حلقة 832: حكم السفر للعمل وترك الوالدة عند زوج ابنتها - هل ذو القرنين نبي - حكم الصلوات بتيمم واحد - الواجب توزيع التركة بين الورثة - تفسير آية الاستئذان في سورة النور - يعاد الإنسان بعد موته كما كان

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

32 / 50 محاضرة

حلقة 832: حكم السفر للعمل وترك الوالدة عند زوج ابنتها - هل ذو القرنين نبي - حكم الصلوات بتيمم واحد - الواجب توزيع التركة بين الورثة - تفسير آية الاستئذان في سورة النور - يعاد الإنسان بعد موته كما كان

1- إنني رجل متزوج والحمد لله، وأعمل بالخارج، ووجود زوجتي معي ضروري شرعاً، ولكني أترك والدتي وحيدة، علماً بأنني العائل الوحيد لها، وتكون تحت رعاية أختي المتزوجة، ولكنني لا أسافر إلا بموافقة، وهي تتمنى أن أجلس معها وألغي سفري؛ لأن سفري يؤلمها، مع العلم بأن وجود زوجتي معها يخفف من آلامها، فهل أمكث معها وألغي سفري نهائياً، أم أُبقي معها زوجتي وليس علي حرج في تأثر والدتي

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فبر الوالدين من أهم القربات ومن أفضل الطاعات، ومن أعظم الواجبات، وقد ذكر الله سبحانه برهما في آيات كثيرات في كتابه العظيم، وذلك في قوله جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً(الاسراء: من الآية23) وقوله سبحانه:أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(لقمان: من الآية14) في آيات أخرى والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال له بعض الصحابة يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟، قال: أمك، قال: ثم من؟، قال أمك، قال: ثم من؟، قال: أبوك، فبر الوالدين من الفرائض العظيمة، والأم أشد في ذلك، فوصيتي لك أن تبقى في بلدك وعند أمك ومع أهلك إذا كان هناك ما يقوم بحالك من الرزق من تجارة، أو أي عمل مباح، وأن تدع السفر لما فيه من المصالح العظيمة من جمع شملك بأمك، وكسب رضاها والإحسان إليها والقيام عليها، أما إذا كان هناك ضرورة للسفر فسافر بزوجتك ما دامت الوالدة راضية والحمد لله، واحرص على العجلة وعدم طول السفر، كتب الله لك ولأمك ولعائلتك ولكل مسلم ما تحمد عاقبته.  
 
2- رسالة يسأل فيها سؤالين، في سؤاله الأول يسأل عن ذي القرنين، وهل هو نبي؟ وفي سؤاله الثاني: يسأل عن الشجرة الملعونة في القرآن؟
الأرجح في ذي القرنين أنه نبي هذا هو القول الأرجح، وقال بعضهم أنه رجل صالح ملك صالح، ولكن ظاهر القرآن الكريم أنه نبي ،ولهذا قال الله جل وعلا (وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) (الكهف:83-84) إلى آخر القصة، فظاهر سياق القرآن أنه نبي يتلقى الأوامر عن الله عز وجل. هل توردون شيء من قصته؟إذا أمكن لأنه يطلب هذا في نهاية السؤال لو تكرمتم؟ الله جل وعلا ذكرها في كتابه العظيم في سورة الكهف يقول سبحانه: وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً هذا السياق يقتضي أنه من أمر الله وأن الله أمره بهذا، ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً هذا ظاهره أن هذا كله من عند الله سبحانه وتعالى، السياق يدل على أنه يتلقى هذه الأوامر وهذه التوجيهات من ربه عز وجل، وهذا هو شأن النبي. وفي سؤاله الثاني: يسأل عن الشجرة الملعونة في القرآن؟ هي شجرة الزقوم ملعونة لأنها مذمومة، كما قال جل وعلا: إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ فهي شجرة مذمومة يعني ملعونة.  
 
3- هل التيمم يصلح للصلوات كلها أم يتيمم المرء لكل صلاة؟
التيمم فيه خلاف بين أهل العلم، هل يقوم مقام الماء في كل شيء؟ أم يكون مبيحاً فقط في الوقت نفسه لا رافعاً للحدث، والصواب أنه يقوم مقام الماء، وأنه طهور، وأنه يرفع الحدث ما دام الماء غير موجود، أو كان المكلف غير قادر على عليه من أجل المرض ونحوه فالحاصل أن التيمم يقوم مقام الماء وهو طهور، يصلى به الصلوات الكثيرة حتى يحدث المرء أو يجد الماء إن كان مفقوداً أو يستطيع استعماله إن كان عاجزاً قبل ذلك؛ لقول النبي-صلى الله عليه وسلم - : (جعلت لي الأرض مسجدا وطهوراً)، فسمى التراب طهور، وفي الحديث الآخر يقول:(الصعيد وضوء المسلم)، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (الصعيد هو وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين)، فالصواب أنه طهور، وأنه وضوء، وأنه يقوم مقام الماء في الجنابة وفي الحدث الأصغر، وأنه يصلي به الصلوات كلها حتى يجد الماء، أو يستطيع استعماله إن كان عاجزاً عن استعماله بسبب مرض أو جراحات، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم.  
 
4- مات ميت وترك زوجتين وثمانية أولاد، فقامت إحداهن -وهي أم البنات- بإخفاء مال وقدره مائة ألف ريال، ثم بعد ذلك وزعته على بناتها، وعندما عرف البنات أن هذا المال لا يصح وأنه حرام قمن فتصدقن بالمال، فما حكم ذلك، علماً بأن أم الأولاد كان لديها مبلغ مقابل ولم يصرحوا بهذا، فما رأي سماحتكم؟
الواجب الإقرار بالحق وبيان الحقيقة، وأن توزع الأموال بين الورثة كلهم، وليس لزوجةٍ أو غيرها كتمان شيء من المال، لا للزوجة وللأولاد ولا لغيرهم من الورثة، الواجب بيان المال الذي خلفه الميت، وأن يقسم بين الورثة على قسمة الله، فمن جحد شيء من ذلك فهو آثم وعليه أن يغرم للورثة حقوقهم، وعلى ولي الأمر أن يلزمه بذلك إذا ثبت عند ولي الأمر السلطان أو المحكمة، وهذا الأمر العمل الذي فعلته المرأة خيانة، فعلى الزوجتين وعلى الأولاد المكلفين أن يعترفوا بالحق، وأن يقسموا المال بين الورثة على قسمة الله للزوجتين الثمن بينهما والباقي للأولاد ذكورهم وإناثهم للذكر مثل حظ الإنثيين وليس للزوجتين ولا لإحداهما ولا لأحد الأولاد ولا غيرهم من الورثة ولا غيرهم من المسلمين كتمان الحق بل يجب بيان الحق وأن تقسم التركة كلها بين الورثة على قسمة الله. أما وقد وقع الأمر فما هو توجيه سماحتكم؟ المظلوم يشتكي، المظلوم يطالب الظالم بحقه، فإن أعطاه حقه وإلا فله مطالبته إلى الجهات المختصة حتى يعطى حقه إلا إذا سمح وكان رشيداً وسمح عن حقه فلا بأس.  
 
5- ما حكم الشرع فيمن يذهبن إلى المدرسة مع سائق أجنبي، علماً بأن المدرسة تبعد عنا عشرة كيلو متر، ولا يوجد معنا محرم، وأيضاً نحن نحافظ على الحجاب ومحتشمات؟
لا حرج في ذلك أن يذهب مع السائق الأجنبي جماعة من الطالبات أو المدرسات لإيصالهن المدرسة أو المعهد لا بأس في ذلك، إلا أن يكون سفراً فالسفر يمنع إلا بمحرم، أما إن كان داخل البلد وليس بسفر فلا بأس لكن بشرط ألا تكون واحدة حتى لا تكون خلوة فإذا كان موجود ثنتين أو أكثر مع السائق بلا تهمة ولا ريبة فلا حرج في ذلك؛ لأن الخلوة منتفية يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، فإذا لم يكن الشيطان ثالثاً بل رابعاً أو خامساً فلا حرج في ذلك، مثل ما أن الإنسان يجلس مع أهله في البيت، مع زوجات أخيه، مع زوجات عمه، وعنده من يزيل الخلوة بأن يكون معه أمه أو معه أخته أو معه الزوج الذي هو أخوه، فليست بخلوة، فالحاصل إذا كان الركوب مع السائق ليس فيه خلوة فلا حرج، ولا فيه تهمة أيضاً. هل تنصحون بوجود محرم مع السائق لعله يكون الأمر أسهل؟ ليس كل أحد يتيسر لها محرم، ما هو بلازم إذا تيسر طيب ولكن ليس بلازم.  
 
6- عندما يقرأ المسلم أي سورة من القرآن أو من الأحاديث النبوية هل يلزم بحفظها، وهل من حفظ ونسي يكون آثماً؟
ليس الحفظ بلازم، إنما حفظ القرآن مستحب، ولكنه فرض لزوم لأن يحفظه بعض المسلمين أما لشخص معين فلا يلزمه حفظ القرآن لكن يحفظ ما تيسر منه، والواجب حفظ الفاتحة فقط حتى يقرأ بها في الصلاة، حفظ الفاتحة لازم وما سوى ذلك مستحب، وإذا تيسر له حفظ ما تيسر من ذلك من جزء عم، المفصل، أكثر من ذلك كله طيب وإذا حصل له حفظ القرآن هذه نعمة عظمى، فيشرع للمؤمن والمؤمنة العناية بحفظ القرآن والاستكثار من ذلك والمواظبة حتى يتيسر للمؤمن حفظ القرآن والمؤمنة، وإذا لم يتيسر حفظه كله فليحرص أن يحفظ ما تيسر منه كالمفصل من ق إلى آخر القرآن أو جز عم حتى يستعين بذلك في قراءته في الصلاة. هل يأثم من حفظ ونسي؟ لا يأثم، الصواب أنه لا يأثم وما جاء في مثل هذا من الوعيد هو ضعيف وما في القرآن من وعيد على النسيان المراد الترك، ترك العمل بالقرآن وما أوجب الله، أما كونه يحفظ بعض الآيات وينساها فما فيه شيء، كل إنسان ينسى حتى النبي ينسى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)، وفي بعض الأحاديث أنه سمع رجلاً يقرأ فقال: (رحم الله فلاناً، لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أسقطتها)، فالحاصل أن الإنسان من طبيعته النسيان، ولهذا يقول الله سبحانه: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (طـه:115) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني). نعيد الآية الأخيرة لو تكرمتم؟ يقول الله جل وعلا (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) في سورة طه، وآدم نبي عليه الصلاة والسلام، بل رسول ومع هذا نسي، ولهذا قال الله سبحانه: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (طـه:115) والنبي عليه الصلاة والسلام وهو أفضل الخلق يقول: (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني) اللهم صلي وسلم عليه، وقد صلى - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأيام وسلم من ثنتين ناسياً، وفي بعض الأيام سلم من ثلاث ناسياً، وفي بعض الأيام صلى خمساً ناسياً عليه الصلاة والسلام، كل هذا واقع، لكن النسيان المذموم هو الترك، كونه ينسى ما أوجب الله، ليترك ما أوجب الله ــ أو لا يبالي بما حرم الله يفعله هذا هو الذي عليه المؤاخذة والعقاب والغضب ولا حول ولا قوة إلا بالله، كما قال تعالى:فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى يعني نسيتها العمل بها، ولم تبالِ بها بل أعرضت عنها وتركتها، وكذلك قوله سبحانه:نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ، يعني أعرضوا عن الله، وأهملوا حقه وتركوا حقه؛ فنسيهم الله يعني أعرض عنهم وتركهم في ظلالهم وهو لا ينسى سبحانه وتعالى، قال تعالى:وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاًلكن معنى نسي، نسوا الله فنسيهم، يعني أعرض عنهم وتركهم وخذلهم سبحانه وتعالى، بنسيانهم لحقه وإعراضهم عن طاعته سبحانه وتعالى.  
 
7- يسأل فيها عن تفسير آية الاستئذان في سورة النور؟
يقول جل وعلا في كتابه العظيم:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فالسنة أن يستأذن قبل أن يدخل، يقول السلام عليكم، ويكررها ثلاثاً، حتى يؤذن له أو يسكت، أو يقال لا نأذن لك؛ لأن الناس لهم حاجات وقد يكون عندهم موانع، فيستأذن ويقول السلام عليكم أأدخل؟ السلام عليكم، السلام عليكم، فإن أذن له وإلا فلينصرف، هكذا شرع الله جل وعلا. وما يتعلق باستئذان أهل البيت على بعضهم لو تكرمتم؟ السنة هي أن يستأذن بعضهم على بعض، هذا مشروع حتى الزوج يستأذن على زوجته؛ لأنه قد يراها على حالة لا تناسب، فينبغي له أن يستأذن على أهله، حتى يعلموا وصوله، إن كان هناك شيء يحتاج إلى ستر ستروه، حتى لا يتكدر بشيء، المقصود أن الاستئذان مطلوب من الزوج والعبد والأخ والعم ونحو ذلك. هل أقرأ الآية التي جاءت بالموضوع الأخير جزاكم الله خيراً؟ نعم. يقول الله تعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النور:58). هذا واجب، فهو واجب على المؤمن مثل ما بين الله سبحانه وتعالى أن المؤمن يستأذن في هذه الأوقات الثلاثة لأنه قد يرى أهله على حالة غير مناسبة، فينبغي له أن يستأذن في هذه الحال وما بعدها ليس عليه بأس في ذلك؛ لأن الأحوال ظاهرة وبارزة بخلاف الأوقات الثلاثة.  
 
8- هل يخلق الله الإنسان بعد موته مثلما كان في الدنيا، أم يخلق الروح فقط؟
يعاد خلقه كما كان في الدنيا لحماً، يعاد جسماً تاماً وروحاً، يعني يعاد كما بُدِأْ، كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ(الانبياء: من الآية104) تعاد الروح والجسد جميعاً، فالجسد الذي أطاع الله ينعم مع الروح، والجسد الذي عصى الله يعذب مع الروح كلاهما، يعاد الجسد والروح للنعيم والعذاب جميعاً، لكن في البرزخ الروح عليها الثقل، ثقل العذاب ولها النعيم العظيم أكثر؛ لأن الجسد يذهب ولا يبقى منه إلا عجب الذنب كما في الحديث الصحيح، يفنى، تأكله الدود، وإن كانت أجساد الأنبياء تبقى عليهم الصلاة والسلام لكن ينال الجسد نصيبه من العذاب والنعيم كما يشاء الله سبحانه وتعالى في البرزخ يعني قبل البعث والنشور، لكن معظم النعيم للروح في الجنة روح المؤمن والعذاب كذلك للكافر في البرزخ معظمه للروح لأن الجسد يفنى ولا يبقى منه إلا الشيء اليسير وهو عجب الذنب لكن يناله نصيبه من العذاب كما عند أهل السنة والجماعة، لكن في الآخرة يجتمع، في العذاب على جسد وروح والنعيم على جسد وروح جميعاً يوم القيامة، النعيم للمؤمن في الجنة لجسده وروحه والكافر له العذاب لجسده وروحه في النار جميعاً، أما في البرزخ ينعم الجسد ويعذب ولكن معظم النعيم والعذاب للروح لأن الجسد يعتريه ما يعتريه من الفناء والذهاب.  
 
9- إنني امرأة أم لستة أطفال، كان علي من الصوم ما يعادل شهرين لم أقضها في أوقاتها، ثم إني نذرت إن أنا صمت هذه الأيام أن أصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وأن أصوم يومي الخميس والإثنين من كل أسبوع، إلا أنه يصادف العذر الشهري في بعض الأوقات، وصحتها أيضاً لا تتحمل الوفاء بالنذر، وتسأل عن الحكم؟
الواجب عليها أن توفي بنذرها، عليها أن تصوم ما عليها من الأيام ما تقارب شهرين كما قالت من رمضان، وعليها أن تصوم شكراً لله جل وعلا ما نذرت؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، رواه البخاري في الصحيح، والله مدح الموفين بالنذر فقال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (الإنسان:7) فعليها أن تصوم هذه الأيام التي عليها من رمضان إن كانت من رمضان أو من كفارات، فعليها أن تصومها، وعليها توفي بنذرها بالصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام الاثنين والخميس؛ لأن هذه الأيام مشروعة صيامها قربة إلى الله وطاعة لله وإذا جاء وقت الحيض تفطر وتقضيها مثل ما أن المرأة تفطر في رمضان وتقضي، إذا جاءها الحيض في رمضان أو النفاس تفطر وتقضي، هكذا هذه الناذرة إذا صادف يوم الاثنين والخميس أنها في حيض أو نفاس تفطر ثم تقضي، وهكذا إذا صادف الأيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر صادف يوم الحيض أو النفاس تفطر ثم تقضي. وإذا عجزت بالكلية لكبر سنها؛ مثل رمضان إذا عجزت تطعم عن كل يوم مسكين، إذا أعجزها عن الصيام كبر السن أو مرض لا يرجى برؤه تطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع عن كل يوم من هذه الأيام.  
 
10- هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد أو استبدالها بغيرها من المصاحف، كأن يأخذ الشخص مصحفاً من المسجد ويضع غيره؟
لا يجوز أخذ شيء من المساجد لا من المصاحف ولا من الكتب ولا من الفرش ولا من اللمبات ولا غير ذلك هذه أوقاف يجب تركها وعدم التعرض لها، فليس لأحد أن يأخذ المصاحف من المسجد ولا من كتب المسجد بل يقرأ فيها إذا كان في المسجد ثم يدعها في محلها، وليس له أن يأخذ شيء منها، هذا ظلم ما يجوز بل تبقى في المسجد لانتفاع المصلين أو زوار المسجد بالكتب والمصاحف.
 
11- يسأل في سؤال مطول عن امرأة تصلي وتصوم وصاحبة طاعة إلا أنها مع رجل لا يصلي؟
الواجب عليها أن تبتعد عنه وأن تمنعه عن نفسها حتى يتوب إلى الله عز وجل لأن تارك الصلاة كافر على أصح قولي العلماء وإن لم يجحد وجوبها أما إن جحد وجوبها فهو كافر بإجماع العلماء لأنه مكذب لله ورسوله لكن إن كان يقر أنها واجبة ولكن يتركها فهو كافر في الصحيح من قولي العلماء لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، رواه مسلم في الصحيح ولقوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، فعليها أن تذهب إلى أهلها أو تمنعه من البيت إن كان البيت لها أو من نفسها إن كانت تستطيع الذهاب إلى أهلها أو غيرهم تمنعه من نفسها وتطلب منه الطلاق أو التوبة وإن كان هناك محكمة شرعية تروح إلى المحكمة. سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه..  

390 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply