حلقة 607: أجرة العمال بحسب ما اتفق عليه - صفة غسل الميت - حفظ الأمانة - قراءة القرآن لمن كان ضعيفا في القراءة - مدة غياب الزوج عن زوجته - كتابة القرآن وتعليقه في العنق كالحرز - تخفيف المهور

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

7 / 50 محاضرة

حلقة 607: أجرة العمال بحسب ما اتفق عليه - صفة غسل الميت - حفظ الأمانة - قراءة القرآن لمن كان ضعيفا في القراءة - مدة غياب الزوج عن زوجته - كتابة القرآن وتعليقه في العنق كالحرز - تخفيف المهور

1- أنا رب عمل لثلاثة عمال في مجال البناء، وأعطي العامل الواحد راتباً يومياً معيناً، علماً بأن راتبي اليومي هو عشرة أضعاف راتب العامل الواحد، هل هذا ما أتحصل عليه من عرق العمال حلال علي أم حرام؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً؟.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: إذا كنت اتفقت مع رب العمل على أنه يعطيك أضعاف ما يعطى العامل فالأمر إليه، ولا حرج عليك في ذلك، أما إذا كنت أنت الذي فرضت لنفسك هذا الشيء فالواجب عليك أن تخبر صاحب العمل فإن أجاز لك ما رأيت وإلا فلا يجوز لك أن تأخذ شيئاً لا يعلمه، فعليك أن تخبر صاحب العمل حتى يعين لك راتباً عن عملك ، ويأمرك بالأجور التي تفعلها مع العمال. والخلاصة أن عليك أن ترجع إلى صاحب العمل، فهو الذي يعين لك الراتب ، أو يجعل لك الأذن في تعيين الراتب للعمال ، وهو الذي يعين راتبك أنت سواء مثل العامل أو أكثر أو أقل، وليس لك أن تجعل لنفسك راتباً بدون إذن صاحب العمل.   
 
2-   كان لي ثلاثة أصدقاء غرقوا في البحر وتوفوا إلى رحمة الله، قمت بغسلهم في المستشفى لكني لا أعرف الطريقة الصحيحة للغسل الشرعي، هل عليّ إثم؟
ما دمت عممتهم بالماء، غسلتهم بالماء غسلاً كاملاً فإنه يجزئ والحمد لله. أما الغسل الشرعي فإنه يبدئ أولاً بالاستنجاء إذا كان خرج منه شيء من بول أو غائط، يجعل الغاسل على يديه خرقة فيغسل دبره وفرجه عن الأذى ، ويصب الماء ، ويغطي ما بين السرة والركبة عن النظر، ثم بعد ذلك يوضئه الوضوء الشرعي، يمسح فمه وأنفه بالماء ويغسل وجهه وذراعيه ويمسح رأسه وأذنيه ويغسل رجليه، ثم يفيض الماء على رأسه مع السدر، بالماء والسدر على رأسه ثم على جنبه الأيمن ثم الأيسر ثم يعمم الماء هذا هو الأفضل، ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً ، وهو طيب معروف، يقوي الجسد ، ويطيب الرائحة ، هذا هو الأفضل ، وكيف ما غسل أجزأك، كيف ما غسله أجزأه. المهم أن يعمه الماء، ويزيل الأذى، لكن الأفضل، أنه يبدأ بالاستنجاء ثم يوضئه الوضوء الشرعي، ثم يغسله بالماء والسدر ثلاث غسلات، يغسله أولاً بالماء والسدر ثلاث مرات ، ثم يفيض الماء على جسده ثلاث مرات الأيمن ثم الأيسر ، ثلاث غسلات، فإن احتاج أزيد من ثلاث فخمس، فإن احتاج إلى أكثر فسبع، يقطع على وتر هذا هو الأفضل، وإن غسله واحده أو ثنتين أجزأه ذلك، لكن الأفضل ثلاثاً فخمساً فسبعاً إذا احتيج إلى ذلك، والأفضل في كل حال ثلاث، ثلاث غسلات، لكن إن احتاج إلى أكثر، يعني فيه أوساخ كثيرة يكون خمس على وتر، فإن لم تكف زاد إلى سابعة حتى يزيل الأوساخ، وينظفها.  
 
3-  أنا أحمل نقوداً أمانات للناس، لكني عندما أحتاج أمد يدي إليها وأعيدها محلها هل أكون آثماً؟ علماً بأني لم أستأذن من أصحابها؟
ليس لك أن تأخذ منها شيئاً إلا بإذنهم، عليك أن تحفظها ، وأن لا تأخذ منها شيئاً إلا بإذنهم، لأنه قد .... عندك قد تفوت قد تعسر قد يقع عليك شيء، فالواجب عليك أنك لا تأخذ من الأمانة إلا بإذنهم، تقول لهم: أنا قد أحتاج إلى الأمانة، هل تسمحون لي أن آخذها قرضاً، فإذا سمحوا لك فلا بأس.  
 
4-  إن قراءتي ضعيفة وأقرأ القرآن، هل أكون آثماً والحالة هذه؟
لست بآثم، ولكن عليك أن تجتهد في القراءة الطيبة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران). فأنت إذا قرأت القرآن تجتهد في قراءته ولو أن عليك مشقة ، ولو أنك ضعيف فيه، فإنك مأجور، لك أجران بالقراءة وبالاجتهاد ، أجر عن قراءتك وأجر عن تعبك واجتهادك، وإذا تيسر لك أن تقرأه على من يعلمك ويفيدك فهذا هو الذي ينبغي أن تجتهد في التماس من تقرأ عليه في المسجد أو في البيت أو في بيتك، حتى تستفيد وحتى تستقيم قراءتك.  
 
5-  من أجل العمل أغيب عن زوجتي فترة معينة تصل إلى سنة ، وسنة ونصف من أجل المعيشة، هل علي ذنب؟
لا حرج في ذلك، ليس عليك حرج في ذلك، ما دمت في طلب المعيشة ، وطلب الرزق وهي راضية ليس عندها مخالفة فلا حرج عليك، أما إن كانت غير راضية فاتفق معها على مدة معلومة ، أو اتصل بالقاضي أنت والمرآة حتى يحكم بينكما، أما إذا كان راضية وليس عندها مخالفة فلا حرج عليك ، والأفضل لك أن لا تطول المدة، اجتهد أن تكون المدة قصيرة، ستة أشهر ، أربعة أشهر، ثلاثة أشهر، ثم ترجع إلى عملك، تذهب إليها أياماً ثم تعود إلى عملك، هذا هو الأفضل لك، والأحوط لك؛ لأن المرأة بحاجة إلى زوجها، وقد تكون لها حاجات أخرى تحب أن ترجعها لك، وقد يخشى عليها من الشيطان، فالواجب عليك أن ترعى هذه الأمور ، وأن تجتهد حسب الطاقة حتى لا تطول المدة، فإذا عجزت عن ذلك وهي راضية فلا حرج عليك.   
 
6-   أرى بعض الناس يكتبون آيات من القرآن ويربطونها في أعناقهم ويقولون: هذا حجاب من كذا وكذا، هل هذا مشروع، وهل الصحابة فعلوا شيئاً من هذا؟ أفتونا جزاكم الله خيراً؟
هذا ليس بمشروع هذا يسمى تميمة، ويسمى الحرز، ويسميه بعض الناس الجوامع، هذا لا يجوز، النبي - عليه الصلاة والسلام - يقول: (من تعلق تميمة فلا أتمّ الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له). فلا يجوز تعليق التمائم وهي الحروز وهي أن يكتب آيات أو دعوات أو أحاديث ويعلقها في عنقه أو في عضده هذا لا يجوز، والواجب الحذر من ذلك. أما كونه يتعاطى الورد الشرعي يقرأ على نفسه عند النوم يتعاطى الأوراد الشرعية هذا مطلوب، مأمور به الشرع، وعند النوم يقرأ آية الكرسي ويقرأ قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس ثلاث مرات عند النوم، كل هذا من أسباب العافية والسلامة، كان يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقول صلى الله عليه وسلم لمن قرأ آية الكرسي أنه لا يزال معه من الله حافظ، ولا يقربه الشيطان حتى يصبح، فأنت .... تقرأ آية الكرسي: اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [(255) سورة البقرة]. تقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، صباح ومساء، تقرأ : قل هو الله أحد ثلاثاً، قل أعوذ برب الفلق ثلاثاً، قل أعوذ برب الناس ثلاثاً بعد المغرب، وعند النوم وبعد صلاة الفجر، كل هذا من أسباب السلامة والحمد لله، والله يغنيك بهذا عن التميمة المكتوبة المعلقة.  
 
7-  هل كتابة القرآن في لوح وشرابه أو التمسح به هل هذا مشروع أم به بدعة، وهذا العمل كثير في بلادنا؟
لا حرج في ذلك، كونه يكتب في لوح أو في قرطاس آيات أو دعوات بزعفران ثم يغسلها ويشربها لا بأس، فعله أهل العلم، وأجازه أهل العلم والتحقيق ، ولا حرج في ذلك، لكن الأفضل من ذلك أن يقرأ على نفسه أو يقرأ عليه غيره، وينفث عليه، أو في ماء ويشربه، هذا أحسن من الكتابة، والله أعلم.  
 
8-   عندي خالة تعمل بالتجارة في السوق، وذهبت إلى أحد الذين يكتبون القرآن للناس ويقول: هذا مجلب للرزق، ويزيد البيع، وكتب لها ورقة فيها آيات قرآنية ، وقال لها: هذه ورقة للمال والأرزاق، هل هذا صحيح أو لا؟
ليس بصحيح، هذا غلط، ولا يجوز فعل هذا، ولا تصديق فاعله ، بل هذا من المنكرات ومن البدع.  
 
9-   أرجو من سماحة الشيخ التوجيه والنصح للآباء الذين يحتكرون بناتهم طمعاً في كثرة المهر، ولهذا السبب اختلط الحابل بالنابل، وأصبح الناس يتلهفون وراء المادة ولا يبالون بمن يزوجون، والذي لديه ثروة مالية يقبل ما فرضه عليه الأب من مهر وتكاليف باهظة، وأصبح الفقير عاجزاً عن الزواج، ولا يلتفت إليه أحد، بل ينظرون إليه بعين الاحتقار، فما هو رأي سماحتكم، وما هو توجيهكم؟ بارك الله فيكم؟.
الواجب على الأولياء سواء كانوا آباءا أو أخوة أو أعماماً أو غيرهم، الواجب عليهم تقوى الله - سبحانه وتعالى -، وأن يخافوا الله في مولياتهم، وأن يجتهدوا في تزويجهن على الأكفاء ولو بالمهور قليلة، وأن لا يتكلفوا في ذلك، لا في المهر ولا في الوليمة. الواجب التماس الأكفاء الأخيار، الطيبين ولو كانوا فقراء لكن يستطيعون المهر ، ويستطيعون النفقة على زوجاتهم، وفي الحديث عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض). فالمؤمن يتحرى الزوج الصالح لبنته أو أخته وابنة أخيه ونحو ذلك، ولا يهمه المال، يهمه الرجل الصالح، ولو كان المهر قليلاً ، ولو كانت التكاليف قليلة، ولو كانت الوليمة قليلة، هذا هو الواجب على الأولياء ، ولا يجوز لهم أن يحبسوا النساء لطلب كثرة المال، هذا غلط كبير ، وشر عظيم، وقد يزوجون من ليس بكفء لأجل المال، ويدعون الكفء لأجل قلة المال، وهذا منكر ، وخيانة للأمانة، فالموليات أمانة عند الأولياء، فالواجب على الأولياء أن يتقوا الله في الأمانة ، وأن يلتمسوا للأمانة الرجل الصالح الطيب، وإذا لم يوجد إلا ناقصون، يختار الأفضل فالأفضل، والأقل شراً، حتى لا تعطل البنات والأخوات، هذا هو الواجب على الجميع مع تقوى الله في ذلك، والحذر من ظلم النساء، والحرص على تزويجهن فيمن يخطب من الأكفاء ولو قلّ المال ، ولو قلّت التكاليف.  
 
10-   ما هو رأي سماحتكم في من يخلط الزيت النباتي بالسمن البقري ثم يبيعه سمناً، وحينما اعترضت على بعض من يفعل ذلك وقلت له: هذا غش وحرام! أجاب: إن بقرتي تنتج في الأسبوع قارورة سعة لتر واحد، وثمن اللتر 100ريال وهذه الـ100 لا تكفي في الأسبوع ثمن العلف الذي تأكله البقرة، لكني أخلط الزيت بالسمن لتكون ثلاث قوارير يعني بثمن 300 ريال، وبذلك أستطيع أشتري ما يكفي دابتي من قوت الأسبوع، أرجو التوجيه والنصح والتوضيح حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً؟
هذا من الغش ، ولا يجوز خلطه الزيت بالسمن، وهذا العذر الذي قاله عذر فاسد، لا يقبل ولا يجيز له هذا الغش، بل عليه أن يبيع الزيت وحده ، والسمن وحده، يسأل ربه التوفيق ، ويستعين بالله ، والله يبارك له إذا صدق وترك الخيانة ، وأدى الأمانة: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [سورة الطلاق(2)(3)]. ويقول سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [(4) سورة الطلاق]. فالواجب على التجار ، وعلى أهل البيع والشراء أن يتقوا الله ، وأن يؤدوا الأمانة ، وأن يحذروا الغش والخيانة ، ولو كانوا فقراء، الله يغنيهم من فضله - سبحانه وتعالى - ، فليس الفقر عذراً في الغش والخيانة، بل يجب على المؤمن والمؤمنة التحري للحق ، والعناية بالأمانة الشرعية ، والحذر من الغش والخداع، ولو كان فقيراً ، الله - جل وعلا - هو الذي يغنيه من فضله – سبحانه وتعالى-، وإذا اتقاه يسر أمره، فالواجب الحذر غاية الحذر، من هذه الخيانات التي حرمها الله على عباده، والله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [(27) سورة الأنفال]. ويقول سبحانه: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [(58) سورة النساء]. ويقول عز وجل في صفة أهل الإيمان: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [(8) سورة المؤمنون].  
 
11-  أسمع بعض الأقوال ولا أدري أهي أحاديث أم أنها أمثال، مثلاً: (من تكلم بكلام قومه ما لحن)؟
هذا لا أصل له، وليس بحديث، وقد يلحن..... قد يكون قومه فيهم عجمة، وإذا كانت تكلم بكلامهم وعجمتهم لا حرج. (من أفضل الرغائب دعاء غائب لغائب)؟ هذا من كلام صحيح، لكنه ليس بحديث، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : دعاء لأخيه مستجاب. فينبغي للمؤمن أن يدعو لأخيه، وفي الصحيح إذا دعا المؤمن لأخيه بالغيب قال الملك الموكل: آمين ولك بمثله، هذا الكلام الذي قلت يوافق معنى الحديث. (زر غبا تزدد حباً)؟ كذلك ليس بصحيح، ليس بحديث: (زر غب تزدد حباً). ليس بحديث.  
 
12- هل يجوز للإنسان أن يأكل ذبيحة من يعلق التمائم؟
هذا فيه التفصيل: إذا كان يعرف معلق التمائم أنه يشرك بالله ، ويعتقد في التمائم أنها تنفع وتضر دون الله، ويعتمد عليها دون الله، أو يعتقد في الأموات ، يدعوهم ، ويستغيث بهم ، وينذر لهم ، أو في الأشجار والأصنام ، أو في الجن يدعوهم ، ويستغيث بهم، هذا لا تؤكل ذبيحته. أما إن كان يعلقها آلياً لأنه يراها أنها من الأسباب للنفع ، ولا يعتقد أنها هي الضارة النافعة ، ولا يتعاطى شيئاً من الشرك ، هذا تؤكل ذبيحته ؛ لأن تعليق التمائم من الشرك الأصغر. 
 
13-  هل يجوز للإنسان أن يأكل ذبيحة أهل الطريقة التيجانية؟
الذي يظهر لنا أنها لا تؤكل ذبيحتهم؛ لأن ظاهرهم عدم الإسلام الصحيح؛ لأن بدعتهم تخرجهم من الإسلام، فينبغي تبصيرهم ، وتذكيرهم حتى يدعوا هذه البدعة، بدعة التيجانية ؛ لأن فيها شرا عظيما ، ولأنها في الحقيقة تخرج من الإسلام، فلا ينبغي أن يتخذوا أئمة ، ولا ينبغي أن تؤكل ذبائحهم حتى يدعوا هذه الطريقة الخبيثة التي يسمونها الطريقة التيجانية. 
 
14-   فسروا لي قول الحق - تبارك وتعالى -: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ [الرحمن(1)(2)].
على ظاهرها، الرحمن - سبحانه - علم نبيه القرآن، هو الذي علمه بواسطة جبرائيل، وهو الذي يعلم عباده إذا وفقهم حفظوه ، وقرأوه ، وهو المعلم لهم - سبحانه -، وهو الموفق لهم - جل وعلا -، وإن كان لا يعلمهم بصوته - سبحانه - ، لكن علم جبرائيل ، وجبرائيل علم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد سمع النبي من كلام ربه، حين عرج به إلى السماء سمع كلام ربه - عز وجل -، وهكذا موسى سمع كلام ربه، لكن تعليم القرآن كان بواسطة جبرائيل - عليه الصلاة والسلام-، والله علم عباده القرآن بواسطة من يعلمهم ، ومن يتلوه عليهم ، ويلقنهم، فهو المعلم ، هو الذي وفق المعلمين ، وهداهم وأعانهم ، وهو المعلم ، وهو الموفق -جل وعلا -، وهو الهادي - سبحانه وتعالى - بفضله وإحسانه وما يجعله في القلوب - سبحانه وتعالى -.  
 
15-   عند دخول المسجد للصلاة وأداء تحية المسجد بدون أن أنوي، هل هي تحية المسجد، أم سنة الفريضة، مثلاً: أدخل المسجد لصلاة الفجر وأصلي ركعتين بدون أن أنوي، هل تدمج تحية المسجد مع سنة الفريضة، أم أن الأفضل أن أؤدي كل واحدة على حدة؟
إذا نويت سنة التحية وسنة الفريضة كفى، وهكذا الظهر إذا نويت بالركعتين الأوليين سنة التحية وسنة الراتبة كفت، وهكذا العصر إذا صليت أربعاً قبلها ركعتين ركعتين قامتا مقام التحية ، والحمد لله، فالنية تشمل الجميع. وإذا لم ينو سماحة الشيخ؟ سدت ولو لم ينوي، إذا نوى سنة الفجر سدت عن التحية كفت ، وهكذا إذا صلى بنية راتبة الظهر القبلية كفت عن التحية.  
 
16-   ما حكم الدين الإسلامي في تنظيم النسل عن طريق استخدام حبوب منع الحمل أو اللولب أو غير ذلك من الطرق الأخرى؟ جزاكم الله خيراً؟ وما الحكم في منع الحمل نهائياً بعد عدد معين من الأطفال؟
أما كونه ينظم النسل فلا بأس به إذا دعت إليه الحاجة، لكونه ذات أطفال كثيرين ، ويشق عليها التربية، أو لأنها مريضة، أو لأسباب أخرى رآها الأطباء الثقات فلا مانع من التنظيم بأن تمنع الحمل سنة أو سنتين ، وهكذا حتى تستطيع تربية أطفالها ، أو حتى يخف عنها المرض، أما بدون حاجة فلا، فلا ينبغي أخذ الحبوب ، ولا ينبغي منعه ؛ لأن الله - جل وعلا - شرع لنا أسباب تكثير النسل، ولأن الحمل من فضل الله على العبد ، وهو يأتي برزقه، وفي تربيته وتعبه عليه أجر كثير مع صلاح النية، فلا حاجة إلى إذا أخذ الحبوب ، ولا إلى التنظيم إلا إذا كان هناك مصلحة وحاجة تقتضي ذلك ، ككثرة الأولاد ، ومشقة التربية ، أو ما يعتريها من المرض ما يعتري الأم من المرض ، أو نحو ذلك من الأسباب الوجيه ، سواء كان بالحبوب أو باللولب أو بإبر أو غير ذلك من أسباب تنظيم الحمل. أما منعه فلا يجوز منعه بالكلية إلا لعلة إذا كان الحمل فيه خطر على حياتها ، وذكر الأطباء أن الحمل فيه خطر عليها فلا بأس المنع، و إلا فلا يمنع، لا يجوز تعاطي منعه ، لأنها مشروع لها أن تلتمس الأولاد ، وأن تتزوج، وزوجها كذلك مشروع له أن يلتمس الأولاد ، وقد تفعل هذا وتندم ندماً كثيراً. فالحاصل أنه لا يجوز تعاطي منع الحمل إلا لعلة لا حيلة فيها ، وهي الخوف عليها من الموت ؛ لأن الحمل فيه خطر على حياتها.  
 
17-   سافرت أنا ووالدي إلى اليمن فخطب لي فتاة لم أكن أعرفها، وبعد الخطوبة زرنا أهل الفتاة فسألني أبي ما رأيك فيها؟ فقلت له: مناسبة، وتزوجتها وأحببتها، وبعد عدة شهور بدأ الخلاف بيننا وبين الوالدين لكونها تختلف مع أخوتي الصغار، والدي يقول: إنها تنقل أسرارنا إلى الجيران، وطلب مني أن أطلقها، ما هو رأيكم؟ جزاكم الله خيراً؟.
لا تعجل ، وانصحها حتى لا تفعل ما تخالف رأي والديك من نقل الأسرار، أسراره إلى الجيران انصحها وعلمها ، وخبرها أن هذا لا يجوز، وأن عليها السمع والطاعة في المعروف ، فأنت تنصحها وهي عليها السمع والطاعة ، والوالدان كذلك لا يعجلان في طلب طلاقها وينصحانها بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن حتى تزول المشكلة ، وحتى تستقر الأمور ، ولا تعجل في الطلاق؛ لأن هذا مرض يحتاج إلى علاج، فعليك بعلاجها بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن ، والترغيب والترهيب ، وهكذا الوالدان يعجلان معك هذه بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن حتى تزول المشكلة إن شاء الله، وتهدأ الأمور, وتستمر العشرة بينكما.  
 
18-   الصلاة خير من النوم في الأذان الأول، علماً بأن المساجد تقولها في الأذان الثاني، وبسؤالنا لهم قالوا لنا: هذا هو الأصل، حيث أنهم قدموا لنا الدليل من كتاب زاد المعاد، وقلنا لهم: هذا رأي الإجماع كما قال العلماء، فقالوا: إذا كان الإجماع مخالف للأصل فلا يتبع، أرجو أن تفيدونا بالصواب؟ جزاكم الله خيراً.
ليس في المسألة إجماع كما نعلم، وإذا فعلوا ذلك في الأول أو في الثاني فلا حرج إن شاء الله. المهم أنه لا يكون في الاثنين ، يكون في أحدهما حتى لا تلتبس الأمور على الناس، والأفضل أن يكون في الأخير، هذا هو الأفضل؛ لأن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه في الأخير، وهو الأذان بعد طلوع الفجر، وسمي في بعض الأحاديث الأول؛ لأنه الأول بالنسبة إلى الإقامة، فلهذا ظن بعض إخواننا من أنصار السنة أن المراد بالأول أنه يكون قبل الفجر، فليس الأمر كذلك، فالأول هو الذي بعد طلوع الفجر، وسمي أولاً لأنه بعده الأذان الثاني والإقامة ، وهكذا جاء في حديث أبي محذورة الأول، وأبو محذورة يؤذن بعد الصبح ، فسمي أولاً في أذانه يعني خلاف الأذان الأخير وهو الإقامة، وهكذا أخبرت عائشة - رضي الله عنها - كما في صحيح البخاري أن الأذان الأول هو الأذان الذي بعد طلوع الفجر، الذي بعده تصلى الراتبة، كان النبي بعد الأذان الأول يصلي الراتبة ثم يخرج إلى الصلاة، فسمته أولاً؛ لأن بعده الأذان الثاني وهو الإقامة، فينبغي أن يفهم هذا جيداً حتى يزول الإشكال ، وحتى تجتمع الكلمة بين إخواننا في السودان ، فيكون قول: الصلاة خير من النوم، في الأذان الأخير عند الجميع، حتى لا يختلفون, وهذا هو الأفضل والأولى.  
 
19-   قال الله - تعالى - : وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ... [البقرة:233] الآية.. هل هذا خاص بالمطلقة أم هو عام، وما حكم من أرضعت طفلها أكثر من عامين؟
هذا عام، الآية عامة، والطفل الذي قد طلقت أمه مثل الذي لم تطلق أمه، الآية عامة، المدة حولان، قال تعالى: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا [(15) سورة الأحقاف]. والفصال مدة الرضاع، أربعة وعشرون شهراً، ومدة الحمل ستة أشهر، هذا أقل مدة الحمل، قال تعالى: وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ [(14) سورة لقمان]. فدل ذلك على أن الرضاع سنتان للمطلقة وغير المطلقة، وهذا إذا أحب الوالدان ، أما إذا تراضيا أن يفطماه قبل الحولين فلا بأس بذلك ليسقى من لبن الحيوانات، لقوله تعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [(233) سورة البقرة]. الفصال الفطام، فإن أرادا فصالاً يعني فطاماً، عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما إذا اتفقا الأبوان يعني الزوجان أن يفطماه على سنة أو سنة وأشهر أو لأقل أو لأقل لأسباب اقتضت ذلك فلا بأس. فإن لم يتفقا فإنه يرضع سنتين، ولا يزاد على السنتين إلا لحاجة ، إذا دعت حاجة الزيادة فلا بأس، إذا كان ما يشتهي الطعام فلا بأس أن تزيده على الحولين حتى يشتهي الطعام وحتى يتغذى بالطعام ولا حرج في ذلك.

544 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply