حلقة 332: دعوى كتابة 18 في اليد اليمنى و81 في اليد اليسرى تدل على عدد الأسماء الحسنى - رجال يدعون الكرامات - حكم رمي الشعر المتساقط مع القمامة - مدة غياب الرجل عن زوجته - حكم زكاة الحلي الملبوس - متى تجوز مقاطعة المبتدع

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

30 / 48 محاضرة

حلقة 332: دعوى كتابة 18 في اليد اليمنى و81 في اليد اليسرى تدل على عدد الأسماء الحسنى - رجال يدعون الكرامات - حكم رمي الشعر المتساقط مع القمامة - مدة غياب الرجل عن زوجته - حكم زكاة الحلي الملبوس - متى تجوز مقاطعة المبتدع

1- هناك بعض الناس يقولون بأن الخطوط التي في كفي يدي الإنسان إنها على شكل رقمين (18) في اليد اليمنى و(81) في اليد اليسرى، والمجموع (99)، ويقول: إنها بعدد أسماء الله الحسنى، فهل لهذا أثر صحيح؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فهذا الذي قاله بعض الناس لا أصل له ولم يبلغنا عن أحد من أهل العلم أنه قاله, بل هو شيء مختلق لا أصل له, ولا ينبغي التعويل عليه. بارك الله فيكم 
 
2- يقال إن هناك رجالاً من رجال الخطوة وهو يحجون بدون أي وسيلة مواصلات ويقال: إنهم يحضرون الجنازة في مكة وهم أصلاً موجودون في منطقة بعيدة جداً، فهل سُخرت لهم الريح مثلاً في تنقلاتهم، نرجو التوجيه؟
هذه من خرافات الناس وضلالهم, وقد يدعيها بعض الصوفية الذين يزعمون أن لهم كرامات يستطيعون بها أن يصلوا إلى مكة من دون سيارات, ولا طائرات ولا غير ذلك هذه من خرافاتهم وضلالاتهم, وقد يكون لبعضهم اتصال بالجن, وخدمة للجن, وعبادة للجن, فتحمله الجن إلى مكة, وإلى غيرها كما ذكر ذلك أبو العباس ابن تيمية- رحمه الله شيخ الإسلام-, وغيره هذا قد يقع لبعض عباد الجن وخدم الجن, وهؤلاء لا عبرة بهم ولا يعول عليهم؛ لأن من عبد الجن فهو من المشركين وحجه باطل, فالحاصل أن هذه الأخبار, إما أن تكون من قبيل الخرافات التي يقولها الصوفية وأشباههم من يزعم أنه ولي, وأن له كرامات وهو يكذب, وإما أن يكون من أولياء الشيطان ممن تحمله الشياطين وتنقله من مكان إلى مكان؛ لأنه عبدها وأطاعها, فلما خدمها وعبدها خدمته بنقله من مكان إلى مكان. 
 
3-  حكم رمي الشعر المتساقط والأظافر مع القمائم والوساخات، هل ذلك جائز أم أن هناك مشروعية لدفنها بمفردها؟
لا نعلم في هذا بأس, أن توضع مع القمائم لا بأس, ولا نعلم في هذا حرجاً الأظفار, والشعور التي تسقط من الإنسان توضع في القمائم, أو تدفن كله واسع.  
 
4- يسأل عن غياب الرجل عن زوجته، هل هناك مدة محددة، وبما تنصحون أولئك الذي يغيبون أكثر من سنة عن زوجاتهم؟
ليس للغياب مدة معلومة, ولم يحدد الشارع- عليه الصلاة والسلام- لغيبة الرجل عن زوجته مدة معلومة فيما بلغنا, وقد جاء عن عمر-رضي الله عنه-أنه حدد لبعض الجنود ستة أشهر ثم يرجعون إلى نسائهم, وهذا من اجتهاده - رضي الله عنه وأرضاه - فيما يتعلق بالغزاة, فإذا مكث الرجل عن زوجته ستة أشهر في طلب الرزق, أو في طلب العلم, ثم رجع إليهم وزارهم شيء من الزمن ثم رجع إلى العمل هذا حسن إن شاء الله, وفيه تأسي بأمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه - وفيه عناية بالأهل, ولكن هذا لا يصلح في كل زمان قد تكون الحاجة ماسة إلى أقل من هذه المدة, فالإنسان ينظر الأصلح ويتأمل فقد تكون زوجته ليس عندها من يقوم بحالها, وقد يخشى عليها من الفتنة فينبغي له أن لا يغيب عنها ستة أشهر, ولا خمسة أشهر, بل ينبغي أن يلاحظها بين وقت وآخر, ما بين شهر, أو شهرين أو نحو ذلك, أو ينقلها معه إن استطاع ذلك, فإن الوقت تغير الزمان تغير بتغير أهله, فأقل بلاد اليوم تؤمن فيه الفتنة على المرأة, فالحاصل أن المرأة على خطر بسبب تغير الأحوال, وكثرة الشرور, وكثرة أهل المعاصي والطامعين في النساء إلا من رحم ربك, فينبغي للمؤمن أن يجتهد في نقل زوجته معه إذا غاب, أو يقلل الغيبة وتكون المدة قليلة حتى يرجع إلى أهله ويتفقد أحوالهم, ويقضي وطره من أهله, ثم يرجع إلى حاجته التي يضطر إليها, والمقصود من هذا كله العناية بالأهل, والحرص على مراعاة أمورهم وشئونهم حتى لا تتخطفهم الشياطين, وحتى لا تقع فتنة تكون عاقبتها الطلاق والفرقة.  
 
5- حلي المرأة يزكى إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، فنرجو من سماحتكم ترغيب نساء المسلمين وحثهن على الاقتصاد في لبس الذهب أي دون النصاب، واعتبار أن زيادة ذلك -أي عن النصاب- إسراف وتبذير، لأن هناك كتاب للشيخ البليهي عنوانه يا فتاة الإسلام أقري حتى لا تخدعي، حيث ذكر في ذلك الكتاب أن المرأة يجب عليها أن لا تنخدع بالمظاهر وألا تكن كالمعرض للمجوهرات والذهب
المرأة يباح لها من الحلي ما تدعوا الحاجة إليه, فالله أباح لها الحلي لأنها في حاجة إلى التزين لزوجها, ولهذا قال- جل وعلا- في كتابه العظيم: أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ فيتنشأ في الحلية ويتزين في الحلية حتى تكون أرغب للأزواج, وحتى تكون عند زوجها مرموقة محبوبة, وقال-عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح, (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم عن ذكورهم), فالمرأة محتاجة إلى التزين بالحلي, وإذا اقتصدت في ذلك, واكتفت بما يكفي في الزينة, ويرغب في اتصال الزوج بها وأنسه بها فهذا يعتبر شيئاً طيباً وحسناً, أما القول بأن ما زاد على ما يبلغ النصاب يكون إسرافاً فهذا لا أعلم له أصلاً ولا دليل عليه, فلها أن تلبس ما يبلغ النصاب, والنصابين, والثلاثة وأكثر من ذلك, ثم هو مال تحفظه لها ينفعها في المستقبل, الحلي مال ينفعها في المستقبل, فلا حرج عليها في لبس ما دعت الحاجة إليه, أو ما جرت العادة به في بلادها, من قلائد, أو أسورة, أو خواتم أو غير هذا مما جرت به العادة, ولا نعلم بأساًَ في شيء من ذلك, ولا نعلم حداً محدوداً لحلي المرأة, لكن متى بلغ النصاب عليها الزكاة في أصح قولي العلماء, وفي القول الآخر لا زكاة عليها فيما يلبس, والقول الثاني أن عليها الزكاة هو الصواب وهو الأرجح لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره), وقوله - صلى الله عليه وسلم - لما دخلت عليه امرأة وفي يد بنتها سكتان من ذهب قال: (ألا تعطين زكاة هذا؟ قالت: لا ، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة بسوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله), وكانت أم سلمة أوضاحاً من ذهب فقالت, يا رسول الله! (أكنز هذا؟ قال: ما بلغ يزكى فزكي فليس بكنز), ولم يقل لها أن الحلي ليس فيها زكاة, أما ما يروى عنه - صلى الله عليه وسلم – أنه قال ليس في الحلي زكاة فهو حديث ضعيف عند أهل العلم لا يحتج به, فالزكاة واجبة في الحلي إذا بلغت النصاب, والنصاب من الذهب عشرون مثقالاً, ومقداره بالجنيه السعودي إحدى عشر جنيه وثلاثة أسباع جنيه يعني إحدى عشر ونصف, وبالجرام مقداره اثنان وتسعون جراماً اثنان وتسعون بعد التحليل اثنين وتسعون جراماً، فهذا هو النصاب فإذا كان ما عليها من الذهب يبلغ هذا ففيه زكاة ربع العشر, في كل ألف خمسة وعشرون ريال, وفي المائة اثنان ونصف, وإذا كان الذي عليها أقل من ذلك فلا زكاة عليها, وإن كان أكثر فبالحساب كلما زاد فعليها ربع العشر, فإذا كان الذي معها يبلغ أربعين ألفاً, فعليها ألف واحد كل سنة وهكذا, والفضة كان فيها الزكاة إذا بلغت النصاب وهو مائة وأربعون مثقالاً, ومقداره بالدراهم ستة وخمسون ريال فضة بالدرهم السعودي, فإذا بلغت النقود الفضية ستة وخمسين وجبت فيها الزكاة, وهكذا ما يعادلها من العمل التي يتعامل بها الناس من الدولار, والجنيه الإسترليني والجنيه المصري, والريال السعودي, وغير ذلك متى بلغت النصاب من الذهب أو الفضة وجبت فيها الزكاة. بارك الله فيكم  
 
6- إني أريد أن أضحي لوالدتي من حلالها هي، لأنها موصية بذلك، فهل يجوز لي أن أمشط شعري وأحني يدي بعد دخول العشر، لأني أنا التي سأمسح على الأضحية وأسميها،
الأضاحي التي يتولاها الوكيل سواءً كان رجلاً أو امرأة ليس هو مضحياً, فلا حرج عليه أن يأخذ من شعر شاربه وشعر إبطيه، ويقلم أظفاره لا بأس, وهكذا المرأة لها أن تمد شعرها, ولها أن تقلم أظفارها؛ لأنها غير مضحية وكيل، إنما هو وكيل, فالوكيل الذي على السبالة وكيل الضحايا الذي يضحي عن أمه, أو عن أبيه, أو عن أقاربه ليس عليه شيء من ذلك وهكذا المرأة, إنما الذي لا يأخذ هو الذي يضحي من ماله يتقرب من ماله عن نفسه وعن أهل بيته, أو عن أبيه وأمه من ماله يتقرب إلى الله بذلك هذا هو الذي إذا دخلت العشر ذي الحجة لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيء، سواءً كان رجلاً أو امرأة إذا تبرع من ماله, يعني أخرج من ماله ضحية عنه, أو عن أبيه, أو عن أمه, أو عنه وعن أهل بيته هذا هو السنة فلا يأخذ شيئاً من شعره, ولا من أظفاره, ولا من بشرته بعني جلده, لا يأخذ شيئاً حتى يضحي بعد دخول الشهر شهر ذي الحجة, وإذا كان الرجل هو الذي يضحي عن الميت كما هو المشروع, فإن أهله لا يلزمهم الحكم لا يلزمهم هو فإذا أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً, أما زوجته, وبناته وأولاده, فلا بأس أن يأخذوا؛لأنه المضحي هو, وأما قول بعض الفقهاء: "يحرم على من يضحي أو يضحى عنه" فقولهم أو يضحى عنه ليس عليه دليل, وإنما التحريم يختص بمن يضحي, يعني بالذي يشتري الضحية من ماله, أما الوكيل فلا, وأما زوجة المضحي فلا, وهكذا أولاده يضحى عنهم لا حرج عليهم أن يأخذوا من الشعر أو من الظفر. بارك الله فيكم  
 
7- هل يجوز للمرأة بعد أن تحرم أن تأخذ شيئاً من الطيب أو تكتحل أو كذا؟
هذا فيه تفصيل؛ لأن بعض الناس يلتبس عليه الأمر في هذا, إذا كان الرجل حين لبس الإزار والرداء, أو المرأة إذا لبست الثياب المعدة لإحرامها لم تلبي ولم تنوي الإحرام حتى الآن يعني لبس الإزار والرداء الرجل ليحرم, أو لبست المرأة ثياباً معدة وهي ما يلزمها ثياب معدة أي ثوب تلبسه يكفيها, لكن لو أعدت شيئاً يعني ثياباً ليس فيها ما يلفت النظر غير جميلة أعدتها للإحرام فإنها لا تكون محرمة, ولا يكون الرجل محرم بلبس الرداء أو الإزار إلا بالنية, إذا نوى الرجل أو المرأة الدخول في العمرة أو الحج والشروع فيها فإنه يلبي حينئذ, ولا يباح له بعد هذا أن يلمس طيباً, ولا يقص ظفراً ولا شعراً بعد ذلك صار محرماً، بالنية صار محرماً فإذا استعد للإحرام بلبس الإزار والرداء, أو المرأة استعدت بلبس ملابس أعدتها لذلك فإنها لا تكون محرمة إلا بالنية, فله أن يأخذ الطيب ولها أن تأخذ الطيب قبل ذلك, ولو كانت قد لبس الملابس المعدة للإحرام, ولو كان الرجل قد لبس الإزار والرداء له أن يتطيب, وله أن يقلم أظفاره, وله أن يأخذ من شاربه, أو من إبطه لا بأس حتى ينوي، فإذا نوى الدخول في الحج بقلبه, أو نوى الدخول في العمرة بقلبه, وهكذا المرأة نوت الدخول الحج أو العمرة بقلبها فإنه في هذه الحالة يلبي فيقول لبيك عمرة ، أو لبيك حجاً, وهي تقولك كذلك لبيك عمرة ، أو لبيك حجاً عند النية بعد نية بالدخول في النسك الذي هو الحج أو العمرة, بهذا إذا نوى هذه النية ودخل في النسك بنيته فإنه في هذه الحال لا يأخذ طيباً ولا يقلم ظفراً ولا يقص شعراً ونحو ذلك مما حرم عليه، أما قبل ذلك فلا بأس, والأفضل أنه لا يحرم إلا بعد ركوبه السيارة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يلبي إلا إذا ركب دابته, فيفعل ما يحتاجه وهو في الأرض يقص شاربه, يقلم أظفاره يتطيب ولو أن عليه الرداء والإزار, ولو أنها لبست ملابسها المعدة للإحرام تفعل ما ترى من أمور الإحرام من نتف الإبط, من قلم الظفر, من تطيب والرجل كذلك يتطيب, يقلم ظفراً إلى غير هذا لا بأس حتى يركب, فإذا ركب نوى الدخول في العمرة, أو نوى الدخول في الحج, ثم لبى وعند ذلك لا يأخذ شيء من شعره ولا من أظفاره ولا يتطيب؛ لأنه دخل في النسك, والخلاصة أنه لا يكون محرماً, ولا تكون المرأة محرمة لا بالنية بنية الدخول في النسك في الحج والعمرة ثم يلبي بعد ذلك, أما كونها لبست الملابس المعدة للإحرام, أو كونه لبس الإزار والرداء ليحرم فلا يكونان بذلك محرمين حتى ينويا بقلبهما الدخول في الحج أو العمرة, ثم بعد هذا لا يلبيان, فينبغي الفرق, وينبغي التفصيل ونسأل الله للجميع التوفيق. جزاكم الله خيراً  
 
8- أنا سيدة متزوجة وعندي طفلان، والآن مرافقة لزوجي الذي يعمل في إحدى الدول العربية الشقيقة، وكنت أعمل في إحدى الجامعات وحاصلة على إحدى الدرجات العلمية، وأوشكت إجازتي أن تنتهي التي يوافق العمل عليها لمرافقة الزوج, ولما يتطلبه عملي من حضور ومواصلة دارسة، ولحبي لعملي وإحساسي أنني أقدم شيئاً في الحياة يدخر لي للآخرة وليس لدنيا أو منصب، أفكر في العودة إلى بلدي وعملي وبصحبة أطفالي معي، ولكني في نفس الوقت أخاف الله أن يكون في بعد أطفالي عن والدهم، وأيضاً بعدي عن زوجي إجحاف وهضم حق لهم عليّ، أفيدوني أفادكم الله، أأرجع إلى عملي أم أستقيل وأمكث مع زوجي وأولادي وبذلك أنال ثواب الآخرة؟
أولاً لا بد من سماح الزوج, فإذا سمح الزوج لك بالرجوع فانظري في الأصلح, فإن رأيت أن الأصلح الرجوع لدينك ودنياك وزوجك سامح فارجعي إلى بلدك أنت وأطفالك, أما إذا لم يسمح فلا ترجعي, وعليك السمع والطاعة, فابقي عند زوجك وعند أولادك, واعملي ما يلزم من النصح للزوج وخدمته, وخدمة الأولاد واستعيني بالله على طاعته من القراءة, والإكثار من قراءة القرآن, وذكر الله, ومن الأعمال الصالحات حتى ترجعا جميعاً إن شاء الله, أما إذا سمح زوجك قال لا بأس فانظري في الأصلح, إن كان جلوسك عنده أصلح لك ولزوجك ولأولادك فاجلسي عنده ولو سمح لك اجلسي حتى يتمتع بك, وحتى يطمئن إليك, وحتى يبتعد عن أسباب الشر, وأنت كذلك تطمئنين إليه وتبتعدي عن أسباب الشر, وتقومي بأطفالك بحضرة أبيهم, وتحسني إليهم فهذا كله أنفع لكم جميعاً فيما يظهر وأصلح لكم جميعاً فيما يظهر, لكن متى اتفقت مع الزوج على الرجوع, واتضح لك أنه أصلح في أمر ديني في رجوعك ينفع الناس, وهو سامح وليس عليه خطر من رجوعك فلا بأس أن ترجعي بأطفالك وتقومين بما يلزم هناك, من الإحسان إلى أطفالك وتربيتهم التربية الشرعية الإسلامية, والدعاء لهم بالصلاح, والدعاء لزوجك بالتوفيق ولا حرج في ذلك. لكن يرجح سماحة الشيخ عبد العزيز أن تبقى مع زوجها وبصحبة الأطفال أيضاً ليلتم شمل الأسرة وليتربى الأطفال تربية صحيحة؟ نعم. 
 
9- متى تجوز مقاطعة المبتدع ، ومتى يجوز البغض في الله ، وهل تؤثر المقاطعة في هذا العصر؟
المؤمن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان, ونظر الشرع نظر التجرد من الهوى, فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم فإن هجره حق وأقل أحواله أن يكون سنة, وهكذا هجر من أعلن المعاصي وأظهرها أقل أحواله أنه سنة, فإن كان عدم الهجر أصلح ؛لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين وإرشادهم إلى السنة, وتعليمهم ما أوجب الله عليهم أن ذلك يؤثر فيهم, وأنه يريدهم فلا يعجل في الهجر, ومع ذلك يبغضهم في الله, ويبغض الكافر في الله, ويبغض العصاة في الله على قدر معاصيهم وعلى قدر البدعة, بغض الكافر أشد, وبغض المبتدع على قدر بدعته إذا كانت غير مكفرة على قدرها, والعاصي على قدر معصيته, ويحبه في الله على قدر إسلامه, أما الهجر ففيه تفصيل يقول ابن عبد القوي- رحمه الله- في قصيدته المشهورة: وهجران من أبدى المعاصي سنة وقد قيل إن يردعه أوجب وأكد وفيه على الإطلاق ما دام معلناً ولاقه بوجه مكفهرٍ مربد وقيل على الإطلاق يجب الهجر مطلقاً, فالحاصل أن الأرجح والأولى النظر في المصلحة, فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هجر قوماً وترك آخرين لم يهجرهم مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية, فهجر كعب بن مالك وصاحبيه - رضي الله عنهم - لما تخلفوا على غزوة تبوك بغير عذر هجرهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم, ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية قررت ذلك, فالمؤمن ينظر في الأصلح, وهذا لا ينافي بغض الكافر في الله, وبغض المبتدع في الله, وبغض العاصي في الله, ومحبة المسلم في الله, ومحبة العاصي على قدر إسلامه, ومحبة المبتدع الذي لم يكفر ببدعته على قدر ما معه من الإسلام لا ينافي ذلك, أما هجرهم فينظر في المصلحة, فإذا كان هجرهم يرجى فيه الخير لهم ويرجى فيه أن يتوبوا إلى الله من البدعة ومن المعصية فإن السنة الهجر, وقد أوجب ذلك جمع من أهل العلم قالو يجب, وإن كان هجرهم وتركه سواء لا يترتب عليه لا شر ولا خير فهجرهم أولى أيضاً إظهاراً للأمر المشروع, وإبانة لما يجب من إظهار إنكار المنكر, هجرهم في هذه الحال أولى وأسلم وحتى يعلم الناس خطأهم وغلطهم, والحال الثالثة: أن يكون هجرهم يترتب عليه مفسدة، وشرٌ أكبر، فإنه لا يهجرهم بهذه الحالة، إذا كان هذا المبتدع إذا هجر زاد شره عن الناس، وانطلق في الدعوة إلى البدعة، وزادت بدعه وشروره، واستغل الهجر في دعوة الناس إلى الباطل، فإنه لا يهجر بل يناقش، ويحذر الناس منه، ولا يكون الناس عنه بعيدين حتى يراقبوا عمله، وحتى يمنعوه من التوسع في بدعته، وحتى يحذروا الناس منه، وحتى يكرروا عليه الدعوة لعل الله يهديه حتى يسلم الناس من شره، وهكذا العاصي المعلن، إذا كان تركه وهجره قد يفضي إلى انتشار شره وتوسع شره، وتسلطه على الناس فإنه لا يهجر، بل يناقش دائماً وينكر عليه دائماً، ويحذر الناس من شره دائماً، حتى يسلم الناس من شره وحتى لا تقع الفتن بمعصيته، نسأل الله السلامة. سماحة الشيخ في ختام... 

401 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply