حلقة 235: الوفاء بالنذر - التوفيق بين حديثين ظاهرهما التعارض - حكم صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة - توجيه ونصيحه لخطباء الجمعة - السن الشرعي للزواج - نصاب الزكاة بالنسبة للعملة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

45 / 50 محاضرة

حلقة 235: الوفاء بالنذر - التوفيق بين حديثين ظاهرهما التعارض - حكم صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة - توجيه ونصيحه لخطباء الجمعة - السن الشرعي للزواج - نصاب الزكاة بالنسبة للعملة

1- إنني شاب أبلغ من العمر السادسة والعشرين عاماً، قدر الله علي بحصول غمامة من غمامات الدهر التي تعترض كل شاب وكل مسلم، متزوج ولي ثلاثة من الأبناء يعيشون تحت كنف رعايتي بعد الله، ووالدتي طاعنة في السن، أو وقد حجبتني الأقدار الإلهية عن رؤيتهم ما يقارب من سنة وستة أشهر، أنذرت لله أنه عند عودتي لمنزلي وأطفالي الذين أصبحوا فترة غيابي تحت برارة المتصدقين، أن أصوم لله تعالى ستة أيام حمداً وشكراً لله، وأذبح اثنتين من الذبائح لله تعالى، وأزور مكة والمدينة أنا ووالدي، وأقوم بحمل والدتي على أكتافي أطوف بها وأسعى، وعندما انجلت تلك الغمامة ولسوء حالتي المادية وحالة أسرتي قمت بذبح ذبيحة واحدة ولم أستطع إحضار الأخرى، كذلك لم أستطع الذهاب بأسرتي ووالدتي لمكة والمدينة وفاءً بنذري، وذلك لسوء حالتي المادية، حتى الصيام لم أستطع القيام به، وخوفاً من وقوعي في الذنب والوزر بعثت برسالتي هذه عسى ولعلي أجد أبسط الطرق التي تجعلني أتقرب إلى الله وأوفِ بها ما أنذرت، علماً أنني شاب محافظ على أداء الفرائض والنوافل حتى الليل والضحى؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالحمد لله الذي يسر لك الاجتماع بوالديك وأولادك، ونسأله -جل وعلا- أن يصلح حالكم جميعاً، وأن يعينك على ما يحبه ويرضاه. أما النذر فالواجب عليك هو الوفاء به حسب الطاقة، قد مدح الله المؤمنين الموفين بالنذر في قوله -جل وعلا-: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا[الإنسان: 7]، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، خرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها-، فعليك أن تؤدي الذبيحة الثانية عند القدرة، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، متى استطعت وتيسر لك ما تشتري به الذبيحة الثانية فافعل، واذبحها وتصدق بها على الفقراء، إلا إن كنت نويت أن تأكلها مع أهلك، فأنت على نيتك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى)، أما إن كنت نذرت الذبح ولم تقصد أن تأكلها مع أهلك فإنك تعطيها الفقراء. وعليك أن تصوم متى تيسر لك ذلك ستة أيام، لأنها طاعةٌ لله فعليك أن تصومها متى استطعت ولو متفرقة، إلا إن كنت نويت أن تصومها متتابعة فأنت على نيتك، الأعمال بالنيات، إن كنت نويتها متتابعة صمها متتابعة، وفاءً بنذرك ونيتك، أما إن كنت لم تنوِ التتابع فإنك تصومها ولو متفرقة ولا حرج في ذلك. وعليك أيضاً أن تحج بوالديك إلى مكة وإلى المدينة كما نذرت، إن كنت أردت العمرة فالعمرة، وإن كنت أردت حجا فحجاً على حسب نيتك في ذهابك إلى مكة، إن كنت أردت بهم العمرة فالعمرة تكفي، وإن كنت أردت حجاً فعليك أن تحج بهم متى استطعت، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويقول -سبحانه وتعالى-: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]، وعليك أن تذهب بهم إلى المدينة أيضاً، لأن شد الرحال إلى المدينة للصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- سنة وقربة، وإذا زرت المدينة تسلم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعلى صاحبيه هذا هو أفضل لك، فإن زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم- وقبر صاحبيه لمن كان في المدينة مشروع، إنما الذي ينهى شد الرحل من أجل الزيارة فقط، أما شد الرحل إلى المسجد والزيارة داخلة في ذلك فلا بأس، فتسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى صاحبيه -رضي الله عنهما-. أما النساء فلا يزرن القبور، ولكن أنت وأبوك ومن معك من الرجال، أما النساء فلا يزرن القبور ولكن يصلين في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم-، ويصلين عليه في محلهم في المسجد وفي البيوت وفي الطريق -صلى الله وسلم عليه- وعلى أصحابه. ويشرع لكم أيها الرجال -أيضاً- أنت ومن معك من الرجال زيارة البقيع، وزيارة الشهداء، ويستحب لك أيضاً ومن معك من الرجال زيارة مسجد قباء والصلاة فيه لأنه مسجدٌ فاضل، تستحب زيارته لمن كان في المدينة. أما حملك لأمك أو لأبويك أن تحج بهما وتحملهما فلا، ليس عليك ذلك ولكن تطوف أمك بنفسها ويطوف أبوك بنفسه ويسعى كل منهم بنفسه أو في عربانة إن كان يشق عليه ذلك، فالحمد لله الأمر واسع، أما حملهما فليس عليك حملهما، بل تكفر عن نذرك هذا بكفارة يمين عن حملها، عليك كفارة يمين عن حملهما، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة تعطي كل واحد نصف صاع من التمر أو البر أو الأرز، أو تكسو كل واحدٍ كسوة تجزئه الصلاة كقميص أو إزار ورداء ويكفي، وليس عليك حملهما بل يطوفان بأنفسهما ويسعيان بأنفسهما، وإذا عجزا يطاف بهما ويسعى بهما والحمد لله، ونسأل الله أن يعينك على الوفاء وأن يتقبل منا ومنك. ونوصيك بعدم النذر، نوصيك في المستقبل بأن لا تنذر، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل)، فنوصيك في المستقبل أن لا تنذر أبداً، ولو حصل لك نعم تشكر الله وتطيع الله وتحمده ولكن لا حاجة إلى النذر، وقلت في كلامك ولكن حجبت الأقدار فالأفضل أن تقول في مثل هذا ولكن قدر الله كذا وكذا، لأن الأقدر ليس لها تصرف، التصرف لله وحده، فتقول في مثل هذا: قدر الله علي كذا، قدر الله كذا أني لا أستطيع كذا، أني أتأخر عن أولادي كذا، تعبر بنسبة الأمر إلى الله -سبحانه وتعالى-، قدر الله علي كذا، أو أراد الله كذا، هذا هو المشروع، رزقنا الله وإياك العلم النافع والعمل الصالح. سماحة الشيخ: يكثر الشكوى من حالته الاقتصادية كما يقول. الحمد لله، عليك أن تصبر، وأن تأخذ بالأسباب والحمد لله، ربما يكون هذا خيراً لك، جاء في بعض الآثار الإلهية يقول الرب -عز وجل-: (إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك)، فعليك أن تأخذ بالأسباب والله -جل علا- مسبب الأسباب، فعليك أن تسعى بطلب الرزق بأي عمل مباح تفعله، من تجارة وبيع وشراء أو العمل عند من يتيسر عنده العمل المباح، أو الوظيفة إذا تيسرت المباحة، الحمد لله، تفعل الأسباب وتستعين بالله وتطلبه الرزق من عنده -جل وعلا-، ولا مانع أن تؤخذ الزكاة من أهل الزكاة إذا عجزت ولم يتيسر مالاً يقوم بحالك، لا بأس أن تأخذ الزكاة، ولا مانع من صرف الزكاة فيك عند عجزك عن ما يقوم بحالك، والله المستعان. بارك الله فيكم: إذن ما نذر من النذر الذبائح والحالة هذا تسقط عليه حالته الاقتصادية سماحة الشيخ. تبقى دين معلق كسائر الديون. وإذا لم يستطع فلا محذور؟ فلا شيء عليه، إذا مات ولم يستطع إن يسر الله للتركة الشيء أو فعله الورثة ،وإن كان ما وراء التركة سقطت.  
 
2- كيف نوفق بين الحديثين التاليين: قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار) رواه أبو داود، وحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعناه: (المجتهد إذا أصاب له أجران، وإذا أخطأ فله أجر واحد)، وفقوا بين الحديثين؛ لأن في ذلك عندي إشكال؟
ليس بينهما بحمد الله تعارض، بل المعنى واضح، فالحديث الأول فيمن قضى للناس على جهل ما عنده علم، يقضي للناس على غير علم فهذا متوعدٌ بالنار، وهكذا الذي يعلم الحق ولكن يجور من أجل الهوى لمحبته لشخص أو لرشوة أو لأشباه ذلك فيجور في الحكم هذان في النار، لأن الأول ما عنده علم ما عنده آلة يقضي بها، جاهل فليس له القضاء، والثاني تعمد الجور والظلم فهو في النار، أما الأول فهو الذي عرف الحق وقضى به فهو في الجنة. أما حديث الاجتهاد حديث عمرو بن العاص وما جاء في معناه وهو في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر)، هذا في العالم الذي يعرف الأحكام الشرعية، ليس بجاهل، ولكن قد تخفى عليه بعض الأمور، وتشتبه عليه بعض الأمور، فيجتهد ويتحرى الحق وينظر في الأدلة من القرآن والسنة ويتحرى الحكم الشرعي فلا يقدر أنه يصيبه، فهذا له أجر الاجتهاد، ويفوته أجر الصواب، لأنه عالم صالحٌ للقضاء ولكن فيه بعض المسائل قد يغلط بعد الاجتهاد والتحري والنية الصالحة، فهذا يعطى أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب. الثاني اجتهد وطلب الحق واعتنى بالأدلة وليس له قصدٌ سيء بل هو مجتهد طالب للحق فوفق له واهتدى له وحكم بالحق فهذا له أجران، أجر الإصابة، وأجر الاجتهاد. فليس بين الحديثين تعارض، الأول في الجاهل الذي ما عنده علم، والثاني في الذي عنده علم وهو صالحٌ للقضاء ولكن قد تشتبه عليه بعض الأمور في بعض المسائل، فيجتهد ويتحرى، وينظر في الأدلة، ثم يحكم بما ظهر له أنه الصواب، ولكن قد يظهر له أنه الصواب ولكن ما يوفق في الصواب، ما يكون هو الصواب.   
3- ما حكم إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة، هل هي واجبة أم مندوبة؛ لأنه عندنا الإمام يقوم بإعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة، ويقول: خوفاً من قبول صلاة الجمعة، وذلك لعدم توفر جميع أركان الجمعة؟ أفيدونا أفادكم الله.
إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة أمر محدث، لم يكن في عهد أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في عهد التابعين لهم بإحسان، والجمعة تكفي عن الظهر، وهي فرض الوقت، فلا يجوز أن يجمع بينهما، الله فرض علينا خمس صلوات في يوم الجمعة وفي غير يوم الجمعة، في يوم الجمعة خمس: الفجر والجمعة والمغرب والعشاء، هذه خمس، الفجر والجمعة والعصر والمغرب والعشاء، خمس فروض، فإذا صلّى ظهراً بعد الجمعة فقد زاد سادسة، فلا وجه لذلك، فهي بدعة ونرجوا ممن يتعاطى هذا من أهل العلم أن يعيدوا النظر وأن يتبصروا في الأدلة ومتى أعادوا النظر وفقهم الله للبصيرة في هذا، أرجو من إخواني من أهل العلم الذي يفعلونها أن يعيدوا النظر، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، أي مردود، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، متفق على صحته من حديث عائشة -رضي الله عنها-. فالواجب على أهل العلم الذين يعيدونها أن يتقوا الله، وأن يتركوا هذه الإعادة، فإنها بدعة لا وجه لها، ومتى صليت الجمعة أجزأت عن الظهر، وإذا كان عندهم شك بالجمعات ولهم النظر في الموضوع ليس إلى غيرهم فلينظروا، فالجمعة التي لا حاجة إليها تلغى، والجمعة التي لها حاجة تبقى، أما مجرد الظنون والشكوك والأوهام فلا وجه لها، الأصل أن هذه الجمعة إنما أقيمت للحاجة إليها، إما للتباعد وإما لكون الجمعة الموجودة .......، وإما لكون المسجد الموجود يضيق بالناس ولا يسعهم أو لأسبابٍ أخرى اقتضاها الشرع، فالأصل أن هذه الجمعات مجزئة، هذا هو الأصل، فلا يجوز ظن السوء وحمل الناس على أنهم صلوا جمعة غير صحيحة، هذا سوء ظن لا وجه له، بل يجب حمل الناس على أحسن المحامل، وأن هذه الجمعة أنما أقيمت للحاجة إليها، فلا حاجة إلى صلاة الظهر بعدها، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال في الحديث الصحيح: (وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: أما بعد، يقول في خطبة الجمعة كما روى مسلم في الصحيح: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)، فليس للعالم ولا لغير العالم أن يحدث في دين الله ما ليس منه، ولكن الخطر على العالم أكثر، لأنه يقتدى به، والواجب أن ينظر وأن يتأمل حتى يحكم بما فعل على بصيرة، ولا شك أن هذه بدعة لا وجه لها، فالواجب تركها على العالم وغير العالم. المذيع/ من أين تسرب هذا الشك سماحة الشيخ؟ لأن هناك خلاف بين العلماء في إقامة الجمعة ثانية والثالثة والرابعة، بعض أهل العلم يقول: لا بد في المدينة من جمعة واحدة ولا حاجة إلى جمعات، وهذا قولٌ خاطئ، لأن المدن تختلف ليس كل مدينة يكفيها جمعة واحدة، بعض المدن بين أطرافها مسافات طويلة، والمسجد لا يسع من حوله من الناس، ولا يسع من بعد عنه، ولا يستطيعون المجيء إليه، فلهذا قرر العلماء -رحمة الله عليهم- إقامة جمعات في بلد واحدة، اتسعت البلد وتباعدت أطرافها وكثر سكانها يكون في كل حيٍ منها جمعة يكفي أهله، هذا هو الواجب وهذا الذي تقرر عند أهل العلم، فإذا وجدت الأسباب كالتباعد أو ضيق المسجد أو صارت البادية قبيلتان أو قبائل بينهم تشاحن ما يستطيعون أن يجتمعوا في مسجدٍ واحد يخشى أن يقع بينهم فتنة، جعل لكل قبيلة مسجداً يخصهم دفعاً للفتن، هذا كله من الأسباب.   
 
4- إذا لوحظ على خطبة الجمعة أنها لن تؤد وظيفتها التي كانت معروفة من ذي قبل، وإنما تحولت الخطب إلى أشياء وأشياء لا تمت إلى حاجة الناس الحقيقية بصلة؟
ينصح القائمون عليها الخطباء ويوجهون من أهل العلم، ومن المسؤولين على الجمعة، حتى يخطبوا خطباً تفيد المجتمع، في ما يتعلق بوعظهم وتذكيرهم وتنبيههم على ما قد يقع من الأمور المنكرة في المجتمع الذي هم فيه، هكذا ينبهون. المذيع/ لكن إذا كانوا محمولين على نوعية معينة من الخطب؟ لا بد أن يعالج الموضوع حتى مع من حملهم، لا بد أن يعالجوا الأمر لأنها في الغالب لا تخلوا من الوعظ، حتى ولو حملوا، لا تخلوا من الوعظ يحصل به إن شاء الله الاجزاء، لكن المطلوب أن يتحروا حاجة المجتمع وما يقع فيه من شرور، حتى ينبهوا المجتمع على ما قد يقع فيه من أخطاء ليستقيم وينتبه فيؤدي ما أوجب الله، ويدع ما حرم الله، فإذا كان الخطباء قد عين لهم أشياء فينبغي أن يدرسوها مع المسؤولين وأن يقترحوا ما يرونه أصلح وأنفع، والغالب إنما يعين لهم يجزئ؛ لأنه لا يخلوا من وعظ، وتذكير إما بالجنة أو بالنار أو بيوم القيامة أو بما يرضي الله من الأعمال الصالحة، كالمحافظة على الصلوات وكأداء الزكاة وكصوم رمضان، وما أشبه ذلك مما يحصل به التذكير، لكن المطلوب من الخطباء فوق ذلك، أن يجمعوا بين هذا وبين غيره مما يحتاجه المجتمع.  
 
5- ما هو السن الشرعي الذي يجوز للمرأة أن تتزوج فيه، هل هو محدد أم لا؟
ليس للسن الذي تتزوج فيه المرأة حد بالنسبة إلى أبيها، أبوها له أن يزوجها وإن كانت صغيرة، كما زوج الصديق -رضي الله عنه- عائشة وهي بنت ست سنين أو سبع سنين، إذا رأى المصلحة في ذلك، إذا رأى أن الخاطب كفؤٌ لها وأنه يغتنم ولا ينبغي أن يؤجل، بل يغتنم فلا بأس، والأب ينظر في مصالح أولاده. أما الأولياء الآخرون فليس لهم أن يزوجوا إلا بعد بلوغها سناً تكون أهلاً للاستئذان، لأنهم مأمورون بأن يستأذنوها، أما الأب فله أن يزوجها بغير إذنها إذا كانت دون التسع سنين، اقتداءً بما فعله الصديق وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه، قالوا: هذا يدل على أن البنت ولو كانت صغيرة يزوجها أبوها خاصة بغير إذنها، ولو كانت غير أهلٍ للإذن، كبنت الخمس والأربع، إذا رأى المصلحة في ذلك، لا لأجل المال، بل لأجل المصلحة، مصلحة البنت كما زوج الصديق عائشة لأجل مصلحة عائشة، فمن يدرك النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن يحصل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلهذا بارد إلى تزويجه -عليه الصلاة والسلام-، فإذا خطب منه الرجل الصالح من أهل الخير من أهل العلم والفضل والاستقامة وخشي أن يفوته هذا الرجل الصالح فعقد له عليها فلا بأس، لكن ليس له أن يقربها بالجماع حتى تكون أهلاً لذلك، ليس للزوج أن يتصل بها حتى تكون أهلاً للجماع، يحرم عليه ما يضرها. أما الأولياء الآخرون فليس لهم أن يزوجوا إلا عند بلوغها التسع، إذا بلغت تسعاً زوجوها بإذنها لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن)، قيل: كيف إذنها؟ قال: (أن تسكت). وهكذا الأب إذا بلغت التسع أن يستأذنها أيضاً، أما ما دون التسع فلا يلزم الأب استئذانها، لأنها ليست من أهل الإذن، أما إذا بلغت تسعاً فأكثر فإن أباها يستأذنها ولا يجبرها أيضاً هذا الصواب، ليس له جبر البنت البالغ التسع فأكثر، وإنما يزوج من دونها بغير إذنها للمصلحة الشرعية، للبنت كما تقدم، أما بقية الأولياء كأخيها وعمها وابن عمها ونحو ذلك فليس لهم أن يزوجوا إلا بعد بلوغ التسع وإلا بالإذن أيضاً، لا بد من أمرين: بلوغ التسع حتى تكون أهلاً كما قالت عائشة -رضي الله عنها-: "إذا بلغت الجارية تسعاً هي امرأة"، ولأن التسع مقاربة فلا مانع من التزويج بالإذن، تستأذن وإذنها سكوتها، إذا سكتت كفى، هذا في حق البنت. فالسن حينئذٍ فيها تفصيل: في حق الأب ليس لها حدٌ محدود، إذا رأى المصلحة، ولكن ليس له أن يزوج إلا بإذن بعد بلوغها التسع، والأولياء إنما يزوجوا بعد بلوغ التسع حتى يستأذنوا، حتى يتمكنوا من الاستئذان، لأن من دونها ليس محل إذن، فلهذا حدد لهم هذا ليستأذنوا لتكون محلاً للإذن حتى لا تجبر.  
 
6- ما هو نصاب الزكاة بالنسبة للعملة العراقية (الدينار)، وهل تجب الزكاة على الشخص الذي تدفع له الزكاة في نفس الوقت؟
أما النصاب فقد وضحه النبي -صلى الله عليه وسلم-، الذهب نصابه عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك بالغرام اثنان وتسعون غرام، وبالجنيه السعودي والافرنجي إحدى عشر جنيه وثلاثة أسباع جنيه، يعني أحدى عشر ونصف، إذا كان الكسر يسير لا يضر، إحدى عشر جنيه وثلاثة أسباع هي إحدى عشر جنيه ونصف، لأنه أوضح للحاسب، هذا هو النصاب بالنسبة للذهب، وبالفضة نصابها مائة وأربعون مثقالاً من الفضة، فما يقوم مقام ذلك من الدولار الأمريكي أو الدينار العراقي أوغير ذلك، ما يقوم مقام هذا ويساوي هذا هو النصاب، ما يساوي مائة وأربعين مثقال من فضة أو يساوي إحدى عشر ونصف جنيه من الذهب، هذا يسمى نصاباً، ويجب فيه ربع العشر، في المائة اثنين ونصف، في المائتين خمسة، في الألف خمسة وعشرون ربع العشر، وإذا أحب أن يزكي ما عنده ولا ينظر في النصاب فالأمر في هذا واسع، لأن النصاب قليل يعني أقل نصاب هو شيء قليل، فإذا كان عند الإنسان أموال زكاها، لأن النصاب قليل جداً، مقدار عشرين مثقال من الذهب أو مائة وأربعين مثقال من الفضة مقداره ستة وخمسين ريال من السعودي، وهذا شيءٌ قليل، ولا يحتاج الإنسان إلى التكلف من جهة النصاب، يزكي ما عنده والحمد لله، لأنه في الغالب قد بلغ النصاب، ,ولذاأهل المئات والألوف قد بلغ النصاب عندهم، إنما قد يشتبه على أهل الدنانير القليلة، عندهم شيءٌ قليل فهؤلاء ينظرون في قيمتها بالنسبة إلى الجنيه الفرنجي والسعودي المعروف، بالنسبة إلى عشرين مثقال من الذهب ماذا تساوي، فإذا كان ما عنده يساوي عشرين مثقال من الذهب وجبت الزكاة، أو يساوي مائة وأربعين مثقال من الفضة وجبت فيه الزكاة، ويعرفون هذا بالنظر إلى أهل الذهب والفضة، إذا راجعوهم أهل الذهب والفضة الصيارفة، إذا راجعوه وسألوا عن قيمة عشرين مثقال من الذهب عن قيمة مائة وأربعين مثقال من الفضة عرفوا ذلك، ولا حاجة إلى التكلف إذا زكى ما عنده فالحمد لله. إذن لو قيل أيضاً لأخينا هذا عليه أن يزكي ربع العشر دائماً؟ يكفي، ولا يحتاج كونه يسأل. بارك الله فيكم بقي له سؤال: هل يعطى له الزكاة؟ نعم إذا كان عليه زكاة وهو فقير يعطى، إذا كان مثلاً إنسان عنده ألف دينار قلنا عليه خمسٌ وعشرون زكاة، ربع العشر ولكن هذا الألف الذي يتسبب فيه يعمل فيه ما يكفيه، عنده عائلة ما يكفيه، لو صرف هذا المال ما بقي عنده شيء، فهو يعمل في هذا المال في حاجات في بيع وشراء، في سلع فهو يعطى من الزكاة ما يقوم بحاله وتبقى هذه الجنيهات التي عنده أو الدولارات التي عنده يتسبب فيها حتى يستعين بها على حاجات البيت، فيعطى لأنه فقير ويزكي ما عنده من هذا المال الذي بلغ النصاب. فعنده ألف دينار مثلاً يزكيه خمسة وعشرين كل سنة إذا كان في حاجة كبيرة، في دكان أو في مبسط بقالة أو شيء يزكي هذا الشيء، ويعطي من الزكاة ما يكمل حاجته؛ لأن ربحها ألف دينار أو ألف دولار أو ألف جنيه استرليني، ربحها أو ما يحصل فيها قد لا يقوم بحاله، ولا يكفيه في حاجات البيت، فيعطى من الزكاة ما يسد حاجته، ولا يقال عليك أن تنفق هذا وتبقى معطلاً، لا، يتجر في هذا ويتسبب في هذا المال في يديه، حتى يستعين في ربحه بحاجات البيت ويعطى من الزكاة ما يقوم بحاله، وهكذا لو كان عنده قلنا مثلاً مائة دينار، وزكى منها اثنين ونص، المائة الباقية ما تساوي شيء بالنسبة إلى حاجته، فيعطى ما يزكى حاجته من إخوانه، من زكاة إخوانه المسلمين، ولا بأس، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم. ذهب بعض أهل العلم إلى أن من زكى لا يعطى، وهذا قولٌ ضعيف، والصواب أنه يعطى إذا كان فقيراً، ولو وجبت عليه الزكاة في مالٍ عنده. نؤجل رسالة أخينا سعيد يوسف محمود، من بيشه سبت العلايا إلى الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى. سماحة في الشيخ في ختام.... 

470 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply