حلقة 352: هل صحيح أن عدم ذهاب الرجل للصلاة مع الجماعة سبب في نزع البركة من حاله وماله - حكم الكذب على الله ورسوله - حكم الوصية بثلث المال - حكم رفع اليدين للدعاء بعد صلاة الفريضة - ما حكم الدعاء بعد النافل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

2 / 50 محاضرة

حلقة 352: هل صحيح أن عدم ذهاب الرجل للصلاة مع الجماعة سبب في نزع البركة من حاله وماله - حكم الكذب على الله ورسوله - حكم الوصية بثلث المال - حكم رفع اليدين للدعاء بعد صلاة الفريضة - ما حكم الدعاء بعد النافل

1- هل صحيح أن عدم ذهاب الرجل للصلاة مع الجماعة سبب في نزع البركة من حاله وماله، وما الدليل على ذلك؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما. بعد: فلا ريب أن الصلاة هي عمود الإسلام, وهي أعظم الواجبات والفرائض بعد الشهادتين, وقد دل على ذلك آيات كثيرات وأحاديث صحيحة عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام-, فمن ذلك قوله- عز وجل-: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (البقرة:238), وقوله- سبحانه-: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (البقرة:43), وقوله- سبحانه-: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ(العنكبوت: من الآية45), وقال- سبحانه-: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (المؤمنون:1-2) ) إلى أن قال: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(المؤمنون(11)), وقال- تعالى-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ(البينة(5)), فجعلها قرينة التوحيد (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) هذا هو التوحيد هذا هو معنى لا إله إلا اله, ثم قال بعدها: (وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ), وقال سبحانه: (فَإِن تَابُواْ) يعني من الشرك وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ(التوبة(5)), فدل على عظمتها وأنها قرينة التوحيد, وقال- سبحانه-: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ(التوبة رقم(11)), وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله, ويقيموا الصلاة, ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام), ومن أهم واجباتها وأعظم واجباتها أداؤها في جماعة في حق الرجل حتى أوجبها الرب- سبحانه- في حال الخوف قال -جل وعلا-: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ... الآية (النساء102)، فأوجب صلاة الجماع في حال الخوف, وفي حال مصافات المسلمين لعدوهم الكافر, فأمرهم أن يصلوا جماعة وأن يحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو, وقال- عليه الصلاة والسلام-: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر), وأتاه -صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى, فقال: يا رسول الله! إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال المصطفى- عليه الصلاة والسلام-: هل تسمع النداء في الصلاة؟ قال: نعم ، قال: فأجب) خرجه الإمام مسلم في صحيحه, فهذا رجل أعمى لم يأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - في التخلف عن الجماعة, وفي اللفظ الآخر قال: (لا أجد لك رخصة), فصرح أنه ليس له رخصة وهو أعمى ليس له قائد يلائمه يعني يحافظ على الذهاب معه, فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يعتني به ويحافظ عليه ليس له رخصة بل عليه أن يذهب ويتحرى ويجتهد حتى يصلي في المسجد, فكيف بحال القوي المعافى فالأمر في حقه أعظم وأكبر, ثم التخلف عن صلاة الجماعة من أعظم الوسائل في التهاون بها وتركها بعد ذلك, فإنه اليوم يتخلف وغداً يترك ويضيع الوقت؛ لأن قلة اهتمامه بها جعلته يتخلف عن أدائها في الجماعة وفي المساجد التي هي بيوت الله التي قال فيها- سبحانه-:فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ(النور36) وهي المساجد, وهذا أمر مجرب فإن الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بأدنى عذر وبأقل سبب, ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية لقلة وقعها في صدورهم, ولقلة عظمتها في قلوبهم فيتركونها بعد ذلك, فترك الصلاة في الجماعة وسيلة غريبة وذريعة معلومة لتركها بالكلية, وقد قال- عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد في المسند, وأبو داود, والترمذي, والنسائي, وابن ماجه بسند صحيح عن بريدة بن حصين - رضي الله عنه - وخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة), وهذا يدل على أنه كفر أكبر الكفر والشرك, فأتى بكفر معرف, وشرك معرف, وهذا دليل على أن المراد به الكفر الأكبر وإن كان بعض أهل العلم رأى أنه كفر دون كفر إذا كان غير جاحد لوجوبها ويعلم أنها واجبة ولكن تساهل فقد ذهب جمع كبير من أهل العلم, حكى بعضهم قول الأكثرين أنه كفر دون كفر, وأنه لا يكفر به الكفر الأكبر لكن الصحيح الذي قامت عليه الأدلة أنه كفر أكبر, وهو ظاهر إجماع الصحابة قبل من خالفهم بعد ذلك, وقد حكى عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل الثقة عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة, فإن الصلاة تركها كفر, ومراده الكفر الأكبر؛ لأن هناك أشياء عملها كفر لكن ليس بالكفر الأكبر, مثل الطعن في الأنساب, والنياحة على الأموات سماها النبي كفر, والصحابة يسمونه كفر لكنه كفر أصغر, فلما أخبر عنهم أنهم لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة علم أنه أراد بذلك الكفر الأكبر كما جاء في الحديث, وأما كون هذه المعصية تسبب محق البركة, وتسبب أيضاً شراً كثيراً عليه في بدنه, وفي تصرفاته فهذا لا يستغرب فإن المعاصي لها شؤم كثير, ولها عواقب وخيمة في نفس الإنسان, وفي قلبه, وفي تصرفاته, وفي رزقه فلا يستغرب هذا وقد دلت الأدلة على أن المعاصي لها عواقب وخيمة, وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه), ومعلوم أن المعاصي تسبب الجدب في الأرض, ومنع المطر, وحصول الشدة, وهذا كله بأسباب المعاصي كما قال- عز وجل-: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ(الشورى30) وقال-سبحانه-: مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ(النساء79) هذا أمر معلوم بالنصوص وبالواقع, فجدير بالمؤمن أن يحذر مغبة المعاصي وشرها, وأن يتباعد عنها, وأن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه, وعلى المسارعة إلى الطاعات فهي خير في الدنيا والآخرة الطاعات كلها خير في الدنيا والآخرة, والمعاصي شرٌ في الدنيا والآخرة رزق الله الجميع للعافية والسلامة. جزاكم الله خيراً  
 
2- قرأت في كتاب: درة الناصحين في الوعظ والإرشاد لعالم من علماء القرن التاسع الهجري، واسمه عثمان بن حسن بن أحمد الشاكر الخوبري، قرأت ما نصه: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: إن الله تعالى نظر إلى جوهرة فصارت حمراء ثم نظر إليها ثانية فذابت وارتعدت من هيبة ربها، ثم نظر إليها ثالثة فصارت ماء، ثم نظر إليها رابعة فجمد نصفها، فخلق من النصف العرش ومن النصف الماء، ثم تركه على حاله، فمن ثمة يرتعد إلى يوم القيامة، وعن علي رضي الله عنه: "إن الذين يحملون العرش أربعة ملائكة لك ملك أربعة وجوه، أقدامهم في الصخرة التي تحت الأرض السابعة مسيرة خمسمائة عام"، أرجو أن تفيدوني عن صحة ما قرأت؟
هذا الكتاب لا يعتمد عليه وهو يشمل أحاديث موضوعة وأشياء سقيمة لا يعتمد عليها, ومنها هذان الحديثان فإنهما لأصل لهما بل هما حديثان موضوعان مكذوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -, فلا ينبغي أن يعتمد على هذا الكتاب وما أشبه ذلك من الكتب التي تجمع الغث والسمين, والموضوع والضعيف, فإن أحاديث الرسول- عليه الصلاة والسلام- قد خدمها العلماء من أئمة السنة, وبينوا صحيحها من سقيمها, فينبغي للمؤمن أن يقتني الكتب الجيدة المفيدة مثل الصحيحين, مثل كتب السنن الأربع, مثل منتقى الأخبار لابن تيمية, مثل رياض الصالحين للنووي هذه كتب مفيدة ونافعة بلوغ المرام, عمدة الحديث هذه يستفيد منها المؤمن, وهي بعيدة من الأحاديث الموضوعة المكذوبة, وما فيها وما في السنن, أو في رياض الصالحين, أو في بلوغ المرام من الأحاديث الضعيفة فإن أصحابها بينوا ووضحوا, والذي لم يوضح من جهة أصحابها بينوه أهل العلم أيضاً ونبهوا عليه في الشروح التي لهذه الكتب, وفيما ألف في الموضوعات والضعيف, فالحاصل أن هذه الكتب هي المفيدة والنافعة أنفع من غيرها, وما قد يقع في بعضها مثل ما قد يقع في البلوغ, أو في المنتقى, أو في السنن من بعض الأحاديث التي فيها ضعف يبينها العلماء ويوضحها العلماء الذين شرحوا هذه الكتب أو علقوا عليها, فيكون المؤمن على بينة وعلى بصيرة, أما الكتب التي شفغت شغف مؤلفها بالأحاديث الموضوعة, والمكذوبة, والباطلة فلا ينبغي اقتنائها. بارك الله فيكم  
 
3- أوصت والدتي بثلث مالها، واشترينا لها به بيت، ويؤجر هذا البيت، وأنفذ ما جاء في الوصية وهو: أضحيتان على الدوام ويزيد بعض الأضاحي والإصلاح نقود، فهل يجوز لي أن أوزع هذه النقود على أولادها مع أنني أفعل ذلك، وهل نصيب الأنثى يساوي نصيب الذكر في هذا الريع، وهل يعطى زوجها الذي توفيت عنه من ذلك؟
إذا كانت لم توضح مصرفاً فاضل لم تقل إن الفاضل بعد الضحيتين يصرف في كذا ولا في كذا سكتت, فإن الفاضل بعد الضحيتين, أو بعد الإصلاح لما قد يحتاجه البيت, يصرف في وجوه البر وأعمال الخير, ولا يتعين في أولادها ولا في زوجها, لكن إذا كان أولادها فقراء فهم من أولى الناس بالفاضل صدقة وصلة, وهكذا زوجها إذا كان فقيراً يعطى من ذلك من باب أنه كالقريب في حاجته وكونه يعز عليها, فإذا أعطي الزوج الفقيد والأولاد من الغلة التي حصلت في البيت بعد الضحيتين والإصلاح هذا حسن ولكن لا يلزم, الوكيل ينظر الأصلح فلو وجد من هو أفقر من الأولاد وأشد حاجة فلا مانع للوكيل من أن يصرف فيهم, المقصود أن هذا يرجع إلى الوكيل ويتحرى, فإذا كان أولادها فقراء فهم من أولى الناس بالفاضل لكونه في حقهم صدقة وصلة, وهكذا زوجها, وهكذا بقية أقاربها كأخوالها, وأعمامها, وإخوتها, ونحوهم, ولكنه لا يتعين ذلك فيهم بل متى رأى الوكيل أن هناك أمراً أكبر من هذا وأشد حاجة فلا بأس أن يصرف فيه كتعمير المساجد, وكالإحسان إلى إنسان مضطر حاجته أشد منهم جداً, وما أشبه ذلك من الأمور التي قد تعرض ويعرف الوكيل أن الصرف فيها مهم جداً, ويرجى فيها الخير للموصية أكثر.  
 
4- هل يجوز للمسلم أن يرفع يديه عند الدعاء بعد السنة التي بعد الفريضة أم لا؟ حيث أن بعض من الناس ينكر ذلك ويقول إنه بدعة، ولو رفع يديه للدعاء بعد الفريضة مباشرة هل ينكر على فاعله؟
م يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رفع يديه بعد الفريضة, بل السنة أنه يذكر الله ويدعوا لكن من دون رفع يدين بعد الفرائض الخمس, أما بعد النافلة فلا أعلم بعد التتبع الكثير لا أعلم أنه رفع يديه بعد النافلة- عليه الصلاة والسلام-, ولكن عموم الأحاديث الدالة على أنه رفع اليدين من أسباب الإجابة يقتضي أنه لا مانع من رفعها بعض الأحيان لا يكون دائماً, كما يرفعها إذا عنت له حاجة يرفع يديه ويدعوا ولو من دون صلاة, فإذا صلى ورفع يديه يطلب المغفرة ويطلب حاجته التي عنت له فلا بأس بذلك, أما اتخاذ هذا عادة كلما صلى رفع يديه فالأولى ترك ذلك, وقد ورد في حديث ضعيف لا يتعلق به, ولكن ينبغي أن يكون ذلك تارة وتارة ولا يستديم ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعل هذا, ولو كان سنة لفعله - صلى الله عليه وسلم - فلما لم يفعله دل ذلك على أنه ليس بسنة فلا يداوم عليه, وإذا فعله بعض الأحيان للحاجة لطلب ما ينفعه في الدنيا والآخرة, أو فعل رفع اليدين من دون صلاة عندما يدعوا فهذا كله طيب, ورفع اليدين من أسباب الإجابة, وفي الحديث الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه يردهما صفراً), وفي الحديث الآخر يقول - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر أن الله- تعالى- طيب لا يقبل إلا طيباً ذكر (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ، ومطعمه حرام, ومشربه حرام, وملبسه حرام, وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك), فدل على أن رفع اليدين, والإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة, لكن لما كان هذا الرجل قد تلبس بالحرام صار تعاطيه الحرام في شربه, وأكله, ولباسه من أسباب منع الإجابة, ولا حول ولا قوة إلا بالله, والخلاصة أن رفع اليدين من أسباب الإجابة عند الدعاء في المواضع التي رفع فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -, وفي المواضع التي لم يثبت فيها رفع ولم توجد أسبابها في عهده - صلى الله عليه وسلم - فهذه يرفع فيها أيضاً إذا أرد الدعاء, أما الأسباب التي وجدت في عهده - صلى الله عليه وسلم -, ولم يرفع فيها مثل صلاة الفريضة لم يرفع فيها -عليه الصلاة والسلام- فإنا نترك كما ترك- عليه الصلاة والسلام- مثل خطبة الجمعة لم يرفع فنترك لا نرفع, مثل الدعاء في آخر الصلاة قبل أن يسلم وبعد السلام ما رفع فلن نرفع في صلاة الفريضة, مثل الدعاء بين السجدتين ما رفع فلن نرفع بل ندعو واليدين على الفخذين أو على الركبتين من غير رفع؛ لأنا نتأسى به - صلى الله عليه وسلم - ونقتدي به- عليه الصلاة والسلام-, فلو كان الرفع مشروعاً في هذه الأمور لرفع- عليه الصلاة والسلام-, أما الدعوات التي رفع فيها مثل الدعاء في خطبة الاستسقاء نرفع؛ لأنه رفع - صلى الله عليه وسلم - مثل الدعاء على الصفا والمروة في السعي, مثل الدعاء في عرفة في مزدلفة نرفع أيدينا؛ لأنه رفع- عليه الصلاة والسلام- في ذلك يده, كذلك الدعاء عند الجمرة الأولى, والثانية في أيام التشريق فإنه لما دعا - صلى الله عليه وسلم - عند الأولى تقدم وجعلها عن يساره ورفع يديه ودعا- عليه الصلاة والسلام-, ولما رجم الثانية أخذ ذات الشمال وجعلها عن يمينه ورفع يديه واستقبل القبلة ودعا فهذا كله مشروع؛ لأنه فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما الشيء الذي لم يبلغنا عنه أنه رفع أو ترك فنحن مخيرون إن رفعنا فالرفع من أسباب الإجابة وإن تركنا فلا بأس, أما الشيء الذي فعله ولم يرفع فيه مثل ما تقدم فهذا الأفضل السنة لا نرفع فيه, مثل خطبة الجمعة, مثل الفرائض الخمس إذا سلم لا نرفع, أو في التحيات لا نرفع, أو بين السجدتين لا نرفع؛ لأنه لم يرفع- عليه الصلاة والسلام- فيه, والخير فيما فعله- عليه الصلاة والسلام-. لكن إذا فعله الإنسان هل يأثم هل ينكر عليه؟ بعد النافلة, أما بعد الفريضة ينكر عليه؛ لأنه فعل شيئاً ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسبابه موجودة في عهده - صلى الله عليه وسلم - فلم يفعله فلو كان سنة لفعله. 
 
5- إذا صلى ثم تنفل الدعاء بعد هذه النافلة التي هي بعد هذه الفريضة؟
لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فيما نقل، لم يفعله، لكن لو فعله بعض الأحيان نرجو أن لا يكون فيه بأس، أما المداومة فالأولى تركها. يعني مرة ومرة.. نعم، تارة وتارة. بارك الله فيكم سماحة الشيخ في ختام... 

581 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply