حلقة 443: مسألة في لبس التمائم - إبتلاء الله للعبد - حكم دعاء الإمام عقب الصلوات وتأمين المأمومين - الطريقة التيجانية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

43 / 50 محاضرة

حلقة 443: مسألة في لبس التمائم - إبتلاء الله للعبد - حكم دعاء الإمام عقب الصلوات وتأمين المأمومين - الطريقة التيجانية

1- امرأة محجبة بحمد الله، وأداوم على الصلاة في أوقاتها، وأخاف الله -عز وجل-، وأومن بأن الأعمار بيد الله، وكنت عندما أنجب طفلاً يموت، فأشار علي بعض الناس بشيء متعارف عليه هنا في ليبيا، وهذا الشيء هو: أن أجمع قطعة نقود من كل بيت يوجد فيه شخص يسمى باسم نبينا صلى الله عليه وسلم، أي: أنه يسمى محمد، سواء كان هذا الشخص طفلاً أو صبياً أو رجلاً، وتجمع النقود ويشترى بثمنها سوارة تضعها المرأة التي عندما تنجب طفلاً يموت تضعها في يدها، الإسوارة عادةً تكون من الحديد وفعلت ذلك فعلاً فشاء الله عز وجل أن يعيش الأطفال الذين أنجبتهم بعد ذلك، فلما رأت أختي الإسوارة وعرفت لماذا وضعتها أنا وعرفت كذلك قصة الإسوارة، قالت لي: اخلعيها فوراً من يدك إن هذا شرك صريح بالله عز وجل، ولو توفاك الله وأنت تلبسينها باعتقادك أنها تفيدك وتضرك فإنك تموتين وأنت مشركة، فهل هذا صحيح أي: هل يعتبر لبسي لها على هذا الأساس شركاً بالله عز وجل أم لا؟ وإن كان شركاً فكيف أكفر عن ذنبي العظيم هذا؟ وهل صلاتي وصيامي وحسناتي السابقة ذهبت هباءً منثوراً أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله بنينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن هذا الذي فعلتيه أيها السائلة وأرشدك إليه بعض الناس رجاء أن يعيش الولد شيء لا أصل له ولا أساس له، بل هو منكر وبدعة لا دليل عليه، ويسمى مثل هذا تميمة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التمائم، وأمر بقطعها، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك)، وبعث -عليه الصلاة والسلام- في بعض غزواته من يقطع القلائد التي تعلق على الدواب خشية العين، وهي الأوتار، وقال: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)، وهي الرقى التي لا توافق الشرع، والتمائم ما يعلق على الإنسان، خشية العين، أو خشية الجن، والتولة نوع من الصرف والعطف، من السحر، فبين -صلى الله عليه وسلم- أنها كلها من الشرك، وفي المسند مسند أحمد -رحمه الله- بإسناد جيد، عن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: (ما هذا؟) فقال: من الواهنة، يعني علقتها من أجل الواهنة، قال: (انزعها)، أمره النبي أن ينـزعها، (انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، وهذا وعيد عظيم، في جعل هذه الحلقة، الذي يزعم أنه فعلها من أجل الواهنة، مرض يأخذ باليد، يقال له: الواهنة، وجاء عن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- أنه دخل على رجل قد علق بيده فسأله، فقال: من أجل الحمى، فقطعه حذيفة، وتلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ[يوسف: 106]، وجاء عن إبراهيم النخعي: كان أصحاب ابن مسعود يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن، يعني يحرمونها، قال سعيد بن جبير التابعي الجليل -رضي الله عنه-: من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة، كان كأنه أعتق رقبة، لأنه خلصه من رق الشرك، وبهذا تعلمين أيها السائلة أن هذا العمل الذي قيل لك: تجمعين نقود من كل بيت فيه اسم محمد، ثم يشترى بها ...... سوار ويعلق لعله يعيش الولد، هذا شيء لا أصل له، وهذا باطل، وعليك التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إلى الله -سبحانه وتعالى-، ومن تاب، تاب الله عليه. وهذا الذي يسره الله أن يكون الأولاد عاشوا بعد ذلك، هذا من فضل الله، صادف قدراً لا من أجل السوراة هذه، بل صادف قدر الله الماضي وأن أولادك يعيشون بعد الولد الذي مات سابقاً، أو الأولاد الذين ماتوا سابقاً وليس من أجل السوارة، ولكنه أمر الله الماضي بقدره السابق، فإن الله -سبحانه وتعالى- قدر ما يكون من أولاد ومن عقم ومن موت طفل، وحياة طفل، إلى غير ذلك، كله مقدر، كما في الحديث الصحيح يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قدر مقادير الخلائق، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء) رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن العبد إذا أكمل في الرحم، يعني الإنسان إذا أكملت في الرحم مائة وعشرين يوماً ثلاثة أطوار يرسل إليه ملك فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فالأمور بيد الله -جل وعلا-، فقد سبق في علم الله وفي قدره السابق أن أولادك يعيشون بعد الذين ماتوا، وليس من أجل السوارة ولكنه ابتلاء وامتحان وقع لك، فعليك التوبة إلى الله -جل وعلا-، والرجوع إليه والندم على ما مضى، وهذا شرك أصغر، تعليق التمائم من الشرك الأصغر، لا تحبط معه صلاتك ولا صومك ولا عبادتك السابقة، أعمالك السابقة الطيبة التي لله فعلتيها لا تبطل بهذا، لأن هذا شرك أصغر، لا تبطل بها الأعمال. وإن كنت أردت بهذا السوار وقصدت أنه ينفع ويضر دون الله هذا شرك أكبر، لكن المسلم يقصد هذا ولا يظن هذا ولا يعتقد هذا، وإنما يعتقد أنها أسباب كما يكوي عن المرض وكما يتعاطى الأدوية من الحبوب، والإبر كلها، وهكذا تعليق السوارة الذي نعتقد فيك أنك ظننتيها أسباباً، أنها من الأسباب، فبكل حال عليك التوبة من ذلك. وإن كنت تعتقدين فيها أنها تنفع وتضر، فعليك التوبة من ذلك أيضا والرجوع إليه والتوبة النصوح، ولعل جهلك في ذلك يكون شافعاً في سلامة أعمالك الصالحة، والعبد متى تاب أيضاً إلى الله ورجع عن شركه وباطله، فإن أعماله الصالحة تبقى له، ولا تبطل، إلا إذا مات على الكفر بالله -سبحانه-، ولهذا لما أسلم حكيم بن حزام، وذكر -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قد سبق منه عتاقة في الجاهلية، وصدقة في الجاهلية، فقال له صلى الله عليه وسلم: (أسلمت على ما أسلفت من خير)، والله قال عن الكفار: إن أعمالهم إنما تحبط إذا ماتوا على الكفر، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ ... الآية[البقرة: 161]، وقال: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[البقرة: 217]، فقيد ذلك بقوله: فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ، فدل ذلك على أن من لم يمت كافراً بل مات على الإسلام، فإن أعماله الصالحة تبقى له، ولا تبطل عليه والحمد لله.      
 
2- قد يبتلي الله العبد، ليبتلي إيمانه ويختبره، لو حصل شيء من هذا ونتوقع خيراً بما توصون أختنا جزاكم الله خيراً؟
مثلما تقدم نوصيها بتقوى الله -جل وعلا- والأخذ بالأسباب التي أباحها الله كعرض الطفل على الطبيب أو غير الطبيب من ..... بالمرض وتعاطي الأدوية المباحة، والقراءة على المريض والنفث عليه، والكي إذا دعت الحاجة إليه، وأشباه ذلك من الأدوية النافعة والأسباب المباحة، أما الشيء الذي حرمه الله كتعليق التمائم أو دعاء غير الله، أو الاستغاثة بالجن، أو إتيان الكهان والمنجمين كل هذا باطل، لا يجوز، وإنما يجوز للمؤمن الأسباب المباحة، والوسائل المباحة فقط، والله -سبحانه وتعالى- جعل لكل داء دواء، كما في الحديث الصحيح: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علم، وجهله من جهل)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برء بإذن الله)، فالمؤمن إذا أصابه شيء يعرضه على الخبراء من الأطباء أو غيرهم من أهل العلم والبصيرة، فإن كان هناك طبيب يعرف هذا الداء، عالجه، وإن كان يحتاج إلى قراءة قرأ عليه بعض الإخوان المسلمين وعالجوه بالقراءة والدعاء هكذا المشروع. أما أن يعلق حديدة أو طاسة أو خشبة أو شيئاً يقرأ فيه يقرأ ويعلق كل هذا ما يجوز، حتى ولو من القرآن على الصحيح، وإن كان بعض السلف قال بذلك لكن الصحيح الذي عليه المحققون أن تعليق التمائم لا يجوز ولو كان من القرآن، سداً للذريعة، وعملاً بالعموم الوارد في الأحاديث، التي فيها النهي عن التمائم والتحذير منها، ولم يرخص فيها -عليه الصلاة والسلام-. والله المستعان. 
 
3- إن هناك أناساً يدعون عقب كل صلاة الإمام يدعو والجماعة يقولون: آمين آمين، فما حكم ذلك في الشرع بالإجماع -كما يقول-؟
هذا الذي سألت عنه -أيها السائل- لا نعلم له أصلاً في الشرع، فلم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك، إذا صلى الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، ما كان يفعل هذا الذي سألت عنه، وهو رفع اليدين والدعاء من الإمام والمأموين هذا شيء لا أساس له ولا يشرع بل هو بدعة، إذ لو كان مشروعاً لنقله الصحابة وبينوه لنا عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم لو كان مشروعاً قد فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- لفعلوه هم الصحابة –أيضاً- كالخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة، ولم يثبت عنهم فيما نعلم أنهم فعلوا ذلك، ولا أنهم نقلوه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فوجب تركه، والإنسان إذا أحب يدعو، يدعو بينه وبين نفسه، من دون رفع اليدين، ومن دون الاجماع مع الإمام، بل يدعو بينه وبين نفسه، كما جاءت فيه الأحاديث أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- دعا بعد السلام ودعا قبل السلام -عليه الصلاة والسلام-، لكن لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم- أنه رفع يديه بعد السلام من الفريضة، ولا أنه دعا وأمن عليه المأمومون، والخير في اتباعه -عليه الصلاة والسلام-، وهذه أمور ظاهرة يعلمها الناس، ويراها الناس، فلو فعل شيئاً من هذا لنقله الصحابة، وعرفوه -رضي الله عنهم وأرضاهم-، فالواجب ترك ذلك، لأنه لم ينقل عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه، والخير في اتباعهم وسلوك سبيلهم -رضي الله عنهم-، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.  
 
4- وصلتنا رسالة وكاتبها منفعل غاية الانفعال، ويتلفظ بعبارات أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يغفر لنا وله، ملخص ما في الرسالة الدفاع عن ما يسمى بالطريقة التيجانية، أرجو أن تتفضلوا بتبصير أخينا جزاكم الله خيراً، وحبذا لو بعثتم إليه ما توصل إليه البحث العلمي حول هذه الطريقة جزاكم الله خيراً ونفع بكم؟
الطريقة التيجانية بدعة لا أساس لها، ومنكر لا أساس له، نسأل الله أن يعافي إخواننا في أفريقيا وفي السنغال وفي غيرها نسأل الله أن يعافيهم من شرها، وأن يخلصهم منها، وأن يوفقهم لاتباع نبيهم ورسولهم محمد -عليه الصلاة والسلام-، فطريقته بحمد الله كافية، وقد بعثه الله رحمة للعالمين، وأكمل له الإسلام، فالواجب على جميع الأمة، التمسك بما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ففيهم الأسوة والقدوة كما قال الله -عز وجل- في كتابه العظيم: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[الأحزاب: 21]، وقال -سبحانه وتعالى- في سورة التوبة: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[التوبة: 100]، فالتابعون لهم بإحسان هم السائرون على منهجهم من دون زيادة، ولا اختراع بدع، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[آل عمران: 31]، فأمر الله نبيه أن يقول للناس هكذا، قُلْ أي قل يا أيها الرسول للناس، إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يعني محمد -عليه الصلاة والسلام- يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ، فاتباع النبي هو طريق لمحبة الله، وهو السعادة، مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ[النساء: 80]، وقال تعالى: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[النساء: 13]، فطريق الجنة هو السعادة في اتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- ليس في اتباع أحمد التيجاني، أحمد التيجاني متأخر إنما ولد في عام 1150 هـ يعني بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف عام، ومائة عام، وأربعين عاماً من وفاته -عليه الصلاة والسلام-، فهو ولد كما في كتب القوم، كتب التيجانيين ذكروا أنه ولد في عام 1150هـ يعني في القرن الثاني عشر من الهجرة، ويزعمون أنه طاف في بلدان كثيرة وتعلم الطرق الصوفية، ثم رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- عام 1196هـ فعلمه الورد الذي يعلمه الناس، وأنه يعلم الأمة هذا الورد من الدعاء والاستغفار، قال: أنت ابني وعلمه الأمة، ورآه في عام 1200بعد أربع سنين من لقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه أيضاً أن يشفع إلى بعض ....... قل هو الله أحد، وأن يعلم الأمة ذلك، وزعم أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- مشافهة، ويقظة لا نوماً، وكل هذا باطل، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يرى يقظة، بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وإنما يرى في المنام، فإن الله -جل وعلا- لا يبعثه إلا يوم القيامة، قال الله تعالى في سورة المؤمنون: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ[المؤمنون: 15-16]، فالبعث يوم القيامة، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة)، فبعثه يكون يوم القيامة، فمن قال أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظة وعمله كذا وكذا وكذا بعد وفاته فقد كذب أو كُذِب عليه، أو رأى شيطاناً زعم له أنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، والشيطان قد يتمثل بصور كثيرة ويزعم للجاهلين أنه النبي -صلى الله عليه وسلم-. أما أن يتمثل بصورته فلا، لأن الرسول قال: (من رآني في المنام، فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بصورتي)، فدل على أنه قد يتمثل بغير صورته -عليه الصلاة والسلام- كما أخبر به العلماء، ولكن التيجاني لم يرض بهذا، بل قال: إنه رآه يقظة، وإنه علمه يقظة، وهذا كله باطل، سواء كان كذبه هو أو كُذب عليه و غره شيطان قال له ذلك. ثم أيضاً قد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- طريق الجنة وطريق السعادة للأمة، ودرج عليه الصحابة فهل هناك دين جديد يأتي به أحمد بعد اثنا عشر قرن، يخالف ما عليه الصحابة، أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- هم أفضل الناس وخير الناس، ثم من يليهم، فالدين الذي درج عليه الصحابة هو الدين الصحيح، وهو دين لله، وهو الصراط المستقيم، فمن جاء بشيء بعده جديد، فهو مردود عليه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، متفق على صحته، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ويقول -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الجمعة: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) رواه مسلم في الصحيح، وزاد النسائي: (وكل ضلالة في النار)، فلا ينبغي لعاقل أن يغضب عندما ينبه على الباطل، وعندما ينبه على البدع، بل ينبغي له أن يقول: الحمد لله الذي هداني، الحمد لله الذي عرفني أن هذا بدعة، الحمد لله الذي أرشدني إلى الخير، وعليه أن يتعلم ويتبصر ولا يقلد الناس، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)، والعالم مهما كان فضله ليس معصوماً قد يغلط كثيراً ويلبس عليه، فإذا كان التيجاني عالماً فالعالم ليس معصوماً، يقول مالك -رحمه الله- الإمام المشهور: "ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر"، ويقول الشافعي -رحمه الله-: "أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس"، بل يلزمه اتباعها، ويقول أبو حنيفة -رحمه الله-: "إذا جاء الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلى العين والرأس، وإذا جاء عن الصحابة فعلى العين والرأس، وإذا جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال"، لأن أبا حنيفة كان في عصر التابعين، وروي أنه رأى بعض الصحابة فيكون من التابعين إذا ثبت ذلك، ويقول الإمام أحمد -رحمه الله- أيضاً: " عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يعني عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، يذهبون إلى سفيان، يعني الثوري، والله يقول سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النور: 63]، لأن الآمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فعجب من قوم يذهبون إلى سفيان الثوري وأشباهه من العلماء ويدعون الحديث، وهذا لا شك أنه مستنكر، فهكذا ينبغي لكل مسلم في السنغال أو في غير السنغال ولكل مكلف أن يتبصر في دينه، وأن يسأل عن طريقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعن دين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعما جرى عليه الصحابة ودرجوا عليه، لا عما قاله التيجاني أو الشيخ عبد القادر، أو الشاذلي أو فلان أو فلان، لا، نحن مأمورون باتباع نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-، نحن مأمورون باتباع القرآن وباتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لسنا مأمورين باتباع الشيخ عبد القادر أو الشيخ أحمد التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان، أو مالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة، أو غيرهم هؤلاء علماء -رضي الله عنهم ورحمهم-، الأئمة الأربعة علماء معرفون لكن كل واحد يصيب ويخطئ وهكذا غيرهم من العلماء، فإذا كان أحمد التيجاني من العلماء وكان له فضل العلم، إذا قدرنا ذلك وقلنا إنه من العلماء فالعالم يخطئ ويصيب، فقد أخطأ في هذا في زعمه أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- قد شبه عليه أنه رآه يقظة، وفي زعمه أنه يعلم الأمة وأنه أرشد ..... يعلم الأمة جميعاً، وأنه يرشدهم إلى الطريقة التي جاء بها، يعني الأمة كانت ضآلة حتى جاء أحمد التيجاني يعلمهم، كانت الأمة على طريق الرسول وأصحابه هم أهل السنة والجماعة، من كان على هذا الطريق فهو على طريق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه قبل التيجاني وبعده، فأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- تلقوا طريق رسول الله، ثم التابعون لهم بإحسان هكذا إلى وقت الأئمة الأربعة، ثم بعدهم إلى وقتنا هذا، من التزم القرآن واتبع السنة وسار على نهج الصحابة فهو المتبع حقاً وهو المهدي حقاً، ومن خرج عن ذلك إلى طريقة جديدة أحدثها التيجاني أو غير التيجاني أو الشاذلي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو المرسي أو فلان أو فلان، كل ذلك لا وجه ولا يجوز اتباعه، بل يجب عرض كل شيء يدعيه أحد من الناس أنه من الشرع يجب عرضه على القرآن وعلى ما صح من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما شهد له القرآن بالصحة أو السنة الصحيحة بالصحة وجب أخذه وقبوله، وإن خالف رأي شيخك أو إمامك المعين كالتيجاني أو غيره لقول الله -تعالى-: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ[النساء: 59]، ولقوله -سبحانه-: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ[الشورى: 10]، التيجاني جاء في القرن الثاني عشر كما تقدم، ولد سنة 1150هـ، فما حال الناس قبل ذلك، هكذا ذكر صاحب جواهر المعاني، وهكذا صاحب الرماح ذكر ذلك، أنه ولد عام 1150هـ، وذكر ما قال أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظة وعلمه الورد والدعاء والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، يعلمه الأمة ويرشدهم، ثم علمه زيادة أن يقول لهم: قل هو الله أحد أيضاً، ويرشدهم إلى ذلك، في الورد، وكل هذا معلوم عند المسلمين، يعرفون أن الدعاء مشروع والاستغفار مشروع وقراءة قل هو الله أحد والمعوذتين مشروعة أيضاً، وأنها تعرف أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، كما جاءت به الحديث، وقد شرع الله قراءتها بعد كل صلاة، وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات، مع المعوذتين وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها تعدل ثلث القرآن ؟؟؟؟؟ فينبغي للعاقل أن ينتبه وأن لا يغتر بتقليد الناس أو بالدعايات التي لا وجه لها، بل يتأمل قوله تعالى: اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) سورة الفاتحة، أنت تسأل ربك أن يهديك الصراط المستقيم في كل صلاة بالفاتحة، والصراط المستقيم هو دين الله، ما هو بدين أحمد التيجاني، دين الله وهو ما بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام، وما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وهو الصراط المستقيم الواجب على جميع الناس، ولا سيما المسلمون في كل مكان أن يلتزموا ما جاء به الكتاب والسنة، وأن يستقيموا عليه وأن لا يحيدوا عنه بقول التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان أو آبائهم أو أسلافهم، بل عليهم اتباع الحق، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أسمعت الرد العلمي يا أخ محمد عبد الله إسماعيل الشنقيطي، نسأل الله لنا ولك الهداية، أما كلامك الذي بدأت به رسالتك فلن نذكر منه شيئاً، ولكنّا نسأل الله لك الهداية ولجميع المسلمين

550 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply