حلقة 799: النذر قبل البلوغ - دفن الأظافر - إزالة المرأة لشعر وجهها - حكم مصافحة المرأة للرجال إذا قد بلغت خمسين سنة - مذهب أهل السنة في استواء الله على العرش - مصافحة المرأة للرجال الأجانب - كلمة آمين في الصلاة سنة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

48 / 49 محاضرة

حلقة 799: النذر قبل البلوغ - دفن الأظافر - إزالة المرأة لشعر وجهها - حكم مصافحة المرأة للرجال إذا قد بلغت خمسين سنة - مذهب أهل السنة في استواء الله على العرش - مصافحة المرأة للرجال الأجانب - كلمة آمين في الصلاة سنة

1-   عندما كان عمري أربعة عشر عاماً مرضت أمي مرضاً شديداً، وخفت كثيراً عليها، فنذرت نذراً لله إن شفيت أمي سوف أصوم شهر شعبان كلما حل، أرجو إفادتي عن الأمر التالي، أنا الآن لا أذكر هل بلغت أم لم أبلغ في ذلك الوقت، وبعد مضي فترة من مرض أمي شفيت بإذن الله تعالى، احترت كثيراً يا سماحة الشيخ! ماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعـد: فقد ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه نهى عن النذر وقال (إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل). وفي لفظ آخر يقول -صلى الله عليه وسلم- : (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً, وإنما يستخرج به من البخيل). فأوصيك أيتها الأخت في الله في عدم النذر في المستقبل. وإذا وقع منه هذا من مرض الوالدة أو غير الوالدة فالحمد لله، المشروع الدعاء لها بالشفاء والعافية, والعلاج الشرعي لا بأس. أما هذا النذر فإن كنت لا تعلمين أنك قد بلغت فليس عليك وفاء، لا يلزمك الوفاء، أما إذا كنت تعلمين أنك قد بلغت بإكمال خمسة عشر سنة أو بالاحتلام بإنزال المني في النوم أو في اليقظة عن شهوة, أو بإنبات الشعر حول الفرج من الشعرة, أو بالحيض إذا كنت قد وجد منك واحدة فأنت بالغة عليك أن تصومي شعبان كل سنة، كما نذرت؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه). هكذا صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه, ومن نذر أن يعصيَ الله فلا يعصه) ولا تتعودي، لا ترجعي إلى مثل هذا في المستقبل. لا تنذري أبداً. بارك الله فيك.    
 
2-   سمعت بعض الناس يقولون: إنه عند الانتهاء من قص الأظافر لا بد من أخذها ودفنها في مكان، وقراءة بعض السور عليها، مثل الإخلاص والمعوذتين، وعدم رميها، فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيراً
هذا شيء لا أصل له، إذا قص الإنسان أظفاره يرميها ولا بأس، ولا حاجة إلى دفنها ولا قراءة القرآن عليها. هذا خرافة لا أصل لها ولا أساس لها، متى قص الإنسان أظفاره رجل أو امرأة فلا حرج في إلقائها في أي مكان.  
 
3-  هل يجوز للمرأة أن تزيل بعض الشعر الذي ينبت على الوجه، علماً بأنه يضايقها، مثل الذي ينبت على الشوارب وجوانب الخد؟
إذا نبت شعر يشوه الخلقة فلا بأس بإزالته، مثل الشارب واللحية وغير ذلك من الشعر الذي يشوش الخلقة، أما الشعر العادي الذي في الوجه الشعر العادي لا يتعرض له، شعر الحاجبين لا يجوز التعرض له، أما لو نبت شيء يكون فيه تشويه وفيه بشاعة فهذا يزال ولا حرج في ذلك، مثل الشارب واللحية.  
 
4-  هل يجوز مصافحة المرأة وكشف وجهها للرجل الأجنبي وعمرها فوق خمسين سنة؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ليس للمرأة أن تصافح الرجال، ولو كانت بنت خمسين أو ستين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني لا أصافح النساء). وقالت عائشة -رضي الله عنها-: والله ما مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأةٍ قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام. فلا يجوز للمرأة أن تصافح الرجال الأجانب سواء كانت عجوزاً أو شابة، أما محارمها فلا بأس، أخوها عمها، خالها، لا بأس أو مع النساء لا بأس، وهكذا ليس لها السفور عن وجهها إلا إذا كانت من القواعد، من العجائز اللاتي لا يرجون نكاحاً, وكانت غير متبرجة بالزينة فلا بأس. والتعفف والتستر أفضل لها، لقول الله سبحانه: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ثم قال سبحانه: وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ (60) سورة النــور. والقواعد هن العجائز، الكبيرات في السن اللاتي لا يرجون نكاحاً. ليس لهن رغبة في الزواج ولا يرى فيهن لكبر سنهن. وشرط آخر غير متبرجات بزينة, أما مع الزينة، مع التكحل، مع الطيب، مع الملابس الجميلة هذا لا يجوز، أما إذا كانت غير متبرجة ولا ترجو النكاح عجوز كبيرة، فلا بأس أن تكشف وجهها عند الرجال؛ لأنها لا يرغب فيها ولا يخشى منها فتنة، لا عليها ولا منها، لكن استعفافها وسترها وجهها أفضل؛ لأن كل ساقطة لها لاقطة، قد يفتن بها بعض الناس، ولهذا قال سبحانه: وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ. فإذا كانت العجوز إذا استعففت يكون خيراً لها فكيف بالشابة؟ من باب أولى. فالحجاب لازم والتستر واجب إلا في حق العجوز الكبيرة التي لا يرغب فيها ولا ترجو النكاح ومع ذلك غير متبرجة بزينة فلا حرج عليها أن تضع الثوب أن تسفر ولكن استعفافها وتحجبها أفضل.  
 
5-   ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في استقرار الله -سبحانه وتعالى- على العرش، وهل الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه قال: بأن الله في كل مكان بذاته. وما حكم الصلاة خلف من يفنّد أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان بذاته، أجيبونا عن هذه الأسئلة ووضحوا؟
مذهب أهل السنة والجماعة وهم الصحابة، أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه بإحسان وهو قول الرسل جميعاً -عليهم الصلاة والسلام- أن الله فوق العرش، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى، كما قال الله -عز وجل-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) سورة طـه. وقال سبحانه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشَِ (54) سورة الأعراف. ذكر هذا -سبحانه- في سبعة مواضع في كتابه العظيم. أنه فوق العرش -جل وعلا-، ومعنى على العرش يعني فوق العرش، قد علا عليه واستقر فوقه -سبحانه وتعالى-، هكذا قال أهل السنة على العرش يعني استوى عليه، يعني علا وارتفع، وفي عبارة بعضهم واستقر، المعنى أنه فوق العرش، والعرش فوق المخلوقات، وهو أعلاها، والله فوقه -سبحانه وتعالى- هذا قول أهل الحق جميعاً، وأبو حنيفة، منهم، ممن يقول بهذا -رضي الله عنه ورحمه- ولا يقول أن الله في كل مكان، حاشا وكلا، بل هذا قول المعتزلة والجهمية وأشباههم، وهذا كفر وضلال، الذي يقول أن الله في كل مكان هذا كافر ضال، نسأل الله العافية. الله –سبحانه- فوق العرش، وعلمه في كل مكان –جل وعلا- يعلم كل شيء سبحانه وتعالى-. لكنه بذاته فوق العرش -سبحانه وتعالى- فوق جميع الخلق، والواجب على المؤمن أن يعتقد هذا الاعتقاد الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وأجمع عليه سلف الأمة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعهم بإحسان، ولا يجوز أن يقال أن الله في كل مكان، هذا قول أهل الباطل من الجهمية والمعتزلة ومن سار على نهجهم، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا سبحانه وتعالى. - من أم الناس سماحة الشيخ وهو على ذلكم المعتقد؟ ج/ الذي يؤم الناس لا يصلى خلفه، من كان يعتقد أن الله في كل مكان, هذا كافر ضال لا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يتخذ إماماً بل يجب أن يبعد ويجب على المسؤولين أن يبعدوه. وأن يولوا غيره من أهل السنة والجماعة. - من يعترف ببعض الصفات دون بعض سماحة الشيخ هل تجوز إمامته والصلاة خلفه؟ ج/ هذا قول الأشاعرة يؤمنون ببعض الصفات ويتأولون البقية، وهو مذهب باطل لا يجوز، الواجب الإيمان بجميع الصفات الواردة في الكتاب العزيز، والسنة المطهرة الصحيحة، هذا هو الواجب. عند أهل السنة والجماعة، الواجب إثبات جميع ما ذكر الله في كتابه العظيم من أسمائه وصفاته, وهكذا ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة يجب إثباتها لله، وإمرارها كما جاءت، مع الإيمان بها واعتقاد أنه سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(11) سورة الشورى. فالواجب إثباتها إثباتاً بلا تمثيل, وأن ينزه -سبحانه- عن مشابهة خلقه تنزيهاً بلا تعطيل. ولهذا يقول أهل السنة والجماعة، يجب الإيمان بأسماء الله وصفاته عن الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. والذي يُعرف أن يؤول بعض الصفات لا ينبغي اتخاذه إمام. لكن لا يكفر؛ لأنها شبهة، لكن لا ينبغي أن يتخذ إمام، ينبغي أن يتخذ إمام آخر سواه، لأن الأشاعرة وإن كانوا تأولوا بعض الصفات لهم شبهة في التأويل، فهم ليسوا كفاراً بهذا القول, ولكنهم ارتكبوا بدعة وضلالاً يجب على من كان كذلك أن يتوب الله من ذلك، وأن يلتزم مذهب أهل السنة والجماعة؛ لأن الواجب عدم التأويل في جميع الصفات.   
 
6-   سمعنا من خلال برنامجكم هذا تحريم المصافحة، وعملت على تطبيقه، الناس يطالبونني بالأدلة، أرجو أن تتفضلوا بإعطائي دليلاً قاطعاً أوقف به ألسنة الناس؟ جزاكم الله خيراً.
المصافحة بين الرجال سنة، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصافح أصحابه، وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا -رضي الله عنهم- وهكذا النساء المصافحة بينهن سنة، بينهن، أو مع محارمهن لا بأس. أما المرأة مع الأجنبي كابن عمها أو زوج أختها أو أخي زوجها لا تصافحه، ولا يجوز لها أن تصافح الرجل الأجنبي، ولو كان زوج أختها، ولو كان أخا زوجها، ولو كان ابن عمها أو ابن خالها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني لا أصافح النساء). لما قدمت امرأة يدها إليه امتنع -عليه الصلاة والسلام- وقال: (إني لا أصافح النساء). وقالت عائشة -رضي الله عنها-: والله ما مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأةٍ قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام. وهو -صلى الله عليه وسلم- معروف بعصمته فيما يبلغه عن الله، ومعروف أيضاً ببعده عما حرم الله، -عليه الصلاة والسلام– وهو معصوم عند جمهور أهل العلم عن كبائر الذنوب، فلو كانت المصافحة لا حرج فيها لصافح -عليه الصلاة والسلام- فما امتنع عنها وهو أخشى الناس وأتقاهم لله دل ذلك على أن الواجب تركها؛ ولأن الفتنة قد تقع بالمصافحة، الفتنة كما تقع بالنظر، قد تقع بالمصافحة، إذا مس يدها، قد يفتن بها، ولهذا قال بعض العلماء إن المصافحة أخطر من النظر، فإذا كان النظر محرماً فالمصافحة مثل ذلك أو أشد. -إذاً الدليل الذي تفضلتم به سماحتكم هو فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم؟ ج/ نعم. - وتلك من سنته -صلى الله عليه وسلم؟ ج/ نعم، وهو فعل ذلك خشية الفتنة.  
 
7-   كلمة (آمـين) بعد قراءة الفاتحة في الصلاة، هل هي واجبة أم سنة، وهل إذا تركها المصلي عمداً تبطل صلاته، وما الحكم فيما إذا سها عنها؟ جزاكم الله خيراً.
كلمة (آمين) سنة للإمام والمنفرد والجماعة، سنة بعد الفاتحة، وهكذا في خارج الصلاة إذا قرأ الفاتحة يقول: (آمين)؛ لأن فيها: اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ(6) سورة الفاتحة. دعاء، وهو يؤمن بعد ذلك، وليست واجبة، ولو تركها فلا تثريب عليه، وصلاته صحيحة وليس عليه شيء، لو تركها الإمام أو المأمومون أو المنفرد فلا شيء عليه والحمد لله. - إذاً ليس هناك تفرقة بين العمد والسهو؟ ج/ السنة فعلها، هذا السنة، لا يتعمد تركها، السنة فعلها, لكن لو نسيها لا شيء عليه.  
 
8-   قرأت في كتاب أن التشهد الأول إضافة إليه تقرأ معه الصلاة الإبراهيمية، معنى ذلك أن التشهد الأول والأخير لا يختلفان إلا في التعوذ من الأربع التي أمر بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- والدعاء. كذلك، قرأت لأحد العلماء الثقات -بإذن الله- أن عدم قول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فقط في التشهد الأول ومن باب أولى في التشهد الثاني تبطل الصلاة؛ لأن ذلك واجب، فما قولكم؟ جزاكم الله خيرا. 
أما في التشهد الأول فالأفضل أن يصليَ على النبي -صلى الله عليه وسلم- لعموم الأحاديث لما سئل -صلى الله عليه وسلم- قيل: يا رسول الله: أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ وفي لفظٍ: في صلاتنا. قال : (قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آله محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ثم قال: (والسلام كما عُلِّمتم) يعني في قوله: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. فهذا يدل على أنه مشروع في التشهدين، الأول والأخير، هذا هو الصواب، والأكثرون على أنه في الأخير فقط، الأكثر من أهل العلم على أنه في التشهد الأخير، ولكن الصواب أنه يستحب في التشهد الأول لعموم الأحاديث وعدم التفصيل. أما في التشهد الأخير فهو مشروع بلا شك، واختلف العلماء في وجوبه، فقال بعض أهل العلم إن الصلاة على النبي واجبة في التشهد الأخير، وقال بعضهم ركن، فينبغي أن يحافظ عليها المؤمن وأن لا يتركها، في التشهد الأخير، أما الدعاء فهذا مختص في التشهد الأخير؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو في التشهد الأخير -عليه الصلاة والسلام-. يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من التشهد الأخير استعاذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر .. الخ. فهذا يكون في الأخير: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. هذا يكون في التشهد الأخير الذي قبل السلام. وهكذا بقية الدعاء، كونه يدعو الله : اللهم أعني على شكرك وذكرك وحسن عبادتك. هذا كذلك في التشهد الأخير، وهكذا غيره من الدعاء، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيرا ولا يغفر الذنوب إلى أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. أو يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. أو اللهم أصلح قلبي وعملي، أو اللهم اغفر لي ولجميع المسلمين. الدعوات كلها تكون في التشهد الأخير قبل السلام. وإنما الخلاف في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل يأتي بها في الأول أو ما يأتي بها. فالأكثرون على أنها تختص بالأخير، والصواب أنها تقال في الأول والأخير لأن الأحاديث عامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.    
 
9-  الذي يكون عاقاً لوالديه هل تقبل منه صلاته وصومه وصدقته، وبماذا تنصحون الناس؟ جزاكم الله خيراً.
عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، ومن المحرمات العظيمة، فالواجب الحذر منه، وقد ثبت عن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات). وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله؟ قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين. وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور. ألا وشهادة الزور). متفق على صحته. والله يقول في كتابه الكريم -سبحانه وتعالى-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ يعني أمر أن لا تعبدوا إلا إياه وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا* إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(23-24) سورة الإسراء. ويقول سبحانه في سورة لقمان: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) سورة لقمان. فالواجب على الولد أن يشكر والديه وأن يحسن إليهما وأن يبرهما، وأن يطيعهما في المعروف، ويحرم عليه عقوقهما، لا بالكلام ولا بالفعل، فليس له أن يرفع صوته عليهما، وليس له ضربهما، وليس له عدم النفقة عليهما مع الحاجة إلى ذلك، وليس له عصيانهما بالمعروف، بل يجب عليه طاعتهما بالمعروف وبرهما وخفض الصوت إذا خاطبهما، والتأدب معهما في كل شيء، لكن لا يطيعهما في معصية، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة في المعروف. لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق). فلو أمراه أن يزني أو يشرب الخمر أو لا يصلي في جماعة لا يطيعهما، لكن يطيعهما في المعروف. يبرهما في المعروف، يحسن إليهما، يخاطبهما بالتي هي أحسن، ينفق عليهما إذا احتاجا إلى ذلك، هكذا المؤمن مع والديه، حقهما عظيم، وبرهما من أهم الواجبات، لكن ليس عقوقهما مبطل للصلاة ولا للصوم ولا للأعمال الصالحات، ولكن صاحبه على خطر من هذه الكبيرة العظيمة، وإنما تبطل الأعمال بالشرك، قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام. أما بالعقوق أو قطيعة الرحم أو المعاصي الأخرى فإنها لا تبطل الأعمال، وإنما يبطلها الشرك الأكبر، وكذلك رفع الصوت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخشى من بطلان العمل، في حياته -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله -عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) سورة الحجرات. يعني لئلا تحبط أعمالكم فهذا يفيد أنه يخشى على من رفع صوته على النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهر له بالقول أن يحبط عمله، وهذا وعيد عظيم، ولهذا كان الصحابة يتأدبون مع الرسول -صلى الله وسلم- ويتكلمون معه كلاماً خفيفاً ليناً مخفوضاً تأدباً معه -عليه الصلاة والسلام- فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن يبر والديه وأن لا يعقهما، وأن يحسن إليهما في حياتهما وبعد وفاتهما، ويحرم عليه عقوقهما بالكلام السيء, أو السب أو الضرب أو أي إساءةٍ لهما، أو رفع الصوت عليهما، أو عدم طاعتهما في المعروف، كل هذا من العقوق.   
 
10-  إذا حلف إنسان على القرآن وهو يحلف في نفسه، هل يجوز هذا أم لا؟
هذا السؤال ليس بواضح، إذا حلف على القرآن صار أشد في اليمين، وليس هناك حاجة إلى الحلف بالقرآن، ولا حاجة إلى أن يحلف بالقرآن، يتقي الله ويحلف ويتحرى الصدق ولا يلزم إحضار القرآن، كثير من الناس يطلب إحضار القرآن هذا لا أصل له، ولا حاجة إليه، الواجب على المؤمن أن يصدق أينما كان، ولا يجوز له الكذب لا مع القرآن ولا مع غير القرآن يجب أن يصدق في الخصومات وفي غيرها وليس له الكذب إلا إذا كان مظلوم فله الكذب ويتأول، إذا كان مظلوم, وأما إذا كان غير مظلوم فليس له أن يكذب وليس له أن يحلف في أي شيءٍ كاذباً, كأن يدعى عليه أنه أخذ مال فلان أو ضرب فلان أو قتل فلان ليس له أن يحلف ينكر ذلك، بل عليه أن يقر بالحق، يعطيهم مالهم، يلزمه القصاص إذا ثبتت شروطه، لا يكذب، أما إذا كان مظلوماً هذا شيء آخر، له أن يتأول إذا كان مظلوماً, كأن يقال له: احلف أنك ما فعلت كذا وكذا، وهو لم يفعله، ولم يقع منه فيحلف بالله أنه لم يقع منه، وليس في هذا شيء عليه لأنه صادق. المقصود أنه ليس له أن يكذب لا بإحضار القرآن ولا في غير القرآن ، بل عليه أن يتحرى الصدق إلا في المسائل التي نبه عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكذب كالإصلاح بين الناس والحرب وحديث الرجل وامرأته. فإذا كان ألزم باليمين في هذا أو رأى المصلحة في هذا فلا بأس أن يقول: والله ما كان كذا في الحرب, أو والله ما فعلت كذا في الحرب إذا رأى فيه مصلحة للمسلمين، أو يقول لامرأته-: والله ما فعلت هذا يرضيها ولا يضر غيره ولا غيرها، أو في الإصلاح بين الناس، فيأتي القبيلة, يقول والله ما قال هذا فلان -الذي يصلح بينهم- أو والله ما قالت القبيلة، أو والله أنها تحبكم, أو والله أنها تود نصلح معكم؛ ليصلح بينهم، على وجه لا يضر أحداً، هذا كله لا بأس به. - إذاً نفهم من سماحتهم أن الحلف على المصحف أمر غير مشروع؟ ج/ ليس له أصل، ليس له أصل.  
 
11-  هناك بعض الناس يذبحون سنوياً ذبيحة ويسمونها صدقة البيت، هل هذا العمل مشروع أو لا؟ جزاكم الله خيراً.
لا أعلم لهذا أصلاً، ذبيحة صدقة البيت! ما نعرف لها أصلاً، هذه بدعة ما لها أصل، يتصدق إذا أراد أن يتصدق على الفقراء –غير صدقة البيت- ويرجو بها ما عند الله، وإن رأى أن يذبح كل يوم ليعطي الفقراء لا بأس، أما صدقة البيت هذه لا أصل لها، هذه خرافة لا أصل لها!!.   

363 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply