حلقة 694: حكم الأشهر التي أفطرها الإنسان من رمضان - رد نصف المهر لمن لم يدخل بزوجته ولم يخل بها - الثوب المزعفر - ما صحة حديث من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد - مس المحدث للقرآن عند الضرورة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

44 / 50 محاضرة

حلقة 694: حكم الأشهر التي أفطرها الإنسان من رمضان - رد نصف المهر لمن لم يدخل بزوجته ولم يخل بها - الثوب المزعفر - ما صحة حديث من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد - مس المحدث للقرآن عند الضرورة

1-  ما هو الحكم في شخص كان لا يصوم رمضان ثم تاب وعاد إلى الله وبدأ يصوم، ما حكم الأشهر التي أفطرها؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالحكم في ذلك أن عليه أن يقضي ما ترك عند جمهور أهل العلم، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى إذا كان يصلي، أما إذا لا يصلي فتارك الصلاة كافر، وليس عليه إلا التوبة ليس عليه قضاء، من صوم ولا صلاة، بل عليه التوبة إلى الله عز وجل، ثم يستقبل الأمر استقبالاً، أما إذا كان يصلي ولكنه تساهل في الصيام، فإنه يقضي، فإنه مسلم عاصي فعليه التوبة والقضاء، مع إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع، من قوت البلد من تمر أو غيره، يجمع ويعطى بعض الفقراء، عن جميع الأيام التي أفطرها، وعليه التوبة إلى الله التوبة الصادقة، بالندم على ما مضى من فعل قبيح، والعزم الصادق ألا يعود في ذلك، والله المستعان.  
2-   لقد تقدم رجل لخطبة فتاة فوافق أهلها والمخطوبة أيضاً، وتم عقد النكاح بالمحكمة، وسيكون الزواج بعد فترة من الوقت، وسرعان ما جرى مشاكل من قبل الزوج فطلقها دون أن يصل إليها، وقد علمنا بأن ليس لها عدة ما دام لم يصل إليها، غير أنه قد كان دفع مبلغاً من المال، والمبلغ قد أخذ منه ذهب ومصاريف وغير ذلك، هل يرد له المبلغ كله أم لا، أو يرد نصف المبلغ؟ وجهونا حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً.
إذا كان المذكور لم يدخل بها، ولم يخلو بها خلوة كاملة، بحيث يغلق عليهم الباب، فإنه يرد عليه نصف المهر، لقول الله جل وعلا: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، من عفا منهم فلا بأس، إن عفت سقط حقها، وإن عفا هو سقط حقه، وإلا فإن عليها أن ترد النصف، مما وصل إليها منه، من ذهب وغيره، وليس عليها عدة، لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا.   
 
3-  نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-أن يلبس الرجل الثوب المزعفر، فما هو الثوب المزعفر؟
المزعفر هو المصبوغ بالزعفران، الزعفران معروف، فلا يجوز للرجل أن يلبسه وإنما هو من لبس النساء، ونهى المحرم أيضاً أن يلبس شيئاً من الثياب ــ بالزعفران أو الورس.  
 
4-  ما صحة هذا الحديث، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد؟
لا أعلم حاله الآن، مشهور لكن لا أعلم حال سنده، نراجع إن شاء الله ويكون الجواب عنه في حلقة أخرى إن شاء الله.  
 
5-   أنا أعلم أن مس القرآن والمسلم غير طاهر غير جائز، فماذا يعمل إذا وجد ورقة من القرآن ملقاة على الأرض، أو رأى القرآن مع الأطفال وهم يعبثون به، هل له أن يتصرف والحال ما ذكر ويمسك المصحف؟
نعم، للضرورة، لأجل العناية بتعظيمه وتخليصه ممن يهينه من الأطفال أو إلقائه في الأرض، فالواجب على من رأى ذلك وإن كان على غير طهارة أن يأخذه ويرفعه في المحل اللائق به أن يرفعه ولا يدعه مع الصبية الذين يعبثون به، فإذا وجد ورقة في الأرض فيها قرآن رفعها وصانها أو مزقها تمزيقاً لا يبقى معها شيء من ذكر الله أو دفنها في أرض طيبة.   
 
6-  عندما أحقق النجاح في أي مرحلة أقول: والله لأصوم ثلاثة أيام، إلا إني لم أفعل ذلك، فهل علي ذنب؟
ينبغي عدم الإكثار من الأيمان، الله قال: واحفظوا أيمانكم فلا ينبغي الإكثار في الأيمان، لأنها عرضة لإهمالها وعدم تنفيذ ما دلت عليه وما تضمنته وعدم الكفارة، فينبغي للمؤمن والمؤمنة التحرز من ذلك والحذر وعدم الإكثار من الأيمان، لأن الله جل وعلا يقول: واحفظوا أيمانكم، وفي الحديث يقول- صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وشيخ زاني، يعني شيبة زاني، وعائل مستكبر، ورجل ـــ بضاعته لا يبيع إلا بيمين ولا يشتري إلا بيمين)، يعني يكثر من الأيمان، فينبغي الحذر من الأيمان ومتى وقع شيء من ذلك، فعليك إما الصوم وإما الكفارة، إما أن تصومي ما قلت وهو الأفضل، وإما أن تكفري كفارة عن يمينك، وعليك أن تحسبي الأيمان وتعديها ثم تكفري عن كل يمين كفارة، أو تصومي ما قلت، إما أن تصومي وإما أن تكفري، وهكذا لو قال الإنسان والله لأكلمن فلان، ثم لم يكلمه في الوقت المحدد كفر كفارة يمين، أو والله لأصلين اليوم ركعتين ولا صلى، كفارة يمين، أو قال: والله لأعودن فلان، مريض يعوده في محله أو في المستشفى ولم يعده في اليوم الذي حدد، عليه كفارة يمين، وهكذا. هل تتفضلون بتذكيرها بكفارة اليمين؟ كفارة اليمين مثلما بين الله في سورة المائدة قال جل وعلا: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَفأوضح سبحانه تفصيل الكفارة وأوضح أيضاً ما ينبغي للمؤمن حفظ اليمين وأنه بين هذه الأمور ليشكره العبادة ويحمدوه ويثنوا عليه لأنه بين لهم الأحكام التي تهمهم في أيمانهم وحثهم على ما شرع لهم فيها، فليشكروه سبحانه على بيانه وإيضاحه وما تفضل به من الأحكام التي جعلها كفارة للأيمان، فإطعام عشرة مساكين يعني من قوت البلد كل واحد يطعم نصف الصاع من قوت البلد أو يعشى أو يغدى، وإذا جعل معه نصف الصاع من التمر أو الأرز أو غير ذلك شيئاً من الإدام فهو حسن أو يكسوهم كسوة تجزؤهم الصلاة مثل قميص أو إزار ورداء أو يعتق رقبة مؤمنة من ذكر وأنثى فإن لم يستطع الأمور الثلاثة كلها صام ثلاثة أيام، والأفضل أن تكون متتابعة، أما من قدر فإنه يخرج واحدة من هذه الثلاث إما إطعام وإما كسوة وإما عتق.  
 
7-  هل صبغة الشعر والحمرة التي توضع على الشفاه هل هي حلال أم حرام؟
صبغ الشعر مستحب، إذا كان شيباً يصبغ لكن بغير السواد، لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد)، فيصبغ بالحمرة أو بالصفرة أو بالحناء مع الكتم يعني مخلوط سواد مع الحمرة، حتى يكون الصبغ بين السواد وبين الحمرة، أما السواد الخالص فلا يجوز، لا للرجال ولا للنساء. وأما الحمرة التي على الشفاه فلا نعلم فيها شيئاً مثل الديرم، كونها تحمر شفتها بالديرم أو البودرة أو بشيء آخر من باب الجمال بين النساء أو عند الزوج مع التستر عن الأجنبي والحجاب هذا لا بأس به.  
 
8-  هل الأولى أن أحجج والدي أم أفتح مدرسة لمكافحة الأمية؟ جزاكم الله خيراً,
إذا كان والدك عاجزاً عن الحج لكبر سنه، أو لمرض لا يرجى برؤه تحج عنه، هذا من بره، ـ فضله العظيم، أو أراد أن تحججه يعني يستطيع ولكن ما عنده مال وأراد منك أن تحججه فأنت أيضاً ينبغي لك أن تحججه، هذا من بره فيتأكد عليك أن تجيب دعوته إذا كنت قادراً تحتسب في ذلك، أما تقديم ذلك بفتح مدرسة للقرآن هذا محل نظر، ولعلك تستطيع هذا وهذا، تقوم بالواجب تقوم بما شرع الله من بره، بالحج عنه أو بتحجيجه بنفسه إن كان يستطيع، مع فتح مدرسة إذا تيسر ذلك في مسجد أو في بناء خاص والأقرب عندي في مثل هذا أنك تبدأ بأبيك، إذا كان عاجزاً، أو قادراً يطلب منك أن تلبي رغبته لأن حجه بر عظيم به، ولأن له في ذلك مصلحة عظيمة وفائدة كبيرة، فإذا قدمته ثم بعد ذلك تسعى في ـــ.  
 
9-  هل للمسلم أن يأكل من النخيل المهمل الساقط ثمره على الأرض؟
نعم، له أن يأكل مما سقط على الأرض، إذا كان مهملاً أما إذا محفوظاً في بستان مصون، فلا يأخذ منه شيء إلا بإذن ربه، أما إذا كان متروكاً لم يصن فإذا مر به وأكل منه فلا بأس.  
 
10-  غبت عن زوجتي ثمانية أشهر، فما الحكم؟
لا حرج في ذلك، عليك أن تجتهد في العود إليها، وأخذها معك إذا أمكن إذا كان سفرك إلى بلاد سليم ليس فيه خطر، وإذا أمكنك أن تجتهد في سرعة الرجوع فلا تتأخر، وإذا كانت سامحة فلا بأس أيضاً، المقصود أن السفر في طلب الرزق أو طلب العلم ثلاثة أشهر أو أقل أو أكثر حسب الحاجة، لا حرج، لكن كلما قل فهو أولى وأحوط حرصاً على سلامة دينك ودينها وعفتك وعفتها.  
 
11-   أنا متزوج منذ خمسة أعوام، ومشكلتي أنني لم أكن أصلي، وكانت حياتي ضلال في ضلال، وخلال هذه السنوات حصل بيني وبين زوجتي خلافات كثيرة، وفي يوم أتى الخلاف إلى أن كتبت لها ورقة وفيها أني طلقتها ثلاث طلقات، وأنا في كامل قواي العقلية، واستشهدت بشاهدين، وقبل انتهاء العدة راجعتها، وبعد ذلك حصل بيننا خلافات عدة، وكانت كلمة الطلاق في فمي دائماً، وكانت أغلبها عندما أكون عصبياً ثم أهدأ وأراجعها، ولكن الآن والحمد لله فقد هداني الله والتزمت بديني، وندمت وتبت إلى الله وتركت أيام الضلالة، لكن يا سماحة الشيخ الذي يحيرني هو قضية الطلاق الذي ذكرت، أرجو أن تبينوا لي الأمر ولاسيما أني كتبتها في الورقة، والطلاق المتكرر عندما كنت عصبياً؟ جزاكم الله خيراً.
نرى أن تراجع المحكمة وتسألها، وفي قرار المحكمة كفاية إن شاء الله، وإذا كنت في المملكة لا مانع أن تتصل بي شخصياً حتى أنظر في الأمر إن شاء الله.   
 
12-  أسمع كثيراً من الناس في دعائهم يقولون: اللهم إنا نعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، فما هو المقصود من قهر الرجال؟
هذا دعاء ثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-كان يدعو بهذا يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، هذا ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم-وهذا من دعواته العظيمة ذكرها مسلم وغيرها، فغلبة الدين معروف، يعني ثقل الدين وعجزه عن تسديده، وغلبة الرجال أن يغلبوه في أن يقهروه حتى يقتلوه أو يأخذوا ماله، أو يهينوه ويظلموه إلى غير ذلك، فهو يستعين بالله من غلبة الدين وقهر الرجال، فالدين إذا عجز عنه يشغل فكره كثيراً ويهمه كثيراً وربما أتعبه أهله أيضاً، أهل الدين بالمطالبات والخصومات وهم لا يعرفون عجزه وحقيقة أمره، وغلبة الرجال لا شك أنها مصيبة عظمى سواء قهروه على قتله أو قهروه على أخذ ماله، أو بعض ماله، أو قهروه على ضربه، أو قهروه على غير ذلك مما يضره فكله شر وكله بلاء عظيم ومصيبة عظيمة، فلهذا شرع الله الاستعاذة من ذلك.  
 
13-   يوجد لدينا في القطر عادة ذلك أنهم يَصِلُون إلى قبر، ويزورونه، ويتبركون به، ويقولون: إنه من قبور الصحابة نرجو أن توجهون الناس؟ جزاكم الله خيراً.
القبور فتن بها كثير من الناس، فيما مضى وفي هذه الأمة، كانت اليهود والنصارى فتنت بذلك وعبدت القبور واتخذوها أوثاناً كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته اثنتان من نسائه في الحبشة أنهما رأتا كنسية في الحبشة وما فيها من الصور، قال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصورا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)، فجعلهم بهذا العمل شرار الخلق، لأنهم يعظمونهم بالتصوير والبناء ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، ويتبركون بتراب قبورهم، إلى غير هذا من أعمالهم القبيحة ولهذا استحقوا اللعنة عليهم، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث جندب الذي رواه مسلم في الصحيح: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، وقال في حديث ابن مسعود: (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد)، فالواجب الحذر من هذه الخصلة الذميمة، التي سار عليها اليهود والنصارى وهي تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها والقباب والتبرك بها ودعاء أهلها والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم وطلبهم المدد فهذا بلاء عظيم، بعضه بدعة وبعضه شرك، فاتخاذ المساجد على القبور بدعة، اتخاذ القباب وتجصيصها كل ذلك من البدع، ومن أسباب الشرك ووسائله، ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن الرسول نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه، لأن التجصيص والبناء عليه وسيلة للشرك والتعظيم، وهكذا اتخاذ القبة فوقه والمسجد فوقه كل هذا من أسباب الشرك، وهكذا القراءة عنده والصلاة عنده من البدع، أما سؤاله المدد وطلبه الغوث هذا الشرك الأكبر، هذه عبادة لغير الله سبحانه وتعالى، فالواجب على الأمة الحذر من ذلك والواجب على العلماء بيان ذلك للأمة وتحذيرهم من هذا الشرك وهذه البدع لعلهم يسلمون منها، وهكذا كل من لديه علم يبثه في الناس، ويعلمه الناس، يقول الله سبحانه: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (بلغوا عني ولو آية)، ويقول- صلى الله عليه وسلم-: (نظَّر الله امرئاً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه لمن هو أفقه منه)، وكان إذا خطب عليه الصلاة والسلام يقول للناس: (فليبغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع)، وهذه البلية انتشرت في العالم في البلاد الإسلامية وغيرها وهي التعلق على القبور والبناء عليها والتمسح بها، وسؤالها الحاجات وتفريج الكروب والمدد وهذا بلاء عظيم وشر كبير، يجب الحذر منه، والبدعة دائماً تكون وسيلة للشرك فأسباب هذا الشرك تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها والصلاة عندها والقراءة عندها فلما وجدت هذه البدع جرت الناس إلى الشرك والغلو في القبور وعبادتها من دون الله بالدعاء والاستغاثة والذبح لها والنذر لها وطلبها المدد وهذا هو الشرك الأكبر، فيجب الحذر من ذلك، والتوبة إلى الله من ذلك، ويجب هدم البناء الذي على القبور من مساجد وغيرها وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء كما كان هذا في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- في البقيع، وهكذا في البلاد الإسلامية السليمة من هذه الفتنة، وعلى العلماء وعلى الأمراء أمراء المسلمين أن يعالجوا هذه الأوضاع وأن يزيلوها من بينهم وأن يحذروا الناس منها، وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء، لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، رزق الله الجميع الهداية والبصيرة.  
 
14-   أنا رجل عندي عشرة أولاد كلهم أوفياء لي ولربهم إلا واحد منهم، فهو يتطاول علي بالسب والشتم، وعلى إخوانه أيضاً حتى استعمل معهم الآلات الحادة، يود أولادي ألا يشترك معهم في أي ميراث للأسباب المذكورة، بالرغم من ثرائه الفاحش الذي يزيد عن أبيه مئات المرات، هل لي أن أمنعه نهائياً من الميراث في الأشياء التي سيشترك فيها مع إخوانه، وأوصي له مقابل ذلك بمبالغ نقدية تعادل نصيبه تقريباً، حتى يتقوا شره؟ جزاكم الله خيراً
ليس لك أن تعطيه وليس لك أن تحرمه، بل عليك أن تجتهد في إصلاحه وهدايته، وأن تستعين بالله على ذلك وأن تدعو له، بظهر الغيب بينك وبين الله أن يهديه الله وأن يرده للصواب وأن تستعين بإخوانك أيضاً وبقرابتك الطيبين على دعوته إلى الله والأخذ على يديه حتى يستقيم على البر والصلة للرحم، وحتى يدع ما هو عليه من الباطل، فإن لم يفعل فاهجره هجراً وأبعده عنك وإذا مت فالله يتولى الأمر وعلى المحاكم أن تنظر الأمر، أما أنت لا، لا توصي له بشيء ولا توصي بحرمانه، قد يهديه الله، قد يرجع إلى الصواب، والمحكمة تنظر في الأمر، إذا كان كافراً إذا مت لم يرث منك وأنت مسلم، وإن كانت معصيته لم تلحقه بالكفر فوفي حقه والإثم عليه، أما أنت فلا تعلم، لا تهدي له ولا توصي له، ولكن تنصحه وتجتهد في طلب الهداية له من الله عز وجل وتستعين أيضاً بإخوانك الطيبين على نصيحته وتوجيهه إلى الخير، لعل الله يهديه بأسبابك وأنت حي.  
 
15-   منذ أن كان عمري اثني عشر عاماً وأنا أصوم وأصلي الفروض الواجبة علي، وبعد خمس وعشرين سنة وقعت في المرض، والآن أشعركم أنني أتألم كثيراً من الماء، وأقوم بالتيمم، وحينما يأتي إليَّ المرض انقطع عن الصلاة، وجهوني تجاه هذه القضية جزاكم الله خيراً.
شفاك الله وعافاك، نسأل الله لك الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يصلح قلبك ودينك، وأن يعيذنا وإياك من كل سوء وسائر المسلمين، وإذا كنت يضرك الماء فلا مانع من التيمم والله يقول سبحانه: فاتقوا الله ما استطتعم، والذي يضره الماء حكمه حكم من لم يجد الماء، يتيمم والحمد لله، يضرب التراب على يديه ويمسح وجهه وكفيه بذلك، ويكتفي بهذا عن الماء، أما الصلاة فعليكِ أن تصلي على حسب طاقتك، إن استطعت قائمة صليت قائمة، وإن استطعت قاعدة صليت قاعدة، بدلاً من القيام إذا عجزت عن القيام، فإن لم تستطيعي القيام ولا القعود، فعليك أن تصلي على جنب، والأفضل على الجنب الأيمن إذا تيسر ذلك، فإن عجزت فصل مستلقية ورجلاك إلى القبلة، ولا يجوز ترك الصلاة أبداً، بل عليك أن تصلي على أية حال حسب الطاقة ما دام العقل موجود، والانتقال إن صليت قائمة وإن عجزت عن القيام صليت قاعدة، وإن عجزت عن القعود صليت على جنب، وإن عجزت عن القعود صليت مستلقية هكذا هدي النبي- صلى الله عليه وسلم- لما سأله بعض المرضي قال له- صلى الله عليه وسلم-: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)، (فإن لم تستطع فمستلقياً)، هكذا رواه البخاري في الصحيح بدون ذكر الاستقلاء وزاد النسائي بإسناد جيد: ذكر الاستقلاء على الظهر، فالحاصل أن هذا هو الواجب على كل مريض أن يصلي على حسب طاقته ما دام العقل موجوداً أما إذا زال العقل سقط التكليف كالمجانين وأشباههم، نسأل الله لك الشفاء والعافية وأن يمن عليك بالصحة التي تعنيك على طاعة الله كما شرع الله سبحانه وتعالى. 

426 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply