستحقن الهجر وعدم اتخاذهن صديقات، حتى لا يضرك القرب منهن ومصادقتهن، نسأل الله لك التوفيق والهداية، ونسأل الله لهن الصلاح والتوفيق.  
 
3- رجل متزوج من امرأتين وله جار، وتوفت زوجة جاره ومعها ابنة صغيرة ترضع، أعطاها الرجل الجار لحرمة الرجل الأولى وأرضعتها حتى أكملت الرضاعة من الزوجة الأولى، فهل هذه الابنة تكون أختاً للأولاد من الزوجة الثانية أم لا؟ نرجو الإفادة.
نعم، إذا كان للرجل زوجتان أو ثلاث أو أربع فأرضعت إحداهن طفلة أو طفلاً في الحولين خمس رضعات أو أكثر فإن هذا الرضيع يكون ولداً للزوج، ويكون أخاً لأولاده من النساء كلهن، يكون أخاً لهن يكون أخاً لأولادهن جميعاً، لكن أولاد المرضعة يكونون إخواناً أشقاء، وأولاد الزوجات الأخريات يكن إخوة لأب؛ لأن الفحل واحد، فالتي أرضعت أولادها أخوة للرضيع من أمه وأبيه في الرضاع، وبقية الأولاد من الزوجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة يكونون إخوةً من الأب، كالنسب سواءً كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، فأولاد الزوجات اللاتي لم يرضعن الطفل إخوة من الأب، كالنسب، كما أن أولادهن من هذا الرجل إخوةٌ لأولاد المرأة الأخرى من النسب من جهة الأب.  
 
4- شاب في الحادية والعشرين من عمره -كما يقول- ويشكو من ظلم والده له في صفحة كاملة -سماحة الشيخ- ويرجو توجيهكم له؟
أوصيك أيها السائل بالصبر على ما قد يقع من الوالد من بعض الظلم، والنظر في أسبابه، فلعلك أنتَ عاقٌ له فلهذا ظلمك وجازاك بالسيئة أكثر، فعليك أن تحاسب نفسك وأن تبرَّ والدك، وأن تسأله عن أسباب الظلم حتى تعرف الأسباب التي تعدى عليك بأسبابها، فتدعها إذا كانت غير لازمةٍ لك، حتى تكسب بر والدك ورضا والدك. أما إذا كان تعدى عليك بغير سبب فينبغي أن تسعى بإزالة ذلك بواسطة أعمامك وأقاربك ونحو ذلك ممن تظن أنهم يفيدونك في هذا الشيء، فلعل ذلك يزول من دون حاجة إلى الرفع إلى ولاة الأمور وإلى المحاكم، هذا خيرٌ لك وأولى، أن تسعى بإزالة الظلم الواقع من أبيك بالطرق الحسنة، الطرق التي ليس فيها ما يسبب زيادة الشحناء بينك وبين أبيك، وعليك أن تحاسب نفسك، فلعلك أنت الظالم، وأنتَ لا تدري، حاسب نفسك وانظر في طاعتك لوالدك وبرك له، وما هي الأسباب التي جعلته يتعدى عليك ويظلمك، ثم استشر الناس الطيبين العارفين بحالك وحال أبيك، لعلهم يرشدونك إلى طرق الحل بينك وبين والدك، الجمع بينكما على خير، نسأل الله للجميع الهداية.   
 
5- يسأل عن قتل البهائم السائبة التي تسبب كثيراً من حوادث السيارات؟
هذا فيه تفصيل: أما إذا كانت الطرقات غير واجب إخراجها وإبعادها عن الطرقات بكل وسيلة، وإذا حصل إتلافها بغير قصد بالسيارة وبغير السيارة فهي غير مضمونة، لتفريط أهلها، وقد نبهت الدولة على ذلك، وبينت أن ما يكون في الطرقات هدر، وقد استفتوا في ذلك العلماء فأفتيت في ذلك؛ لأن الضرر عظيم على أفراد السيارات، وعلى المسلمين، فالواجب على أهل المواشي أن يصونوها وأن يكفوها عن الطرقات، وأن يجعلوها في أماكن بعيدة حتى لا تضر الناس، فكم من نفسٍ هلكت بأسباب هذه البهائم، يحصل انقلاب ويحصل صدام ويحصل شر كبير. أما كون الإنسان يتعمد قتلها لئلا تكون في الطرقات هذا لا، لا يجوز يتعمد قتلها، لا يرميها بالبندق ولا ينحرها بالسيف ولا بغيره، بل يطردها ويكفي، يطردها عن الطرقات حتى تبتعد عن الطرقات، ولو جعلت الدولة من يقوم بذلك فهذا حسن، وإذا عرف عن إنسان يتساهل ويجعل بهائمه حول الطرق يستحق أن يعاقب أيضاً، حتى يكفها عن الطريق؛ لئلا يؤذي الناس، ويضر الناس بعمله السيئ، نسأل الله للجميع الهداية.  
 
6- هل يكره الدعاء بعد كل صلاة؟ ورفع الأيدي هل هو بدعة؟
الدعاء بعد الصلاة لا يكره بل يستحب، كونه يدعو بينه وبين ربه في آخر الصلاة وبعد الصلاة بعد الذكر كل هذا جاء في الأحاديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا دعا في آخر الصلاة قبل أن يسلم فهذا أفضل، وإن دعا بعد السلام وبعد الذكر فلا بأس بينه وبين ربه، أما أن يكون الدعاء جماعياً من الجماعة، أو مع الإمام، هذا غير مشروع بل بدعة، أو يكون مع رفع الأيدي هذا بدعة بعد الفرائض، لم يحفظ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرفع يديه بعد الفرائض الخمس، ولم يحفظ عن أصحابه -رضي الله عنهم- فيما بلغنا، فليس للناس أن يحدثوا شيئاً لم يفعله المصطفى -عليه الصلاة والسلام- ولا أصحابه، لكن الدعاء لا بأس به، الدعاء بين الإنسان وبين ربه قبل السلام وبعد السلام لا بأس، أما رفع الأيدي من الجماعة أو من الإمام أو من الجميع للدعاء كل هذا بدعة، وهكذا إذا دعوا جميعاً دعاءً جماعياً أو ذكراً جماعياً بدعة، كلٌ يدع الله في نفسه، ويدعوا لنفسه من دون حاجة إلى أن يكون معه آخر يرفع الصوت معه، نسأل الله للجميع الهداية.  
 
7- إذا دخلت المسجد وقد فاتتني الصلاة ووجدت أولاداً صغاراً يصلون في جماعة وإمامهم عمره عشر سنوات تقريباً هل أصلي معهم؟
نعم، صل معه، يجوز أن يكون الإمام ابن العشر سنين أو أقل أو أكثر، فقد ثبت أن عمرو بن سلمة الصحابي الجليل صلى بأصحابه، وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآناً، فلا بأس أن يكون الإمام دون البلوغ، كابن عشر وابن ثمان وابن إحدى عشر ونحو ذلك، وليس من شرط الإمام التكليف، المهم أن يكون يحسن الصلاة، ويحسن القراءة، فإذا وجدت إماماً دون التكليف يصلي بالناس صل معهم، ولا تقل هذا صغير، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة -رضي الله عنه - أنه ذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤم بكم أكثرهم قرآناً)، قال: فنظروا -نظر قومه- فلم يجدوا أحداً أكثر مني قرآناً، فقدموني، وأنا ابن ستٍ أو سبع سنين) فالرواية تحمل على أنه كان ابن سبع؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (مروا أبناءكم للصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) فأقل شيء تكون فيه الإمامة وأن يؤمر فيه بالصلاة والوضوء هو السبع، وهذا الحديث الصحيح حجة في ذلك.  
 
8- إذا دخلت المسجد والإمام يخطب في يوم الجمعة هل الأفضل أن أصلي تحية المسجد أم أجلس للاستماع إلى الخطبة؟
صل التحية ثم اجلس، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، ولما دخل رجل والنبي يخطب فجلس، أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقوم فيصلي ركعتين، فهذا يدل على تأكد هاتين الركعتين، وأنه يصليهما قبل أن يجلس وإن كان الإمام يخطب فهما متأكدتان.  
 
9- يسأل عن لغات الجن -سماحة الشيخ-؟
الذي يظهر أنهم مثل الإنس لهم لغات متعددة، فيهم الإنجليزي، وفيهم الفرنسي، وفيهم الإمريكي، وفيهم العجمي والعربي، أجناس فيهم، لأن الله قال عنهم: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا[الجن: 11] وهم على طوائف قال -سبحانه- عنهم: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ[الجن: 14] فهم أقساط وفرق، فيهم الطيب وفيهم الخبيث وفيهم الجهمي وفيهم السني وفيهم الرافضي وفيهم النصراني وفيهم اليهودي وفيهم غير ذلك، أقسام وفرق شتى: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا[الجن: 11] قوله: دُونَ ذَلِكَ يعم فرق أخرى.  
 
10- يسأل عن عدد أبواب الجنة؟
أبواب الجنة صحت الأحاديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنها ثمانية، وأبواب النار سبعة بنص القرآن: لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ[الحجر: 44] فأبواب النار سبعة، وأبواب الجنة ثمانية.  
 
11- هل العين من زينة المرأة أو لا؟
العين ليست من الزينة؛ لأنها تحتاج إلى إبرازها للنظر في الطرق، فالذي يظهر ونص عليه كثير من أهل العلم أنها غير داخلة في الزينة التي نهى الله عن إبدائها، لكن إذا تيسر سترها وأن تنظر من وراء الخمار، وتعرف الطريق من وراء الخمار الساتر الذي يستر وجهها ولكنها تتمكن من رؤية الطريق هذا أكمل، وإن لم يتيسر ذلك وأخرجت العين أو العينين فلا حرج كما يفعله بعض البادية، وهو النقاب يسمى النقاب يسمونه البرقع، فإذا جعلت لها برقعا أو نقاباً يستر وجهها كله إلا إحدى العينين أو إلا العينين فلا حرج في ذلك إن شاء الله؛ لأنها محتاجة أن ترى الطريق، أن ترى ما أمامها.  
 
12- أختنا أيضاً تسأل عن من يسألها من وراء حجاب؟
لا بأس أن تكلم الرجال من وراء حجاب وهي متغشية ومتحجبة، ولا بأس أن تكلم من طريق الهاتف من طريق التلفون تكلم من يكلمها، يسألها عن حاجة ويسألها عن زوجها أو عن حاجة من الحاجات، تجيبه بالصوت المتوسط، ليس فيه خضوع وليس فيه نزغ وشدة، ولكن بين ذلك، مثل ما قال -جل وعلا-: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا[الأحزاب: 32] يعني وسط ليس فيه خضوع وليس فيه سوء أدب وشدة.  
 
13- إنني ذهبت لأتزوج من أحد أفراد جماعتي، وسبق لي أن تزوجت عدة مرات ولدي بنين وبنات، ولكن النساء متن، فذهبت وخطبت عند هذا الرجل الذي من الجماعة وقال: لن أزوجك ابنتي إلا بشرط أن تزوج ابني الأكبر ابنتك، فوافقت وتم الزواج، ولكل واحدة منهن مهر خاص بها وغير متساو، وبرضا كل من ابنته وابنتي وتم الزواج، وبعد مضي خمسة أشهر من زواج ابنتي ماتت، وسؤالي الآن: ما حكم هذا الزواج؟ وهل هو شغار؟ وهل بوفاة ابنتي إن كان شغاراً انتهى الشغار بوفاتها أم لا، أرجو التوجيه في هذه الأمور جزاكم الله خيراً.
هذا النكاح شغار؛ لأنه ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- عن جماعة من أصحابه - ضي الله عنهم- عن ابن عمر وأبي هريرة وجابر ومعاوية أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشغار، والشغار مثل ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول الرجل للرجل: (زوجني ابنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي) فهذا هو الشغار فالذي ذكرته في السؤال شغار، ومادامت المرأة ماتت فأولادك لاحقون بك وهم أولادك من أجل شبهة النكاح، وعليك التوبة إلى الله والندم على ما حصل منك، وهكذا صاحبك عليه التوبة إلى الله، وعلى صاحبك الذين زوجته موجودة أن يجدد النكاح، عليه أن يجدد العقد؛ لأن العقد الأول فاسد، والأولاد لاحقون بآبائهم للشبهة، وعليه التوبة، كما أن عليك التوبة، وعليه أن يجدد العقد بعد ما علم الشرع، مادام علم حكم الشرع يجدده من دون شرط امرأة أخرى، يجدده بشاهدين ولو ما توصلتم إلى المحكمة، ولو بالتزويج في البيت أو عند من ترون بحضرة شاهدين والحمد لله.  
 
14- إنني في يوم حلفت على أختي أنني لا أدخل بيتك خمس سنوات، وعندما كنت مسافراً قلت لنسيبي احضر أختي لكي أسلم عليها خارج البيت في الشارع، وعندما حضرت أختي سلمت عليها وجذبتني إلى داخل البيت، فهل وقع يميني أم لا؟ وكان حلفي هو: علي الطلاق لا أدخل بيتك خمس سنوات، وكنت غضباناً؟
لما ....... ودخلت البيت باختيارك ووافقت على الدخول، فقد حنثت في اليمين هذه، فإن هذا العمل يسمى يميناً إذا كنت قصدت منع نفسك من الدخول ولم تقصد إيقاع الطلاق، فهذه اليمين قد حنثت فيها وعليك كفارة يمين، ولا يقع الطلاق على زوجتك، إذا كنت إنما قصدت منع نفسك من الدخول وهجر أختك ولم تقصد إيقاع الطلاق على زوجتك، فإن هذا يسمى يميناً في الحكم الشرعي من جهة الكفارة ولا يقع الطلاق في أصح قولي العلماء، وزوجتك باقية بعصمتك، والكفارة هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، وإطعامهم يكون بإطعامهم عشاء أو غداء ولو متفرقين، أو إعطائهم نصف صاع لكل واحد من التمر أو الأرز أو غيرهما من قوت البلد، كل واحد نصف صاع كيلوا ونصف تقريباً، أو تعطي كل واحد كسوة تجزئه في الصلاة كقميص أو إزار ورداء ويكفي والحمد لله مع التوبة والاستغفار عن قطيعتك لأختك، فإن المؤمن يجب عليه أن يصل أرحامه، والأخت من أقرب الرحم، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، هذا وعيد عظيم، والله يقول في كتابه العظيم -سبحانه وتعالى-: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ[محمد: 22-23] هذا وعيد عظيم أيضاً، فالقطيعة من الكبائر، فعليك يا أخي أن تتوب إلى الله، وأن تصل أختك وأن تدع هذه اليمين الخاطئة، وعليك كفارة اليمين إذا كنت أردت منع نفسك من الدخول على أختك، ولم ترد إيقاع الطلاق. أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق فإنه يقع طلقة واحدة بدخولك على أختك، ولك أن تراجعها حالاً بإشهاد اثنين أنك راجعت زوجتك، إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، أما إن كنت طلقتها قبل هذا طلقتين فإن هذه تكون الثالثة ولا تحل إلا بعد زوج، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق، أما إذا كنت ما أردت إيقاع وإنما غضبت على أختك فأردت منع نفسك منها وعدم الدخول عليها، ولم ترد أنك لو دخلت فإن الطلاق يقع منك، لم ترد هذا وإنما في بالك وفي نفسك أنما هو المنع منع نفسك من الدخول على أختك، ولهذا طلقت للتأكيد على نفسك ومنعها من الزيارة لأختك. نسأل الله للجميع الهداية.  
 
15- إنني لم أعزل من البيت إلى الآن وإن معي أخي وأختي وأمي، وأعمل في إحدى البلاد العربية مدرساً، وقضيتي أنني اشتريت قطعة أرض من فلوسي الخاصة -أي من عرقي- وليس من البيت، فهل أكتب عقد الأرض بكل ما في البيت ولا أكتبها باسمي خاصة؟
هذا فيه تفصيل: إن كنتم شركاء فيما بينكم، فالأرض بينك وبين أخيك وأختك وأمك وأما إن كنت مستقلاً بنفسك وإنما حضرت جلست معهم في البيت وإلا فأنت مستقل فالأرض أرضك وتكتب باسمك لأنك اشتريتها من حر مالك أما إن كان هناك التباس في الأمر فيمكن حل المشكلة من طريق المحكمة، أو من طريق المصلحين بينكم وبين أخيك وأختك وأمك حتى ينظروا في الأمر بينكم ويصلحوا بينكم، بعدما يسمعون كلام أخيك وكلام أختك وكلام أمك ثم يكون الصلح بعد ذلك، أو تحكم بينكم المحكمة فالمقصود أن الواجب عليك أن تأخذ رضا أمك وأختك وأخيك حتى تكون لا تكون بينك وبينهم شحناء وعداوة وقطيعة، إما أن تصطلحوا بينكم أو بواسطة من تراهم من المصلحين والأخيار يصلحون بينكم أو من طريق المحكمة أما إذا سمح أخوك أو أختك أو أمك بأن تكون الأرض باسمك وليس لهم نزاع وليس لهم كلام في ذلك فالحمد لله.

514 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply