حلقة 153: علي كفارة ظهار، ولا أستطيع أدائها، فما العمل؟ - خمس مسائل في الطلاق والظهار - طلقت زوجتي عشر طلقات فما العمل - كيفية صلاة من استخلفه الإمام بسبب العذر وهو مسبوق بركعة أو أكثر

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

3 / 50 محاضرة

حلقة 153: علي كفارة ظهار، ولا أستطيع أدائها، فما العمل؟ - خمس مسائل في الطلاق والظهار - طلقت زوجتي عشر طلقات فما العمل - كيفية صلاة من استخلفه الإمام بسبب العذر وهو مسبوق بركعة أو أكثر

1-حصل بيني وبين زوجتي خصام، فاشتد غضبي وقلت لها: جعلتك كمثل أمي وكرائمي، وقد سألت بعض العلماء في ذلك فقالوا: يجب عليك كفارةُ ظهار، ولكني لم أستطع فعل شيئاً منها، فقد أطعمت ستة مساكين فقط ثم اتصلت بزوجتي بعد ذلك، وهي الآن عندي، فما رأيكم في هذا؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالقول للمرأة أنت عليَّ حرام أو مثل أمي أو مثل أختي أو نحو ذلك هذا أمر لا يجوز لأن الله عز وجل حرم المظاهرة منها، وتشبيهها بالأم أو بالأخت، وذكر سبحانه وتعالى أنه منكر من القول وزور، فلا يجوز للمسلم أن يقول لزوجته أنت كمثل أمي أو أنت حرام عليَّ كأمي أو كأختي أو كظهر أمي كل هذا لا يجوز، والواجب عليه أن يحفظ لسانه عن مثل هذا، والله تعالى يقول: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا... الآية، فبين جل وعلى أن المظاهر له أحكام، فيجب على المؤمن أن يتقيد بحكم الله جل وعلا ولا يتساهل في الأحكام، فإذا قال هذا الكلام وأحب الرجوع إليها والعودة إليها فإن عليه كفارة بينها ربنا سبحانه وتعالى في قوله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله فالمؤمن يتقيد بحكم الله ورسوله ولا يعجل ولا يتساهل وإذا حصل غضب أو مشاجرة فالواجب عليه أن يتثبت في الأمور ويتعوذ بالله من الشيطان، ولا يقدم على أمر يضره فإن الإقدام على ما حرم الله من جملة المعاصي التي تضر العبد وتسبب غضب الله عليه سبحانه وتعالى، والطلاق كذلك قد يفضي به إلى ما لا تحمد عقباه فلا يعجل في الطلاق بل ينبغي له التثبت في الأمور وعدم العجل وأن يتعوذ بالله من الشيطان عند حدوث النزاع والخصام، وهذا الرجل الذي حرم زوجته يلزمه عتق رقبة إما عبد وإما أمه، فإن لم يتيسر ذلك فإنه يصوم شهرين متتابعين قبل أن يتصل بها قبل أن يجامعها، فإن عجز عن ذلك أطعم ستين مسكيناً، لا ستة بل يطعم ستين مسكيناً كما أمر الله بهذا سبحانه وتعالى، وإطعامهم كأن يعشيهم أو يغديهم أو يعطي كل واحد منهم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو حنطة أو ذرة من قوت البلد، قبل أن يمسها وهذا من قبل أن يتماسا من قبل أن يتصل بها أو يجامعها، والسائل قد أخطأ في جماعه لها قبل أن يكمل الكفارة، فعليك أيها السائل أن تمتنع منها وأن تكف عن جماعها حتى تكفر الكفارة الواجبة، وإذا كنت لا تستطيع صيام شهرين متتابعين فإنك تكمل الإطعام، أطعمت ستة بقي عليك أربعة وخمسون، عليك أن تطعم أربعة وخمسون مسكيناً مع الستة حتى تكون الجميع ستين مسكيناً تعطي كل واحد نصف صاع، وهو كيلو ونصف تقريباً من الحنطة أو من التمر أو من الأرز أو من قوت بلدك إن كان بلدك فيه ذرة أو من الذرة حتى تكمل الستين، ومقدار هذا بالوزن كيلو ونصف تقريباً، فإذا كملت ذلك جاز لك أن تأتيها وعليك التوبة إلى الله تعالى مما فعلت، عليك التوبة لله سبحانه من قربانك إياها، عليك التوبة لله سبحانه وتعالى فإن قربانك إياها قبل أن تكفر معصية، فعليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى من ذلك وعليك أن تكمل الكفارة في إطعام أربعة وخمسين مسكيناً كل واحد يعطى نصف الصاع من التمر أو غيره من قوت البلد هذا إذا كنت لا تستطيع الصيام وبعد هذا كله تحل لك زوجتك، وعليك التوبة إلى الله والندم على ما فعلت والاستغفار كسائر الذنوب. لو أراد أن يطعمهم كما تفضلتم بأن يغديهم أو يعشيهم فهل يجوز له أن يطعمهم على دفعات مثلاً؟ ما في بأس ولا حرج في أن يفرقهم، لو غدَّا هؤلاء في وقت عشرة، وعشرين في وقت آخر أو خمسة أو ستة حتى يكملهم.  
 
2- حدثت خمس مشاكل مع زوجتي منذُ حوالي ثمان سنوات، وعلى إثرها تركت البيت إلى بيت أبيها، وطالت المدة وطلبتها من أهلها وأقاربها، وذلك لحاجتي إليها، ولعدم اتساع المشاكل كلما طالت المدة، وقد حان موعد عيد الفطر وكنت أريد أن تكون زوجتي في بيتها، وعلى أمل أن تعود، وعندما جاءني خبر بأنها لن تعود حلفت يميناً قلت: علي الطلاق إذا لم ترجع قبل العيد أو قبل الشهر تكون مطلقة، واتصلت بعد اليمين بأهلها حتى تحضر قبل الميعاد، لكن والدها رفض ذلك ولم تحضر، وكذلك زوجتي لم تسمع بهذه اليمين إلا بعد أن تصالحنا، وذهبت بعدها إلى أحد المشايخ لرد اليمين، ولم أتذكر بماذا أفتاني، هذه مرة. والمرة الأخرى: حلفت يميناً بالطلاق على زوجتي، قلت: علي الطلاق إذا سلمت على فلان تكون مطلقة، أريد منعها من السلام على هذا الإنسان الذي لا أستريح له، ولا سيما قد يجمعنا مكانٌ واحد؛ لأنه قريب، ولكنها سلمت عليه. في الثالثة يقول: أرادت الخروج من البيت، وكنت أريد منعها من الخروج، وتهديدها حتى لا تخرج فيكون هناك مشاكل أكثر، فحلفت يمين طلاق، وقلت في نفس اليمين: تكوني محرمةً علي مثل أمي وأختي إذا خرجت من باب البيت، فرجوتها ألا تخرج من باب البيت ولكنها خرجت، وسألت عن هذا فقيل: أطعم ستين مسكيناً وفعلت، وقال لي الذي أفتاني بهذا: لك طلقة واحدة. وفي المرة الرابعة سمعت زوجتي تقول لأحد أبنائي: يا ابن الكلب، فحلفت يميناً قلت: علي الطلاق لو قلت ذلك مرةً ثانية تكوني طالقة، ولم أسمعها قالت شيئاً وإنما قالت لي بعد هذا اليمين: أنا سهوت وقلت: يا أولاد الكلب لأولادي، علماً بأنني حلفت هذه اليمين وهي لم تتطهر بعد من العادة الشهرية. وفي المرة الخامسة على إثر سوء تفاهم معها هددتها بالطلاق إذا لم تكف عن الصياح، ولكنها لم تكف مرةً تلو المرة وزادت من صياحها، فغضبت غضباً شديداً، وخرج الكلام بعد مقاومة مني له مندفعاً بالغضب قلت: علي الطلاق أنتِ مطلقة في ذلك الوقت، وتكوني محرمة علي مثل أمي وأختي، وبعدها تيقنت أنني خسرت أولادي وزوجتي، غير أني من شدة الغضب لم أتذكر أنني قلت لها: تكوني محرمةً علي مثل أمي وأختي، وأسأل هل بالغضب الشديد لا يقع الطلاق، وما شدته، وهل من الضرورة ألا أتذكر شيئاً مما قتله على الإطلاق، وهل هذا اليمين يقع رغم أني قلته نتيجة لغضب شديد، فماذا ترون في هذه الحالات الخمس؟ أفيدوني بارك الله فيكم، هل بقيت لي فرصة للعيش مع زوجتي أم لا؟
على كل حال ما ينبغي للسائل أن يتساهل في هذا الأمر، ويكثر الطلاق ويهددها بالطلاق بل ينبغي له أن يحفظ لسانه، وهكذا كل مسلم ينبغي له أن لا يتساهل بالطلاق بل ينبغي له أن يحفظ لسانه من الطلاق وأن يهدد بغير الطلاق ويتوعد بغير الطلاق، وينصح زوجته عند المخالفة بما يرى من النصيحة، أما الطلاق فينبغي أن يكون بعيداً لأن ذلك قد يضر في حالته مع زوجته وقد يفضي إلى فراقها فينبغي له أن لا يهدد بالطلاق وأن لا يستعمله مهما أمكن، وأما ما وقع منه في هذا المسائل الخمس فالطلاق الذي أراد به تهديدها ومنعها وما أراد إيقاع الطلاق حين قال لها إن جاء العيد أو خرج الشهر ولم تحضرين فأنت طالق إن كان أراد بهذا إيقاع الطلاق وقع طلقة، وإن كان ما أراد بذلك إيقاع الطلاق وإنما أراد منعها من البقاء عند أهلها حتى تأتي قبل العيد وأراد بذلك تخويفها من مغبة هذا اليمين فإنه لا يقع شيء وعليه كفارة اليمين، وهكذا منعها من السلام على الشخص المعين إذا كان أراد منعها كما قال ولم ينو إيقاع الطلاق فإن الطلاق لا يقع وعليه كفارة يمين عن سلام هذا إذا كان أراد منعها من السلام ولم يرد إيقاع الطلاق، وهكذا منعها من الخروج من البيت إذا كان أراد عدم خروجها وإنما أراد تخويفها بالطلاق حتى لا تخرج ثم خرجت فعليه كفارة اليمين في هذا كله، أما إذا كان أراد إيقاع الطلاق فإنها تقع طلقة وهذا طلاق متعدد والمسألة تحتاج إلى عناية ونظر في موضوعه فإن كانت الزوجة موجودة في الرياض فنرى أنه يحضر عندي هو وزوجته حتى ننظر في أمرهما جميعاً بالتفصيل وحتى تكون الفتوى على أمر واضح، والشيء الذي فعلته ناسيةً لا يقع به شيء إذا كانت كلمت من منعها من تكليمه سهواً ناسيةً فلا يقع شيء في ذلك ولا عليه كفارة فيما إذا كانت فعلت المحلوف عليه ناسيةً ساهية، لأن الله سبحانه يقول: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وهكذا إذا اشتد الغضب ولم يملك نفسه أو غضبه شديداً لأنها خالفته ونازعته شديداً، وتكلمت عليه كلاماً سبب شدة غضبه وعدم استطاعته قهر نفسه فإنه بهذه الحالة لا يقع الطلاق فإنه في هذه الحالة في حالة من لا عقل له من شدة الغضب لأنه لا يملك نفسه ولا يستطيع قهرها بسبب الغضب الشديد أو النزاع الشديد, أو الكلام الخبيث الذي قالت له حتى اشتد غضبه فإنه لا يقع به الطلاق، وقولها يا ابن الكلب، ويا بني الكلب إذا كانت ساهية فإنه لا يقع شيء في ذلك ولا يلزمه كفارة اليمين في ذلك، فينبغي له أن يتوقف عن الطلاق ويحذر هذا الاستعمال الذي قد يفضي به إلى فراق أهله وقد يسبب مشاكل عليه فينبغي له أن يحذر هذا، ينبغي لك أيها السائل أن تحذر مثل هذا وإذا حضرت مع زوجتك عندي فيكون أولى حتى نسألها عما قلت، ونسألك عما قلت وحتى يحضر معها وليها كأبيها أو أخيها حتى ننهي الموضوع على طريقة واضحة وبعد سؤالكما جميعاً والولي عن كل ما وقع فهذا يكون أحوط وأولى. السائل مقيم في اليمن. إذا كان في اليمن فعليه أن يتصل بالعلماء هو وزوجته ووليها أحسن حتى يفصِّل له العلماء ما وقع فيه، يتصل ببعض العلماء هناك أهل الفقه من القضاة ونحوهم من أهل العلم وأهل البصيرة فيخبرهم بكل ما وقع منه حتى يكون على بينة وعلى بصيرة في فتواه وفيما يراه أهل العلم البركة إن شاء الله والخير، وقد بينا له ما يلزم حسب ما عرفناه من سؤاله. ماذا عن مظاهرته؟ هذا عليه كفارة الظهار عليه أن يكفر إذا كان يستطيع الصيام يصوم شهرين متتابعين فإن كان لا يستطيع الصيام يطعم ستين مسكيناً. هو حسب سؤاله ذكر هذا الكلام مرتين في المرة الأولى يقول سألت عنه وكفرت بإطعام ستين مسكيناً وقيل لي لك طلقة. إذا كان لا يستطيع الصيام تجزئ إطعام ستين مسكيناً ويقع عليها طلقة إذا كان ما أراد منعها إنما أراد إيقاع الطلاق يكون عليه طلقة، أما إن كان أراد منعها وكفها عن هذا الشيء ولم يرد إيقاع الطلاق وإنما أردا تخويفها وتحذيرها وكفها عن ذلك فإن عليه كفارة اليمين مع كفارة الظهار عن الطلقة التي أوقعها، إذن على هذا بقي عليه كفارة ظهار واحد لأنه ذكر أنه ظاهر مرتين وكفارة يمين عن الطلقة إذا كان أراد منعها وكفها.   
 
3- أنا رجل متزوج، وقد حصلت بيني وبين زوجتي خصومة مما أغضبني أشد الغضب جعلني لا أشعر بما أفعله، فقلت لها: أنت طالقة، فقالت لي: اشهد يا فلان من الحاضرين، فقلت: تشهد لي عشر طلقات، ولكن من حولي مع الناس بعد هدوئي قالوا لي: إني قلت لها أنت طالقة عشر مرات، فأرجو أفادتي هل يقع طلاق بهذا أم لا؟ علماً بأنني كما أسلفت كنت وقتها في أشد الغضب.
مثل ما تقدم إذا كان في أشد الغضب لا يقع الطلاق إذا كانت هناك أسباب توجب شدة الغضب حتى كان شبه مجنون شبه عادم الشعور، إذا اشتد عليه الغضب وعظم عليه الأمر حتى ما ملك نفسه ولا استطاع ملك نفسه ولا قهرها بسبب سوء مخاصمتها له وكلامها عليه من سب وتعيير ونحو ذلك فإنه لا يقع الطلاق في أصح أقوال العلماء لأن حكمه حكم طلاق المجنون والمعتوه.  
 
4- ذهبت إلى المسجد لصلاة العشاء فوجدت الجماعة قد سبقوني بركعتين، وبعد أن كبرت للدخول في الصلاة حصل للإمام عذر جعله يقطع الصلاة ويضعني إماماً مكانه، فماذا أفعل في هذه الحالة وأنا مسبوق بركعتين؟
يصلى الركعتين ويجلس للتشهد فإذا تشهد التشهد الأول فالأفضل يصلى على النبي- صلى الله عليه وسلم-ثم يقوم، ويشير لهم يجلسون حتى يفرغ ويسلم بهم جميعاً يشير لهم حتى يجلسوا ولا يتابعوه، فإذا قضى الركعتين اللتين عليه سلم بهم جميعاً لأنه معذور في هذه الحالة وهم معذورون، فهو يقوم حتى يكمل صلاته وهم ينتظرونه لأنه قام لعذر فيسلم بهم جميعاً، هذا هو المشروع، ولو أنه استخلف إنساناً لم يكن عليه شيء لكان أولى لكن ما دام استخلفه فإن الصلاة صحيحة والحمد لله، فهو يصلى بهم ركعتين ويتشهد بهم ويصلى على النبي- صلى الله عليه وسلم- على الأصح، الأفضل أن يصلى على النبي- صلى الله عليه وسلم-بعد الشهادتين ثم ينهض مكبراً إلى الثالثة حتى يكمل لنفسه فإذا كمل لنفسه سلم بهم جميعاً، أما هم لا ينهضون معه ينتظرون حتى يسلم بهم جميعاً. لكن لو استخلف هذا المستخلَف أحد المكملين للصلاة مع الإمام الأول بدون عذر؟ لا، الأحسن أن يمتثل هو لأنه استخلف ولا يستخلف، أخشى أن يكون شبه الوكيل لا يوكل بمثل هذا، ما دام استخلفه وارتضاه لهم يمضي ولا يستخلفهم إلا إذا عرضه عارض، يكمل هو ويشير لهم إذا أراد النهوض يجلسوا حتى يكمل وإذا قام معه جاهل فصلاته صحيحة وإذا قام معه جاهل فصلاته صحيحة لكنه يشير لهم حتى يجلسوا وينبهم بعد الصلاة أن هذا هو المشروع إذا جاء مثل هذا يجلسون وينتظرون. 

553 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply