حلقة 691: حكم طلب الخير ودفع الشر من صاحب القبر - الإستغفار بعد الصلاة - حكم إقامة الموالد وقراءة القرآن للأموات وإهداء ثوابه - هل ثبت في التاريخ أن الأحياء يسمعون أنين وصوت الميت - حكم قراءة القرآن عند قبر الميت

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

41 / 50 محاضرة

حلقة 691: حكم طلب الخير ودفع الشر من صاحب القبر - الإستغفار بعد الصلاة - حكم إقامة الموالد وقراءة القرآن للأموات وإهداء ثوابه - هل ثبت في التاريخ أن الأحياء يسمعون أنين وصوت الميت - حكم قراءة القرآن عند قبر الميت

1-   يوجد عندنا قبور يقال إنها قبور بعض الصالحين، ويقوم بعض الناس بزيارتها لكي تبعد عنهم الشر وتجلب لهم الخير، وتشفي مرضهم -بزعمهم-، ويقولون: إن هذا الصالح له شأن في هذا الشيء، وعند نهاية زيارتهم يضعون بعض النقود على هذا القبر، ما حكم عملهم هذا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن الله عز وجل، شرع لعباده زيادة القبور للذكرى والاستغفار للميتين والدعاء لهم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (زورا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، ويقول لأصحابه عليه الصلاة والسلام، كان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، ويقول عليه الصلاة والسلام إذا زار البقيع: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، ويقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)، ثم يقول: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، هذه السنة، أنه يدعى لهم عند الزيارة ويترحم عليهم، لأنهم في حاجة إلى الدعاء، أما زيارتهم لطلب الشفاء للمرضى أو لطلب المدد والنصر على الأعداء أو ما أشبه ذلك فهذا من الشرك الأكبر، وهو كفر بالله هذا لا يجوز، وهذه حال عباد الأوثان، يعبدون الموتى والأصنام والأشجار والأحجار والكواكب ويسألونهم قضاء الحاجات تفريج الكروب شفاء المرضى ويسألونهم المدد بكل ما يعينهم هذا كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من هذا العمل السيء قبور الصالحين تزار للدعاء لهم والترحم عليهم لا لدعائهم من دون الله، ولا فرق بين العيدروس أو ابن علوان أو غيرهما جميع القبور حتى قبور الأنبياء، حتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- وقبر الصديق وعمر وأهل البقيع كلهم لا يدعون مع الله، لا يستغاث بهم لا ينذر لهم، حتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال: السلام عليك يا رسول الله، ورحمته وبركاته، جزاك الله عن أمتك خير الجزاء وأحسنه، ولا يدعى من دون الله، ولا يقال له المدد، أو اشف مرضانا، أو انصرنا هذا شرك أكبر، وهكذا عند الصديق وهكذا عند عمر، وهكذا عند عثمان، وهكذا علي، وهكذا عند قبور أهل البقيع جميعاً، لا يدعون مع الله، لا يقال انصرونا أو اشفعوا مرضانا، أو أنتم تعلمون حاجاتنا هذا كله من الكفر الأكبر، والغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل: قل لا يعلم من السموات والأرض الغيب إلا الله، فهو الذي يعلم الغيب جل وعلا، ولما سقط عقد لعائشة في بعض الأسفار أناح النبي للناس عليه الصلاة والسلام وطلب العقد وأرسل من يطلبه ويلتمسه، ولم يعرف أين مكانه عليه الصلاة والسلام، وهو سيد الخلق وأفضلهم، لم يعرف أين العقد، طلب أن يلتمسوه فلم يجدوه، فلما لقوا البعير الذي عليه عائشة وجدوه تحته، فلو كان يعلم الغيب لقال انظروا تحت البعير ولم يحتج إلى أن يرسل من يطلبه، ولما قذف المنافقون عائشة وبعض الناس قلدهم وقذفها لم يعلم الحقيقة وتوقف حتى جاءه الوحي بسلامتها وبراءتها رضي الله عنها وأرضاها، فالغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه نبي ولا ملك ولا غيرهما، إلا ما علم الله عباده، إلا ما أوحى الله به إلى أنبيائه وعلمهم إياه، هكذا لا يدعوا مع الله ولا يستغاث بهم وهم أنبياء قال الله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً، فأحداً هذا عام نكرة في سياق النهي، يعم الأنبياء ولا غيرهم، وقال سبحانه: ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به، فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون، فسمى دعاة غير الله كفرة، يعني دعاء الأموات والأنبياء ودعاء الأشجار والأصنام ونحو ذلك، قال الله لنبيه: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك، فإن فعلت فإنك إذن من الظالمين، يعني المشركين والمقصود تحذيره - صلى الله عليه وسلم -وتحذير الأمة، وهو - صلى الله عليه وسلم -لا يشرك، قد عصمه الله من هذا، لكن المقصود تحذير الأمة، وبيان أن هذا الأمر خطير ولا يجوز لأحد أن يفعله وهكذا قوله سبحانه: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، أوحى الله إليه هذا الأمر، ليعلم الناس أن الشرك محرم، وأنه أعظم الذنوب وأنه محرم على الأنبياء وعلى غيرهم، وقال سبحانه: ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاؤكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير، سبحانه وتعالى، فجعل دعاة غير الله كائناً من كان من الشرك، وقد أخبر أن المدعوين لا يسمعون دعاء الداعين وأنهم لو سمعوا ما استجابوا فالواجب الحذر من هذا الشرك الوخيم، وتحذير الناس من ذلك، والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر العظيم، وأن يحذروهم من التعلق على القبور والتعلق على الأموات والاستغاثة بهم والنذر لهم وطلبهم المدد والعون كل هذا من المحرمات الشنيعة بل من الشرك الأكبر، وإذا كان هذا لا يجوز مع النبي ولا مع الخلفاء الراشدين، فكيف يجوز مع العيدوس أو مع ابن علوان أو مع الشيخ عبد القادر أو مع علي أو مع الحسن أو مع فاطمة أو مع غيرهم!!، ما يجوز أبداً مع أحد، فالعبادة حق الله وحده، قال سبحانه: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، وقال: ادعوني أستجب لكم، قال: يا أيها الناس اعبدوا ربكم، وقال سبحانه: إياك نعبد وإياك نستعين، فهو المعبود بالحق وهو المستعان جل وعلا، فلا يدعى معه أحد لا ملك ولا نبي ولا صنم ولا شجر ولا حجر ولا ميت فالعبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، قال تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، وقال سبحانه: فاعبد الله مخلصاً له الدين، وقال جل وعلا: فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، أما الحي فلا بأس يقال له يا عبد الله أعني على كذا، الحي الحاضر، تقول: أعني على إصلاح سيارتي، أقرضني كذا وكذا، حي يسمعك ويقدر، تقول له أعني على كذا، أعني على تعمير بيتي، على إمساك دابتي، على إصلاح سيارتي هذا لا بأس، كما قال الله في قصة موسى عليه السلام،:فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه يعني حي قادر، أما الأموات لا يدعوا مع الله وهكذا الأصنام وهكذا الأشجار والأحجار وهكذا النجوم كل ذلك من الشرك الأكبر نسأل الله العافية، فنصيحتي لكل مسلم أن يحذر هذا، وعلى العلماء أن يحذروا الناس من هذا الشرك الوخيم، على العلماء في كل مكان أن يتقوا الله وأن يعنوا بهذا الأمر بالكتابة وفي خطب الجمعة، وفي غير ذلك، وهكذا زيارة القبور حتى ينبه الناس، القبر الذي يدعى من دون الله، لا يزار، حتى ينبه أهله يزوره العالم، يقول: يا ناس هذا لا يجوز سلموا وادعوا له بالمغفرة والرحمة، أما أن تدعوه من دون الله؛ المدد المدد يا سيدي فلان، اشفع لنا انصرنا، هذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله فيجب الحذر.                                            
 
2-   هناك من يقول إن استغفار الجماعة مع الإمام بعد الصلاة بصوت مرتفع مشروع وجائز، بدليل ما كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إذا دخل الداخل للصلاة يعرف أنها قد قضيت برفع التسبيح من الرسول وأصحابه، علماً أنني لم أرتض هذا القول، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيراً.
الصواب شرعية الذكر والدعاء عقب الصلاة، أما الدعاء والاستغفار يكون بين العبد وبين ربه، لكن بعد الصلاة يذكر الله، يقول ابن عباس رضي الله عنهما كان رفع الصوت في الذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن عباس: "كنت أعلم إذا انصرفوا منها إذا سمعتهم، فالسنة رفع الصوت بالذكر بعد الصلوات الخمس كما رفعه النبي - صلى الله عليه وسلم -والصحابة حتى يتعلم الجاهل ويتذكر الناسي ويعلم النازل الذي حول المسجد أنها انتهت الصلاة، أما الدعوات الخاصة بين العبد وبين ربه، يدعو الله بينه وبين ربه ولو سمع من حوله، لا بأس، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم -إذا سلم استغفر ثلاثاً، وقال: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، هكذا أخبر ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عن رسول الله أنه كان يفعل هذا، فلولا أنه كان يسمعه ما أخبر به، فدل على أن ثوبان سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا استغفر بقدر ما يسمع، يسمع من حوله فلا بأس ولكن الذكر الذي يرفع به أكثر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرين، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، أخبر ابن الزبير وأخبر المغيرة بن شعبة أن النبي كان يفعل هذا، يرفع صوته بهذا عليه الصلاة والسلام، وهكذا سبحان الله والحمد لله والله أكبر بعد الصلاة كله ذكر، أما الدعاء فإذا أسر به بينه وبين ربه ولا يسمعه من حوله فلا بأس، هذا هو الأفضل.          
 
3-  إن إقامة المواليد وقراءة القرآن للأموات وإهداء ثوابه إليهم جائز؟
الصواب أنه بدعة، إقامة الموالد والاحتفال بها بدعة، ما فعله الرسول ولا الصحابة ولا أمر به ولا دعا إليه، ولا أقره عليه الصلاة والسلام، ولا فعله السلف الصالح في القرون المفضلة، فهو بدعة ومن وسائل الشرك، الاحتفال بالموالد بدعة منكرة، ولا فرق بين مولد النبي - صلى الله عليه وسلم -ولا غيره، وهو من وسائل الشرك فإن بعض الناس إذا احتفل بالمولد يدعو صاحب المولد، يستغيث به، كما يفعل بعض الجهال بالنبي عليه الصلاة والسلام، وبعضهم يقول إنه يحضرهم النبي عليه الصلاة والسلام، يخرج من قبره يحضرهم هذا من المنكر، النبي لا يخرج من قبره إلا يوم القيامة، لكن روحه في الجنة روحه في أعلى عليين عليه الصلاة والسلام، وترد إلى جسده إذا شاء الله ذلك، عند السلام عليه، عليه الصلاة والسلام كما في الحديث، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله إلي روحي حتى أرد عليه السلام)، فالمقصود أن الاحتفال بالموالد سواء كانت للأنبياء أو لبعض الصالحين وغيرهم أو للملوك كله بدعة، لا يجوز الاحتفال بالموالد؛ لأنه محدث، والرسول - صلى الله عليه وسلم - والرسول - صلى الله عليه وسلم -قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، يعني فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة:(أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرك الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)، وهي أحاديث صحيحة، بعضها في مسلم وبعضها في السنن وبعضها في السنن، فالواجب على علماء الإسلام إرشاد الناس وتعليمهم، والواجب على العامة سؤال أهل العلم عما أشكل عليهم والتفقه في الدين، والسؤال يكون لأهل العلم، علماء السنة، مو بعلماء البدعة، علماء الخرافة، السؤال يكون لعلماء السنة الذين يعرفون سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويحكمون القرآن والسنة ويعملون بهما، أما علماء السوء علماء البدع فليسوا محل السؤال، وليسوا أهلاً للسؤال إنما السؤال يكون لأهل العلم الذين يحكمون كتاب الله وسنة الرسول الله - صلى الله عليه وسلم -ويعملون بهما، ويتأسون بالسلف الصالح باتباع السنة والحذر من البدعة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.  
 
4-  يوجد رجل منزله قريب من المقبرة، وهذا الرجل يقول: إنه في آخر الليل يسمع أنيناً يأتي من المقابر، هل ثبت مثل هذا في التاريخ؟
نعم، نقل جمع من العلماء أنه يقع هذا، يسمع عذاب بعض المعذبين نسأل الله العافية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مر على قبرين فسمع عذابهما، وأخبر الناس بذلك عليه الصلاة والسلام، وقال: (أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول، لا يتنـزه من البول)، نسأل الله العافية، وحدثني بعض الناس من نحو أربعين سنة أنه زار عمة له في المقبرة فسمع صياحاً في قبرها قد مضى عليها مدة طويلة من الموت، وقد أخبره الناس بذلك فذهب ليتحقق الحقيقة فسمع ما سمع الناس، نسأل الله العافية، وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في أهوال القبور، كتاب لابن رجب يسمى أهوال القبور ذكر فيه جملة من هذه الأشياء ووقائع نسأل الله العافية، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يري الله عباده العبر حين يطلع الناس حين يطلع سبحانه بعض الناس هذه الأشياء من باب التذكير ومن باب التحذير ليعتبروا ويتذكروا نسأل الله السلامة.  
 
5-   قرأت كتاب رياض الصالحين في باب الدعاء للميت بعد الدفن والقعود عند قبره ساعة، قال الشافعي رحمه الله في هذا الباب: يستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن كله كان حسناً؟ أرجو من سماحتكم التوجيه النافع لمثل هذا القول.
هذا ليس عليه دليل، وإن صح عن الشافعي فليس عليه دليل، والصواب أنه لا يستحب، والشافعي رحمه الله من العلماء المعروفين بالسنة ولكن كل يخطئ ويصيب، كل عالم له أخطاء، مثلما قال مالك رحمه: ما منا إلا راد ومردود عليه، إلا صاحب هذا القبر، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -، والنبي - صلى الله عليه وسلم -يقول: (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، فليس على القراءة عند القبر دليل، والسنة ألا يقرأ عند القبور، ولكن يدعى للميت بعد الدفن كما قال - صلى الله عليه وسلم - كان - صلى الله عليه وسلم -إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل)، ولما زار قبر أمه استأذن ربه أن يستغفر لها فلم يأذن له، فجلس عندها، وبكى وأبكى عليه الصلاة والسلام، لما حصل من المصيبة في عدم إذنه له سبحانه من الاستغفار لها، وكانت ماتت في الجاهلية، ولما حضرت الوفاة عمرو بن العاص رضي الله عنه أوصى بنيه ومن يحضروا قبره، أن يجلسوا عنده قدر جزور، قدر ما تنحر ويقسم لحمها كي يستأنس بهم حتى ينظر ماذا ــ بينه وبين ربه، وهذا قال من اجتهاده، وليس في هذا قراءة، إنما قصده الدعاء له والترحم عليه، وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -بينة وهي أنه يدعى له بالمغفرة و الثبات، أما كونه يجلس عنده قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها فهذا من اجتهاد عمرو وليس عليه دليل، إنما المشروع أن يدعى له ويستغفر له، الميت المسلم، بعد الدفن، هذا هو المشروع، أما قراءة القرآن عنده سورة أو سور، أو ختم القرآن فهذا ليس عليه دليل والذي ينبغي تركه.  
 
6-   نحن إذا خرجنا من المسجد بعد صلاة العشاء أو صلاة الفجر يوجد على طريقنا مقبرة، فيقف عندها إمام المسجد ونقف حوله، ويقرأ الدعاء على أرواح أهل المقبرة ونحن نؤمِّن على دعائه، ما رأيكم في هذا العمل؟
لا حرج في ذلك، لا حرج فيه، الدعاء لهم هذه زيارة، إذا مررتم عليهم ودعوتم لهم فجزاكم الله خيراً.  
 
7-   إذا قال الرجل لزوجته: أنتِ طالق إذا دخلت بيت فلان بغير إذني!! وقد كان في نية الزوج ساعة التلفظ أنها إذا دخلت ذلك البيت لغرض في نفسه يقع الطلاق، أما إذا دخلت لحاجة أخرى كزيارة مريض وغيرها فلا يقصد الطلاق. أولاً: هل يقع الطلاق إذا دخلت المرأة ذلك البيت مطلقاً، أم يقع فقط عندما تدخل البيت للغرض الذي كان في نفس الزوج ساعة التلفظ؟ ثانياً: إذا اطمأن الزوج من زوجته ثم أراد أن يعطيها الإذن بالدخول متى أرادت؛ لأنه يشق عليها أن تستأذن منه دائماً؛ نظراً لظروف عمل الزوج، فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً.
العمل على النية، إذا قال: إذا دخلت بيت فلان فأنت طالق، وقصده إذا دخلت لغرض معين، إما لزيارتهم المطلقة، أو لطلب شيء منهم للاستعارة أو ما أشبه ذلك، فهو على نيته، وإذا كان قصده أنه إذا زارتهم لأجل المريض، عيادة المريض أنه لا يقع فهو لا يقع فهو على نيته، المقصود أنه على نيته، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، وإذا نوى زجرها ومنعها ولم يقصد الطلاق، فعليه كفارة اليمين، ولا يقع الطلاق، أما إذا قصد إيقاع الطلاق، لكن بشرط أن تكون الزيارة لمجرد الأنس أو مجرد الحاجة تحتاجهم بشيء أو ما أشبه هذا مما ينويه فله نيته، وإذا دخلت على وجه لم ينوه فلا يقع الطلاق، الأعمال بالنيات، وإذا كان نوى إلا بإذنه ثم أذن لها لم تحتج إلى استئذان بعد ذلك، إذا نوى أنها إذا خرجت بإذنه فلا شيء، فإنه متى أذن لها انتهت اليمين وانتهى التعليق ولا حرج عليها بعد ذلك، إذا قال متى شأت فاذهبي لا بأس.  
 
8-  ما هي أسباب الخشوع في الصلاة؟
أسباب الخشوع في الصلاة، الإقبال على الله، وتذكر أنك بين يديه وأنك في حضرته سبحانه وتعالى، وأنك تناجيه جل وعلا، وأن هذه الصلاة أعظم العبادات وأهمها بعد التوحيد فإذا تذكرت هذه الأمور خشع قلبك كما قال الله سبحانه:قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، ويقول - صلى الله عليه وسلم -:(إذا قام أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه، فلا يمس الحصى ــ)، فالمقصود أن الإنسان بين يدي ربه في الصلاة، فليستحضر هذا الأمر العظيم حتى يخشع قلبه وتخشع جوارحه، وفي حديث آخر: (إذا قام أحد يصلي فإنه يناجي ربه، فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه ولكن عن يساره تحت قدمه)، فأنت يا عبد الله بين يدي الله، واقف بين يديه تناجيه وتقرأ كتابه، وتركع وتسجد بين يديه، فاخشع له سبحانه، واستحضر هذه العظمة له، وأنك بين يدي الملك العظيم، الذي لا أعظم منه سبحانه وتعالى، وهذا كل ما يسبب خشوعك وانكسارك بين يدي الله سبحانه وتعالى.  
 
9-   أسئلة تدور حول تارك الصلاة، ولا سيما إذا كان أباً أو عماً، وتارك الصلاة هذا قد يصلي الجمعة فقط، وقد يصلي بعض الفروض ويترك الفروض الأخرى، ويسأل سماحة الشيخ: هل يجوز تقبيل رؤوسهم، وهل يجوز بدؤهم بالسلام، ويرجو التوجيه حول هذا الموضوع الخطير؛ لأنه يلاحظ انتشاره في كثير من المحلات جزاكم الله خيراً.
ترك الصلاة جريمة عظيمة ومنكر شنيع، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في كفر صاحبه، إذا لم يجحد وجوبها، وإنما فعله تكاسلاً وتهاوناً، فقال بعضهم: يكون كفراً أصغر، وقال بعضهم: بل يكفر كفراً أكبر، وهذا هو الصواب ولو صلى الجمعة بعض الأحيان، ولو صلى بعض الأوقات، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، فالصواب أن الكفر يكون كفراً أكبر، لكن إذا كان التارك الوالدين أو أحدهما فإنك ترفق بهما وتنصحهما، كما قال عز وجل في الكافرين، وصاحبهما في الدنيا معروفاً، فلوالد حق عظيم، ولو كان كافراً، عليك أن ترفق به، وأن تصحبه بالمعروف لعل الله يهديه بأسبابك، ولو قبَّلت رأسه ترجو أن الله يهديه بسبب ذلك، فلا بأس بذلك، هذا من المعروف وصاحبهما في الدنيا معروفاً، والدعاء له، أن الله يوفقه ويهديه ويشرح صدره للحق، والإنفاق عليه إذا كان محتاج، كل ذلك من أسباب هدايته، أما غير الوالدين إذا لم يقبل الحق، فإنه يزجر يستحق الهجر، لا تجاب دعوته إلى عرس ولا غيره، ولا يدعى إلى وليمة، ولا يصافح ولا يسلم عليه؛ بل يهجر حتى يتوب، وينبغي أن يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا كان في بلاد إسلامية يرفع أمره إلى ولي الأمر حتى يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله عند جمهور أهل العلم إما لردته، وهو الصحيح، وإما لكونه أتى حداً يوجب قتله، والله يقول: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، فدل على أن الذي ما يصلي لا يخل سبيله بل يقتل، إذا استتيب ولم يرجع يقتل، فالأمر عظيم جداً، وجدير بالعناية، لكن عليك أن تجتهد أنت وإخوانك في دعوة من ترك الصلاة من أقاربكم إلى الخير، وأن تنصحوه تجتهدوا وإذا كنتم جماعة كان أقرب إلى النجاح مع العبارة الحسنة والأسلوب الجيد الحسن لعل الله يهديه بأسبابكم، أما الوالدان فأمرهما أعظم، فالواجب العناية بهما بكل الوجوه ودوام التوجيه وعدم اليأس مع صحبتهما بالمعروف لعل الله يهديهما بأسبابك يا ولدهما، وفي كل حال هذا موضوع عمت به البلوى، وخطر كبير فلا ينبغي التساهل به، ينبغي لأهل الإيمان العناية بهذا الأمر وإن كانوا ليسوا أولاداً، فينبغي أن يعتنوا بجيرانهم وأقاربهم وأن ينصحوهم حتى يستقيموا على أداء الصلاة وحتى يحذروا تركها ولو بالتعاون، يجتمع اثنان وثلاثة وأربعة وخمسة يروحون إلى المتخلف وينصحونه ويحذرونه من مغبة عمله، ويهددونه بأنه إذا لم يستجب، سوف يرفعون أمره إلى ولي الأمر، إلى المحكمة إلى الهيئة حتى ينفذ في حقه ما يجب، وهذا من باب إنكار المنكر، ومن باب التعاون على البر والتقوى، نسأل الله للجميع الهداية.

356 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply