حلقة 677: بر الوالدة لا ينسي بر الوالد - تربية الكلاب - تعليق ما يسمى بالحجاب (التميمة) عند المرض - شفاعة النبي - بم تبدأ سورة التوبة؟ - الذكر الجماعي عقب الصلاة - من المقصود بالمطهرين في قوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

27 / 50 محاضرة

حلقة 677: بر الوالدة لا ينسي بر الوالد - تربية الكلاب - تعليق ما يسمى بالحجاب (التميمة) عند المرض - شفاعة النبي - بم تبدأ سورة التوبة؟ - الذكر الجماعي عقب الصلاة - من المقصود بالمطهرين في قوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون

1-   لي قريب وهو في الوقت نفسه صديق عزيز جداً أحب له الخير وأخاف عليه من الشر، شاب جامعي ذو أخلاق طيبة جداً، محافظ على الصلوات في المسجد، ويحضر المحاضرات والندوات الدينية في كثير من الأحيان، طلق والده والدته منذ حوالي سنتين، أو أكثر وتزوج غيرها، ووالدته لها عدة أولاد ذكور لكنها استقرت عنده هو؛ لرحمته لها وبره بها، وقد قال لي والده يوماً لمعرفته أنني صديق لابنه المذكور إن كنت تحب فلان فانصحه فإنه عاق لي، ثم أخذ يشتكي من معاملته له، وأنه لا يحترمه، فوعدته خيراً، وذهبت لصديقي وذكرته ببر الوالدين، وأن بره بأمه يجب ألا ينسيه بره بوالده، وأن لوالده عليه حقاً مهما كانت علاقته سيئة مع أمه، رغم أنني أقول: إن والده رجل محافظ على الصلوات حسب علمي، قائم بواجبه نحو أولاده، وصَّالاً لرحمه، وإن كان فيه بعض القسوة على زوجته التي طلقها، ولقد دهشت جداً حينما قال لي صديقي: إن هذه المعاملة هي التي يستحقها والده، واشتكى منه، وأنه يعامله معاملة سيئة ولا يحترمه؛ لذلك فهو يعامله بنفس معاملته، فذكرت له أن ذلك لا ينبغي، وأن الوالد وإن ضرب ولده، أو كان فاحشاً عليه بالكلام ولو بدون سبب، ولو أمام الناس؛ فإن الولد يجب أن يصبر، ومن الدين، والشرف، والكرامة طاعة الوالد، وعدم معصيته، فما بالك في مخاصمته ورد الكلام عليه، فقال لي صديقي: هذا أبي يعرف قدر نفسه جيداً! ولو حدث وفعل معي ما ذكرته لضربته ولجعلته عبرة لغيره، فلما سمعت هذه المقالة علمت أن النصيحة لصاحبي من قبلي لن تجدي، وأنه إما يجهل عظم عقوق الوالدين، أو أنه عاص لله على علم وبصيرة، فلجأت إلى الله، ثم إلى سماحتكم لعله يستمع إلى سماحتكم، ويعود إلى صوابه؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلقد نصحت هذا الرجل، وأحسنت في نصيحته، ولقد أخطأ فيما قال لك، وأسأ فيما يتعلق بوالده والواجب عليه أن يبر والده، وأن يخاطبه بالتي هي أحسن، وأن يتذكر حق الوالد، وإن كان قد طلق أمه فالوالد له حق عظيم، والوالدة لها حق عظيم، كلاهما له حق، ولكن حق الوالدة أكبر، وأعظم، ولكن ذلك لا يمنع من أداء الواجب للوالد، فالواجب على صديقك أن يتقي الله، وأن يراقب الله وأن يبر أباه ويحسن إليه، وإن أساء أبوه إليه، لا يقابل الإساءة بالإساءة ولكن يقابل الإساءة بالإحسان، والكلام الطيب والأسلوب الحسن، والدعاء لوالده بالخير، والاستقامة، والهداية هذا هو الواجب عليه، وقد دلت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة على ذلك، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا (15) سورة الأحقاف، وفي آية أخرى: حُسْنًا (8) سورة العنكبوت، ويقول جل وعلا: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) سورة لقمان، ويقول جل وعلا: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (36) سورة النساء، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (23-24) سورة الإسراء، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)، ويقول عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور)، فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وقد قرنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشرك فوجب على هذا الرجل وعلى غيره أن يبر والده، وأن يتقي الله في ذلك، ولو أساء إليه والده، ولكن هو يدعو لوالده بالتوفيق والهداية، ويطلب من إخوانه الطيبين من أعمامه، أو غيرهم، أو ينصحوا والده حتى لا يقسوا عليه وحتى يرحمه، وحتى يعطف عليه، بالكلام الطيب، أو هو فالواجب عليه أن يبر والده، وألا ينسيه بره لوالدته بره لأبيه، فليتق الله وليعامل أباه بالحسنى، وقد قال الله عز وجل، في الولد مع أبويه الكافرين قال: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (15) سورة لقمان معروفاً، وهما كافران، فكيف بالمسلم، فعلى صديقك هذا أن يتقي الله، وأن يتوب إلى الله من عمله السيئ، وأن يبر والده، ويحسن إليه وأن يتلطف به، وأن يدعو الله له بالتوفيق والهداية، وأن يستعين على ذلك بخواص إخوانه الطيبين من أعمام، أو أخوال أو أصدقا حتى ينصحوا والده؛ ليرفق به ويعامله بما ينبغي من اللطف، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى، نسأل الله للجميع الهداية. 
 
2- ما حكم تربية الكلاب ؟
لا تجوز تربية الكلاب إلا لثلاث للصيد وحراسة الماشية، والحرث، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من اقتنى كلباً إلا كلب صيد، أو ماشية، أو زرع، فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان)؛ ولأن في تربية الكلاب وسيلة إلى نجاستها، و تقذيرها، وإيذاء للبيت بها، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب، فالواجب البعد عنها، والسلامة منها إلا من احتاج إلى هذه في الصيد، أو للحرث، أو للماشية، لحراسة الغنم، أما تربيتها لغير ذلك تقليداً للنصارى وأشباههم، فهذا لا يجوز. 
 
3-  في قريتنا وسائر القرى المجاورة عندما يصيبنا مرض نذهب إلى إمام القرية ونطلب منه حجاباً، فهل هذا صحيح؟
لا يجوز هذا، هذا عمل منكر، الحجب منكرة وهي التمائم، ويقال لها الحروز، ويقال لها الجوامع عند بعض الناس يسميها جوامع، وهي منكرة لا تجوز، وليس للإمام أن يعطيكم هذه الحجب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، وفي رواية أخرى: (من تعلق تميمة فقد أشرك)، فالتمائم لا تجوز، وهي الحجب، لا يعلقها في عضده، ولا في رقبته لا الرجل ولا المرأة ولا الطفل ولا الكبير، كل هذا منكر، حتى ولو كانت من القرآن، أو من الأدعية المباحة، لا يجوز؛ لأن الرسول عمم وأطلق، ولم يستثن شيئاً عليه الصلاة والسلام؛ ولسد الذريعة أيضاً. 
 
4-   فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ))[الحجر:28]؟
هذا هو آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله من طين من التراب، والصلصال هو الطين الذي يبس حتى صار له صلصلة، والحمأ المسنون هو الطين الذي صار له رائحة؛ لكونه مختلط مع الماء، فالحاصل أن الله خلقه من صلصال من حمأ مسنون، وهو التراب الذي مزج بالماء، حتى صار له صلصلة، وحتى أنتن فصار حمأً له رائحة. 
 
5-   حدثونا عن شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ أني سمعت عن هذا بعض الشيء، وأريد أن أستدرك كثيراً مما فاتني حول هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيراً.
النبي -صلى الله عليه وسلم- له شفاعات، منها شيء يختص به، ومنها شيء يشترك معه الناس فيه، فأما الشفاعة التي تختص به فهي الشفاعة العظمى في أهل الموقف يشفع لهم، يسجد بين يدي الله ربه ويحمده بمحامد عظيمة، ثم يأذن الله له في الشفاعة، فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهذه هي المقام المحمود الذي ذكره الله في قوله جل وعلا في سورة بني إسرائيل عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79) سورة الإسراء، وهذا المقام هو مقام الشفاعة، يحمده فيه الأولون والآخرون عليه الصلاة والسلام، فإنه يتوجه إليه الخلائق يوم القيامة، المؤمنون يتوجهون بعدما يتوجهون إلى آدم ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى وكلهم يعتذرون يأتون آدم يعتذر، ونوح يعتذر، وإبراهيم، وموسى، وعيسى كلهم يعتذرون، ثم يقول لهم عيسى اذهبوا إلى عبد قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يعني محمد عليه الصلاة والسلام، فيتوجهون إليه، فإذا طلبوا منه تقدم عليه الصلاة والسلام، إلى ربه وسجد بين يدي العرش، وحمده سبحانه بمحامد عظيمة يفتحها الله عليه، ثم يقال له: (يا محمد ارفع رأسك، وقل تسمع، واسأل تعط، واشفع تشفع)، فيشفع عند ذلك بعد إذن الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يقول جل وعلا: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ (255) سورة البقرة. فلا أحد يشفع عنده إلا بإذنه سبحانه وتعالى، وهناك شفاعة أخرى خاصة به عليه الصلاة والسلام، وهي الشفاعة في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، فإنهم لا يدخلون ولا تفتح لهم إلا بشفاعته عليه الصلاة والسلام، فهذه خاصة به أيضاً عليه الصلاة والسلام، وهناك شفاعة ثالثة خاصة به وبأبي طالب عمه، وهو أنه شفع له حتى صار في ضحضاح من نار، وهو مات على الكفر بالله وصار في رمضات من نار، فشفع له -صلى الله عليه وسلم- أن يكون في ضحضاح من النار؛ بسبب نصره إياه؛ لأنه نصره وحماه لما تعدى عليه قومه، فشفع له -صلى الله عليه وسلم- أن يكون في ضحضاح من النار، وهذه شفاعة خاصة في أبي طالب، مستثناة من قوله جل وعلا: فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) سورة المدثر، إلا في هذا الخصلة، مع أبي طالب خاصة، وأبو طالب مخلد في النار مع الكفرة، لكنه يوضع في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه نسأل الله العافية، وأهون الناس عذاباً أبو طالب، وأشباهه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أهون الناس عذاباً يوم القيامة من له نعلان من نار يغلي منهما دماغه)، نسأل الله العافية، وفي رواية: (من يوضع على قدميه جمرتان من نار يغلي منهما دماغه)، فهو يرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم عذاباً، وأبو طالب من هذا الصنف نسأل الله العافية. 
 
6-   في سورة التوبة لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم، وأنا أقول: أعوذ بالله من النار، ومن شر الكفار، ومن غضب الجبار، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فهل هذا صحيح؟
لا نعرف لهذا أصلاً، ولكن يتعوذ بالله من الشيطان، إذا بدأ فيها يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه، ثم يقرأ، الصحابة لما كتبوا المصحف لم يكتبوا بسم الله، أمامها، ذكر عثمان رضي الله عنه أنه شك في كونها مستقلة، أو مع الأنفال، فلهذا لم يكتب أمامها بسم الله الرحمن الرحيم، فالسنة للقراء إذا بداؤوا بها أن يبدؤوا بالتعوذ، أما الصيغة التي ذكرها السائل هذه لا نعلم لها أصلاً، بل يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويكفي. 
 
7-   عادتنا ونحن نصلي جماعة مع الإمام وبعد صلاة الجماعة، فإننا نذكر الله جميعاً، فهل هذا صحيح، وهل الذكر بجماعة أفضل، أم كل على حدة؟
ليس بصحيح، بل هذا بدعة، كل واحد يذكر الله في نفسه، أما أن يذكر ذكراً جماعياً بصوت واحد، فهذا من البدع، بل كل واحد إذا سلم يذكر الله بنفسه. 
 
8-  بينها سؤال عن قول الحق تبارك وتعالى: ((لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ))[الواقعة:79]، من هم المذكورون في هذه الآية؟
الصواب أن المراد بذلك المطهرون من الأحداث من الجنابة والحدث الأصغر، فلا يمس المصحف إلا المطهر الذي على طهارة من الحدث الأصغر، والأكبر جميعاً؛ ولهذا كتب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل اليمن ألا يمس القرآن إلا طاهر، وكان الصحابة رضي الله عنهم يفتون بألا يمسه إلا طاهر، يعني ما كان على طهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، والقرآن الكريم،؛ولهذا قال بعده: تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (43) سورة الحاقة، أما قراءته فلا بأس، أن يقرأ، وإن كان على غير طهارة صغرى، أما الكبرى فلا بد منها حتى ولو كان من غير المصحف، لا يقرؤه الجنب، أما من عليه حدث أصغر، فلا بأس أن يقرأه عن ظهر قلب ولا يشترط فيه الطهارة، لكن لا يمس المصحف إلا بالطهارة، واختلف العلماء في الحائض والنفساء هل هما كالجنب، أو لهما أن تقرءا عن ظهر قلب؛ لأن مدتهما تطول، والصواب أنهما ليستا كالجنب؛ لأن مدتهما تطول فلا تقاس مع الجنب، والصواب أن لهما القراءة عن ظهر قلب كالمحدث حدثاً أصغر. 
 
9- سمعت في إحدى حلقات هذا البرنامج سؤالاً يتعلق بكيفية قص الشارب وإعفاء اللحى، ولكن فاتني تمام الجواب، أرجو أن تعيدوا لي ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
السنة قص الشارب بحيث لا يحريه في كله بل يجتهد في قصه قصاً تاماً مثلما قال النبي: أحفوا الشوارب لكن لا يكون حلقاً، يكون له أساس بقية حتى يعرف أنه شارب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (جزوا الشوارب)، وقوله: (أحفوا الشوارب) يفسر بقوله جزوا، ليس معناه الحلق وإنما معناه المبالغة حتى لا يكون سبالات وحتى لا يكون يقع في شرابه إذا شرب، بل يكون خفيفاً جداً ما يتأذى به في شربه، ولا في كلامه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى)، (قصوا الشوارب ووفروا اللحى)، ولا يجوز ترك ذلك أكثر من أربعين ليلة، لما ثبت عن أنس رضي الله عنه في صحيح مسلم قال: وقت لنا في قص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق العانة ألا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة)، رواه أحمد وغيره، بلفظ: (وقت لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)، فهذا شيء من الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتضمن ألا يزيد على أربعين ليلة، بل يقص شاربه قبل ذلك وهكذا يقلم أظفاره، وينتف إبطه، ويحلق عانته قبل كمال الأربعين، يلاحظ هذا ويواظب عليه. 
 
10-  لدينا عادة في شهر رمضان المعظم عقب صلاة التراويح أننا ندعو دعاء جماعي يردده المصلون ويختمون به الصلاة، فما حكم هذا العمل؟
هذا بدعة، مثلما تقدم، هذا بدعة، لا الذكر ولا الدعاء، لا يكون جماعياً، كل واحد يدعو لنفسه المسلم بينه وبين ربه جل وعلا، لا يكون دعاء جماعياً ولا ذكراً جماعياً. 
 
11-  إنني في سن العشرين وقد ارتكبت كثيراً من المعاصي، هل يغفر لي ما فعلت إذا تبت إلى الله، ولم أعد لعملها مرة أخرى؟
نعم من تاب، تاب الله عليه، إذا تبت إلى الله توبة صادقة مشتملة على الندم على الماضي، والإقلاع من الذنب، والعزم ألا تعود فيه تاب الله عليك، وإن كان عندك حق لأحد تعطيه حقه، عندك مظلمة في مال، أو في ذنب تعطي صاحب الحق حقه، هذا من تمام التوبة؛ لأن الله يقول: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النــور، ويقول سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ -يعني لا تيـأسوا- إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) سورة الزمر، سبحانه وتعالى، أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين، متى تابوا غفر الله لهم سبحانه وتعالى، حتى الشرك الذي هو أعظم الذنوب من تاب، وأسلم تاب الله عليه، سبحانه وتعالى، فعليك بحسن الظن بالله، ولا تقنط واستقر على التوبة. 
 
12-   إننا نقيم في وسط مجموعة من النصارى، ونأكل من ذبائحهم، وقد سمعناهم إذا بدأو الذبح يقولون: بسم الأب، والابن، فهل يجوز أن نأكل من تلك الذبائح؟
ما دام سموا عليها باسم الابن ما يصلح؛ لأن هذا شرك، والعياذ تالله، ومعناه سموا عليه غير الله جل وعلا، فلا يؤكل منها، أما إذا لم تعلموا فلكم الأكل منها؛ لأن الله أباح ذبيحة أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، فإذا لم تعلموا كيف ذبحوها فلكم الأكل، أما إذا علمتم أنهم سموا عليها باسم عيسى باسم الابن وهو عيسى، أو سموا عليها باسم مريم، أو باسم أي صنم، أو أي معبود من دون الله تحرم، وهكذا لو ذبحوها على غير الوجه الشرعي تحرم. 
 
13-  كثيراً ما تفوتني صلاة الظهر والعصر بحكم العمل الذي نقضي فيه ما يقرب من ثمان ساعات، فبما تنصحونني، وهل يجوز لي القضاء؟
الواجب عليك المحافظة على جميع الصلوات، وأن تتقي الله عز وجل في ذلك، وأن تتوب إليه مما سلف، ومن تركها عامداً تاركاً لها قصداً يكفر بذلك، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، ولا يقضي، عليه التوبة وإن قضى فلا بأس، خروجاً من خلاف لمن قال لا يكفر إذا كان لم يجحد وجوبها، أما من جحد وجوب الصلاة كفر بإجماع المسلمين، لكن ما جحد وجوبها ولكن يتكاسل في بعض الأحيان هذا جملة من أهل العلم يقولون لا يكفر وعليه القضاء، ولكن الصواب أنه يكفر بذلك، وأن التوبة تكفي، فإذا قضى فلا بأس، نسأل الله السلامة. 
 
14-  إذا فاتني أداء صلاة العصر والمغرب؛ وذلك لسبب خارج عن إرادتي ودخل العشاء، فهل يجوز قضاؤها مع العشاء؟
تبدأ بصلاة المغرب، العصر ثم المغرب، ثم تصلي العشاء، وعليك أن تجتهد في البعد عن أسباب الترك، والحذر، فإن المؤمن لا يتساهل في هذا الأمر، والله سبحانه يقول: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى (238) سورة البقرة، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر، والشرك ترك الصلاة)، فالأمر عظيم، ولا يتخلف عنها إلا منافق، نسأل الله العافية، فالواجب عليك الحذر من مشابهة أهل النفاق، والواجب عليك المحافظة عليها في وقتها، فإذا نسيت منها شيئاً، أو نمت عنها، أو شغلت عن شيء فعليك بالترتيب تبدأ بالعصر، ثم المغرب ثم العشاء هكذا الترتيب. 
 
15-  هل الإنسان مخير أم مسير؟
هذا هو مخير مسير، هو مخير قال تعالى: لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (28-29) سورة التكوير، وقال تعالى: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (22) سورة يونس، فهو مسير من جهة أن قدر الله نافذ فيه، وأن الله قد سبق في علمه كل ما يفعله العباد، قد قدر الأمور وقضاها سبحانه وتعالى وكتبها عنده، ولكن أعطى العبد عقلاً، وسمعاً، وبصراً، واختياراً، وفعلاً، فهو يعمل ويكدح بمشيئته وإرادته، ولكنه بذلك لا يخرج عن مشيئة الله ولا عن قدر الله السابق، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار)، قالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسروا لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل أهل الشقاوة)، ثم تلا قوله سبحانه: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى*وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (5-10) سورة الليل، فعلى العبد أن يعمل ويكدح ويجتهد في طاعة الله، ويحذر معاصيه سبحانه وتعالى، وليس له أن يحتج بالقدر، قدر الله نافذ في عباده، ولكنه جعل للناس أسماعاً، وأبصاراً، وعقولاً، وأعطاهم قوى، وأمرهم بالأسباب. 
 
16-  هل تجوز فريضة الحج إذا أنشأت لها من خارج بلدي؟
نعم، لا بأس، إذا كنت مثلاً من أهل الرياض، وأنشأت السفر من المدينة، وأنت زرت المدينة وأنشأت السفر منها إلى مكة بالحج كفى ذلك، أو زرت جدة؛ للحاجة، ثم أدركت الحج، وأحرمت من جدة أجرأ الحج، أو مكة نفسها، زرتها للحاجة، أو لقريب، صديق، ثم جاء الحج تحرم مع الناس؛ للحج، ويكفيك ذلك ويجزؤك، وعيك العمرة إن كنت ما اعتمرت. 
 
17-  هل يشترط لها تسليمتان أم تسليمة واحدة تكفي؟
بل تسليمتان مثل بقية الصلوات، نعم تسليمتان، كان يسلم تسليمتين في النافلة والفريضة عليه الصلاة والسلام. إذن يصلي ركعتين ويسلم، ثم يأت بواحدة؟ نعم، هذا السنة، هذا الأفضل، وإذا سرد الثلاث فلا بأس. 
 
18-  يسأل عن قضاء صلاة الوتر في النهار وكيف يكون ذلك؟
إذا نام عن صلاة الوتر، أو نسيها، أو أصابه مرض شغله عنها يصلي من النهار ما تيسر، والأفضل أن يصلي بعددها لكن لا يوتر، بل يشفع، فإذا كان عادته خمس صلى ست ركعات يسلم من كل ثنتين، وإذا كان عادته في الليل سبعاً صلى بالنهار ثماناً يسلم من ثنتين وهكذا، تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا شغله نوم، أو مرض، أو وتر صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وكانت عادته -صلى الله عليه وسلم- يصلي إحدى عشرة في الليل، فإذا شغل عنها بنوم، أو مرض زاد عنها ويصلي ثنتي عشرة يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام. 

418 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply