حلقة 340: من مات في حياة أبيه هل لأبنائه أن يطالبوا أعمامهم ميراث - حكم الاستهزاء بالقرآن - هل يجوز نطق الشهادتين داخل الحمام - حكم الإشارة باليد في التشهد - ما حكم من دخل مع المنفرد بنية الجماعة - حكم الدم الذي يسحب للتحليل من الصائم

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

38 / 48 محاضرة

حلقة 340: من مات في حياة أبيه هل لأبنائه أن يطالبوا أعمامهم ميراث - حكم الاستهزاء بالقرآن - هل يجوز نطق الشهادتين داخل الحمام - حكم الإشارة باليد في التشهد - ما حكم من دخل مع المنفرد بنية الجماعة - حكم الدم الذي يسحب للتحليل من الصائم

1- نحن أختان بالغتان، توفي والدنا ونحن في سن الطفولة ربتنا والدتنا فأحسنت تربيتنا، وأدبتنا فأحسنت تأديبنا، وعلمتنا حتى حصلنا على الشهادة الجامعية، وتزوجتُ أنا وبقيت أختي مع والدتي وحالتنا المادية والحمد لله جيدة، ولسنا بحاجة لأحد إلا لله سبحانه وتعالى، والسؤال: إن والدنا توفي وجدنا ما زال على قيد الحياة، لكنه لم يعتن بنا ولم يكترث بنا أحد لا جدنا لأبينا ولا أعمامنا، وبفضل الله حالنا من أحسن الناس، وجدُّنا كذلك، فهل يجوز لنا أن نطالب أعمامنا بالميراث من جدنا المتوفى، أم أنه لا نصيب لنا من ميراث جدنا، لأن والدنا توفي في حياته، علماً بأن الجد لم يوصِ لنا بشيء من الميراث،

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فأسأل الله عز وجل أن يضاعف الأجر لوالدتكما، فقد أحسنت جزاها الله خيراً، وفعلت ما ينبغي، فنسأل الله أن يضاعف مثوبتها، وأن يأجرها على ما فعلت الأجر الذي يليق به سبحانه، والحمد لله الذي يسر أمركما وأغناكما من فضله، أما الميراث من جدكما فليس لكما ميراث من الجد؛ لأن الأعمام وهم أولاده يحجبون بنات الابن فليس لكما مع أعمامكما ميراث، وإذا كان ما أوصى لكما بشيء فليس لكما شيء في تركته، والذي عند الله خير وأبقى، والحمد لله الذي أغناكما عنه وعن غيره؛ لأن الرسول عليه السلام قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)، وقد أجمع العلماء رحمة الله عليهم على أن الابن يحجب أولاد الابن ذكورهم وإناثهم، والله ولي التوفيق.  
 
2-   أختنا تتحدث عن كتاب سمَّته النكت والطرائف، وفي هذا الكتاب تحكي روايات نقلتها عن هذا الكتاب فيها شيء من الاستهزاء بالآيات القرآنية والأحاديث -كما تعبر- وتسأل عن حكم نشر مثل هذا الكتاب، وكيف يسمح له بالتداول؟
هذا الكتاب لا أذكر أني اطلعت عليه، وسوف نسأل عنه إن شاء الله، ونجري ما يلزم من جهة منعه إذا كان فيه ما يوجب المنع، وجزاك الله خيراً وبارك فيك.  
 
3-   إذا فرغ المسلم من الوضوء هل يجوز أن ينطق بالشهادتين في الخلاء، وما الحكم إذا تأخر النطق بالشهادتين حتى الخروج للانشغال بغسل ثوب أو نحوه؟
الأفضل للمؤمن أن لا ينطق بهما في حال الخلاء، يعني في الحمام، بل ينتظر حتى يخرج؛ لأن ذكر الله في الحمام مكروه تعظيماً لله وتنزيهاً له سبحانه وتعالى، ومتى خرج ولو تأخر لغسل ثوب أو حاجة أخرى نطق بالشهادتين فيقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) هذا هو المشروع بعد الفراغ من الوضوء عند خروجه من الحمام، والله ولي التوفيق.  
 
4-   في التشهُّد: هل تستحب الإشارة بالسبابة من بدء التشهد إلى نهايته، أم يكون عند ذكر اسم الله فقط، وهل صحيح أن الإشارة بالسبابة تكون على الشيطان أشد من وقع الضرب على المطرقة، وهل ذلك يكون عند الإشارة بالنطق بالشهادتين أم في سائر الإشارات؟
الإشارة تكون في التشهُّدين موجودة من أول ما يجلس للتشهد، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس للتشهد الأول والأخير رفع إصبعه السبابة رفعاً غير كامل، إشارة للتوحيد، هذا هو السنة، من أول التشهد إلى آخره عند ذكر الله وغيره، تكون واقفة، تكون الإصبع واقفة، وإذا حركها عند الدعاء قليلاً فحسن؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ربما حركها عند الدعاء عليه الصلاة والسلام، وأما كونها أشد على الشيطان من كذا وكذا فهذا ليس في الحديث، وإنما هو من كلام بعض السلف، فلا يعتمد عليه، ولكنها بكل حال تغيظ الشيطان؛ لأن ذكر الله يغيظه وهو يحب كل بلاء ويحب كل شر على المسلمين، فإذا ذكر المؤمن ربه ووحده سبحانه فهذا يغيظ الشيطان ويؤلمه، وهكذا إذا استعاذ بالله منه ومن نزغاته كل هذا يؤلمه، ولكن ذلك من أسباب السلامة من شره، ذكر الله كثيراً والاستعاذة بالله من الشيطان كل هذا من أسباب السلامة من نزغاته وبلاياه، أعاذنا الله والمسلمين منه.  
 
5- في كثير من الأحيان أكون في صلاة أي فرض من الفروض، وأصلي منفرداً ويأتي بجانبي مصلٍ آخر وينوي الصلاة جماعة، وإذا أتى مصلٍ آخر أتقدم إلى الأمام خطوة ويتابعونني في صلاتي، في حين أنني نويت في الأول أن أصلي هذا الفرض فرداً، فما حكم صلاتي أنا، وما حكم صلاة المأمومين الذين ائتموا بي؟
الواجب على المؤمن أن يسارع حتى يحضر الجماعة وحتى يشارك في الجماعة في بيوت الله عز وجل، ولا يجوز له التأخير بغير عذر شرعي، بل تجب المبادرة حتى يشارك مع إخوانه المسلمين ويحضر الجماعة مع إمام المسجد؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) وقوله -صلى الله عليه وسلم- لما سأله رجل أعمى قال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: (هل تسمع النداء بالصلاة؟) قال: نعم، قال: (فأجب) خرَّجه مسلم في صحيحه، ولأن الجماعة فضلها عظيم فلا ينبغي للمؤمن أن يحرم نفسه هذا الخير العظيم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) متفق على صحته، لكن لو قُدِّر أن الإنسان تأخر وفاتته الجماعة وصلى وحده فجاء بعض الناس وصلى عن يمينه وصارا جماعة فلا بأس، ولو كان عند الإحرام وحده لم ينوِ الإمامة فإنه إذا جاء معه ثانٍ فإنه ينوي الإمامة، فإن جاء معه ثالث أخرهما وتقدم كما فعلت، وقد ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وحده في الليل فجاء ابن عباس -رضي الله عنهما- فصف عن يساره فأخذه بيمينه وجعله عن يمينه وصلى به عليه الصلاة والسلام، وهو لم ينو الإمامة أولاً كان يصلي وحده، متفق على صحته، هكذا وقع في قصة أخرى لأنس لما زار النبي - صلى الله عليه وسلم - بيت جدته وصلى عندهم الضحى قام أنس عن يمينه وصلى به عليه الصلاة والسلام وهو عن يمينه والمرأة خلفهما، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أيضاً أنه كان يصلي وحده فجاء جابر وجبار من الأنصار فصفا عن يمينه وشماله فأخرهما خلفه وصلى بهما، رواه مسلم في صحيحه، فهذا هو الأمر المشروع، والله أعلم.  
 
6- أحياناً أقوم بتأدية صلاة العشاء في بيتي مع زوجتي، وفي أثناء الركوع والسجود تأتي ابنتي الصغيرة وتركب فوق ظهري، وأثناء قيامي بقراءة الفاتحة في الركعة الثانية أمسك بها بيدي خلف ظهري خوفاً عليها من السقوط، فهل هذا يبطل صلاتي أو ينقص من الأجر؟
أما الفريضة فالواجب الذهاب إلى المسجد والصلاة مع الناس، وترك ذلك تشبه بأهل النفاق، وقد قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (لقد رأيتنا وما يتخلف عنها -يعني الصلاة في الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق)، وتقدم في الجواب السابق قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) وقوله للأعمى لما قال له ليس له قائد يلائمه قال له: (هل تسمع النداء بالصلاة؟) قال: نعم ، قال: (فأجب) فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة، وليس لك أن تصلي في بيتك، ولو صلى معك أهلك، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر برجل فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم). فهذا يدل على وجوب المبادرة والمسارعة إلى أداء الصلاة في الجماعة، لكن لو فاتتك الصلاة في الجماعة أو كان لك مانع شرعي كالمرض وصليت في البيت فلا بأس بذلك، وإذا صلت معك زوجتك أو بناتك أو أمك أو غيرهن فإنهن يكن خلفك، لا تقف معك المرأة تكون خلفك، ولو واحدة، وإذا ركبت بنتك الصغيرة على ظهرك فإنها لا تضر صلاتك، ولكن تنزلها بهدوء كما فعلت وأنت مأجور، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يوماً يصلي فلما سجد جاء ابن بنته الحسن أو الحسين فارتحله وركب عليه عَليه الصلاة والسلام فأطال السجود، فلما سلم من صلاته أخبر الصحابة أنه أطال السجود من أجل أن لا يزعج ابن ابنته لما ركب عليه عَليه الصلاة والسلام وقت السجود، فدل ذلك على أنه لا يؤثر في الصلاة، وأن الواجب العطف على الصغير والرحمة وعدم إزعاجه، بل يزيله عن ظهره باللطف حتى يكمل صلاته. الأطفال يحبون أن يعتادوا مثل هذه الأشياء -سماحة الشيخ-؟ ج/ معلوم. - توجيهكم لو تكرمتم؟ ج/ على كل حال ينبغي للمؤمن إذا كان يصلي أن يلاحظ هذا عند أهل بيته ويقول لهم يلاحظون الأطفال حتى لا يشغلون صلاته، لكن لو فرض أنه وقع شيء من هذا مثل ما وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - فالأمر واسع، والحمد لله.  
 
7- يسأل عند الدم الذي يؤخذ من الوريد للتحاليل، وهل هناك كمية محددة لا يجور للصائم تجاوزها؟
لا أعلم شيئاً محدداً، وليس هذا من جنس الحجامة، الحجامة جاء بها النص فيقتصر عليه، وقد اختلف العلماء فيها حتى قال أكثر أهل العلم: أنها لا تفطر، وقال بعضهم: أن الفطر بها منسوخ، والأظهر أن الحجامة تفطر وأنها غير منسوخة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أفطر الحاجم والمحجوم) لكن لا يقاس عليها التحليل، التحليل دونها، التحليل شيء يسير يؤخذ عند الحاجة فلا بأس به إن شاء الله ولا يفطر الصائم. - بالنسبة للكمية -سماحة الشيخ-؟ ج/ قلَّت أو كثرت في التحليل، قلَّت أو كثرت؛ لأنه الغالب عليها القلة.  
 
8- هل السعي بين الصفا والمروة يعد أيضاً من أعمال التطوع أو لا؟
ليس السعي من أعمال التطوع، وإنما يؤدى حسب الفريضة، مرة واحدة في الحج، ومرة واحدة في العمرة، وإذا كان الحاج متمتعاً سعى سعيين، أحدهما: للعمرة أول ما يقدم، والسعي الثاني: للحج بعد طواف الإفاضة بعد نزوله من عرفات يوم العيد أو بعده، وأما الطواف فهو سنة وعبادة يشرع التطوع بها في أيام الحج وغيرها، فهي عبادة كالصلاة، فمن كان في مكة يشرع له الإكثار من الطواف، هكذا الحاج وهكذا المعتمر يشرع له الإكثار من الطواف إلا إذا كان هناك زحمة فالأولى به أن لا يزحم الناس، وأن لا يشق على القادمين الوافدين، بل يوسع لهم؛ ولهذا لما حج النبي - صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع نزل في الأبطح ولم يطف إلا طواف القدوم وطواف الإفاضة وطواف الوداع، ثلاثة، والظاهر والله أعلم أنه فعل ذلك لئلا يشق على أمته؛ لأنه لو دخل يطوف طاف الناس معه ودخل المسلمون معه فشق على الوافدين وحصل الزحام، فمن رحمة الله جل وعلا أن شرع لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أن لا يطوف إلا هذه الاطواف الثلاثة؛ حتى يتأسى به أتباعه من الأمة وحتى لا يضيق بعضهم على بعض، فإذا فرغ الإنسان من عمرته والناس كثيرون فلا يزاحم بطواف التطوع يترك المجال لإخوانه لأداء فرضهم، هذا هو المشروع، وهذا المعروف من السنة لمن استقرأها وتأملها، والله ولي التوفيق. وبالنسبة للسعي بين الصفا والمروة ليس هو مجال للنافلة؟ ج/ لا ، لا يفعل إلا فريضة إما للعمرة وإما للحج فقط. أما الطواف فهو مكان للنافلة! ج/ نعم، مستحب مثل الصلاة، يتطوع به الإنسان متى تيسر.  
 
9- ما حكم الهدايا -أيضاً السؤال لأختنا من ليبيا- ما حكم الهدايا التي تقدم للمعلمين والمعلمات من تلاميذهم وتلميذاتهم في اليوم الذي يسمونه عيد المعلِّم؟
لا أعلم لهذا أصلاً، وإذا كان لا يخشى منه مضرة إذا كان من باب المعروف والإحسان ولا يخشى منه أن يكون لا يخشى من هذه الهدايا أن تكون رشوة لتنجيح هذا وإسقاط هذا فلا حرج، أما إذا كان يخشى أن تكون رشوة وأن يستعين بها المعلِّم على تنجيح فلان وإسقاط فلان لأن هذا أهدى وهذا لم يهدِ فإنها تكون حينئذ محرمة؛ لأن الرشوة لا تجوز. فالحاصل أن هذه الهدايا فيها مجال وفيها خطر، فإذا كانت تفعل على وجه لا يكون فيه رشوة ولا يكون فيه خطر على حيف الأستاذ وظلمه لبعض الطلبة فأرجو أن لا يكون فيها بأس إن شاء الله. - تعليقكم على هذا اليوم -سماحة الشيخ- عيد المعلم!؟ ج/ لا أعلم له أصلاً، هذا اليوم ما أعلم له أصلاً، ولا يجوز أن يتخذ أعياد غير العيدين: عيد النحر وعيد الفطر، هذه أعياد المسلمين وأيام منى وعرفة، فهذا عيد معروف للعبادة بأداء مناسك الحج، ويوم الجمعة عيد الأسبوع يصلى فيه. أما اتخاذ عيد يجتمعون فيه ويدور بالسنة أو يدور بالشهر يجتمعون فيه لإكرام المعلم أو لعيد الأم أو عيد الأب أو عيد مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عيد مولد البدوي أو عيد مولد فلان وفلان كل هذه أعياد لا أساس لها، كلها مبتدعة بعد القرون المفضلة، وقد نص العلماء على ذلك، كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) ومثل الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام) وآخرون نصوا على أن هذه الأعياد لا أساس لها بل هي من البدع، والواجب على المؤمنين التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، والسير على منهاجه -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم وأرضاهم- ولم يفعل - صلى الله عليه وسلم- عيداً لنفسه ولم يأمر بذلك، ولم يفعله الصحابة وهم أفقه الناس وأعلم الناس بحقه -صلى الله عليه وسلم-، وهم أحب الناس له عليه الصلاة والسلام وهو أحبهم إليهم وهم خيرٌ منا وأفضل منا ومن بعدهم فلو كان خيراً لسبقونا إليه، وأما فعل الناس في كثير من الأمصار واعتياد الناس لهذه الأشياء فليس بعبرة ولا يحتج به، أفعال الناس ليست حجة ولو كثر الناس الفاعلون للبدعة، يقول الله عز وجل: ..فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ.. (59) سورة النساء، ويقول سبحانه وتعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ.. (10) سورة الشورى، ويقول جل وعلا: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ.. (100) سورة التوبة، فالتابع بإحسان هو الذي لم يزد ولم يبتدع، هذا هو التابع بإحسان. فالحاصل أن القرون المفضلة القرن الأول والثاني والثالث لم يبتدعوا مولداً للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولا لغيره، فالصحابة ما فعلوه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا فعلوه مع الصديق ولا مع عمر ولا مع عثمان ولا مع علي ولا مع غيرهم، وهكذا التابعون وأتباع التابعين. فمَن الناس بعد ذلك؟!! فالواجب إتباع هؤلاء والسير على منهاجهم، وكون الإنسان يعتاد عادة فيحسب أنها خير إذا عرف الحق وجب عليه ترك العادة التي تخالف الشرع. فهذه نصيحتي لجميع المسلمين في كل مكان أن يتركوا الأعياد التي أحدثها الناس ولو كانت لسيد الخلق وأفضلهم محمد -صلى الله عليه وسلم- فإن الخير كله في إتباعه والسير على منهاجه وعلى منهاج أصحابه -رضي الله عنهم وأرضاهم-. وليس في الابتداع إلا الشر والبلاء؛ ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا هذا -يعني الإسلام- ما ليس منه فهو رد) يعني فهو مردود، خرَّجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وخرَّجه مسلم بلفظ: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وعلَّقه البخاري بهذا اللفظ جازماً به رحمة الله عليه في آخر كتابه. وكان عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة يقول: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) خرَّجه مسلم رحمه الله، وخرَّجه النسائي رحمه الله بإسناد صحيح وزاد: (وكل ضلالة في النار) وهكذا روى جماعة من أهل السنن عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والواجب على العلماء وعلى ولاة الأمور بذل المستطاع في إظهار السنة وفي القضاء على أنواع البدع؛ وذلك بتعليم الناس وتوجيههم وإرشادهم ومنعهم من إقامة البدع التي لا أساس لها في الشرع هذا هو الواجب على المسلمين ولاسيما العلماء والأمراء؛ لأنهم القدوة، فهم صنفان: متى صلحا صلح الناس ومتى فسدا فسد الناس، فنسأل الله أن يصلح أمراء المسلمين.....  
 
10- هل للمسافر أن يتمتع بكل شيء حتى معاشرة أهله في رمضان؟
نعم، المسافر له الفطر في رمضان، ومن ذلك إتيانه أهله إذا كانت زوجته معه مسافرة، فالجماع حلٌ لهما كما أحل الله لهما الأكل والشرب، ما داما في السفر. سماحة الشيخ في ختام... 

440 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply