حلقة 337: حكم استعمال المسواك داخل المسجد - نصيحة لمن يريد اقتناء كتب مفيدة - حكم طلاق المرأة من غير سبب واضح - حكم قراءة السور القصار في صلاة التراويح - حكم تغطية جدران البيت - تفسير قوله تعالى أو ما ملكت أيمانهم

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

35 / 48 محاضرة

حلقة 337: حكم استعمال المسواك داخل المسجد - نصيحة لمن يريد اقتناء كتب مفيدة - حكم طلاق المرأة من غير سبب واضح - حكم قراءة السور القصار في صلاة التراويح - حكم تغطية جدران البيت - تفسير قوله تعالى أو ما ملكت أيمانهم

1- نرى بعض الناس يستعملون المسواك داخل المسجد وأثناء الخطبة وقبلها، مع أن بعض الناس يشمئزون من ذلك، فما هو قولكم لمثل هؤلاء؟ وهل هو جائز استعمال السواك أثناء الخطبة؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن استعمال السواك من السنن التي فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام ورغب فيها، فصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) وفي اللفظ الآخر: (لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)، فلا حرج في استعماله في المسجد وغير المسجد، ويسن استعماله عند الدخول في الصلاة قبل أن يكبر، وعند أول الوضوء، وعند دخول المنزل، قالت عائشة - رضي الله عنه - لما سئلت بأي شيء يبدأ إذا دخل البيت عليه الصلاة والسلام قالت: (كان يبدأ بالسواك)، يعني إذا دخل بيته عليه الصلاة والسلام، فالسواك من السنن المشروعة، وفيه من تطييب النكهة وتنظيف الأسنان والتشجيع على الخير ما هو معلوم، لكن وقت الخطبة لا يستعمل، وقت الخطبة يكون المؤمن منصتاً تاركاً للحركة لا يعبث بشيء ولا يستاك، ولكن ينصت للخطيب ويستفيد من الخطبة ويتدبر ويتعقَّل، أما قبل الخطبة فلا بأس، قبل الصلاة لا بأس، حال كونه جالس في المسجد لا بأس، عند الصلاة مشروع، عند الوضوء مشروع.  
 
2- في بعض الأدعية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أصاب عبد هم ولا حزن ثم قال: "اللهم إني عبدك ابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ في حكمك عدل في قضائك......" إلى آخر الحديث) السؤال: هل المرأة تقول (اللهم إني عبدك) أم تقول: (أمتك) في هذا الدعاء، وفي بعض الأدعية المشابهة لهذا؟
الأمر في هذا واسع إن شاء الله، والأحسن أن تقول: اللهم إني أمتك وابنة أمتك وابنة عبدك، إذا قالت هذا يكون أنسب وألصق بها، ولو قالت اللفظ هذا كما جاء في الحديث فلا يضر إن شاء الله؛ لأنه وإن كانت أمة فهي عبد أيضاً من عباد الله.  
 
3- سمعت من بعض الناس أنه يقول: إذا فعلت عملاً كالصلاة أو كالصوم أو أي عمل ثان في الدين أو الدنيا، وسئلت: هل صليت أو هل صمت أو عملت كذا وكذا، لا تقل: إن شاء الله. بل قل: نعم، لأنك عملته فعلاً، فما رأيكم في مثل هذا؟
هذا فيه تفصيل: أما في العبادات فلا مانع أن يقول: إن شاء الله، صليت إن شاء الله، صمت إن شاء الله؛ لأنه لا يدري هل كملها وقبلت منه أم لا، وكان المؤمنون يستثنون في إيمانهم وفي صومهم ونحو ذلك؛ نظراً لأنه لا يدري هل كمَّل أم لم يكمل، فيقول: إن شاء الله يعني إن شاء الله أني صمت صوماً طيباً سليماً ويقول: أنا مؤمنٌ إن شاء الله، يعني إيماناً صحيحاً وإيماناً أموت عليه. أما الشيء الذي لا يختلف، يقال: بعت هذا؟ فيقول: بعت إن شاء الله، ما يحتاج: إن شاء الله، بعتُ هذا إن شاء الله، أو أتغديت أو أتعشيت إن شاء الله، ما يحتاج إن شاء الله في هذا؛ لأن هذه الأمور ما تحتاج إلى المشيئة في الخبر؛ إنما هي أمور عادية قد فعلها وانتهى منها، بخلاف أمور العبادات التي لا يدري هل وفاها حقها أم بخسها حقها، فإذا قال: إن شاء الله فهو للتبرك باسمه سبحانه وللتحرز من دعواه شيئاً قد يكون ما أكمله ولا أداه حقه.  
 
4-   أرجو من سماحتكم أن تدلوني على الكتب المفيدة النافعة في الدين والدنيا، وأن تدلوني على المكتبة الموجود فيها هذه الكتب، أو ترسلوا لي إذا تكرمتم شيئاً من هذه الكتب،
الكتب النافعة كثيرة، ومنها بل أعظمها وأهمها: (كتاب الله) سبحانه هو أهم الكتب وأعظمه فيه الهدى والنور، وفيه الدعوة إلى كل خير، وفيه بيان مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وفيه بيان ما أوجب الله وبيان ما أعد الله لأهله من الخير وبيان ما حرم الله وما أعد لأهله من العقوبة، فأعظم كتاب وأشرف كتاب وأنفع كتاب هو كتاب الله العظيم (القرآن). ثم كتب السنة الصحيحة كالبخاري ومسلم وما بعدهما من كتب السنن المعروفة كأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وسنن الدارمي ومسند أحمد رحمه الله وموطأ مالك، هذه الكتب من أنفع الكتب، لكن بالنسبة إلى طلبة العلم الذين لم يتمكنوا من العلم أو طالبات العلم في المتوسط والثانوي فهؤلاء لهم كتب ينبغي أن يحفظوها أولاً حتى تكثر علومهم وحتى يتأهلوا للكتب العظيمة الكبيرة التي تحتاج إلى مزيد عناية وعلم بما قاله أهل العلم في شأنها، مثل (كتاب التوحيد) للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هذا كتاب عظيم في العقيدة، ومثل (الثلاثة الأصول) ينبغي أن يحفظ من الطلبة والطالبات طلبة المتوسطة والابتدائي كذلك حتى يكون عندهم أساس في العقيدة، كذلك (العقيدة الواسطية) لشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب عظيم مختصر لكنه مهم في العقيدة، (كتاب بلوغ المرام) للحافظ ابن حجر في الحديث، (كتاب عمدة الحديث) للشيخ عبد الغني المقدسي في الحديث مهم، (الأربعون النووية) وتكميلها لابن رجب خمسون حديثاً كتاب جيد مهم نافع، وفي الفقه (عمدة الفقه) للموفق ابن قدامة كتاب جيد في الفقه الشرعي الفقه الإسلامي وهو في الفقه الحنبلي لكنه يعين على معرفة الفقه الإسلامي بالأدلة الشرعية (دليل الطالب) للشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي، (مختصر المقنع) المسمى (زاد المستقنع) للحجاوي هذه كتب في الفقه مختصرة. ومن الكتب النافعة المفيدة لطلبة العلم وللعامة جميعاً (رياض الصالحين) للنووي رحمه الله، (الوابل الصيب) لابن القيم رحمه الله، هذه كتب مفيدة، (زاد المعاد في هدي خير العباد) لابن القيم رحمه الله، فهذه كتب وأشباهها فيها نفع كبير.  
 
5- أنا تزوجت إنسان أنانياً بمعنى الكلمة لم يكن يحسب للعواطف ولا الإنسانية أي حساب، أي أنه جعل يتصرف دون تفكير، إنه جاد في كل شيء، وحين يتخذ قراراً لا يرجع فيه، إنني كنت أحبه، ولكن عندما اتضحت لي الحقيقة كرهته ولم أفكر فيه، أروي لكم قصتي: حيث أنني يوماً من الأيام قد نسيت أن صلاة الظهر والعصر لم أصلهما، فاستغفرت ربي وقد تكرر هذا الحدث، وفي كل مرة هو الذي يوجهني، وليس لأجل لأنه يحبني ويريد الخير لي إنما يريد أن يرصد الأخطاء، ويحاسبني فيها في المستقبل، وعندما حاسبني بالصلاة التي قد نسيتها أردته أن يسامحني، وتظاهر لي بأنه قد سامحني، ولكنه بعد مضي فترة على زواجنا وأنجبنا طفلة طلب مني أن ننفصل لعدم كفاية ديني، وإنني أهمل في بعض المرات، والأهم من ذلك كله منذ تزوجنا أنه لا يريد أن يفهمني ولا يتفاهم معي وأنه يعاملني بأسلوب يصعب علي إظهار عواطفي وحبي له، بأنه يتهرب من الكلام معي وعدم مصارحتي بما يجول داخله، وفي ذات مرة فوجئت بأنه عندما ذهب بي إلى أهلي خطب فتاة ولم يوافق أهلها لأنه متزوج ولديه طفلة وعندما رجعت قال: يجب أن ننفصل لأنني أريد امرأة متدينة، وذكر لي الحديث الذي يقول: (اظفر بذات الدين تربت يداك) فاعذريني، وأخذ يكلمني بأسلوب عرفت منه أنه ناوٍ أن يتزوج غيري، ولكني عرضت عليه جميع الحلول غير الطلاق، لكنه صمم وطلقني دون ذنب، وأنا وابنتي الآن في حيرة، علماً بأنه لم يتزوج متدينة، وكان زواجه بتشريع زوجته أو كذا - عبارة لم أفهمها سماحة الشيخ العبارات الأخيرة غير واضحة - فأرجو أن يتفضل سماحة الشيخ في المعالجة على ضوء ما سمعتم؟
مادام الطلاق حصل فالعلاج الآن ليس له يعني أثر كبير في حصول المطلوب، لكن إن قدر الله رجوعك إليه فالواجب عليك لا من أجله بل من أجل الله سبحانه وتعالى وعظمته وما أوجب عليك من الحق، فالواجب عليك أن تهتمي بأمور الدين وأن تحرصي على أداء الصلاة في وقتها، فمثلها لا ينسى هي عمود الإسلام وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، فالواجب عليك أن تكوني مثالية في الأخلاق الإسلامية، وفي أداء ما أوجب الله عليك حتى لا يجد طريقاً إلى ذمك وعيبك وإلى التماس امرأة أدين منك، فهذا هو الذي ينبغي منك أن تكوني حريصة لأن الله أوجب عليك أن تستقيمي على دينه وأن تحافظي على ما أوجب عليك، وأن تحذري ما حرم الله عليك، فأنت إن شاء الله سواءً عند أهلك أو إن رجعت إليه فالواجب عليك أن تهتمي بأمر الدين وأن تحرصي على أداء ما أوجب الله من الصلاة العظيمة في وقتها في الخشوع والطمأنينة، وهكذا جميع ما أوجب الله عليك من بر الوالدين، من صلة الرحم، من حفظ اللسان عن الغيبة والنميمة، من حفظها عن السب والشتم والكذب إلى غير ذلك، عليك أن تحرصي على كل ما أوجب الله، وهكذا صوم رمضان تحرصين على أدائه كما شرع الله مع التحفظ عن كل ما حرم الله من غيبة أو نميمة أو كذب أو سب أو غير ذلك مما يجرح الصيام، وهكذا في الزكاة إذا كان عندك مال تزكينه كما أمر الله، وهكذا في جميع الشئون تحرصين على حفظ دينك وعلى ترك ما حرم الله عليك، وإن يسر الله لك الرجوع فكوني مثالاً طيباً للمرأة الصالحة ذات الخلق الكريم بشوشة في وجه زوجك تحبين له الخير وتكرهين له الشر ولو قدر أنه لم يعمل معك ما ينبغي من البشاشة وحسن الخلق فكوني خيراً منه حتى يرجع إلى أن يتحسن خلقه وأن يعاملك بمثل ما تعاملينه، فعليك بتقوى الله في كل الأحوال وإن قدر الله إليك الرجوع فاحرصي على الأخلاق الفاضلة واللين في وجهه والبشاشة والكلام الطيب والمبادرة إلى فعل الأوامر التي لا حرج فيها وترك ما نهاك عنه من الأمور التي تحب أن تتركها وهي لا تتعلق بحق الله سبحانه وتعالى، المقصود أن تلتمسي أسباب رضاه وأن تبتعدي عن أسباب سخطه إلا في الأمور التي أوجبها الله عليك فهذه أمور يجب عليك أن تفعليها وهكذا ما حرم الله عليك يجب أن تتركين ما حرم الله عليك وليس لك أن تطيعه ولا غيره في معصية الله سبحانه وتعالى، ومتى اجتهدت في الخير وفي الأخلاق الفاضلة وفي معاملته فيما ينبغي من الخلق الكريم والعمل الطيب والمسارعة إلى تحضير أوامره وامتثالها فإنه سوف إن شاء الله يرجع إلى العمل الطيب معك والصفات الحميدة معك وربما يستغني بك عن الزواج، نسأل الله أن يُقدر لك وله كل خير وأن يجمعكما على خير إنه على كل شيء قدير. سماحة الشيخ: إذا أذنتم لي ألحظ على كتابة أختنا أنها كتبت بصدق وموضوعية فهي تقول: إنني نسيت فريضة كذا وكذا ثم تقول: إنه يوجهني لكن الرجل فيما يبدو جاد أكثر مما يجب، نصحتم المرأة جزاكم الله خيراً وهي نصيحة ثمينة ولا شك، لكن ما عن الرجال شيخ عبد العزيز. ج/ هو عليه كذلك عليه إذا قدر الله له الرجوع إليها أو مع الجديدة فعليه أن يتقي الله وأن يحسن المعاشرة والله سبحانه يقول: ..وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. (19) سورة النساء، ويقول عز وجل: ..وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ.. (228) سورة البقرة، فللزوجات حق عظيم وإن كان حق الزوج أكبر وله درجة فوق حقها؛ لكن يجب أن لا يستغل درجته في إيذائها وظلمها وعدم إنصافها، فلها حق كبير وله حق، وحقه أكبر، لكن عليه أن يؤدي الحق الذي عليه في حسن المعاشرة والتلطف بالمرأة وطيب الكلام معها وإعطائها حقوقها هذا واجب عليه، وهي واجب عليها أن تبادله المحبة والفعل الطيب والكلام الطيب وأداء الحقوق وحسن المعاشرة وأن تزيد فوق ذلك لأن له عليها درجة هذا واجبهما جميعاً، أما إذا أراد الزوج أن تكون هي طيبة وهو ليس بطيب فهذا ليس من الإنصاف في شيء، بل يجب أن ينصفها وأن يقوم بحقها وأن يحسن معاشرتها حتى ينشرح صدرها للقيام بحقه، وحتى تبادله المحبة والمعاشرة الطيبة، نسأل الله للجميع الهداية. هذه الجدية الزائدة أو هذه الصرامة أو الشخصية القوية التي يسميها بعض الرجال كيف تنصحونهم نحوها لو تكرمتم سماحة الشيخ. ج/ الواجب على الرجل أن يحرص على التسامح والعفو عن بعض الهفوات التي لا أهمية لها في حقه، وأن لا يطلب حقه كاملاً، بل يتسامح ويعفو عن الكثير، هكذا ينبغي للرجل، وهكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته عليه الصلاة والسلام، يكون ليناً معهن طيب الخلق معهن، يعاشرهن بالمعروف ويتسامح عن كثير مما قد تغلط فيه المرأة أو يزل به لسانها أو تجهله أو ما أشبه ذلك، فالرجل هكذا ينبغي له أن يكون سمح الأخلاق طيب السيرة كثير العفو والصفح عما يتعلق بحقه لا يطلب حقه كاملاً، بل يتسامح عن بعض الشيء، ثم إذا عاتب يعاتب بلطف وكلام طيب وعبارات حسنة وتوجيه واضح ليس فيه غلظة ولا شدة ولا عنف اللهم إلا إذا كابرت وعاندت هذا هو محل الشدة عليها بسبب عنادها وتكبرها وعنفها، أما مادامت تلتمس منه التوجيه وكلامها طيب فينبغي له أن يكون أطيب.  
 
6- هل يجوز في شهر رمضان اختصار أقصر السور في صلاة التراويح؟ أم يكون القرآن كاملاً على ظهر وبطن؟ -كما يعبر- حيث عندنا في القرية لم يتمونه بل من أقصر السور، أرجو أن تتفضلوا بالتوجيه نحو هذا؟
الشهر الكريم المؤمنون فيه يحتاجون إلى التشجيع والتوجيه والنصيحة والعظة المختصرة التي ليس فيها طول ولا إسهاب، بل في كل مقام بحسبه، وفي قراءة التراويح لا يطول كثيراً، ولكن إذا أمكن أن يختم بالختمة في جميع الشهر فهذا أولى وأكمل، حتى يسمعوا جميع القرآن، وينبغي له أن يقرأ في التراويح في كل ركعة آيات كربع الثمن ثلث الثمن لا تشق عليهم، أما تعمده قصار السور وهو يستطيع أن يقرأ خلاف ذلك فالأولى ترك ذلك؛ أما إذا كان لا يحفظ وإنما يحفظ قصار السور ويرددها فلا حرج في ذلك، لكن لو قرأ من أول القرآن إلى آخره ولم يطول عليهم ولو من المصحف إذا كان لا يحفظ لا بأس، كان ذكوان مولى عائشة - رضي الله عنها - كان يصلي بها ويقرأ من المصحف، والصواب أنه لا حرج في ذلك، لكن من تيسر له أن يقرأ حفظاً فذلك أولى وأكمل، أما من لا يتيسر له ذلك لأنه لا يحفظ القرآن فلا مانع من أن يقرأ من المصحف، ولكن لا يطول على إخوانه يراعي أحوالهم، قد يكون لهم أعمال قد يكون لهم شئون تمنعهم من الإطالة وتمنعهم من الرضا بالتطويل، بل يشق عليهم ذلك فإنه يلاحظهم، والناس أقسام: منهم من يتحمل ومنهم من لا يتحمل، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في حق الأئمة: (من أَمَّ الناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والصغير والكبير وذا الحاجة) هذا في الفرائض فكيف بالنوافل؟! والتراويح نافلة، فهو يلاحظ الشيء الذي لا يشق عليهم ويحصل لهم به المتابعة له والصلاة معه والراحة في هذه العبادة والخشوع فيها، فلا ينبغي له أن يفعل شيئاً ينفرهم ويجعلهم يخرجون من المسجد ولا يصلون معه إلا الشيء القليل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة) هذا فضل عظيم، لكن متى طوَّل عليهم فقد ينفرون وقد لا يكملون، فالإمام يشرع له أن يراعيهم وأن يصلي بهم صلاةً بين الصلاتين ليس فيها مشقة ولا تطويل وليس فيها نقر واختصار كثير، نسأل الله للجميع التوفيق.  
 
7- عندما يقول الأمام: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ))[الفاتحة:5] يقول المأموم استعنا بالله، فما الحكم في هذا القول؟
لا أعلم ما يدل على شرعيته، والأولى بالمأموم أن ينصت ولا يقول هذه الكلمة: استعنا بالله؛ لأنه لا دليل عليها، فالأولى والأفضل له أن يسكت عن ذلك ولا يقول هذا الكلام، ولو قاله ما يضر صلاته ، صلاته صحيحة، لكن ترك ذلك هو الأولى لأنه لا دليل على شرعية ذلك من المأموم، وإنما المشروع له أن ينصت لإمامه ويتدبر ما يقوله إمامه حتى يستفيد لقول الله سبحانه: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ.. (204) سورة الأعراف، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذا قرأ الإمام فأنصتوا).  
 
8-  ما حكم من ألبس جدار مجلسه ستائر تغطي حيطان المجلس الأربعة، علماً بأنه ليس فيه غير نافذة واحدة؟
ترك تلبيس الجدر بالستر أولى وأفضل؛ لحديث: (إنا لم نؤمر عن أن نغطي الجدر) لكن ليس فيه محذور ليس بمحرم لأنه لم ينهى عنه فيما علمنا، وإنما ذلك جائز وتركه أفضل، فلا حرج في ذلك إذا جعله إما للزينة وإما لترك الغبار وإما لأسباب أخرى لا حرج في ذلك إن شاء الله، لكن تركه أولى.  
 
9- يوجد لدي قرآن مترجم باللغة الإنجليزية، وفي الحقيقة لا أدري هل يمسه الكافر قبل أن يقول الشهادتين أم يمسه بعد ذلك؟
لا حرج في ذلك أن يمسه؛ لأن المترجم معناه أنه كتاب تفسير ليس بقرآن، يعتبر من كتب التفسير؛ لأن الترجمة تفسير لمعاني القرآن، فإذا أمسكه الكافر أو من ليس على طهارة فلا حرج، فليس له حكم القرآن، حكم القرآن يختص بما إذا كان مكتوباً بالعربية وحدها وليس فيه تفسير، أما إذا كان معه الترجمة فإنه يكون له حكم التفسير، والتفسير يجوز أن يحمله المحدث والمسلم والكافر؛ لأنه ليس كتاب القرآن ولكنه يعتبر من كتب التفسير.  
 
10- يقول العزيز الحكيم: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)) إلى قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ)) (المؤمنون1-6)، ما معنى قوله تعالى: ((أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ)) ، وهل هو في وقتنا الحاضر أم أنها على وقت الرسول صلى الله عليه وسلم؟
هذه الآيات آيات عظيمات وصف بها سبحانه أهل الإيمان الموعودين بالفردوس أهل الجنة، قال سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ والفلاح هو الظفر والفوز بكل خير والسعادة، ووصفهم بالخشوع في الصلاة يعني الإقبال عليها، والطمأنينة فيها، وإحضار القلب. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) سورة المؤمنون، يعني أعرضوا عن كل ما لا ينبغي عن الشرك والمعاصي وكل شيء لا فائدة فيه، أعرضوا عنه واشتغلوا بما ينفعهم من الأعمال والأقوال. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) سورة المؤمنون، زكاة المال وزكاة الجاه والنفس، فالمؤمن يزكي نفسه بطاعة الله ورسوله، ويزكي جاهه من الشفاعة في الخير والنفع للناس، ويزكي بماله بأداء الحق الذي فيه من الزكوات. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) سورة المؤمنون، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) سورة المؤمنون، المؤمن هكذا، والمؤمنة هكذا، فالمؤمن يحفظ فرجه إلا من زوجته أو ما ملكت يمينه، والمؤمنة كذلك تحفظ فرجها إلا من زوجها وسيدها، وهو الذي ملكها ملكاً شرعياً، هذا معنى الآية، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) سورة المؤمنون، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) سورة المؤمنون. والله المستعان. سماحة الشيخ في ختام... 

464 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply