حلقة 689: اشتغال المصلي بغير الصلاة - حكم قراءة سورة يس إحدى وأربعين مرة - ما صحة حديث نهى عن أكل الطافي - الفرق بين النبي والرسول - متابعة المأموم لأمامه إذا لم يجلس للتشهد الأوسط - مصافحة النساء الأجنبيات

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 689: اشتغال المصلي بغير الصلاة - حكم قراءة سورة يس إحدى وأربعين مرة - ما صحة حديث نهى عن أكل الطافي - الفرق بين النبي والرسول - متابعة المأموم لأمامه إذا لم يجلس للتشهد الأوسط - مصافحة النساء الأجنبيات

1-   كنت في يوم واقف في مكتب أصلي الظهر، وكان أمامي في الجدار أوراق ملصقة وبها كتابة؛ فنظرت إليها سهواً وقرأت بعض كلمات منها، فهل صلاتي مقبولة؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالصلاة صحيحة، ولكن لا ينبغي للمصلي أن يشتغل عن الصلاة بالقراءة في الجدار أو في الأرض بل يقبل على صلاته، ويجمع قلبه عليها ويخشع فيها لربه عز وجل، كما قال الله سبحانه: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، فالسنة للمصلي من رجل أو امرأة السنة له أن يقبل على صلاته، وألا ينظر في الجدران ولا غير الجدران بل يطرح بصره إلى موضع سجوده، ويشتغل بصلاته ويعلم أنه يناجي ربه، وأنه واقف بين يديه سبحانه وتعالى، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إذا قام أحدكم للصلاة فإنه يناجي ربه)، فعلى المؤمن أن يتقي الله في هذا ويحرص على أن تكون صلاته في غاية من الإتقان وأن يقبل عليها ويخشع بها لربه عز وجل، ولا يشغل عنها بتفكير أو مطالعة كتابة في جدار أو أرض أو غير ذلك، ثم كونك تصلي في المكتب وحدك هذا منكر، يجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المساجد، ولا يجوز للرجل أن يصلي في مكتبه ولا أهل المكتب أن يصلوا في مكتبهم بل يجب على أهل المكاتب أن يصلوا مع الناس في مساجد الله، كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه هم أن يحرق على من ترك الصلاة في المسجد بيته، قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)، ما قال: لا يصلون، قال: لا يشهدون، لا يشهدونها مع المسلمين في المساجد، وفي رواية: لولا ما في البيوت من النساء والذرية، لحرقتها عليهم، فالواجب على كل مسلم الحذر من التخلف عن الصلاة في المساجد، والحذر من مشابهة أهل النفاق في جميع الصلوات، ولا سيما في الفجر فإن كثيراً من الناس قد شابه المنافقين في ذلك، فيجب الحذر وأن تكون الصلوات الخمس كلها في المساجد، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء جميعاً، يجب على الرجل أن يصلي في المساجد مع إخوانه ولا يجوز له أن يتخلف عنها في بيته ولا في مكتبه، فالصلاة في البيت للنساء والمرضى أما من عافاه الله الذي قد عافاه فيلزمه أن يصلي مع إخوانه في المساجد، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سأله رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني أي يقودني إلى المسجد فهل من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: (هل تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم، قال: فأجب)، وفي لفظ: (لا أجد لك رخصة)، هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي: (أجب، ليس لك رخصة)، فكيف بحال من عافاه الله من العمى، كيف بحال القوي، الواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يحذر عقوبة الله وأن يبادر إلى الصلاة في مساجد الله مع إخوانه، ويحضى بالأجر العظيم في ذلك، والسمعة الحسنة والاجتماع مع إخوانه والتعارف والتآلف نسأل الله للجميع الهداية.  
 
2-   لقد سمعت من بعض الإخوة أن من قرأ سورة يس إحدى وأربعين مرة بإخلاص وبدون انقطاع يستجاب له دعاؤه؟ أرجو الإفادة عن هذا القول، جزاكم الله خيراً.
هذا لا أصل له، والحديث لا أصل له في هذا، ولكن من أسباب الإجابة الإقبال على ربك بخشوع حال الدعاء، وأنت على طهارة تقبل على الله ترفع يديك وتلح بالدعاء، وتبدأ الدعاء بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم تكرر الدعاء وتلح تسأل الله بأسمائه وصفاته وأبشر بالخير أنت حري بالإجابة، وهكذا إذا كان الدعاء في السجود، أنت حري بالإجابة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء)، وفي حديث آخر: (فاجتهدوا في الدعاء)، وهكذا في جوف الليل وفي آخر الليل كل هذه محل إجابة، فاجتهد في هذه الأوقات، وكن من المصلين في جوف الليل وفي آخر الليل، واجتهد في الدعاء واصدق في الدعاء واخشع في الدعاء وأبشر بالخير، هكذا بين الأذان والإقامة من أسباب الإجابة، الدعاء بين الأذان و الإقامة أما البدع فلا تأت بخير، البدع كلها شر، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (كل بدعة ضلالة).  
 
3-   عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل الطافي، ما صحة هذا الحديث، وقد جاء حديث آخر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)؟
حديث جابر هذا لا نعرف له أصلاً، وليس معناه صحيحاً، بل ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر الصحابة أن يأكلوا الطافي، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الصحابة استأذنوه وجدوا حوتاً عظيماً يقال له العنبر، قد طفى على البحر، ميتاً، فأكلوا منه وتزودوا بالمدينة، فسألوه فقال: (أحسنتم)، وطلب منهم بعض ما عندهم فأكل عليه الصلاة والسلام ليعلموا حل ذلك، ويقول - صلى الله عليه وسلم - في البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)، فالطافي حلال، وغير الطافي كذلك، والطافي هو الذي يكون على وجه البحر، قد مات. 
 
4- ما هو الفرق بين النبي والرسول ؟
المشهور عند العلماء أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع، ولكن لا يؤمر بتبليغ الناس، يوحى إليه يفعل كذا ويفعل كذا، يصلي كذا ويصوم كذا، لكن لا يؤمر بالتبليغ فهذا يقال له نبي، أما إذا أمر بالتبليغ يبلغ الناس وينذر الناس صار نبياً رسولاً، كنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى وعيسى ونوح وهود وصالح وغيرهم، وقال قوم آخرون من أهل العلم: إن النبي هو الذي يبعث بشريعة تابعة لغيره، تابعة لنبي قبله، يقال له نبي، أما إذا كان مستقلاً فإنه يكون نبياً رسولاً، فالذين بعثوا بعد موسى بشريعة التوراة يسمون أنبياء، لأنهم تابعون للتوراة والصواب الأول، الصواب الأول أن الرسول هو الذي يبعث ويؤمر بالتبليغ وإن كان تابعاً للذي قبله، كما جرى من داود وسليمان وغيرهم من الأنبياء بعد موسى، فإنهم دعو إلى ما دعا إليه موسى وهم أنبياء ورسل عليهم الصلاة والسلام، فالرسول هو الذي يؤمر بالتبليغ مطلقاً وإن كان تابعاً لنبي قبله، كمن كان على شريعة التوراة، والنبي هو الذي لا يؤمر بالتبليغ، يوحى إليه بصيام أو بصلاة أو نحو ذلك، لكنه لا يؤمر بالتبليغ لا يقال له بلغ الناس. 
 
5-   في صلاة العصر نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأوسط، فذكره المأمومون، غير أنه أصر على القيام إلى الركعة الثالثة دون قراءة التشهد، فتبعه الناس عدا رجلين جلسا وقرأا التشهد، وبقيا جالسين حتى سجد الإمام سجدتي الركعة الثالثة وقام للرابعة فقاما معه، وعليه فأصبحت للإمام ومن تبعه الرابعة غير أنها بدون تشهد أوسط وللرجلين الثالثة، وبعد التشهد الأخير سجد الإمام سجدتي السهو وسلم، وسجد جميع الناس للسهو مع الإمام بما فيهم الاثنان، غير أنهما لم يسلما معه ولكن قاما فأتيا بالرابعة، فقال من تبع الإمام كان عليكما يا الرجلان أن تتبعا الإمام وتقتديا به، وقال الرجلان: بل نتبعه إذا كنا على يقين بأننا مخطئين والإمام مصيب، أو إن كنا في شك، ولكن إن كنا على يقين بأننا المصيبون وهو المخطئ فلا يجب أن نتبعه؛ لأنه يجب البناء على اليقين، ونحن علي يقين بأنه المخطئ، فلا يجب أن نتبعه؛ لأنه يجب البناء على اليقين ونحن على يقين بأنه مخطئ، والإمام نفسه كان على شك من نفسه، أو قد أيقن أنه مخطئ، بدليل أنه سجد للسهو، فأي الفريقين مصيب؟ جزاكم الله خيراً.
الذين قاموا مع الإمام هم المصيبون، والشخصان اللذين بقيا هما المخطئان، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم –أنه قام عن التشهد الأول، فقام الناس معه ولم يجلسوا فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، ثم سلم عليه الصلاة والسلام، وهاتان السجدتان بدلاً من ترك التشهد الأول والتشهد الأول واجب عند بعض أهل العلم وسنة مؤكدة عند آخرين، فتركها ينجبر بسجدتي السهو، والصواب أنه واجب لكن ليس من جنس الأركان، فإذا قام الإمام ولم يجلس فإن المأمومين يقومون معه، ينبهونه قبل أن يستقيم، فإن نبهوه قبل أن يستقيم وجب أن يرجع، فإن لم يرجع قاموا معه، لأنه قد يكون جهل الحكم الشرعي، قد يكون ما سمعهم، فالواجب على كل حال أن يقوموا معه، ويكملوا معه ويسجدون للسهو معه ولا يجلس أحد منهم هذا هو الواجب كما فعل الصحابة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل لهم من كان كذا فليفعل كذا، بل أقرهم والشخصان اللذين جلسا قد أخطأا أما في غير هذه المسألة لو قام إلى ثالثة في الفجر وهناك من يعلم أنه خطأ لا يقوم معه لأنها زيادة في الصلاة، أو قام إلى خامسة في الظهر لا يقومون معه، الذي يعلم أنها زائدة لا يقوم معه، ينتظر حتى يسلم ويسلم معه، مع التنبيه وهكذا لو جلس عن نقص، جلس في الثالثة في الظهر أو العصر أو العشاء ينبهونه فإن تنبه وإلا قاموا وكملوا صلاتهم هذا هو المحل هو محل المخالفة لمن تيقن خطأ الإمام، أما من لم يتقين خطأ الإمام بل شك أو يعلم صواب الإمام فإنه يتابعه، أو يعلم خطأ الإمام لكن جهل الحكم الشرعي فإنه يتابعه ولا شيء، فمن تابعه في الخطأ جاهلاً أو شاكاً فلا شيء عليه، أما من تابعه وهو يعلم الحكم الشرعي ويعلم أنه مخطئ فهذا ما تصح صلاته إن تابعه بالزيادة أو بالنقص والله المستعان.   
 
6-  ما هو قولكم حفظكم الله في مصافحة النساء، هل هي حرام أو مكروهة؟
الصواب أنها حرام، وهي أشد من النظر، فإن لمسه ليدها قد تسبب فتنة أكثر من مجرد النظر، كما صرح بهذا بعض أهل العلم، وقد قال- صلى الله عليه وسلم -: (إني لا أصافح النساء)، وهو معروف منـزلته من الدين عليه الصلاة والسلام وهو أتقى الناس وأكرم الناس وأفضل الناس وأكملهم إيماناً، ومع هذا قال: (لا أصافح النساء)، وقالت عائشة رضي الله عنها: "والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعن إلا بالكلام"، فلا يجوز للرجل أن يصافح الأجنبية سواء كانت بنت عمه أو زوجة أخيه أو أجنبية أخرى، ليس له أن يصافح إلا محرماً كخالته وعمته وابنته لا بأس، المحارم يصافحهن أما الأجنبية ولو كانت زوجة أخيه أو أخت زوجته أو عمتها أو خالتها لا، لا يصافحها، أما أمها لا بأس، أمها وجدتها محرم، بنتها محرم إذا كان دخل بأمها، بنتها محرم بنت بنتها بنت ولدها محرم، إذا كان قد دخل بالأم فأمها وجدتها وجداتها محارم، لا بأس أن يصافحهن أما أختها وعماتها وخالاتها لسن محارم، ليس له أن يصافحهن، وليس له أن يخلو بهن وليس لها أن تكشف له، بل يجب الحذر.  
 
7-   ما هو قولكم في صلاة الجمعة خارج القرية أو المدينة، علماً بأن الذين صلوا الجمعة خارج القرية أو المدينة كانوا قد خرجوا للنـزهة، أو ذهبوا إلى رحلة كما يقال، وقد جاءوا بأدلة تثبت صلاة الجمعة خارج القرية، ونحن نعلم أن لصلاة الجمعة شروط -كما يقول-؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
الواجب أن تصلى الجمعة مع المسلمين في المدن و القرى، أما صلاتها خارج البلد في أسفار النـزهة فلا، يصلوا ظهراً، عليهم أن يصلوا ظهراً لا جمعة، وإنما تصلى الجمعة في المدن والقرى خاصة هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ولم يأمر البوادي التي حول المدينة ولا المسافرين أن يصلوا جمعة، وقد وافقت حجته - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة في يوم عرفة فما صلاها جمعة صلى ظهراً عليه الصلاة والسلام.  
 
8-  هل تجوز الصلاة أو الصيام عن الأموات، وهل يصل الأجر للمتوفى كأجر الحي أم يثاب فقط؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
أما الصلاة فلا يصلى عن الأموات، ولم يفعل هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه، فالصلاة لا يصلى عن الأموات مطلقاً أما الصيام فلا بأس أن يصام عنه إذا كان عليهم دين، إذا مات الميت وعليه صوم نذر أو صوم كفارة أو صوم كفارة أو صوم من رمضان، لم يصمه وقد عافاه الله وصح من مرضه ولكن تساهل هذا يقضى عنه، لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: (من مات وعليه صوم صام عنه وليه)، متفق علي صحته، وفي المسند بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة قالت يا رسول: إن أمي وعليها صوم رمضان، أفصوم عنها؟ قال: (صومي عن أمك)، واستفتاه جمع غفير من الناس عن الصيام عن أمهاتهم وعن آبائهم فأفتاهم بأن يصوموا أما صوم التطوع فلا، لا يصام عنه التطوع، إنما يصام عنه إذا كان عليه صوم دين، صوم فرض واجب، فإذا صام عنه ولده أو أخته أو عمته أو أخوه كله طيب، لقوله- صلى الله عليه وسلم -: (من مات وعليه صيام صام عن وليه)، يعني قريبه، يشمل الأب والابن والأخ والعم ونحو ذلك، أما الصلاة فلا، لا يصلى عن أحد.  
 
9- يتبادر إلى أذهان كثر من الناس أن الميت إذا مات ولم يدفن في القبر فإنه ينجو من عذاب القبر، فبماذا تنصحون من يفكر مثل هذا التفكير؟ جزاكم الله خيراً.
الميت يسأل سواء كان في قبره أو في أي مكان سواء كان في قبره أو في الصحراء أو في البحار أو في بطون السباع، هو مسؤول والمسؤولية للروح والروح سالمة، فهو يسأل ويعذب، إن كان شقياً، أو ينعم إن كان تقياً، تنعم روحه في الجنة، أو تعذب في النار، وللجسد نصيبه، الجسد الذي بقي منه عظام أو جلد ما بقي من الجسد له نصيبه من النعيم والعذاب، على الكيفية التي يعلمها الله سبحانه وتعالى، ولكن المعوَّل على الروح في البرزخ ويوم القيامة يجتمع العذاب على البدن والروح وهكذا النعيم، أما في الجنة كأهل الإيمان والتقوى، وإما في النار كأهل الكفر بالله، فالحاصل أن النعيم والعذاب للروح والجسد جميعاً، لكن في البرزخ معظمه على الروح والجسد يناله نصيبه وإن كان في البحار وإن كان في بطون السباع، وإن كان في أي مكان، فالروح لها نصيبها من النعيم والعذاب مطلقاً، ولكن في البرزخ الروح لها الحظ الأوفر من النعيم والعذاب، ويوم القيامة يتوافر النعيم لأهل الإيمان للروح والجسد جميعاً، ولأهل الشقاء يتوفر العذاب للروح والجسد جميعاً، نسأل الله العافية. وهكذا العاصي له نصيبه إن دخل النار فالعذاب للروح والجسد وإن أنجاه الله فالنعيم للروح والجسد، وهكذا بعد خروجه من النار، فإن العصاة كثير منهم يدخلون النار بمعاصيهم ويطهرون، فإذا طهروا من سيئاتهم بالعذاب أخرجهم الله إلى الجنة فهم يعذبون روحاً وجسداً، وينعمون روحاً وجسداً، ولو يخلد في النار إلا الكفرة، لا يخلد في النار الخلود النهائي الذي لا نهاية له، إلا الكفرة، قد يخلد العاصي كالزاني والقاتل قد يخلد خلوداً له نهاية، خلوداً طويلاً، يعني مدة طويلة لكن له نهاية كما قال الله سبحانه في الزاني والقاتل: ويخلد فيه مهاناً، وقال في القاتل: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه... الآية، هذا خلود له نهاية ليس مثل خلود الكفار، أما خلود الكفار نعوذ بالله فإنه لا ينتهي كما قال الله في حقهم: كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار، وقال في حقهم سبحانه: لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور، نسأل الله العافية.  
 
10-  فتاة غير متزوجة لا تصلي، يقول لها والدها: صلي فلا تطيعه، ولا تعمل بما يقول، فعلى من تقع مسؤولية هذه الفتاة؟
على والدها وعلى أخوتها، عليهم أن يقوموا عليها ولو بالضرب حتى تستقيم وحتى تصلي، فإن لم تستقيم يرفع بأمرها إلى المحكمة تستتاب فإن تابت وإلا قتلت، يرفع بها إلى المحكمة الشرعية فإن تابت وهداها الله فالحمد لله وإلا وجب قتلها، لأن من ترك الصلاة يستتاب فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي الأمر، والمحكمة تنوب عن ولي الأمر، ولا يجوز لأبيها السكوت عنها ولا لأخوتها ولا لأعمامها على الجميع أن يقوموا عليها لعل الله أن يهديها بأسبابهم، مع الضرب لا مانع أن يؤدبها أبوها يؤدبها أخوتها ضرباً يسبب رجوعها عن الباطل، ولعل الله أن يهديها بذلك، فإن لم يجدي ذلك وجب أن يرفع أمرها إلى المحكمة حتى تجري عليها الحكم الشرعي فيها.  
 
11-  إذا كنت أشاهد الناس يصلون في التلفزيون أو أسمعهم في الراديوا فهل لي أن أقتدي بهم وأصلي؟
لا، ليس لك ذلك تصلي وحدك، إذا لم تستطيع الخروج إلى الجماعة، وإلا فعليك أن تصلي في المساجد، أما إذا كنت مريض تصلي وحدك، إن كان عندك في البيت أحد يصلي معك، يصلي معك كأهلك وإلا صل وحدك ما فيه بأس، أما إذا كنت تستطيع فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة في مساجد الله، وعليك أن تحذر مشابهة أهل النفاق، أما الصلاة من طريق الراديو أو من طريق التلفاز تقتدي بالإمام بصوت المكبر بالتلفاز أو الراديو لا يجوز.  
 
12-  مرضت أمي مرض أقعدها في المنزل، ولم تستطع أن تصلي، وماتت وهي على ذلك الحال، فبما تنصحوننا تجاهها؟ جزاكم الله خيراً.
إن كان ذهب عقلها فلا شيء وإلا فالواجب أن تصلي ولو على جنب، الواجب أن تعلم وتصلي ولو على جنب، إذا لم تستطع الصلاة قائمة ولا قاعدة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمريض: (صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً)، هكذا يجب على المريض إن استطاع أن يصلي قائماً، صلى قائماً، وركع وسجد وإن عجز صلى قاعداً، وأومأ بالركوع وسجد في الأرض إن استطاع، وإلا أومأ بالركوع والسجود وجعل السجود أخفض من الركوع فإن عجز صلى على جنبه والأفضل على جنبه الأيمن يصلي باللفظ والنية يكبر ويقرأ الفاتحة ما تيسر معها، ثم يكبر وينوي الركوع يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، وهو على جنبه عند ناوياً الرفع من الركوع، ويقول: ربنا ولك الحمد إلى آخره، ثم يكبر ناوياً للسجود ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ويدعو ربه، ثم يكبر ناوياً الرفع من السجود، وفي الجلسة بين السجدتين يقول رب اغفر لي، رب اغفر لي، ثم يكبر ناوياً للسجدة الثانية وهكذا حتى يكمل صلاته وهو على جنبه أو مستلقياً وإذا كان مستلقياً يجعل رجليه إلى القبلة ويرفع رأسه قليلاً حتى يصلي إلى القبلة مثلما فعل على جنبه، يصلي بالنية والقول، ويرفع يديه إن كان يستطيع عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، إذا كان يستطيع يرفع يديه، وهو على جنبه أو مستلقياً أو قاعداً.  
 
13-  تبنى القبور عندنا من الخفان والرخام، وتبنى مدافن على شكل بيوت تحت الأرض يوضع فيها الأموات، هل هذا العمل جائز؟
أما البناء على القبور باتخاذ بنايات عليها أو تجصيص هذا منكر لا يجوز، الرسول نهى أن يبنى على القبر وأن يجصص وأن يقعد عليه، لأن هذا من وسائل الشرك والغلو، ولا يبنى عليها مسجد ولا قبة أيضاً، أما جعل حفرة في الأرض تجعل فيها أموات هذا خلاف السنة، السنة أن يكون كل قبر وحده، كل ميت وحده في قبر لحاله، يلحد له، ويوضع في قبره على حده، هذا هو السنة كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة وفعله المسلمون كل واحد يحفر له حفرة واحدة، ويلحد في قبلي القبر من جهة اللحد هذا هو المشروع، لكن إذا دعت الضرورة لكثرة الأموات ومشقة الدفن لكل واحد وحده، لا مانع أن يجمع الاثنان والثلاثة في قبر واحد كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد عندما كثر الأموات، فالحاصل أن السنة أن كل واحد يدفن وحده، إذا تيسرت الأرض واستطاع الناس ذلك، ولا يدفن اثنان جميعاً ولا ثلاثة جميعاً ولا أكثر، لكن إذا كان عند الضيق والمشقة فإنه لا مانع أن يدفن الاثنان والثلاثة جميعاً في قبر واحد ويقدم أفضلهم، يقدم أفضلهم أقرؤهم قرآناً إلى القبلة كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - يقدم الأفضل والأقرأ قرآناً إلى القبلة.  
 
14-  إذا تزوج مسلم بكتابية وماتت، هل تدفن في مقابر المسلمين أم كيف؟
لا يجوز التزوج بالكافرات إلا الكتابية، ليس للمسلم أن يتزوج كافرة إلا الكتابية والكتابة هي اليهودية أو النصرانية المحصنة المعروفة بالعفة وعدم الزنا، وهي المحصنة كما شرط الله جل وعلا: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، بأن تكون محصنة حرة عفيفة، إذا عرفها محصنة حرة عفيفة جاز له أن يتزوجها وترك هذا أفضل، تركه أفضل، لأن تزوجه بها وسيلة إلى كفرها وكفر أولاده ولا حول ولا قوة إلا بالله، فينبغي ترك ذلك والاكتفاء بالمسلمة لكن لو تزوج وماتت فإنها لا تدفن مع المسلمين، تدفن مع الكفار، لأنها ماتت على دين قومها، تدفن مع اليهود والنصارى وغيرهم من الكفرة ولا تدفن مع المسلمين، إذا ماتت على دين قومها نسأل الله العافية.

381 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply