حلقة 276: عقيدة الصحابة في صفات الله - خدمة المرأة لزوجها - حكم كلام المرأة مع الرجل عبر الهاتف - حكم من أفطرت رمضان عمداً - علامات قبول التوبة - صلاة تفريج الهم والكرب - عدم قبول دعاء المؤمن قد يكون عقاباً له - الدعاء هل يغير المكتوب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

26 / 50 محاضرة

حلقة 276: عقيدة الصحابة في صفات الله - خدمة المرأة لزوجها - حكم كلام المرأة مع الرجل عبر الهاتف - حكم من أفطرت رمضان عمداً - علامات قبول التوبة - صلاة تفريج الهم والكرب - عدم قبول دعاء المؤمن قد يكون عقاباً له - الدعاء هل يغير المكتوب

1- بينوا لنا كيف كانت عقيدة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صفات الله سبحانه وتعالى، وفي توحيد الله، وفي القرآن، وفي البعث والجزاء؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا سؤالٌ عظيم جدير بالعناية، عقيدة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم – في أسماء الله وصفاته، وفي البعث والنشور وفي غير ذلك هي ما دل عليه القرآن العظيم، والسنة المطهرة الصحيحة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، تلقوا عن نبيهم العقيدة التي دل عليها القرآن العظيم وهي الإيمان بالله بأنه ربهم ومعبودهم الحق سبحانه وتعالى الذي لا تجوز العبادة إلا له - سبحانه وتعالى -، وهو الذي يصلى له، ويدعى ويستغاث به، وينذر له، ويصلى له إلى غير ذلك. فالعبادة حقه سبحانه وتعالى، فعقيدتهم أن العبادة لله وحده، وأنها لا يصرف منها شيءٌ لغير الله لا لملكٍ مقرب ولا لنبيٍ مرسل، وقد كانوا في الجاهلية يعبدون الأصنام ويدعونها ويستغيثون بها، والأشجار والأحجار فلما بعث الله نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم – وهداهم إلى الإسلام عرفوا أنما هم عليه هو الباطل، وأنه هو الشرك الأكبر، وأن العبادات كلها يجب أن تكون لله وحده. وعقيدتهم في أسماء وصفاته الإيمان بها، وإمرارها كما جاءت وعدم التكييف والتمثيل، فهم يؤمنوا بأن الله هو السميع البصير، الحكيم العليم، الرحمن الرحيم، وأنه على العرش استوى فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم - سبحانه وتعالى – وأنه الحي القيوم، وأنه مصرف العباد كيف يشاء، مدبر الأمور وخالق الخلق،ورازق العباد، لا شبيه له ولا مثل له ولا كفؤ له، (قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد)، ويقول - سبحانه وتعالى -: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، هذه عقيدة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم – في أسماء الله وصفاته، ................... وأنه العلي العظيم وأن الأعمال، ترفع إليه الأعمال الصالحة، كما قال: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)، وقال جل وعلا: (تعرج الملائكة والروح إليه) صعود من أسفل إلى أعلى، وقال جل وعلا: (فالحكم لله العلي الكبير)، وقال: (وهو العلي العظيم)، وقال في حق عيسى: (إني متوفيك ورافعك إلي)، وقال: (بل رفعه الله إليه)، فوق العرش فوق جميع الخلق، فهو العلي الأعلى فوق العرش كما قال ...................... بل استوى عليه، والاستواء هو العلو والارتفاع فوق العرش استواءٌ يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في استوائهم، ولا في كلامهم، ولا في غير ذلك، وهو - سبحانه وتعالى – العلي الأعلى فوق العرش بلا كيف، فأهل السنة والجماعة هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه لا يكيفون، لا يقولون: استوى كيف استوى؟، ولكن يقولون: استوى على العرش بلا كيف، الكيف هو الذي يعلمه-سبحانه -، لا نعلم كيفية صفاته - سبحانه وتعالى- بل نقول: استوى بلا كيف، وهو الرحمن الرحيم، وهو العزيز الحكيم، وهو السميع البصير بلا كيف، لكن نعلم يقيناً أن صفاته كاملة وأنه لا شبيه له ولا مثل له، قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، فلا يجوز لأحد أن يكيفها ولا أن يمثلها، فالمشبة كفار، من شبه الله بخلقه فقد كفر، وكذب قوله تعالى: ليس كمثله شيء، ومن عطل صفاته وأنكرها كالجهمية كفر، أو عطل معانيها كالمعتزلة كفر، فالواجب إثباته أسمائه وصفاته لفظها ومعناها، يجب إثبات الأسماء والصفات لفظاً ومعنىً لله - عز وجل-، فهو موصوفٌ بها، وهو الله - سبحانه وتعالى – له معناها، وهو العلي له العلو، الرحمن له الرحمة، سميع يسمع، بصير يبصر إلى غير ذلك، فيحب على وجه لائق بالله، لا شبيه له في ذلك، ولا كفؤ له ولا ند له - سبحانه وتعالى - وكلام الله منزل غير مخلوق، تكلم بالقرآن فكلامه منزل غير مخلوق، وهكذا كلم موسى، كلم محمد - صلى الله عليه وسلم -، يكلم الملائكة، كلامٌ حق، يسمع ليس كمثله شيء كلامه نقول فيه كسائر الصفات كلام حقيقي، لا يشبه كلام المخلوقين، صفة من صفاته كالسمع والبصر والرضى والغضب والرحمة وغير ذلك من صفاته جل وعلا. فالواجب على جميع المكلفين الإيمان بالأسماء والصفات، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ومن دون زيادة أو نقص بل يجب إثبات ما أثبته الله ورسوله، ونفي ما نفاه الله ورسوله، هذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة، عقيدة الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم-، وأما الذين غيروا وبدلوا فليسوا من أصحابه من شيء وليسوا من أهل السنة في شيء، كالجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم، أهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله - سبحانه وتعالى – واحدٌ لا شريك له، ويعتقدون معنى قول لا إله إلا الله وأن معناها لا معبود حقٌ إلا الله، هم يؤمنون بأنه سبحانه المعبود الحق، وأنه لا إله غيره، لا شريك له ويؤمنون بأنه - سبحانه وتعالى – له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأن أسمائه كلها حسنى وأن صفاته كلها علا، لا يشبهه شيء من خلقه - سبحانه وتعالى - في شيء من صفاته، والواجب على جميع المكلفين الإيمان بذلك والسير على منهج الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم- ، وهو توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأنه مستحق العبادة والإيمان بأسمائه وصفاته وأنها حق، وأنه لا شبيه له ولا مثل له ولا كفؤ له، (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، (ولم يكن له كفؤاً أحد)، (فلا تضربوا لله الأمثال)، هذا هو دين الله، هذا هو الحق الذي جاءت به الرسل - عليهم الصلاة والسلام -.   
 
2- لدينا أخت في الله وهي من الداعيات إلى الله - عز وجل - بقدر ما عندها من العلم الشرعي البسيط، وهي خريجة جامعية، وقد تزوجت من أحد الإخوان، وبعد زواجها بفترة، جاءت الأخت المشار إليها بفكرة أن طاعة الزوجة في خدمة زوجها في البيت غير واجبة على المرأة، وإنما الواجب عليها فقط الفراش، فهي لا تطبخ، ولا تكنس البيت، ولا تقوم بأي عمل من الأعمال، وأصرت على رأيها، وقد قام الإخوة بنصحها كثيراً ولكن دون جدوى، وهي تقول: إنها تريد فتوى من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بهذا، وقد كان الاتصال بها مباشرة في نصحها وإرشادها، فطلبت منكم التوجيه؟
الواجب على الزوجة السمع والطاعة للزوج، وأن تعاشره بالمعروف كما يعاشرها بالمعروف قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف)، وقال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهم درجة)، فالواجب عليها السمع والطاعة في الفراش وحاجته إلى نفسها، والواجب عليها أيضاً خدمته الخدمة المعتادة التي يخدم مثلها مثله، فإذا كانت يخدم مثلها فعليه أن يخدمها، وإذا كان مثلها لا يخدم؛ العرف في بلادهم أنهم يخدمون أزواجهم وجب عليها أن تخدمه؛ لأن هذه مسائل عرفية الرسول أطلقها والقرآن أطلقها، (وعاشروهن بالمعروف)، (ولهن مثل الذي عليهم بالمعروف) فإذا كانت من بيتٍ يخدم نساؤها ولا يخدمون أخدمها مع القدرة، وإذا كانت في عرفهم أنها تخدم زوجها تقوم بحاجة البيت من الطبخ وغيره، فعليها أن تقوم بذلك، وكان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم – يخدمون في البيت، يخدمون الرسول - صلى الله عليه وسلم – في بيته، يقدمن له الطعام و الحاجات وهن أشرف النساء - رضي الله عنهن -، فالواجب على المرأة أن تقوم بالواجب وأن تخدمه في بيته كأن تقدم له المعتاد من طعامٍ وشرابٍ ولباسٍ وغير ذلك، إلا إذا كان قد استقر في البلد وعرف في البلد أن مثلها لا يخدم وإنما يخدم فيما يتعلق بالطبخ ونحوه، فإنه يأتي لها بخادمة إذا تيسر، إذا تيسر له ذلك.  
 
3- فتاة ........ لديها ابنة خالة في بيت واحد، هذه البنت تعمل أعمالاً كثيرة من الأخطاء، والتي لا ترضي الله عز وجل ولا ترضيهم تقول: إنها تهاتف رجل في الهاتف، وتؤخر الصلاة، وأيضاً تقول: قمت بنصحها وتكلمت معها، ولكن لم ينفع معها النصح والتذكير، تقول: ومن ضمن هذا بالهاتف بأن أحد الأشخاص وعدها بالزواج، كباقي القصص التي نقوم بسماعها، هل يجوز لي أن أقوم بكشفها وفضحها أمام أهلها، أم أستر عليها؟ وجهونا سماحة الشيخ.
الواجب نصيحتها والستر عليها، تنصح، توجه إلى الخير، وأن المهاتفة إذا كانت قد تفضي إلى الزنا لا تجوز، أما المهاتفة بأنها تسأل عن حاله بأن يخطبها ويسألها عن حالها لأجل الخطبة فلا بأس، أما مهاتفة يخشى من ورائها أن يجتمعا على الفاحشة هذا لا يجوز، يجب أن تنصح وتحذر من هذا الأمر المنكر، ولا مانع من وعيدها وتخويفها بأن يوكل أمرها إلى أهلها، لعلها تستجيب ولعلها تخاف من باب الترهيب، والستر مطلوب لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)، فهي يستر عليها وتحذر، وأن الواجب عليها الكف عن هذا الشيء إلا إذا كان الرجل خاطباً أو يريد أن يخطب ويتحدثا في موضوع الخطبة فقط فلا حرج في ذلك.  
 
4- هل يجب عليها القضاء بعد أن تابت والتزمت بشرع الله، أم أنها تدخل تحت قوله تعالى:((إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ))[البقرة:199]؟
عليها أن تقضي ما دام مسلمة، عليها أن تقضي وتتوب إلى الله مما اقترفت، الله جل وعلا يقول: (فمن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدةٌ من أيام أخر)، فإذا كان المريض المعذور يقضي، والمسافر يقضي، المتساهل المفطر عمداً مع التوبة إلى الله، أما إن كانت لا، كافرة ما تؤمن بالدين وما تصلي فعليها التوبة ولا قضاء، لأن الكافر تحبط أعماله، جد دين جديد، أما إذا كانت مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر وتصلي ولكن تساهلت في رمضان فعليها والكفارة قضاء والتوبة وكفارة، ثلاثة أمور: قضاء الايام، والتوبة إلى الله مما فعلت، والندم والإقلاع والعزم على أن لا تعود، وإطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع، كيلو ونصف تقريباً، هذا عن كل يوم، من قوت البلد، من تمر أو رز أو حنطة، من قوت بلدها.   
 
5- أرجو من سماحة الشيخ الإجابة على أسئلتي: ما هي علامات قبول الله عز وجل لتوبة المؤمن، وقبوله لأعماله من الصلاة والصوم؟ مأجورين
من علامات قبول الله لتوبة العبد وأعماله؛ استقامته على الحق والهدى والسير على المنهج القويم، هذه من علامات أن الله وفقه وقبل منه، متى تاب إلى الله وأناب إليه واستقام على الحق فهذا من علامات التوفيق وأن الله قد تاب عليه، وانحرافه وعدم استقامته دليل على أن التوبة غير صادقة أو أن الله لم يقبلها منه، فالمقصود أن استقامة العبد بعد التوبة والسير على المنهج القويم، إن كان لا يصلي استمر في الصلاة، وإن كان لا يصوم استمر في الصوم، وإن كان عاقاً لوالديه استمر في بر والديه، إن استمر على هذا فهذه علامات الخير، مثل ما الإنسان بعد رمضان إذا استمر على الخير هذه علامة أن الله قبل الصيام، وإذا انحرف هذه علامة عدم التوفيق نسأل الله العافية.    
 
6- هل هناك صلاة لتفريج الهم، وتكون بركعتين ثم يدعو الإنسان بدعاء: (اللهم فارج الهم وكاشف الغم أجب دعوة المضطر إذا دعاك)؟
لا أعلم في هذا شيء خاص، صلاة خاصة؛ لكن مثل ما قال الله - جل وعلا-: (استعينوا بالصبر والصلاة)، فإذا استعان بالصلاة وصلّى وسأل ربه في سجوده وفي جلسته للسلام بعد التحيات فهذا طيب من أسباب الخير، فالله جل وعلا أمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، والنبي - صلى الله عليه وسلم – كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، فإذا صلّى الإنسان ركعتين في الضحى أو في الليل، و دعا ربه في سجوده وفي ما قبل السلام إذا قال التحيات أو بعد الصلاة ورفع يديه ودعا كله من أسباب الخير، من أسباب التوفيق.  
 
7- هل عدم قبول دعاء المؤمن، وعدم تحقق دعوته تكون عقاباً له على خطيئته وارتكابها؟
قد يقع هذا وقد يقع هذا، تأجيل الإجابة يكون من العقوبة لأنه ما أتى بالتوبة ولا تاب توبة نصوحاً، وقد تكون لأسباب أخرى، لذنوب أخرى ومعاصٍ أخرى اقترفها، فالمقصود أنه يلح على ربه بالتوبة، ويلح أيضاً بطلب التوفيق، أن الله يقيه شر نفسه من الوقوع في معاصٍ أخرى، يكون عنده إلحاح وصدق في توبتة وصدق في طلب السلامة و العافية من ذنوب أخرى، وهذه من علامات التوفيق، إذا ألح في طلب العافية وطلب التوفيق وندم على ذنبه ندامةً صحيحة وأقلع منه، وأتبعه بالعمل الصالح، هذه من الدلائل على أن الله وفقه، قال جل وعلا: (وإني لغفارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى)، مع التوبة ذكر أعمال، (وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى)، وقال في حق المشرك والقاتل والزاني: (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات)، وقال تعالى: (إلا الذين تابوا وعملوا الصالحات)، فالمقصود أن المؤمن الصادق يكون مع توبته أعمالاً صالحة، تدل على قوة رغبته في التوبة ويجتهد في الإكثار من الصلاة والصدقات، والإكثار من الذكر، كثرة التسبيح والتهليل إلى غير هذا من وجوه البر، يعني يجتهد في أنواع البر وأنواع الخير، لعل الله يكفر سيئته ولعل الله يقبل حسناته.   
 
8- هل الدعاء يغير المكتوب عند الله تعالى؟
الدعاء من القدر والمكتوب لا يتغير، فالقدر قدران: قدر محتومٌ لا حيلة فيه، وقدرٌ معلق، سيكون بعض القدر معلق بالدعاء فإذا دعا أزال المعلق، قد يكون معلق أن الله جل وعلا يتوب عليه إذا صلّى، إذا صام، إذا فعل كذا، فهذا قدرٌ معلق فالله جل وعلا يرفعه عنه بما فعل من الطاعات والأعمال الصالحات والتوبة، فالأقدار تعالج بالأقدار، مثل ما قال عمر لما أشار عليه الصحابة في غزواته إلى الشام ووقع الطاعون، أشاروا عليه بالرجوع، وأشار بعضهم بعدم الرجوع ثم استقر أمره على الرجوع إلى المدينة، وعدم القدوم على الطاعون فقال: تفر من قدر الله، فقال -رضي الله عنه-: نفر من قدر الله إلى قدره، الله أمرنا بأن لا نقدم عليه، لا نقدم على هذا، فإذا تركنا القدوم عليه فقد فررنا من قدر الله إلى قدر الله، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه-، فأخبر عمر بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أمر بأن لا يقدم عليه، ففرح عمر بذلك وأن الله وفقه لما جاء به النص بعدما استشار الصحابة، وهكذا الإنسان تصيبه الحمى فيتعاطى الأسباب يفر من قدر الله إلى قدر الله، يجوع يأكل حتى يزول الجوع يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه الحر فيشرب الماء البارد أو يتروش يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه مرض في عينيه فيعالجها بأنواع العلاج يفر من قدر الله إلى قدر الله، وهكذا أنواع العبادات كلها فرار من قدر الله إلى قدر الله.  
 
9- أرجو التفضل يا سماحة الشيخ بتوضيح صلاة الاستخارة، وهل عدم تغيير نية الإنسان، وعدم تغيير الظروف المحيطة يعني أن هذا الموضوع فيه خير للإنسان؟
الاستخارة تشرع عندما يهم الإنسان بشيء عنده فيه يتردد، يهم بأن يتزوج، يهم بالسفر يهم بالتجارة في أشياء معينة ويتردد، فهذا يستحب أن يصلي ركعتين كما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم – ثم يدعو ربه، يرفع يديه ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر- ويسمي باسمه - اللهم إن كنت تعلم أن في زواجي من فلانة بنت فلان، اللهم إن كنت تعلم أن سفري إلى البلاد الفلانية وما أشبه ذلك يعيَّن، خيرٌ لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وعاقبة أمري، -أو قال عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسميه- شرٌ لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه وقدر الخير حيث كان ثم أرضني به، هذا دعاء الاستخارة، وإذا كان ما يعرف هذا الدعاء يدعو بالمعنى، يقول: اللهم إن كان هذه الحاجة هي خيرٌ لي، هي مصلحة لي ومنفعة، فيسرها لي، وإن كان غير ذلك فاصرفها عني واصرفني عنها، المقصود يدعو بهذا المعنى بالدعاء الذي يعرف وبالمعنى الذي يعرف ولا بأس، هذا مسنون، مشروع، بعد ما يصلي ركعتين، وإن دعا من دون صلاة أو دعا بعد صلاة النافلة المعتادة بعد سنة الظهر أوسنة المغرب أوسنة العشاء أو غير ذلك فلا بأس، أو دعا وهو جالس دعا عادي فسأل ربه فلا بأس.  
 
10- أنني أخاف جداً من عقاب الله عز وجل، وأشعر بأنني أرتكب سيئات كثيرة في حياتي، وأحاول التقرب إلى الله عز وجل بالصلاة والتسبيح، ولكن مع ذلك أشعر بأنني مقصر جداً في حقوق الله، وخصوصاً عندما أقرأ عن منازل المؤمنين في الجنة؟ وجهوني سماحة الشيخ.
هذه وساوس يا أخي، اتق الله، اطرحها من بالك، تعوذ بالله من الشيطان إذا كنت لا تعلم شيء من الذنوب فاطرح هذه الوساوس واعلم أنها من الشيطان، وقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا بأس أن تتفل عن يسارك ولو في الصلاة ثلاث مرات، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أما إن كنت تعلم شيئاً من الذنوب فبادر بالتوبة، تعلم أنك عاقٌ لوالديك، أنك تركت شيئاً من الصلوات، تعلم أنك ضربت أحد، أخذت مال أحد، فبادر بالتوبة، ... وبادر بالتوبة، والتوبة الندم على الماضي والعزم الصادق على أن لا تعود في الذنب مع تركه والإقلاع منه خوفاً من الله وتعظيماً لله، وإن كان الذنب يتعلق بالمخلوقين ترد عليهم حقوقهم، تعطيهم حقوقهم، أو تستحلهم من حقهم، من تمام التوبة أن تعطيه حقه، مال أخذت منه أو ضربته أو قتلته أو قتلت ولده أو ما أشبه ذلك تعطيه حقه بالقصاص برد المال، هذا من تمام التوبة، أما وساوس ما لها أساس ما تعرف ذنوباً فعلتها فهذا من الشيطان، لا تبالي واطرحها واسأل ربك العافية منها، وتعوذ بالله من الشيطان وأبشر بالخير.  
 
11- له غنم وضمت هذه الأغنام واحدة ليست له، وصارت لها مدة طويلة من الزمن، وتكاثرت، ولم يعرف لها أحد، ماذا يفعل بها؟
هذه بين أمرين؛ إما أن يعرفها التعريف الشرعي سنة كاملة لأنها لم تعرف، وإذا تمت السنة ولم تعرف فهي مالك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (هي لك أو لأخيك أو للذئب)، وقال:(من آوى ضالة فهو ضال مالم يعرفها، فإذا عرفها سنة فهي له)، أو يسلمها للحاكم الشرعي، والحاكم الشرعي يعمل فيها ما يرى من حفظها أو بيعها أو إدخالها بيت المال إلى أن يوجد لها أحد، المقصود أن الحاكم الشرعي يتصرف، بجعل من يعرِّف أو بجعلها في بيت المال، ينظر في الأشياء التي تحف بها، قد تكون لها مدة طويلة، قد تعرف، فالحاصل أن الذي وجدها يعرفها سنة كاملة، فإذا تعرف فهي له، وإن تخلص منها وأعطاها الحاكم أو الأمير أو اللجنة المعدة للقطات برأ منها.   
 
12- ذهبت إلى أحد أصدقائي وحلفت بالحرام بألا أجلس معه، في هذا الوقت هو أيضاً حلف بالحرام أن أجلس، وحلفنا في نفس الوقت، ماذا علينا أن نفعل؟
الذي لم يتم أمره عليه كفارة، الحرام حكم اليمين، إذا قال علي الحرام ما أجلس، وهذا قال علي الحرام أن تجلس الذي ما حصل مطلوبه عليه كفارة، منهما مثل علي الحرام ما يأكل، والآخر يقول علي الحرام أن تأكل، وهذا يقول علي الحرام تتقهوى، وذاك يقول علي الحرام ما أتقهوى، الذي تمت يمينه ما عليه شيء، والذي ما تمت يمينه عليه الكفارة، فإذا علي الحرام ما أتقهوى وتقهوى عليه كفارة، عليه الحرام ما يتغدى وتغدى عليه الكفارة وهكذا وهي كفارة يمين، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة، كل مسكين له نصف صاع، تمر أو رز حكمه حكم اليمين أو حنطة. 
 
13- هل تجوز الصلاة إذا كان الإنسان غير طاهر، عليه جنابة –مثلاً- وكان البرد شديداً جداً، ماذا يفعل هذا؟
إذا وجد النار يسخن الماء ويكون في محل بعيد عن الهواء والبرد، في غرفة في حمام ويغتسل، أما إذا كان عليه خطر، ما وجد الماء، أو ماءً بارد لا يستطيع ما يدفئه به أو في صحراء ما عند ما يتقي به خطر البرد يتيمم، مثل ما فعل عمرو بن العاص لما اشتد البرد عليه في السفر تيمم ولم يغتسل من الجناة فإذا كان هناك خطر تيمم والحمد لله، أما إذا استطاع أن يسخن الماء وأن يكون المحل .. مسقوف، محل ما فيه خطر يفعل هو أعلم بنفسه، هذا يختلف، الخطر يختلف.

479 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply