حلقة 329: شرح قوله تعالى وأما الذي سعدو ا ففي الجنة خالدين فيها إلا ماشاء ربك - التصدق على الوالدين وهما أحياء - تعدد الزوجات - مفهوم الزواج - تفسير قوله تعالى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

27 / 48 محاضرة

حلقة 329: شرح قوله تعالى وأما الذي سعدو ا ففي الجنة خالدين فيها إلا ماشاء ربك - التصدق على الوالدين وهما أحياء - تعدد الزوجات - مفهوم الزواج - تفسير قوله تعالى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

1- أرجو شرح معنى هذه الآية التي احترت في فهم معناها كثيراً، والقول الراجح في تفسيرها، يقول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ *خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود:108] هل يفهم من هذا أن من دخل الجنة يخرج منها إذا شاء الله؟ وهل نسخت هاتان الآيتان بشيء من القرآن إذ أنهما وردتا في سورة مكية؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن أشكر السائل على دعواته لإخوانه المشايخ, وأسأل الله أن يستجيب دعاءه, وأن يوفق الجميع لما يرضيه, كما أشكره على حبه لي في الله, وأقول أحبه الله الذي أحبني لأجله. أما السؤال الآيتان ليستا منسوختين بل هما محكمتان, وقوله- جل وعلا-: إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ اختلف أهل العلم في بيان معنى ذلك مع إجماعهم بأن نعيم أهل الجنة دائم أبداً لا ينقضي ولا يزول ولا يخرجون منها, ولهذا قال بعدها سبحانه: عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ لإزالة ما قد يتوهم بعض الناس من أن هناك خروجاً, فهم خالدون فيها أبداً, وهذا العطاء غير مجذوذ يعني غير مقطوع, ولهذا في الآيات الأخرى الله يبين هذا المعنى فقول-سبحانه-: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ يعني آمنين من الموت, وآمنين من الخروج, وآمنين من الأمراض والأحزان وكل شجر وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ, فهم فيها دائمون لا يخرجون, وقال-عز وجل-: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ, فأخبر-سبحانه-أن أهل الجنة في مقام أمين لا يعتريه خراب ولا زوال, وأنهم آمنون أيضاً فلا خطر عليهم من موت, ولا مرض, ولا خروج, ولا حزن, ولا غير ذلك وأنهم لا يموتون أبداً, فعلم بهذا أن أهل الجنة مخلدون فقوله: إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ, قال بعض أهل العلم معناه مدة بقاؤهم في القبور هذا ليسوا في الجنة, وإن كان المؤمنون في روضة من رياض جنات النعيم لكن ذلك ليس هو الجنة وإنما هو شيء من الجنة, فإنه يفتح للمؤمن في قبره باب إلى الجنة يأتيه من ريحها, وطيبها, ونعيمها, ولكنه ليس محل الجنة بل ينقل إلى أبعد ذلك إلى الجنة فوق السماوات في أعلى شيء, وقال بعضهم معنى إلا ما شاء ربك يعني مدة مقامهم في موقف القيامة للحساب والجزاء هذا مستثنى بعد خروجهم من القبور فإنهم بعد ذلك ينتقلوا إلى الجنة, وقال بعضهم مجموع الأمرين مدة بقاؤهم في القبور ومدة بقاؤهم في الموقف ومرورهم على الصراط كل هذه الأوقات كلها زائدة ليسوا في الجنة لكن ينقلون منها إلى الجنة, فقوله: إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إلا وقت مقامهم في القبور, وإلا وقت مقامهم في الموقف, وإلا وقت مرورهم على الصراط فهم في هذه الحالة ليسوا في الجنة ولكنهم منقولون إليها وسائرون إليها, وبهذا يعلم أن المقام مقام واضح ليس فيه شبهة ولا شك ولا ريب, فأهل الجنة منعمون فيها وخالدون أبد الآباد لا موت, ولا مرض, ولا خروج, ولا كدر ولا حزن, ولا حيض ولا نفاس, ولا شيئا من الكدر أبداً, بل في نعيم دائم وخير دائم, وهكذا أهل النار مخلدون فيها أبد الآباد لا يخرجون منها ولا تخرب هي بل تبقى وهم باقون فيها, وقوله: إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ قيل فيه مدة بقاؤهم في المقابر, أو مدة مقامهم في الموقف مثلما تقدم في أهل الجنة, وهم بعد ذلك يساقون إلى النار ويخلدون فيها أبد الآباد نسأل الله العافية, كما قال -عز وجل- في سورة البقرة: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ, وقال- عز وجل- في سورة المائدة في حق الكفرة: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ, قال بعض السلف إن النار لها أمد ولها نهاية بعد ما يمضي عليها آلاف السنين والأحقاب الكثيرة إنها تنتهي وأنهم يموتون, أو يخرجون, وهذا قول ليس بشيء عند أهل السنة والجماعة قول ضعيف, والذي عليه عموم أهل السنة والجماعة وجمهور أهل السنة والجماعة أنها باقية أبد الآباد, وأنهم لا يخرجون منها, وأنها لا تخرب أيضاً بل هي باقية أبد الآباد, لظاهر القرآن الكريم, وظاهر السنة عن النبي- عليه الصلاة والسلام- نسأل الله العافية والسلامة. جزاكم الله خيراً ، ذلكم التفسير سماحة الشيخ الذي تفضلتم بعرضه وقلتم إنه قول لكثير من العلماء هل له مستند من الأحاديث أو من القرآن الكريم بالنسبة للفظ المشيئة في الآيتين؟ هذا مجمل هذا من المشتبه إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ هذا من المشتبه, ولهذا اختلف تفسيرهم له, ولكنهم يقيناً أنهم قبل دخولهم الجنة, هذا المستثنى قبل دخولهم الجنة, فإما أن يراد به مقامهم في القبور, أو مقامهم في موقف الحساب, وأما بعد دخولهم الجنة فلا يخرجون منها أبد الآباد بإجماع المسلمين. بارك الله فيكم  
 
2- لي والدة لا تقرأ وأحب أبرها، وكثيراً ما أقرأ القرآن وأجعل ثوابه لها، ولما سمعت أنه لا يجوز عدلت عن ذلك، وأخذت أتصدق عنها بدراهم، وهي الآن حية على قيد الحياة، فهل يصل ثواب الصدقة من مال وغيره إليها سواء كانت حية أو ميتة، أم لا يصل إلا الدعاء، حيث لم يرد إلا ذلك كما الحديث: (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، وذُكر وولد صالح يدعو له)؟ وهل الإنسان إذا كان كثير الدعاء لوالديه في الصلاة وغيرها قائما وقاعداً يشهد له الحديث بأنه صالح، ويرجى له خيرٌ عند الله؟
أما القرآن قراءة القرآن فقد اختلف العلماء هل تصل الميت يعني ثوابها للميت على قولين لأهل العلم, والأرجح في الدليل أنها لا تصل لعدم الدليل؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعلها لأمواته المسلمين, لبناته اللاتي متن في حياته-عليه الصلاة والسلام-, ولم يفعلها الصحابة - رضي الله عنهم -, فالأولى بالمؤمن أن يترك ذلك ولا يقرأ للموتى ولا للأحياء, ولا يصلي لهم أيضاً صلاة لا تلحق, وهكذا التطوع بالقراءة, وهكذا التطوع بالصوم كل هذا لا دليل عليه, أما الصدقة فإنها تنفع الحي والميت بإجماع المسلمين, وهكذا الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين, وإنما جاء الحديث فيما يتعلق بالميت؛ لأنه محل الإشكال للميت هل يلحقه أو ما يلحق, ولهذا جاء الحديث يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له), لما علم أن الموت تنقطع به الأعمال بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذا لا ينقطع, وأما الحي فلا شك فيه أنه ينتفع بالصدقة منه ومن غيره, وينتفع بالدعاء الذي يدعوا لوالديه وهم أحياء ينتفعون بدعائه, وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم, وهكذا الحج عنهم إذا كانوا عاجزين إذا كان الشيخ كبير يعني الأب كبير لا يستطيع الحج, أو المرأة أو الأم, فإنه ينفعهم ذلك, ولهذا ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: (حجي عنه) ، وجاءه رجل آخر فقال: يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه؟ قال: (حج عن أبيك واعتمر), فهذا يدل على أن الحج عن الميت, وعن الحي العاجز لكبر سنه, والمرأة العاجزة لكبر سنها ينتفع بذلك, فالصدقة, والدعاء, والحج عن الميت, والعمرة عنه, وهكذا عن العاجز كل هذا ينفعه عند جميع أهل العلم, وأنت أيها السائل على خير إن شاء الله في إحسانك إلى والديك, والصدقة عنهما, والدعاء لهما, ولاسيما إذا كان الولد صالحاً صار أقرب إلى إجابة الدعاء قال النبي - صلى الله عليه وسلم – أو ولد صالح؛ لأن الولد الصالح أقرب إلى أن يجاب من الولد الفاسد وإن كان الدعاء مطلوب من الجميع للوالدين, لكن إذا كان الولد صالحاً صار أقرب إلى إجابة دعوته لوالديه. جزاكم الله خيراً  
 
3- أرغب في الزواج من امرأة ثانية، وأنا قادر على تكاليف الزواج وعلى الصرف على بيتين، وأجد في نفسي أنني أستطيع أن أعدل بين الزوجتين، لكني سمعت من بعض الإخوة أن زواج الثانية لا بد له من شروط، كأن تكون الزوجة الأولى مريضة، أو لا تنجب، أو غير ذلك من الأسباب، فهل هذا صحيح؟ أو أنه في الإمكان أن أعدد من غير سبب ما دمت قادراً، وأجد في نفسي الاستطاعة على العدل بين الزوجتين، وما ذا يرى سماحتكم في هذا الموضوع ولاسيما التعدد خاصة؟
لا مانع من التعدد, وإن كانت الزوجة الموجودة صالحة وطيبة ليس بها مرض ولا علة, ولو كانت تنجب لا حرج في ذلك إذا كنت بحمد لله قادراً على الزواج وعلى العدل فالحمد لله, الله يقول-سبحانه-: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ, والنبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج عدة من النساء- عليه الصلاة والسلام-, وليس في أزواجه علة, فالمقصود أنه - صلى الله عليه وسلم – تزوج, وهكذا الصحابة تزوجوا منهم من تزوج ثنتين, ومنهم من تزوج ثلاث, ومنهم من تزوج أربع, فالأمر في هذا واسع والحمد لله, إنما المؤمن يحرص أن يعدل ويجتهد في العدل بين الزوجتين, أو الثلاث, أو الأربع, والزواج فيه مصالح فيه عفة الفرج, وعفة النظر, وفيه كثرة النسل, وفيه إحسان للنساء أيضاً حتى النساء فيه إحسان إليهن, فإن وجود نساء ليس لهن أزواج هذا من المصائب وفيه خطر, فكون المرأة تعطى نصف زوج يعني يحصل لها نصف, أو ثلث, أو ربع, يعفها وينفق عليها, ويحصل لها بسببه النسل هذا خير عظيم, ومصلحة كبيرة خير من بقائها في البيت بدون زوج, فكونها يحصل لها ربع الزوج, أو ثلثه, أو نصف خير من بقائها في بيتها بدون زوج لوجوه كثيرة, ومصالح جمة للزوج والزوجة جميعاً, من كثرة النسل وعفة فرجها, وعفة فرجه, وغض بصرها وغض بصره, وإيناسها في هذه الدنيا, وقضاء وطرها وقضاء وطره, فالمصالح كثيرة ومن ذلك تكثير الأمة فإن وجود النسل بين الزوجين من زوجتين أو أكثر أكثر للأمة, والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة), فالمطلوب تكثير الأمة, تكثير الأولاد الصالحين من الرجال والنساء, فالمؤمن يجتهد ويسأل الله التوفيق. جزاكم الله خيراً ، بالرغم من أن شطر هذه الكلمة موجه للنساء جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ إلا أني أجد في نفسي الرغبة أكثر ولاسيما وقد قرأت كثيراً عن تعدد العوانس في البيوت؟ من المصائب أن كثيراً من الناس اليوم يدعوا إلى عدم التعدد, وربما اغتروا بما يقوله بعض النصارى ومن شابه النصارى في ذلك, وكثير منهم يحبذ أن يكون الزوج باقياً على واحدة ويندد بالأزواج الذين يعددون وهذا كل غلط, وكله تشبه بالنصارى, أو تأثر بما قالوه أو قاله من التحق بهم, أو شاركهم في رأيهم, أو اقتدى بهم في أخلاقهم, والشريعة الإسلامية العظيمة جاءت بالتعدد, وكان التعدد قبلنا أكثر كان عند داود مائة امرأة-عليه الصلاة والسلام-, وتزوج سليمان تسعاً وتسعين, وفي رواية سبعين كان التعدد في شريعة التوراة أكثر, أما في شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فاقتصر العدد على أربع فقط للأمة, ما عدا النبي - صلى الله عليه وسلم - له تسع عليه الصلاة والسلام- هذا من رحمة الله- جل وعلا- أن جعل العدد أربعاً فأقل في هذه الأمة لحكمة بالغة, أما مصالح التعدد فشيء لا يحصى, مصالح التعدد فيه شيء واضح المصالح كثيرة للرجال والنساء ، النساء يحصل لهن العفة وقضاء الوطر, والإنفاق عليهن, ودخول الزوج عليهن واحترامهن, والدفاع عنهن وهيبة الرجل إذا دخل عليها, وسلامتها في الأغلب من تعلق غيره بها إلى غير ذلك من المصالح, ثم الإنفاق عليها, ثم وجود الولد يهبها الله ولد على يديه يحصل لها بذلك خير عظيم إذا أصلح الله الولد, وقد يكون عدة أولاد من الرجال والنساء, فالمصالح كثيرة فهو ينتفع وهي تنتفع, والأسرة كلها تنتفع, فإن كثرة النسل فيه نفع للجميع وتكثير للأمة, كما أن في ذلك صيانة لها وحماية لها, وعفة لفرجها, وإنفاقاً عليها, وإحساناً إليها, وحرصاً على كل ما يصونها من كل بلاء وشر. بارك الله فيكم  
 
4- بعض النساء سماحة الشيخ تعتقد أن الزواج من أجل النفقة فقط، فإذا كانت موظفة ولها دخل أو لها تجارة أو كذا لا تريد إلا رجلاً خالياً؟
هذا غلط هذا من الغلط الزواج يراد منه مصالح كثيرة. يراد منه طيب العشرة بين الزوجين. والأنس في هذه الدنيا. والتمتع بينهما بالمتعة الحسنة الصالحة فيما بينهما, ويراد منه أيضاً إنجاب الأولاد الصالحين حتى تكثر الأمة ويكثر فيها الصلاح والخير, ويراد منها أيضاً عفة الفرج عما حرم الله, وعفة النظر عما حرم الله, ويراد من ذلك أيضاً تقليل الفساد في الأرض, فإن وجود الرجال والنساء بدون زواج من أعظم الأسباب للفساد في الأرض, وكثرة الزنا والفواحش, فإذا تزوجت وتزوج الشاب صار هذا من أعظم الأسباب للصيانة والحماية, وقلة الفساد في الأرض, فالزواج ينفع هذا وهذا, ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء), فالزواج فيه خير للجميع لا مجرد النفقة فقط فيه مصالح كثيرة غير النفقة. بارك الله فيكم ، بعض الأزواج سماحة الشيخ أساء إلى مبدأ التعدد؟ لا شك أن الزوج إذا لم يعدل أساء إلى التعدد, وأساء إلى الشريعة, وأساء إلى المسلمين, فالواجب على الزوج أن يتقي الله وأن يحسن فيما عليه, وأن يؤدي الواجب, وأن يكون حريصاً على العدل بين الزوجتين فأكثر حتى لا يظلم نفسه, وحتى لا يسبب النفرة من التعدد بأسباب عمله, وحتى أيضاً لا تقع المشاكل بين الأسرتين, وتكثر الخصومات في المحاكم هذا كله يسبب المشاكل, أما العدل, والإحسان, وطيب العشرة فهو يسبب الخير الكثير للأسرتين وللمجتمع كله. بارك الله فيكم   
 
5- لقد حججت وأنا طالب في الجامعة، وأخذت مالاً من والدي لمصاريف الحج؛ وذلك لعدم استطاعتي توفير المال بنفسي، ولكن والدي يعمل آنذاك في أعمال محرمة، وأرباحه من تلك الأعمال المحرمة، فهل حجي صحيح؟ أو أنكم ترون علي أن أعيد تأدية الفريضة مرة أخرى؟
الحج صحيح ولا يضره كون المال فيه شبهة أو ليس بحلال؛ لأن أعمال الحج كلها بدنية, وإن كانت النفقة الخبيثة تسبب شراً كثيراً, وقد تكون سبباً لعدم قبول الحج, وقد تكون أيضاً سبباً لقلة الحسنات وكثرة السيئات, لكن بكل حال فالحج صحيح, وإن كان أجره ليس مثل أجر من حج من مال حلال, لكن الحج صحيح ويجزئ وليس عليك حج بعد ذلك؛ لأن الأعمال بدنية طواف, سعي الوقوف بعرفات, رمي الجمار كلها بدنية ما فيها إلا مجرد الهدي هدي التمتع, وهذا الهدي إذا أنفقته من مال أخذته من أبيك وأنت تعلم حال أبيك فالأصل الحل وأنت لا تعلم أن هذا المال حرام بعينه حتى تقول أنك اشتريت بمال حرام فالأصل إجزاء الذبيحة التي ذبحتها, والأصل سلامة المال حتى تعلم عين المال أنه مغصوب من فلان, أو أنه حصل عن ربا معين يعني حتى تتيقن أنه حرام, فمادمت لا تتيقن أنه حرام من هذا المال المعين فالأصل حل الذبيحة, وأنها أدت الواجب والحمد لله, أما إذا كنت تتيقن أن الذبيحة اشتريتها بمال حرام, فينبغي أن تشتري بدلها الآن وتذبحها عن حجك السابق. بارك الله فيكم ، إذاً الحج كله ليس عليه إعادته؟ نعم نعم أبداً سنعود إلى بقية أسئلتك يا أخ أبو إبراهيم من البحرين في حلقة قادمة إن شاء الله.  
 
6- أخونا يرجو تفسير قول الحق تبارك وتعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]؟.
هذه الآية آية عظيمة وهي تدل على أن العلماء وهم العلماء بالله, والعلماء بدينه وبكتابه العظيم, وسنة رسوله الكريم هؤلاء هم أشد الناس خشية لله, وهم أكثر الناس خشية لله, فالمعنى إنما يخشى الله يعني الخشية الكاملة هم العلماء بالله الذين عرفوا ربهم بأسمائه, وصفاته-سبحانه-وعظيم حقه, وتبصروا بشريعته وعرفوا ما عنده من النعيم لمن اتقاه, وما عنده من العذاب لمن عصاه وخالف أمره, فهم لكمال علمهم بالله وكمال بصريتهم بحقه هم أشد الناس خشية لله هم أكمل الناس خوفاً من الله, وخشية له- سبحانه وتعالى-, وليس معناه أنه لا يخشى الله إلا العلماء لا, فكل مسلم يخشى الله كل مؤمن ومؤمنة يخشى الله, كل مؤمن يخشى الله كل مؤمنة تخشى الله وتخاف الله, المسلمون كلهم يخافون الله لكن الخوف متفاوت ليسوا على حد سواء, فكلما كان المؤمن أبصر لله وأعلم بالله كان خوفه لله أكثر, وهكذا المؤمنة كلما كانت أعلم بالله, وأعلم بصفاته وعظيم حقه كان خوفها من الله وكان خشيتها لله أكمل من غيرها, وكلما قل العلم وقلة البصيرة قل الخوف من الله وقلت الخشية لله-سبحانه وتعالى-, فالناس متفاوتون في هذا الباب حتى العلماء متفاوتون كل ما كان العالم أخشى أقوم بحق الله, وكلما كان العالم أعلم بالله وبدينه, وأعلم بأسمائه, وصفاته صارت خشيته لله أكمل, وكلما نقص العلم نقصت الخشية لله, ولكن جميع المؤمنين والمؤمنات كلهم يخشون الله-سبحانه وتعالى-على حسب علمهم ودرجاتهم في الإيمان مقل ومستكثر, ولهذا يقول-جل وعلا-: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ, ويقول-سبحانه-: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ, فهم مأجورون على خشيتهم بالله وإن كانوا غير علماء وإن كانوا من العامة, لكن الكمال في الخشية يكون للعلماء لكمال بصيرتهم, وكمال علمهم بالله تكون خشيتهم لله أعظم, وبهذا يتضح معنى الآية وأن معناها إنما يخشى الله يعني الخشية الكاملة العظيمة إنما تكون من أهل العلم بالله, وأهل البصيرة الذين عظموا الله, وعظموا حقه, وعرفوا صفاته, وأسماءه فهم أكمل الناس خشية لله-سبحانه وتعالى-وبقية المؤمنين والمؤمنات هم على حسب علمهم وتقواهم في الخشية لله وخوفهم منه-سبحانه وتعالى-. جزاكم الله خيراً 
 
7- أخونا يسأل عن قول الحق تبارك وتعالى: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ[الأعراف:99]؟
على ظاهرها أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ المقصود من هذا التحذير من مكر الله- سبحانه وتعالى-, ومكر الله كونه يملي لهم, ويستدرجهم بالنعم والخيرات وهم مقيمون على معاصيه وعلى خلاف أمره, فهم جديرون بأن يأخذوا على غرة, ويعاقبون على غرة بسبب غفلتهم عن الله, وإقامتهم على معاصيه, وأمنهم من عقابه وغضبه, فالمعنى احذروا ذلك المعنى احذروا هذا الأمن وابتعدوا عنه, فالأمن من مكر الله خطر عظيم, والقنوط من رحمة الله خطرٌ عظيم، فالواجب أن لا يقنط ولا يأمن، من يكون المؤمن في سيره إلى الله بين الخوف والرجاء، فلا يقنط وييئس، ولا يأمن مكر الله وعقوبته، ويخرج البطالة والمعاصي، ولكن يجب أن يكون بين ذلك، يسير إلى الله في هذه الدار ويعمل في هذه الدار بين الخوف والرجاء، فيذكر عظمته وشدة عقابه لمن خالف أمره فيخافه، ويخشاه سبحانه وتعالى، ويذكر عظيم رحمته وحلمه وعظيم جوده وكرمه فيرجوا إحسانه سبحانه وتعالى، ويرجوا كرمه وجوده، فهو بين هذا وهذا، بين الخوف والرجاء حتى يلقى ربه سبحانه، أما الآمن الغافل المعرض الذي لا يخش الله، ولا يخش عقابه، بل هو ساهٍ لاهٍ في معاصيه وغفلاته فهذا على خطر أن يؤخذ على غرة، فيخسر الدنيا والآخرة نعوذ بالله. يعني على خطر يؤخذ على معاصيه وعلى غير توبة، فيخسر الدنيا والآخرة، ويبوء بالنار والعذاب الأليم نعوذ بالله من ذلك، نسأل الله السلامة. سماحة الشيخ في ختام... 

498 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply