حلقة 798: أكل لحوم الحمر الإنسية - نقل الدم ونقل الأعضاء لا يلحق بالرضاع - من قيد طلاقه بشيء - الصلاة وراء الإمام دون رؤية الإمام ولا المأمومين - الجهر في صلاة الضحى - حكم الاتجار في السوق السوداء - كتاب الحصن الحصين

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

47 / 49 محاضرة

حلقة 798: أكل لحوم الحمر الإنسية - نقل الدم ونقل الأعضاء لا يلحق بالرضاع - من قيد طلاقه بشيء - الصلاة وراء الإمام دون رؤية الإمام ولا المأمومين - الجهر في صلاة الضحى - حكم الاتجار في السوق السوداء - كتاب الحصن الحصين

1-  نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل لحوم الحمر الإنسية، فما هي الحمر الإنسية؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعــد: الحمر الإنسية هي الحمر الموجودة بين الناس، ويقال لها الأهلية، التي يركبونها ويستعملونها في بيوتهم، ونخيلهم، ومزارعهم، وكانت فيما مضى يسنى عليها، يعني يجلب بها الماء من الآبار؛ لسقي النخيل، وسقي الزروع قبل مجيء المكائن في الجزيرة العربية، وفي البلدان الإسلامية هذه الحمر الأهلية المعروفة بين الناس، أما الحمر الوحشية، فهي صيد لها لون آخر غير هذه الحمر، يقال لها الحمر الوحشية لها صفة خاصة، ونقش خاص في جلودها، فهي صيد يؤكل.  
2- حدد لنا الإسلام ما يترتب عن الرضاعة ومنع زواج الإخوة بالرضاعة بنص الكتاب والسنة، وذلك معروف لدينا، ولكن حدث في السنوات الأخيرة عمليات نقل أعضاء مثل: زرع القلب وخلافه، وكذلك عمليات نقل الدم، فما حكم ذلك في الإسلام؟ أولاً: إن كان الذي يُنقل إليه الدم أو  العضو في سن الرضاعة؟ ثانياً: إن كان الذي سينقل إليه الدم أو العضو أكبر من سن الرضاعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟ 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله وصلى الله وسلم على رسول وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الله جل وعلا أوضح في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين محمد عليه الصلاة والسلام أحكامَ المحرمات في النكاح من النسب والرضاع، أما ما يتعلق بنقل الدم ونقل الأعضاء فإنه لا يلحق بالرضاع ولا يكون من جنس الرضاع فإن هذه أمور توقيفية لا يقاس فيها شيء على شيء، بل أمر الرضاع بالنص وأمر النسب بالنص والمصاهرة، فلا يقاس على الرضاع نقل الدم ولا نقل الأعضاء، فلو نقل من زيد إلى عمرو دم أو عضو أو من فلانة إلى فلان أو من فلان إلى فلانة فإنه لا يثبت به حكم الرضاع، فإذا نقل من امرأة إلى شخص دم لا تكون أما له ولا يكون أولادها إخوة له وهكذا، فليس له حكم الرضاعة لا نقل الدم ولا نقل الأعضاء، ولا أعلم بين أهل العلم خلافا في هذا الأمر؛ لأن نقل الدم لا يقاس على الرضاع لا في الحولين ولا بعد الحولين، وهكذا نقل الأعضاء كالكلية أو غيرها لا يقاس على الرضاع؛ لأن الرضاع أمر تشريعي جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وجعله كالنسب، فلا يقاس عليه غيره، بل هذه أمور توقيفية لا يقاس عليه لا نقل دم ولا غيره، والله ولي التوفيق.  
 
3- اختلفت أنا وزجي فوقع منه طلاق على ألا يكمل بناتي تعليمهن، أي عند سنة معينة يقوم بفصلهن عن المدرسة، وفي ذلك الوقت كانت إحدى بناتي صغيرة حديثة الولادة، والآن وصلت هذه الصغيرة المرحلة نفسها، هل يقع الطلاق عندما تكمل هذه الصغيرة تعليمها، أم أنها لا تدخل في موضوع الطلاق, علماً بأن الموضوع الذي اختلفنا فيه ليس من شأن التعليم أو المدارس، أجيبونا مشكورين, وصاحبة الرسالة هي الأخت (ل.ع. ر) من القصيم_ بريدة؟
هذه المسألة وأشباهها ترجع إلى نية المطلق والحالف، فإذا كان المطلق أراد بذلك منعهن ولا يريد إيقاع الطلاق وإنما أراد التشديد والتحذير والتهديد ومنع نفسه من الإذن لهن وليس قصده إيقاع الطلاق على أهله إذا وقع خلاف ما طلق عليه فهذه الواقعة لها حكم اليمين، ويكون على المطلق كفارة يمين إذا سمح لهن بالدراسة؛ لأن لم يقصد إيقاع الطلاق وإنما قصد منعهن وشدد على نفسه بالطلاق، فهذا مثل لو قال: علي الطلاق لا يكلم فلانا وعلي الطلاق لا يزور فلانا، أو قال: علي الطلاق -في حق امرأته- لا تزوري فلانا أو لا تذهبي إلى فلان أو إلى فلانة، وقصده المنع والترهيب والحث على ترك هذا الشيء، فهذا حكمه حكم اليمين وليس له حكم الطلاق، وعليه كفارة اليمين في أصح قولي العلماء. بخلاف إذا كان قصد الطلاق فإنه يقع الطلاق، كما لو قال: علي الطلاق إذا دخل رمضان، أو إذا خرج رمضان أو ما أشبه ذلك، فإنه يقع الطلاق لأنه طلاق معلق تعليقا كاملا تاما ليس فيه قصد حث أو منع إلى غير ذلك، فالحاصل أن التعليق قسمان: تعليق يقتضي إيقاع الطلاق، كالتعليق على دخول رمضان ونحو ذلك. وتعليق فيه تفصيل مثل هذا الطلاق الذي علقه على الدراسة فإن كان قصد إيقاع الطلاق وقع الطلاق إذا درسن، وإن كان أراد منعهن فقط ولم يرد إيقاع الطلاق وإنما أراد تخويفهن وإلزام نفسه بمنعهن فهذا حكمه حكم اليمين وعليه كفارتها كفارة اليمين في أصح قولي أهل العلم. إذاً هذه الصغيرة هل تدخل في اليمين؟ ج/ تدخل نعم تدخل في اليمين، نعم، لأن قصده البنات، العموم. - سواء من كان حاضراً أو غائباً؟ ج/ نعم، أما لو قال: المعينات فلانة وفلانة، فإنها لا تدخل، أما لو قال: بناتي، دخلت الصغيرة والكبيرة.   
 
4-   أرجو الإجابة على هذا السؤال وجزاكم الله خيراً: امرأة تسكن مع زوجها في الطابق الأعلى من المسجد، وهي تقوم بالصلاة وراء الإمام وهي في غرفتها فوق المسجد، فهل صلاتها جائزة، أم لا؟ مع العلم أنها تقوم بمتابعة الإمام في الصلاة منذ سنتين تقريباً، فهل الصلاة جائزة
إذا كانت لا ترى الإمام، ولا المأمومين، فلا ينبغي لها أن تقتدي بالإمام بل تصلي وحدها، وما مضى لا إعادة عليها فيه؛ لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من رأى جواز ذلك، فنرجو أن لا يكون لها إعادة، ولكن في المستقبل ننصحها أن تصلي وحدها لا تتابع الإمام إلا إذا كانت ترى الإمام، أو ترى بعض من خلفه، وإلا فإنها تصلي وحدها؛ لأن محلها ليس تابعاً للمسجد، المسجد مستقل وسطح المسجد على ما ذكره السائل مستقل، كأن الذي بني المسجد إنما أراد الطابق الأسفل أما الطابق الأعلى جعله مسكناً ليس من المسجد ولهذا سكن هو وأهله، فالحاصل إذا كان سطح المسجد ليس تابعاً للمسجد، فإن أهله ينامون فيه، ويجامع زوجته، ويقضي حاجته؛ لأنه ليس تابعاً للمسجد، إنما بني المسجد الذي تحت السقف، أما إذا كان المسجد بني للعبادة وسقفه تبع له، ناويه تبع للمسجد، فهذا لا يسكن فيه فوق، للمرأة وأهلها بحيث يجامعها فيه وبحيث تحيض فيه، وبحيث تقضي حاجتها ويقضي حاجته هذا؛ لأنه في المسجد بل يصلى فيه، ويحفظ ويصان؛ لأنه تابع المسجد أما إذا كان المسجد إنما هو الأسفل، وأما السطح فالذي عمر المسجد ما نوى السطح تبع المسجد بل نواه سكناً له، أو للتأجير فهذا مستقل، ولا يكن له حكم المسجد، والساكن فيه لا يصلي بإمامة المسجد إلا إذا كان يرى الإمام، أو يرى من خلفه، وبعضه من المأمومين، وإلا فإن المرأة فيه تصلي وحدها، أو المريض الذي فيه يصلي وحده لا يصلي مع الناس، ما دام لا يرى الإمام، ولا يرى بعض من خلفه، لكن إذا كان السقف تابعاً للمسجد، فإنه لا يتخذ سكناً بحيث يجامع فيه الرجل امرأته، بحيث يقضي حاجته من بولٍ أو غيره، أو تجلس فيه الحائض؛ لأنه تابع المسجد، أما إذا كان ليس تابع للمسجد، بل المسجد إنما هو ما تحته، فهو لأهله مملوك لأهله. سماحة الشيخ إذا كان المسجد من دورين، فهل يشترط على من كان في الدور الثاني أن يرى الإمام، أو بعض المأمومين؟ الأظهر أنه لا يشترط؛ لأنه تابع للمسجد مثل الخلوة في المسجد، تابع للمسجد إذا سمع الصوت. إذا سمع الصوت كفى، وإن لم يرى الإمام، أو بعض المأمومين؟ كفى، إذا كان تابعاً للمسجد، سقف تابع له، أو خلوة تابعة له.  
 
5-  هل صلاة الضحى جهرية، أم سرية، وهل الجهر في القراءة فقط، أم في الركوع والسجود؟
صلاة الضحى سرية، وهكذا الظهر والعصر كلها سرية، ولو جهرت المرأة، أو الرجل في صلاة الضحى لن يضر ذلك؛ لأن الجهر والإخفاء سنة ليس بمحرم، ولا واجب، فالجهر سنة و الإخفات سنة، فلو جهر في النهار، أو أسر في الليل، فالصلاة صحيحة، لكنه خلاف السنة، فالسنة أن يسر بالنهار صلاة الضحى، أو في الظهر والعصر ويجهر في الليل في صلاة المغرب والعشاء في الركعتين الأوليين إلا الفجر، فإنها جهرية، والجمعة جهرية ولو كانت نهارية، فالجمعة جهرية والعيد جهرية، وصلاة الفجر جهرية، صلاة الاستسقاء جهرية، ولو كانت في النهار أما النوافل فهي سرية في النهار، وهكذا صلاة الظهر سرية في النهار، وهكذا العصر سرية، والمغرب والعشاء جهرية في الأولى والثانية والفجر جهرية كما تقدم، وهكذا صلاة الجمعة جهرية، صلاة العيد، صلاة الاستسقاء، صلاة الكسوف، كلها جهرية؛ لأن الرسول جهر -عليه الصلاة والسلام-، لكن لو أسر الإنسان في الجهرية صلاته صحيحة. سواء عامد ،أو ناسي لكنه خلاف السنة لا يتعمد ليس له أن يتعمد السر في الجهرية، وليس له أن يتعمد الجهر في السرية؛ لأنه خلاف السنة، لكنه لو جهر متعمداً لم تبطل صلاته، أو أسر بالجهرية لم تبطل صلاته، لكنه خالف السنة.  
 
6- قد سأل أخٌ من السودان سؤالاً وبالتحديد في يوم (30/11/ 87م) وكان سؤال هذا الأخ هو: هل الاتجار في السوق السوداء حلال أم حرام؟ وقد أجاب على هذا السؤال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، وكانت إجابة سماحته بأنه لا مانع من التجارة في السوق السوداء! وأنا لي تعليق هنا على هذه الإجابة وهو: المعروف عن السوق السوداء هو احتكار البضاعة ومنعها لحين أن تنتهي من السوق، وبعد ذلك يتم بيعها للمسلمين بأسعار مرتفعة، وفي هذه الحالة يضطر المسلمون للشراء بأسعار مرتفعة؛ لاحتياجهم لهذه السلع؛ ولأنها ليست متوفرة إلا بالسوق السوداء، وهذا استغلال للمسلمين، وبمنطق -الفترة فيما يبدو- هذا شيء غير محلل في الإسلام، فكيف أحل سماحة الشيخ ابن باز التجارة في السوق السوداء, والحال ما ذكر, يرجى الإفادة وجزاكم الله خيراً؟
الذي جرى فيه الجواب هو أننا نعتقد أن السوق السوداء هي سوق العامة التي يبيع فيها الناس ويشتري فيها الناس، غير ما يقع في البنوك والمصارف المعروفة، فالسوق السوداء التي جرت فيه الفتوى هي ما يقع بين الناس في أسواقهم في بيعهم وشرائهم وأنه لا حرج أن يبيع في السوق العامة ولا يتقيد بما في البنوك من الأسعار هذا هو الذي أردنا، أما إذا كان هناك سلع تحتكر وتضر المسلمين يضر المسلمين احتكارها فهذه مسألة أخرى مسألة الاحتكار، والاحتكار ممنوع والنبي - صلى الله عليه وسلم – قال في المحتكر: (لا يحتكر إلا خاطئ) فلا يجوز الاحتكار في الأطعمة ولا نحوها على الصحيح مما يضر المسلمين، فالذي مثلا يحبس السلع التي يحتاجها المسلمون من طعام أو غيره مما يحتاجه الناس حتى يغلى حتى يرتفع حتى يبيع على الناس بثمن مرتفع هذا لا يجوز لا في السوداء ولا في غير السوداء، لا يجوز للمسلم أن يحتكر ما يضر المسلمين احتكاره حتى يبيعه بالغلاء، بل يجب أن يبيع مع الناس ويوسع على الناس، فليس لمن عنده طعام والناس محتاجون إليه أن يحتكره حتى يرتفع سعره، وليس من عنده سلاح وقت الحاجة إلى الجهاد في البلد أن يحتكره حتى يرتفع سعره، لا، بل عليه أن يبيع في الحال التي يحتاجها المسلمون للجهاد الشرعي أو لأكلهم وشربهم أو لبسهم ونحو ذلك، وليس له أن يحتكر شيئا يضر المسلمين احتكار هذه قاعدة على الصحيح، وبعض أهل العلم قيد هذا بالطعام! والصواب أنه لا يتقيد بالطعام بل كل شيء احتكاره يضر المسلمين فإنه يمنع احتكاره، والواجب على المسلم أن لا يحتكر طعاما أو غير طعام فهذا هو جواب السائل. - إذاً وصف هذه السوق بالسوداء يبدو لي أنه لكونه يقع فيها هذا النوع من المعاملات سماحة الشيخ؟. ج/ هذا يمكن اصطلاح لبعضهم؛ لعلها تختلف السوداء، اصطلاح الناس. - ذكرتم سماحة الشيخ أنه لا يجوز الاحتكار بأي حال من الأحوال سواء كان في الأطعمة أو في غيرها، يشمل هذا السيارات والحديد؟ ج/ إذا كان يضر المسلمين، إذا كان الاحتكار يضر المسلمين، أما إذا كانت السلعة منشورة وكثيرة وكونه يبقيها عنده حتى يتغير السعر لا يضر المسلمين لا بأس. - بطبيعة الحال هناك ضرر سماحة الشيخ، كوني أشتري السلعة اليوم بعشرة آلاف وإذا اختفت فترة سوف أشتريها بأكثر من عشرة آلاف؟ ج/ إذا كان حبسه لها لا يغير السعر ولا يضر الناس، إذا كان حبسه لها لا يضر السعر ولا يضر الناس، ولكن هو اشتراها يقول لعلَّ الله يأتي فيها نصيب، ولو بعد حين، لا بأس. إذاً إذا أدى الأمر إلى تغير السعر وارتفاعه فحينئذ يكون من باب الاحتكار ويكون ممنوع أيضا؟ ج/ هذا الاحتكار نعم، وهو ممنوع نعم.  
 
7- في بعضٍ من مصالح الدولة كدوائر شرطة المرور مثلاً -وأخونا مصري ويعمل في عُمان يقول-: قام الموظف المختص بعمل مصلحة لي مثلاً، ولم يقم هو بتزوير أي شيء لي، وبعد قيامه بهذه المصلحة وقضائها أعطيته مبلغاً من المال كهدية، فهل هذا حلال أم حرام؟.
لا نعلم في هذا بأساً إذا كانت بعد قضاء الحاجة وليس فيه تواطؤ بينك وبينه ولا مشارطة بينك وبينه ولا يفضي ذلك إلى ضرر أحد من الناس فلا بأس، والورع ترك ذلك لئلا يتخذ عادة. والقاعدة مثل ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم –: (من صنع إليكم معروفا فكافؤوه) فإذا قضى لك حاجة وأحسن إليك وانتهت حاجتك بسلام ثم كافأته بشيء فلا حرج في ذلك، أما إذا كان عن تواطؤ افعل وأفعل عن تواطؤ بينك وبينه أو مشارطة فهذه هي الرشوة، وقد تضر الناس ضررا كبيرا، والرشوة محرمة.  
 
8-   كثير من الناس يشترون كتاباً صغيراً اسمه: (الحصن الحصين)، وتوجد في هذا الكتاب آيات قرآنية وأدعية، ومكتوب في أوله: أنه من قرأ هذا الحصن إذا كان مداناً انقضى دينه، وإذا كان مسجوناً خرج من سجنه، وإذا كان مريضاً شفي من مرضه، وأنه دواء لكل داء، وأنه نافع للطفل إذا مرض فعلى والدته أن تعلقه على صدره، وأنه نافع للفتيات البكر اللاتي لم يتزوجن، فإنها تضعه في قطعة حرير خضراء وتعلقه على رأسها حتى تتزوج مبكراً، فما حكم ذلك بارك الله فيكم؟
كل هذا غير صحيح، بل منكر، والتمائم نهى عنها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وحذر منها فلا تعلق على المرأة، ولا على الرجل، ولا على الطفل، لا هذا الحصن الحصين ولا غيره، ولا آية، ولا حديث، ولا دعاء لا يعلق، الصواب أنه ينهى عن التعليق، ولكن يفعل المسلم ما شرع الله من التعوذات الشرعية كأن يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. صباح، ومساء يكررها ثلاثاً. وإذا دخل المسجد قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك). وقال له بعض الصحابة في بعض الليالي ما رأيت الليلة من مرض، أو أذى من عقرب لدغتني. قال: ( أما إنك لو قلت : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (بسم الله الذي لا يضر ما اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحاً لم يضره شيء حتى يمسي، وإن قالها مساءً لم يضره شيء حتى يصبح). فهذه الأذكار الشرعية والتعوذات الشرعية مستحبة، وفيها خير عظيم وهكذا آية الكرسي إذا قرأها عند النوم (اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)... الخ الآية (وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (255) سورة البقرة . إذا قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح. هكذا جاء الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الآية العظيمة، وهي أعظم آية في القرآن الكريم. آية الكرسي من قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، فنوصي بقراءتها عند النوم، وبعد كل صلاة، كما جاء في الحديث أيضاً، كذلك قراءة (قل هو الله أحد)، والمعوذتين بعد كل صلاة مستحبة، ويستحب تكراراها ثلاثاً بعد المغرب، والفجر هذه السور الثلاث، وعند النوم كذلك، هذه نوصي بهذه الأشياء، أما تعليق آيات، أو أحاديث، أو دعوات أو حرز حصين الحصين، هذا كله لا أصل له، بل هو من البدع، ومن التمائم المنكرة، وهكذا من قرأه، ومن قرأه لم يضره شيء، كل هذا لا دليل عليه، بل هو من خرافات بعض من ينتسب إلى العلم.   
 
9-   أنا فتاة أبلغ من العمر السادسة عشر، وأريد أن أرتدي النقاب، ولكن أهلي لا يوافقون، ويقولون لي: إنني ما زلت صغيرة على ذلك، فما رأيكم؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك ارتداء النقاب، والتحجب عن الرجال الأجانب، ولو أبى أهلك ذلك، ليس لهم طاعة في هذا، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة في المعروف). والمعروف هو ما شرعه الله -جل وعلا- وأباحه. يقول -صلى الله عليه وسلم-: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق). فالواجب عليك التستر، والحجاب عن الأجنبي كأخي الزوج أو عمه، وكالجيران الذين ليسوا بمحارم وغيرهم. كل رجل ليس محرماً لك عليك التحجب عنه، ولو أبى أهلك ذلك، ليس لك أن تطيعيهم في ذلك، والواجب عليهم أن يساعدوك على الخير، والحجاب هذا هو الواجب عليهم؛ لأن الله يقول سبحانه: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) (2) سورة المائدة، ويقول سبحانه: (وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر) (1-ِ3) سورة العصر. فالواجب التواصي بالحق، والتواصي بالحجاب من التواصي بالحق، ويقول سبحانه: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) (71) سورة التوبة . والأمر بالحجاب أمر بالمعروف، والنهي عن الحجاب أمر بالمنكر، فنوصيك بالتستر والحجاب ومخالفة أهلك في ذلك، حتى ولو كنت أقل من ستة عشر، إذا حاضت المرأة ولو بنت عشر، أو تسع صارت امرأة تحتجب ولو أنها بنت تسع، أو عشر، أو إحدى عشرة، أو ما أشبه ذلك، أما بنت ستة عشر هي امرأة كبيرة، قد بلغت في السن، وقد يكون جاءها الحيض قبل ذلك، فالحاصل أن بنت ستة عشر سنة امرأة كبيرة عليها أن تحتجب، وعليها أن تغض بصرها، وعليها أن تبتعد عن أسباب الفتنة، نسأل الله لنا ولك، ولأهلك التوفيق والهداية. 
 
10- أهل الفتوى الذين يجب على عامة المسلمين الأخذ بفتواهم، ولنا أخٌ في الله مؤمن مسلم وسلوكه جيد في الدين وفي الحياة العامة، ولكنه ليس متفقهاً في الدين لدرجة أن يفتي، وفي بعض المسائل يفتينا ويقول: هذا على مسؤوليتي، فهل نأخذ بفتواه أم لا؟ وهل من حقه أن يفتي أم لا؟ 
أهل الفتوى هم الذين قد تفقهوا في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وحصلت لهم معرفة جيدة بما أحل الله وبما حرم الله وما أوجب الله وشهد لهم أهل العلم والفقه والخير بالمعرفة وأنهم أهل لأن يفتوا، ولا ينبغي أن يستفتى كل أحد، ولو انتسب إلى الدين أو إلى العبادة أو إلى العلم حتى يسأل عنه أهل العلم ويتبصر السائل بواسطة العارفين به والذين يطمئن إليهم أنهم أهل علم حتى يذكروا له أنه أهل للفتوى وأهل لأن يفتي في الحلال والحرام ونحو ذلك. المقصود أن هذا يحتاج إلى تثبت في الأمر وعدم تساهل فليس كل من انتسب إلى الدين أو إلى العبادة أو إلى العلم يصلح لذلك بل لا بد من فقه في الدين وتبصر ولا بد من ورع وتقوى لله ولا بد من حذر من تسارع في الفتوى والجرأة عليها بغير علم وبغير حق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
11- إن كثيراً من أفلام الفيديو تأتي من الغرب ويمثلها أناس هم من الكفرة، ويمثلون أيضاً ما يقع بين الرجل وزوجته، ويذكر صوراً لا يليق بنا أن نذكرها في هذا المقام، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه، هل يتأثر الناس فيما بينهم فيما يخص الحياة الزوجية بما يكون في تلك الأفلام أم يجتنبوه؟ 
الواجب الاجتناب، الواجب الحذر من هذه الأفلام الخبيثة التي تصور النساء العاريات أو الرجل مع زوجته أو الزانية مع من زنا بها أو اللواط واللائط مع من لاط به أو ما أشبه ذلك، كل هذه أفلام منكرة وخبيثة وخليعة يجب أن تحارب ويجب أن لا يسمح لها ويجب أن يعاقب من يوردها إلى البلاد الإسلامية، ويجب على ولاة الأمور في كل بلد إسلامي أن يحارب هذه الأفلام الخبيثة، من طريق الشرطة ومن طريق مراقبة الكتب ومن طريق مراقبة الأفلام ومن طريق الإعلام ومن كل طريق مهما أمكن، يجب على ولاة الأمور أن يحاربوها بكل وسيلة حتى لا تدخل البلاد فإنه يترتب عليها فساد الأمة والجرأة على ما حرم الله سبحانه وتعالى، فالواجب الحذر من ذلك ومنع هذا التيار الخبيث، نسأل الله العافية.
 
12-     بعض الأسر عندما ينشأ بينها شاب ملتزم داعية إلى الله، ويلتزم بالسنة النبوية تجد كثيراً من الأسر تتذمر من هذا وتحاول أن تعيده على سيرتهم التي لم تكن مرضية لعل لسماحتكم توجيه في هذا الباب جزاكم الله خير؟
هذا لا يجوز، الواجب على الأسرة أن تشجع على الخير، فإذا نشأ فيها شاب والتزم بالحق، وحافظ على الصلوات، وترك الإسبال، وترك حلق لحيته، بل الواجب مساعدته في هذا، وأن يشكر على هذا الخير العظيم ويعان، ويرغب في الاستمرار، والثبات وهكذا الجارية إذا نشأت ملتزمة محافظة على الصلاة، وعلى الحجاب تشكر على هذا وتشجع من أبيها، وأمها، وأخواتها هذا هو الواجب على الجميع؛ لأن الله سبحانه يقول: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) (2) سورة المائدة، أما أنه يثبط ويستهزأ به هذا منكر لا يجوز، وهكذا مع المرأة لا يجوز تثبيطها، ولا الاستهزاء بها إذا تحفظت، واحتجبت، وابتعدت عن أسباب الشر، وحافظت على الصلاة، واطمأنت فيها، وأدتها في أوقاتها كل هذا يجب التشجيع عليه، والثناء على من فعله، وعدم تثبيطه، نسأل الله للجميع الهداية. هل من كلمة أيضاً للشباب الذين بدؤوا هذا الالتزام، وبدؤوا يمارسون الدعوة إلى الله ويلتزمون بأحكام السنن هل من كلمة يتفضل بها سماحة الشيخ؟ نعم، نوصيهم بتقوى الله، وأن يشكروا الله على ما منّ به عليهم من الالتزام بطاعة الله ورسوله، ونوصيهم بعدم العجلة في الأمور، وعدم التشديد الذي لا يوافق الشرع، بل نوصيهم بالتثبت، والتوسط في الأمور وعدم الغلو، وعدم الجفاء، لا هذا ولا هذا، الواجب التوسط في الأمور فلا غلو، ولا جفاء، لا إفراط ولا تفريط، بل إذا التزم بالحق بإعفاء لحيته، والصلاة في جماعة بالطمأنينة بعدم الإسبال، بعدم حلق اللحية، يستقيم على ذلك، ويسأل ربه العون والتوفيق. ولا يؤنب على الآخرين بشدة بل يدعوهم إلى الله بحكمة، والكلام الطيب، يا أخي الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بإعفاء اللحى، يا أخي نوصيك بإعفائها، يا أخي لا تسبل ثيابك، الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الإسبال، نهى عن الخيلاء بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن الذي يرجى من ورائه قبول الحق والتأثر، فإن الشدة قد يحصل بها التنفير، والمخاصمة، والنزاع، ولكن بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن يحصل الخير الكثير، يقول الله عز وجل: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (125) سورة النحل، هكذا أرشدنا مولانا سبحانه وتعالى. ويقول -جل وعلا- في كتابه العظيم، في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) (159) سورة آل عمران، ويقول الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون، قال سبحانه: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (44) سورة طـه. ويقول سبحانه في جدال أهل الكتاب اليهود والنصارى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) (46) سورة العنكبوت ، فإذا كان اليهود والنصارى يجادلوا بالتي هي أحسن فكيف بالمسلم؟، من باب أولى، فوصيتي للشباب، وغير الشباب، لجميع من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لجميع الدعاة إلى الله، وصيتي للجميع الرفق في الأمور كلها، والجدال بالتي هي أحسن، وتحري الأسلوب الجيد اللين، لعل الله ينفع بذلك، كما نوصي بالحذر من العنف، والشدة، والكلام البذيء، فإن هذا ينفر من الحق وربما سبب خصومةً، ونزاعاً، ومقاتلة، ومضاربة، والمؤمن قصده الخير، والداعي إلى الله قصده الخير، فينبغي سلوك أسباب الخير، الواجب على الداعي إلى الله والآمر والناهي أن يسلك المسالك التي تعينه على حصول الخير، وتعين إخوانه على قبول الحق. نسأل الله للجميع الهداية. لعل سماحتكم يتفضل بكلمة للمجتمع ككل؟ هذه وصية للجميع، للشباب وغير الشباب، الوصية لجميع الدعاة إلى الله، للرجال والنساء، الوصية لجميع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من الرجال والنساء في كل مكان من أرض الله الواجب على الجميع تحري الحق، وتحري الأسلوب الحسن، والصبر في ذلك، والرفق وأن يقول عن علم، وعن بصيرة يجب الحذر من القول على الله بغير علم، لا من الرجال، ولا من النساء، ويجب أن يسك المسك الذي يرجى من وراءه حصول المنفعة، حصول الخير، قبول الحق وذلك بسلوك الطريق الذي رسمه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ودل عليه كتاب الله عز وجل، في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هذا هو الذي يرجى من وراءه الخير العظيم للمجتمع كله رجاله ونسائه، كما قال مولانا سبحانه في كتابه العظيم يخاطب نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمراد الأمة كلها: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَة) وهي العلم، قال الله، وقال رسوله (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة) الترغيب، والترهيب بالكلام الطيب، قال الله كذا، قال الرسول كذا، وعد الله من فعل كذا بالجنة، وعده كذا، توعد الله من فعل كذا النار. ويذكر الآيات والنصوص (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (125) سورة النحل، يعني الأسلوب الحسن بالرفق، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه). ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (من يحرم الرفق يحرم الخير كله). ويقول -جل وعلا-: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ -يعني اليهود والنصارى- إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) (46) سورة العنكبوت. الظالم يعامل بما يستحق، إذا ظلم وتعدى وضرب، أو سب يعامل بما يستحق، ومن عفى، فأجره على الله، لكن ما دام لم يتعد، ولم يظلم تدعوه بالتي هي أحسن، بالكلام الطيب، قال الله كذا، قال الرسول كذا، يا أخي كونك مسلم، يا أخي كذا، يا أخي افعل كذا، أوصيك بكذا، قال الله كذا، قال الرسول كذا، حتى يلين قلبه، ويرغبه في الخير، ولا يخاطبه بالعنف، والشدة، أو يقول: يا جاهل، أو يا جمـار، أو يا مغرور، أو يا متكبر، أو يا كافر، لا، يأتي بالعبارات الطيبة، يا أخي أنت مسلم، يا فلان إن كان كافر يا عبد الله، أو يا أبا فلان، مثل ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لـعبد الله بن أُبي: يا أبا الحباب، وهو منافق يرغبه في الخير، يخاطبه بالأسلوب المناسب، باسمه، أو بكنيته، ويدعوه إلى الله، ولا يخاطبه أبداً بالألفاظ المنكرة؛ لأنها تنفر عن الحق، وربما قال له مثل ما قال: إذا قال له يا مغرور، قال: أنت المغرور، وإذا قال يا جاهل قال: أنت الجاهل، وإذا قال يا فاجر قال: أنت الفاجر، وإذا قال يا كافر قال: أنت الكافر، هذا يسبب المشاكل، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن تقبل الدعوة، ويقبل الحق وتؤدى الفريضة، يؤدى الواجب. سماحة الشيخ تفرح الأمم بالنابعين منها، ولا شك أن هؤلاء الشباب يعتبرون قادة النابغين أطمع بكلمة أخيرة في هذا المقال؟ نعم، نعم، لا شك أن الأمة تفرح بالنابغين في العلم، والفضل، والتقوى حتى في أمور الدنيا، النابغ في الهندسة، أو في أي صنعة يفرح به أهله ومجتمعه، فكيف إذا كان في الدين، والدعوة إلى الله، والإرشاد إلى الخير، والتفوق في العلم النافع، هذا أعظم، وأعظم، فينبغي الفرح بهؤلاء، والدعاء بالتوفيق والثبات على الحق، وتشجيعهم على الاستمرار في الخير، والمزيد من العلم النافع، وتشجيعهم على الرفق في الأمور، وعدم الغلو في الأمور؛ لأن الإنسان قد يصيبه شدة بسبب غيرته على الإسلام، قد يحصل له شيء من الغلو، ولا يشعر بنفسه بسبب ما عنده من الخير، ومحبة الخير للأمة قد يتجاوز الحدود، ولكن ينصح ويوجه إلى الخير بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن حتى يعتدل، وينبغي الفرح به، والسرور بوجود النابغين في العلم، والدعوة، والغيرة لله، لكن يسعى معهم في التوجيه إلى الخير، وتثبيتهم على الحق، وحثهم على التوسط في الأمور، وعدم العجلة، وعدم الغلو، وعدم استعمال الألفاظ المنفرة عن الحق، كل هذا مما يجب فيه التواصي، والتعاون.              
 
13-  إن كثيراً من المؤذنين بعد قولهم: (لا إله إلا الله)، في نهاية الأذان يصلون على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهل هذا بدعة؟
إذا فرغ المؤذن من الأذان ينتهي, إذا قال لا إله إلا الله يقفل المايكروفون لا يزيد شيء، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظٍ عادي يسمعه من حوله؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا سمعتم المؤمن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة). فالصلاة على النبي ليست من الأذان، ليس من ألفاظ الأذان، الأذان ينتهي عند لا إله إلا الله، والمجيب يقول لا إله إلا الله، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن من دون رفع صوت زائدة عن العادة، صوت عادي، والمؤذن كذلك، إذا فرغ يأتي بصوتٍ عادي ليس بصوت الأذان، بل بعدما يسكت يأتي بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بصوتٍ عادي، وإن كان في غير الميكرفون لا يرفع صوته مع لا إله إلا الله؛ لئلا يظن أن هذا مع الأذان، الأذان انتهى عند قوله: لا إله إلا الله، فالمجيب يقول: لا إله إلا الله، والأفضل لا يتمها (وحده لا شريك له، له الملك...) لا. يقول: لا إله إلا الله، مثل ما قال المؤذن. الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا سمعتم المؤمن، فقولوا مثل ما يقول)، فإذا قال لا إله إلا الله، يتبعها بقوله: اللهم صلي وسلم على رسول الله، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميدة مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيـد. اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمد الوسيلة، والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، هكذا رواه البخاري في الصحيح. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمد الوسيلة، والفضيلة، وابعثه مقاماً محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة). زاد البيهقي -رحمه الله- بإسنادٍ جيد: (إنك لا تخلف الميعـاد). فالمقصود أن هذا هو المشروع بعد الأذان للمؤذن والناس جميعاً، يقولون بعد الأذان إذا كملوا لا إله إلا الله، يصلون على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يقولون: اللهم رب هذه الدعوة التامة، بصوت عادي، اللهم رب هذه الدعوة التامة، يعني دعوة الأذان، والصلاة القائمة، يعني التي ستقوم قريباً، آت محمد، يعني نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الوسيلة، والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد. هذه الزيادة ثبتت في رواية البيهقي -رحمه الله-، وبعضهم يزيد: الدرجة الرفيعة وهذه مالها أصل في الحديث، الدرجة الرفيعة هي الوسيلة، هي نفس الوسيلة آت محمد الوسيلة هي الدرجة الرفيعة، لكن ليست في الحديث : الدرجة الرفيعة، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمد الوسيلة والفضيلة، الوسيلة والفضيلة هي الدرجة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنما منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباده فأرجو أن أكون أنا هو، فهي الدرجة الرفيعة هي، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمد الوسيلة، والفضيلة، وابعثه مقاماً محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد) هذا يقال بعد الأذان، وبعد الإقامة أيضاً وبدون صوت مرتفع؟ لا، عادي، صوت عادي.
 
14- أنا متزوج وفي مرة حدث خلاف بيننا، فقلت لها: أنتِ محرمة علي إن لم ترجعي عن الأمور التي تفعليها! وبعد أيام تصالحنا وكان بيننا المعاشرة الزوجية، ثم سافرت إلى اليمن حيث أعمل، والآن ما هو موقفي بالنسبة لما صدر مني، هل تكون طلقة أم يمين، وإذا كانت يمين فما هي الكفارة التي تكون علي, أسمع في الإجابة عن بعض الأسئلة والاستفسارات عن كفارتين: الأولى تقول: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، الثانية تقول: عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكيناً، أو صيام ثلاثة أشهر، فما الفرق بين الكفارتين في الحكم الشرعي، وهل من الممكن إخراج الكفارة على هيئة نقود توزع على الفقراء بما يساوي الإطعام، جزاكم الله خيراً؟
هذا الكلام يحتاج إلى تفصيل بحسب نية المتكلم، فإذا قال: هي محرمة عليه إذا لم تدع الأمور الفلانية فهذا إذا تركتها فلا تحريم انتهى الأمر؛ لأنها امتثلت الأمر وتركت فليس عليه شيء، أما إذا لم تترك بأن عاندت وخالفت ولم تبال بالكلام فهذا فيه تفصيل: إن كان أراد بهذا الكلام تحريمها أو تطليقها فهو على ما أراد إن كان أراد التحريم فهي محرمة وإن كان أراد الطلاق وقع الطلاق، وإن كان أراد منعها ولم يرد تحريماً ولا طلاقا وإنما أراد منعها والتشديد عليها وتخويفها وتحذيرها فهذا له حكم اليمين. فالمسألة تختلف بحسب النية فإذا كان نوى بهذا الكلام تخويفها وتحذيرها ولكن لم تمتثل فإن عليه كفارة يمين وهي عتق رقبة مؤمنة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، مخير بين الثلاث: عتق رقبة مؤمنة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والإطعام: كونه يعشيهم أو يغديهم أو يدفع إليهم نصف صاع لكل واحد من التمر أو الأرز من قوت البلد يعني كيلو ونصف تقريبا أو يكسوهم كسوة يعطي كل واحد إزار ورداء أو قميص يستره في الصلاة فهذه هي الكفارة، فإن عجز عن هذا كله عجز عن الإطعام وعن الكسوة وعن العتق أجزأه أن يصوم ثلاثة أيام عند العجز أن يصوم ثلاثة أيام هذه كفارة اليمين. أما إن كان أراد تحريمها إذا لم تدع الأمور أراد تحريمها فهذا حكمه حكم الظهار كما لو قال: أنت علي كظهر أمي أو ظهر أختي ونحو ذلك، فإذا حرمها بهذا التحريم أو قال: أنت علي حرام أو محرمة إذا لم تدعي هذا الأمر فلم تدعه قصده تحريمها فإن عليه كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وليس في الكفارات ثلاثة أشهر، ما فيها إلا شهران، ما هي بثلاثة أشهر، الكفارة إما شهران وإما صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين كما تقدم، والشهران في الظهار يعني تحريم الزوجة وفي الوطء في رمضان وفي القتل الخطأ وشبه العمد: أولا عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز في تحريمه زوجته أو في وطئه في رمضان أو في قتله نفساً بغير حق إن عجز عن عتق رقبة صام شهرين متتابعين ستين يوما، فإن عجز بقيت الكفارة معلقة في ذمته حتى يستطيع إذا كان قتلا إذا كانت المعصية قتلاً إذا كان الحادث قتلاً فليس فيها إطعام بل تبقى الكفارة معلقة وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، هذه كفارة القتل كما بينها الله في كتابه العظيم، فإذا عجز عن الصيام والعتق تبقى في ذمته، متى قدر على العتق أعتق ومتى استطاع الصيام صام. أما في الظهار في تحريم الزوجة وفي الوطء في رمضان فهذا فيه أمر ثالث وهو: الإطعام عند العجز عن الرقبة وعند العجز عن الصيام يطعم ستين مسكينا ثلاثين صاعا، في هاتين المسألتين في مسألة الجماع في رمضان وفي مسألة تحريم الزوجة تحريما مطلقا لا معلقا بفعل كذا أو فعل كذا يقصد منعها، بل تحريم مطلق كأن يقول: أنت علي محرمة أنت علي كظهر أمي أو أنت علي محرمة إذا دخل رمضان فهذا هو التحريم المطلق أو المعلق تعليقاً ليس فيه حث ولا ....بل تعليقا تاما، فيترتب عليه الحكم، فيلزم بعتق رقبة مؤمنة إذا قدر فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكينا، وفي الظهار قبل أن يمسها في تحريم الزوجة يأتي بهذه الكفارة قبل أن يمسها قبل أن يقربها، وهي مرتبة على هذا الترتيب: العتق ثم الصيام عن العجز عند العتق ثم الإطعام عند العجز عن الصيام، والإطعام يكون لستين مسكينا طعاما لا نقودا كأن يطعمهم يعشيهم أو يغديهم أو يعطيهم على نصف صاع من التمر أو الأرز أو من الحنطة حسب قوت البلد ومقداره بالوزن نحو كيلو ونصف تقريباً من جهة الوزن. وأما في التحريم المعلق تعليقا الذي يقصد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب فهذا فيه كفارة اليمين كما تقدم، فإذا قال: أنت محرمة علي إن فعلت كذا أو أنت طالق إن فعلت كذا إن كلمت فلانة إن فعلتِ الأمر الفلاني إن عصيت أمي إن خرجتِ من البيت قصده تحذيرها ليس قصده طلاقها قصده تحذيرها تخويفها فهذا حكم اليمين، وهكذا لو قال: أنت مطلقة إن فعلت كذا، قصده منعها تحذيرها وليس قصده فراقها فهذا له حكم اليمين في أصح قولي العلماء، كما تقدم، والله ولي التوفيق.    
 
15- حين راح رجل يبحث عن شيء ضاع منه في المسجد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا رد الله عليك ضالتك) لماذا؟
المساجد لم تُبنَ لنشد الضالات وطلب الحاجات المفقودة، المساجد بنيت لما بنية له من ذكر الله وقراءة القرآن وإقامة الصلاة وحلقات العلم والاعتكاف ولم تبن للبيع والشراء ولا لأن ينشد فيها الضوال واللقط التي تذهب من الناس؛ ولهذا حذر النبي من هذا عليه الصلاة والسلام وقال: (من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك) ولما سمع من يدل على جمل له ضاع قال: (لا وجدته)، وهذا من باب التحذير ومن باب الزجر حتى لا يتساهل الناس في إنشاد الضوال في المساجد ويتخذوها محلا لإنشاد الضوال أو لبيعهم وشرائهم؛ ولهذا في الحديث الآخر: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك)، والمقصود الزجر والتحذير ليس المقصود العداء للشخص أو كراهة أن يجد راحلته، لا، المقصود من هذا التحذير والزجر لئلا يعود الناس إلى هذه الأمور في المساجد ولئلا يعتادوها، فأتى بهذه العبارة (لا وجدته) (لا ردها الله عليك) للزجر والتحذير حتى يبتعد الناس عن هذا الأمر في المساجد، والله جل وعلا أباح لرسوله - صلى الله عليه وسلم – أن يزجر الناس عما يضرهم، وهكذا العلماء بعده خلفاء الرسل يحذرون الناس مما يضرهم ولو بالزجر ولو بالدعاء في بعض الأحيان للزجر والتحذير.  
 
16- هل الصلاة في الصف الأول في المسجد لها شيء من الفضل عن باقي الصفوف أو عن الصف الخلفي؟
نعم الصف الأول أفضل؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) أي لاقترعوا، فله فضل عظيم، وجاء في بعض الأحاديث أنه يكون له مثل أجور من خلفه من الصفوف، يكون له أجره مقدما على غيره ويكون له مثل أجور من خلفه لأنه كالقائد لهم وكالإمام لهم والرسول - صلى الله عليه وسلم – يقول: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) والصف الأول له مثل أجور من خلفه مع أجره الذي كتبه الله له سبحانه وتعالى، فهذا فضل عظيم، ولما فيه من المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والقرب من الإمام حتى يشاهد حركاته لو انقطع الصوت أو ضعف الصوت لأنه يشاهد ويرى الإمام ويقرب منه فالحاصل أن الصف الأول له فضل عظيم لما في التوجه إليه من المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات، وتحريض الناس على ذلك وتشجيعهم على ذلك.  
 
17- لماذا وعد الله الرجال في الجنة بالحور العين، ولم يعد النساء بشيء من ذلك؟ جزاكم الله خيرا
الحكمة في ذلك -والله أعلم- أن الرجال هم القوامون على النساء، وأنهم إذا وعدوا بهذه الأشياء صار هذا أقرب إلى نشاطهم في طلب الآخرة، وحرصهم على طلب الآخرة، وعدم ركونهم إلى الدنيا الركون الذي يحول بينهم وبين المسابقة إلى الخيرات والنساء تابعات للرجال في الأغلب، فإذا رزق الرجل الحور العين في الجنة مع ما وعد الله به النساء المؤمنات من الخير العظيم والدرجات العالية في الجنة فلهن من الأجر ما يجعلهن زوجات للخيرين من الرجال في الجنة والرجل يعطى زيادة من الحور العين وليس في الجنة أذى ولا منافسة ولا ضرر كما يقع للضرات في الدنيا بل كل واحدة مع زوجها ولو معه آلاف النساء ما تتضرر بذلك ولا تندم من ذلك ولا تحزن من ذلك فالكل في خير وفي نعمة وفي راحة في أنس وطمأنينة والله وعد النساء أيضاً خيراً كثيراً قد وعدهن جميعاً الجنات والرضا من الله ومن جملة الجنات الصالحون والأزواج الطيبو

427 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply