حلقة 785: حكم الخلوة بالمرأة الأجنبية - التشاؤم والتطير - أوقات إجابة الدعاء - تصرف وكيل الورثة في أموالهم - النهي عن بروك البعير في السجود - حكم الاستعانة بالأموات والمشايخ - تفسير رؤيا منامية - عدم إجابة الدعاء

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

34 / 49 محاضرة

حلقة 785: حكم الخلوة بالمرأة الأجنبية - التشاؤم والتطير - أوقات إجابة الدعاء - تصرف وكيل الورثة في أموالهم - النهي عن بروك البعير في السجود - حكم الاستعانة بالأموات والمشايخ - تفسير رؤيا منامية - عدم إجابة الدعاء

1-  ما حكم الخلوة بامرأة أجنبية في سيارة أو مكتب أو دار؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: فإن حكم الخلوة بالمرأة الأجنبية في سيارة أو مكتب أو غيرهما حكمه التحريم، حكمها التحريم بلا شك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم). متفق على صحته. وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم). متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما). أخرجه الإمام أحمد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بإسنادٍ صحيح. فليس للرجل أن يخلو بالمرأة لا في مكتب ولا في سيارة ولا في غرفة بل يجب عليه أن يحذر ذلك؛ لأن الشيطان قد يدعو إلى ما لا تحمد عقباه؛ ولهذا قال: (..فإن الشيطان ثالثهما)، هكذا قال صلى الله عليه وسلم، ومن هذا ما قد يقع لبعض الناس يكون له سكرتيرة يجعلها في مكتبه، هذا منكر. لا يجوز أن يكون للرجال سكرتيرة يخلو بها في مكتبه أو بيته أو غير ذلك، بل يكون له سكرتير من الرجال، والمرأة لها سكرتيرة من النساء، فالنساء للنساء والرجال للرجال. أما أن يتخذ سكرتيرة في مكتبه أو في إدارته أو محل علاجه لكونه طبيب أو ما أشبه ذلك هذا لا يجوز، هذا منكر عظيم، ووسيلة للشر العظيم، وهكذا الخلوة في السيارة، كونه يذهب بها هاهنا وهاهنا ما معه أحد وسيلة لشر عظيم، قد يغمزه الشيطان ويذهب بها إلى حيث يشاء، وقد يتفق معها في السيارة على ما لا تحمد عقباه، فهذا كله لا يجوز.  
 
2- أرى في بعض المجلات أنه من ولد في برج كذا فسيكون له ما هو كذا وكذا، أو سيكون عليه ما هو كذا وكذا، ما هو توجيهكم للمسلمين حيال ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
هذا كله باطل، لا أصل له، بل هو من الطيرة المنكرة والمذمومة، والتشاؤم المنهي عنه، فالحاصل أنه لا خصوصية لبرج كذا أو نجم كذا؛ يعني من وجد في نجم كذا أو برج كذا صار له كذا وكذا ! كل هذا باطل.  
3-  هل الدعاء مستجاب في صلاة الفجر وما هي الأدعية التي تنصحوننا أن ندعو بها؟ جزاكم الله خيراً.
الدعاء في السجود ترجى إجابته في الفجر وغير الفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم). يعني فحري أن يستجاب لكم. وقال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء). وهكذا في آخر التحيات، يقول صلى الله عليه وسلم لما علَّم ابن مسعود التحيات، قال: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)، وفي اللفظ الآخر قال: (ثم ليختر من المسألة ما شاء). وهذا يعم الصلوات الخمس كلها، لا يخص الفجر، وهكذا الدعاء بين السجدتين. المقصود أن المشروع للمؤمن الدعاء في صلاته، في سجوده، بين السجدتين، في آخر التحيات، ويقول بين السجدتين: "رب اغفر لي، رب اغفر لي"، ويزيد ما شاء الله: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبري وارزقني وعافني" لكن الواجبة مرَّة: "رب اغفر لي" أو "اللهم اغفر لي"، وما زاد فهو سنة من الدعاء بين السجدتين، ويدعو في سجوده ما يسر الله له، وفي آخر التحيات كذلك، من الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم في السجود، (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره)، هذا من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في السجود: ( اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره). ومن الدعاء العظيم: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني). وهكذا (اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار). (اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قولٍ وعمل، وأعوذ بالله من النار وما قرب إليها من قولٍ وعمل). (اللهم إني أسألك الهدى والسداد)، (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى) كل هذه دعوات عظيمة، وهكذا (اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي). "اللهم قني شح نفسي، اللهم قني شح نفسي"، "اللهم أصلح قلبي وعملي"، "اللهم أصلح قلبي وعملي"، "اللهم فقهني في ديني"، "رب زدني علما"، وهكذا الدعوات الأخرى المناسبة.  
 
4-  إذا كنت وكيلاً لبعض الورثة فهل لي أن أقطع جزءاً من أملاكهم طريقاً للسيارة لتصل إلى أملاك جيرانهم؟
ليس لك ذلك إلا بمراجعة المحكمة إذا كانوا قاصرين، أما إذا كانوا مكلَّفين مرشدين فشاورهم فإذا سمحوا فلا بأس، أما إذا كانوا قاصرين فهذا تراجع فيه المحكمة، محكمة البلاد، حتى ترشدك المحكمة إلى ما تراه في هذا المقام.  
 
5-  عند الركوع، هل وضع اليدين أصح من وضع الركبتين أولاً، أو بالعكس؟ جزاكم الله خيراً.
الأصح والأفضل أن يضع ركبتيه أولاً، كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه ثم يديه صلى الله عليه وسلم، وينهى عن بروك كبروك البعير، والبعير إذا برك يقدم يديه، فالسنة أن تقدم ركبتين لا يديك، والأحاديث في الحقيقة متفقة لا مختلفة. وهي السجود على الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، والرفع: يرفع رأسه ثم يديه ثم ركبتيه، هذا هو الأرجح وهو الأفضل.  
 
6-   هناك جماعة من الناس يستعينون بالأموات والمشايخ، وهناك بعض الإخوة يقولون لهم: إنكم مشركين! بهذا العمل، ويقاطعونهم، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيراً.
نعم، الاستعانة بالأموات والاستغاثة بالأموات أو بالأشجار والأحجار أو بالأصنام أو بالجن أو بالملائكة كله شرك أكبر، أو بالرسل كله شرك أكبر، كله من الشرك بالله عز وجل، وهكذا المشايخ إذا كانوا أموات أو غائبين يعتقد فيهم أنهم ينفعونه ويشفعون له يدعوهم من دون الله، يستغيث بهم، كل هذا من الشرك الأكبر، وقد أنزل الله في ذلك كتابه العظيم، وبعث رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام، قال عز وجل في كتابه العظيم: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن. وقال سبحانه: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) سورة المؤمنون. وقال جل وعلا: ..ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ*إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ.. (13-14) سورة فاطر. فسمى دعاءهم شركاً!. فلا يجوز للمسلم أن يدعو الأموات أو يستغيث بهم أو ينذر لهم أو يتقرب إليهم بالذبائح أو يستغيث بهم عند الشدائد، كل هذا من الشرك الأكبر، وهذا عمل كفار قريش وغيرهم، هذه أعمال الكفار عند قبور الأموات وعند أصنامهم وأشجارهم التي يعبدونها من دون الله. والغائب مثل الميت، الغائب عنك مثل الميت، يدعو غائباً يعتقد أنه يسمع دعاءه!، كونه في السر يدعوه مثلا وهو في مصر أو في مكة أو في أي مكان يدعوه من بعيد هذا مثل دعاء الميت، شرك أكبر. أما الحاضر الذي يسمع كلامك تقول: يا عبد الله أعني على كذا. أقرضني كذا، ساعدني على إصلاح السيارة، عاوني على رفع هذا الحجر، على رفع هذا الباب، على رفع هذه الخشبة، لا بأس إذا كان حاضراً يسمع كلامك، ويقدر على أن يعينك لا بأس بهذا، كما قال الله سبحانه وتعالى في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ (15) سورة القصص. لأن موسى يسمع الكلام ويستطيع، فلا بأس، وهكذا خوفك من العدو وتغلق الباب أو تخرج من بلد إلى بلد خوفاً من العدو فلا بأس، كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ (21) سورة القصص، يعني خرج من مصر، خائفاً من شر آل فرعون لما قتل القتيل. فالشيء الذي يفعله الإنسان مع الحاضر أو مع الجماعة الحاضرين أو خوفاً من العدو الحاضر يتباعد عنه لئلا يعاقبه ويهرب إلى جهةٍ بعيدة حتى يكون ذلك أسلم له كل هذا لا بأس به، هذه أمور عادية، وأمور متعلقة بالأسباب، حسية معروفة لا حرج فيها، أما دعاء الأموات والغائبين عنك والأصنام والأشجار والأحجار هذا هو الشرك الأكبر، وهذا عمل المشركين الأولين من عُبَّاد اللات والعُزَّى ومناة، ومن أعمال قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وغيرهم من الكفرة، هذه أعمالهم، فالواجب على العاقل أن يميز بين الأمرين وأن يكون على بصيرة، فإذا قلت لأخيك: يا أخي ناولني هذه السجادة، أو ناولني هذا الإناء، أو أقرضني كذا هذا حاضر يسمع كلامك لا بأس، بإجماع المسلمين لا حرج في ذلك، أو في البناء أو في الحرب والجهاد تستعين به تعطي السلاح، تقدم إلى المحل الفلاني، امسك المحل الفلاني، احرس المحل الفلاني، فكل هذا لا بأس به، هذه أمور عادية مشروعة مأمور بها، ليس صاحبها عابد لغير الله، بل هذه أمور حسية مقدورة يتعامل بها الناس.    
 
7-  رأيت في المنام أنني أرمي قريبة لي بالتراب والحجارة في وجهها، وقد أزعجتني هذه الرؤيا، فهل لها من تفسير؟ جزاكم الله خيراً.
إذا رأيت مثل هذه الرؤيا فاعلم أنها من الشيطان ولا تحزن، وانفث عن يسارك ثلاث مرات بريقك، تتفل عن يسارك وتقول: "أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت" ثلاث مرات، ثم تنقلب على الجنب الآخر، فإنها لا تضرك ولا تخبر بها أحداً، ولا تضرك، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل قال عليه الصلاة والسلام: (الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات ويتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً)، هذا هو المشروع يا أخي، كل رؤيا مكروهة فهذا شأنها.   
 
8-   في إحدى خطب الجمعة قال الخطيب: إن بعض الناس عند الحساب يوم القيامة يؤتى صحيفته وفيها جميع الأعمال الصالحة، من الصلاة والزكاة والصدقة والنوافل والأذكار وغيرها، وفي أخرى يقال له: إن جميع أعمالك رُدت عليك، ولم يقبل الله شيئاً منها، فما هي أسباب عدم قبول الأعمال، وما هي أسباب عدم الإجابة في الدعاء أو موانع الإجابة، جزاكم الله خيراً؟
هذا التعبير من هذا الخطيب فيه نظر؛ لأن الله سبحانه بيّن أن المؤمن يعطى كتابه بيمينه، فيه حسناته وفي بيان نجاته وسعادته ورجحان ميزانه، وأما الكافر يعطى كتابه بشماله وفيه بيان سيئاته وأسباب هلاكه وخفة ميزانه، فمن أعطي كتابه بيمينه فهو سعيد، ومن أعطي كتابه بشماله فهو شقي، ولا يعطى كتابه بيمينه إلا وهو موحد ومستقيم، ولا يعطى كتابه بشماله إلا وهو مشرك حابط الأعمال. والذي يحبط الأعمال هو الشرك بالله والردة عن الإسلام، قد يكون له أعمال صالحة من صلاة وصوم وغير ذلك ثم أشرك وارتد عن الإسلام فتبطل أعماله كلها، كما قال سبحانه وتعالى: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام. لكن من حبط عمله لا يعطى كتابه بيمينه، بل يعطى كتابه بشماله، وفيه بيان بطلان أعماله التي أفسدها بالشرك والكفر بالله عز وجل. فالحاصل: أن الإنسان قد تكون له أعمال صالحات ثم أفسدها بالشرك والردة فحطبت، قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ. وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ*بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ (65-66) سورة الزمر. وقال تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ*فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا*وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا*وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ*فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا*وَيَصْلَى سَعِيرًا (7-12) سورة الانشقاق. فالمقصود أن العبد المؤمن يعطى كتابه بيمينه، والكافر يعطى كتابه بشماله أو من وراء ظهره، فالسعيد يعطى كتابه باليمين والشقي يعطى كتابه بالشمال أو من وراء الظهر، والذي تحبط أعماله بشركه وكفره لا يعطى كتابه بيمينه، وإنما يعطى كتابه بشماله، ويبين له أن أعماله حبطت بسبب شركه وكفره، نسأل الله العافية؛ ولهذا أعطي كتابه بشماله. - يسأل سماحتكم -لو تكرمتم- عن أسباب عدم قبول الأعمال؟ ج/ أسباب عدم قبول الأعمال متنوعة، أعظمها وأخطرها: الشرك بالله وأنواع الكفر بالله فإنها تبطل الأعمال كلها، صاحبها حابط العمل، غير مقبول الدعاء، لكفره وشركه، نسأل الله العافية. ومنها: كونه يدعو بقلبٍ غافل غير مقبلٍ على الله، غير مستشعر عظمة ربه وحاجته إلى دعائه وأنه سميع الدعاء قريب الإجابة. ومنها: أكل الحرام، كونه يتعاطى الحرام، الكسب الحرام من الربا أو السرقات أو النهب أو الخيانات كلها من أسباب عدم الإجابة، ومنها المعاصي، المعاصي من الزنا والسرقة والعقوق وقطيعة الرحم، كل هذا من أسباب عدم الإجابة، نسأل الله السلامة. - ويسأل عن الأسباب التي تحول بين المرء وبين إجابة الدعاء؟! ج/ كل هذه من أسباب عدم إجابة الدعاء، غفلته وإعراضه ومعاصيه وأكله الحرام، كل هذا من أسباب عدم الإجابة، أما إذا كفر وأشرك فلا تقبل أعماله ولا دعواته؛ لأن عنده مانع وهو الكفر بالله، يمنع صحة العمل وصحة الدعاء، نسأل الله العافية، لكن إذا دعا الكافر وقال: رب، اللهم اهدني، قد تقبل دعوته، الكافر إذا دعا صادقاً وقال: اللهم اهدني اللهم تب علي، اللهم أخرجني مما أنا فيه من الكفر بالله، صادقاً قد يجيب الله دعوته ويرحمه ويتوب عليه ويهديه سبحانه وتعالى. وهكذا العاصي، لكن المعاصي والكفر بالله من أسباب عدم الإجابة، كونه يدعو وهو مصر على المعاصي فهو من أسباب عدم الإجابة، لكن قد يجود الله عليه ويرحمه إذا صدق في بعض الأحيان في الدعاء وأقبل على الله قد يجيب الله دعوته فيغفر له ويمن عليه بالتوبة سبحانه وتعالى، لكن لا يُصر على المعاصي ، إصراره على المعاصي وهو يدعو هذا من أسباب حرمانه من الإجابة، نسأل الله العافية.  
 
9-   كيف يعرف المسلم وهو في الدنيا أن أعماله مقبولة؟
إذا عرف أنه مستقيم على توحيد الله والإخلاص له وترك المعاصي والحذر من السيئات فليحسن ظنه بربه وأن أعماله مقبولة؛ لأنها توفرت الشروط فيها، إذا كانت أعماله عن إخلاصٍ لله وإيمانٍ به وعدم رياء وعدم تعاطٍ لأسباب الحرمان من أكل الحرام ومن الإقدام على المعاصي والإصرار عليها فيحسن ظنه بربه وأن أعماله مقبولة، عليه أن يحسن ظنه بربه.     
 
10- إذا دعا المسلم بأن يرزقه الله الأولاد والرزق، ولكن دعوته فيما يرى لم تستجب، فهل ذلك ناتج عن عدم قبول الأعمال؟
عدم الإجابة لها أسباب، مثل ما تقدم، عدم الإجابة لها أسباب، قد يكون لسوء أعماله ومعاصيه، وكثرة شره، قد يكون لأكله الحرام وتعاطيه الحرام، قد يكون لأنه يدعو بقلب غافل معرض، قد تكون لأسباب أخرى كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبدٍ يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تُعجَّل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك). قيل: يا رسول الله إذاً نكثر؟ قال: (الله أكثر). فالحاصل أن الإنسان إذا دعا دعوات فقد يكون عدم إجابته من أجل معاصيه وغفلته وإعراضه وأكله الحرام، وقد تكون عدم الإجابة لأن الله جل وعلا اختار له أن يعوضه عما طلب بما ينفعه في الجنة والآخرة، وأن تكون دعوته هذه عُوِّض عنها بشيء ٍ في الآخرة وفي جنة المأوى، وقد تكون المسألة في مصلحةٍ أخرى وهي أن يصرف عنه شرور أخرى، جعل الله دعوته هذه تصرف عنه شراً لم يكن على باله، صرف الله عنه بسبب دعوته، ويكون ذلك خيراً له بحكمة الله عز وجل، كونه يعطى هذا الولد، أو هذا البيت، أو هذه الزوجة قد يكون ما صرف الله عنه من الشر بسبب هذه الدعوة أنفع له من هذا الشيء كما في الحديث.  
 
11-  ما هي أفضل الأدعية التي تستجاب؟
أفضلها أن تكون عن إخلاصٍ تام وإقبال على الله وأنت على طهارة مستقبل القبلة أو في السجود أو في آخر التحيات، مع إلحاح وتكرار الدعاء والصدق في ذلك والرغبة في ذلك، وإحضار القلب، فهذا من أعظم الأسباب في إجابة الدعاء. والله المستعان.   
 
12-  أسأل عن كيفية التيمم من الجنابة إذا عدم الماء، أو كان موجوداً ولكن البرد شديد؟!
مثل التيمم عند عدم الماء، ومثل التيمم عن الوضوء، فمن فقد الماء يتمم عن الجنابة والوضوء، بضرب التراب بيديه فيمسح بهما وجهه وكفيه ضربةً واحدة عن الوضوء وعن الغسل وعن الحيض أيضاً عند عدم الماء، يضرب التراب بيده ضربةً واحدة، يمسح بهما وجهه وكفيه ناوياً الوضوء أو ناوياً غسل الجنابة، أو ناوية المرأة غسل الحيض أو النفاس عند عدم الماء، وهكذا عند وجود الماء لكن مع المرض الذي يمنع من استعمال الماء، أو مع البرد الشديد وليس عنده ما يسخن به الماء، فهذا معذور، فالتيمم عن الجنابة والحيض والحدث الأصغر كله واحد، ضربة واحدة، هذا هو الأفضل، يمسح بها وجهه وكفيه ويمسح بها أطراف أصابعه ووجهه وبكفيه ظاهرهما وباطنهما، هذا هو التيمم الشرعي، كما قال الله جل وعلا: فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ (43) سورة النساء. فالذي لم يجد الماء يمسح، يضرب التراب بيديه ثم يمسح بهما وجهه وكفيه ظاهرهما وباطنهما بنية الوضوء أو بنية الجنابة أو بنية الحيض والنفاس من المرأة، وإن ضرب ضربتين إحداهما بوجهه، والثانية بكفيه فلا بأس، لكن الأفضل ضربة واحدة، كما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث عمار في الصحيحين أنه علم عمار قال: (إنما يكفيك أن تضرب بيدك الأرض ضربةً واحدة، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك) لما سأله عن التيمم للجنابة. الضربة الواحدة كافية وهي السنة، يمسح بأطراف أصابعه وجهه ويعمه، ثم يمسح بكلتا يديه كل واحدة على الأخرى ظاهرهما وباطنهما. المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ: في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير. مستمعي الكرام: كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. 

403 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply