حلقة 155: من مات ولم يحج وقادرفما الحكم؟ - هل يمنع الكحل من وصول الماء إلى الجلد عند الوضوء؟ - حكم حلق اللحية مع الدليل؟ - ركعات قيام الليل، ووقته - حكم تحديد النسل - حكم شرب الدخان - من لديه فشل كلوي،كيف يصوم؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

5 / 50 محاضرة

حلقة 155: من مات ولم يحج وقادرفما الحكم؟ - هل يمنع الكحل من وصول الماء إلى الجلد عند الوضوء؟ - حكم حلق اللحية مع الدليل؟ - ركعات قيام الليل، ووقته - حكم تحديد النسل - حكم شرب الدخان - من لديه فشل كلوي،كيف يصوم؟

1- هل صحيح أن من مات ولم يحج وهو قادر على ذلك يكون نصرانياً أو يهودياً؟ وإذا كان كذلك تقول: فهي فتاة تود أن تؤدي فريضة الحج، ولكن جميع أفراد الأسرة قد أدوا هذه الفريضة عندما كانت صغيرة، فماذا تفعل، تقول: وأنا لا أجد من يحججني، هل علي إثم، وهل على أسرتي إثم في ذلك؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالحج فريضة على كل مسلم مكلف مستطيع من الرجال والنساء، مرة واحدة في العمرة، لقول الله -جل وعلا-: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً[آل عمران: 97]، ومن تركه وهو قادر فهو على خطر، فقد روي عن علي -رضي الله عنه- أنه قال فيمن تركه وهو قادر: (لا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً)، هذا من باب الوعيد، هذا من باب التهديد والوعيد، وإلا فليس بكافر، من تركه ليس بكافر لكنه عاص، إذا ترك الحج وهو يستطيع، تركه تساهلاً فهو عاصٍ، ويروى عن عمر أنه قال: (ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين) والنص في ذلك كله للتحذير والترهيب من التساهل، وإلا فالذي ترك الحج وهو مستطيع قد عصى ولكنه ليس بكافر، بل مسلم يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، وإذا لم يكن لديك محرم فليس عليك حج، حتى يتيسر نحو أخ أو أب أو عم أو خال، وإذا كان المرأة لا تجد محرماً فلا شيء عليها، والحمد لله.  
 
2- هناك كحل على شكل قلم، هل يمنع هذا الكحل من وصول الماء إلى الجلد عند الوضوء؟
لا يمنع، هذا صبغ لا يمنع، والحناء في اليد صبغ، أما إذا كان له جسم يمنع من الماء يزال الجسم، إذا كان هناك جسم متلبد من الحناء، أو من الكحول يزال عند الوضوء، أما مجرد وجود سواد الكحول أو حمرة الحناء أو شبه ذلك هذا لا يمنع، لا يمنع في اليد الحناء أو في الرجل، أو الكحل في العين هذا لا يمنع من الوضوء، لأنه صورة لا جسم لها.  
 
3- تعودنا في كل رمضان أداء العمرة، ولكن والدي لا يذهب معنا دائماً، ويسمح لوالدتي بالذهاب، هل عليها إثم إذا تركته لوحده وهي لا تعلم ما إذا كان راضياً بقلبه أم لا؟
متى سمح لها والحمد لله يكفي، متى سمح لها بعمرة والحج فلا حرج عليها، والقلوب إلى الله -سبحانه وتعالى-، فمتى سمح لها فإنها تحج وتعتمر، حجاً نافلة أو عمرة نافلة. أما الفريضة فيجب عليها الحج ولو ما سمح، إذا وجدت لها المحرم، يجب عليها أن تحج، أما النافلة فلا حرج إن سمح لها حجت وإلا فلا تحج، وإذا رأت المصلحة في خدمته قدمت مصلحته، إذا رأت المصلحة في خدمته وأنه محتاج إليها، فلأفضل أن تخدمه، لأنه قد يسمح لها وهو غير راضٍ، فإذا جلست عنده تخدمه وترعى له مصالحه فهو أفضل.  
 
4- رجل طلق زوجته طلقتين، وهددها في المرة الثالثة إن هي تلفظت بكلمة يكرهها أن يطلقها الطلقة الثالثة، وتلفظت بها، وأنكرت سماعها، وهو جادٌ في طلاقها، ليس كرهاً لها، ولكن حتى لا تتلفظ بما يكرهه، فما الحكم؟
عليه أن يحضر معها إلى المحكمة في بلده حتى تفتيه المحكمة، أو تكتب الواقع وترسله إلينا حتى ننظر في الأمر إن شاء الله، يحضر السائل والزوجة ووليها كأبيها أو أخيها لدى المحكمة في بلدهم، للنظر في الموضوع، وإفتائهم بما تراه المحكمة، أو تكتب إلىَّ المحكمة وأنا انظر في الأمر إن شاء الله.  
 
5- هل حالق اللحية آثم، أم عاصي عن طاعة الله عز وجل، وهل توجد آية قرآنية تحض على ذلك؟
حالق اللحية آثم، لأنه عاص للرسول -صلى الله عليه وسلم-، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (قصوا الشوارب ووفروا اللحى، خالفوا المشركين)، واللفظ الآخر: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس)، فالواجب على كل مسلم أن يعف لحيته، وأن يحذر قصها وحلقها، هذا هو الواجب على الجميع، تأسياً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وعملاً بقوله، والله يقول -سبحانه-: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب: 21]، ويقول سبحانه: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ[النور: 54]، فقد أمرنا أن نطيعه -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان كث اللحية فعلينا أن نتأسى به -عليه الصلاة والسلام-.  
 
6- كم عدد ركعات سنة قيام الليل، وسنة التهجد، وفي أي وقت تصلى؟
على كل حال هذا يرجع إلى قدرته، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلى إحدى عشر ركعة يسلم من كل ثنتين يطيل في قراءته وفي ركوعه وسجوده -عليه الصلاة والسلام-، ويستفتح بركعتين خفيفتين، هذا أفضل ما يكون, وإذا صلى أو ثلاث أو خمس أو أكثر فلا حرج، كل يصلى قدرته، والحمد لله، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلـى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، والله -جل وعلا- أثنى على عباده المؤمنين فقال: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا[الفرقان: 64]، وقال -سبحانه-: كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[الذاريات: 17-18]، فليس فيها حد محدود، فإذا صلـى ثنتين وأوتر بواحدة، أو صلـى تسليمتين وأوتر بالخامسة، أو صلـى ثلاث تسليمات وأوتر بالسابعة، أو صلـى أربع تسليمات، وأوتر بالتاسعة، كل ذلك لا حرج والحمد لله، وأفضل ذلك أن يصلى إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين بالطمأنينة، والقراءة المرتلة، والتدبر، والركود في سجوده كله في سجوده وركوعه، ثم يوتر بواحدة، هذا هو أفضل وإن زاد أو نقص فلا حرج.  
 
7- رجل متزوج وعندي ستة أولاد وبنت واحدة، وأرغب في أن أضع حد للإنجاب الآن، حيث أنني لا أرغب في المزيد من الأولاد، علماً بأن دخلي المادي محدود، فما حكم الشرع في نظركم في هذا الموضوع، وهل يجوز لي أن أنظم الإنجاب؟
المشروع عدم التحديد، لأن الشارع يرغب في المزيد من النسل وفي تكثير الأمة، يقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، فالمشروع لك يا أخي عدم التحديد، وأن تصبر وأن ترغب في المزيد، تسأل ربك الصلاح، وربما نفعك الله بهم، فأنت على خير عظيم، تحسن تربيتهم وتقوم عليهم، أسأل الله لهم الصلاح فهو خير لك من التحديد.  
 
8- والدي قد بلغ من العمر ما يقارب من الثانية والخمسين، يحافظ على الصلوات المكتوبة في أوقاتها، ولكنه كثير المزاح مع الناس ومع غير الصالحين والفاسدين بالفواحش والمنكر، فهذا يغضبني، ويجعلني لا أملك نفسي فأقوم بتوجيهه في نفس الوقت، وأمام هؤلاء الناس وهؤلاء الفاسدين بأسلوب متشدد جداً، فمثلاً أقول له: بأن هذا الكلام لا يقوله إلا الفاسد والفاسق، ولو مت يا أبي على هذه الحالة ستلقى الله وهو عليك غضبان، ولا أطيل عليكم فقد كنت متشدد معه، مع خوفي عليه من غضب الله، فماذا أفعل لو كان أسلوبي هذا يغضب الله؟
المشروع لك يا أخي الرفق والدعوة إلى الله بالحكمة والأسلوب الحسن، ولا سيما مع والدك، الله يقول -جل وعلا-: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا[طـه:44]، لما أرسل موسى هارون إلى فرعون، لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى[طـه: 44]، ويقول الله -جل وعلا- لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ[عمران: 159]، ويقول الله -سبحانه-: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[النحل: 125]، فنوصيك بالرفق بوالدك، ومخاطبته بالأسلوب الحسن بينك وبينه، حتى يهديه الله، عليك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والرفق في نصيحته وتوجيهه إلى الخير، سواءً كان بين الناس أو بينك وبينه، نسأل الله أن يهديه وأن يعيذه من الشيطان.  
 
9- هل يجوز للمسلم أن يصلي نافلة في بعض الأوقات المنهي عنها، مثل: تحية المسجد قبل صلاة المغرب بقليل؟
يجوز له إذا كانت الصلاة ذات أسباب، إذا كان دخوله المسجد قبل المغرب يصلى تحية المسجد لا بأس، لأن ذوات الأسباب الصحيح ليس لها وقت نهي، مثل صلاة الكسوف لو كسفت الشمس بعد العصر شرع للناس صلاة الكسوف، ومثل الطواف لو طاف بعد العصر في مكة، لو طاف بالكعبة بعد العصر شرع له أن يصلى ركعتي الطواف، ولو بعد العصر، أما غير ذوات الأسباب فلا يجوز، إذا كان جالس في المسجد بعد صلاة العصر، أو في بيته فلا يصلى بعد العصر، لأنه وقت نهي، أو بعد صلاة الفجر وقت نهي، لكن إذا كان أتى المسجد بعد العصر ليصلى المغرب، أتى مبكراً يصلي تحية المسجد، أو دخل المسجد بعد الفجر لأجل الدرس، أو لأجل الراحة في المسجد، أو لأسباب أخرى يصلى تحية المسجد.  
 
10- هل يقع الطلاق على الحائض؟
الطلاق في الحيض لا يجوز، والرسول زجر عن ذلك، زجر عن الطلاق في الحيض، والصواب أنه لا يقع إذا اتفقا عليه الزوجان، إذا كان يعلم الزوج أنها حائض فالصواب أنه لا يقع، وذهب الأكثرون إلى أنه يقع، أكثر العلماء على أنه يقع مع الإثم، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يقع إذا كان الزوج يعرف ذلك حين الطلاق، مع الإثم، والواجب على الزوج أن يحذر ذلك. 
 
11- ما حكم الاحتفال بشهر رمضان بعد صلاة العشاء، وسماع القرآن والوعظ والإرشاد، نرجو منكم الإجابة؟
رمضان شهر كريم للمرء فيه العناية بالصوم وقيام الليل والصدقات، كل هذا مشروع، فيصلى التراويح، يصلى في بيته إن كان ما صلـى مع الناس في المسجد ما تيسر، يتصدق يعتني بالصدقة، وبأعمال الخير، لأنه شهر مبارك عظيم تضاعف فيه الحسنات، فالمشروع للمؤمن أن يعتني به من جهة الصلاة وغيرها. 
 
12- يسأل عن الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ[الجمعة:9] السؤال: لماذا خص الله الجمعة؟
لعظم شأنها ولأنها تفوت من لم يحضرها تفوت ولا يصلى إلا ظهراً بعد ذلك، فالواجب عليه أن يسارع إليها، وأن لا يشتغل ببيع ولا غيره، حتى يدركها لعظم شأنها، ولأنها فرض الأسبوع، ويجتمع لها المسلمون وفيها فضل عظيم، فينبغي للمؤمن أن يحافظ عليها, وأن يحذر المعوقات. 
 
13- هل شرب الدخان سبب من أسباب عدم إجابة الدعاء؟
كل المعاصي من أسباب عدم الإجابة، جميع المعاصي من أسباب عدم الإجابة، فينبغي الحذر منها كلها، التدخين وغير التدخين، فينبغي للمؤمن أن يحذر جميع المعاصي لعله يستجاب له، ولعله يسلم من معرة الذنوب.  
 
14- شخصٌ قام بتحريم فتاة على نفسه أن يتزوجها قبل أن يخطبها، وبعد ذلك أراد أن يتزوجها، فهل هي حرام عليه بعد ذلك، وإن لم تكن عليه حرام فماذا عليه أن يفعل؟
إذا حرم إنسان امرأة قبل العقد عليها أن لا يتزوجها فقد أثم، وعليه التوبة إلى الله، وعليه كفارة يمين، لقول الله -سبحانه-: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم: 1-2]، وقول -صلى الله عليه وسلم-: (من حلف على يمين فرأى غيرها خير منها، فليكفر عن يمينه وليأتي الذي هو خير)، والتحريم في حكم اليمين، إذا قال: فلانة عليَّ حرام، قبل أن يعقد عليها فله أن يتزوجها وعليه كفارة يمين، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم عن يمينه، وله أن يتزوجها.  
15- ما حكم الصلاة في ثوب فيه نجاسة، مع علمي بذلك، هل تصح صلاتي في مثل هذه الحالة؟
لا يجوز أن يصلى في ثوب فيه نجاسة، لا بد أن يزيل النجاسة بالغسل أو يبدله، أما لو صلـى ناسياً أو جاهلاًُ ولم يعلم إلا بعد الصلاة فالصلاة صحيحة.  
 
16- شخصٌ يستعمل الماء بكثرة في الوضوء والغسل، حيث يغسل الأعضاء أكثر من اللازم، هل يؤثر ذلك على العبادة؟
نعم لا ينبغي، لا ينبغي الإسراف، ذهب بعض أهل العلم إلى تحريم الإسراف في الزيادة عن الثلاث، فينبغي للمؤمن أن يقتصر على ثلاث فأقل، في وضوءه ويحذر من الإسراف في الماء، هذا هو الواجب وهذا هو المشروع للمؤمن أن يقتصد وأن يحذر الإسراف، بل ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- توضأ مرة، مرة، وثنتين ثنتين، وثلاث ثلاث، وفي رواية: (فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم)، فالمشروع للمؤمن الاقتصار على المسنون وهو ثلاث فأقل.  
 
17- لديه فشل كلوي، ويداوم على غسيل الكلية لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، فهل يجوز له الصيام في هذا الأيام عند دخول رمضان؟
نعم يجوز له الصيام في الأيام التي ليس فيها غسيل، ويجب عليه إذا كان عنده قضاء يجب عليه القضاء في الأيام السليمة التي ما فيها غسيل، أما التطوع فالأمر واسع له، إذا كان التطوع يضره فالأولى ترك التطوع، لكن إذا كان عليه صيام فريضة من بنذر أو قضاء رمضان فالواجب عليه البدار بالصوم في الأيام التي ما فيها غسيل.  
 
18- كنت عاقة لوالدتي، والآن تبت إلى الله، وكانت تدعو عليّ بعدم التوفيق، ففشلت في دراستي، وتذكر بأنها الآن هي عانس، فهل هذا بسبب أن الله عاقبها، وما نصيحتكم لها
قد يكون ذلك عقوبة، فعليها التوبة إلى الله وعليها البر بوالدتها، والحرص على استرضئها، وقد يكون هذا الفشل بسبب عقوقها، فإن المعاصي شرها عظيم، الله يقول: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ[الشورى: 30]، ويقول -سبحانه-: وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ[النساء: 79]، فقد يكون فشلها بأسباب عقوقها، أو بأسباب معاصي أخرى، أو بأسباب الجميع، فالواجب التوبة والندم والإقلاع، وأسأل الله التوفيق والإعانة.  
 
19- كما جاء في السنة فإنه لا يجوز للرجل أن يصافح أجنبية، فإذا وضعت المرأة ثوبها على كفها، فهل تجوز المصافحة في مثل هذه الحالة؟
لا تجوز مصافحة النساء، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (إني لا أصافح النساء)، قالت عائشة -رضي الله عنها-: "والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام"، فالمشروع للمرأة أن تكلم وتسأل من دون مصافحة، ولا يجوز لها أن تصافح، لا زيد ولا عمر إلا محارمها، كأخيها وأبيها، أما الأجناب لا، تكلمهم من دون مصافحة، ولو جعلت في شيء على يدها سداً للذرع، لا تصافح ولا من دونها، ولا من دون حائل، فالواجب عليها الحذر والبعد عن الشبهة، وسد الباب، فلا تصافح لا مكشوفة اليد، ولا من وراء ساتر.   
 
20- هل يجوز لطلاب الطب الذكور أن يكشفوا على النساء على سبيل التعلم، لاسيما أن ذلك يؤدي إلى ملامسة أعضاء المرأة وهي مكشوفة، وخاصةً إذا كان ذلك في شهر رمضان؟
الذي يظهر لي أنه لا يجوز، بل وسيلة للشر، إلا عند الضرورة، إذا ما يوجد طبيبات واضطرت المرأة إلى الكشف فلا بأس عند الضرورة، لقول الله -سبحانه-: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ[الأنعام: 119]، فعند الضرورات وإلا فالواجب إحالتهن للطبيبات، وعدم كشف الشباب عليهم، لأن ذلك يسبب فتنة وخطراً عظيماً، نسأل الله السلام.  
 
21- كيف يوفق الرجل بين الأحاديث الواردة في إسبال الإزار، فهل فعلاً لا تقبل صلاته؟ وهل ما يلي الكعبين في النار؟ أم أن ذلك في سبيل النهي عن الفعل خيلاء، وما حكم الإسبال بالنسبة للبنطال إذا لم يكن خيلاء، أي: إسبال الرجل لبنطاله إلى ما بعد الكعبين ولا يقصد الخيلاء؟
الواجب عدم الإسبال ولو ما قصد الخيلاء، الواجب على المؤمن رفع ثيابه، وأن لا تنزل عن الكعبين هذا الرجل، أما المرأة فلا بأس لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة لا يكملهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، ولم يشترط الخيلاء، لكن إذا كان معه الخيلاء يكون أشد إثماً، فالواجب الحذر من الإسبال مطلقاً ولو من دون قصد الخيلاء، لأنه وسيلة للخيلاء، ولأن أمر الخيلاء أمر يتعلق بالقلوب لا يعلمه إلا الله -جل وعلا-، ولأنه فساد يفضي إلى تنجيس الثياب، وتوسيخ الثياب ويفضي إلى التكبر، والله المستعان.  
 
22- كيف يكون البر بالأقارب، وإذا كانوا من المتساهلين في الدين وأصحاب رياء وبدع فهل يجوز لي أن أقاطعهم ما داموا على هذه الصفة؟
تعمل بالأصلح، إذا كانت الزيارة والسلام عليهم فيها فائدة لإزالة المنكر، وإهداء المعروف فافعل ذلك، وإن كانت الزيارة لا تؤثر شيئاً، والمنكرات ظاهرة، فهم يستحقون الهجر، سنة، لكن إذا رجوت أن ينفع الله بزيارتك فإنك تزورهم وتنصحهم وتوجهم إلى الخير، يقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، فأنت على خير إذا طمعت في هدايتهم فافعل.  
 
23- أسمع في بعض المساجد الكثير من المصلين يرفعون أصواتهم حين يقرأ الإمام: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ[الفتح:29] الآية، ويقولون: صلى الله عليه وسلم، وكذلك في آخر سورة التين يقولون بصوت مرتفع: بلى. ونحن على ذلك من الشاهدين؟
السنة الإنصات وعدم رفع الصوت لا في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في بلا ونحن على ذلك من الشاهدين، السنة للمأمومين الإنصات وعدم رفع الصوت بشيء، لأن الله يقول: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا[لأعراف: 204]، ولم ينقل عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يرفعون أصواتهم معه -صلى الله عليه وسلم-، فالمشروع الإنصات والتدبر والتعقل، وعدم رفع الصوت عند قولهم: (محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)، أما بينهم وبين أنفسهم فالأمر أوسع، بينه وبين نفسه الأمر سهل، لو ترك كان أفضل، وإن فعل فلا بأس، لكن لم ينقل عنه -صلى الله عليه وسلم- في الفريضة أنه كان يقف فيصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو يدعو، إنما كان ذلك في التهجد، كان يفعله في التهجد بالليل، وهكذا: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ[التين: 8]، لا يقول: بلا وأنا على ذلك من الشاهدين، لأن الحديث ضعيف، ولكن يقول: سبحانه وبحمده، أو سبحانه وتعالى، بينه وبين نفسه لا بأس، كذلك الآية الكريمة، آخر القيامة أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى[القيامة: 40]، هذا ورد فيها حديث صحيح، فإذا قال: بلى، لا بأس، لأنه ورد في الحديث الصحيح في آخر القيامة يقول ذلك، وأما آخر التين، وآخر المرسلات فلم يثبت فيها حديث، ولكن ينصت ويستمع ويحذر قلبه ولا يتكلم هذا هو الأفضل، لأن الصحابة كانوا ينصتون، والله أمر بهذا بقوله: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[الأعراف: 204]، لكن لو سبح بينه وبين نفسه أو دعا بينه وبين نفسه لا يضر هذا، لا حرج فيه، لفعله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الليل.

515 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply