حلقة 344: حكم المجاهرة بالمعاصي - ما حكم التصرف في أموال الأيتام القصر للضروة - ما هو علاج من يشعر بالخوف والخجل من الناس - ما حكم الدَين - حكم شراء السلعة دين ثم بيعها على البائع نقدا - كيفية تعليم الأصم والأبكم أمور الدين

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

42 / 48 محاضرة

حلقة 344: حكم المجاهرة بالمعاصي - ما حكم التصرف في أموال الأيتام القصر للضروة - ما هو علاج من يشعر بالخوف والخجل من الناس - ما حكم الدَين - حكم شراء السلعة دين ثم بيعها على البائع نقدا - كيفية تعليم الأصم والأبكم أمور الدين

1- أخونا يشكو من أخٍ له ويقول: إنه يقترف بعض المعاصي، وقد نصحه كثيراً إلا أن الأمر آل به إلى المجاهرة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه في هذا الموضوع

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد. فإن الواجب على المسلمين فيما بينهم هو التناصح، والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق كما قال الله عز وجل في كتابه المبين: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وقال سبحانه: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة ، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه ورسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، هاتان الآيتان مع الحديث الشريف كلها تدل على وجوب التناصح والتعاون على الخير والتواصي بالحق، فإذا رأى المسلم من أخيه تكاسلاً عما أوجب الله، أو ارتكاباً لما حرم الله وجب نصحه، وجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر حتى يصلح المجتمع، وحتى يظهر الخير وحتى يختفي الشر، كما قال سبحانه: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) خرجه الإمام مسلم في صحيحه. فأنت أيها السائل مادمت نصحته ووجهته إلى الخير ولكنه ما زاده ذلك إلا إظهاراً للمعصية؛ فينبغي لك هجره وعدم اتخاذه صاحباً ولا صديقاً، وينبغي لك أن تشجع غيرك من الذين قد يؤثرون عليه وقد يحترمهم أكثر على نصيحته ودعوته إلى الله لعل الله ينفع بذلك، وإن رأيت أن الهجر يزيده شراً وأن اتصالك به أنفع له في دينه وأقل في شره فلا تهجره؛ لأن الهجر يقصد منه العلاج فهو دواء فإذا كان لا ينفع بل يزيد الداء داءً فأنت تعمل معه الأصلح من الاتصال به، وتكرار النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير اتخاذه صاحباً ولا صديقاً لعل الله ينفع بذلك، وهذا هو أحسن ما قيل في هذا من كلام أهل العلم رحمهم الله.   
 
2- لدي مال لأبناء قُصَّر أيتام والمبلغ حوالي مائة ألف ريال، وحكمت علي الظروف في صرفه، فما هو العمل في موضوعي، علماً بأني في الوقت الحاضر لا أستطيع التسديد، أرشدوني
على كل حال قد أسأت في هذا، كان الواجب عليك أن تجعله في وجه من الوجه الذي ينميه، ولكن بدلاً من ذلك صرفته في حاجاتك هذا لا شك أنه منكر وغلط منك فعليك التوبة إلى الله، والرجوع إليه سبحانه وتعالى وعليك أن تبذل قصار جهدك في تحصيله ثم إخراجه من يدك إلى جهة تنميه إما بطريق المضاربة، وإما بشراء سلعة تبيعها إلى أجل ينفع هؤلاء القصر، وإما بأسباب أخرى تنمي هذا المال على وجه شرعي مأمون، وهذا هو الواجب عليك لعل الله يخلصك من هذا المال الذي بليت به. والأيتام أمانة وحقهم أمانة فالواجب على الوكيل والولي أن يتقي الله فيهم، وأن ينمي مالهم ويحرص على الطرق التي تسبب ربحه ونموه بدلاً من إتلافه أو صرفه في حاجاته، نسأل الله أن يعينك ويسهل أمرك ويمن عليك بالتوبة النصوح. موقفه مع هؤلاء الأيتام سماحة الشيخ هل يصارحهم؟ ليس هناك حاجة إلى المصارحة لأنهم قصر قد يضرهم هذا، وقد يؤذيهم لكن يجتهد فيما بينه وبين الله ولو بالاقتراض إذا تيسر، يقترض حتى يكون الدين لغيرهم، يعني لإنسان يطالب، أما هؤلاء فقُصَّر لا يعرفون المطالبة، وقد لا يبالي بهم، لكن إذا استلف اقترض من غيرهم فصاحب القرض قد يطالبه، قد يوجب له الجد والاجتهاد في طلب الرزق والحرص على أعمال يوفي منها. عندما يكون المرء ولياً على أيتام لعل هناك نصيحة شيخ عبد العزيز؟ النصيحة تقوى الله في ذلك وأن يصونهم ويحمي أموالهم ويربيهم التربية الشرعية، ويعلمهم ما ينفعهم وينهاهم عما يضرهم، ويجتهد في كل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ومن ذلك الحرص على تنمية أموالهم بالطرق الشرعية التي يستطيعها، أما بشراء عقار لهم يؤجر وينفعهم، وإما بجعل ذلك في يد ثقة ينمي هذا المال ويتجر فيه، وإما أن يساهم به في شيء مأمون أراضي أو غير ذلك حتى يحصل لهم بذلك الفائدة، المعنى أنه يجتهد في كل ما ينفعهم في الدين والدنيا ولا يقصر ولا يتساهل. إذاً لا يمد يديه على أموالهم والحمد لله والحالة هذه إلا لاستثمارها لهم؟ إلا ما ذكر الله إذا كان فقيراً يأكل بالمعروف، مثل ما قال جل وعلا في ذلك: (وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) يعني يأكل معهم بالمعروف بغير إجحاف.   
 
3- يشعر بالخوف والخجل، ولا يستطيع مجالسة الناس ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه، وهل هناك أدعية تؤثر على هذه الحالة التي تنتابه ويعاني منها كثيراً - كما يقول -؟
نعم ، هذا من الشيطان فينبغي له أن يتعوذ بالله من الشيطان، وأن يستشعر أنه رجل مع الرجال، وأنه لا وجه لهذا الخوف، ولا وجه لهذا الخجل وهو رجل يجلس مع الرجال ويمشي مع الرجال، ويصلي مع الرجال ويتكلم مع الرجال ويعمل مع الرجال، فلا وجه لهذا الخجل ولا وجه لهذا الخوف ولكن مما يستعان به في ذلك :أن يتعوذ بالله بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحاً ومساءً، وأن يقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحاً ومساءً فإن هذا من أسباب أن الله يكفيه كل شر، ومن ذلك قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة وكذلك قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) إلى آخر السورة، قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين بعد الصلوات مرةً بعد الظهر والعصر والعشاء وثلاث مرات بعد المغرب والفجر، كل هذا من أسباب السلامة وإزالة المخاوف.  
 
4- المعروف حالياً أن الناس يأخذون من بعضهم أموالاً كقرضة، ويسمونها ديناً، وهي غير السلف، وسؤالي: هل الدين بالمفهوم الحالي حرام، وما هي الطريقة الإسلامية الشرعية لذلك،
ليس الدين حراماً إذا كان على الوجه الشرعي، وليس القرض حراماً إذا كان على الوجه الشرعي، ويسمى ديناً أيضاً قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)، فالله سبحانه أباح لعباده المؤمنين التداين، وأن يكتب ذلك الدين إلى أجل، فلا بأس بالمداينة ولا بأس بالاقتراض، والمداينة كأن تشتري من أخيك سلعة من أرض أو بيت أو دكان أو سيارة أو غير ذلك إلى أجل معلوم، لحاجتك إليها، لتسكن البيت لتزرع الأرض، لتستعمل السيارة أو لتستفيد منها تبيعها تستفيد منها، إلى غير ذلك من المقاصد، هذه تسمى مداينة إلى أجل مسمى هذا شيء لا حرج فيه، إذا كان المبيع مملوكاً للبائع وفي حوزة البائع؛ فإن هذا البيع يسمى بيعاً، ويسمى ديناً، ومن المداينة ما يسمونه بالسلم، وهو أن تأخذ من شخص دراهم معينة معجلة تشتري بها شيئاً من ذمتك كقهوة، سكر، رز، غير ذلك، تأخذ منه مثلاً عشرة آلاف ريال على أنك تعطيه، بكل ريال صاعاً من الحنطة، أو صاعاً من الأرز بعد سنة بعد سنتين بعد أشهر معينة هذا يسمى السلم ويسمى السلف وهو ما عجل ثمنه وأخر مثمنه، إذا كان معلوماً تامةً شروطه إلى أجل معلوم، أو سيارة قد علم موديلها وصفاتها الكاملة تبيعها عليه من ذمتك إلى أجل معلوم فتأخذ منه عشرة آلاف أو عشرين ألفاً على أنك تدفع له بعد سنة أو بعد سنتين سيارة صفتها كذا وصفتها كذا وموديلها كذا معروفة ليس فيها شبهة، أو آصعاً معلومة من الأرز أو من الحنطة أو من غير ذلك أو من القهوة أو من السكر إلى غير ذلك، شيء معلوم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة وهم يسلفون الثمار سنة أو سنتين قال عليه الصلاة والسلام: (من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) هذا كله يسمى مداينة، ومنها القرض أيضاً كأن تقول لأخيك في الله أو لأخيك من النسب أو لابن عمك أو لصهرك أبي زوجتك أو أخي زوجتك أو غيرهم؛ تقول له: أقرضني كذا أقرضني ألف ريال، أقرضني عشرة آلاف ريال، قرضاً بدون فائدة، لله هذا يسمى ديناً ويسمى قرضاً فإذا أعطاك أخوك في الله، أو قريبك أو صهرك مطلوبك من المال فهذا يسمى قرضاً إذا كان من دون فائدة لمجرد الاحتساب، هذا يسمى قرضاً؛ لأنه إرفاق، ويسمى ديناً لأنه في الذمة، هذا لا حرج فيها ولا بأس فيه، لكن لو قال على أن تعطيني زيادة كذا وكذا صار ربا، لو قال نعم أنا أعطيك قرضاً عشرة آلاف لكن بشرط أن تعطيني في كل ألف عشرة أو مائة أو خمسين من أجل التأخير الذي يتأخر المال عندك هذا هو الربا المعروف لا يجوز، أو قال أنا أعطيك عشرة آلاف قرضاً لكن على أن تعطيني السيارة الفلانية أستعملها شهرين ثلاثة أكثر أقل في مقابل هذا القرض هذا لا يصلح؛ لأنه قرض بشرط، هذا لا يجوز، كذلك لو قال نعم أنا أعطيك عشرة آلاف أو مائة ألف قرضاً على أن تعطيني أرضك الفلانية أزرعها وأستفيد منها حتى تعطيني قرضي، حتى يستفيد من الأرض بدون أجر في مقابل هذه الأرض، أما إن استأجرها بأجرة المثل بدون شرط، استأجرها بالعادة بنصف الزرع بثلث الزرع بآصع معلومة، بدراهم معلومة كما يستأجرها الأجنبي من دون شرط بينكم، قد استأجرها بعد ذلك منك فلا بأس، لكن الله يعلم ما في القلوب إذا كانت من دون شرط وبالأجرة المعتادة التي يأخذها غيره. 
 
5-   الصور الموجودة في السوق -لعل سماحة الشيخ بلغه بعض منها- وهي: كأن يأتي إنسان محتاج إلى تاجر يبيع ويشتري في أقمشة أو في مواد غذائية أو نحو ذلك، ويقول: تشتري هذه البضاعة بمبلغ كذا وتسدد القيمة بعد عام بمبلغ كذا وكذا، بطبيعة الحال، المبلغ يكون زائداً، لكن ذلك المحتاج لا يستلم تلك البضاعة.
هذا ما يصلح هذا يسمونه التورق، ولكن يسيئون الاستعمال ويسمونه العامة الوعدة، ويسيئون الاستعمال يبيع المال وهو جالس ما يقبض وهكذا الآخر يبيعه وهكذا، لا، ما يصلح هذا، هذا التجارة الشرعية والمداينة الشرعية أن يشتري مالاً موجوداً عند البائع في حوزة البائع ثم يقبضه المشتري ويحوزه المشتري، ويتصرف فيه باستعماله إن كان أرضاً في استعمالها، إن كانت سيارة، بغير ذلك من أنواع الاستعمال، يقبضه، هذا هو الدين الشرعي، أما أن يشتري منه هذا المال الموجود المركوم، ثم يتركه ويبيعه عند البائع يبيعه على زيادة وعلى أمر هذا ما يجوز، هذا فيه الحديث في الصحيح (لا تبع ما ليس عندك) (لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك).   
 
6- إذا كان لدي أخٌ أصم وأبكم، وهو لا يسمع ولا يتكلم كما هو معلوم، وطبعاً لا يعرف شيئاً عن الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة، ولا يعرف شيئاً عن أحكام الإسلام، ولا يعرف شيئاً من القرآن، كيف يكون التوجيه والحالة هذه؟
هذا لا بد يعني يفعل معه ما يعلم به عقله، من إشارة إذا كان يبصر، إذا حضر الناس وقت الصلاة حتى ينظر أعمالهم، ويكتب له إن كان يكتب، يعلم الكتابة لعله يستفيد من الكتابة حتى يعرف عقله أنه يعي ويفهم، فإذا كان يعي ويفهم بالكتابة والإشارة فهو مكلف بحسب ما وصل إلى علمه، إذا كان لا ينطق ولا يسمع، فقد يفهم بالإشارة أو بالكتابة إن تيسرت الكتابة حتى يعمل بما أوجب الله ويترك ما حرم الله من طريق الكتابة، أو من طريق الإشارة هذا إذا كان يعقل أما إذا كان ما يعقل ظهر من حاله أنه لا يعقل فلا حرج عليه لأنه غير مكلف (رفع القلم عن ثلاثة منهم الصغير حتى يبلغ والمعتوه حتى يفيق) فإذا كان معتوهاً لا عقل له فلا شيء عليه. إذاً يكفي في مثل هذا التقليد يعلمونه التقليد وهو كافي؟ يعلمونه حسب الإمكان بالمكاتبة بالإشارة، بالشيء الذي يستطيعون وقد يعوضه الله فهماً عظيماً بالإشارات، إذا فقد حاسة السمع وحاسة الكلام قد يعوض بإذن الله هذا مشاهد معروف، أولئك الذين يبتلون بهذا عندهم فهم عظيم للإشارات، ونحن نعرف من هذا أناساً يعملون ويكدحون ويحصلون أموالاً بالإشارة، ويصلون مع الناس ويصومون مع الناس وهم من خيرة الناس كله بالإشارة أو بالكتابة.   
 
7- رجل قال لزوجته، أنت مثل أختي، وهو لا يقصد في ذلك عدم المعاشرة الزوجية، هل يخرج بدل الإطعام نقداً، أم لا؟
هذا يختلف بحسب نيته، إن كان قال لزوجته أنت مثل أختي أو مثل أمي من باب الاحترام، من باب الإكرام، من باب التقدير لها هذا ليس بحرام وليس عليه شيء لكن ترك هذا أولى، ينبغي تركه لأنه يوهم، ينبغي أن لا يستعمل هذا معها أما إن كان أراد تحريمها أنها محرمة مثل أخته أو أنها محرمة كأمه أو كبنته فهذا هو الظهار المعروف وعليك كفارة الظهار، وهي مرتبة بنص القرآن أولاً عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ما هي نقود، ستين مسكين طعام يعشيهم أو يغديهم أو يدفع لهم طعاماً نيئاً نصف صاع لكل واحد ثلاثين صاعاً من الحنطة من البر من الشعير من قوت البلد، من التمر، ويكفي ذلك حتى يمسها بعد ذلك يعني لا يمسها حتى يدفع عليه الكفارة أما النقود فلا تصلح. النقد في هذا لا يصلح؟ لا يصلح خلاف النص.   
 
8- إنني فتى في السابعة عشرة أؤدي ولله الحمد ما افترضه الله جل وعلى على عباده من أركان الإسلام وواجباته، وأجاهد نفسي على جعلها في أتم صورة، إلا إن في نفسي شعوراً أحس من خلاله أني أرتكب معصية موبقة، وأيضاً توقعني في عذاب الله وسخطه، وقد ارتكبته من حيث لا أشعر وأحس أنني مثل عبد النبي صلى الله عليه وسلم الذي أصابه سهم من الكفار، وبعد خيبر فقال المسلمون هنيئاً له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها من المغانم يوم خيبر لم تصبها القسمة لتشتعل عليه ناراً). خلاصة الأمر: أنني في معصية ولا أعرفها، أرجو إجابتي نحو هذا الشعور، هل هو دليل خير وتقوى أم دليل على غير ذلك، وأرجو التعليق على هذا؟
هذا من الدلائل على شدة خوفك من الله عز وجل، وتعظيمك لحرماته فأنت على خير إن شاء الله، وعليك أن تبتعد عن هذا الخوف الذي لا وجه له؛ لأنه من الشيطان ليتعبك ويغلقك ويضيق عليك حياتك، فاعرف أنه من عدو الله لما رأى منك المحبة للخير ورأى منك الغيرة لله، ورأى منك المبادرة للخيرات أراد أن يتعبك، فاعصه وابتعد عما أراده منك، واطمئن إلى ربك واعلم أن التوبة كافية، وإن كان الذنب أعظم من كل عظيم فتوبة الله فوق ذلك، وليس هناك ذنب عظيم أعظم من الشرك والمشرك متى تاب تاب الله عليه وغفر له، فأنت عليك بالتوبة مما قد علمت أنك فعلته، وبعد التوبة ينتهي كل شيء، ولا ينبغي لك أن توسوس أو تطيع عدو الله في هذا الخجل أو في هذا الخوف الذي قد يضرك، ولكن تعلم أنك بحمد لله قد فزت فوزاً عظيماً بالتوبة الصادقة النصوح كما قال المولى سبحانه: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) وهناك آية أعظم في المعنى وهي: أن العبد متى تاب وأتبع التوبة بالإيمان والعمل الصالح أبدل الله تلك السيئة حسنة، جعل مكان كل سيئة حسنة، كما قال سبحانه في سورة الفرقان: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا فأخبر سبحانه أنه يبدل سيئات هؤلاء حسنات بسبب توبتهم الصادقة وإيمانهم وعملهم الصالح، فأنت بذكرك ذنبك الذي أشرت إليه، وتوبتك منه من متابعة ما جرى منك من الأعمال الصالحة وبالإيمان والتصديق والرغبة بما عند الله، الله سبحانه يبدلك بدل السيئة حسنة، وهكذا جميع السيئات يتوب منها العبد ويتبعها من الإيمان والعمل الصالح، الله يبدلها له سبحانه، فضلاً منه وإحساناً. جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ في ختام... 

436 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply