حلقة 330: السفر إلى بلاد المعاصي - بيع أشياء حلال وأشياء حرام - فسير قوله تعالى وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ - معرفة البلاء من العقاب - توجيه لمن لم يستطع الزواج

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

28 / 48 محاضرة

حلقة 330: السفر إلى بلاد المعاصي - بيع أشياء حلال وأشياء حرام - فسير قوله تعالى وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ - معرفة البلاء من العقاب - توجيه لمن لم يستطع الزواج

1-   كثير من الناس ابتلي بالأسفار خارج الدول الإسلامية التي لا تأبه بارتكاب المعصية فيها، ولاسيما أولئك الذين يسافرون من أجل ما يسمونه بشهر العسل، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بنصيحة إلى أبنائه وإخوانه المسلمين، وإلى ولاة الأمر كي ما يتنبهوا لهذا الموضوع؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا ريب أن السفر إلى بلاد الكفر فيه خطر عظيم, لا في وقت الزواج وما يسمى بشهر العسل ولا في غير ذلك, الواجب على المؤمن أن يتقي الله وأن يحذر أسباب الخطر, فالسفر إلى بلاد المشركين وإلى البلاد التي فيها الحرية, وعدم إنكار المنكر فيه خطر عظيم على دينه وأخلاقه, وعلى دين زوجته أيضاً إن كانت معه, فالواجب على جميع شبابنا, وعلى جميع إخواننا ترك هذا الخلق, وصرف النظر عنه, والبقاء في بلادهم وقت الزواج وفي غيره لعل الله- جل وعلا- يكفيهم شر نزغات الشيطان, أما السفر إلى تلك البلاد التي فيه الكفر, والضلال, والحرية, وانتشار الفساد من الزنا, وشرب الخمور, وأنواع الكفر والضلال, فهذا فيه خطر عظيم على الرجل والمرأة جميعاً, وكم من صالح سافر فرجع فاسداً, وكم من مسلم رجع كافراً فالخطر عظيم, وقد قال النبي الكريم-عليه الصلاة والسلام: (أنا برئ من كل مسلم يقيم بين المشركين), وقال-عليه الصلاة والسلام-: (لا يقبل الله من مشرك عملاً بعدما أسلم أو يفارق المشركين) يعين حتى يفارق المشركين, فالأمر خطير, فالواجب الحذر من السفر إلى بلادهم لا في شهر العسل ولا في غيره, وقد صرح أهل العلم بالنهي عن ذلك والتحذير منه اللهم إلا رجل عنده علم وبصيرة فيذهب إلى هناك للدعوة إلى الله, وإخراج الناس من الظلمات إلى النور, وشرح الإسلام لهم, والعناية بالمسلمين هناك لتبصيرهم وتوجيههم إلى الخير فهذا له حال أخرى, وهذا يرجى له الأجر الكثير وهو في الغالب لا خطر عليه لما عنده من العلم, والتقوى, والبصيرة, ولما قصده من الخير, أما الذهاب لأجل الشهوات, وقضاء الأوطار الدنيوية في بلاد الكفر في أوروبا أو غيرها فهذا فيه خطر كثير, وهكذا السفر للسياحة فيها, أو لشراء الحاجات, أو لزيارة بعض الناس أو ما أشبه ذلك كله خطر, وهكذا للتجارة كله خطر ينبغي للمؤمن الحذر من ذلك, وأن يكتفي بالمراسلة بمجيء حاجاته التي يريدها من السلع ويترك السفر؛ لأنه ربما سافر فخسر دينه, وخسر أخلاقه, وخسر عقيدته ولا حول ولا قوة إلا بالله, فنصيحتي لكل مسلم هي الحذر من السفر إلى بلاد الكفر, وإلى كل بلاد فيها الحرية الظاهرة, والفساد الظاهر وعدم إنكار المنكر, وأن يبقى في بلاده التي فيها السلامة, وفيها قلة المنكرات فإنه خير له وأسلم وأحفظ لدينه, والله الموفق والهادي. جزاكم الله خيراً ، تيسير السفر إلى هناك بطريقة أو بأخرى ماذا يقول عنها الشيخ عبد العزيز؟ لا يجوز تيسير السفر ما يفعله بعض الناس من حذف نصف التذكرة قيمة التذكرة هذا غلط, هذا إعانة على الإثم والعدوان, والله يقول- سبحانه-: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ, فلا يشجعون ولا يساعدون بل يثبطون ولا يساعدون, فلو منعوا بالكلية لكان أولى وأصلح لو تيسر المنع لكان ذلك أوجب وأصلح, ونسأل الله أن يوفق الدولة لما فيه رضاه, وأن يعينها على منع هذا الفساد بالطرق المناسبة التي تستطيعها الدولة. ماذا يرى سماحة الشيخ عن مسألة الأشخاص المسافرين إلى تلك الدول التي فيها مثل هذه الأمور عندما يريد السفر إلى هنالك لماذا لا يسأل لماذا أنت مسافر وما هو القصد؟ هذا طيب لو تيسر هذا طيب؛ لأن فيه إعانة له على نفسه, ولعله يستحي, ولعله يخجل, ولعله يتوب, فإذا وجد فيمن يعطي التذاكر المساءلة حتى ينصحه, وحتى يثبطه عنه السفر الضار لكان هذا حسناً وهذا من العلاج أيضاً هذا من العلاج. بارك الله فيكم  
 
2- بعض المحلات تبيع الأشياء المباحة وأشياء محرمة، هل يجوز للمسلم أن يرتاد تلك المحلات كيما يشتري ما هو مباح منها، رغم أنها تبيع الأشياء المحرمة؟
لا حرج على الإنسان أن يتصل بالدكاكين الحوانيت أو غيرها من الأسواق فيشتري حاجته منها المباحة, وإن كان يوجد فيها بيع شيء محرم؛ لأن الله يقول: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى, لكن إذا كان يستطيع إنكار ذلك فعليه إنكار المحرم، والتحذير منه وأنه لا يجوز بيع هذا المحرم, وإذا تيسر سوق أو دكان يبيع المباح دون المحرم فهذا أولى؛ لأن فيه تشجيعاً له, وفيه بعداً عن مساعدة أهل الحرام وعن المضرة بالناس, فإذا تيسر له دكان أو سوق يبيع حاجاته المباحة, فلينتقل إليه وليشتري منه وليعامله وليترك ذاك الذي قد خلط حلالاً و حرام حتى لا يكون مشجعاً له, أما إذا دعت الحاجة إلى أن يشتري من ذلك الدكان فلا حرج إن شاء الله. بارك الله فيكم  
 
3- أخونا يسأل في هذه الحلقة عن الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا[الفرقان:69] هل المقصود في الآية أن يفعل الإنسان الكبائر الثلاث ثم يخلّد في النار، أم المقصود إذا ارتكب إحدى هذه الكبائر يخلد في النار، فمثلاً ارتكب جريمة القتل مثلاً هل يخلد في النار أم لا؟ نرجو أن تتفضلوا بالتفسير المفصل لهذه الآية الكريمة؟
هذه الآية العظيمة فيها التحذير من الشرك, والقتل, والزنا, وأن أصحاب هذه الجرائم متوعدون لما قاله الله-سبحانه-: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا قيل أنه وادي في جهنم, وقيل معنى أثاماً يعني إثماً كبيراً عظيماً, ولهذا فسره بقوله: يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا, هذا جزاء من اقترف هذه الجرائم الثلاث, أنه يضاعف له العذاب ويخلد في العذاب مهاناً لا مكرماً, وهذه الجرائم الثلاث مختلفة البراك, فجريمة الشرك هي أعظم الجرائم, وهي أعظم الذنوب, وصاحبها مخلد في النار أبد الآباد لا يخرج من النار أبداً كما قال الله- سبحانه في كتابه العظيم-: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ نعوذ بالله، وقال-سبحانه-: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ, وقال-عز وجل-: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ, وقال في حقهم: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ والآيات في هذا كثيرة, فالمشرك إذا مات على شركه ولم يتب فإنه مخلد في النار, والجنة عليه حرام, والمغفرة عليه حرام بإجماع المسلمين قال-تعالى-: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ, وقال-سبحانه-: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء, فجعل المغفرة حراماً على المشرك إذا مات على شركه, أما ما دون الشرك فهو معلق, ما دون الشرك فهو تحت مشيئة الله-سبحانه وتعالى-, فالخلاصة أن المشرك إذا مات على شركه فهو مخلد في النار أبد الآباد بإجماع أهل العلم, فذلك مثل الذي يعبد الأصنام ويستغيث بها, أو الأشجار, أو الأحجار, أو الكواكب, أو الشمس, أو القمر, أو غير ذلك, أو يعبد الأموات الذين يسمونهم بالأولياء, أو يعبدون الأنبياء, أو يعبدون الملائكة يستغيث بهم, ينذر لهم, يطلب منهم المدد والعون عند قبورهم أو بعيداً من قبورهم مثل ما يقول بعضهم يا سيدي فلان اشفي مريضي, المدد المدد يا سيدي البدوي، يا سيدي عبد القادر, يا رسول الله المدد المدد, أو يا حسين, أو يا فاطمة, أو يا ست زينب أو غير ذلك مما يدعوهم المشركون هذا كله من الشرك الأكبر والعياذ بالله, إذا مات عليه صاحبه صار من أهل النار نعوذ بالله والخلود فيها, أما الجريمة الثانية وهي القتل, والثالثة وهي الزنا هاتان الجريمتان دون الشرك معصيتان, إذا كان من تعاطهما لم يستحلهما يعلم أنهما محرمان يعلم أن هاتين الجريمتين معصيتان محرمتان, ولكن حمله الغضب, أو الهوى, أو ما أشبه ذلك على إقدامه على القتل بسبب البغضاء, والعداوة, أو بأسباب أخرى, وحمله الهوى والشيطان على الزنا, وهو يعلم أن القتل محرم بغير حق, وأن الزنا هاتان الجريمتان توجبان النار, وغضب الله- عز وجل- إلا أن يعفوا الله عن صاحبهما بأعمال صالحة, أو توبة قبل الموت فإذا تاب عفا الله عنه, وقد يعفى عنه لأعمال صالحة كثيرة له, أو بشفاعة الشفعاء, أو بدعوات المسلمين له إلى غير ذلك, وقد يعذب في النار على قدر المعاصي التي مات عليها وهذا واقع لكثير من الناس يعذبون على معاصيهم, ثم يخرجهم الله من النار في رحمته- سبحانه وتعالى- تارة بأسباب الشفعاء كشفاعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -, وشفاعة الملائكة, والأفراط, والمؤمنين, وقد يخرج الإنسان من النار بشفاعة هؤلاء بعدما يمضي فيها ما كتب الله له من العذاب, ويبقى في النار أقوام من أهل التوحيد لا تنالهم شفاعة الناس فيخرجهم الله- سبحانه- برحمته- جل وعلا-؛ لأنهم ماتوا على توحيد على إيمان, ولكن لهم أعمال خبيثة, ولهم معاصي دخلوا بها النار, فإذا طهروا منها, ومضت المدة التي كتب الله عليهم أخرجهم من النار رحمة من الله- عز وجل-, ويلقون في نهر يقال له نهر الحياة من أنهار الجنة ينبتون فيه كما تنبت الحبة من حميل السيل, فإذا تم خلقهم أدخلهم الله الجنة, وبهذا يعلم أن العاصي كالقاتل, والزاني لا يخلد خلود الكفار بل خلود خاص غير خلود الكفار, فقوله- سبحانه-: وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا هذا خلود متنوع مختلف, فخلود المشرك هذا خلود دائم ليس لهم منه محيص وليس لهم منها مخرج كما قال-جل وعلا-: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ, هكذا في سورة البقرة ، وقال سبحانه: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ, هكذا في سورة المائدة ، فالرب عز وجل بين لنا أنهم لا يخرجون من النار يعني الكفرة, أما العصاة فيخرجون إذا تمت المدة التي كتب الله عليهم يخرجون من النار, إما بشفاعة الشفعاء, وإما بمجرد رحمته- سبحانه وتعالى-برحمة الله- جل وعلا- من دون شفاعة أحد, فإن بقايا أهل التوحيد في النار يخرجهم الله منها بدون شفاعة أحد بل برحمته-سبحانه وتعالى-, فلا يبقى في النار إلا أهلها وهم الكفرة, فتطبق عليهم ولا يخرج منهم أحد بعد ذلك نسأل الله العافية, ويسمى وجود العصاة في النار مدة طويلة يسمى خلوداً عند العرب في الإقامة الطويلة تسمى خلود, كما في قول بعض الشعراء: "أقاموا فأخلدوا" يعني طولوا الإقامة, فالمقيم طويلاً يسمى مخلد, يقال أخلد في المكان يعني طول في الإقامة, فالزاني والقاتل تكون إقامتهما في النار أكثر من غيرهما من العصاة, والقتل أقبح وأشر من الزنا, والزنا من أعظم الجرائم لما فيه من الفساد في الأرض, فهما جريمتان عظيمتان يحصل لأصحابهما الخلود في النار خلود يليق بهما على حسب معاصيهما فهو خلود له نهاية, وهكذا خلود الذي يقتل نفسه يخلد في النار لكن خلود له نهاية, بخلاف خلود الكافر فإنه لا نهاية له, أما العاصي من الزاني, والقاتل نفسه, والقاتل لغيره هؤلاء يطول مكثهم في النار, ويكثر لكنهم يخرجون بإذن الله ومشيئته-سبحانه وتعالى-بعد مضي المدة التي كتبها الله عليهم, وهم فيها متفاوتون بعضهم أطول من بعض على حسب كثرة معاصيهم وكثرة تساهلهم بأمر الله, واستخفافهم بحقه على حسب هذا تكون الإقامة, مع أنها لا تستمر بل لها نهاية فهو خلود له نهاية. بارك الله فيكم  
 
4- إذا ابتلي أحد بمرض أو بلاءٍ سيءٍ في النفس أو المال فكيف يُعرف أن هذا الابتلاء هو امتحان له أو غضب من عند الله؟
هذا يحتمل, والمؤمن طبيب نفسه وخصيب نفسه, فالله-عز وجل- يبتلي عباده في السراء والضراء, والشدة والرخاء, فقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم, ومضاعفة حسناتهم كما يقع للأنبياء والرسل عليهم-الصلاة والسلام- والصلحاء من عباد الله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل), وتارة يقع ذلك بسبب المعاصي والذنوب وتكون العقوبة معجلة, كما قال-سبحانه-: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ, فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب, فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره في أمر الله, ولو فرضنا أن واحداً من عباد الله ابتلي بشيء من الأمراض أو نحوها وهو لم يفعل شيئاً فإن هذا يكون من جنس الأنبياء والرسل, يكون رفعاً في الدرجات وتعظيماً للأجور, وليكون قدوة لغيره يتأسى به غيره في الصبر والاحتساب, فالحاصل أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور كما يقع للأنبياء وبعض الأخيار, وقد يكون ذلك بسبب المعاصي كون عقوبة له كما هو الغالب على الناس أنهم يستحقون عقوبة الله بإصرارهم على المعاصي وعدم المبادرة بالتوبة, ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
5- أخونا رسالته مطولة، ملخصها أنه شاب في الثانية والعشرين من عمره، يشكو قلة ذات اليد، ويشكو أيضاً من عنت العزوبة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه الشرعي في هذا الناحية؟
لا ريب أن الزواج من أهم المهمات, ومن أفضل القربات لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج), والله يقول-سبحانه-: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ, وفي الحديث الصحيح يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة حق على الله عونهم وذكر منهم المتزوج يريد العفاف) المتزوج يقصد العفاف, فالله يعينه- سبحانه وتعالى-, فنصيحتي لهذا الشاب السائل أن يفعل الأسباب التي يستطيعها حتى يتزوج, إما بقرض, وإما بالاستدانة يشتري شيئاً إلى أجل معلوم ويبيعه والله يوفي عنه ويتزوج, لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أخذ من أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه), والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد استدان وهو أفضل الخلق استدان ومات وعليه دين- عليه الصلاة والسلام- فلا بأس بالاستدانة ولا حرج في الاستدانة, إما عن طريق القرض, أو من طريق أن يشتري حاجات كسيارة أو غيرها إلى أجل معلوم, ثم يبيعها هو يبيعها بنقد ويتزوج, ولا بأس بذلك وهنا لدينا مشروع ولكنه يطول مشروع مساعدة المتزوجين, وهذا له شروط خمسة: الأول منها: أن يكون سعودياً ، وهكذا الزوجة المخطوبة ، الثاني: أن يكون عاجز بالبينة مثبتاً من المحكمة أنه عاجز على النفقة عن الزواج يعني عن المهر، الثالث: أن يتم العقد بينه وبين أهل المرأة ولكن يبقى الدخول، الرابع: أن يكون هذا أول زواج, أو قد تزوج لكن ماتت زوجته, أما المطلق لا ما عندنا له مساعدة. الخامس أن يثبت أنه محافظ على الصلاة في الجماعة من أهل المعرفة به في مسجده, فإذا تمت الشروط نساعده بخمسة وعشرين ألف على حساب المحسنين يعني ، هذه الأمور من أهل الخير من زكوات أهل الخير ومساعداتهم خمسة وعشرون ألف إذا تمت هذه الشروط الخمسة يساعد بها لكنها قد تتأخر؛ لأن الناس كثيرون ينتظرون الآن قد يبلغون الألوف والمال ليس بالكثير الذي يأتي لهذا المشروع, فلهذا قد يتأخر خمسة أشهر ستة أشهر ما يأتيه الدور أو أكثر من ذلك, فإذا رأى أن يقدم لهذا المشروع ويأتي بهذه الشروط فلا بأس لعل الله أن يسهل له أمراً, وإن استدان أو اقترض حتى يكون أعجل فهذا خير إن شاء الله, وله البشرى بأن الله سيسهل أمره, وأن يقضي عنه دينه؛ لأن الزواج عمل صالح فيه عفة الفرج, وغض البصر, والتسبب لعفة امرأة أيضاً, وغض بصرها, وحفظ فرجها والتسبب لوجود الولد, وتكثير الأمة ففيه مصالح. بارك الله فيكم. لعل كثيراً من المحسنين يودون الإسهام في هذا المشروع الخيري إلا أن الإعلان عنه بطيء, أو أن العنوان غير معروف أو كذا لعله من المناسب أن يتفضل سماحة الشيخ فيذكر بهذا؟ أنا أهيب بإخواني المسلمين في المملكة وغيرها أن يساعدوا بهذا المشروع من الزكاة وغيرها وقد كتبنا عن ذلك مرات كثيرة والغالب أننا نكتب أيضاً في آخر شعبان؛ لأن كثيراً من الناس إنما يخرج الزكاة في رمضان، فالحاصل أننا كتبنا عن هذا مرات كثيرة، وسنكتب إن شاء الله هذه الأيام أيضاً، وعند دخول رمضان أيضاً إن شاء الله، لكن أهيب بمن يسمع هذه الكلمة، أهيب بهم أن يساهموا في هذا المشروع؛ لأن فيه إعانة لكثيرٍ من الشباب على الزواج وهم عاجزون، فنحن نريد من الإخوان الذين يسمعون هذه الكلمة أن يساهموا في هذا المشروع، إما من الزكاة وإما من غيرها، والله يأجرهم ويثيبهم سبحانه. من الزكاة جائزٌ أيضاً سماحة الشيخ؟ لأنه ما نعطيه إلا أهل الحاجة، ما نساعد إلا أهل الحاجة لثبوت ذلك عند المحكمة، فهم فقراء سماحة الشيخ؟ نعم، هم فقراء ومستحقون. بارك الله فيكم لعله من المناسب أن تتفضلوا بذكر العنوان سماحة الشيخ لمن يريد أن يرسل بتبرعه إلى هذا المشروع. العنوان: دار الإفتاء، باسمي (عبد العزيز بن عبد الله بن باز) دار الإفتاء الرياض. سماحة الشيخ في ختام... 

441 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply