حلقة 606: تربية الطيور في البيوت - ترك الإحرام من الميقات - حكم لبس النساء للذهب المحلق - حكم الفائدة المصرفية - حكم التفريق في فائدة القرض في عمل استثماري وعمل استهلاكي - التألم على وفاة القريب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

6 / 50 محاضرة

حلقة 606: تربية الطيور في البيوت - ترك الإحرام من الميقات - حكم لبس النساء للذهب المحلق - حكم الفائدة المصرفية - حكم التفريق في فائدة القرض في عمل استثماري وعمل استهلاكي - التألم على وفاة القريب

1-   إنني أم لعدة أولاد وبعضهم متزوج ورب عائلة، وأولادي متدينون يقيمون الصلاة والصيام ويحافظون على أمور دينهم، ولكنهم مغرمون جداً بتربية الطيور في البيت، ويصرفون من أموالهم ووقتهم على العناية بها وملاحظة تحليقها في الجو لساعة من النهار أو أكثر، وأخشى أن تكون هذه مخالفة للشرع؟ وجهونا وأفيدونا، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد أسرَّني كثيراً ما ذكرت من استقامتهم ومحافظتهم على دينهم والحمد لله. أما تربية الطيور فلا حرج فيها، ولا بأس فيها، إذا كانت لا تؤذي أحداً من الناس لا من الجيران ولا غيرهم، فإذا كانت طيوراً مباحة ، ولا تؤذي أحدا من الناس فلا بأس بتربيتها ولا بأس بالنظر إليها حين طيرانها كل ذلك لا حرج فيه إذا كانت لا تؤذي أحداً. أما إن كانت تؤذي فعليهم تقصيصها حتى لا تؤذي الجيران ولا حرج في ذلك.  
 
2- ذهبت أنا وزوجتي لعمل العمرة في سيارة كانت متجهة من مكاننا في قرية تابعة للمدينة المنورة تبعد عن رابغ (90 كم) عن الميقات، متجهة إلى جدة عن طريق رابغ وليست متجهة أصلاً إلى مكة المكرمة، ولما وصلنا الميقات في رابغ قال لنا السائق: أحرموا من جدة بدلاً من أن تحرموا من الميقات وتدخلون معنا جدة، ففعلنا ولم نحرم من الميقات وأحرمنا من جدة، وذهبنا في نفس الوقت إلى مكة وعملنا العمرة، فما مدى صحة العمرة وصحة الإحرام؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير.
الإحرام صحيح والعمرة صحيحة ، ولكنها ناقصة ؛ لأنكم تركتم الواجب وهو الإحرام من الميقات فعليكم دم، ذبيحة واحدة عن كل واحد منكما، تذبح في مكة للفقراء كالضحية، يعني ذبيحة تجزئ في الأضحية تذبحون ضأن أو ثني معز أو سبع بدنة أو سبع بقرة عن ترك الميقات. أما العمرة فهي صحيحة والحمد لله ، والإحرام صحيح لكن فيها نقص عمرة ناقصة، بسبب الإخلال بالواجب ، وهو الإحرام من الميقات، تقبل الله من الجميع.  
 
3-   ما حكم لبس النساء للذهب المحلق بأنواعه وأشكاله، من سوار وقرط وسلاسل وغيرها، حتى أنني قرأت حديثاً في كتاب عنوانه :"تحفة العروس" أو : "الزواج الإسلامي السعيد" تأليف: محمود مهدي الاستنبولي، من مصر، والحديث هو: (من أحب أن يحلق حبيبته بحلقة من نار فليحلقها حلقة من ذهب، ومن أحب أين يطوق حبيبته طوقاً من نار فليطوقها طوقاً من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبته سواراً من نار فليطوقها طوقاً). وفي رواية: (فليسورها سواراً من ذهب، ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها). رواه أبو داود ومسلم وهو حديث صحيح.. هذا بالنص من الكتاب المذكور للمؤلف. فما مدى صحة الحديث؟ وهل يجوز لبس المحلقات للنساء؟ أفتونا في ذلك جزاكم الله خيراً.
الحديث في صحته نظر، وفي متنه غرابة، وهو ليس في مسلم ولكنه في أبي داود ، وفي صحته نظر، ولو صح فهو محمول على ما كان قبل النسخ، فإنه كان الذهب محرم على النساء ثم أبيح للنساء، وأبيح لهن الحرير، وحرم على الرجال، فقال صلى الله عليه وسلم: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورهم). فالصواب أن جميع أنواع من الذهب من المحلق وغير المحلق كالأسورة والخواتم وأشباه ذلك مباحة كالقلائد وغيرها، هذا هو الصواب وهو الذي عليه عامة العلماء، وحكاه جمع من أهل العلم إجماع أهل العلم أن الذهب بأنواعه وغيره من محلق وغيره كله حلٌ للنساء، هذا هو الصواب، ومن قال بتحريمه فقد غلط.  
 
4-  هل الفائدة المصرفية تعتبر ربا أم لا، وإذا كانت ربا ما حكم من اقترض قرضاً بفائدة؟ نرجو التوجيه، جزاكم الله خيراً.
نعم الفائدة المصرفية ربا، إذا اقترض مائة بمائة وخمسة أو بمائة وسبعة أو أكثر أو أقل فهذا ربا، وهكذا ما هو أكثر من ذلك، ولا يجوز تسليم هذه الفائدة ، بل على من الفاعل التوبة والرجوع إلى الله والإنابة والندم وعدم العودة وليس للمقرض إلا رأس ماله؛ كما قال تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [(279) سورة البقرة]. ولا يجوز تعاطي هذه المعاملة ، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بالناس الذين يفعلونها مع كثرتهم ، فإن الحق أحق بالاتباع ، والله يقول - سبحانه -: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [(59) سورة النساء]. وقد قال عليه الصلاة والسلام: (الذهب بالذهب مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد والفضة بالفضة يداً بيد سواء بسواء) الحديث.. وهذه العُمل الجديدة من الدولارات والدنانير وغيرها من العُمل الورقية كل هذا في حكم الذهب والفضة فلا يجوز أن يباع بعضها ببعض مفاضلة، وهي من جنس واحد ولا نسيئة ، بل لابد أن يكون ذلك يداً بيد مع التماثل إن كانت من جنس واحد كالدينار بالدينار، والدولار بالدولار أما إن كان من أجناس كأن يبيع دولاراً بدارهم سعودية أو بدنانير أردنية أو عراقية أو شبه ذلك فلا بأس، لكن يداً بيد بالتقابض، وأما دينار بدينارين أو دولار بدولارين أو مائة دولار بمائة وخمسة أو مائة ريال سعودي بمائة وخمسة، لأجل الفائدة هذا لا يجوز هذا هو الربا، هذا عين الربا، نسأل الله السلامة.  
 
5- الذين يفرقون بين الاقتراض بفائدة في عمل استثماري أو عمل استهلاكي هل لهم وجه أو لا؟
كل هذا غلط، هذا من كيسهم ليس له وجه، الرسول حرم ذلك مطلقاً سواء كان القرض للاستثمار أو للاستهلاك لحاجته كله محرم، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفرق بين هذا وهذا - عليه الصلاة والسلام- ، بل عمم وأطلق، فدل ذلك على أنه لا يجوز مطلقاً سواء كان القصد من ذلك الاستهلاك أم كان القصد الاستثمار والمتاجرة.  
 
6-   لي ابنة تبلغ من العمر عشرة أشهر وقد مرضت وذهبت بها إلى المستشفى وهي في حالة خطيرة، وأمروا بتنويمها ، وجلست معها أمرضها مدت التنويم بالمستشفى، والحمد لله تحسنت حالتها عن حالتها الأولى، وأخرجونا بعد ذلك وذهبنا إلى المنـزل، وبعد يومين فقط عاد إليها المرض ، وكان كل من رآها قال: هذه فيها كذا وكذا.. وأنا لا أدري ماذا أفعل بها، وبعد ذلك رآها أحد الناس وقال: اكويها فإن شاء الله أنها ستشفى، وذهبت بها عند رجل فكواها ولكن اشتد بها المرض، وبما أنني قد ذهبت بها إلى المستشفى وإلى الكاوي ولكن دون فائدة استحكمت بحكم الله وجلست بها في المنـزل، ولكن حكم الله أقوى على كل شيء وتوفيت بعد ذلك، قلت: يا ليتني لم أكوها، يا ليتني ذهبت بها إلى المستشفى مرة ثانية، يا ليت.. يا ليت.. وبدأت أتألم وأتندم، هل عليّ فيما فعلت حكم شرعي؟ وجهوني جزاكم الله خيراً؟
ليس عليك بأس وأنت مجتهد ولا حرج عليك وهذه أسباب: الذهاب بها المستشفى وإلى الكاوي كل هذه الأسباب، و النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل، وما أحب أن أكتوي). وفي اللفظ الآخر: (وأنا أنهى أمتي عن الكي). فالكي يعتبر آخر الطب ، وأنت فعلته عند الحاجة، فإذا كان الكاوي ممن جرب في معرفة الكي ، وأنه يكوي المرضى ، ويجتهد لا بأس عليه في ذلك والحمد لله، وبكل حال فأنت مجتهد ولا شيء عليك.   
 
7-   قابلني أحد أصدقائي وقد رأى عليّ علامات التفكير والشرود الذهني، فسألني: هل فعلتها؟ يعني: هل طلقت؟ فقلت له: نعم فعلتها، وأنا أمازحه حتى أرى مدى تأثره بذلك، وأنا لم أقصد الطلاق، إنما عندما سألني قلت نعم قاصداً بذلك أنني قد تزوجت، وهو يفهم الطلاق، ولم أتبين فهمه جيداً لكلامي. السؤال: هل تقع طلقة أم لا، علماً بأن هذا الحدث منذ سنة تقريباً، وماذا علي أن أعمل الآن وقد مر على الحدث سنة كما أخبرتكم؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
ما دمت ما قصدت الطلاق فلا شيء عليك، (الأعمال بالنيات) وهذه اللفظة من جنس ألفاظ الكنى، فلا يقع بها شيء، ما دمت لم تقصد الطلاق.  
 
8-   إذا خرجت من سلطنة عمان إلى دولة الإمارات، وتبعد دولة الإمارات عن سلطنة عمان (450كم) هل يجوز أن أصلي صلاة حضر أم سفر، وأنا أخرج لمدة ستة أشهر أو سنة؟ أجيبوني جزاكم الله خيراً.
إذا كنت في الطريق تصلي صلاة المسافر، ركعتين : الظهر والعصر والعشاء، وإذا نزلت في الإمارات أو في غيرها وأنت تقصد الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنك تصلي أربعاً ما دمت مقيماً في الإمارات أو غيرها، أما إذا كنت مقيماً في الإمارات إقامة غير معينة لا تدري متى ترجع لك حاجتك لا تدري متى تنتهي ولم تعزم على أربع ولا أكثر ولا أقل فإنك تصلي ثنتين إن صليت وحدك، وإن صليت مع المقيمين صليت أربعاً، وإذا كنت وحدك فالواجب أن تصلي مع الناس في المساجد، ولا تصلي وحدك، فتصلي معهم أربعاً، وإن صليت وحدك صليت ثنتين إذا كنت لم تقصد الإقامة إلا أربعة أيام فأقل، أو كنت ما تقصد إقامة معينة لا تدري ما عندك يقين، هل تقيم أربعاً أو ثلاثاً أو عشراً أو أكثر أو أقل، إذا كان ليس عندك نية معلومة، فإنك تصلي ثنتين إلا إذا صليت مع الحضر مع مع المقيمين فإنك تصلي أربعاً، وعرفت أنه يجب عليك أن تصلي معهم إذا كنت واحداً، لأن الجماعة واجبة ، فالواجب عليك أن تصلي معهم وتكمل أربعاً ؛ لأن المأموم يتبع الإمام في ذلك، هكذا جاءت السنة أنه إذا صلى المسافر مع المقيمين فإنه يصلي معهم أربعاً، كما ثبت هذا في صحيح مسلم ومسند أحمد عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنه سئل عن هذا فقال: هذا السنة.  
 
9-   أنا قرأت في كتاب الطب النبوي أنه عندما يريد أي شخص أن يزيح عن نفسه الاكتئاب يكتب بعض الآيات ويضعها في الماء ويشرب منها، فهل هذا الشيء مفيد، وإذا كان مفيداً أخبرونا جزاكم الله خيراً كيف نكتب، وما هي الآيات التي نكتبها؟
لا حرج أن يكتب الإنسان في إناء نظيف أو ورق نظيف، يكتب بعض الآيات مثل آية الكرسي، سورة الفاتحة ، وقل هو الله أحد، والمعوذتين ، وما تيسر من القرآن ، ثم يكتبها بالزعفران ، ثم يغسله ويشرب ذلك، لا بأس، أو يقرأ في الماء ثم يشرب ذلك فلا حرج في ذلك، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ماء لثابت بن قيس بن شماس ، ونص أهل العلم كابن القيم وغيره أنه لا مانع من الكتابة في الإناء النظيف ، أو في الأوراق النظيفة يكتب بالزعفران ثم يغسله ويشربه لا حرج في ذلك، إن شاء الله.  
 
10-  لدى كثير من الناس عادة وهو أنه عندما يعطس أحد فيقول الشخص الذي يتكلم (بعطسة بن حلال)، هل هذا الكلام صحيح؟
لا أصل لهذا، هذا كلام العامة، لا أصل له، ولكن المشروع للمؤمن إذا عطس أن يقول: الحمد لله، ومن سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وهو يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، هذا السنة، إذا عطس يقول: الحمد لله، أو الحمد لله رب العالمين، أو الحمد لله على كل حال، ومن سمعه يقول: يرحمك الله، هذا السنة، وهو يقول لمن قال يرحمك، يقول له: يهديكم الله ويصلح بالك، هكذا جاءت السنة عن النبي - عليه الصلاة والسلام -.  
 
11-   نحن بنو البشر نملك العقل والروح والسؤال: هل عندما يفكر العقل في شيء يمكن أن تعارضه الروح على هذا الشيء أو توافقه، أو هل هناك ارتباط بين العقل والروح، أم كلاهما يعملان باختلاف عن الآخر؟
العقل والنفس شيء واحد؛ لأن العقل إنما يفكر وينظر ويتأمل بواسطة النفس الروح، فإذا ذهبت الروح بطل كل شيء، فإذا كانت الروح فيه فكّر بنفسه الذي معه وهي روحه، يفكر بما أعطاه الله من العقل والتمييز في الصالح والضار ، والطيب والخبيث ، هكذا .. فهو يفكر بما أعطاه الله من العقل بواسطة الروح التي هي نفسه وحياته ، فما زالت الروح موجودة أمكنه التفكير والنظر والإعداد لما يريد، والعزم على ما يريد، فإذا ذهبت الروح بطل التفكير.  
 
12-   أنا فتاة في بداية العشرينيات، وأنا وكأي فتاة تحلم بأن يمن الله عليها بزوج صالح وذرية صالحة، ولكن المشكلة هنا أنني عندما أسمع بأن شخصاً قادماً إليّ أفرح كثيراً وأشكر الله، ولكني فجأة أرى نفسي حزينة لا أريد الزواج، وكأن شيطاناً دخل إلى قلبي وأخافني، وأُصبح قلقة بسبب وبغير سبب، وحزينة وأرفض هذا الشخص، ولكنني لا أعلم لماذا؟!! سماحة الشيخ: أنا والحمد لله أحب ختم المصحف، وأحب سماع القرآن الكريم كثيراً، وأتوكل على الله في كل وقت، ولكن أشك أن هناك من عمل لي عملاً لهذا الموضوع حتى لا أتزوج وحتى لا أفرح، أرجو توجيهي جزاكم الله خيراً، كيف أتصرف وإن كنت أعلم أن النفع والضر بيد الله - سبحانه وتعالى - ؟
هذا من الشيطان، هذا - يا ابنتي - من الشيطان، فعليك أن تتعوذي بالله من الشيطان، وأن تعتمدي على الله - سبحانه وتعالى -، وأن تحسني الظن به - جل وعلا -، فإذا خطبك من ترضين دينه وخلقه، ومدح لك في دينه وأخلاقه بواسطة الثقات العارفين به، تستعينين بالله ، وتتزوجي ، ودعي عنك هذه الوساوس ، وهذه الأفكار الرديئة ، فإنها من الشيطان من عدو الله، يثبطك بذلك حتى تبقين في تعب ومشقة وحرمان من الزواج والذرية ، والشيطان يحب كل شر للإنسان ، ويدعوه إلى كل شر، ويسره أن تبقي عانسة لا زوج لك، وربما عرضك بعد هذا لما حرم الله - عز وجل -. فالواجب عليك تقوى الله ، والمبادرة إلى الزواج إذا جاء الكفء، وترك هذه الوساوس، وهذه الكراهة وهذه البغضاء وهذا التحرج، كل هذا من الشيطان عدو الله. ودعي عنك الوساوس أنه معمول لك فهذا كله من الشيطان، لم يعمل لك شيء ، ولكنه الشيطان يثبطكِ ، ويسعى في منعك من الزواج ؛ لأنه يحب أن كل إنسان لا يتزوج ، وأن يبقى في الفساد والتعب والمشقة - نسأل الله السلامة -.  
 
13-  إذا دخلت المسجد في يوم الجمعة والإمام يخطب فهل أجلس أم أصلي ركعتين، وما الدليل على ذلك؟
السنة - يا أخي - أن تصلي ركعتين، السنة أن تصلي ركعتين قبل أن تجلس ، ولو أن الإمام يخطب، لما ثبت في صحيح مسلم عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: (إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما). يعني يخففهما، يعني تخفيفاً لا يمنع الطمأنينة، هكذا أمر - عليه الصلاة والسلام- ، أمر الداخل والإمام يخطب أنه يصلي ركعتين، لكن لا يطول فيهما حتى يفعل السنة ، ويتمكن من سماع الخطبة
 
14-   أخي يصلى ولكنه يتيمم بحجر ولا يتوضأ بالماء مع أنه يستعمل الماء في الاغتسال، وعندما أقول له لما تفعل ذلك؟ يقول: إن الطبيب منع عليّ استعمال الماء، فهل صلاته صحيحة بهذا التيمم؟
إذا كان يستعمل الماء في الغسل ولا يضره الماء في الغسل فمن باب أولى أن لا يضره في الوضوء، لأن الوضوء أقل ماءً وأقل كلفة ، فالواجب عليه أن يصلي بالماء، وأن يتوضأ ، فإن كان لا يضره الغسل فإنه لا يضره الوضوء، فالواجب عليه أن يتوضأ ، وأن يعصي هذا الطبيب الذي قال له إذا كان جرب الماء ولم يضره، وليس له التيمم، ثم التيمم بالحجر لا ينفع، الواجب التيمم بالتراب، بصعيد الأرض، لا بالحجر، ما دام يجد التراب، فإنه التراب يضرب التراب، يضرب وجه الأرض، ويتيمم منها إذا عجز عن الماء لمرض يضره معه الماء، أو لأنه في السفر لا يجد الماء. فالواجب على المؤمن أن يترك الشبهات والوساوس التي لا وجه لها، وليس كل طبيب يطاع قوله، إنما يطاع قول الطبيب الأمين العارف الذي أرشدك إلى ما ينفعك وحذرك مما يضرك فلا بأس، وما دمت - أيها المريض - استعملت الماء في الغسل وهولا يضرك فمن باب أولى أن لا يضرك في الوضوء.  
 
15-   أنا شاب كنت ارتكب المعاصي، وكلما أرتكب معصية أتوب إلى الله وأقول: إنني سأقرأ سورة كذا وكذا توبة لله، ولكن الشيطان اللعين زين لي المعاصي، واستمريت هكذا كلما أرتكب معصية أتوب وأقرأ مع توبتي سورة أو سورتين، واستمريت على هذا الحال حتى قسى قلبي وفقدت حلاوة الإيمان، وأخاف أن الله ختم على قلبي، وأخاف أني منافق أخادع الله، أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء، ماذا أعمل حتى تعود لي حلاوة الإيمان ، وذهاب قساوة القلب؟ فإنا خائف من عذاب الله، أرجو رحمته والله يحفظكم؟
الواجب عليك حسن الظن بالله، والمبادرة إلى التوبة ، والتصميم عليها ، ولزومها ، والحذر من العودة إلى الذنب ، والاستعانة إلى الله في ذلك، والصدق مع الله ، وأبشر بالخير: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا [(2) سورة الطلاق]. وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [(4) سورة الطلاق]. والتوبة الصادقة تمحو الذنب، وإذا عدت إليه بعد توبة صادقة ما ضرك الأول، إنما يضرك الثاني حتى تتوب منه، وهكذا.. فإذا كنت صادقاً في التوبة الأولى والثانية والثالثة لم يضرك ما فعلته قبل ذلك، فالتوبة يمحو الله بها الذنوب، الذي يخشى منه أن تكون توبتك غير صادقة ، وأن تكون أماني ، أما إذا كانت توبة صادقة لازمة قد ندمت على الماضي، وعزمت أن لا تعود ، وأقلعت عن ذلك ، فإنها تمحو الله بها الذنب، وعليك الصدق في التوبة الأخيرة ، والعزم الصادق وأن لا تعود فيما حرم الله عليك ، وأن تستعين بالله ، وتحسن به الظن وترجو رحمته - جل وعلا -، وأن تبتعد عن صحبة الأشرار الذين قد يعينونك على المعصية ، وعليك بصحبة الأخيار ولزومهم ، فإنهم يعينون على الخير، ومن استعان بالله أعانه الله، ومن صدق مع الله يسر الله أمره، فاصدق مع الله ، واجتهد ، واسأل ربك العون ، والزم التوبة ، وحاذر صحبة الأشرار ، وأبشر بالخير ، يسر الله أمرك ، ووفقنا وإياك.  
 
16-   قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الكهف:50] هذه الآية توضح لنا أن الله عندما أمر الملائكة بالسجود لآدم ولم يسجد إبليس ، فكيف يؤاخذه الله - سبحانه وتعالى - على أمر لم يدخل إبليس في نطاقه لأنه ليس من الملائكة، ما دام إبليس من الجن وليس من الملائكة، فكيف يشمله أمر السجود؟
العلماء لهم في هذا قولان: أحدهما: أنه من الملائكة، من طائفة يقال لهم الجن من الملائكة، ولهذا شمله الأمر، وحكم الله عليه بالبعد واللعنة لأنه عصى الأمر. والأمر الثاني: أنه كان معهم ، يتعبد معهم، وأنه خلق معهم ، وأمر معهم بأن يسجد ؛ لأنه كان معهم وقد صحبهم بالعبادة ، فلهذا ورد عليه الأمر معهم فعصى فعاقبه الله باللعنة والطرد بسبب عصيانه للأوامر الموجهة إليه، وإن كان ليس منهم عنصراً فهو منهم في العمل، فقد وجه إليه الخطاب والأمر معهم فعصى واستكبر ، فلهذا أصابته العقوبة ، وحلت عليه اللعنة، إما لكونه منهم ، وهم طائفة يقال لهم الجن، أو لأنه صار معهم وتلبس بأعمالهم وصاحبهم في أعمالهم وصدر الأمر إليه وإليهم جميعاً ، فلما وجه إليه الأمر معهم صار مستحقاً للعنة لعصيانه واستكباره ، وهذا أمر واضح ، والقولان مشهوران للعلماء، أحدهما أنه منهم، فلا إشكال في ذلك، والثاني أنه أبو الجن أو الجن المعروفين من الثقل الثاني ، وهو كآدم للإنس ، ولكنه صار مع الملائكة حين الأمر ، ووجه إليه الأمر معهم فصار مأموراً كما أنهم مأمورون ، فلهذا استحق اللعنة والطرد لاستكباره وعصيانه. 

520 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply