حلقة 695: حكم إخراج المرأة الكفارة بغير إذن الزوج - وقت الفجر - الفطر للمسافر - معنى الربا - حكم الزوج الذي لايصلي - حكم قضاء النوافل الفائتة - حكم الصلاة خلف إمام واقع في بعض الشركيات

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

45 / 50 محاضرة

حلقة 695: حكم إخراج المرأة الكفارة بغير إذن الزوج - وقت الفجر - الفطر للمسافر - معنى الربا - حكم الزوج الذي لايصلي - حكم قضاء النوافل الفائتة - حكم الصلاة خلف إمام واقع في بعض الشركيات

1-   سبع سنوات لم أصم للمرض الذي ذكرته لكم في السؤال السابق، وذلكم بسبب المرض الذي ذكرت، وكنت أخرج الكفارة مثل الأرز والحنطة، لكني أخرجها دون علم زوجي؛ لأنه لا يرضى بذلك، ما الحكم فيما فعلت؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فأسأل الله جل وعلا لك العافية من كل سوء، وأن يمن عليك بالصحة والاستقامة على دينه، وعلى جميع المسلمين، هذا الأمر الذي فعلت عليك أن تراجعي الزوج لو سمح فالحمد لله، وإلا فعليك أن تخرجي من مالك إن كان عندك مال، عما مضى من السنوات، إذا كنت في مرض لا يرجى برؤه حسب تقرير الأطباء، أما إن كان المرض يرجى برؤه فليس عليك إطعام، عليك القضاء فقط إذا شفاك الله، أما إذا كان المرض الذي معك قد قرر الأطباء، يعني الطبيب المختص أنه لا يرجى برؤه فإنك تطعمين عن كل يوم طعام مسكين نصف صاع من قوت البلد، من أرز، أو بر، أو تمر، أو زبيب، أو غير هذا من قوت البلد، فإذا كان الذي أخذتيه من الطعام من مال زوجك ولم يرض فإنه لا يجزئ، وعليك أن تخرجي بدلاً منه إن استطعت، فإن لم تستطيعي فلا شيء عليك هذا إذا كان المرض لا يرجى برؤه، أما إن كان يرجى برؤه فلا حاجة إلى الطعام وليس عليك إطعام، وعليك القضاء إذا عافاك الله وشفاك، عليك أن تقضي ما مضى والحمد لله، وإن سمح زوجك عن الإطعام فليس عليك شيء، أما إذا لم يسمح فعليك أن ـــ إذا استطعت مثل طعامه أو تستسمحينه لعل يسمح.  
 
2-   كيف نحدد وقت الفجر، وكم بين الفجر والشروق، حيث عندنا في مصر الوقت بين الفجر والشروق ما يقرب من ساعة ونصف، وقد قرأت في كتب الصحيح والتفسير أن الفجر هو بياض النهار وانتشار النور في الطرقات، أرجو أن تفيدوني حول هذه القضية؟ جزاكم الله خيراً.
الفجر مثل ما أشرتم إليه هو انشقاق الصبح، إذا تبين الفجر وأنه حين ينشق الفجر يعترض في الجو الشرقي هذا هو الفجر الصادق، وهناك الفجر الكاذب، كالعمود، ثم يذهب يزول، ويكون بعده الظلمة، هذا لا عبرة به، أما الفجر الصادق فهو الذي يمتسح جنوباً وشمالاً في جهة الشرق ويزداد نوره، هذا هو الصبح متى طلع هذا الفجر فهذا هو الذي يفصل بين الخيط الأبيض والخيط الأسود، هذا هو الخيط الأبيض، الصبح، وهو ينتشر، ويتسع ويزداد نوره حتى يتم ضوؤه، ويزول آثاره وتزول آثار الليل، ويستمر إلى طلوع الشمس، والغالب مثل ما ذكرت أن ما بينهما ساعة ونصف تقريباً هذا ما ذكره أهل الخبرة وقد عن النصف قليلاً، حسب ما ذكر أهل الخبرة، فالأمر في هذا لا يتعلق بطلوع الشمس، متى طلعت الشمس أبيحت الصلاة، وما دامت الشمس لم تطلع هو وقت الفجر، إذا صلاها قبل طلوع الشمس هو في وقتها، لكن ليس له التأخير حتى يخاطر بها، ولكن يبادر بها ويصليها بغلس، وإذا كان قادراً صلاها مع المسلمين في المساجد، والمرأة تصليها في البيت، في أول الوقت، هذا هو الأفضل، فلو أخر حتى اتضح النهار وزال الغلس والظلمة فلا حرج، لكن ليس له أن يؤخر إلى طلوع الشمس إنما يؤخر إلى الإشراق كثيراً لا حرج، لكن الأفضل أن يصليها بغلس، هذا هو الأفضل، أن يصليها بغلس عند ــ الفجر وانتشاره وقيامه ــ الصبح.  
 
3-   إنني مسافر في نهار رمضان بالجمال، والمسافة تستغرق خمسة وعشرين يوماً، وعند بداية سفري أفطرت، وبعد نصف المسافة مات جملي، ولم أجد شيئاً أواصل به باقي المسافة؛ فانتظرت في طريق القوافل مدة أسبوع مفطراً، ما حكم ما فعلت؟ جزاكم الله خيراً.
لا حرج عليك أنت مسافر، متى خرجت من بلدك، وتركت البلد فأنت مسافر لا تفطر في البلد، لكن الإفطار يكون بعد الخروج من البلد بعد مغادرة الأبنية، وأنت في سفر تقصر وتفطر، وهكذا لما مات جملك فأنت تنتظر ليس لك إقامة معلومة، أنت منتظر فلا حرج في القصر والفطر؛ لأنك في حكم السفر، فليس عندك علم متى تسافر في هذه البقعة التي مات فيها الجمل؛ لأنك تنتظر من يمر عليك من المسلمين، فلا حرج عليك والحمد لله.  
 
4-  أرجو تعريفي ما معنى الربا؟
الربا في اللغة: الزيادة، يقال ربا المال زاد، ربا الشجر، نما، وزاد، وفي الشرع: هو الزيادة في أحد النوعين من المال على النوع الآخر، هذا إذا كانا من جنس واحد، كالذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير ونحو ذلك، إذا زاد أحدهما على الآخر يقال له ربا، شرعاً، ممنوع شرعاً، فليس للمسلم أن يبيع درهم بدرهمين، ولا دينار بدينارين إذا كانت زنة الدرهم واحده، فإن هذا ذهب بذهب أزيد، وفضة بفضة أزيد، والنبي -صلى الله عليه وسلم-: (الذهب بالذهب مثلاً بمثل سواء بسواء، يداً بيد، والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى). ويكون الربا أيضاً بغير زيادة لكن بالتفرق قبل القبض، أو بالتأجيل يسمى ربا أيضاً شرعاً، إذا باع جنساً من المال بجنسه ولم يتقابضا، أو بجنس لا يباع به نسيئة، ولم يتقابضا، سمي ربا، ما يكون فيه زيادة، فلا باع درهم بدرهم نسيئة، أو تفارقا قبل القبض يسمى ربا شرعاً، ولو ما فيه زيادة، أو باع ديناراً بدينار لكن لم يتقابضا، أو قالا إلى أجل سمي ربا، ولو لم يكن فيه زيادة، وهكذا لو باع فضة بذهب، أو ذهباً بفضة، مؤجلاً، أو حالاً لكن لم يتقابضا يسمى ربا، وهكذا لو باع براً بشعير، أو تمراً بشعير، أو تمراً ببر ولم يتقابضا يسمى ربا، أو إلى أجل يسمى ربا، وبهذا يتضح للسائل معنى الربا في الشرع، ربا الفضل وربا النسيئة؛ لأنه نوعان عند أهل العلم، أحدهما يسمى ربا الفضل، مثل درهم بدرهمين، ودينار بدينارين، وصاع من البر بصاع ونصف من البر، هذا يسمى ربا الفضل، والنوع الثاني ربا النسيئة: درهم بدرهم إلى أجل، هذا نسيئة، صاع بر ببر بصاع بر آخر لكن نسيئة، هذا ربا نسيئة، أو فضة بذهب من دون قبض يسمى نسيئة، يسمى ربا النسيئة، أو بر بشعير من غير قبض يسمى ربا نسيئة، وهكذا.  
 
5-   يوجد عندنا من يصوم عشرة أيام من الشهر، مثلاً: يصومون ثلاثة أيام في بداية الشهر، وثلاثة أيام في نصف الشهر، وثلاثة أيام في آخر الشهر، ويقولون: إنه مستحب صيام هذه الأيام، ولي جدة تحافظ على هذا العمل، ما رأيكم؟ جزاكم الله خيراً.
ما نعلم لهذا أصلاً، لكن الصيام مشروع، أما كونه يحافظ على ثلاث، ثم ثلاث، ثم ثلاث ما نعلم له أصلاً، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الله بن عمرو وغيره: (صم من الشهر ثلاثة أيام)، تكفي، وأوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فالأفضل صيام ثلاثة أيام، فإن نشط وصام أكثر فلا بأس، أو صام الاثنين والخميس، أو صام خمسة أيام من كل شهر لا بأس، لكن الأفضل أن يصوم الاثنين، والخميس، أو ثلاثة أيام من كل شهر، أما استمراره على ثلاث، ثم ثلاث، ثم ثلاث، يعتقد أنها سنة، فلا نعلم لهذا أصلاً، لكن لو صام خمسة عشر، وأفطر خمسة عشر، يعني نصف فلا نصف، فإن أفضل الصيام أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، فإذا صام نصف الشهر وأفطر نصفه أو صام يوماً وأفطر يوماً، أو صام يوماً وأفطر يومين، فكل هذا لا بأس به، أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-.  
 
6-   إنني أم لعدد كبير من الأبناء، وأنا والحمد لله على قدر لا بأس به من الإيمان، ولكن زوجي لا يعرف أي شيء عن ذلك، فهو منذ زواجنا منذ خمسة وعشرين عاماً وهو تارك للصلاة، وتصفه بأوصاف أخرى يترفع البرنامج عن ذكرها؟ وترجو توجيهكم سماحة الشيخ.
هذا زوج لا خير فيه، ولا يجوز البقاء معه، بل يجب أن تعتزليه، وأن تمتنعي منه، وألا يقربك لا بجماع ولا غيره، وهذا العمل الذي فعلتيه معه منكر، صبرت معه خمسة وعشرين سنة وهو لا يصلي هذا منكر، والعياذ بالله، عليك التوبة إلى الله من ذلك، والندم على هذا العمل السيئ، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)، رواه مسلم في صحيحه، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وإذا كان عنده سيئات أخرى ومعاصي أخرى، صار شراً إلى شر، فالواجب عليك البعد منه، وتركه، وعدم تمكينه من نفسك، والامتناع منه فإن طلقك وأعطاك وثيقة في ذلك فالحمد لله وإلا فارفعي الأمر إلى الحاكم الشرعي إذا كنت في بلاد إسلامية. ألاحظ سماحة الشيخ في نهاية رسالتها أنها تتعلل بالأولاد وتخشى أن يضيعوا ولا سيما وأنهن من البنات؟ ليس هذا بعذر، أولادك لك، وأنت أحق بأولادك من هذا الكافر والله يرزقك وإياهن فالرزق عليه جل وعلا، وعلى الحاكم الشرعي أن يلزمه بما يلزم من جهة النفقة فهذا إلى الحاكم الشرعي وأنت أولى بأولادك، فالحاصل أن هذا لا يمنع من البعد منه، والحذر منه، وعدم تمكينه من نفسك وأولادك رزقهم على الله، والحاكم الشرعي ينظر في الأمر.  
 
7-  هل يجوز إن يصلي المسلم نافلة العصر أو الصبح إذا جاء المسجد والإمام قد دخل في الصلاة ولم يدرك النافلة قبل الصلاة؟
إذا جاء المسجد والإمام في الصلاة يدخل مع الإمام، ليس لأحد أن يصلي والإمام يصلي، فمتى جاء وجب عليه الدخول مع الإمام وسقطت النافلة، سواء راتبة كالظهر، أو غير راتبة كالعصر، متى جاء المأموم والإمام قد شرع في الصلاة، أو قد أقيمت فإنه يدخل معه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة)، فالواجب على المؤمن متى وصل إلى المسجد أن يصلي مع الإمام، متى وجده في الصلاة، أو قد أقيمت الصلاة.  
 
8-  هل تجوز الصلاة خلف إمام واقع في بعض الشركيات وان كان جاهلاً لحكم ما وقع فيه؟
لا تجب خلف من يتعاطى بعض الشركيات، بل التأكد من ذلك؛ لأن بعض الناس قد يظن أن هذا الشيء شرك وليس بشرك، فإن علم أن هذا الإمام يتعاطى بعض الأعمال الشركية لم تجز الصلاة خلفه، فإذا علم أنه يدعو غير الله كالبدوي، أو الحسين، أو الحسن، أو علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو غير ذلك من الناس، أو يدعو الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو غيره من الأنبياء، هذا لا يصلى خلفه، هذا كافر، لا يصلى خلفه، أما إذا كان حلف بغير الله، فهذا ليس بشرك أكبر، بل هو شرك أصغر، كالذي يقول بالكعبة، أو بالنبي، أو بالأمانة، هذا الصلاة خلفه صحيحة؛ لأن هذا شرك أصغر لا يخرجه من الإسلام، ولا ينبغي أن يبقى إماماً هذا ينبغي أن يعزل من الإمامة إلا أن يتوب ويعرف الحكم الشرعي، فإذا تاب تاب الله عليه، لكن ما دام مصر على الحلف بغير الله، أو على المعاصي الظاهرة، فإنه لا ينبغي أن يبقى إماماً، وهو يتعاطى بعض المعاصي الظاهرة، أو بعض الشركيات من الشرك الأصغر ينبغي أن يزال، ويستبدل بمن هو أصلح منه، أما إذا ما هو شرك أكبر كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، أو بالأصنام، أو بالأنبياء، أو بالجن، أو بالملائكة فهذا شرك أكبر؛ لأن الله يقول سبحانه: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) سورة يونس، يعني المشركين، فالظلم إذا أطلق هو الشرك، كما قال تعالى: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) سورة البقرة، وقال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) سورة لقمان، وقال سبحانه: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) سورة المؤمنون، فسماهم كفرة بدعائهم غير الله جل وعلا، بدعاء الأموات من صالح، أو نبي، أو غيرهم، أو دعاء الملائكة ولو أنهم أحياء مشغولون بشأنهم لا يستطيعون أن يجيبوك أو الجن كذلك قال الله تعالى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13) سورة فاطر، القطمير ــ التي على نواة التمر، وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ* إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) سورة فاطر، سبحانه وتعالى، فسمى دعائهم شركاً، فعلم بذلك أن دعاء الأموات، أو الملائكة، أو الجن كله شرك أكبر، يجب الحذر منه، وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، فأحداً عام يعم الأنبياء والملائكة والجن والصالحين وغيرهم، نكرة في سياق النهي، تعم كل أحد، والله يقول سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام، ويقول عز وجل: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) سورة الزمر، والشرك الذي عليه كفار قريش هو هذا، كانوا يعبدون الأصنام، ويدعون هبل، واللات والعزى، وغيرها من الأصنام والأموات، يستغيثون بهم وينذرون بهم، فبعث الله النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يدعوهم إلى توحيد الله، ويحذرهم من هذه الشرك، فلما أصروا واستكبروا هاجر من بينهم إلى المدينة المنورة، وأقام الله به دينه هناك وصارت العاصمة الإسلامية هناك، ثم دار بينه وبينهم من الحروب ما هو معروف من حرب بدر وأحد والخندق وقد صرف الله عليهم في بدر والخندق وابتلي المسلمون في أحد بما يجعله الله طهوراً لهم، ثم فتح الله عليهم مكة ودخل الناس في دين الله أفواجاً، فالحاصل أن هذا الشرك الذي يفعله الناس اليوم عند البدوي، أو عند الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو عند غيرهم كل ذلك هو الشرك الذي فعلته الجاهلية، كله شرك قريش وأتباعهم من دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والطواف بالقبور، وغير هذا من أنواع الشرك نسأل الله السلامة والعافية، والواجب على العلماء أن ينصحوا الناس، على العلماء في كل بلد أن يتقوا الله، وأن يعلنوا النصيحة من كتابة، ومن خطب في الجمع وزيارة المقابر حتى يدعوا من كان حول المقابر، ويعلموهم ويرشدوهم إلى الزيارة الشرعية، الزيارة الشرعية أن تزور القبور للدعاء لهم، والترحم عليهم هذه الزيارة الشرعية، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (زورا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وكان -صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، وكان إذا زار البقيع -عليه الصلاة والسلام- يقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون آتاكم ما توعدون)، ثم يقول: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، ما كان يدعوهم لا يستغيث بهم، ولا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولا أهل العلم والإيمان، وإنما حدث الشرك من أسباب الرافضة وغيرهم من الغلاة الذين غلوا في القبور، وغلوا في أهل البيت، فانشر الشرك لأسباب ذلك، فالواجب الحذر، ونسأل من الله لمن وقع في هذا الهداية نسأل الله الهداية لمن وقع في هذا من الشيعة وغيرهم، يجب على الشيعة وعلى غير الشيعة أن ينظروا في هذا الأمر وألا يبقوا على التقليد الأعمى، واتباع من مضى من ظل في هذا السبيل، يجب على الجميع الرجوع إلى الله والتبصر، وألا يستمروا على الشرك، والتقليد الأعمى، هذا من طريقة الجاهلية، التي عارضوا بها الرسل، قال الله عنهم إنهم يقولون: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23) سورة الزخرف، هذه من طريقة الجهلة الكفرة، فالواجب على عباد القبور أن يرجعوا إلى الله، وأن يتوبوا إلى الله، وأن ينظروا ما كان عليه النبي وأصحابه سواء كانوا من الشيعة، أو من غير الشيعة، فالواجب عليهم الرجوع إلى الله، والتفقه في الدين، وسؤال أهل العلم من أهل السنة، سؤال علماء الشريعة، علماء السنة الذين درجوا على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، الواجب أن يسألوهم عن هذا الأمر، وعما يجب عليهم حتى يعبدوا الله على بصيرة، وحتى يدعو زيارة القبور، والتعلق بالقبور، و الأموات، نعم يدعى لهم يدعى لأهل البيت، علي، والحسين والحسن وفاطمة وغبرهم، يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، والرضا، يُترضى عنهم؛ لأنهم من خيرة الناس، وهكذا بقية الصحابة وبقية المؤمنين يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، لكن لا يعبدون مع الله، لا يدعون مع الله، لا يبنى على قبورهم، فالواجب التوبة من هذا، الواجب على الشيعة وعلى غير الشيعة ومن وقع في هذه الأمور أن يتوب إلى الله، وأن يرجع إليه، وأن يخلص العبادة لله وحده، وألا يدعو إلا لله، وألا يذبح إلا لله، وألا ينذر إلا لله، وألا يستغيث إلا بالله، وألا يطلب المدد إلا من الله، هذا هو الواجب على الجميع، من شيعة وغيرهم، والتوبة مما سلف، الواجب التوبة مما سلف، وأن تكون العبادة لله وحده، كما قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء (5) في سورة البينة، وقال عز وجل: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) من سورة المؤمن، قال جل وعلا: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ*أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ (2-3) من أول سورة الزمر، ويقول جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ (23)من سورة بني إسرائيل، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ (21) من سورة البقرة، ويقول جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) من سورة الذاريات، فاتقوا الله أيها الناس، انتبهوا لهذا الأمر العظيم، أيها العلماء اتقوا الله وعلموا الناس، أيها الواقعون في هذا الشرك انتبهوا واحذروا وتفقهوا في الدين واسألوا أهل العلم، واقرؤوا القرآن وتوصوا، راقبوا الله لا تموتوا على هذه الحالة، فالله جل وعلا يقول: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ (48) سورة النساء، من مات على الشرك لا يغفر له، ويقول سبحانه: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) سورة المائدة، نسأل الله الهداية للجميع، نسأل الله الهداية للجميع، نسأل الله التوفيق للجميع، والفقه في الدين والبصيرة حتى يستقام على الحق، وحتى يترك الباطل، لا يجوز لأحد أن يطمأن لرأيه، وإلى هواه، بل يسأل ويتفقه في الدين ويقرأ القرآن، ويقرأ السنة، وينظر في سيرة النبي والصحابة يطوف في السيرة سيرة النبي مع أهل مكة، لما كان في مكة لما دعاهم إلى التوحيد، ولينظر سيرته مع أهل المدينة يدرس سيرة الصحابة وما كانوا عليه حتى يكون على بصيرة هذا هو الدين، الدين ما كان عليه النبي وأصحابه، هذا هو الدين، أما ما أحدثه الناس بعد ذلك مما يخالفه فليس هو الدين، نسأل الله للجميع الهداية والفقه في الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

442 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply