حلقة 69: حكم لبس الذهب للنساء - حكم الزواج من بنت الأخ من الرضاعة - حكم تكفير من استهزأ بالقرآن ومن ترك الصلاة - آمين بعد الفاتحة ليست من القرآن - معاشرة شارب الخمر والأكل معه - النوم في المسجد

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

19 / 50 محاضرة

حلقة 69: حكم لبس الذهب للنساء - حكم الزواج من بنت الأخ من الرضاعة - حكم تكفير من استهزأ بالقرآن ومن ترك الصلاة - آمين بعد الفاتحة ليست من القرآن - معاشرة شارب الخمر والأكل معه - النوم في المسجد

1- لقد سمعنا من بعض الإخوة طلاب العلم: أن لبس الذهب حرام وغير جائز للنساء، فنرجو مدى صحة هذا القول، إن كان صحيح، مع بيان الأدلة على ذلك؟

فقد ذكر هذا بعض أهل العلم، وأن لبس الذهب للنساء حرام تحليلاً فيه تفصيل، ولكن الذي عليه عامة العلماء وحكاه بعضهم إجماعاً أنه لا حرج فيه للنساء، وأن الذهب حل للنساء حرام على الذكور، هذا هو الصواب، هذا هو الحق أن الذهب حل للنساء محرم على الرجال، لقوله عليه الصلاة والسلام: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورهم)، ولأحاديث أخرى جاءت في الباب دالةً على حله للنساء وتحريمه على الذكور، وهكذا لبس الحرير يحل للنساء دون الرجال، إلا ما جاء في حديث عمر من استثناء موضع إصبعين أو ثلاثٍ أو أربع من الحرير للرجال، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن خاتم الذهب للرجال ورأى رجلاً في يده خاتم من ذهب فنزعه، وقال: (يعمد أحدكم إلى جمرةٍ من نار فيضعها في يده) فالذهب والحرير محرمان على الذكور حل للإناث، هذا هو الحق والصواب، وهو كالإجماع بين أهل العلم رحمة الله عليهم ما عدا ما تقدم من استثناء موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع من الحرير للرجال، كالزر وأشباه ذلك.  
 
2- يقول: عنده مشكلة رضاعة، يقول: أفيدكم أنني من تاريخ ولادتي توفت والدتي، وكنا من سكان البادية، وأخذوا يطعمونني من ألبان الإبل والغنم، ثم قامت جدتي أم والدي برعايتي وحن قلبها إلي وأرضعتني من نفسها، وبعد ذلك مضت الأيام وكبرت وكان لأبي إخوان من أمه وأبيه، ولديهم بنات، وأردت أن أتزوج من إحداهن، فهل تحل لي أم لا؟
إذا كان جدة السائل قد أرضعته رضاعاً تامة خمس رضعات فأكثر حال كونه في الحولين؛ فإنه يكون أخاً لأبيه وأعمامه وعماً لبنات أعمامه، فلا يحل له أن ينكح منهن أحداً؛ لأنه صار عماً لهن بالرضاع، فلا بد من التثبت في هذا الأمر فإذا كانت الجدة قد در لها لبن، أرضعتك منه أيها السائل خمس مرات، خمس رضعاتٍ فأكثر حال كونك في الحولين فإنها تكون أمك من الرضاعة، وتكون أنت أخاً لأبيك وأعمامك من الرضاعة، وعماً لبنات أعمامك من الرضاعة، فلا يحل لك نكاح أحدٍ منهن والله سبحانه وتعالى أعلم.  
 
3- أولا هل يجوز للمسلم أن يكفر رجلاً مسلما لا يصلي الصلوات المكتوبة، أو استهزئ بالقرآن، فهل يجوز أن نقول لمثل هؤلاء كفار، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
نعم أيها السائل إذا وجد ممن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله يقتضي كفره وجب أن يكفر؛ لأن المسلم يكفر بشيء من نواقض الإسلام، فليس من يشهد أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله معصوماً من أي يقع منه مكفَّر، لا، بل متى وجد المكفَّر كفِّر به، فالذي يستهزئ بالقرآن أو يستهزئ بالرسول -صلى الله عليه وسلم- أو يستهزئ بالصلاة، أو يستهزئ بالصيام، أو بشيءٍ مما شرعه الله؛ يكون كافراً عند جميع العلماء، وقد ذكر العلماء ذلك في باب حكم المرتد فينبغي لك إذا كنت طالب علم أن تراجع كلام أهل العلم، وإلا فلتعلم أن هذا كفر وضلال وردة عن الإسلام كما قال الله جل وعلا: قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم.وهكذا الذي يترك الصلاة عمداً ولم يصلِّ هذا كافر أيضاً في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، متى تركها تهاوناً وتكاسلاً فإنه يكفر بذلك في أصح قولي العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) فمن ترك عمود الإسلام كفر. ولقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه، ولقوله عليه الصلاة والسلام أيضاً: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم، وقال بعض أهل العلم:أنه لا يكفر كفراً أكبر، بل كفره كفر أصغر ما لم يجحد وجوبها، فإن جحد وجوبها كفر بالإجماع، أما ما دام يعلم أنها فريضة ولكن يغلب عليه الكسل والتساهل فلا يصلي فلا يكفر بذلك عند جمع من أهل العلم، ولكن يكون عاصياً معصيةً عظيمة أعظم من معصية الزنا وشرب الخمر ونحو ذلك ويكون كافراً كفراً دون كفر. هذا قول جمع من أهل العلم، والصواب القول الأول أنه كافر كفراً أكبر للأحاديث السابقة، ولأدلةٍ أخرى دلت على ذلك، فالواجب على أهل الإسلام الحذر من ذلك والمحافظة على الصلوات والعناية بها، والعناية بأدائها في الجماعة، هذا هو الواجب على كل مسلم، وليس قوله: أشهد أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله عاصماً من تكفيره إذا وجد منه ناقض من نواقض الإسلام، كما عرفت أيها السائل فإن الاستهزاء بالدين كفر بالإجماع، ولو قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وهكذا لو أنكر البعث بعد الموت أو أنكر الجنة أو أنكر النار كفر بإجماع المسلمين، ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله؛ لأن إنكاره لهذه الأمور تكذيب للرسول -صلى الله عليه وسلم- وتكذيب لله فيما أخبر به في كتابه، وهكذا لو سب الدين، سب الله، سب الرسول، كفر بالإجماع، ولو أتى بالشهادتين، وهكذا لو قال إن صوم رمضان غير واجب أو الزكاة مع توفر شروطها غير واجبة، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب كفر بالإجماع، فينبغي لك أيها السائل وينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور والحذر من كل ما يسبب الكفر والخروج عن دائرة الإسلام، وينبغي للمؤمن أيضاً أن يتفقه في دينه وأن يتبصر وأن يحذر الوقوع فيما حرم الله عليه وهو لا يشعر ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
4- عرفونا عن آية من سورة الفاتحة، وهي (آمين) التي تأتي بعد ولا الضالين، فهل هي آية، أم سنة، أم مستحبة؟
أيها السائل قول (آمين) بعد الفاتحة ليست من آيات القرآن، وليست من آيات الفاتحة وإنما هي دعاء بمعنى: استجب يا ربنا، فآمين معناها: اللهم استجب، فهي سنة وليست واجبة، بل سنة بعد الفاتحة يقولها القارئ في الصلاة وغيرها يقول آمين إذا قرأ الفاتحة، يقولها الإمام، يقولها المأموم، يقولها المنفرد، في الصلاة وخارجها، آمين، هذه السنة، ليست واجبة ولكنها مستحبة، وهي دعاء وليست آيةً من الفاتحة ولا من غيرها، وإنما هي دعاء.  
 
5- ما حكم الأكل مع الإنسان شارب الخمر والسعوط وما إلى ذلك؟
ينبغي لمن عرف إنساناً بشرب الخمر أو إظهار شيءٍ من المنكرات الأخرى أن ينصحه، وأن يوجهه إلى الخير ويرشده إلى ما أوجب الله عليه من ترك هذه المحرمات والقاذورات، فإن أصر ولم يقبل النصيحة فينبغي أن يهجر وهجره سنة لعله يتوب، ولعله ينيب إلى الله عز وجل كما هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر وهم: كعب بن مالك الأنصاري وصاحباه، هجرهم النبي وأصحابه خمسين ليلة لما وقعت منهم هذه المعصية بدون عذرٍ شرعي، وهي التخلف عن الغزو بعد أمر الرسول بذلك عليه الصلاة والسلام و.......... الناس لغزوة تبوك، فمن هنا ومن أحاديث أخرى أخذ العلماء شرعية هجر من أبدى معاصي وأظهرها، أو أظهر البدع حتى قال ابن عبد قيس رحمه الله في منظومته المشهورة في الأدب: وهجران من أبدى المعاصي سنة وقد قيل إن يردعه أوجب وأكد وقيل على الإطلاق ما دام معلناً ولاقه بوجهٍ مكفهر مربـــد فالمقصود أن هجر من أظهر المعاصي أو البدع سنة مؤكدة، وقال بعض أهل العلم بأن ذلك واجب مطلقاً، وقال بعضهم: يجب إن حصل به الردع عن البدع والمعاصي فإن لم يحصل به الردع صار سنةً لا واجباً، وبكل حال فمن أظهر شرب الخمر أو التدخين أو غير ذلك من المعاصي كالزنا والربا وأشباه ذلك فإنه يستحق أن يهجر بعد النصيحة، بعد التوجيه بعد الإرشاد؛ لأنه قد يكون جاهلاً لا يعلم تحريم هذه الأمور كالذي نشأ في بلادٍ بعيدة عن المسلمين، أو لُبِّس عليه في ذلك فدعوته ونصيحته فيها إقامة الحجة وفيها تذكيره بالله وتحذيره من مغبة هذه المعاصي والدين النصيحة كما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا أصر ولم يبالِ بالنصيحة فإنه ينبغي أن يهجر، لكن إذا رأى المسلم أن هجره قد يزيده شراً ورأى أن يستمر معه بالنصيحة بين وقتٍ وآخر لا لمحبة ماله أو طعامه أو شبه ذلك، ولكن لقصد توجيهه إلى الخير ورحمته لعله ينيب إلى الله ولعله يتوب، فلا حرج أن يكرر عليه النصيحة ولو زاره لذلك وإذا ترك أكل الطعام معه ونحوه كان أنسب حتى لا يظن أنه جاءه من أجل الطعام، فيتصل به للنصيحة والتوجيه ويدع الأكل معه ومجالسته التي ليس فيها مناصحة حتى لا ينسب إليه أنه مقر للمنكر، وحتى لا يظن صاحب المنكر أنه راض عنه وأنه لا يرى إنكار هذا المنكر، والمؤمن يفعل ما هو الأصلح دائماً، ويجتهد في فعل ما هو الأصلح وما هو الأقرب إلى الردع للباطل وجلب الخير، هذا هو الذي ينبغي في هذا المقام هو الهجر لمن أظهر المعاصي، وعدم مجالسته وعدم مآكلته إلا إذا اقتضت المصلحة الشرعية أن يجالسه في النصيحة ويكرر ذلك للنصيحة والتوجيه، وأن هذا أصلح من هجره لأن هجره يزيده شراً ويزيده بلاءً وشروراً وتماد في المعاصي، أو في إيذاء الناس ودعوتهم إلى الشر، فإنه في هذه الحال تنبغي معاودته ومراجعته بالنصيحة لعله يتوب ولعله ينيب.  
 
6- ما حكم النوم في المسجد؟
النوم في المسجد لا حرج فيه ولا بأس به، هي بيوت الله أقيمت للعبادة والنوم لا ينافي ذلك، فقد يكون النوم عبادةً إذا أريد به التقوية على طاعة الله، وقد نام الصحابة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل الصفة وغيرهم وغيرهم، نام علي في المسجد لما حصل بينه وبين زوجته بعض الشيء فجاءه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد فأيقظه وقال له: (قم أبا تراب، قم أبا تراب) لما رأى التراب عليه – عليه الصلاة والسلام – وكان ابن عمر ينام في المسجد بعض الأحيان فالحاصل أنه لا حرج في ذلك.   

542 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply