حلقة 279: صرف الزكاة للوالدين - إخراج زكاة سنوات ماضية - الإنسان مخير ومسير - صلة الرحم عبر الهاتف - طواف الوداع للعمرة - الصبر والرفق أثناء قيادة السيارة - حكم التساهل في اللعن والشتم - الطريقة التيجانية - حكم التوسل والإستعانة بالصالحين

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

29 / 50 محاضرة

حلقة 279: صرف الزكاة للوالدين - إخراج زكاة سنوات ماضية - الإنسان مخير ومسير - صلة الرحم عبر الهاتف - طواف الوداع للعمرة - الصبر والرفق أثناء قيادة السيارة - حكم التساهل في اللعن والشتم - الطريقة التيجانية - حكم التوسل والإستعانة بالصالحين

1- شاب مقتدر وله عقارات كثيرة وغيرها، هل يجوز أن يعطي من زكاة ماله لوالده ووالدته؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فليس للرجل ولا للمرأة نحو الزكاة إلى والديهم، ولا إلى أولادهم؛ وإنما تدفع للأقارب الآخرين إذا كانوا فقراء وليسو في حوزته وليسو في نفقته، تكن صدقة وصلة، أما دفعها إلى والديه أو أولاده أو أولاد بناته فليس له ذلك، بل يجب عليه أن ينفق عليهم من ماله إذا احتاجوا له، وأما إعطاؤهم من الزكاة فلا، لكن إذا كان له أخٌ فقير أو عمٌ فقير أو خالٌ فقير وليس في بيته من ينفق عليه فلا بأس أن يعطيهم من زكاته.   
 
2- كنت لا أخرج الزكاة لسنوات كثيرة، فتبت إلى الله عز وجل، ولا أعرف عدد السنوات، ومالي وعقاري كثير، كيف السبيل لإخراج ما مضى، وكيف الطريق إلى التوبة؟
الطريق إلى التوبة الندم على الماضي والعزم أن لا تعود فيه، والإقلاع من ذلك، والمبادرة بإخراج الزكاة عما مضى، تتحرى الماضي وتخرج الزكاة عما مضى، تتحرى وتجتهد، إذا كنت تظنها خمس زك خمس، وإذا كانت ست زك ست وهكذا، تتحرى السنوات الماضية التي لم تزك وتخرج زكاتها عن المالِ الذي عندك، مع التوبة والندم والإقلاع والعزم أن لا تعود في ذلك، والإكثار من العمل الصالح، والله - سبحانه وتعالى – يقول: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) سورة طـه، ويقول - سبحانه وتعالى -: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النــور، وإذا تاب الإنسان غفر الله له ما سلف، وحفظ له ما تقدم من الخير، الخير السابق يحفظ له، والسيئات تغفر بتوبته الصادقة وعمله صالح.  
 
3- هل الإنسان مسير أم مخير في أعماله الصالحة وغير الصالحة؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال.
الإنسان مسير ومخير، مسير لا يخرج عن قدر الله مهما فعل فهو تحت قدر الله، ومخير لأن له عقلاً وفعلاً واختياراً، أعطاه الله عقلاً، وأعطاه الله فعلاً واختياراً فهو يفعل باختياره ويدع باختياره، ولهذا تعلقت به من التكاليف واستحق الجزاء على أعماله الطيب بالجزاء الحسن والرذيل بالجزاء السوء،هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ(60) سورة الرحمن، وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا(40) سورة الشورى، وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) سورة النجم، ويقول جل وعلا:فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى(5-10) سورة الليل، ويقول جل وعلا:هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ(22) سورة يونس، والنبي - صلى الله عليه وسلم – سأل: لما قال عليه الصلاة والسلام للصحابة: (ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار)، وفي لفط: (قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار)، قالوا: يا رسول الله، ففيم العمل؟ ما دامت مقاعدنا معلومة وما دمنا مكتوبين، فلم العمل؟ قال: (اعملوا فكلٌ ميسرٌ لما خلق له)، أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لأعمال أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله - سبحانه وتعالى -: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى(5-10) سورة الليل، وقال تعالى:وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (2-3) سورة الطلاق، وقال تعالى:وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا(4) سورة الطلاق، قال تعالى:إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً(29) سورة الأنفال، دل على أن الأسباب يترتب عليها مسبباتها، فمن اتقى الله يسر الله أموره وفرج كرباته وزرقه من حيث لا يحتسب، ومن عصى الله وخالف أوامره فقد تعرض لغضب الله وسخطه، وتعسير أموره نسأل الله العافية.  
 
4- هل يكفي أن أصل رحمي عبر الهاتف، أم لا بد من الذهاب إليهم؟
هذا يختلف إذا كان الذهاب الضروري فلا بد من ذلك، وإلا فالهاتف والمكاتبة تكفي والحمد لله، السؤال عنهم من طريق التلفون من طريق المكاتبة من طريق الزيارة كل هذا طيب، لكن إذا دعت الحاجة إلى الذهاب إليهم لمواساتهم أو لمرضهم أو نحو ذلك، فمن صلة الرحم الذهاب إليهم، إذا كان مقعد ولا يتيسر صلته إلا بزياته تزوره، أو مريض تزوره، وإذا تيسرت صلته من دون زيارة بالمكاتبة مع صلته إذا كان فقيراً ومواساته، وإعطاء حاجته مع المكاتبة فلا بأس، فاتقوا الله ما استطعتم، وإذا ما تسيرت المكاتبة وتسيرت المكالمة الهاتفية وتيسرت الزيارة بالنفس تزوره بنفسك، وإلا فبوكليك ترسل له الحاجة، ترسله بواسطة الوكيل، المقصود أن الإنسان يتقي الله ما استطاع، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها). ولما خلق الله الرحم قالت: (يا رب هذا مقام العائذ بك من القطيعة)، هكذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح، تقول الرحم لما خلقها الله: (هذا مقامُ العائذ من القطيعة، فقال لها جل وعلا: (ألا ترضين أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعك؟، قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك)، فالله جل وعلا يصل من وصل رحمه، ويقطع من قطع رحمه، والخطر عظيم، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، فالواجب الحذر، والقطيعة تكون بالإعراض وعدم المبالاة وعدم الصلة بالمال، ولا بالكلام الطيب ولا بالبدن فهذه قطيعة، والصلة بالمال أو بالكلام الطيب أو بالمكاتبة أو بالهاتف هذا كله صلة، والمؤمن يتحرى كمال الصلة، فالفقير يحتاج إلى زيادة مع الكلام ومع الزيارة البدنية يحتاج إلى زيادة بالمواساة المالية، لفقره سواء من الزكاة أو من غيرها، وهكذا الإنسان يقع في كربة، فمن صلة الرحم يسعى في فك كربته، فأي كربة كانت كربة دين، تسعى في قضاء دينه إذا كنت قادر، كربة السجن بحق تسعى في إطلاقه بالطريقة التي شرعها الله وأباحها، خائف تسعى في تأمينه بالطريقة التي تستطيعها إلى غير ذلك من وجوه الصلة.   
 
5- أخذت عمرة في شهر رمضان المبارك، ولم أطف طواف الوداع بحجة الزحام، هل علي شيء في ذلك؟
العمرة ليس لها طواف وداع، والحمد لله، إن طافت الوداع فهو مستحب وإلا فليس بلازم طواف الوداع واجب في الحج؛ أما العمرة فلا يجب لها طواف وداع، ولكن إذا طافت الوداع حسن إن شاء الله.  
 
6- أشكو لكم حال والدي أثناء قيادته لسيارته، فإنه عندما تتعرض له سيارة من السيارات بخطأ أو غيره يقوم بسبه وشتمه وغير ذلك، حتى اللعان له نصيب من ذلك، فنطلب من سماحتكم توجيه نصيحة له لعله يستمع لسماحتكم؟
نوصي الإخوان جميعاً بالحلم والصبر والتحمل والرفق بسوق السيارة، وتحري أسباب السلامة، وإذا تعدى عليه أحد فنوصيه بالرفق والحلم والصبر والتفهم مع المتعدي، فقد يكون مغلوباً على أمره وليس باختياره، فنوصي الجميع بالحلم والكلام الطيب وحل المشاكل بالأسلوب الحسن، هذه الوصية للجميع، لأن الله - سبحانه وتعالى – أحب من عباده ذلك، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (البر حسن الخلق). ويقول جل وعلا: إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ(128) سورة النحل، ويقول جل وعلا: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) سورة الشورى، ويقول - سبحانه وتعالى -: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ (126) سورة النحل، ويقول: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ (127) سورة النحل، فالمؤمن يتحرى الخير ويتحرى الصبر، ويتعلم المجازاة بالمعروف، (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)، يتحرى الخير، يتحلى بالصبر، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لكن الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)، فالمحسن والمجازي على السيئة بالحسنة هذا له درجةٌ عظيمة وفضلٌ كبير، فالله جل وعلا يحب من عباده أن يتناصحوا وأن يتواصوا بالحق، و أن يصبروا وأن يتعاملوا بالرفق والعفو والإحسان والجود والكرم والصلح، كما قال تعالى:وَالصُّلْحُ خَيْرٌ (128) سورة النساء، وقال:وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(195) سورة البقرة.  
 
7- تساهل الكثير من الناس باللعان والشتائم هل لكم توجيه بذلك؟
لا يجوز اللعن والشتم، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لعن المؤمن كقتله)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذيء)، ويقول- صلى الله عليه وسلم -: (إن اللعانين لا يكونوا شهداء ولا شفعاء يوم القيامة). ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم) فالواجب على المؤمن حفظ لسانه، والحذر من شر لسانه، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (سباب المسلم فسوق) سباب يعني مسابته، فسوق يعني معصية وخروج عن الطاعة فالواجب الحذر من السب والشتم واللعن والكلام السيء، والواجب أن يعود المؤمن نفسه، أن يعود لسانه الكلام الطيب، ويعود نفسه الحلم والصبر، ونسأل الله للجميع الهداية.  
 
8- امرأة ذهبت إلى مكة وهي حائض، وجلست فيها يوم حتى طهرت من حيضها، ثم اغتسلت وذهبت لقضاء العمرة من طواف وسعي، لكنها بعد ذلك، وجدت بعضاً من آثار الحيض، فما الحكم؟
لا يضرها، إذا كانت لا تعلم لا يضرها، طوافها صحيح والحمد لله، إذا وجدت في ثوبها أو في سراويلها أثراً من الدم لم تغسله ولكن لم تعلم إلا بعد الطواف لا يضرها، كما صلّى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم إلا بعد الصلاة صلاته صحيحة، والصلاة أعظم من الطواف، فإذا صلًى في ثوبٍ ثم بان بعد الصلاة أن فيه نجاسة، أو صلّى في سراويل بان فيه نجاسة، أو طاف في ثوب أو بشت أو غير ذلك ثم تبين بعد الطواف أن فيه نجاسة ولم يعلم، أو كان عالماً ثم نسي فلا يضره ذلك والحمد لله، يقول الله جل وعلا:رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا(286) سورة البقرة، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، والحمد لله، والنبي - صلى الله عليه وسلم – صلّى في نعلين ذات يوم، ثم جاءه جبرائيل فأخبره أن بهما أذىً فخلعهما ولم يعد الصلاة - عليه الصلاة والسلام-.  
 
9- ما حكم الشرع -في نظركم- في الشخص الذي يصلي صلاة الفريضة لكنه إذا أحس في الركعة الأولى أو الثانية أحس بأنه لم يوف الصلاة حقها يحول هذه الصلاة إلى نافلة، ثم بعد ذلك يشرع في أداء الصلاة المفروضة؟
ينبغي للمؤمن الحذر من الوساوس فإذا أيقن أنه دخل في الصلاة المعينة في الفريضة ظهر أو عصر ثم وسوس يلغي هذه الوساوس، ويستمر في صلاته ويكملها؛ لأنه إذا تساهل مع الوساوس لعب عليه الشيطان وأشغله، فالواجب في مثل هذا الحذر من إعطاء النفس هواها بالوساوس، وإذا أحس بشيء يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويستمر، ما دام يعلم أنه دخل في الصلاة على بصيرة فإنه يتممها ولا يلتفت إلى الوساوس بالكلية، بل يلغيها ويحذرها لئلا يفتح باباً للشيطان عليه فيؤذيه.  
 
10- أشكو لكم حالي في أعمالي الخيرية، أو المشاريع الخيرية التي أساهم فيها، حيث أنني إذا فكرت في أعمال أو مشاريع خير أجد الشيطان يدخل عليّ، فأتوقف عن عملها رغم أن لها فائدة، فأفتوني ماذا أفعل؟
هذا من الشيطان، فالواجب الحذر، إذا فكرت في بناء مسجد، أو في صدقة على فقير أو صلة رحم بادر، ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان، احذر إذا فكرت في خير فبادر به من بناء مسجد من صلاة نافلة، من صوم نافلة من صدقة، من سلام، من رد سلام بادر ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان احذر تثبيط الشيطان وتعوذ بالله من الشيطان وأرغم أنف الشيطان، قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبادر بالخير.    
11- ما حكم الشرع -في نظركم- في الطرق الصوفية، وخاصة الطريقة التيجانية، أرجو الجواب الكافي والشافي حول سؤالي؟
الواجب الحذر من الطرق الصوفية المخالفة لشرع الله، كالتيجانية والقادرية والنقشبندية ونحو ذلك، يجب الحذر منها ويجب أن تكون تابعاً للسلف الصالح، تعتمد على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما درج عليه السلف كالأوزاعي والشافعي وأحمد ومالك وغيرهم من أئمة الإسلام، وقبلهم أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فعليك أن تتبع ما كان عليه أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأتباعهم بإحسان وذلك باتباع كتابه العزيز والسنة المطهرة والعناية بذلك، هذا هو الدين وهذا هو الخير، أما الصوفية؛ أصحاب الطرق المنحرفة فالواجب الحذر منهم، ومنهم التيجانية، فالواجب الحذر من طريقة التيجانية وغيرها من طرق الصوفية، القادرية النقشبندية، الخلوية وغير ذلك، الواجب الحذر وأن تتبع ما كان عليه سلف الأمة كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الإسلام، وقبلهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، تجتهد في معرفة سيرة الصحابة وأتباعهم بإحسان فتسير على ذلك، ومن ذلك ما كتبه الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - في صحيحه، وفي كتاب التوحيد، وما كتبه الله عبد الله بن أحمد في الرد على أهل البدع، وما كتبه غيرهم من أئمة الإسلام، ومن ذلك شرح الطحاوية وكتاب الطحاوية لابن أبي العز الشرح، والمتن للطحاوي - رحمه الله -، وغيرهم من أئمة الإسلام الذين ألفوا في طريقة السلف الصالح، تجتهد في ذلك حتى تسير على النهج القويم، وتبتعد كل الابتعاد عما عليه المتصوفة المبتدعة.  
 
12- الذي يتوجه بالدعاء إلى الله عند قبور الصالحين فهذا هو التوسل بالأولياء والصالحين، والتوسل جائز شرعاً، وهو بطلب من الله متوسلاً إليه بهذا الولي، عسى أن يكون هذا الدعاء أو دعاء السائل مقبولاً، وليس في ذلك ما يتنافى مع العقيدة، لا فرق في ذلك بين الحي والميت، والدليل على ذلك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه أعمى فقال له: يا رسول الله أطلب من الله أن يرد علي بصري؟ فقال له: اذهب فتوضأ وصلِّ لله ركعتين، ثم قل: اللهم إني أتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا سيدي يا رسول الله! توسلنا بك إلى ربي ليرد علي بصري) فرد الله عليه بصره. ويقول أيضاً: بإنه يجوز الاستعانة بالأحياء والأموات؛ لأن السائل يسأل الله ببركة هذا الصالح من نبي أو ولي، وليس طالباً من ذات الشخص أن يفعل شيء، نرجو من سماحتكم الإفادة عن هذا الموضوع.
هذا سؤالٌ جدير بالعناية، وفيه تفصيل: الحي الحاضر لا بأس أن يسأل أن يشفع للسائل، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يشفع لهم، إذا أجدبوا ويستغيث لهم، وكما سأله الأعمى فأمره أن يسأل ربه أن يقبل شفاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأمره أن يتوضأ ويسأل ربه، هذا لا بأس به، سؤال الأحياء أن يشفعوا لك تقول: يا أخي ادع الله لي، اسأل الله لي أن الله يشفيني، اشفع لي أن الله يرزقني، أن الله يمنحني زوجة صالحة، ذرية طيبة، لا بأس، تقول لأخيك وهو يدعو ربه، يتضرع بين يديه ويقول: اللهم اشف فلان، اللهم يسر أمره، اللهم ارزقه الزوجة الصالحة، اللهم ارزقه الذرية الطيبة، لا بأس، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما كان الصحابة أيضاً فيما بينهم كل هذا لا بأس به، والنبي - صلى الله عليه وسلم – قال لهم: (إنه يقدم عليكم رجلٌ برٌ بأمه يقال له: أويس القرني، كان براً بأمه فمن لقيه منكم فليطلبه أن يستغفر له)، فهذا حديث لا بأس به. أما سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم هذا شرك أكبر، هذا عمل الجاهلية هذا عمل قريش في جاهليتها، وعمل غيرهم من الكفرة، سؤال الأموات وأصحاب القبور والاستغاثة بهم والاستعانة بهم؛ هذا هو الشرك الأكبر، عبادة غير الله التي قال فيها جل وعلا، وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(18)سورة الجن، وقال فيها- سبحانه وتعالى -:وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ(117) سورة المؤمنون، ومن دعا الأنبياء أو دعا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – بعد الموت، أو استغاث بالصديق أو بعمر أو بعثمان أو بعلي أو بغيرهم فقد اتخذهم آلهة، جعلهم آلهة مع الله، قال الله جل وعلا: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ سماه شرك، وقال - سبحانه وتعالى -: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ(5)سورة الأحقاف، فأخبر - سبحانه وتعالى – أنه لا أضل من هؤلاء، دعاة غير الله، فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن يحذر دعاء الأموات، أو الغائبين كالملائكة والجن يدعوهم، يسأل جبرائيل أو إسرافيل، أو جن في البلاد الفلانية، أو جن الجبل الفلاني هذا شرك أكبر، قال جل وعلا:وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ(40) سورة سبأ، وقال جل وعلا في سورة الجن:وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا(6) سورة الجن، فالواجب الحذر فلا يسأل الأموات ولا الغائبين من الملائكة وغيرهم، ولا يسأل الأصنام ولا الجمادات من أشجار أو أحجار لا، يسأل الله وحده، يسأل الله، يستعين بالله، يستغيث بالله، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ(23) سورة الإسراء، وقال- سبحانه وتعالى -:ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(60)سورة غافر، وقال جل وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء(5) سورة البينة، وقال - سبحانه وتعالى -: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ(186) سورة البقرة، وقال - سبحانه وتعالى -: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي – يعني ذبحي- وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 162) سورة الأنعام، قال - سبحانه وتعالى -:إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ سورة الكوثر، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله من ذبح لغير الله)، فهذه أمورٌ عظيمة خطيرة، والجلوس عند القبور يدعو ربه عند القبور؛ هذه وسيلة للشرك، كونه يجلس عندها يقرأ أو يدعو هذه وسيلة، ما يجوز، من وسائل الشرك، أما إذا دعا المقبور واستغاث به هذا الشرك الأكبر، هذا الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة. أما الحي الحاضر يقول له: ادع الله لي، أو يسأل منه أن يعينه على كذا لا بأس، إذا كان حي حاضر قادر فلا بأس، مثل ما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو حاضر أن يعينهم وأن يواسيهم مما أعطاه الله من المال، وأن يدعو لهم فلا بأس، مثل ما قال الله عن موسى، في قصة موسى مع القبطي:فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ(15) سورة القصص، فأغاثه موسى وقتل القبطي؛ لأن موسى حاضر يسمع الكلام، وهكذا في الحرب، الإنسان مع إخوانه في الحرب في الجهاد يتعاونون في قتال الأعداء، هذا يعين بالسلاح، وهذا يعين بالسوط، وهذا يعين بالفرس، وهذا يعين بالدرقة إلى غير ذلك، وهكذا في الدنيا يتعاونون في المزرعة، يعينه في مزرعته، يعينه في بيعه وشراءه، حي قادر حاضر، يتعاونون في المزرعة في البيع والشراء في بناء البيت، لا بأس، حي حاضر قادر لا بأس، أما ميت أو غائب لا، لا يستعان به، شرك الأكبر، والمشركون ما كانوا يعتقدن أنهم يخلقون أو يرزقون، لا، المشركون يعبدونهم؛ لأنهم بزعمهم يشفعون لهم، يقربونهم إلى الله زلفى، هذا زعمهم، ما كانوا يعتقدون فيهم أنهم يخلقون أو يرزقون، قال الله جل وعلا: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ(87) سورة الزخرف، وقال - سبحانه وتعالى -: قل من يرزقكم – يعني قل لهم يا محمد- قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ(31) سورة يونس، يعترفون بهذا، وقال جل وعلا: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ(18) سورة يونس، ما قالوا: هؤلاء خالقونا أو رازقونا، لا، ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وهم يعلمون أن الخلاق والزراق هو الله، وإنما يعبدون الأصنام لأنها تشفع لهم بزعمهم، وقد أبطلوا في هذا، وقال جل وعلا: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى(3) سورة الزمر، يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. قال الله جل وعلا:إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) سورة الزمر، سماهم كذبة، وسماهم كفرة، كذبة ما يقربونهم زلفى، وهم كفرة بهذا، بدعائهم إياهم، وذبحهم لهم، ونذرهم لهم، هم كفرة بهذا، سواءً كانوا أنبياء المعبودين أو صالحين أو ملائكة، من عبدهم كفر، بالاستغاثة بهم، بذبحه لهم، يقول أنهم يقرون إلى الله زلفى، أنهم يشفعون له، هذا دين المشركين، هذا دين عباد الأصنام يزعمون أنها تقربهم إلى الله وتشفع لهم، لا أنها تخلق و.... فالذي يأتي البدوي أو السيد الحسين أو غيره أو الجيلاني أو يأتي غيرهم يسألهم، يستغيث بهم، هذا قد جعلهم آلهة مع الله، وهذا هو الشرك الأكبر، وهكذا إذا أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه، يستغيث به، هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، الواجب على السائل وعلى غير السائل الحذر من هذه الشركيات وعدم الالتفات من دعاة الشرك من علماء السوء وقادة السوء نسأل الله العافية والسلامة.

400 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply