حلقة 288: حكم الذبح عند وضع حجر الأساس لبناء منزل - تعليم صفة الطلاق - حكم من صلى بالتيمم لشدة البرد - الحلف بالطلاق المعلق - حكم الكسب من استديوهات التصوير - الشراكة في استديوهات التصوير - عمل المرأة - نصيحة حول سفر المرأة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

38 / 50 محاضرة

حلقة 288: حكم الذبح عند وضع حجر الأساس لبناء منزل - تعليم صفة الطلاق - حكم من صلى بالتيمم لشدة البرد - الحلف بالطلاق المعلق - حكم الكسب من استديوهات التصوير - الشراكة في استديوهات التصوير - عمل المرأة - نصيحة حول سفر المرأة

1- توجد في بلدنا عادة وهي: أن المرء إذا شرع في بناء منزل له يذبح ذبيحة عندما يصل البناء إلى العتاب، أو تؤجل هذه الذبيحة حتى اكتمال البنيان وإرادة السكن في المنزل، ويدعى لهذه الذبيحة الأقارب والجيران، فما رأي فضيلتكم في هذا العمل، وهل هناك عمل مشروع يفضل عمله قبل السكن في المنزل الجديد؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: هذا تصرف فيه تفصيل: فإن كان المقصود من الذبيحة اتقاء الجن, أو مقصداً آخر يقصد به صاحب البيت، أن هذا الذبح يحصل به كذا، و يحصل به كذا في البيت، سلامة البيت أو كذا أو كذا هذا لا يجوز بل هو من البدع، وإن كان للجن فهو شركٌ أكبر؛ لأنه عبادة لغير الله، أما إذا كان من باب الشكر على نعم الله على ما من الله عليه بالوصول إلى السقف, أو بإكمال البيت من باب شكر الله على النعم يجمع أقاربه, وجيرانه, ويدعوهم لهذه النعمة فلا بأس بهذا وهذا يفعله كثيرٌ من الناس، من باب الشكر لنعم الله حيث من عليه بتعمير البيت, وسكن البيت بدلاً من الاستئجار فهذا من باب الشكر لا بأس بذلك، شكراً لله - عز وجل -، أما إذا كان لقصدٍ آخر كاتقاء شر الجن, أو مقاصد أخرى جاهلية لا تجوز. إذا كان على ما يعرف هنا في المنطقة الوسطى بالنزالة؟ هي مثل، النزالة لإكرام الأقارب والجيران والشكر لله على ما من به من إتمام البناء، مثل ما يفعل الناس في العرس، مثل ما يفعلونه في مسائل أخرى إذا قدموا من السفر قد ينحرون أشياء ويدعون الأقارب، كان النبي إذا قدم من سفر نحر جزوراً ودعا الناس-عليه الصلاة والسلام-.   
 
2- كنت جالساً مع أحد أصدقائي نمزح، وقال لي أحدهم الذي يطلق زوجته ماذا يقول؟ فقلت: يقول: أنت طالق, أنت طالق, أنت طالق، فقالوا أنت الآن طلقت زوجتك، فوضعوا في نفسي الشك ولا سيما وقد أخبروا زوجتي بما قلت؟
إذا كان مقصودك بيان كيف يعمل المطلق فليس عليك شيء ولا يعتبر منك طلاق، إذا كان المقصود من هذا الكلام أنك تبين لهم كيف يطلق من أراد الطلاق هذا ليس عليك منه شيء، ولكنك غلطت في تكرار الطلاق في هذا التعليم، يكفيه مرة واحدة يقول: أنت طالق ويكتفي بهذا، هذا هو المشروع, ولا يجوز تكراره ثلاثاً؛ لأن هذا سد الباب اليسر, الله-جل وعلا-جعل الطلاق مرتباً و احدة ثم اثنتين ثم ثلاث حتى لا يضيق الأمر على الزوج، قد يطلقها واحدة ثم أحب أن يرجع فيكون له مجال في الرجوع, ويطلقها اثنتين فيحب أن يرجع فيكون له مجال في الرجوع, فإذا طلقها الأخيرة انتهى لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فأنت علمته الطلاق الذي يحرمها عليه فليس الأمر كما قلت، ولكن السنة أن يطلق واحدة تقول السنة في الرجوع بعد الطلاق تقول أنت مطلقة, أنت طالق, أو فلانة طالق، هذا هو المشروع مرة واحدة فقط، وبكل حال فأنت ليس عليك شيء ما دمت أردت بذلك البيان، وإن غلطت في البيان فليس على زوجتك شيء، والزوجة باقية في عصمتك, ولو بلغها الخبر إذا كان الواقع كما قلت، إذا كنت لم تكذب في الكلام إذا كان الواقع هو ما قلت فليس عليك شيء وليس على زوجتك شيء والحمد لله، ولكن عليك أن تتأدب فلا تفتي بشيء وأنت على غير علم، إذا سئلت عن شيء لا تقول إلا ما تعلم، بالدليل عن كلام الله وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم-، أو مما سمعت من أهل العلم تقول: سمعت العالم الفلاني يقول كذا وكذا، تنقل عن العالم الفلاني ما ضبطته وحفظت أنه قال كذا وكذا في الصلاة, فالصيام, فالحج فالزكاة وفي غير ذلك، وأما أن تقول شيئاً وأنت جاهل فلا يجوز لك؛ لأن الله يقول-سبحانه وتعالى-: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [(33) سورة الأعراف]، فالمسلم لا يقول على الله بغير علم، وقال-سبحانه وتعالى-: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [(169- 168) سورة البقرة]، فبين - سبحانه وتعالى – أن الشيطان يأمرنا بالفحشاء والمنكر, والقول على الله بغير علم، فليس لنا أن نطيع الشيطان، يجب أن نحاربه, وأن لا نقول إلا بعلم, و إلا فعلينا الإمساك والكف عن ذلك حتى نتعلم, وحتى نسأل أهل العلم، والله ولي التوفيق.  
 
3- سؤالي يتعلق بالصلاة، أنا طالب في الإعدادية ساكن في القسم الداخلي، نهضت في الصباح لكي أؤدي فرض صلاة الصبح، وكان الجو بارداً جداً، وليس لدي أي وسيلة لتسخين الماء، وتمسحت دون أن أغسل رجلي بالماء، فهل هذه الصلاة مقبولة أم تنصحونني بقضائها؟
هذا فيه تفصيل: إن كنت تستطيع أن تجد ماءً دافياً أو ماءً لا خطر فيه، أو تسخينه من جيرانك, أو بالشراء من جيرانك, أو من غير جيرانك بالشراء، فالواجب عليك أن تعمل ذلك ؛لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ(التغابن: من الآية16)، فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء أو التسخين, أو غير هذا من طرق التمكن من الوضوء الشرعي بالماء، فإن عجزت وكان البرد شديداً عليك فيه خطر, ولا حيلة لك في تسخينه ولا في شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك فأنت معذورٌ بهذا إذا كان عليك خطر، تعتقد أن عليك خطراً من ذلك في صحتك بالموت أو المرض, فأنت معذور وليس عليك قضاء وعليك التيمم، ما تمسح عليك أن تتيمم بالتراب، تضرب يديك في التراب وتمسح وجهك وكفيك، ويكفيك عن الماء عند العجز عن استعماله لسبب برودته وشدة البرد وعدم وجود ما يدفيك أو يدفي الماء، وعليك في هذا العناية والحرص وخوف الله ومراقبته.  
 
4- هو أنني قبل أربعين عاماً كنت مشغولة في أمور البيت فقلت لابني أن يحبس الدجاج في التنور لكي أتخلص من إزعاجه؛ لأنني كنت أشتغل، ونسيت أن التنور حار لأنني خبزت به قبل يوم، فمات الدجاج وأنا غير متعمدة، فهل علي إثم وهل علي كفارة؟
ليس عليك شيء ما دمت لم تتعمدي قتله بغير حق بهذه الطريقة, وإنما هو سهوٌ منك وغلط ليس عليك شيء، والحمد لله.  
 
5- إن زوجي حلف بالطلاق إذا لم تُرجع أخته الدينار لصاحبه، ولكن أخته لم ترجعه وأخذته، وفي المرة الثانية كان الأمر كذلك، فماذا يكون الحكم؟
هذا فيه تفصيل: إن كان قصد بذلك إيقاع الطلاق إن لم ترجعي الدينار، وقع طلقة على زوجته بذلك وله مراجعتها ما دامت في العدة إذا كان ليس قبل ذلك طلقتان، وإن كان أراد التشديد عليها, أو تخويفها, ولم يرد إيقاع الطلاق فلم تفعل فعليه كفارة يمين؛ لأن هذا في حكم اليمين, وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد ، يعني كيلوا ونصف من قوت البلد من تمر, أو أرز, أو غيرهما, أو كسوتهم، كسوةً تجزؤهم في الصلاة كالقميص لكل واحد, أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز وكان فقيراً لا يستطيع صام ثلاثة أيام ويكفي ذلك.   
 
6- رجل تاب إلى الله- عز وجل-، وعنده فديو وأشرطة أفلام خليعة، فهل يجوز له بيعها، وإذا كان لا يجوز بيعها فماذا يعمل بها، وهل يجوز أن يسجل فيها الخطب والبرامج والمشاهد المفيدة؟
نعم، يسجل فيها ما ينفعه وهذا يمسح ما فيها من الباطل، يسجل فيها الطيب, وقد ذكر أهل الخبرة بأنه إذا سجل فيها غير ما فيها مسح الذي فيها من الباطل, فإذا سجل فيها الطيب انتفع فيها، أما بيعها فلا يجوز البيع، وهي على حالها الرديئة.  
 
7- رجل عنده استديو -دكان فيه آلات التصوير- وعلم أن التصوير حرام، فكيف يتصرف فيها بحيث يمكنه التجنب من الخسارة، وإذا باعها على مسلم أليس يكون ذلك مساعداًَ على نشر المعصية، وما حكم ما يأتيه من كسب ذلك من المال، هل يجوز صرفه عليه وعلى أهله؟
هذا فيه تفصيل: فإن الاستديوا يصور الجائز والممنوع، فإذا صور فيه ما هو جائز من السيارات, والطائرات, والجبال وغير ذلك من الأشجار, وغير هذا من كان ليس فيه روح فلا بأس أن يبيع ذلك ويصور هذه الأشياء التي قد يحتاجها الناس وليس فيها روح, أما تصوير ذوات الأرواح من بني الإنسان, أو من الدواب, أو الطيور فلا، وإذا صور فيها شيء يحتاجه الناس يضطرون إليه كالتابيعة التي يحتاجها الناس في حال حفظ النفوس فلا بأس، فالمقصود أنه لا يستعمل فيه إلا الشيء الجائز، وإذا باعه على الناس فلا بأس ببيعه لأنه يباع ويستعمل في الطيب والخبيث، مثل ما يبيع الإنسان السلاح بالسكين, والسكين تستعمل في الخير والشر، وهكذا السلاح, هو غير مسؤول عن هذا الشيء، إلا إذا كان يعلم أن المشتري يضر به الناس لا يبيع عليه لا سلاحاً ولا غيره، أما إذا كان لا يعلم إنما هو في السوق العامة التي ليس فيها علمٌ من يستعمله بالشر أو في الخير فلا يضره ذلك والإثم على من استعمله في الشر.  
 
8-  رجل شريك في دكان لآلات التصوير وقد تاب، فكيف يُنهي شراكته فيه بحيث لا يخسر، وما حكم ما يأتيه من كسب هذا الدكان؟
مثل ما تقدم، ينهيه بالتقويم, يقوم عليه ويصطلح هو وإياه على القيمة التي يرضاها الشخصان جميعاً، وما دخل عليه من ذلك فهو مباحٌ له، إلا إذا كان في قيمته من تصوير ذوات الأرواح فيتأمل ويقدر قسطها, ويتصدق بها على بعض الفقراء قصد ما صور به ذوات الأرواح من المصورات الأخرى، فيقدر الربع, أو الثلث, أو الأكثر, أو الأقل مما دخل عليه وينفقه في وجوه الخير، براءةً للذمة وبعداً عن الحرام.  
 
9- أرسلت زكاة الفطر الخاصة بي إلى أهلي لكي يخرجوها في البلد، فهل هذا العمل صحيح؟
لا بأس، تجزئ إن شاء الله، لكن إخراجها في محلك أفضل، كونك تخرجها في محلك الذي أنت مقيمٌ فيه لبعض الفقراء يكون أولى، وإذا بعثتها إلى أهلك ليخرجوها على الفقراء فلا بأس
 
10- أريد السؤال عن عمل المرأة وإقامتها بدون محرم في غير بلدها، علماً بأنني أعمل حالياً بالمملكة وفي مكان كله نساء، وأقيم في القسم الداخلي التابع للعمل، وأيضاً كله نساء والحمد لله، لا يوجد اختلاط أو شيء يغضب الله- عز وجل- سواء في العمل أو السكن، وقد حاولت استقدام أخي كمحرم شرعي لي ولكن لم أُوفق لذلك، فما حكم الشرع في وضعي الحالي وإقامتي هنا بدون محرم، علماً بأنني أولاً استخرت الله عز وجل كثيراً قبل حضوري إلى هنا، وأحسست أن الله يسر لي أموراً كثيرة لهذا الأمر، ثانياً الوضع في بلدي من حيث الاختلاط وسوء الأخلاق في مجال العمل لا يشجع الإنسان المسلم الملتزم على الاستمرار فيه، على ضوء ما ذكرت لكم أرجو الفتوى الصحيحة، وعمدوني بما ترون وفقكم الله
نسأل الله لنا ولك التوفيق وصلاح الحال، أما هذا الذي فعلت فلا بأس به، إقامة المرأة في بلد، من دون محرم لا ضرر فيه ولا حرج فيه، ولا سيما إذا كان ذلك لا خطر فيه فإذا كانت بين النساء, أو في عمل مصون عن الرجال مما أباح الله - عز وجل -، أو في قسمٍ داخلي للنساء بين النساء فكل هذا لا حرج فيه، إنما الممنوع السفر، لا تسافري إلا بمحرم ولا تقدمي إلا بمحرم، فإذا كنت قدمت من بلادك بدون محرم فعليك التوبة إلى الله, والاستغفار, وعدم العودة في مثل هذا، وإذا أردت السفر فلا بد من محرم اصبري حتى يأتي المحرم, لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)، وإذا تيسر المحرم من جهة الأقارب, أو بالزواج يكون لك زوج تتزوجي ويكون زوجك محرماً لك في السفر فالأمر بيد الله, فعليك أن تعملي ما تستطيعين عند السفر حتى يحصل المحرم, وأما إقامتك الآن بين النساء في عملٍ مباح فلا حرج فيه والحمد لله.   
 
11- قضية الحاجة إلى عمل المرأة في مكان معين سماحة الشيخ، وقضية محرمها قضية لعل لسماحتكم وجهة نظر ونصيحة ماذا تقولون لو تكرمتم؟
لا ريب أن هذا عمل خطير، وأن مجيء النساء بدون محارم فيه خطر وفتنة، فالذي ننصح أخواتنا في الله الحذر من ذلك, وأن لا يقدمن إلا بمحارم، وننصحهن أيضاً بالحذر من الاختلاط مع الرجال, والعمل مع الرجال, أو الخلوة بالرجال, كونها تخلوا برجل ليس محرماً لها، كل هذا يجب الحذر منه سواء كان في المستشفيات أو في غير المستشفيات، فنصيحتي للجميع أن لا يقدمن امرأة إلا بمحرم، وأن لا تسافر إلا بمحرم, وأن لا تعمل بين الرجال, وأن لا تخلوا بأي رجل من غير محارمها؛ لأنه طريق للفتنة, والرسول - صلى الله عليه وسلم- منع ذلك وحرمه، وقال: (لا يخلون رجلٌ بامرأة فإن ثالثهم الشيطان)، فالمقصود من هذا أن الواجب على المرأة, وعلى أوليائها الحرص على سلامة العرض, والبعد عن أسباب الفتنة، وأما العمل فلا بأس أن تعمل بين النساء ممرضةً, أو خياطةً, أو خادمة, أو غير ذلك في عمل مباحٍ لا يضر دينها, ولا يسبب فتنة مع الرجال، والله المستعان.  
 
12- في بعض الأحيان -تقول- يحدث أنني أنسى أثناء الصلاة وأقرأ آية مكان آية أخرى أو أقرأ كلمة خطأ، ثم أتذكر ذلك أثناء الركوع أو السجود أو بعد الصلاة، فما الحكم في ذلك، وماذا أفعل، وهل أعيد الركعة أم لا؟
الفرض في هذا هو الفاتحة، فإذا قرأت الفاتحة وهي الحمد سورة الحمد حصل المقصود والحمد لله، فإذا قرأت زيادة آية أو آيتين أو قرأت آية بدل آية، أو نسيت آية وأتيت بآية أو نقص منك كلمة فلا يضرك وصلاتك صحيحة، وليس عليك إعادة ركعة ولا إعادة الصلاة والحمد لله، بل صلاتك صحيحة، ولكن عليك أن تجتهدي فيما تيسر لك من قراءة بعض الآيات مع الفاتحة في الركعة الأولى والثانية من الظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء, وهكذا في الفجر، أما الثالثة من المغرب, والثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء تكفي الفاتحة والحمد لله.  
 
13- إذا توفر مجموعة من النساء في مكان واحد، فهل تجب عليهن صلاة الجماعة، وهل هناك إثم إذا صلت كل واحدة بمفردها ولم يصلين جماعة؟
لا حرج في ذلك ولا تجب عليهن الجماعة، الجماعة من اختصاص الرجال، وجوبها في حق الرجال، أما المرأة فليس عليها جماعة, لكن لو صلين جماعةً فلا حرج لو صلين جماعة وصلت بهن إحداهن ولا سيما من لها بصيرة وعلم حتى تعلمهن, وحتى ترشدهن هذا طيب، هذا مستحب، قد روي عن أم سلمة وعائشة أنهما صلتا ببعض النساء، فالحاصل أنه إذا وجد فيهن امرأة قارئة معلمة تفيدهن وصلت بهن فهذا طيب ومشروع للتعليم كيف تصلي المرأة, كيف تركع, كيف تطمئن, كيف تخشع في صلاتها, وتكون إمامتهن بينهن في وسطهن لا تتقدم ولكن تكون في وسطهن، وتجهر بالقراءة في المغرب, والعشاء والفجر, كالرجل، حتى يستفدن منها، وإذا رأت منهن شيء من الخلل علمتهن, وتعظهن وتذكرهن إذا كان عندها علم هذا شيء مطلوب، لكن لو لم يصلين جماعةً فلا حرج، ولو كنا موجودات في البيت الواحد، إذا صارت كل واحدة وحدها فلا حرج.  
 
14- سؤال عن الآية الكريمة: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[فاطر:28] حبذا لو فسرتم لنا هذا الجزء من هذه الآية الكريمة؟
هذا ثناء من الله - سبحانه وتعالى – على العلماء, وبيانٌ لعظم منزلتهم, ولعظم فضلهم على الناس، والمراد بذلك العلماء بالله علماء الشريعة, علماء القرآن والسنة الذين يخافون الله ويراقبونه هم المرادون، يعني الخشية الكاملة، إنما يخشى الله يعني الخشية الكاملة خشيتهم أكمل من خشية غيرهم، و إلا فكل مؤمن يخشى الله كل مسلم يخشى الله لكنها تتفاوت وليست خشية العلماء المتبصرون, علماء الحق, علماء الشريعة ليست خشيتهم مثل خشية عامة المسلمين بل هي أكمل وأعظم، ولهذا يراقبون الله, ويعلمون عباد الله ويقفون عند حدود الله، وينفذون أوامر الله, فأعمالهم تطابق أقوالهم, وتطابق علمهم، هم أكمل الناس خشية لله - عز وجل -، وليس معناها أن المؤمن لا يخشى الله لا، مراد الرب- جل وعلا- حصر الكمال مثل ما قال-جل وعلا-: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[(2) سورة الأنفال]، ليس معناه أن الذي لا يوجل قلبه عند ذكر الله, أو لا يزداد إيماناً عند ذكر الله ليس بمؤمن، لا، بل المراد أن هؤلاء هم المؤمنون الكمل، المؤمنون الذين لديهم كمال إيمان وقوة إيمان، وهكذا قوله- جل وعلا-: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ[ (15) سورة الحجرات]، معناه المؤمنون الكمل الذين كمل إيمانهم، وليس معناه أن من لم يجاهد فلا إيمان له، بل له إيمان بقدره على حسب حاله وقدرته، فالمقصود من هذا كله بيان الكمال، كمال خشية الله وكمال الإيمان، و إلا فالمؤمنون جميعاً رجالاً نساءً. وإن لم يكونوا علماء عندهم خشية لله. وعندهم إيمان. وعندهم تقوى، لكن المجاهدين, والذين عندهم علمٌ بالكتاب والسنة أكمل من غيرهم إيماناً, وأعظم إيماناً لما حصل في قلوبهم من الخير العظيم, والخشية العظيمة التي حملتهم على أن علموا الناس الخير وعملوا به، وصدقوا أقوالهم بأعمالهم, وحملتهم خشيتهم لله على البدار بالجهاد في سبيله والصبر على تقديم أنفسهم بالشهادة؛ لأنهم يعلمون أنهم على طاعةٌ لله ولرسوله.  
 
15- عندنا المهر في القرية يعادل مائة وخمسين ليرة سورية ، وأغلب الرجال لا يوجد عندهم نصف هذا المهر ، والأب يأخذ المهر من ابنته إجباري ، هل هذا حلال أم حرام؟
يجب على الآباء وعلى جميع الأولياء أن يتقوا الله، وأن يحرصوا على تزويج بناتهم بما يسر الله من المهر، وليس لهم أن يشددوا في ذلك بل عليهم أن يقبلوا القليل إذا رضيت به البنت، فإن تزويجها ولو بالقليل خير من بقائها، ولا يجوز لهم الاعتراض عليها إذا سمحت, ولا أكل صداقها بغير حق وهي في حاجة إليه، إنما يجوز للأب أخذ الفضل، أما الحاجة التي تحتاجها البنت فهي مقدمة وليس لبقية الأولياء أن يأخذوا منه شيئاً إلا بإذنها، إذا كانت رشيدة، فالمقصود من هذا أن الواجب على الآباء وعلى جميع الأولياء النظر في مصلحة البنات، والعناية بتزويجهن ولو بمهرٍ قليل ولو بدرهمٍ واحد، ولو بدرهمين المقصود عفتها, وسلامتها, والحرص على ستر عرضها مع ما يسر بذلك من الخير العظيم, والتسبب في وجود الذرية, وعفة الرجال والنساء جميعاً, فالواجب على الأولياء أن يساعدوا في هذا، وأن لا يهلكهم الطمع في المال حتى يمنعوا مولياتهم من الزواج، كل هذا خطرٌ عظيم وهذه نصيحتي لجميع الأولياء في أي مكان في المملكة العربية السعودية, أو في حلب, أو في أي مكان من أرض الله، نصيحتي لهم جميعاً أن يتقوا الله, وأن يزوجوا بناتهم وأخواتهم وذرياتهم بما يسر الله من المهر، ولو كان قليلاً، وأن يحرصوا على الطيب صاحب الدين، ونصيحتي أيضاً للبنات وجميع النساء أن يرضين بالقليل في سبيل العفة، واختيار الزوج الصالح، ولا يهمهم المال، فالمال أمره سهل، إذا يسر الله زواج جاء المال، فينبغي للمؤمن أن يحذر ما حرم الله عليه، وأن يحرص على ما شرع الله له، كما قال عز وجل: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ (32) سورة النــور، فبين سبحانه أن النكاح من أسباب الغنى، وفي الحديث الآخر: (ثلاثة حقٌ على الله ...) في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاثة حق على الله عونهم، منهم: المتزوج يريد العفاف) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فالمقصود أن النساء والرجال في حاجة إلى التشجيع على الزواج، وفي حاجة إلى الإعانة، وفي حاجة إلى تخفيف المهور، وفي حاجة إلى تخفيف الولائم وتقليلها، كل هذا من أسباب تسهيل الزواج للجميع، فنسأل الله أن يوفق الأولياء والنساء جميعاً لما فيه صلاح الجميع، ولما فيه سعادة الجميع. وأن يعيذ الأولياء من الطمع، وأن يعيذ النساء من الطمع أيضاً، والتأسي بمن لا يبالي بهذه الأمور، فإن القدوة بأهل الشر لا خير فيها، وإنما القدوة بأهل الخير والاستقامة والعفة وإيثار الآخرة، وفق الله الجميع.

413 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply