حلقة 794: حكم الحج عن العاجز - المريض الذي عجز عن الصيام - المهر في النكاح - تسمية المولود خالداً - قص أظافر المرأة أو شيء من شعرها في الحيض - التلفظ بالنية - صلاة الفجر بعد طلوع - دعاء دخول السوق - الصيام في رجب - وقت صلاة التهجد

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

43 / 49 محاضرة

حلقة 794: حكم الحج عن العاجز - المريض الذي عجز عن الصيام - المهر في النكاح - تسمية المولود خالداً - قص أظافر المرأة أو شيء من شعرها في الحيض - التلفظ بالنية - صلاة الفجر بعد طلوع - دعاء دخول السوق - الصيام في رجب - وقت صلاة التهجد

1- وصف نفسه بأنه عاجز بنسبة (100%)، وأجبتم جزاكم الله خيراً عن سؤاله عن الصلاة، وفي هذه الحلقة يسأل عن الحج، يقول: هل يجوز أن يحج عني بالنيابة؟ جزاكم الله خيراً

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فأنت أعلم بنفسك إذا كنت تستطيع الحج فعليك الحج؛ لقول الله -جل وعلا-: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [(97) سورة آل عمران]. أمَّا إذا كان الشلل الذي معك يمنعك من القدرة؛ لأنك لا تستطيع المشي، أو لا تستطيع الركوب. فالمقصود أنه إذا كانت لا تستطيع الذهاب إلى مكة لهذا الشلل الذي أصابك فأنت حكمك حكم المريض الذي لا يرجى برؤه، وحكم الشيخ الكبير العاجز عن السفر، تستنيب من ينوب عنك إذا كنت تقدر على المال، تستنيب من يحج عنك، والحمد لله. أما إن كنت تستطيع أن تذهب بنفسك فعليك أن تحج بنفسك كسائر المسلمين.  
 
2-  يسأل سماحتكم -لو تكرمتم- عن حكم الصيام بالنسبة له، والحال كما علمت؟
كذلك، الباب واحد، إذا كنت تستطيع الصيام فعليك أن تصوم كبقية المكلفين، وإن كان مرضك يمنعك من الصوم لا تستطيع معه الإمساك عن الطعام والشرب طيلة اليوم لهذا المرض الذي معك، والشلل الذي معك فإنك تعتبر مريضاً، والله يقول سبحانه: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [(185) سورة البقرة]. فالشلل الذي معك والمصيبة التي معك إذا كانت تؤثر على معدتك وعلى نفسك حتى لا تستطيع الصبر على الطعام والشراب كسائر المرضى فأنت معذور، تطعم عن كل يوم مسكينا، تجمع الطعام وتعطيه بعض الفقراء خمسة عشر صاع عن الشهر، إذا كان ثلاثين يوما، وإذا كان الشهر تسعاً وعشرين يوما أربعة عشر صاع ونصف تعطيها بعض الفقراء، ولو فقيراً واحداً، في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، إذا كنت لا تستطيع أن تصوم لهذا المرض الذي لزمك كالمرضى الآخرين الذين لا يرجى برؤهم، وكالشيخ الهرم العاجز الذي لا يستطيع الصوم يطعم عن كل يوم مسكين، والعجوزة الكبيرة التي لا تستطيع الصوم لكبر سنها فإنها تطعم عن كل يوم مسكينا، نصف صاع كيلو ونصف عن كل يوم، يجمع الطعام ويعطى بعض الفقراء، فقير أو فقيرين أو أكثر.  
 
3- أحفظ معنى حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ويصلي ركعتين، يقبل بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة). ثم قال: (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه). هل هذا المعنى صحيح وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
نعم، كلا الحديثين صحيح، كلاهما صحيح، أحدهما : (من توضأ فأحسن الطهور ثم صلى ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه وجبت له الجنة). والثانية أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثم صلى ركعتين، وقال صلى الله عليه وسلم: (من توضأ نحو وضوئي هذا) يعني أحسن الطهور (ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه) هو بمعنى أقبل عليهما بقلبه ووجهه يعني أقبل على الصلاة وأحضر قلبه (غفر له ما تقدم من ذنبه). فالأول رواه عقبة بن عامر عن عمر، والثاني رواه عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنهم جميعاً-. فالمقصود أن السنة والمشروع للمؤمن إذا توضأ يحسن الطهور، ويعتني به كما توضأ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا صلى أن يقبل على صلاته بقلبه، ويبتعد عن الوساوس حتى يؤديها كاملةً كما أداها النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا العمل العظيم من أسباب المغفرة ودخول الجنة في حق المسلم الذي وفقه الله للإخلاص والاستقامة.   
 
4- هل المهر من أركان الزواج، وما الدليل على ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
ليس المهر من أركانه ولا من شرائطه ولكنه لابد منه؛ لأن الله يقول لما ذكر النكاح قال: وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم [(24) سورة النساء]. وإذا تزوجها بدون مهر وجب لها مهر المثل، والنكاح صحيح، لو قال: زوجتك، يقول ولي المرأة للزوج: زوجتك، وهي راضية، ويقول الزوج: قبلت بحضرة شاهدين، وليس هناك موانع صح النكاح، إذا كانت المرأة ليس فيها مانع، ليست محرمة على الزوج، وليست في إحرام، وليست في عدة، ليس بها مانع من النكاح وراضية وزوجها الولي وقبلت وقبل الزوج بحضرة شاهدين النكاح صحيح، ولو لم يسمِ مهرا، لكن يجب لها مهر المثل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكم بذلك في حديث معقل بن سنان الأشجعي أن رجلاً تزوج امرأة ولم يسم لها مهراً، وتوفي عنها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لها مهر نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث). فالمقصود أن هذا هو الحكم في من تزوج ولم يسم مهرها على أن لها مهر المثل سواء كان حي أو ميتاً، إن مات فتعطى من تركته، وإن كان حياً عليه أن يسلم لها المهر إذا دخل بها، إذا وطئها، إذا وطئها أو خلا بها. أما إن عقد عليها ثم طلق فإن لها المتعة، يمتعها بما يسر الله من كسوة أو مال، لقول الله -سبحانه-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [(49) سورة الأحزاب]. وقال سبحانه: لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [(236) سورة البقرة]. فليس لها مهر المثل في هذه الحال، ولكن يمتعها على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، المؤسر يمتعها بجارية أو بمهر أمثالها، أو بأقل من ذلك، حسب ما يتيسر، والمعسر ولو بالقليل، ولو بالكسوة، جاء عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنّ أعلى المتعة جارية، وأدناها الكسوة. والمقصود من هذا أن المؤسر يمتع بأحسن مما يمتع المعسر، المؤسر يمتع بشيءٍ رفيع، بجارية يعطيها إياها، مملوكة، أو مالٍ كثير، يعني يقارب المهر أو ما يقارب نصف المهر، يمتعها بشيء يعتبر فوق ما يمتعها به الفقير، والفقير يمتع بقدر استطاعته من كسوةٍ مناسبة حسب طاقته، أو دراهم، الله -جل وعلا- أطلق ولم يحدد -سبحانه وتعالى-.  
 
5- هل تجوز تسمية الولد بـ (خالد)؟ جزاكم الله خيرا؟.
لا بأس، في الصحابة خالد بن الوليد -رضي الله عنه وأرضاه-، هذا الاسم مشهور من قديم الزمان، ولم ينكر النبي -عليه الصلاة والسلام-.  
 
6- هل يجوز قص أظافر المرأة أو شيء من شعرها وهي معذورة؟
لا بأس أن تقص أظافرها أو تنتف إبطها أو تزيله بالأدوية أو العانة كل ذلك لا بأس وإن كانت في الحيض أو في النفاس، كالرجل له أن يزيل ذلك وإن كان على جنابة. فالمقصود أن هذه الأشياء لا يشترط لها الطهارة، للمرأة أن تقص أظافرها وأن تزيل العانة بالحلق أو بغيره، تزيل الإبط، شعر الإبط بالنتف أو غيره، سواء كانت طاهرةً أو في حيضٍ أو في نفاس أو على جنابة، والرجل كذلك له أن يزيل هذه الشعور وأن كان على جنابة؛ كنتف الإبط، وحلق العانة، وقص الشارب، وقلم الظفر
 
7- ما الحكم إذا نوى المصلي للصلاة قائلاً: نويت أن أصلي سنة كذا، مع سنة الوضوء سواء، وسواء كانت النية قلبية أم جهرية فهل يكتب له الأجر مرتين، مرة للوضوء ومرة لسنة الفريضة مثلاً؟ جزاكم الله خيراً.
لا يقول نويت هذا غير مشروع، لا يتلفظ بها، بدعة لا أصل لذلك، لم يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة -رضي الله عنهم-، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). ويقول صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). وهذا هو البدعة. لكن ينوي بقلبه، فإذا توضأ الإنسان صلى ركعتين ينويها سنة الوضوء، وإذا دخل المسجد بعد الوضوء صلى ركعتين ينويهما سنة التحية، وسنة الوضوء، يحصل له الأجر، أجر سنة الوضوء، وأجر تحية المسجد والحمد لله فضل الله واسع، وإذا صلاها بنية راتبة الظهر، توضأ ودخل المسجد ونوى سنة الظهر وسنة الوضوء وتحية المسجد حصل له ذلك، والحمد لله، والأمر واسع بحمد لله
 
8- إنني أتخلف أحيانا عن صلاة الفجر بسبب تكاسل شديد يمنعني من أن أفتح عيني، فلا أقوم من النوم إلا بعد طلوع الشمس ثم أصلي، ما هو توجيهكم لي؟ جزاكم الله خيراً.
هذا العمل منكر، لا يجوز لك أن تتساهل بصلاة الفجر ولا بغيرها، بل يجب على المسلم والمسلمة الصلاة في الوقت، وليس للمسلم ولا للمسلمة تأخير الصلاة عن وقتها، لا الفجر ولا غيرها، بل هذا من خصال أهل النفاق، قال الله -عز وجل- في أهل النفاق: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [(142) سورة النساء]. فأنت بهذا العمل عملك أردئ من عمل المنافقين، هم يقومون وأنت ما قمت، تأخرت إلى بعد الشمس. فالواجب عليك أن تصليها في الوقت، وأن تكون نشيطاً قوياً، وأن تصليها مع الجماعة فلا تتشبه بأهل النفاق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما -يعني من الأجر- لأتوهما ولو حبوا). وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا بعذر). قيل لابن عباس -رضي الله عنهما-: ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف. وجاء إليه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد. وفي لفظٍ: يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: (هل تسمع النداء بالصلاة؟ - يعني الأذان- قال: نعم، قال: (فأجب). أمره النبي أن يجيب وهو أعمى ليس له قائد يقوده إلى المسجد، فكيف بالصحيح البصير؟! يكون الأمر عليه أعظم. فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تصلي مع الجماعة، وأن تبادر بالصلاة في وقتها، والذي يتعمد تأخيرها عن وقتها يكفر عند جمعٍ من أهل العلم؛ لأنه متعمد تركها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). فظاهر هذا الحديث أن من تعمد تركها حتى تطلع الشمس بغير عذر يكون كافراً -نسأل الله العافية-. فالواجب الحذر، وأن تصلي في الوقت، وأن تصلي مع الجماعة في المسجد، وعليك أن تفعل الأسباب التي تعينك على ذلك، عليك أن تعتني بالأسباب المعينة على قيامك إلى الصلاة، وذلك بالنوم المبكر، عليك أن تنام مبكراً حتى لا تكسل عن الفجر، وعليك أن تحتفظ بالساعة التي تسمع صوتها، الساعة ......... التي تعينك على ذلك، تركدها على قرب الفجر حتى إذا ........ قمت، سمعت صوت المنبه، أو يكون عند امرأة تعينك على ذلك، أو أبوك أو أخوك. المقصود أنه لابد من القيام للصلاة، سواء بإيقاظ بعض أهلك، أو بوجود الساعة التي تركدها تحسبها على قرب الوقت.  
 
9- يسأل سماحتكم عن هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من دخل السوق وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير). يسأل عن صحة هذا الحديث؟ جزاكم الله خيراً.
الذكر في الأسواق والبيت مشروع، تقول عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه". والله يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [سورة الأحزاب(41) (42)]. فالإنسان في السوق يذكر الله، بين الناس يذكر الله، حتى يذكرهم، حتى يعينهم على ذكر الله. لكن هذا الحديث ضعيف، وتمامه: (كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفعه ألف ألف درجة) وهو حديث ضعيف لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حسب ما اطلعنا عليه من أسانيده. ولكن عدم صحته ليس معنى ذلك أن الإنسان لا يذكر الله، يذكر الله ولو ما حصل له هذا الأجر المعين، يذكر الله كثيراً، له أجر عظيم، وفضل كبير، لكن نفس هذا الحديث الذي سأل عنه السائل ليس بصحيح.  
 
10- سردت عدداً من الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كلها في فضل رجب، وفي فضل صيامه؟ لا أدري سماحة الشيخ هل أقرأ ما كتبت أم تكتفون جزاكم الله خيراً بالإجابة؟
ما في حاجة إلى قرأتها، كلها ضعيفة، وكلها غير صحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليس في رجب حديث صحيح في فضله، وإنما كان أهل الجاهلية يخصونه بالصيام. وأما في الإسلام فلا يخص بشيء، لكنه من الأشهر الحرم، هو من الأشهر الأربعة الحرم؛ لأن الرسول لما عدَّها قال هي: (رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم). هذه هي الأشهر الحرم الأربعة، فهو من الأشهر الحرم المفضلة، لكن ليس في تفضلي لصيامه، أو صدقة أو صلاة، ليس فيها حديث صحيح، وإنما هو من الأشهر الحرم، ولا يشرع تخصيصه بصوم، ويكره تخصيصه بذلك. لكن إذا اعتمر فيه الإنسان فلا بأس كان بعض السلف يعتمر في رجب، وفي الصحيحين أن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي اعتمر في رجب. فإذا اعتمر في رجب هذا حسن، فعله السلف الصالح، ورواه ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن كانت عائشة -رضي الله عنها- وغيرها أنكروا عليه ذلك، وقالوا: إن النبي لم يعتمر في رجب -عليه الصلاة والسلام- إنما اعتمر في ذو القعدة، لكن ابن عمر ثقة، وقد روى هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد يكون خفي على عائشة وعلى غيرها، أو نسي ذلك من أنكره، وابن عمر حفظ. فالحاصل أن من اعتمر في رجب فقد جاء فيه هذا الحديث، وفعله كثير من السلف، فلا بأس في ذلك، وهذا مستثنىً مما يخص به رجب، هذا جاءت به السنة، فإذا اعتمر في رجب فلا بأس بذلك.  
 
11- حدثوني عن كيفية صلاة التهجد، ومتى يبدأ بالساعة تقريباً؛ لأني لم أعرف وقتها بالضبط وهو الثلث الأخير من الليل، وهل يجوز للمرأة أن تفعل ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
التهجد من الليل يبدأ من صلاة العشاء، إذا فرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا هو محل التهجد، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، في الحديث عن خارجة بن حذافة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن الله أمدكم بالصلاة هي خير لكم من حمر النعم ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر). فإذا أوتر الإنسان في أول الليل، في وسطه، أو في آخره فقد فعل السنة. والأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر أوتر في أوله قبل أن ينام، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل). وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "من كل ليل قد أوتر رسول -صلى الله عليه وسلم-، أوتر من أوله، ومن أوسطه ومن أخره ثم انتهى وتره إلى السهر -عليه الصلاة والسلام-" يعني في آخر حياته استمر وتره إلى آخر الليل. وقال صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصلاة صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه). فإذا تهجد بالثلث الرابع أو الثلث الخامس فهذا أفضل ما يكون، وإن جعل وتره وتهجده كله في الثلث الأخير فذلك أفضل كما في حديث جابر حيث قال صلى الله عليه وسلم: (من خاف أن لا يقوم في آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل). وإذا صار تهجده في السدس الرابع والخامس صار ذلك أفضل؛ لأنه يوافق صلاة داود، فيجمع بين آخر الليل في السدس الخامس، والسدس الرابع في أول النصف الأخير، وكل ذلك بحمد الله فيه خير عظيم.  
 
12- جاء رجل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: يا رسول الله! إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: (ما شئت!) قال: الربع؟ قال: (ما شئت، وإن زدت فهو خير لك)، قال: النصف؟ قال (ما شئت، وإن زدت فهو خير لك)، قال: الثلثين؟ قال: (ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: يا رسول الله! فأجعل صلاتي كلها لك؟ قال: إذاً تكفى همك، ويغفر ذنبك) وجهوني في هذا الحديث واشرحوه لي جزاكم الله خيرا، وهل يجوز أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء السجود؟
هذا الحديث صحيح، ومعنى الصلاة هنا الدعاء، فإذا جعل الإنسان وقتاً يصلي فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيراً، فالله -جل وعلا- يأجره على ذلك، والحسنة بعشر أمثالها، إلى ما لا يحصى من الفضل، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذاً تكفى همك، ويغفر ذنبك). إذا أكثر من الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام-، قال بعض أهل العلم: هذا السائل له وقت خصه للدعاء، فإذا صرف ذلك الوقت كله في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- حصل له هذا الفضل، (إذا تكفى همك) يعني يكفيك الله همك، (ويغفر ذنبك). فينبغي الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا صلى على النبي في السجود قبل الدعاء أثنى على الله وصلى على النبي-صلى الله عليه وسلم- هذا من أسباب الإجابة، كما أن الصلاة عليه في آخر التحيات ثم الدعاء بعد ذلك من أسباب الإجابة، وهكذا في غير ذلك، إذا حمد الله وأثنى عليه وصلَّى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم دعا كان هذا من أسباب الإجابة، لما ثبت عنه-صلى الله عليه وسلم- أنه قال لما رأى رجل دعا ولم يصلِ على النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (عجل هذا)، ثم قال: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه، والثناء عليه، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يدعو بما شاء). فأرشد إلى أنه يحمد الله أولاً، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يدعو بما يشاء. وهذا من أسباب الإجابة، فيشرع لكِ -أيتها الأخت في الله- أن تجتهدي في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل والنهار. وإذا صليت على النبي في السجود فلا بأس؛ لأن السجود محل دعاء، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء). ويقول صلى الله عليه وسلم: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم). يعني فحري أن يستجاب لكم. فيشرع في ذلك الثناء على الله، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم الدعاء، وهكذا في آخر الصلاة: يقرأ التحيات، ويتشهد ، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة الإبراهيمية، ثم يتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ثم يدعو بما شاء، فهو حري بالإجابة. وهكذا إذا دعا في غير ذلك في الضحى أو الظهر أو الليل أو في أي وقت إذا دعا يستحب له أن يبدأ دعائه بحمد الله، والثناء على الله، ثم الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم الدعـاء. 

373 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply