حلقة 284: حكم المغالاة في المهور - الأسس السليمة في الدعوة - أقسام التوحيد - حكم من تسحر بعد الأذان - حكم قطع الإئتمام من أجل تهدئة الأطفال - السن المحدد لزواج الفتاة - صحة الحديث من صلى الفجر في جماعة ثم انتظر في مصلاه حتى

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

34 / 50 محاضرة

حلقة 284: حكم المغالاة في المهور - الأسس السليمة في الدعوة - أقسام التوحيد - حكم من تسحر بعد الأذان - حكم قطع الإئتمام من أجل تهدئة الأطفال - السن المحدد لزواج الفتاة - صحة الحديث من صلى الفجر في جماعة ثم انتظر في مصلاه حتى

1- ما حكم الإسلام -في نظركم- في المغالاة في المهور وعدم تزويج الشباب، وتحميلهم أعباء كثيرة على الزواج من حيث الترتيبات، وما نصيحتكم لأولياء الأمور في هذه المسألة الخطيرة التي يجب أن تعالج من قبلكم؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فنصحيتي لجميع المسلمين من الرجال والنساء عدم المغالاة في المهور، وعدم التكلف تسهيلاً للزواج لعفة الرجال والنساء جميعاً، وهذه نصيحتي لهم، وقد جاءت الآثار والأحاديث عن السلف في الدلالة على ذلك، فالسنة للمؤمن عدم المغالاة، وعلى أولياء الأمور أن يتقوا الله في هذا الأمر، وأن يحرصوا على تزويج بنيهم وبناتهم بالطرق الممكنة الميسرة التي ليس فيها ضرراً على الجميع، والأضرار تختلف، ولكن يتحرون المهر المناسب الذي يحصل به المطلوب من دون مشقة على الزوج، لأن كثيراً من الناس قد يتأخر عن الزواج بسبب المغالاة، ما يقدر، وربما تعطل كثيرٌ من النساء بسبب ذلك، وحصل من الفساد ما لا يحصيه إلا الله - عز وجل-، فالمشروع للجميع العناية بهذا الأمر، الرجل يعتني والمرأة تعتني، الرجل يعتني ويحرص على التخفيف والتيسير في تزويج بناته وأخواته وغيرهن، والنصيحة لهن في ذلك، والمرأة كذلك تتق الله وتحرص على التخفيف مع بنتها ومع أختها ومع قريباتها، حتى يتعاون الجميع على التخفيف والتيسير وبهذا يتيسر الزواج لجميع الشباب من الرجال والنساء، ولا يخفى أن وجود الزواج مع المؤونة القليلة خيرٌ من تعطيل الرجل أو تعطيل المرأة، كونها تتزوج ويعفها الرجل بمهرٍ مناسب ليس فيه تكلف خيرٌ لها في الدنيا والآخرة، وإن كان للرجل كونه يتزوج ويتيسر له المرأة المناسبة من دون تكلف خير له في الدنيا والآخرة، فالجميع عليهم التعاون والتواصي بهذا الأمر لعل الله جل وعلا يكتب لذلك النجاح.  
 
2- كيفية إقناع الناس في طريق الدعوة، كيف يتحتم ذلك، وما هي الأسس السليمة للدعوة إلى الله؟
إقناع الناس قد لا يتيسر، لكن الذي على الداعي البيان، يبين ويوضح والله الذي يهدي من يشاء، قال الله جل وعلا: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (125) سورة النحل، وقال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا (33) سورة فصلت، وقال - سبحانه وتعالى -: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي (108) سورة يوسف، وقال جل وعلا: وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) سورة التوبة، ما قال حتى يتبين، قال: حتى يبين لهم، فالمقصود البيان والإيضاح، والله تعالى يقول هذا بلاغٌ للناس، هذا بيانٌ للناس، فالمقصود البلاغ والبيان، والله يهدي من يشاء، يقول - سبحانه وتعالى -: لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (272) سورة البقرة، فليس من شرط الدعوة أن تقنعه، قد يكون مكابر قد يكون معاند لا يقتنع، وإن كان الكلام مقنعاً، وقد يراه مقنعاً لكن قد لا يقتنع، قد يقول ما اقتنعت، فلا يلتفت إلى قوله، متى بُلِّغ وأُنِّذر وحُذِّر وجبت عليه الحجة، ووجب أخذه بها، ولا يلتفت إلى قوله أنا ما قنعت، المقصود البيان، فمتى أبلغ الحجة وبين له الأمر وجب أن يعامل بمقتضى ذلك، فإن كان لا يصلي، وجب أن يعامل بما يقتضيه الحكم الشرعي من قتله إن لم يتب، وإن كان يسب الله أو رسوله أو يتعاطى أموراً من الردة عومل بما يستحق، وهكذا في جميع المسائل، يعامل بما يستحق بعد البيان والإيضاح ولو قال إني لم أقتنع، يبين له باللغة التي يفهمها.      
3- ما هي أقسام التوحيد، وهل المسلم المطلوب منه أن يؤمن بجميع هذه الأقسام، وإذا أقر المسلم بالشهادتين فقط، فهل يكفي ذلك؟
أقسام التوحيد ثلاثة معروفة بالاستقراء: وهي الإيمان بتوحيد الربوبية والإلهية والأسماء والصفات، وإذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله عن صدق كفى ذلك، ويبين له ما قد يجهل، والرسول - صلى الله عليه وسلم – قبل من الناس من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وصدق عمله قوله، انقاد للشرع ووحد الله جل وعلا، فهو مسلم لأن في ضمن الشهادة الإيمان بأن الله ربه وخالقه، والإيمان بأنه مستحق العبادة والإيمان بأسمائه وصفاته، لأن الشهادة بأنه لا إله إلا الله وأنه معبودٌ بالحق يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات، فإنه - سبحانه وتعالى – له الحق، ومن كان بهذه المثابة فهو رب الجميع وخالق الجميع، ومن كان في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فتوحيد الربوبية الإيمان بأنه خلاق رزاق، وتوحيد الإلهية الإيمان بأنه يستحق العبادة جل وعلا، وأن الآلهة المدعوة معه باطلة، سواء كانت جماداً أو حيواناً، سواء كان المدعو ملكاً أو نبياً أو غير ذلك، كل من يدعى من دون الله فعبادته باطلة، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ(62) سورة الحـج، فجميع من يدعى من دون الله معبود بالباطل، سواء كان المعبود رسولاً أو ملكاً أو جنياً أو حجراً أو شجراً أو غير ذلك. وهكذا الإيمان بأسماء الله وصفاته، إذا آمن بأن الله - سبحانه وتعالى – له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأنه كامل في ذاته وصفاته وأفعاله كفى ذلك، فتوحيد الأسماء والصفات الإيمان بأنه - سبحانه وتعالى – موصوف بأسمائه الحسنى والصفات العلى، وأنه لا شبيه له ولا نظير له ولا مثل له، والإيمان بالربوبية بأنه هو الخلاق الرزاق مدبر الأمور مصرف الأشياء لا خالق غيره ولا رب سواه، وتوحيد الإلهية الإيمان بأنه مستحق لأن يعبد، يدعى يستغاث به ينذر له يذبح له، إلى غير هذا، هو مستحق للعبادة من صلاةٍ وصومٍ ودعاءٍ وذبحٍ وغير ذلك، لا يستحقها سواه، فإذا أقر بالشهادتين فقد دخل هذا في ضمن الشهادة، لأنه إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله معناه أنه هو المعبود بالحق وأنه هو الخلاق والرزاق وأنه كامل في ذاته وأسمائه وصفاته، كل هذا داخلٌ في ضمن الشهادة.  
 
4- كنت نائماً وعندما حان وقت السحور قمت للسحور، وبعد السحور بخمس دقائق أقيمت الصلاة، فهل علي يوم أم علي قضاء، مع العلم بأنني لم أسمع أذان للفجر؟
إذا كان الذي أقام الصلاة قد تأخر بعد الأذان في المدة التي يجتهد فيها لوضوح الصبح وبيانه، فأنت عليك القضاء تستقضي عند جمهور أهل العلم، أما إذا كان أقام بعد الأذان والإنسان يتعجل وأنت انتهيت بعد الأذان حالاً فلا يضرك، لأن الأذان على ظن الصبح ليس على رؤية الصبح، فإن الناس يؤذنون على التقويم والحساب، فقد يكون أذانه قبل الصبح بقليل، فالحاصل أنه لا يتيقن طلوع الصبح، فأنت إذا أمسكت عند فراغ الأذان فالصوم صحيح إن شاء الله، لكن إذا تأخرت كثيراً فإن الغالب أنك أدركت الصبح فعليك القضاء عند أكثر أهل العلم.  
 
5- ما حكم قطع الصلاة؛ وذلك لأن بعض الأولاد في الصف الثاني يسببون صخباً شديداً، ويتكلمون، وينتظرون ركوع الإمام، فهل لي أن ألتفت إليهم وأقوم بإرشادهم وتأديبهم على ذلك الفعل؟
لا، تكفي الإشارة، لا تقطع صلاتك، استمر، تكفي الإشارة لهم بالهدوء، ولا تقطع الصلاة، استمر في صلاتك، وبعد السلام تنصحهم وتوجههم ولا تقطع الصلاة، يلزمك إن دخلت فيها فأتمها، ولكن بالإشارة فلا بأس أن تشير إليهم بيدك حتى يهدؤوا.  
 
6- هل يجوز لي أن أسلم على زوجة عمي أو خالي أو غيرهما من العجائز اللاتي بلغن سن اليأس؟
السلام بالكلام لا بأس، حتى مع غير العجائز، لك أن تسلم على النساء شباباً أو عجائز من دون خلوة ومن دون نظر بل مع غض البصر ومع عدم الخلوة، ترد السلام أو تبدأ بالسلام على أقارباتك من بنات العم أو بنات الخال أو نحوهن أو زوجة أخيك أو زوجة عمك لا بأس بهذا، ولو كانت شابة ترد السلام أو تبدأ بالسلام، أو تقول: كيف أولادك، كيف حال والديك وما أشبه ذلك، لكن لا يجوز مع الخلوة، ولا يجوز مع وجود تكشف وتعري وعدم تستر، بل يجب إذا وجدت شيئاً من هذا أن تنصح، إذا كانت غير متسترة تنصححها تقول: تحجبي، ولا بأس أن تسلم، ولا بأس أن تسأل عن حالها، لكن تنصحها إذا قصرت في شيء، تأمرها بالحجاب، تأمر بعدم الخلوة بالأجنبي، تبين لها الحكم الشرعي.  
 
7- جاء في الأثر عن عائشة رضي الله عنها: [[ الكوثر نهر في الجنة، فمن أحب أن يسمع خريره فليضع أصبعيه في أذنيه ]]، ما صحة هذا الأثر سماحة الشيخ؟
لا أعلم له أصلاً هذا الأثر، والكوثر نهرٌ في الجنة كما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنا أعطيناك الكوثر)، لكن هذا الأثر الذي فيه يضع أصبعيه على أذنيه حتى يسمع خريره، هذا لا أصل له، لا أعلم له أصلاً.  
 
8- هل تصلى ركعتا الفجر بعد طلوع الشمس؟
مخير، من فاتته سنة الفجر مخير، إن شاء صلاها بعد الصلاة وإن شاء صلاها بعد طلوع الشمس، جاءت السنة بهذا وهذا، فإن صلاها بعد الصلاة فلا بأس، و إن أخرها إلى طلوع الشمس فلا بأس.  
 
9- ما هو سن الزواج بالنسبة للفتاة المسلمة، هل هناك سن محدد للفتاة لكي تتزوج؟
لا أعلم بهذا حداً محدود، المقصود تحملها إذا كانت تتحمل الزواج لها حدٌ محدود، النبي - صلى الله عليه وسلم – تزوج عائشة وهي بنت سبع ودخل بها وهي بنت تسع، فإذا كانت الفتاة تتحمل زوَّجها وليُّها، وأما إذا كانت لا تتحمل لنحف جسمها أو ضعفها فلا يعجل عليها، حتى تكون أهلاً للزواج، وأما السن فيختلف، قد تكون بنت عشر تتحمل، وقد تكون بنت خمسة عشر ما تتحمل لضعفها وضعف جسمها، أو لمرضٍ عرض لها أو نحو ذلك، فالمقصود أن ولي المرأة أو أمها أو قريباتها ينظرون في حالها، فلا يزوجونها إلا إذا كانت تتحمل الزواج.  
 
10- رجل طلق زوجته بعد مرضها، وأخذ منها جميع ما دفعه لها من مهر وملابس، هل يجوز لها أن ترفع قضية ضده أم لا، وهل له الحق في هذا العمل وهو سحب صيغ الذهب والملابس من هذه المرأة وهي مريضة؟
هذه مسألة خصومة، عليها أن تراجع المحكمة إلا إذا تيسر من يصلح بينهما في هذا الموضوع من أهل الخير، وإلا فالمرجع المحكمة بهذا حتى تنظر في أمره وأمرها.   
 
11- هل الحديث المروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه: من صلى الفجر في جماعة ثم انتظر في مصلاه حتى تطلع الشمس، فصلى ركعتين، كانت له حجة وعمرة تامتانِ تامتان، هل هذا الحديث صحيح؟
نعم، جاء بهذا الحديث، وله طرق كثيرة وهو من باب الحسن، من باب الحسن لغيره، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم – يجلس بعد الفجر في مصلاه يهلل ويدعو الله ويذكره - سبحانه وتعالى – حتى تطلع الشمس وترتفع، نعم.  
 
12- قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال اسكت والإمام يخطب فقد لغا ، فما حكم التأمين والصلاة على النبي جهراً والإمام يخطب؟
السنة للمؤمن الإنصات أثناء الخطبة، ينصت لسماع الخطيب ولا يتكلم، ولهذا قال- صلى الله عليه وسلم -: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت)، فلا يجوز له أن يتكلم، ولا أن يقول أنصت يا فلان، أو اسكت فلان، بل يشير إشارة لا مانع من الإشارة للمتكلم حتى يسكت، أما أنه يتكلم فلا، ومن لغى، لغت الجمعة يعني فضلها، يعني فاته فضلها، هي صحيحة ولكن فاته الفضل.  
 
13- هل يجوز الذبح وقراءة القرآن على الموتى؟
هذا فيه تفصيل: الذبح إن كان القصد الضحية عن الميت يضحي عنه، فالضحية مشروعة عن الحي والميت، كونه يذبح ذبيحة يتصدق بها يعطيها الفقراء عنه، لا بأس. أما الذبح له يتقرب إليه إلى الميت، هذا شرك، يتقرب إليه كما يذبح عباد الأصنام لأصنامهم هذا شرك أكبر، أما أن يذبح يتقرب إلى الله ... الميت أو صدقة يعطيها الفقراء عن الميت، أو يتصدق بدراهم أو بطعام عن الميت هذا لا بأس به، لأن فيه نفع للميت. يقول - صلى الله عليه وسلم – : (إذا مات ابن آدم انقطع إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولدٌ صالح يدعو له)، قالت امرأة: يا رسول الله، إني أمي ماتت ولم توصي أفلها أجر إن تصدقت عنها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نعم. فهذا فيه خيرٌ عظيم. أما القراءة عند القبور بدعة، لا تشرع القراءة عند القبور ولا الصلاة عند القبور بل هذا من البدع، بل من وسائل الشرك، ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم -: (اجعلوا من صلاتكم في البيوت ولا تتخذوها قبوراً)، فالقبور ما يصلى فيها ولا يقرأ عندها، اجعلوا من صلاتكم في البيوت ولا تتخذوا قبوراً فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)، هذا يدل على أن البيوت هي محل الصلاة والقراءة، أما القبور لا، ليست محل الصلاة والقراءة، فالبيت تصلى فيه النافلة، يصلي فيه المريض إذا عجز عن المسجد، يقرأ في البيت، كل هذا طيب، أما القبور فإنما تزار للدعاء لهم والترحم عليهم والإحسان إليهم بالدعاء، أما أن يتخذها الصلاة عندها أو للذبح عندها أو القراءة عندها هذا بدعة. سماحة الشيخ/ بالنسبة للوعظ عند القبور ما رأيكم فيه؟ الوعظ لا بأس، النبي وعظ عند القبر، جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم – من حديث علي،ومن حديث البراء بن عازب: أنه وعظ الناس عند القبر، وهم ينتظرون وعظه فذكرهم عليه الصلاة والسلام.  
 
14- أنا شاب في العشرين من العمر ذهبت إلى الدراسة خارج المملكة، وقد مر علي شهر رمضان في إحدى السنوات الأولى في بعثتي ولم أصم ذلك الشهر-للأسف- من باب التفريط، وكذلك لم أكن أؤدي الصلوات في تلك السنة، ولكن بعدما رجعت تبت إلى الله توبة نصوحاً والحمد لله، ماذا أفعل في هذا الشهر الذي لم أصمه، هل أقضيه متواصل أم متفرق، أم ماذا ترون -سماحة الشيخ-؟
ما دمت لا تصلي فالذي لا يصلي كافر، والتوبة تجب ما قبلها فلا يقضي الصوم ولا الصلاة، لأن من ترك الصلاة كفر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، لكن لو قضيت الصيام خروجاً من كلام من قال: إنه لا يكفر كفرٌ أكبر، إذا كان لا يجحد وجوبها فلا بأس، لكن الصواب أنه يكفر تارك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها، والكافر يكفيه التوبة، قال الله جل وعلا: قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ (38) سورة الأنفال، قال جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) سورة الزمر، فالتوبة تجب ما قبلها وليس عليك قضاء إذا كنت لا تصلي، كما قلت في السؤال. وبالنسبة للصلوات التي تركها؟ لا يقضي الصوم ولا الصلاة، التوبة تجب ما قبلها.  
 
15- بالنسبة يا سماحة الشيخ إلى جمع سنة الوضوء وسنة الفرض وسنة تحية المسجد في ركعتين، هل يحصل على ثواب الست الركعات أم لا؟
نرجو أن يحصل له هذا الخير إذا صلّى ركعتين بعدما توضأ ودخل المسجد وصلى ركعتين ناوياً سنة الوضوء وسنة التحية والراتبة، راتبة الظهر مثلاً فنرجو أن يكتب الله له الخير كله؛ لأن الركعتين مشروعة لتحية المسجد، ومشروعة للوضوء، ومشروعة للراتبة قبل الظهر، لأن الراتبة قبل الظهر أربع ركعات يسلم كل ركعتين، فإذا نواها راتبةً وتحيةً للمسجد وسنة الوضوء نرجو أن يجمع الله له ذلك، ولا أعلم مانعاً من ذلك.  
 
16- كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك؛ فقال لعائشة: إن القلوب بين أصبعي الرحمن ، نريد تكملة لهذا الحديث، وما المناسبة لهذا الحديث؟
الحديث واضح، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)، فالمعنى أن الله جل وعلا هو الذي بيده تثبيت الأمور، فالمؤمن يسأل ربه الثبات على الإيمان والثبات على الحق، فالقلوب تتقلب وهي بين أصبعين من أصابع الرحمن هذه يجرى على الله، يثبت لله أصابع على الوجه اللائق بالله، وأن الله جل وعلا بيده تصريف الأمور وتقليب القلوب كيف يشاء، هذا يقلب فيرتد عن دينه، وهذا يقلب فيسلم، وهذا يقلب قلبه فيقع المعاصي، فالقلوب بيد الله جل وعلا هو الذي يصرفها كيف يشاء - سبحانه وتعالى -، والمؤمن يسأل ربه: اللهم ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك، يسأل ربه الثبات، والله جل وعلا يوصف بأنه له أصابع وله يد جل وعلا على الوجه اللائق به - سبحانه وتعالى -، لا يشابه عباده لا في اليد ولا في الأصابع ولا في الكلام ولا في الرضا ولا في الغضب ولا في غير ذلك، كما قال - سبحانه وتعالى -: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، وقال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها).  
 
17- لي جدة لا تصلي، وهي جاهلة لا تعرف تقرأ ولا تكتب، كيف أعلمها الصلاة، وأعلمها الطهارة، فأنا ألاحظ عليها أنها لا تعرف حتى الطهارة الشرعية لجهلها، وضحوا لنا ذلك، وهل تبرأ ذمتنا؟
علمها، علمها أنت أو أحد أولادها أو غيركم ، علموها كيف تصلي وكيف تتوضأ، العلم بالتعلم هذا واجبٌ عليكم، إذا كانت جاهلة علموها، الله أخذ على من عنده علم أن يعلم، وهذا من برها أيضاً، فيجب عليكم تعليمها وإرشادها بالكلام الطيب والرفق والحلم لا بالشدة و العنف، بل عليكم الرفق بها وتعليمها وتوجيهها الخير...  
 
18- يتساهل الكثير من الناس حيث يرون أهلهم وذويهم يخطئون في العبادات، فكيف توجهون مثل هؤلاء -سماحة الشيخ-؟
الواجب عليهم أن يعلموا جميع من تحت أيديهم وأن لا يتساهلوا في الأمر، يعلم بنته، يعلم أخته يعلم جدته وأمه وخالته، يعلم جميع من تحت يده، حتى الخدم الذين عندك، يعلمهم ويرشدهم إلى الحق، الله أخذ على أهل العلم أن يعلموا، كل من عنده علم عليه العهد والميثاق أن يعلم ويتق الله، ولو كان ليس بعالم، لكن يعلم مما علمه الله، هو يعرف الصلاة ويعرف كيفيتها يعلم بنته وأخته وجدته وأمه، يعرف أن الغيبة حرام، يعلمهم أن هذا لا يجوز، يعرف أن الزنا حرام، يعلمهم أن الزنا محرم، يعرف أن المسكر حرام، فيعلمهم أنه محرم، وهكذا يعلمهم ما علمهم الله. لأن الأمور قسمان: قسم يحتاج إلى أهل العلم، لأنه يخفى دليله، وقسمٌ لا يحتاج إلى أهل العلم، لأنه واضح، الصلاة واضحة يعرفها الخاصة والعام، من أهل الإسلام الذين تعلموا وتبصروا، تحريم الخمر تحريم الزنا تحريم العقوق للوالدين أو أحدهما، وهكذا الشيء واضح يعلمهم، والذي ما هو بواضح يسأل أهل العلم ثم يعلم أهل بيته.  
 
19- سمعت من بعض الإخوة يقولون: إن الفاتحة واجبة في الجهرية، وسمعت من آخرين يقولون: إنها ليست واجبة في الجهرية لقوله تعالى: (( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ))[الأعراف:204]؟
نعم، القراءة واجبة في السرية والجهرية على الصحيح على المأموم، في الجهرية يقرأ ثم ينصت، وفي السرية يقرأ ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) فدل ذلك على وجوب القراءة للمأموم في الجهرية والسرية، لكن لو فاتته القراءة جهلاً أو نسياناً سقطت عنه، لأنها واجبة لا ركن، واجبة في حق المأموم. وهكذا لو جاء والإمام راكع سقطت عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكر لما جاء والإمام راكع ولم يأمره بقضاء الركعة، وقال: (زادك الله حرصاً ولا تعد) لما ركع دون الصف، قال: (زادك الله حرصاً ولا تعد) ولم يقل له: يقضي الركعة التي لم يقرأ فيها الفاتحة. أما حديث: (من كان له إمام فقراءته له قراءة) فهو حديث ضعيف. فالصواب أن المأموم يقرأ في الجهرية والسرية، الفاتحة فقط الجهرية، أما السرية فيقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية.

418 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply