حلقة 277: شروط كلمة التوحيد - جمع العصر إلى الجمعة - تفسير قوله تعالى يرونهم مثليهم رأي العين - طواف الوداع للعمرة - معنى حديث ثلاثة لا ينظر الله إليهم - حكم من يشرب الخمر - من كان قوياً حج لنفسه - قراءة القرآن على الميت - كفارة الكبائر التوبة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

27 / 50 محاضرة

حلقة 277: شروط كلمة التوحيد - جمع العصر إلى الجمعة - تفسير قوله تعالى يرونهم مثليهم رأي العين - طواف الوداع للعمرة - معنى حديث ثلاثة لا ينظر الله إليهم - حكم من يشرب الخمر - من كان قوياً حج لنفسه - قراءة القرآن على الميت - كفارة الكبائر التوبة

1- ما هي شروط (لا إله إلا الله) كلمة التوحيد، وهل من قال: (لا إله إلا الله) فقط دون أن يعمل يدخل الجنة؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على من أتى بالتوحيد ومات عليه دخل الجنة، من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها)، ومنها حديث عبادة بن الصامت: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، وأن الجنة حق والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل). وهناك أحاديث كثيرة تدل على أن من قال لا إله إلا الله صادقاً موحداً، يتضمن كلامه براءته من الشرك، وإيمانه بأن الله هو المستحق للعبادة فإنه يدخل الجنة، ويكون من المسلمين، مع الإيمان بشهادة بأن محمد رسول الله، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله مما بلغه ذاك الوقت، ثم يطالب بعد ذلك بشرائع الإسلام، فإذا أدرك الصلاة وجب عليه أن يصلي، وهكذا الزكاة وهكذا الصيام وهكذا الحج، وإن مات بحال بعد التوحيد دخل الجنة، لو أسلم ومات بالحال دخل الجنة، لأنه ما أدرك العمل ولا فعل شيئاً من السيئات، والإسلام يجب ما قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها، فإن عاش حتى أدرك الصلاة لزمته الصلاة، فإن أبى وجحدها كفر، وإن لم يصلي كفر، وهكذا إذا أدرك الزكاة يجب عليه الزكاة، فإن أبى صار عاصياً يستحق دخوله النار، وهكذا إذا أدرك الصيام ولم يصم صار عاصياً يستحق دخول النار إلا أن يعفو الله عنه، وهكذا إذا زنى أو سرق أو ما أشبه ذلك صار عاصياً يستحق دخول النار إلا أن يعفو الله عنه، فصار تحت مشيئة الله، (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، المقصود أنه متى دخل في الإسلام ووحد الله وتبرأ من الشرك كله، وآمن بكل ما أخبر الله به ورسوله يكون مسلماً، ثم يطالب بحقوق الإسلام من صلاةٍ و غيرها، وترك المعاصي، فإن ترك المعاصي وأدى الحقوق تم إسلامه وإيمانه، وإن مات في الحال قبل أن يدرك شيء من الأعمال فله الجنة؛ لأن إسلامه جب ما قبله من الشرور، فإن عاش باشر بعض المعاصي، أو ترك بعض الواجبات فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة بتوحيده، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، كما تقدم في قوله - سبحانه وتعالى -: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، وهذا بإجماع المسلمين، بإجماع أهل السنة والجماعة، والعاصي تحت المشيئة لا يكفر خلافاً للخوارج، ولا يخلد في النار كما تقول الخوارج والمعتزلة، لا، بل هو تحت مشيئة الله، إذا مات على الزنا، على السرقة، على عقوق الوالدين، على شرب المسكر، على أكل الربا، لكن لم يستحلها يرى أنها معاصي،لغير مستحل ولكن غلبه الهوى والشيطان فهو يعرف أنها معاصي؛ تحت مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه في النار على قدر المعاصي التي مات عليها، بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار بإجماع أهل السنة والجماعة، لا يخلد في النار إلا الكفرة خلافاً للخوارج والمعتزلة الذين يقولون: إن العاصي إذا مات على المعصية يخلد في النار، وتقول الخوارج: إنه يكفر، وقولهم باطل عند أهل السنة والجماعة، من أبطل الباطل، والآية الكريمة ترد عليهم، وهي قوله - سبحانه وتعالى -: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -في الزاني: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)، فالمراد هو الوعيد والتحذير، يعني ليس مؤمناً إيماناً كاملاً، عنده نقصٌ في إيمانه وليس معناه أنه كافر؛ لأن الآيات يصدق بعضها بعضاً والأحاديث يصدق بعضاً بعضاً، وكتاب الله لا يكذب بعضه بعضاً، والسنة لا تخالف القرآن، فوجب أن تفسر النصوص بالنصوص، يفسر النص بالنص، تقول: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) يعني الإيمان الواجب الكامل، لو كان عنده إيمانٌ كامل ما زنى، لكن عنده نقص فلذلك وقع في الزنى، وقع في الخمر لنقص إيمانه، ليس معنى أنه كافر لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أمر في حق الزاني أن يحد، يقام عليه، ويكون الحد كفارة له، وشارب الخمر كذلك يقام عليه الحد والحد كفارةٌ له، وإذا مات الزاني على الزنى بعد الحد دخل الجنة وصار الحد كفارةً له، ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم – في حديث عبادة في الصحيحين لما ذكر المعاصي قال: (فمن أدركه الله في الدنيا -أي بالحدود الشرعية- كان كفارة له، ومن أجَّله الله إلى الآخرة فأمره إلى الله)، كما قال تعالى: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، فأهل السنة والجماعة يقولون: إن صاحب المعاصي تحت المشيئة إذا كانت المعصية دون الشرك، ولم يستحلها فهو تحت المشيئة، كالزاني وشارب الخمر وآكل الربا والعاق لوالديه ونحو ذلك، أما من استحل المعاصي، استحل الزنا، قال الزنا حلال، تقام عليه الحجة، فإذا بُيِّنَ له الدليل وأصر على أن الزنا حلال كفر، وصار كافر الكفر الأكبر، وهكذا من يقول: أن الخمر حلال ويُبَيَّن له الدليل ويصر يكون كافراً، وهكذا من يقول السرقة حلال، أو الربا حلال يبين له الأدلة، فإذا أصر على أن الربا حلال كفر، وهكذا من قال عقوق الوالدين حلال يبين له الأمر فإذا أصر بعد الأدلة كفر، وهكذا من يقول إن اللواط حلال، وهكذا من استحل المعاصي المعروفة من الدين بالضرورة استحلها وبين له الدليل وأصر كفر، أما من مات على المعصية وهو يعرف أنها معصية لم يستحلها يعرف أنه عاصي مات وهو زاني، مات وهو شارب الخمر مات وهو يرابي، وهو يعرف أنه عاصي فيكون تحت مشيئة الله، إن شاء ربنا غفر له بأعماله الصالحة وتوحيده، وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها، ثم بعد التطهير والتمحيص في النار يخرجهم الله إلى الجنة، وقد تواترت الأحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أن كثيراً من العصاة يدخل النار ويعذبون فيها، ثم يخرجهم الله من النار وقد امتحشوا – قد احترقوا- فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم أدخلهم الله الجنة. قد تواترت بها الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأجمع على هذا أهل السنة والجماعة ولا يبقى في النار مخلداً إلا الكفرة نسأل الله العافية، أما العصاة لا، قد يبقى فيها قد تطول الإقامة، ويسمى خلود لكنه خلود مؤقت ينتهي، فإذا تمت المدة التي قدرها الله عليه أخرج من النار، وصار إلى الجنة لتوحيده وإسلامه، والتوحيد له شروط ذكرها بعض أهل العلم وهي سبعة، قال بعضهم ثمانية، جمعها بعضهم في بيتين: علمٌ يقينٌ وإخلاصٌ وصدقُك مع محبـة وانقيـاد والقبول لها وزيد ثامنهـا كفراً منك بمـا سوى الإله من الأشياء قد ألها فإذا فهمها طالب العلم وأتقنها وأداها كان هذا كمال التوحيد والإيمان، وإن كان عامي لا يعرف هذه الشروط ولكنه تبرأ من الشرك وآمن بالله ووحده كفى، وإن لم يعرف الشروط، متى تبرأ من الشرك وتبرأ من الكفر، واعتقد بطلانه وآمن بالله ووحده كفى. يقول علمٌ: يعني يعلم أن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة، وأن معنى لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله، يقين يقولها بيقين ما هو بشك، يوحد الله عن يقين، وإخلاص يعني ما أشرك بالله غيره؛ بل أخلص لله مع الصدق، خلاف المنافقين يقولونها وهم كاذبون، المنافقون، هذا كافر، إذا قالها ظاهراً وهو يكذبها في الباطن هذا كافر، مع المحبة مع محبة الله ومحبة توحيده، الذي ما يحب الله كافر، أو يكره التوحيد أو يكره الإيمان كافر، (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم)، وهكذا القبول يقبل الدين، يقبل الحق، ينقاد له، أما إذا رد الحق ولم يقبله ولم ينقد للحق؛ بل .... ولم يقبله أن يوحد الله، ولم يترك الشرك يكن كافراً. ولا بد من الكفران بما يعبد من دون الله، كما قال تعالى:فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ (256) سورة البقرة)، يعني يكفر بعبادة غير الله، يعني ينكرها، يعتقد بطلان عبادة غير الله ينكرها ويتبرأ منها، هذا معنى قول الشاعر: وزيد ثامنهـا كفراً منك بمـا سوى الإله من الأشياء قد ألها فالمقصود أن المؤمن يعلم الحق ويعتقده ويصدق في ذلك، ويتبرأ من الشرك وأهله وينقاد للحق ويطمئن إليه ويحب الله ورسوله، هكذا المؤمن ولو ما عرف الشروط، متى قبل الحق وانقاد لتوحيد الله، وأخلص لله وأحب الله، وانقاد لشرعه، ولم يكن كاذباً كالمنافقين صار إيمانه صحيح.   
 
2- كثير من الناس -هداهم الله- يذهبون في رمضان إلى المساجد البعيدة عن بيوتهم لأداء صلاة التروايح طلباً لحسن الصوت لبعض الأئمة، ولكن المشكلة -سماحة الشيخ- بأنهم يذهبون متأخرين جداً، فنراهم قد تفوتهم صلاة العشاء، فيقضون جماعات في آخر المسجد، فهل من كلمة لهؤلاء -سماحة الشيخ-؟
نعم نصيحتي للجميع أن يتقوا الله وأن يحرصوا على أداء الفريضة، وإذا ذهب بعد الفريضة، أو مبكراً حتى يدرك الفريضة إلى شخصٍ آخر يرى أن صوته أحسن وأنه يخشع لقراءته ويستفيد فلا بأس، ولو كان بعيداً عن بيته، لكن يحرص على أداء الفريضة لا تفوته الفريضة، إما يصليها في المساجد القريبة، وإلا يبكر حتى يصلى مع ذاك الإمام الفريضة ولا يعرض نفسه لأن تفوته الفريضة؛ لأن الفريضة فرضٌ عليه والتراويح مستحبة، فلا يضيع الفرض من أجل المستحب، يجب أن يعتني بالفريضة حتى يؤديها مع إخوانه المسلمين، وإذا أحب أن يصلي مع شخصٍ آخر فليبكر، يذهب قبل العشاء حتى يدرك الفريضة، نعم، أو بعد العشاء إذا صلّى الفريضة فلا بأس.  
 
3- ذهبنا إلى مكة لأداء العمرة، وكنا عازمين إن شاء الله بعد صلاة الجمعة أن نسافر إلى بلدنا، فأشار علينا أحد الإخوة أن نصلي العصر قصراً بعد صلاة الجمعة مباشرة حيث أننا مسافرين، مع أننا لم نجلس في مكة سوى ثلاثة أيام، فهل فعلنا هذا صحيح، وإذا كان غير ذلك ماذا يجب علينا أن نعمل؟
جمع العصر إلى الجمعة لا نعلم له أصلاً، لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم – ولا أصحابه، وقد نص العلماء على أنه لا يجوز، فالواجب قضاؤه، الذي فعل ذلك أن يقضي العصر، الذي جمع العصر مع الجمعة الواجب عليه قضاءه، إذا نُبِّه قبل العصر يقضيها بعد العصر، وإذا نبه بعد ذلك يقضيها؛ لأنه جمعها في غير وقتها، يعني قدمها على وقتها، ولا نعلم لهذا أصلاً، قال بعض الشافعية وبعض الناس:أنه لا بأس ولكن لا دليل على ذلك، والصواب أن العصر لا تجمع مع الجمعة وأن من جمعها مع الجمعة فعليه الإعادة، متى علم قضاها.  
 
4- أثناء فترة الشباب كان يفوتني البعض من الصلوات مثل العصر والفجر على سبيل المثال، والحمد لله الآن أقضي جميع الصلوات الخمس في المسجد وأصلي مع الجماعة، وأحرص على ألا يفوتني أي فرض، وأفكر كيف أقضي ما فاتني في فترة الشباب، هل يمكن أن أقضي مع كل فرض فرضاً لما فاتني، حتى ولو بين الأذان والإقامة؟ أرجو منكم أن بيان ذلك.
ليس عليك قضاء والتوبة تجب ما قبلها والحمد لله؛ لأن ترك الصلاة كفر، ولا خلاص منها إلا بالتوبة، ما دمت تبت من ذلك والحمد لله فلا قضاء عليك، التوبة تجب ما قبلها، لأن من ترك الصلاة كفر، فإن تاب ورجع إلى الحق والهدى فليس عليه قضاء، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم – المرتدين أن يقضوا، والصحابة لم يأمروا المرتدين أن يقضوا، لما أسلموا لم يأمروهم أن يقضوا ما فاتهم من صيام أو صلاة، والحمد لله.  
 
5- ما حكم صلاة التراويح في رمضان بالنسبة للرجل المنفرد في بيته، وما عدد ركعاتها؟ جزاكم الله خيراً.
قيام رمضان سنة في المساجد، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)،كونه يقوم رمضان مع إخوانه في المساجد أفضل، وإن صلّى في بيته ولا حرج، وليس لها حدٌ محدود، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة، هذا الأفضل، وإن صلّى أكثر، عشرين والوتر، ثلاثين والوتر، أربعين والوتر ما في حرج والحمد لله، لكن أفضلها هو ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة هذا أكثر ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم – يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، هذا هو الأفضل سواء صلاها في أول الليل، أو في وسط الليل أو في آخر الليل، أو فرقها صلّى بعضها في أوله وبعضها في وسطه، أو بعضها في أوله وبعضها في آخره، كل هذا لا حرج فيه، وهكذا في المساجد إذا صلوها جميعاً في أول الليل أو صلوها في آخر الليل أو بعضها في أول الليل وبعضها في آخر الليل، كل هذا بحمد الله لا حرج فيه، هذا أمر موسع، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – ما شرط شيئاً، قال:(من قام رمضان) ولما دخلت العشر أحياها كلها - عليه الصلاة والسلام -، فالأمر في هذا واسع، إذا أحيا العشر كلها من أولها إلى آخرها فهذا أفضل، وإن استراح فيما بينها فلا بأس، وإذا صلّى التراويح في أول الليل أو اتفقوا على أن يصلوها في آخر الليل كل ذلك لا بأس به، والحمد لله.   
 
6- ما هو تفسير الآية الكريمة: (( يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ))[آل عمران:13]، علماً بأن ذلك ذكر في آية ثانية ذكرت في سورة التوبة؟
سورة الأنفال، المقصود أن هذا يوم بدر، والله جل وعلا قضى بحكمه العدل- سبحانه وتعالى – أن يقللهم في أعينهم هؤلاء وهؤلاء، وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً(44) سورة الأنفال، فلما تقاربوا صار كل واحد يرى صاحبه قليلاً، لما تقاربوا: الصحابة يرونهم قليلين والكفار يرون الصحابة قليلين، حتى يتمكن بعضهم من بعض، يعني حتى يندفع بعضهم إلى بعض، حتى حكم الله بينهم، وقتل الله صناديدهم ونصر المسلمين عليهم، وكانوا أولاً يرونهم مثليهم، قيل المسلمين يرون الكفار مثليهم، وقيل الكفار يرون المسلمين مثليهم، فلما دنا بعضهم من بعض، واتصل بعضهم من بعض؛ صار كل واحد يرى خصمه أقل منه؛ حتى يقدم هذا على هذا، وهذا على هذا، وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ(44) سورة الأنفال، - سبحانه وتعالى -، فالله جل وعلا تقليل هؤلاء في وجه هؤلاء، وهؤلاء في وجه هؤلاء من أسباب الإقدام حتى تحامى الجميع، ونصر الله المسلمين وأذل الكافرين.  
 
7- ما هو القول الصحيح في طواف الوداع بالنسبة للعمرة، هل هو واجب؟
الأظهر من أقوال العلماء أنه مستحب وليس بواجب، لأنه ليس هناك دليل واضح لوجوب طواف العمرة، إنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – الحجاج أن يطوفوا للوداع، وقال للحجاج: (لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)، وقال ابن عباس: أمر الناس- يعني الحجاج - أن يكون آخر عهدهم بالبيت، ولم يأت أنه أمر العمار أن يطوفوا بالبيت للوداع، ولما اعتمر الجعرانة لم يودع، وهكذا لما اعتمر عمرة القضاء أن يودع لما علمنا من السنة، فهذا بيان الجواز، وأنه لا وداع للمعتمر، والمعتمرون لما حلوا من عمرتهم في رابع ذي الحجة، وخرجوا مع إبلهم لم يأمرهم بالوداع الذين خرجوا بعد العمرة، مع إبلهم مع أنها مسافات بعيدة للرعي، المقصود أن الأفضل الوداع لكن ليس عليه دليل، ثم العمرة مشروعةٌ دائماً وتتكرر في السنة، قد يأتي مرات كثيرة، فأمرها واسع ليس فيه تشديد.  
 
8- أسأل عن معنى هذا الحديث وعن مدى صحته، ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يكلمهم وهم في النار خالدون: وذكر منهم مسبل إزاره ؟
الحديث رواه مسلم في الصحيح: (ثلاثةٌ لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم، المسبل إزاره، والمنان بما أعطى، والمنَفِّقُ سلعته بالحلف الكاذب)، هذا من باب الوعيد عند أهل السنة والجماعة، ليسوا كفاراً، بل من باب الوعيد والتحذير والترهيب، المسبل يقع في كبيرة من الكبائر، والمنان بالعطية الله - جل وعلا- قال: (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى)، والمنفق سلعته بالأحلاف الكاذبة،"والله أنها علي بكذا، والله أني اشتريتها بكذا، والله إنها بكذا"، وهو يكذب حتى يمشيها، وهو يأكل أموال الناس بالباطل، هذا وعيدٌ شديد يدل على أن هذه من الكبائر، من كبائر الذنوب، وفي الحديث الآخر: (ثلاثةٌ لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم: شيخٌ زاني-شيخ شائب- وملكٌ كذاب وعائلٌ مستكبر)، هذا يدل على أن الزنا مع الشيخوخة مع كبر السن يكون أعظم من الزنا في الشباب، أكبر إثماً، وهكذا الملك الكذاب إثمه أكثر؛ لأنه قد أعطاه الله الملك وأغناه الله عن الكذب فما الحاجة إلى الكذب، وعائلٌ مستكبر، مع فقره يستكبر!!، الغني قد يحمله الغنى لكن هذا مع كونه فقير يستكبر!، هذا يدل على أن الكبر طبيعة له، وسجية له نعوذ بالله، فاشتد بهذا إثمه نسأل الله العافية.  
 
9- عندي صديق والحمد لله بأنه يصلي ولا يترك فرض، ويعمل خير، ويتصدق كثيراً، ويحب الناس، ويخدم الناس، وذهب إلى الحج أكثر من مرة، ولكن مع الأسف الشديد والذي لاحظته عليه بأنه بعد صلاة العشاء يتناول الخمور، ولا أحد يعرف عنه، ولما قمت بنصحه عن ذلك قال: بأني أشرب بعد صلاة العشاء وأنام حتى صلاة الفجر، وتكون الرائحة خرجت من الفم، وأرجع إلى حالتي الطبيعية، هذا ما أستعمله في هذا الزمان ولا أخبر عنه أحد، ما حكم هذا الرجل مأجورين
حكمه أنه عاصي وعلى خطر عظيم، لأن الخمر من كبائر الذنوب، النبي - صلى الله عليه وسلم – لعن الخمر وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها، وأمرها عظيم، أم الخبائث، والله يقول فيها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (90-91)سورة المائدة، هذا على خطر عظيم، قد ينام عن الصلاة، قد يجره ذلك إلى أعمالٍ منكرة، فالواجب على المسلم أن يحذر الخمر مطلقاً ولو سراً،يجب عليه أن يحذرها، والله يعلم السر وأخفى ولا تخفى عليه خافية، فكيف يبارز الله بالمعصية، يستتر عن المخلوق ويبارز الله بالمعصية، فالواجب الحذر والتوبة إلى الله من ذلك وهو على خطر عظيم، أن يجره هذا الإصرار إلى شرٍ عظيم، فالواجب عليه التوبة إلى الله والحذر منها والإقلاع عنها، وأنت عليك أن تنصحه كثيراً، وأن تحذره من مغبة هذه المعصية، فهو على خطر نسأل الله السلامة والعافية.  
 
10- رجل يملك من المال ما يمكنه من الحج بنفسه من هناك، ولكنه يريد أن ينوب عنه رجل آخر يسكن في السعودية؛ وذلك لأن الرجل المذكور يحس بالخطر على نفسه في خروجه من بيته، هل يجوز له ذلك؟
لا، ليس له أن يستنيب، يجب عليه أن يصبر حتى يستطيع فيحج بنفسه، إلا العاجز الهرم والمريض الذي لا يرجى برؤه فهو يستنيب، أما ما دام قوياً ولكن عنده تخوف من الخروج يصبر حتى يزول الخوف لا يعجل، أو ينتقل من بلد إلى بلد ليعمل فيها، يترك البلد التي فيها الخوف وينتقل حتى يتمكن من الحج، مثل المريض مرضاً خفيفاً لا يعجل ليس عليه الخروج حتى يبرؤ، مثل الإنسان الذي عنده مشاغل شغلته عن الحج فأجله إلى الحج الثاني مشاغل لا حيلة فيها، المقصود أن مثل هذا لا يعجز ولا يستنيب حتى يزول الخوف وينتقل إلى بلدٍ أخرى، أو يحج من بلده التي فيها الخوف ويسلم والحمد الله.  
11- هل يجوز أن نقرأ القرآن على الميت، وهل يجوز أن نلقنه عند وضعه في قبره؟
إذا قرأ عليه ليدعو له بالشفاء، أو قرأ عنده ليؤنسه من القرآن حتى يستفيد، ويسأل ربه عند سماع القرآن، مثل ما يقرأ عند المريض يس عندما يحتضر يرجى أن يستفيد منها ويخشع ويسأل ربه حسن الخاتمة لا بأس، طيب، هكذا يقرأ يس عند المريض ليستفيد وليخشع ويذكر ربه كل هذا طيب.  
 
12- يقول هذا السائل هل يجوز أن نقرأ الفاتحة عند البيع والشراء ؟
هذا ما له أصل، عند البيع والشراء، يكثر من ذكر الله، أما الفاتحة فلا يجوز، يسبح ويهلل ويذكر الله، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، أما إذا كان جالس وتراه يقرأ القرآن طيب، يقرأ القرآن ما يخص الفاتحة، يقرأ القرآن ما في شيء مخصوص، فإذا أتاه من يبيع ويشتري منه يكلمه، أو يقرأ في كتاب يستفيد من كتاب.  
 
13- ما هي مكفرات الكبائر جميعاً، هل هو الحج أم التوبة، أم لا كفارة لهما؟
كفارة الكبائر التوبة، هي التي تكفر كل شيء، الشرك والكبائر، التوبة متى تاب إلى الله كفر الله عنه الشرك وما أشبه ذلك من جميع الذنوب، ولا يزول الشرك والكبائر إلا بالتوبة، هذا هو الصحيح، إنما التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، فالزنا والسرقة والعقوق وما أشبه ذلك، كله بالتوبة، والشرك بالتوبة، أما المعاصي الصغيرة فالله يكفرها باجتناب الكبائر، متى اجتنب الكبائر ومات على ذلك كفر الله عنه الصغائر، لكن ينبغي له الحذر من الصغائر قد تجتمع عليه فتجره إلى الكبائر، وقد يظنها صغيرة وهي كبيرة فيقع في الهلكة، فالواجب الحذر من جميع الصغائر والكبائر، ولزوم التوبة، وهي الندم على الماضي والإقلاع من الذنوب، والعزم الصادق أن لا يعود فيها، هذه التوبة، ندم على الماضي، وإقلاع من الذنب وترك له، عن خوف وتعظيم لله ورغبة فيما عنده، وعزم صادق أن لا يعود فيه، وإذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين مثل أخذ مال أحد، ضرب أحد، قتل أحد، لا بد من التحلل، لا بد يعطي للمخلوق حقه من قصاص أو غيره أو يستحله، يسامحه، يبيحه، حق المخلوق لا بد من التحلل منه، شرط رابع لا بد منه، إما أن يعطيهم حقوقهم أو يستحلهم فإذا أباحوه وسامحوه لا بأس.

325 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply