حلقة 693: حكم لبس الحلي للمرأة وفيه صور الحيوانات - حكم من يترك صلاة الفجر ويصلي بقية الفروض - الدية بالتراضي - جور الأباء على بعض الأبناء - القراءة في الوتر جهرا - صفة سجود التلاوة - هل يشترط التتابع في صوم كفارة اليمين؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

43 / 50 محاضرة

حلقة 693: حكم لبس الحلي للمرأة وفيه صور الحيوانات - حكم من يترك صلاة الفجر ويصلي بقية الفروض - الدية بالتراضي - جور الأباء على بعض الأبناء - القراءة في الوتر جهرا - صفة سجود التلاوة - هل يشترط التتابع في صوم كفارة اليمين؟

1-  إذا كان في الحلي بعض صور الحيوانات فهل يجوز لبسه؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا يجوز للمرأة أن تلبس حلياً أو ملابس أخرى فيها صور الحيوانات، لا أسود ولا نمور ولا ذئاب ولا رجال ولا نساء، الواجب أن يزال الرأس فإذا أزيل الرأس بأي طريقة جاز اللبس؛ لأن الرسول أمر بإزالة الرأس حتى يكون كهيئة الشجرة، ولما رأت الستار عند عائشة فيه صورة هتكه وغضب عليه الصلاة والسلام، وقال: (إن أصحاب هذا الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، فالواجب أن تزال هذه الصورة بالطريقة الممكنة ويكفي أن يزال الرأس.  
 
2-  بعض الأشخاص لا يصلون صلاة الفجر، ويصلون الصلوات الأخرى، فهل صلاتهم هذه مقبولة؟
الصحيح من أقوال العلماء أن من ترك واحدة من الصلوات كفر، ولا تقبل بقية صلواته ولا بقية أعماله؛ لأن الصلاة عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه، ومن ضعيها فهو لما سواها أضيع، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وليس في قوله بين الرجل وبين الكفر مفهوم، الأحكام تعم الرجال والنساء فكل حكم يرد الرجل له فهو للنساء وكل حكم يرد للنساء فهو للرجال، إلا ما خصه الدليل، والخلاصة أن من ترك الصلاة من الرجال والنساء كفر بذلك، ولو لم يجحد وجوبها هذا هو الصواب من قولي العلماء، وهو المعروف عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-فالواجب على من ترك الصلاة أو ترك فرضاً منها أن يتوب إلى الله وأن يبادر في الرجوع إليه والتوبة إليه توبة نصوحاً، والله يتوب على التائبين، سواء كانت صلاة الفجر أو المغرب أو العشاء أو الظهر أو العصر، أو الجمعة، والواجب على أقاربه وإخوانه وزملائه أن ينصحوه وأن يوجهوه إلى الخير وأن ــ عليه، لما تساهل فيه من الصلاة، فإن لم يبادر يرفع به إلى ولي الأمر حتى يعاقب بما يستحق، ولا يجوز السكوت عنه ولا التساهل معه لأن الله يقول جل وعلا: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقول جل وعلا: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم- :(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، فترك الصلاة أعظم المنكرات بعد الشرك، أعظم ذنب بعد الشرك ترك الصلاة وتركها من الكفر، داخل في الشرك والكفر، للحديث السابق، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فهن تركها فقد كفر)، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم-لما سئل عن بعض الأمراء الذين يخالفون بعض الشرع، سأله السائل هل نقاتلهم؟ قال: (لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)، وفي رواية: (إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم من الله فيه برهان)، فجعل ترك الصلاة برهاناً على الكفر الأكبر الذي يبيح الخروج على ولاة الأمور، وجعل إقامتها برهاناً على الإسلام، وأنه لا يجوز الخروج على من أقام الصلاة، فالحاصل أن الواجب على كل مسلم أن يؤدي الصلاة في أوقاتها وهكذا المسلمات من النساء، يجب على كل مسلم ومسلمة مكلف أن يؤدي الصلاة، في أوقاتها، ومتى ترك واحدة من الصلوات الخمس كفر بذلك، فإن تركها كلها كفر أيضاً من باب أولى، نسأل الله السلامة، وقد يفعل بعض الناس منكراً آخر، وهو أنه يصلي في رمضان، ولا يصلي في غير رمضان، أو يصلي الجمعة ولا يصلي غيرها، وهذا أشد كفراً ممن ضيع صلاة الفجر نسأل الله العافية، فالحاصل أن من ترك الصلاة يوماً أو شهراً أو سنة أو في الأسبوع مرة أو في الأسبوع مرتين هو كافر بكل حال لكن كلما كان الترك أكثر، صار الكفر أشد نسأل الله العافية.  
 
3-  إذا كان شخص عنده دية لشخص ما، وأعطاه حاجة ثمنها يساوي الدية التي عنده، فهل هذا جائز؟
نعم إذا تراضوا على ذلك، لا بأس، إذا تراضوا وأخذ عن الدية أرضاً أو سيارات أو حبوباً أو غير ذلك لا بأس، مثلما قال - صلى الله عليه وسلم-: (الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً).  
 
4-   شخص ترك ثلاثة من الأولاد، ولد وبنتان، وترك الإرث للولد، وتوفي هذا الولد وواحدة من البنات، وواحدة ما تزال على قيد الحياة، فهل يحق لها أن تطالب ابن أخيها المتوفى؟
نعم، هذا جور، جعل المال للذكر دون الانثيين هذا جور، ولا مانع من مطالبة البنتين لأخيهن بحقهما أو لابنه بعد موته بحقهما، ورثة الميتة والحية تطالب بحقها، إلا أن يكون له مسوغ شرعي، يعني يعتقد أنهما كافرتان ليس لهما إرث منه، فهذا يرجع إلى المحكمة، تراجع المحكمة في ذلك، أما إذا كان الولي مسلماً والبنتان مسلمتين والميت مسلم، فالواجب أن تكون التركة بين الجميع، بين الذكر والأنثيين، للذكر مثل الأنثيين، تقسم بينهما، للرجل نصفها وللبنتين نصفها الثاني بينهما، فإذا كان في ذلك إشكال ونزاع فهذا يرجع فيه إلى المحكمة الشرعية.  
 
5-  هل صلاة الوتر هل القراءة فيها جهرية أم سرية؟
جهرية، إلا إذا صلاها في النهار، إذا فاته الليل وصلى في النهار بدلاً من صلاة الليل يسر، لأن صلاة النهار سرية إلا صلاة الفجر فإنها جهرية، صلاة الجمعة جهرية، وصلاة الكسوف، والاستسقاء جهرية، أما صلاة الوتر إذا قضاها غير جهرية كما يصلي صلاة الضحى غير جهرية والرواتب غير جهرية، السنة قبل العصر غير جهرية، لكن لا يصلي وتراً، إذا فاته الوتر من الليل يصلي شفعاً، هذا السنة، لأن النبي كان يصلي خمساً بالليل فإذا فاته بسبب النوم يصلي ستاً في النهار، ثلاث تسليمات، وإذا قال نويته سبعاً، صلى أربع تسليمات، وهكذا. والحكم واحد بالنسبة للرجال والنساء؟ الحكم واحد للرجال النساء، تقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي - صلى الله عليه وسلم-إذا نام عن ورده من الليل أو شغله عنه مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وكان وتره في الغالب إحدى عشرة عليه الصلاة والسلام. من حيث الجهرية والسرية بالنسبة للنساء؟ عام، عام للرجال والنساء. المرأة لها أن تجهر؟ نعم، تجهر في المغرب والعشاء والفجر، في الركعتين الأولى، الأولى والثانية من المغرب، والأولى والثانية من العشاء، تجهر، كالرجل، وفي الفجر، كذلك. هل لذلك من شرط معين؟ ما فيه شرط إلا إذا كان هناك رجال أجانب تخفض صوتها. 
 
6-  هل سجود التلاوة فيه تسليمتان أم تسليمة واحدة على اليمين؟
إذا كان خارج الصلاة ليس فيه تسليم، ولا تكبير، إلا تكبيرة واحدة فقط، عند السجود يكبر فقط، هذا هو السنة، إذا كان خارج الصلاة، ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، مثل سجود الصلاة، ويدعو فيه مثل ما يدعو في سجود الصلاة، ولكن ليس فيه التكبير إلا التكبيرة الأولى عند السجود، هذا هو المشروع، أما إذا كان في داخل الصلاة فإنه يكبر عند الهوي ويكبر عند الرفع، لأنه - صلى الله عليه وسلم-كان إذا قام كبر وإذا سجد كبر، كان يكبر في كل خفض ورفع في الصلاة، فسجود التلاوة في الصلاة مثل سجود الصلاة، يكبر في الخفض ويكبر في الرفع، إذا كان في داخل الصلاة.   
 
7-  صمت ستة أيام كفارة يمينين، لكن الصيام لم يكن متتالياً، فهل أعيد ما صمت أم أن ما فعلت كان على الطريقة الصحيحة؟
يجزئ إن شاء الله لكن التتابع أولى، لأن بعض الصحابة أفتى بالتتابع وقرأ في قوله جل وعلا: فصيام ثلاثة أيام قرأها متتابعة، وهو ابن مسعود رضي الله عنه، فينبغي أن تصام متتابعة، ومن صامها متفرقة نرجو أن تجزئه لكنه ترك الأحوط، وإن قضيتها احتياطاً متتابعة فلا بأس.  
 
8-   أسألكم عن بيع بعض الأدوية التي يشك الصيدلي في أن المشتري سيسيء استخدامها، رغم أن هذه الأدوية غير ممنوعة، ومعروف عنها علمياً أنها ليست من المخدرات، مع العلم أنه لو امتنع عن بيعها قد يتعرض للكذب، وذلك بإنكاره وجود هذه الأدوية عنده، وأنه لا بد من وجودها في الصيدلية، وذلك لأن معظم المرضى يستعملونها للعلاج، وأنه لو امتنع عن بيعها لمن يسيء استعمالها قد يعرض صاحب العمل لبعض النقص في الإيراد المادي؟ وجهونا حول هذه القضية، جزاكم الله خيراً.
هذا فيه تفصيل، إن كان يعلم أن الحبوب التي تطلب يستعان بها على الزنا والفواحش هذا لا يبيع عليهم إذا كان يعرف عنهم هذا الشيء، أو يغلب على ظنه أن المشتري يستعملها فيما حرم، أما مجرد الشكوك والظنون السيئة فلا عبرة بها، فيبيع ولا يمتنع، ما دامت علاجاً للمرض الذي يريد الشراء من أجله، فلا يمتنع بل يبيع إلا إذا عرف أن هذا المشتري يستعملها فيما حرم الله، أو غلب على ظنه ذلك، فهذا من باب التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان، لا مانع أن يمتنع من بيعها لأي عذر شرعي يستطيعه، يعني يلتمس عذراً شرعياً ليس فيه كذب.  
 
9-  بيع هذه الأدوية لهذا المشتري بأكثر من سعرها هل هو جائز؟
لا له أن يزيد، بل يبيع بالسعر المحدد عنده، ولا يجوز أن يزيد على بعض الناس، بل يجب أن يبيع مثلما يبيعه على الناس الآخرين، إذا كان سعره محدد من الجهات المختصة أو في أسواق الناس ليس له أن يزيد.  
 
10-   قبول الصيدلي هدايا من الشركات المنتجة لبعض الأدوية، رغم أنه ليس صاحب المال الذي يعمل به وإنما يعمل بالأجر فيه، وأن هذه الهدايا لن تؤثر على عملية البيع والشراء لمنتجات هذه الشركات التي قدمت الهدايا في الصيدلية التي يعمل بها هذا الصيدلي، وماذا لو أثرت هذه الهدايا على عملية البيع والشراء لمنتجات هذه الشركات في هذه الصيدلية؟
هذا أيضاً فيه تفصيل، إذا كانت الهدايا تسبب له خيانة في العمل، و إيثار هذه الشركة على غيرها فيجتهد في بيع منتجاتها وما يكون لها عنده ويتساهل مع الباقين فليس له ذلك، فهو مؤتمن على بيع الجميع الذي عنده، فهو عامل مأمور بأن يبيع ما عنده من هذه الأدوية أو هذه السلع، فإذا كانت الهدية لا تعلق لها بذلك بل أهدوها إليه لأنه قريبهم أو يعينهم على أشياء أو لأنه وكيلهم وهي لا تؤثر عليه في أعماله ما نعلم ما يمنع من قبولها، أما إن كانت تؤثر في العمل وتجعله يميز هذه الشركة، فيحرص على بيع منتوجها وما توكله عليه ويتساهل في أمر الباقين فهذا لا يجوز، لأن فيه خيانة.  
 
11-   بيع العبوة الأكبر من الدواء للمريض رغم وجود العبوة الصغيرة، ورغم أن استعمال العبوة الصغيرة قد يكفي، ولكن العبوة الكبيرة سعرها أكثر، مع العلم أن العبوة الكبيرة لا يضر المريض استعمالها، وأن الطبيب لم يحدد العبوة المطلوبة؟
عليه أن يبين الحقيقة، يبين هذا وهذا ويشرح لصاحب الحاجة أن ــ عبوة كبيرة سعرها كذا، وعبوة صغيرة سعرها كذا ويبين فوائد هذه وفوائد هذه ويتقي الله في ذلك ولا حرج عليه، وأما أن يخص الكبيرة هذا يضر الناس ولكن يبين هذا وهذا، لأن بعض الناس دخله ضعيف يحتاج إلى العبوات الصغيرة، مادامت تكفي، فالحاصل أن يبين هذا وهذا، ويشرح لصاحب الحاجة هذا وهذا، وأن هذا سعره كذا، وهذا سعره كذا، وهذا فائدته كذا، وهذا فائدته كذا، ويصدق في ذلك ويتقي الله في ذلك، ثم صاحب الحاجة يشتري ما شاء.  
 
12-  إن بعض المشترين لا يساوم في البيع والشراء، فماذا إذا بعنا على أولئك بسعر يختلف عن المساومين؟
الواجب أن يباع بسعر واحد إذا كان هو المعروف، ولا تستعمل جهل الجاهلين وغفلة الغافلين، أما إذا كان السعر على شيء واحد معروف ولكنه نزله لهذا من أجله محبته له أو صداقته له، أو فقره أو ما أشبهه والمال ماله وسامح بعض الناس وإلا السعر معروف فالسعر عنده للعموم عشرة، ولكن قد يسامح بعض الأصدقاء أو بعض الفقراء فيبيع بتسعة أو بثمانية هذا لا بأس، أما أنه يستغل الجهلة والمغفلين فيبيع ما سعره عشرة بإثنا عشر ثلاثة عشر أو بأكثر لأنهم لا يساومون هذا لا يجوز، الواجب أن يبيع عليه بالسعر الذي يبيع للناس.  
 
13-  أيضاً أسأل عن بيع السلعة الأغلى مع أن هناك سلعة أرخص منها تؤدي نفس الغرض؟
مثلما تقدم يبين هذا وهذا، يشرح للراغب حال السلعتين وفائدة السلعتين، وقيمة السلعتين حتى يكون المشتري على بصيرة، إن شاء أخذ هذا وإن شاء أخذ هذا.  
 
14-   اشرحوا لنا هذا الحديث جزاكم الله خيراً، عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه في نار جهنم رواه مسلم، وما معنى يطلبه من ذمته؟
المعنى أن من صلى الفجر فهو في ذمة الله يعني فهو آمن لا يجوز الاعتداء عليه، فمن اعتدى عليه فهو معرض لغضب الله، ولدخول النار نسأل الله العافية، والمقصود من هذا أن صلاة الفجر لها شأن عظيم، فمن حافظ عليها حافظ على ما سواها، لأنها أثقل الصلاة على المنافقين مع صلاة العشاء، فالمحافظة عليها والعناية بها دليل على قوة الإيمان، فصاحبها في ذمة الله وفي أمان الله وعهد الله فلا يجوز لأحد أن يتعدى عليه، ومن تعدى عليه فالله جل وعلا سوف يطلبه الله بها بهذه الذمة التي خانها ومن طلبه الله أدركه الله وكبه في النار نسأل الله العافية، والمقصود من هذا التحذير من التعدي على المصلين والتعدي على المؤمنين ولا سيما من حافظ على صلاة الفجر، فإنه دليل على قوة إيمانه وعلى المحافظة على بقية الصلوات فلا يجوز التعدي عليه بأي نوع من العدوان نسأل الله السلامة.  
 
15-  كيف يؤدي المرء زكاة ماله إذا كان راتبه مثلاً سبعمائة ريال شهرياً؟
إذا كان هذا الراتب، يصرف في حاجته ولا يبقى عنده شيء ما عليه زكاة، أما إذا كان يحفظه لأنه في بيت ينفق عليه كأبيه أو غيره ويحفظ هذه الرواتب فإنه يزكيها كلما حال الحول، فإذا حال الحول على راتب رمضان زكاه في رمضان المقابل، وإذا حال الحول في راتب شوال زكاه في شوال، وإذا حال الحول على راتب ذي القعدة زكاه في ذي القعدة، وهكذا كل راتب يزكى في الحول الذي يقابل حوله يعني عند تمام السنة، فإن زكى المتأخر مع المتقدم، وعجل زكاة المتأخر مع المتقدم، كان له فضل في ذلك ولا بأس، مثلاً أخرج زكاة شوال مع زكاة رمضان، أو أخرج زكاة ذي القعدة وشوال مع زكاة رمضان، عجلها هذا طيب ومجزئ ولا بأس.  
 
16- هل يجوز الدعاء بعد كل صلاة مكتوبة، وما معنى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات؟
الدعاء في آخر الصلاة مستحب وسنة وقربة قبل السلام، هذا هو الأفضل، يدعو ما يسر الله قبل السلام من خير الدنيا والآخرة، ومن أفضل الدعاء قبل السلام التعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وهكذا يقول: (اللهم أعني على ذكرك وشكر وحسن عبادتك)، (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، (اللهم اغفر ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت)، (اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر)، كل هذه الأدعية صحيحة ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ويستحب الدعاء بها في آخر الصلاة، ودعاء: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً) هذا يدعى به في آخر الصلاة وفي كل وقت، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-لما سأله الصديق، قال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي رواية، وفي بيتي، قال: (قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، وهذا يدخل فيه الدعاء في آخر الصلاة، وفي السجود، وفي بين السجدتين كله داخل في هذا، وهكذا في بقية الأوقات في بيته في الطريق في أثناء الليل إلى غير ذلك.  
 
17-  من هم الصوفيون وما موقف الإسلام منهم، جزاكم الله خيراً.
الصوفيون: جماعات اشتهروا بإحداث طرق في العبادة والتنسك ما شرعها الله، في صلواتهم وفي أذكارهم وفي خلواتهم، يقال لهم الصوفية، قال بعضهم: معناه من التصوف، لأنهم يلبسون الصوف، وقال بعضهم أنها من الصفا، وأنها نسبة غير لغوية، يعني غير مستقيمة على الطريق السوي في النسبة، وأنها من الصفا، وأنهم يعتنون بصفاء القلوب من الكدر، من كدر الذنوب وكدر كسب الحرام، ونحو ذلك، فالتصوف هو التعبد على طريقة خاصة لم تأت بها الشريعة، ولهذا غلب على المتصوفة البدع، ويسمى الزاهد الذي يحرص على التفرغ للعبادة والزهد في الدنيا، وطلبها يسمى أيضاً صوفي، لكن إذا كان ما أحدث بدعة وإنما صفته الزهد والرغبة في الآخرة والتقلل من الدنيا، والحرص على أعمال الآخرة هذا ما يسمى صوفي في الحقيقة؛ يسمى زاهد، فإذا كان زهده يوقعه فيما حرم الله ولا يزيد في أعماله على ما أوجب الله ولا يبتدع بل يتحرى الشريعة في أعماله وأقواله، فهذا مشكور ويثنى عليه كالجنيد بن محمد، وأبي سليمان الدارني، وبشر الحافي وجماعة، اجتهدوا في العبادة والزهد في الدنيا، فهؤلاء يثنى عليهم كثير، من أجل زهدهم ورغبتهم في الآخرة، وعدم ابتداعهم.

429 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply