حلقة 603: صحة حديث تارك الجماعة لا يشم رياح الجنة - صحة حديث من صلَّى مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان يقرأ - حكم من لا يصلي إلا الجمعة - تحريك السبابة عند التشهد - وضع اليمين على الشمال بعد الركوع - القراءات السبع

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

3 / 50 محاضرة

حلقة 603: صحة حديث تارك الجماعة لا يشم رياح الجنة - صحة حديث من صلَّى مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان يقرأ - حكم من لا يصلي إلا الجمعة - تحريك السبابة عند التشهد - وضع اليمين على الشمال بعد الركوع - القراءات السبع

1-   قرأت في كتاب: "درة الناصحين" هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (أتاني جبريل وميخائيل - عليهما السلام -، قالوا: يا محمد! إن الله يقرؤك السلام ، ويقول: تارك الجماعة لا يشم رياح الجنة حتى لو كان عمله أكثر من عمل أهل الأرض). وقال: إذا كان حال تارك الجماعة هكذا، فكيف حال تارك الصلاة عمداً؟ نرجو من سماحة الشيخ أن يشرح لنا هذا جزاه الله خيراً؟.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذا الحديث لا أصل له، بل هو من الموضوعات المكذوبات عن النبي - عليه الصلاة والسلام- ، ومعلوم من الأدلة الشرعية أن الصلاة يجب أن تؤدى في الجماعة في حق الرجال مع القدرة. أما تركها بالكلية فذلك من الكفر، كما قال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة). رواه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر). وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام لسائل أعمى سأله وقال له: إنه ليس لي قائد يلائمني المسجد، فهل من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (هل تسمع النداء بالصلاة). قال: نعم، قال: (فأجب). فدل ذلك على أنه لابد من أدائها في الجماعة في حق الرجال مع القدرة. أما الصلاة فهي عمود الإسلام، لابد من أدائها ، ومن تركها تهاوناً وكسلاً كفر في أصح قولي العلماء، أما من جحد وجوبها فإنه كافر بالإجماع ولو فعلها - نسأل الله العافية -.  
 
2-   في نفس الكتاب عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من صلَّى مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب والإخلاص خمس مرات أنزل الله - تعالى - عليه خمسمائة ألف ملك، مع كل ملك دفتر من نور يكتبون ثوابه إلى يوم القيامة). والكتاب ليس فيه اسم هذه الصلاة، نرجو أن يعلنها سماحة الشيخ ويوضح الحقيقة؟ جزاكم الله خيراً؟
هذا كالذي قبل أيضاً، هذا حديث مكذوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أصل له، ولا صحة له، وكل ما يذكر في قيام ليلة النصف من شعبان من صلاة ودعاء وقراءة كله باطل، كله لا أساس له، كله ليس بصحيح، هذه قاعدة ينبغي أن تعلمها، وهذا الحديث من ذلك، فهو حديث مكذوب لا صحة له، نسأل الله السلامة.  
 
3-  في بعض الناس ألاحظ أنهم لا يصلون إلا يوم الجمعة، ما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيراً.
هذا الذي لا يصلي إلا الجمعة أو رمضان كافر، لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام -: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة). وهذا يعم الصلوات التي بين الجمعة والجمعة ، والصلوات التي بين رمضان ورمضان، فلابد من الحفاظ عليها ، ولابد من أدائها في جميع السنة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). أما إن جحد وجوبها، وقال: لا تجب علي، وهو مكلف، عاقل ليس بمجنون، فهذا كافر عند جميع العلماء سواء كان رجلاً أو امرأة، لكن من يعلم وجوبها ويؤمن بوجوبها ثم يدعها يكون كافراً في أصح قولي العلماء للحديث السابق ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). ولما ذكر لأصحابه عليه الصلاة والسلام بعض الأمراء الذين يأتون في آخر الزمان، فيعرف منهم ويُنكر قال الصحابة للنبي: أفلا نقاتلهم؟ قال: (لا إلا أن ترى كفراً بواحاً، عندكم من الله فيه برهان). وفي لفظ آخر: (لا تقاتلوهم ما أقاموا فيكم الصلاة). فدل على أن عدم إقامة الصلاة من الكفر البواح - نسأل الله العافية -. فيجب على كل مؤمن ومؤمنة من المكلفين الحفاظ على الصلاة ولزومها في أوقاتها ، والحذر من التخلف عنها وتركها، هذا هو الواجب على جميع المسلمين ، قال الله – تعالى -: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى [(238) سورة البقرة]. وقال سبحانه: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [(43) سورة البقرة]. وقال عليه الصلاة والسلام ذات يوم بين أصحابه في شأن الصلاة: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان ، وقارون ، وأبي بن خلف). نسأل الله العافية. قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة؛ لأنه إن ضيعها شغلاً بالرياسة شابه فرعون، فيحشر معه يوم القيامة إلى النار، وإن ضيعها شغلاً بالوزارة شابه هامان فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب الأموال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض فيحشر معه يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب التجارة والبيع والشراء والمعاملات شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة فيحشر معه إلى النار، - نسأل الله العافية-. فالواجب الحذر من الإضاعة لهذا العمود العظيم ، والواجب التواصي بفعلها في أوقاتها ، وأدائها في الجماعة في حق الرجل، وعلى النساء المكلفات أن يحرصن على أدائها في بيوتهن في أوقاتها ، فهي عمود الإسلام، وهي فارقة بين المرء وبين الكفر والشرك، وقد قال الله - عز وجل -: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [(59) سورة مريم]. يعني خساراً ودماراً وعذاباً - نسأل الله العافية-. وقال بعض أهل العلم: إن غي واد في جهنم، خبيث طعمه، بعيد قعره، - نسأل الله العافية-. وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [سورة الماعون(4)(5)]. إذا كان الساهي ويل له، فكيف بالتارك، يكون أمره أعظم وأشد وأخطر نسأل الله العافية.  
 
4-   وقع في يدي كتاب مختصر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعي مؤلفه أنه جمعه ورتبه من كتاب صفة صلاة النبي لسماحتكم وكتاب الصلاة لابن القيم، وقد وجدت فيه أنه يذكر أن هناك حديث عن وائل بن حجر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس بين السجدتين قبض إصبعين وحلق حلقة بالإبهام والوسطى، وأشار بالسبابة يحركها يدعو بها، وذكر رواة الحديث وهم: أبو داوود، والنسائي، وأحمد. كما أني سمعت في برنامجكم الطيب نور على الدرب أحد العلماء لا أذكر اسمه قد ذكر مسألة التحريك ولكن بدون أدلة نقلية في تحريك السبابة بين السجدتين، نرجو من سماحتكم بيان هذا الأمر من حيث صحة الحديث وتخريجه، وما صحة هذه الوضعية، وهل هي مقتصرة على التشهد أم توجد أيضاً في الجلوس بين السجدتين؟ نرجو بيانها بياناً مبسوطاً، مأجورين، جزاكم الله خيراً؟
نعم حديث وائل بن حجر رواه أبو داود وغيره فيما يتعلق بالإشارة بين السجدتين ، ولكن الذي يظهر من الأدلة الشرعية أنه شاذ ، وأنه وهم من بعض الرواة وإنما ذلك في التشهد الأخير والأول، هذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يشير في التشهد ويحرك أصبعه عند الدعاء، هذا هو المحفوظ عن ابن عمر وغيره في التشهد الأول وفي التشهد الأخير، أما بين السجدتين فالسنة وضع اليدين على الفخذين وأطراف الأصابع على الركبتين هذا هو السنة، مبسوطة ليس فيها إشارة، هذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فالرواية التي رواها أبو داود وغيره من طريق وائل أنه أشار بالسبابة في الجلوس بين السجدتين ودعا هذا فيما يظهر من باب الشاذ، وقد ذكر العلماء أن للحديث الصحيح إذا صح سنده وخالف ما هو أصح منه يعتبر شاذاً، وهذا قد خالف الأدلة الشرعية التي أصح منه فيكون شاذاً، فالسنة بسط اليدين فيما بين السجدتين وبسط الأصابع على الركبتين أو الفخذين ويكفي هذا، وأما تحريك السبابة فهذا يكون في التشهدين الأول والثاني في جميع الصلوات.  
 
5-   نرجو من سماحتكم إدراج أدلة هذا وبسط الكلام فيها بسطاً وافياً، وكلام أئمة العلماء في هذه المسألة، وهل لمن يدعي أن هذا الأمر بدعة وضلالة من حجة يتمسك بها في إرسال اليدين، أم أنه يحتج بعادة الناس، مع علمنا أن العبادة توقيفية، وهل إذا كان الإمام يرسل يديه بعد الركوع فهل عليّ أن أرسلها اقتداء ومتابعة للإمام، أم أستمر في وضع اليمين على الشمال؟ أفتونا مأجورين.
قد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان في حال القيام يقبض شماله بيمينه، ويضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، ثبت هذا من حديث وائل وثبت معناه من حديث سهل عند البخاري سهل بن سعد، وجاء أيضاً من حديث قبيصة بن هلب عن أبيه ، وجاء من مرسل طاووس عن النبي - عليه الصلاة والسلام -، فالصواب أن اليمين توضع على الشمال في حال القيام قبل الركوع وبعده، وليس هناك تفصيل في الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نعلم أحداً ذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أرسل يديه في الصلاة بعد الركوع، ولا عن الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم -، فالأصل في هذا هو الضم، كما يضم قبل الركوع، كهذا في القيام بعد الركوع، ومن زعم أنه يرسلهما بعد الركوع فعليه الدليل، ومن قال إن ضمهما بدعة بعد الركوع فقد غلط، وذكر بعض أهل العلم أنه مخير إن شاء أرسلهما وإن شاء ضمهما بعد الركوع في حال القيام، ولكن الصواب أنه يضمهما كما قبل الركوع، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، بقاء السنة على حالها ، وقد قال وائل - رضي الله عنه - رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قائماً في الصلاة يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ومعنى قائماً في الصلاة يعني يشمل ما بعد الركوع وما قبل الركوع، قائماً في الصلاة، وهذا يشمل القيامين قبل الركوع وبعد الركوع، وهكذا قول سهل بن سعد - رضي الله عنه - كان الرجل يؤمر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يضع اليمنى على كفه اليسرى، أن يضع اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة ، قال أبو حازم الراوي له عن سهل لا أعلمه إلا ........ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا يدل على أنه في حال القيام يضع يمينه على ذراعه اليسرى، وهذا يحتمل أن المراد ما قاله وائل وأنه يضع يمينه على كفه اليسرى، وأطراف الأصابع على الساعد، فعبر عن الساعد بذراعه اليسرى، ويحتمل أنه في بعض الأحيان يضعها على كفه، وفي بعض الأحيان على ذراعه الأيسر. أما إرسال اليدين فلم يثبت عنه - عليه الصلاة والسلام- لا قبل الركوع ولا بعد الركوع ، والعبادات توقيفية ليس لأحد أن يثبتها بمجرد الرأي والاجتهاد ، والأصل بقاء ما كان على ما كان، فما دام يقبضهما قبل الركوع، فالأصل بقاء ذلك في قيامه بعد الركوع، كما قال وائل: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قائماً في الصلاة يضع يمينه على شماله، يعني كفه اليمنى على كفه اليسرى ، هذا هو الذي كتبنا في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو الذي نعتقده، وهو الذي دلت عليه الأحاديث فيما نعتقد، ونسأل الله للجميع التوفيق
 
6-   حول قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية، هل هي واجبة أم لا، وهل إذا سكت الإمام بعد قراءة الفاتحة يقرأ المأمومون، وإذا لم يسكت هل عليهم الاستماع أم القراءة، وعلى حسب علمي: أن السكتة بعد الفاتحة قصيرة جداً لا تسع أن يقرأ المأمومون فيها بالفاتحة، فهل إذا أطالها الأمام لكي يقرأوا فهل هذه بدعة أم لا؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
القراءة في حق المأموم يعني قراءة الفاتحة تنازع العلماء فيها ، فأكثر أهل العلم أنها سنة في حق المأموم لا واجبة، وقال آخرون من أهل العلم أنها واجبة كالشافعي - رحمه الله - والبخاري وجماعة ، وهذا القول هو الصواب لظاهر الأدلة ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرؤون خلف إمامكم ...... ؟) قلنا: نعم، قال: (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها). خرجه الإمام أحمد وجماعة بإسناد جيد. فهذا الحديث صريح في أنها تجب على المأموم: (لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟). قلنا: نعم، قال: (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن يقرأ بها). فهذا صريح في أنها تجب على المأموم، لكن وجوبها عليه أخف من الإمام والمنفرد ، ولهذا لو أدرك الإمام في الركوع أجزأه الركوع وأجزأته الركعة، وسقطت عنه الفاتحة لفوات القيام، ومثل ذلك لو سها عنها أو تركها تقليداً أو اجتهاداً فإنها تسقط عنه من أجل شبهة الاجتهاد والتقليد، أو النسيان، كما تسقط عنه إذا لم يدرك القيام، وإنما أدرك الركوع في أصح قولي العلماء، كما قاله الجمهور - رحمهم الله -. 
 
7-   لقد قرأت في أحد الكتب أنه حسب القراءات السبع يجوز تغير اللفظ، مثل قوله تعالى: كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ [القارعة:5] أنه يجوز أن نقرأها: كالصوف المنفوش. وأيضاً قوله تعالى: فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ [المسد:5] أنه يجوز لنا نقرأها: في عنقها حبل من مسد. أفيدونا أفادكم الله، هل ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء من ذلك؟
الواجب على المسلمين الآن التقيد بما في المصحف الشريف، وما رسمه الصحابة في وقت عثمان - رضي الله عنه - هذا هو الواجب، وأن لا يقرأ بخلاف ذلك لما فيه من التشويش والخلاف ، وأسباب الفرقة، أما قوله صلى الله عليه وسلم: (إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر من ذلك). فهذا عند العلماء يبين أن الله - جل وعلا - وسع لعباده في ذلك، وأنزل القرآن على سبعة أحرف، مختلفة في الألفاظ متقاربة المعنى، مثل : عهن، والصوف، مثل : في جيدها، وفي عنقها، وما أشبه ذلك مما يتقارب المعنى فيه، لكن بعدما وضع الصحابة - رضي الله عنهم - المصحف الشريف على قراءة واحدة وعلى حرف واحد حذراً من النـزاع ، فالواجب على المسلمين أن يتقيدوا بذلك حذراً مما حذره الصحابة من النـزاع والخلاف، ولكن هذا من باب التفسير، تفسر الآيات بما فسره بها العلماء، يعني تفسر الآيات كما فسرها العلماء من باب إيضاح المعنى فقط، أما القراءة فلا تغير، يقرأ المؤمن كما رسم في المصحف، وإذا أراد أن يبين للناس المعاني، يبين لهم المعاني على ما ذكر أهل التفسير من جهة اللغة ومن جهة الأحاديث ، فالقرآن الكريم يوضح للناس معناه بالأدلة من الكتاب والسنة ولغة العرب، لكن القراءة التوقيفية، لا يقرأ إلا كما رسم في المصحف، حتى لا يقع ما حذره الصحابة وخافه الصحابة من النـزاع والفرقة والاختلاف والله المستعان. 
 
8-  نرجو أن تتفضلوا بإعطائنا نبذه مختصرة عن القراءات السبع؟
القراءات السبع معلومة عند أهل العلم، وهكذا القراءات العشر ، والقراء معروفون، وفي إمكانك أن تراجع كتاب الشاطبي، حتى تعرف معنى هذه القراءات ، وتعرف أيضاً ما قيل في القراءات الثلاث التي هي تكمل العشر مما كتب فيها، وهذه القراءات تختلف في بعض الحروف في إدغام ، وفي إظهار، وفي رفع ، وفي نصب، وفي مد ، وفي عدم مد، لكنها ترجع إلى المصحف الشريف الذي رسمه عثمان والصحابة، إلا أنها تختلف في بعض الأشياء اليسيرة مثل: فأزلهما، فأزالهما الشيطان، مثل: نزاعة للشوى، نزاعة للشوى، في الرفع، وما أشبه ذلك، هذه ترجع إلى قواعد اللغة فاختلاف القراء فيها على حسب ما رووا عن مشايخهم عن الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم-، وهو اختلاف يسير لا يضر بالقراءة ولا يخل بالقراءة من جهة المعنى ، ولكن يجب على القارئ أن يلتزم بما رسم في المصحف، حتى لا يقع النـزاع والاختلاف بين القراء في بلده، فإذا كان في بلده على قراءة حفص فيقرأ بقراءة حفص، وإذا كان في بلده على قراءة آخرين كورش وغيره، يقرأ بقراءته في بلده التي يعيش بها بين أهلها، حتى لا يقع بينه وبينهم النـزاع، والاختلاف، والشريعة تمنع من أسباب الاختلاف ، وتحض على أسباب الائتلاف والاجتماع، نسأل الله للجميع الهداية. 
 
9-  ما حكم الشرع في أن يخطب رجل مسلم على خطبة رجل تارك للصلاة (كافر)؟
لا حرج في ذلك، لأن خطبة الكافر لا تصح ولا تجوز، ولا يجوز قبولها في حق مسلمة، فهي خطبة يجب إطراحها والحذر منها وعدم قبولها، فإذا علم يقيناً أن الخاطب كافر والمخطوبة مسلمة ، فله أن يخطب على خطبته إذا لم يتيسر نصيحته لعله يتوب ويرجع إلى الحق، ويدع ما كان يفعل من ترك الصلاة. فالحاصل أنه ما دام على هذه الحال فكونه يخطب على خطبته لأنه مسلم وهو كافر، فهذا من باب الإصلاح ومن باب الإحسان إلى المخطوبة.  
 
10-  هناك بعض المواد الغذائية المستوردة من الخارج تحتوي على مركبات حيوانية مذبوحة في بلد غير مسلم، ما حكم هذه المواد؟
هذا يختلف إذا كانت من بلاد اليهود والنصارى فقد أحل الله لنا ذبيحتهم إلا أن تعرف أنهم ذبحوا على غير الشرع فلا تأكلها ولا تشتريها، وما دمت لا تعرف فالأصل الإباحة، لكن بسبب وجود مجازر كثيرة تذبح على غير الشرع يكون من باب الورع ترك ما ورد من ذلك عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك). (من اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه). فإذا تركت هذه اللحوم المستوردة ، واجتهدت في شراء لحوم معلوم حلها ، هذا هو الخير لك والأفضل لك، في بلادك وغير بلادك. أما ما يستورد من بلاد الشيوعيين أو الوثنيين فهذا لا يجوز أكله؛ لأن ذبائحهم محرمة إلا أن تعلم أن الذي ذبح ذلك مسلم متقيد بالشرع، وإلا فالواجب عدم أكل الذبائح التي تستورد من بلاد الشيوعية أو البلاد الوثنية أو نحوها من البلاد الكافرة غير بلاد اليهود والنصارى. فالحاصل أن ما عدا اليهود والنصارى من الكفار ذبيحتهم غير حلال، فلا يجوز استيراد الذبائح منهم واللحوم لأنها غير مباحة.   
 
11-   ما حكم الشرع في رجل يعلم حدود الله ويتجاوزها، كأن تقول له: هذا حرام! فيقول: أعرف، ويقوم به، وبماذا يسمى هذا الصنف من الناس في شريعة الإسلام؟
إذا تجاوز الحدود التي حد الله لعباده، بأن ركب المحرم وترك الواجب فهو عاص، وقد أتى منكراً ينكر عليه ويعلم ، قد تكون المعصية كفراً أكبر ، هذا يختلف حسب حال المخالفة ، فإذا استحل ما حرم الله من الزنا أو أكل الميتة، أو المسكر كان كافراً - نسأل الله العافية -، وإذا فعل ذلك من غير استحلال ، بل من أجل هواه ، وطاعة الشيطان وهو يعلم أنه محرم فهذه معصية تستحق عليها أن يقام عليه حدها ، ويرفع بأمره إذا استهتر بذلك ولم يبال ، فإن تاب تاب الله عليه ولا حاجة إلى الرفع عنه. فالحاصل أن هذه أمور تختلف، فالواجب نصيحة مثل هذا الشخص، وتوجيهه إلى الخير، وتحذيره من مغبة هذا التساهل، وأن هذا منكر عظيم فإذا تاب تاب الله عليه، وإن رُفع أمره إلى ولاة الأمور لاستهتاره وشهد عليه بما قال وجب على ولاة الأمور أن يعاقبوه بما يستحق.  
 
12-  هل ورد في السنة أحاديث عن ختان البنات أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الأحاديث عامة في الختان، الختان مشروع، وسنة في حق الجميع، وقد أوجبه بعض أهل بحق الرجال، لكن إذا تيسر من يختن البنت، من العارفات من النساء العارفات أو الرجال العارفين فهو سنة ، لكنه في حق النساء أقل تأكداً من حق الرجال، وهو في حق الرجال آكد، حتى أوجبه جماعة من أهل العلم كابن عباس وجماعة في حق الرجال، فالحاصل أنه سنة مؤكدة أو واجب كما قال جمع من أهل العلم في حق الرجال، ومستحب في حق النساء إذا تيسر من يحسن ذلك.  
 
13-  هل إعطاء الصدقات للمتسولين يعتبر زكاة؟
نعم، إعطاء السائل الذي لا تعرف حاله، أو تعرفه بالفقر، لا مانع منه، ويجوز أن يكون ذلك من الزكاة، لأنه من أهلها، قال الله - تعالى -: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [سورة المعارج (24)(25)]. فالسائل من أهل الحق، إلا إذا عرفت أنه غني فإنك تنصحه وتحثه على التعفف ، وتخبره أن سؤاله لا يجوز، ولا يجوز لك أن تعطيه من الزكاة ؛ لأنه لا يستحقها. أما إذا كان معروفا أنه فقير أو مجهول الحال فلا مانع من إعطائه، فالسائلون أقسام ثلاثة: معروف بالغنى، هذا لا يعطى من الزكاة، بل يزجر ويحذر، ويخبَّر أنه لا يجوز له السؤال، هذا منكر في حقه. والثاني : معروف بالفقر، هذا يعطى. والثالث : مجهول الحال، وهذا يجوز إعطاؤه ولا حرج.

537 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply