حلقة 685: التوكيل برمي الجمرات للعاجز - إعادة صلاة الظهر بعد الجمعة - عقد القران النكاح بين عيد الفطر والأضحى - حكم المشي على المقبرة - حكم كشف المرأة وجهها أمام أقاربها من غير المحارم - حكم قضاء الصلاة الفائتة بعذر الحيض

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

35 / 50 محاضرة

حلقة 685: التوكيل برمي الجمرات للعاجز - إعادة صلاة الظهر بعد الجمعة - عقد القران النكاح بين عيد الفطر والأضحى - حكم المشي على المقبرة - حكم كشف المرأة وجهها أمام أقاربها من غير المحارم - حكم قضاء الصلاة الفائتة بعذر الحيض

1-   كتب الله لي العام الماضي الحج، وفي يوم العيد بعد رمي جمرة العقبة ذهبت للطواف بالبيت، وقد تم ذلك، وقصرت ثم لبست ثوبي، وبعد ذلك ذهبت إلى مكان محل تجاري لأصحابي، وقمت بالدكان بتنزيل بضاعة من أعلى الدكان، ووقعت وتورمت قدماي الاثنتان، وعجزت عن رمي الجمرات في اليوم الثاني والثالث، وقد وكلت من يرمي عني في هذين اليومين، فهل حجي صحيح واكتمل؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فحجك صحيح، والحمد لله وأنت معذور، لأنك بسبب ما أصابك من الحادث لا تستطيع رمي الجمار، فإذا وكلت في ذلك فلا حرج توكيلك شافي والحمد لله، وهكذا كل مريض وكل عاجز إذا وكل في رمي الجمار كفى والحمد لله.  
 
2-  عندنا عادة وهي بعد صلاة كل جمعة نقوم بعد الصلاة بصلاة الظهر، وذلك بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، فهل يجوز هذا أم أنه بدعة؟
صلاة الظهر بعد الجمعة بدعة، لا أصل لها، لم يفعلها الأمة، لا الصحابة ولا من بعدهم من سلف الأمة، بل هي بدعة ونوع وسوسة، كأنهم يقولون لا ندري أصحت الجمعة أم لا، وهذا وسواس لا وجه له، وشك لا وجه له، فالواجب على المؤمن حسن الظن بالله، وحسن الظن بما درج عليه المسلمون قبله، وعدم الشك الذي لا وجه له، ولا موجب له، وصلاة الجمعة كافية والحمد لله، والله ما فرض على العباد إلا خمس صلوات في اليوم والليلةٍ، فإذا صليت الظهر بعد الجمعة جعلتها ستاً، وهذا لا يجوز، فصلاة الظهر بعد الجمعة، بدعة لا تجوز أبداً.  
 
3- هل يجوز عقد القران (النكاح) بين عيد الفطر وعيد الأضحى، حيث أنه عندنا قول في تركيا أنه لا يجوز عقد النكاح بين العيدين؟
هذا قول باطل، لا أساس له، يجوز عقد النكاح في كل وقت، في شوال وذي القعدة وذي الحجة وفي محرم وصفر وبقية السنة، ولا يجوز هذا الظن السيئ، فالحاصل أن القول بأنه لا يعقد بين العيدين، أو في صفر، أو في يوم الأربعاء، أو في كذا كله باطل، الله وسع هذا والحمد لله، والموفق من وفقه الله، سواء عقد في شوال أو في صفر أو في غيرهما.  
 
4-   يوجد عندنا مقبرة عمرها حوالي مائتين سنة، وحتى الآن يدفن في هذه المقبرة من الجهة الثانية البعيدة، ولكن فيها شارع يمر من طرفها من وسط المقبرة أيضاً، فهل يجوز ذلك، وإذا كان لا يجوز فهل يمكن نقل العظام وبقايا القبور إلى مكان خارج المنطقة؟ نرجو توجيهنا، جزاكم الله خيراً.
الواجب منع الشارع وعدم نقل أهل القبور، القبور محترمة وقبور المسلمين محترمة، فلا يجوز أن تمتهن لا بالسيارات، ولا بالمشاة بل يجب احترامها، وأن يمنع الطريق بوضع سور يمنع الطريق حتى يُصرف إلى جهة أخرى غير المقبرة، أما إذا دعت الضرورة إلى ذلك ولا يمكن صرفه صارت الضرورة واضحة فإنه يستفتى العلماء في ذلك علماء الشرع في البلد، فإذا أفتوا بنقل الرفات إلى مكان آخر فلا بأس، ولا يجوز للدولة ولا للإمارة أن تقدم على غير بصيرة، بل لا بد أن تستفتي وتنظر لعله يوجد مساق للطريق غير المقبرة، فإذا ضاقت الدنيا ولم يوجد مسار، وتحققت الضرورة، واستفتي العلماء في ذلك، العالِم المعروف الشرعي المعروف بعلمه، وفضله ودينه، فلا بأس أن يفتح الطريق؛ للضرورة، وتنقل الرفات من محل الطريق إلى مواضع أخرى من المقبرة، ويجعل كل رفات قبر في حفرة على حدته، ويسوى ظاهر الحفرة كظاهر القبور، حتى لا تمتهن، للضرورة. وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على ذلك عند الضرورة.  
 
5-  هل يجوز كشف الوجه أمام ابن العم، والأقارب من غير المحارم، مثل زوج الأخت، وابن الخال، وأخو الزوج وغيرهم؟
ليس للمرأة الكشف لهؤلاء؛ لأن زوج الأخت، وأخ الزوج، وابن العم، وابن الخال، وأشباههم كلهم ليسوا محارم، كلهم في حكم الأجنبي، فليس لها أن تكشف لهؤلاء، ولكن تكلمهم، وتسلم عليهم من دون كشف ولا مصافحة، حياك الله يا فلان، السلام عليكم، وعليكم السلام، كيف حالك، كيف أهلك، كيف أولادك، وما أشبه ذلك، من دون أن تصافح، ومن دون أن تكشف؛ لأن أعظم زينة وجهها، هو أعظم الزينة، والله يقول -جل وعلا- في كتابه العظيم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (53) سورة الأحزاب. ويقول سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ(البعول الأزواج) أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ (31) سورة النــور. وليس أخو الزوج،ولا زوج الأخت من هؤلاء، وليس ابن العم، ليس ابن الخال من هؤلاء، وليس الصديق من هؤلاء، الواجب على المرأة أن تحذر ما حرم الله عليها، أن تبتعد عن أسباب الفتنة، وألا تطيع الزوج فيما حرم الله، ولو تساهل الزوج، عليها أن تسعى لخلاص ذمتها وبراءة دينها من الوقوع فيما حرم الله؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنما الطاعة في المعروف)، (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فلا مانع من السلام من دون مصافحة ومن دون كشف، كذلك لا تجوز الخلوة، لا تجلس مع أخي زوجها وحدهما، ولا مع زوج أختها وحدهما؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، فالواجب الحذر.   
 
6-   تأخرت قليلاً في صلاة العشاء فنـزلت علي الحيضة، هذه الحالة! متى أقضي صلاة العشاء، هل بعدما أطهر مباشرة من الحيضة حتى ولو كان العصر، أم انتظر قضاءها إلى أن يأتي وقت العشاء؟، والحقيقة أني قد قضيتها بعد طهري مباشرة في العصر، فهل هذا صحيح؟
أولاً: ليس عليك قضاء، لايجب عليك القضاء، إذا كنت لم تفرطي، جاء الحيض في أول الوقت، أو في أثناء الوقت، لم تفرطي، فلا قضاء عليك، لكن إذا قضيت فلا حرج، والمقضية ليس لها وقت نهي، إذا قضيتها من حين تطهرين في عصر، أو في أي وقت، فلا حرج في ذلك، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من نام عن الصلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)، فالمقضية ليس لها وقت نهي، ولكن المرأة إذا حاضت، أو نفست في وقت الصلاة، ولم تفرط فلا قضاء عليها، أما لو فرطت بأن أخرتها إلى آخر وقتها، ثم جاءها الحيض، فإنها تقضيها؛ لأنها فرطت في عدم فعلها في وقتها.  
 
7-   علي قضاء من رمضان ذات يوم نويت الصيام إلا أنني لم أتمه؛ لأنني أحسست بجوع فأفطرت على أن أصومه في اليوم التالي، ولكن زميلاتي لُمنني كثيراً، ووصفوا ما فعلته بالحرام، والحقيقة أنني لم أكن أعلم ذلك خاصةً أنه ليس في رمضان، وظننت أن الأمر فيه سعة، فماذا علي؟
نعم، الذي قال لك أخواتك هو الصواب، لا يجوز لك الإفطار؛ للإحساس بالجوع، بل عليك الصبر حتى تغيب الشمس؛ لأن قضاء رمضان فرض، لا يجوز التساهل فيه، وإذا جاع الإنسان وهو صائم في الفرض، أو ضمأ يتصبر، ويتحمل حتى يكمل، إلا إذا خشي الموت، أو مرض شديد، يعلم أنه يترتب على هذا الشيء هذا عذر لك في إفطاره، ثم إمساك يأخذ ما يزيل الخطر، ثم يمسك إلى الغروب، أما مجرد الجوع، أو مجرد الضمأ الذي ليس معه خطر، فهذا لا يسوغ الإفطار في الفريضة، لا في رمضان ولا في قضاء رمضان، ولا في النذور، الصيام المنذور، ولا في الكفارات، بل يجب الإمساك والصبر حتى تغيب الشمس، وعليك التوبة إلى الله والاستغفار وقضاء اليوم.  
 
8-   لدي مبلغ مدخر وقدره عشرة آلاف ريال، وتمام الحول يكون شوال أي بعد رمضان، ولكن لدي الرغبة في أن أخرج زكاته في رمضان، فهل يجوز ذلك، وكم أخرج زكاة العشرة الآلاف، وهل أخرج قيمة الزكاة من راتبي، أم من نفس المبلغ؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله عني وعن المسلمين خيراً.
تعجيل الزكاة لا بأس به، تعجيل الزكاة للمصلحة لا بأس، فإذا كان الحول يتم في شوال وأحب المسلم أن يخرج الزكاة في رمضان، فلا حرج في ذلك، يعني فضل رمضان، أو صادف فقراء حاجتهم شديدة قبل تمام الحول، فعجل لهم الزكاة، أو عجلها للمجاهدين كل هذا طيب وما أشبه ولا بأس بذلك، والواجب على العشرة الآلاف ربع العشر مثل غيرها الواجب ربع العشر، ففي العشرة الواجب مائتان وخمسون؛ لأن عشرها ألف وربع الألف مائتان وخمسون، هذه زكاة العشرة آلاف، ففي الألف الواحد خمسة وعشرون وفي المائة اثنان ونصف، فالزكاة ربع العشر، ولا يجب إخراجها من نفس المال فإذا أخرجت الزكاة من راتبك أو من مال آخر فلا حرج، ليس إخراج الزكاة من نفس المال المحفوظ في بنك أو غيره لازم، لا، إذا أخرج الزكاة من مال آخر أو من راتبه فلا حرج في ذلك.  
 
9-   والدتي في الأربعين من عمرها وقد نبت الشيب في مفرق شعر رأسها، وهي تريد أن تضع فيه صبغة لونها أسود، وقد منعتها من ذلك مستندة في منعي لها لحديث رواه جابر -رضي الله عنه- حيث قال: أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا واجتنبوا السواد، لكن وللأسف لم تستمع ووضعت الصبغة، فما حكم الإسلام في ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
قد أحسنت في نصيحتها، قد أحسنت، بارك الله فيك في نصيحتها؛ للحديث المذكور، وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اجتنبوا السواد)، وفي اللفظ الآخر: (وجنبوه السواد)، وجاء في ذلك أحاديث أخرى كلها تدل على النهي عن السبغ بالسواد، فالواجب أن تنصحي الوالدة كثيراً، حتى لا تسبغ بالسواد، تصبغ بالحناء، أو بالحناء والكثب، بين السواد والحمرة، وأما الصبغ بالسواد الخالص فلا يجوز لها، ولا لغيرها، فالواجب على كل مسلم أن يمتثل أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وألا يصبغ بالسواد، لا لحية، ولا رأس؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (غيروا هذا الشيب، واجتنبوا السواد)، وفي اللفظ الآخر: (وجنبوه السواد)، فالواجب على الرجال والنساء عدم الصبغ بالسواد، فالرجل لا يسبغ لحيته بالسواد، ولا سيما طلبة العلم، وأهل العلم، فإنهم قدوة، فالواجب عليهم ألا يصبغوا بالسواد حتى لا يتأسى بهم غيرهم، وهكذا غيرهم من الرجال والنساء الواجب عدم الصبغ بالسواد، للحديث المذكور، وما جاء في معناه من الأحاديث الصحيحة.  
10-  فيما يتعلق بالدورة الشهرية، فإنه بعد انتهاء مدتها ألاحظ نزول سائل، فهل بنزوله تبطل صلاتي، أم أن صلاتي صحيحة؟
السائل إذا كان ليس بالدم الماء المعروف، لا يؤثر، متى رأيت الطهارة وجب الغسل، والصلاة صحيحة، وما خرج من السائل حكمه حكم البول، تستنجين منه وتوضئي وضوء الصلاة وتصلين، ما دمت رأيت الطهارة واغتسلتي تصلين والحمد لله، والسائل الذي يقع للنساء من المياه التي قد تقع للنساء هذه حكمها حكم الأبوال، ما أصاب الثياب يغسل، وما أصاب البدن يغسل، وهي تنقض الوضوء.  
 
11-   ما حكم الإسلام في الأمور الآتية: احتفال بعض الناس بأعياد ميلادهم، أي: اليوم الذي يولد المرء فيه، وتكرارهم للاحتفال كلما مر على هذا اليوم عام؟
الاحتفالات بالموالد بدعة لا أصل لها، وتشبه باليهود والنصارى، فلا يجوز ذلك، لا بميلاد الأنبياء كنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا بغيرهم، ولا يجوز للإنسان أن يحتفل بمولده، ولا مولد أبيه، ولا مولده كل هذا من البدع المنكرة، إذا تعبَّد بها فهي بدعة، وإذا فعلها استحساناً فقد شابه المشركين من اليهود والنصارى في ذلك، فهي ممنوعة للتعبد وممنوعة للتشبه، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقال -عليه الصلاة والسلام- : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني فهو مردود، وليس هذا من عمله صلى الله عليه وسلم- وليس في دينه، وهو أنصح الناس -عليه الصلاة والسلام- وأكملهم بلاغاً، فلم يقل للناس احتفلوا بمولدي، ولم يفعله هو -صلى الله عليه وسلم- ولم يفعله الخلفاء الراشدون، ولا بقية الصحابة ولا السلف في القرن الأول والثاني والثالث فهو بدعة منكرة ومن أسباب الشرك فإن بعض الناس إذا احتفل بمولد يدعو النبي -صلى الله عليه وسلم- ويدعو المحتفل به ويسغيث به ويطلبه المدد وهذا شرك أكبر نسأل الله العافية، وربما ظن بعضهم أن النبي يحضر، فيقومون له ويقولون حضر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا أيضاً من الجهل العظيم، والباطل الواضح، فالاحتفال بالموالد إن كان على سبيل التعبد فهو بدعة منكر، وإن كان على سبيل التشبه بأعداء الله اليهود، والنصارى فهو أيضاً منكر، فهو بين أمرين: بين بدعة، وتشبه بأعداء الله، فلا يجوز مطلقاً، لا بمولدك، ولا بمولد أبيك، ولا أخيك، ولا بمولد الأنبياء، ولا بمولد الصالحين، بل هذا كله من البدع التي أحدثها الناس، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.  
 
12-  هناك كلمات يرددها بعض الناس بعد الصلاة مثل: (حرماً، تقبل الله) فهل هذه جائزة؟ جزاكم الله خيراً.
هناك كلمات يرددها بعض الناس بعد الصلاة مثل: (حرماً، تقبل الله) فهل هذه جائزة؟ جزاكم الله خيراً.
 
13-  مصافحة المصلين بعضهم بعضاً بعد الصلاة هل هي جائزة؟
إذا كان المصافح أولا، استحب له أن يصافحه، إذا فرغ من الأذكار الشرعية صافح أخاه أما إذا كان تصافح عند اللقاء في الصف قبل الصلاة، فيكفي، والحمد لله؛ لأن المصافحة سنة عند اللقاء، والسلام سنة عند اللقاء، فإن صافحه عندما لقيه في الصف، أو بعد صلاة النافلة قبل الصلاة كفى ذلك، وإن صافحه بعد الفريضة بعدما يفرغ من الأذكار، هذا كله لا بأس به، من باب الإيناس، وأداء السنة، والتآلف، لكن لا يبادر من حين يسلم، كما يفعل بعض الناس، لا، بعد الأذكار، بعدما يفرغ من الأذكار الشرعية يسلم على أخيه على يمنيه، وشماله كيف حالك؟ من باب التآلف، والتعاون لقوله -صلى الله عليه وسلم-، لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصافح الصحابة، ولما جاء عنه -صلى الله عليه وسلم-: (إن المسلمَين إذا تلاقيا وتصافحا، غفر لهما ما تقدم من ذنوبهما)، فالسنة أن اللقاء أي المصافحة، وثبت عن أنس -رضي الله عنه- قال: (كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا)، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا دخلت عليه بنته فاطمة، قام إليها وصافحها وقبلها وأجلسها مكانه، وإذا دخل عليها هي قامت إليه وصافحته وقبلته وأجلسته مكانها، فالمقصود أن إفشاء السلام والمصافحة عند اللقاء والبشاشة في وجه أخيك كل هذه من أسباب الألفة والمحبة، لكن لا تجعل هذا من حين تسلم بل بعد الفراغ من السلام والذكر الشرعي، تسلِّم و تصافح إذا كنت ما صافحتهم قبل ذلك.  
 
14- إنني أقوم صباحاً في بعض الأيام متأخر، ولم يبق على طلوع الشمس سوى ست أو سبع دقائق، وأتوضأ، فهل أبدأ بصلاة الفرض أم بسنة الصبح؛ لأنني أخشى إن صليت السنة أن تطلع الشمس ويخرج وقت صلاة الفرض؟
الواجب عليك أن تركب الساعة على وقت الفجر قبله بقليل، حتى تقوم قبل الأذان وتتهيأ للصلاة، وتصلي مع المسلمين في الجماعة، ولا يجوز لك التأخير حتى يفوت وقت الجماعة، أو يفوت الوقت، هذا حرام ومنكر، وتشبه بأعداء الله المنافقين، بل الواجب على كل مسلم أن يعتني بالصلاة في الجماعة، في الفجر وفي غيرها، ويستعين بالله، ثم بالساعة، الساعة نافعة، إذا كان ما عنده من يوقظه، أو يخشى أن يغفل، فيشتري الساعة ويجعلها عند رأسه ويؤكدها على قرب الأذان، حتى يستيقظ مع الأذان، فيتمكن من الوضوء، والغسل إن كان عنده زوجة، والحضور مع المسلمين في المساجد حتى يصلي مع الجماعة، هذا هو الواجب على المسلم، ولا يجوز له التأخر عن هذا والتساهل بهذا، والتساهل بهذا من مشابهة المنافقين، الذين قال الله فيهم سبحانه: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى (142) سورة النساء ، ثم يتوجه إلى المسجد فيصلي مع الناس، وإذا كان فاتته الصلاة يبدأ بالسنة الراتبة يصلي ركعتين خفيفتين السنة الراتبة ثم يصلي الفريضة، كان النبي يصليهما ولو فات الوقت، ربما نام عن الصلاة في بعض أسفاره -صلى الله عليه وسلم-، فلم يستيقظ إلا بِحَرِ الشمس، فإذا قام أمر بالأذان وصلى السنة الراتبة، وصلى الفجر -عليه الصلاة والسلام-، فالمؤمن إذا غلبه النوم، ولم يقم إلا متأخراً، فإنه يصلي سنة الفجر، ثم يصلي الفريضة، ولو طلع الفجر، ولو طلعت الشمس، ولو بعد طلوع الشمس، السنة أن يقدمها قبل الصلاة، ولو عند طلوع الشمس، لكن لا يجوز له أبداً أن يتأخر في القيام إلى الصلاة إلى أن تفوته صلاة الجماعة، بل يجب وجوباً ويتعين عليه أن يفعل الأسباب التي تجعله يستيقظ حتى يحضر الصلاة مع المسلمين في أوقاتها في الفجر وفي غيرها، رزق الله الجميع الهداية.  
 
15-   إنني أشتغل في ورشة وأسمع الأذان وأنا في الورشة، وكنت في بعض الأيام أصلي في المسجد، ولكن خطب الخطيب في يوم الجمعة وقال: لا يصح للعامل أن يأتي من عمله ليصلي في المسجد لأنه يؤذي المصلين بالملابس المزيتة، وأصلي أنا وأخي -زميل لي- في الورشة جماعة، هل صلاتنا صحيحة في العمل القريب من المسجد؟
هذا الذي قاله الخطيب غلط وجهل، بل يجب على العمال أن يحضروا في الصلاة ويعتنوا بالصلاة مع الجماعة، ولا يغتروا بخطبة الجاهلين بل يجب على العمال أن يصلوا مع الناس ويحضروا مع الناس وإن كان في ثيابهم زيت أو غيره، لكن عليهم أن يحرصوا على النظافة وألا يكون عندهم روائح كريهة كالدخان، و ـــ يحرصون على أن يتوضئوا وأن يتنظفوا مما يؤذي إخوانهم المصلين، ولا يجوز لهم التساهل في هذا الأمر، فإذا حضرت الصلاة ترك الشغل، وبادر إلى الصلاة، وتعاطى الأسباب التي تعينه على حضورها مع الجماعة، وعدم إيذائهم لا بدخانه، ولا بغيره من الأذى.   
 
16- حصل حادث على رجل، وعلى إثر ذلك انتقل الرجل إلى رحمة الله، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وقد حصل الحادث على الرجل من خلف سيارته التي يقودها، وبمناسبة أن الرجل المتوفى له أولاد وأعتقد أنهم قُصَّر، وقد حصلت محاورة بين أقربائه البعض منهم يرغب التنازل عن الرجل الذي صدم الرجل المتوفى من الخلف، والبعض منهم يرغبون دية يضعونها ويصرفون منها على الأولاد، والبعض منهم يقولون نبني له مسجداً ونحفر له بئراً بأرض فلاة ويكون الأجر له والبعض يقولون نأخذ الدية ونتصدق بها إذا حكم بها شرعاً، ويكون الأجر للمتوفى، وجهونا حول أحسن الطرق، هل هو العفو أو ما ذكرنا؟
إذا كان المتوفى له أولاد صغار، أو أولاد مجانين، أو غير مرشدين، لم يجز العفو، بل يجب على وليهم أن يأخذ الدية، ويحفظها لهم ويصرفها في مصالحهم،ولا يجوز العفو لوليهم عن الدية، أما إذا كان الورثة مرشدين ليس فيهم قاصر، وأحبوا أن يسمحوا، فلا حرج عليهم، أو أحبوا أن يضعوها في تعمير مسجد، أو في حفر بئر بفلاة مع المسلمين، أو في صدقة على الفقراء، أو مساعدة المجاهدين كل هذا لا بأس به، هم أحرار؛ لأنهم مرشدون يتصرفون كيف شاءوا، والأولى أن يأخذوها، لا يسمحوا بها للصادم، حتى لا يتساهل الناس في الصدم والتعدي على الناس، الذي ينبغي أن يأخذوا الدية، ثم يتصرفوا فيما يرون إذا كانوا مرشدين، إما توزعوها بينهم، ويتصرفوا بها، وإما صرفوها في جهة بر كتعمير مسجد، أو صدقة على الفقراء، أو صرفها للمجاهدين في سبيل الله، أو نحو ذلك، أما إذا كانوا غير مرشدين، أو فيهم من هو ليس مرشد، فلا يجوز لولي القاصر أن يسمح في شيء منها، سواء كان القاصر صغيراً، أو معتوهاً، أو مجنوناً، أو سفيهاً، ليس لوليه أن يسمح، بل يجب أن يأخذ حقه من الدية ويحفظها للقاصر، حتى ينفق عليه منه، أو يصرفها في مصالحه كتعمير عقاره، وغير ذلك.

308 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply