حلقة 389: حكم إخراج زكاة الفطر بعد الصلاة لمن نسي إخراجها قبل الصلاة - حكم زواج الشغار - حكم شهادة الزور - حكم المجاملة وعدم قول الحقيقة - حكم جمع صلاة الظهر مع العصر - هل صحيح أن المرأة الحائض لا تصوم في شهر رمضان

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 389: حكم إخراج زكاة الفطر بعد الصلاة لمن نسي إخراجها قبل الصلاة - حكم زواج الشغار - حكم شهادة الزور - حكم المجاملة وعدم قول الحقيقة - حكم جمع صلاة الظهر مع العصر - هل صحيح أن المرأة الحائض لا تصوم في شهر رمضان

1- أفيدكم بأني قد زكيت في رمضان، وزكيت أولادي وزوجاتي، وأبقيت زكاتي ناوي إخراجها قبل الصلاة، وأعرف الشخص الذي أعطيه الزكاة، ونسيتها ولم أذكرها إلا في الصلاة، وأخرجتها بعد الصلاة، أرجو أن تفيدوني هل علي من شيء تجاه ذلك؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فلا ريب أن السنة إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد, كما أمر بهذا النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-, وقد أحسنت فيما فعلت في إخراجها قبل الصلاة لكن هذا الشيء الذي نسيته لا حرج عليك فيه وإخراجه بعد الصلاة مجزئ والحمد لله، وإن كان جاء في الحديث أنه صدقة من الصدقات لكن لا يمنع ذلك الإجزاء وأنه وقع في محله ونرجو أن يكون مقبولاً, وأن تكون زكاةً كاملة؛ لأنك لم تؤخر ذلك عمداً، وإنما أخرته نسيانا، وقد قال الله-عز وجل-في كتابه العظيم: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا(البقرة: من الآية286)، وثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: يقول الله-عز وجل-: (قد فعلت) فأجاب دعوة عباده المؤمنين في عدم المؤاخذة بالنسيان.  
 
2- أخي عنده بنت مستجيبة -كما يقول - ولي ولد، وذهبت إلى أخي أخطب ابنته لولدي، ووافق أخي على الزواج، وإني أزوج ابنتي ولده وشرط أخي صداق ابنته على ابني ستة آلاف ريال، وشرطت صداق ابنتي على ولد أخي سبعة آلف ريال، وتم الزواج بين الطرفين، أفيدنا جزاكم الله خيراً، هل الزواج تام أو يطلقن البنات؟
إن كان وقع ذلك بينكما على سبيل الشرط كل واحد منكما يقول زوجني وأزوجك وأنكما اتفقتما على هذا، هذا هو النكاح الذي نهى عنه النبي-صلى الله عليه وسلم- وسماه نكاح الشغار فلا يجوز هذا، بل النكاح فاسد، وعلى كل واحد منكما أن يجدد النكاح لولده، كل واحد يجدد من دون شرط المرأة الأخرى وليس هناك حاجة إلى الطلاق، ولكن إذا كانت كل واحدة ترغب في زوجها وهو يرغب فيها فإنه يجدد النكاح من أبيها لزوجها، بحضرة شاهدين ويكفي ذلك ولا حاجة إلى الطلاق، أما إن كان وقعا منكما ذلك من غير شرط، بل خطب كل واحد من الآخر من دون شرط فلا حرج في ذلك والزواج صحيح والحمد لله, إنما المنكر أن يكون هناك شرط، أن يقول كل واحد زوجني وأزوجك، أو يقول إذا زوجت ابني أنا أزوجك بنتي لابنك فالمعنى يكون عن تشارط وعن اتفاق وتواطؤ هذا كله لا يجوز، أما إذا خطب كل واحد من الآخر من دون شرط فلا بأس بهذا، فينبغي التنبه لهذه الأمر وإذا كان عن تشارط فالواجب تجديد النكاح، كل بنت يجدد لها إذا كانت راغبة في زوجها وهو راغب فيها يجدد النكاح من وليها لزوجها بحضرة شاهدين من دون شرط البنت الأخرى. أما إذا كان ما يرغبها ولا ترغبه فإنه يطلقها طلقة واحدة ولا يطأ معها.  
 
3- أنه شهد مع أناس عدة مرات أن لهم أراضي وأن في تلك الأراضي غرف ومساكن، بينما هي أراض بيضاء ليس فيها مساكن -كما يقول- فيسأل عن الحكم والحالة هذه، ولا سيما وقد تكرر منه ذلك؟
نعوذ بالله من ذلك، هذه شهادة زور التي شدد فيها الرب- عز وجل-, وشدد فيها النبي- صلى الله عليه وسلم-، قال الله- جل وعلا-: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ(الحج: من الآية30)، الواجب على المؤمن أن يحذر ذلك غاية الحذر، وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور, ألا شهادة الزور)، فشهادة الزور من أكبر الكبائر، وقال أيضاً-عليه الصلاة والسلام-: (الكبائر الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور)، هذه الكبيرة العظيمة عليه إثمها وعليه أن يرغم لمن شهد عليهم ما فوتها بشهادته إذا كانت هذه قد فوتت عليهم مالاً أو غرمته مالاً, فإن الواجب عليه أن يغرم لهم ما حصل تفويته عليهم بشهادته، أما إذا كانت لم تقبل أو لم يترتب عليها شيء فإنما عليه التوبة فقط، والرجوع إلى الله والإنابة إليه، والندم على ما مضى, والعزم الصادق ألا يعود في ذلك ويكفيه ذلك، من تاب تاب الله عليه، أما إن كان ترتب على شهادته شيء من الظلم للناس فإن عليه أن يغرم لهم ما ظلموه بسبب شهادته, مع التوبة والاستغفار والندم العظيم، والإقلاع من هذا الشيء، وعدم فعله في المستقبل، مع الندم على الماضي, والأسف على ما مضى، ومع العزم الصادق ألا يعود في ذلك خوفاً من الله وتعظيماً له-سبحانه وتعالى-، وإذا تحللهم وسمحوا عنه فلا بأس، إما أن يعطيهم حقهم, وإما أن يتحللهم. يبدو سماحة الشيخ من رسالته أن الشهادة كانت من أجل مقاضاة بينهم وبين البلدية؟ ظاهر بأنه شهد بأنها غرف في الأرض، وهو كاذب نسأل الله العافية، هذا كله ما يتغير. 
 
4- في بعض الظروف تقتضي المجاملة ولا نقول الحقيقة، فهل يعتبر هذا نوعاً من الكذب؟
هذا فيه تفصيل، إن كانت المجاملة يترتب عليها جحد حق, أو إثبات باطل لم تجز هذه المجاملة، أما إن كانت مجاملة لا يترتب عليها شيء, إنما هو كلام طيب فيه إجمال، ولا يتضمن شهادة في حق أحد، ولا إسقاط حق لأحد، وإنما هو مجاملة فلان طيب, أو فلان لا بأس به، أو فلان كذا، وهو لا يعلم منه خلاف ذلك، هذه المجاملة لا يترتب عليها شيء، أما إن كانت المجاملة معناها أنه لم يفعل كذا ولم يفعل كذا مما يدعى عليه هذا لا يجوز، إلا إذا كان المقام مقام ما هو مقام خصومة, ولا مقام إثبات حق، وإنما قال هذا من باب الشهادة له بالخير، وإلا فلا يترتب عليه ظلم لأحد فإن عليه التوبة من ذلك، ويكون إثمه أقل مما لو كان فيه شهادة لأحد حتى يأخذ منه مالاً أو يسقط مالاً، فالحاصل أن هذه المجاملة فيها تفصيل، إن كان يترتب عليها إسقاط مال، أو إثبات مال، أو إثبات حق، هذا محرم ولا يجوز، أما إن كان لا يترتب عليها شيء، إلا أنه قال خلاف الحقيقة، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، ويكفي.  
 
5- يبدأ دوام المدرسة من الثانية عشرة، وينتهي حتى الرابعة، وفي بعض الأحيان الخامسة، هل يسمح لنا أن نصلي الظهر مع صلاة العصر؟
لا، الدراسة لا توجب ذلك ولا تبيح ذلك، الرسول- صلى الله عليه وسلم- وقت المواقيت وقال: (الصلاة بين هذين الوقتين)، ولم يسمح بجمع الصلاة إلا في أوقات معلومة بأسبابها كالمرض, والسفر, فأما مجرد الدروس, فالواجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، والواجب على المدرسين, وعلى إدارة المدرسة أن تهيئ ذلك للمدرسين, والمدرسات, والطلبة, والطالبات ولا يجوز حملهم على أن يجمعوا بغير عذر شرعي.
 
6- هل صحيح أن المرأة الحائض لا تصوم في شهر رمضان؟
هذا لا يقوله أحد مطلقا وإنما لا تصوم وقت الحيض ، أما لا تصوم رمضان هذا غلط، ولكن لا تصوم وقت الحيض ثم تقضي، إذا جاء الحيض أفطرت, وإذا خرج رمضان قضت ما عليها سواء كان ذلك في شوال, أو ذي القعدة, أو ذي الحجة، أو بعد ذلك، وقتها موسع إلى شعبان الآتي عليها القضاء، تقول عائشة- رضي الله عنها-: "كان يكون علي القضاء من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان"، وقالت- رضي الله عنها-: "كنا نؤمر بقضاء الصوم – يعني الحيِّض-ولا يؤمرن بقضاء الصلاة"، فالحائض تقضي الصوم فقط، ولا تقضي الصلوات التي فاتتها في وقت الحيض, وهكذا النفساء، بعد الولادة ما دام الدم معها لا تصلي ولا تصوم، وإذا كان في رمضان فإنها تقضي صيام رمضان الذي أفطرت في رمضان، سواء الشهر كله أو بعضه عليها القضاء وجوباً عند جميع العلماء ، والحيض كذلك إذا جاء وقت رمضان لا تصوم ما يجوز لها أن تصوم وهي معها الحيض أو النفاس، بل تفطر وهي مفطرة في الحكم الشرعي وعليها أن تقضي تلك الأيام التي معها فيها الدم، التي أفطرت فيها تقضي عددها كالمريض, والمسافر، قال الله-عز وجل-: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ(البقرة: من الآية185)، فالحائض مثل ذلك، والنفساء مثل ذلك تقضي عدة الأيام.  
 
7- تسأل عن الأدعية بخصوص الوسوسة تقول: هل هناك دعاء للتخلص من وسوسة الشيطان؟ وهل هناك دعاء بخصوص الامتحان؟
كل هذا ليس فيها دعوة خاصة فيما نعلم إنما فيه الدعاء العام، تسأل ربها أن ينجحها في الامتحان, وأن يعينها على الامتحان, وتفعل الأسباب من العناية بالمراجعة للدروس, والسؤال عما أشكل عليها المدرسات, وهكذا الوسوسة, تجتهد في التعوذ بالله من الشيطان, والرجل كذلك يتعوذ بالله من الشيطان، ويسأل ربه- جل وعلا- بصدق وإخلاص أن الله يعافيه من هذا الشيطان, ويعيذه من نزغاته، وإذا دخل في الصلاة أقبل عليها بقلبه, وقالبه واجتهد في ذلك, وتذكر أنه بين يدي الله العظيم-جل وعلا-حتى يخشع لله, وحتى يقبل على صلاته بقلبه, وحتى يبتعد عنه الشيطان، فإن الشيطان خناس ووسواس كما قال الله-جل وعلا-: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (الناس:4), فمتى وفق العبد للذكر, وإحضار قلبه بين يدي الله خنس عدو الله وترك الوساوس, فإذا غفل العبد وسوس عليه هذا العدو, فالواجب الضراعة إلى الله, والحرص على التعوذ بالله من شر الشيطان ولو أنك في الصلاة، إذا جاءك في الصلاة, وأشغلك في الصلاة تنفث عن يسارك ثلاث مرات وتتعوذ بالله من الشيطان كما فعل عثمان ابن أبي العاص لما شق عليه الشيطان أمره أن يدعو في صلاته يتعوذ في صلاته ثلاث مرات ينفث عن يساره ويتعوذ بالله من شر الشيطان ثلاث مرات ففعل فسلمه الله من شره، فأنت أيها السائلة وهكذا كل مسلم عليه أن يجتهد في ذلك, في الاستحضار أنه بين يدي الله, وأن هذه الصلاة عمود الإسلام، وأن الواجب أداؤها كما شرع الله, ثم إذا كثر عليه ذلك ينفث عن يساره ثلاث مرات, ويقول: أعوذ بالله من الشيطان أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والله-جل وعلا-سوف يعافيه من شره إذا صدق في ذلك، وهكذا في الامتحانات، وهكذا في جميع الكربات، جميع الكرب, وجميع الشؤون يجب على المؤمن أن يفزع إلى الله وأن يضرع إليه، ويسأله الإعانة على ما أهمه وعلى ما كربه من الامتحان وغيره، كما قال-جل وعلا-: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(غافر: من الآية60)، وقال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ(البقرة: من الآية186)، وقال-سبحانه-:أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ(النمل: من الآية62)، المشركون الأولون هم كانوا كفار إذا اشتدت بهم الأمور فزعوا إلى الله وهم كفار والتجأوا إليه فكيف بالمسلم، المسلم أولى وأولى أن يفزع إلى الله إذا اشتد به الكرب، وإذا عظمت عليه المحنة، وإذا اضطر إلى أمر يشق عليه يبادر, ويفزع إلى الله ويضرع إليه ويطلبه العون والتوفيق, وهو سبحانه القريب المجيب-جل وعلا-.  
 
8- أنا فتاة مسلمة ملتزمة أعمل الخير وأتجنب الشر، إلا أنني لم أقم الصلاة وذلك بسبب الحيرة، حيث في العراق الناس منقسمة إلى قسمين أي المسلمين قسم يدعى شيعة، أو القسم الآخر وهو الثاني يدعى سنة، وصلاة كل منهما تختلف عن الآخر، وكل منهما يدعي أن صلاتهم هي الأصح، وأنا إن صليت القسم الشيعي أو السني فإن الوسوسة لا تفارقني؛ لهذا كتبت إليكم لعلكم تنقذوني من حيرتي بإخباري الصلاة الصحيحة، بدأً من الوضوء -وأنا أعلم أن هذا سيأخذ وقتاً كثيراً من البرنامج، ولكنكم لو تعلمون مدى الفائدة في جوابكم ليس لي فقط وإنما للكثيرات منا- علماً أنني سوف أسجل الجواب على شريط كاست إلى أن أتعلمها وأحفظها، ثم إلى غيري من الفتيات، وهكذا تستمر سماحة الشيخ إلى أن تقول أرجو أن تفيدوني عن الصلاة بدءاً من الوضوء وحتى التسليم؟
أسأل الله لك ولجميع أخواتك في الله التوفيق والهداية, وأوصيك أولاً بلزوم ما عليه أهل السنة, والحذر مما عليه الشيعة, وأن يكون الميزان ما قاله الله ورسوله، الميزان هو كتاب الله العظيم القرآن, وما صح عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام-، في أحاديثه وسيرته- عليه الصلاة-, وأهل السنة هم أولى بهذا, وهم الموفقون لهذا الأمر, وعند الشيعة أغلاط كثيرة وأخطاء كثيرة نسأل الله لنا ولهم الهداية حتى يرجعوا إلى الكتاب والسنة، وحتى يدعوا ما عندهم من البدعة, فنوصيك بأن تلزمي ما عليه أهل السنة والجماعة, وأن تستقيمي على ذلك حتى تلقي ربك على طريق السنة والجماعة, أما ما يتعلق بالصلاة فالواجب عليك أن تصلي وليس لك أن تدعيها حيرة, فالصواب ما عليه أهل السنة في ذلك، فعليك أن تصلي كما يصلي أهل السنة, وعليك أن تحذري التساهل في ذلك، والصلاة عمود الإسلام, وتركها كفر وضلال، فالواجب عليك الحذر من تركها، والواجب عليك وعلى كل مسلم ومسلمة البدار إليها والمحافظة عليها في أوقاتها, كما قال الله-عز وجل-: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (البقرة:238) ، هكذا في سورة البقرة، وقال-سبحانه-: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (البقرة:43)، هذه في سورة البقرة أيضاً، وقال-سبحانه-: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (النور:56) في سورة النور، فعليك أن تعتني بالصلاة, وأن تجتهد في المحافظة عليها, وأن تنصحي من لديك في ذلك، والله وعد المحافظين بالجنة والكرامة قال-سبحانه-: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (المؤمنون:1-2) ، ثم عدد صفات عظيمة لأهل الإيمان ثم ختمها بقوله-سبحانه-: )وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(المؤمنون:9-11) , فهذا وعد عظيم من الله- عز وجل- لأهل الصلاة وأهل الإيمان، وقال في سورة المعارج: إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً*وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً* إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (المعارج:19-23) ، ثم عدد صفاتهم بعد ذلك، ثم قال: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (المعارج:34-35)، فنوصيك بالعناية بالصلاة والمحافظة عليها، وأما ما سألت عنه من الوضوء, وكيفية الصلاة فهذا جوابه: أولا: الوضوء شرط للصلاة لا بد منه، قال الله- عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ(المائدة: من الآية6)، هكذا أمر الله في سورة المائدة، وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (لا تقبل صلاة بغير طهور)، وقال-عليه الصلاة والسلام-: (لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) فلا بد من الوضوء. والوضوء أولاً الاستنجاء، إذا كان الإنسان قد أتى الغائط أو البول يستنجي بالماء من بوله وغائطه, أو يستنجي باللبن, أو بالحجارة, أو مناديل الخشنة الطاهرة عما خرج منه ثلاث مرات أو أكثر حتى ينقي المحل الدبر والذكر والقبل حتى ينقي الفرجين من آثار الغائط والبول بالحجر, باللبن, بالمناديل حتى ينقيها ثلاث مرات فأكثر والماء أفضل، وإذا جمع بينهما استجمر واستنجى بالماء كان أكمل وأكمل، ثم بعد ذلك يتوضأ الوضوء الشرعي فيغسل كفيه ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات، بثلاث غرفات, ثم يغسل وجهه ثلاثاً، من منابت الشعر إلى الذقن الأسفل وعرضاً إلى فروع الأذنين هكذا غسل الوجه، ثم يغسل يديه أي ذراعيه من أطراف الأصابع إلى المرافق، يغسل الذراع من العضد، والمرفق يكون مغسول، يغسل اليمنى ثم اليسرى الرجل والمرأة, ثم بعده يمسح الرأس والأذنين الرجل والمرأة, ثم بعد ذلك يغسل رجله اليمنى ثلاثاً مع الكعبين, ثم اليسرى ثلاثاً مع الكعبين حتى يشرع في الساق، فالكعبان مغسولان، والسنة ثلاثاً ثلاثا، المضمضة والاستنشاق, والوجه, واليدين والرجلين ثلاثا ثلاثا، أما الرأس مسحة واحدة مع الأذنين هذه السنة، وإن لم يغسل وجهه إلا مرة عمه بالماء، ثم عم اليدين بالماء مرة مرة، وهكذا الرجلان عمهما بالماء مرة مرة, أو مرتين مرتين أجزأ ذلك، ولكن الأفضل ثلاثاً ثلاثا، وقد ثبت عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه توضأ مرة مرة, ومرتين مرتين, وثلاثاً ثلاثا، وثبت عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه توضأ في بعضها ثلاثاً وفي بعضها مرتين, فالأمر واسع بحمد الله، الواجب مرة يعم كل عضو بالماء، يعم وجهه بالماء، مع المضمضة الاستنشاق ويعم يده اليمنى بالماء حتى يغسل المرفق, وهكذا اليسرى يعمها بالماء, وهكذا يمسح رأسه و أذنيه يعم رأسه بالماء, ثم الرجلان يغسل اليمنى مرة يعمها بالماء, واليسرى كذلك يعمها بالماء مع الكعبين هذا الواجب، وإن كرر ثنتين كان أفضل، وإذا كرر ثلاثاً كان أفضل، وبهذا ينتهي الوضوء، ثم يقول:أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، هكذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء, ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتّحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)، رواه مسلم في صحيحه، وزاد الترمذي بإسناد حسن: بعد ذلك: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)، هذا يقال بعد الوضوء، يقوله الرجل وتقوله المرأة خارج الحمام، ويبدأ الوضوء بالتسمية يقول: بسم الله عند بدء الوضوء هذا هو المشروع، وأوجبه جمع من أهل العلم أن يقول بسم الله عند بدء الوضوء، وبهذا عرفنا الوضوء وهو مفتاح الصلاة، مفتاحها الطهور. ثم الصلاة كيفيتها يبدؤها بالتكبير، الظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء, والفجر، يقول: الله أكبر, الرجل والمرأة، الله أكبر، ثم يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) هذا الأفضل، أو يقول: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد)، إن فعل أو هذا كله صحيح، وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- إذا أتى بشيء منها صح، ولكن هذان الاستفتاحان من أخصرها، فإذا فعلها الرجل أو فعلها المرأة كفى وهو مستحب هذا الاستفتاح مستحب وليس بواجب لو شرع في القراءة حالاً بعد التكبير أجزأ, لكن كونه يأتي بهذا الاستفتاح يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) هذا أفضل، أو يأتي بقوله: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق و المغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) وهذا أصح شيء ورد في الاستفتاح, ثم يقول الرجل أو المرأة: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمن الرحيم) بعد هذا الاستفتاح، يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم)، ثم يقرأ الفاتحة وهي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ*إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ*اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ*صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (الفاتحة:1-7) ، ثم يقول: آمين، وآمين هي من الفاتحة مستحبة، كان يقولها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الفاتحة، في الجهرية والسرية، يقول: آمين، معناها: اللهم استجب، ثم يقرأ ما تيسر بعد الفاتحة، في الأولى من الظهر, والثانية من الظهر وفي الأولى من العصر, والثانية من العصر، والأولى من المغرب, والثانية من المغرب, والأولى من العشاء, والثانية من العشاء وفي الثنتين كلتيهما من الفجر، يقرأ مع الفاتحة سورة أو آيات بعدما يقرأ الفاتحة يقرأ سورة أو آيات والأفضل في الظهر, أن يكون من أوساط المفصل، أو يكون من أوساط المفصل مثل هل أتاك حديث الغاشية، مثل والليل إذا يغشى، مثل عبس وتولى، إذا الشمس كورت، إذا السماء انفطرت، وما أشبه ذلك وما حول ذلك، وفي العصر مثل ذلك أو أخف منه قليلاً في العصر، وفي المغرب كذلك يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من هذه السور, أو أقصر منها, وإن قرأ في بعض الأحيان بأطول في المغرب فهو أفضل؛ لأن الرسول قرأ في المغرب بعض الأحيان بالطور، وقرأ فيها بعض الأحيان بالمرسلات، وقرأ فيها في بعض الأحيان بسورة الأعراف، قسمها في ركعتين، ولكن في الأغلب يقرأ أقل من ذلك، أقصر من ذلك، كقراءة هل أتاك حديث الغاشية، لا أقسم بهذا البلد، أو إذا زلزلت، أو القارعة, أو العاديات لا بأس بهذا، ولكن في بعض الأحيان يقرأ أطول كما تقدم؛ لأن الرسول قرأ أطول في المغرب كالطور, والمرسلات ونحوهما، وفي العشاء يقرأ مثلما قرأ في الظهر والعصر, يقرأ الفاتحة وسور معها في الأولى مثل السماء ذات البروج, والسماء والطارق, هل أتاك حديث الغاشية، عبس وتولى، سورة إذا الشمس كورت وما أشبه ذلك، أو آيات بمقدار ذلك في الأولى والثانية، وهكذا في الفجر يقرأ بعد الفاتحة زيادة, لكن أطول من الماضيات يكون في الفجر أطول من الظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء، يقرأ في الفجر، مثل ق، مثل اقتربت الساعة، أو أقل من ذلك، مثل التغابن, والصف وشبه ذلك، مثل تبارك الذي بيده الملك, مثل قل أوحي، يا أيها المزمل، وما أشبه ذلك، في الفجر تكون أطول من الظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء، اقتداءً بالنبي- عليه الصلاة والسلام-، ولو قرأ أقل وأقصر لا حرج عليه، فإنه ثبت عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قرأ في بعض الأحيان بأقل من ذلك، لكن كونه في الفجر يقرأ من الطوال في الغالب يكون أفضل، تأسياً برسول الله- عليه الصلاة والسلام-، أما في الثالثة, والرابعة من الظهر, والعصر, والثالثة المغرب, والثالثة والرابعة في العشاء يكفي الفاتحة، يقرأ الفاتحة ثم يكبر للركوع، هكذا .... يقرؤها ثم يكبر للركوع، لكن ورد في الظهر ما يدل على أنه- صلى الله عليه وسلم- بعض الأحيان قد يقرأ زيادة في الظهر في الثالثة والرابعة, فإذا بعض الأحيان في الظهر في الثالثة زيادة على الفاتحة, وفي الرابعة زيادة على الفاتحة بعض الشيء فهو حسن تأسياً به- عليه الصلاة والسلام-، هذه صفة القراءة في الصلاة. ثم يركع ويطمئن في ركوعه ويجعل يديه على ركبتيه ويفرج بين الأصابع, ويسوي رأسه بظهره، ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (أما الركوع فعظموا فيه الرب)، وكان يقول في الركوع: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم). قالت عائشة رضي الله عنها: (كان يكثر أن يقول في الركوع: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) فهذا كله مستحب، والواجب سبحان ربي العظيم مرة، وإن كررها ثلاثاً كان أفضل أو خمساً، وإذا زاد عن ذلك سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبحان ذي الجبروت والملكوت والقدرة والعظمة، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، في بعض الأحيان فحسن، هذا في الركوع، وحين يركع يقول: الله أكبر، يقول: الله أكبر، ويعتدل في الركوع ويطمأن ولا يعجل، ثم يرفع ويقول: سمع الله لمن حمده، إن كان إماماً أو منفرداً عند الرفع يقول سمع الله لمن حمده، ثم يقول بعده: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملئ السماوات وملئ الأرض وملئ ما بينهما وملئ ما شئت من شيء بعد، هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، وأقر شخصاً سمعه يقول: حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، أقره على ذلك، وقال: إنه رأى كذا وكذا من الملائكة كلهم يبادر ليكتبها ويرفعها، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه إذا رفع من الركوع إذا كان إماماً أو منفرداً يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول وهو منتصب وهو واقف: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملئ السماوات وملئ الأرض وملئ ما بينهما وملئ ما شئت من شيء بعد. شيخ عبد العزيز انتهى وقت هذه الحلقة.... 

355 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply