حلقة 197: قراءة القرآن بالتدبر - حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور، وحكم الطرق الصوفية - حكم الصلوات النارية والتسبيح - حكم الخمر والمخدرات - الفرق والنحل الموجوة الآن - كيف تحد المرأة عن زوجها؟ - الاستطاعة في الحج - زكاة الحلي

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

47 / 50 محاضرة

حلقة 197: قراءة القرآن بالتدبر - حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور، وحكم الطرق الصوفية - حكم الصلوات النارية والتسبيح - حكم الخمر والمخدرات - الفرق والنحل الموجوة الآن - كيف تحد المرأة عن زوجها؟ - الاستطاعة في الحج - زكاة الحلي

1-يوجد بالسجن بعض الأشخاص يجتمعون ويقرؤون سورة يس بعدتها، ثم يتقدم أحدهم ويدعو والباقي يرفعون أيديهم ويؤمنون على دعائه، فهل هذا من الشرع، والقراءة لعدد معين وهو إلى مرة أو أكثر، وهل جاء في الشرع والقرآن والسنة ما يؤيد هذا؟

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجتمع بأصحابه ويقرأ القرآن في مجالسه عليه الصلاة والسلام، فيذكر أصحابه ويعلمهم ويوجههم إلى الخير عليه الصلاة والسلام وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ وهو يستمع كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له ذات يوم: (يا عبد الله اقرأ عليَّ القرآن، فقال: يا رسول الله، كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، عليه الصلاة والسلام، قال عبد الله: فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت قوله تعالى: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً، قال: حسبك، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان، عليه الصلاة والسلام)، لأنه يبكي لما تذكر هذا الموقف العظيم يوم القيامة، عليه الصلاة والسلام، فإذا اجتمع السجناء أو الإخوان في مجلس أو في أي مكان وقرؤوا ما تيسر من القرآن وتدبروا وتعقلوا وتذكروا هذا خير عظيم وفيه فضل كبير، ويستحب لمن يسمع القرآن أن ينصت حتى يستفيد ويتدبر وإذا دعوا بعد القراءة بما شاء الله من الدعاء فلا حرج في ذلك، لكن كونهم يعتادون تكرار سورة يس أو غيرها عدداً معين هذا ما نعلم له أصلاً، ولكن يقرؤون ما تيسر من يس من البقرة من غير ذلك يقرأ ما تيسر أو يتدارسون من أول القرآن إلى آخره هذا يقرأ ثم يقرأ الآخر وهكذا، أو يقرؤون هذا ثم يعيد القراءة هذا حتى يستفيدوا جميعاً ويتدبروا أما تخصيص عدد معين من تكرار السورة هذا لا أعلم له أصلاً، وكذلك رفع الأيدي لا أعلم أنه وقع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في اجتماعاته مع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فالأولى أن يكون الدعاء فيما تيسر من غير رفع الأيدي ومن غير دعاء جماعي، بل كل يدعو لنفسه ما تيسر بينه وبين نفسه هذا هو الذي نعلمه من السنة، ولكن ينبغي على كل التدبر والتعقل وأن تكون القراءة مقصودة ليس مجرد الألفاظ فقط، ولكن يعتني المؤمن بما يقرأ وبما يسمع ويتدبر لقوله عز وجل: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب، فالمقصود من القراءة التدبر والتعقل والعمل والفائدة نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.  
 
2- ما هو حكم المساجد التي بها قبور بعض الصالحين، هل تصح الصلاة فيها أم لا؟ وهل يصح النذر لهؤلاء المشايخ؟
وما هو حكم الشرع في أصحاب الطرق الموجودة حالياً في أكثر الدول الإسلامية أمثال الصوفية، والبومية، والبهائية، والمعتزلة، وغيرها من الطرق، وما حكم ما يذكرونه من الصلوات النارية، والتسبيح بأعداد كبيرة، وقراءة القرآن بأعداد أيضاً؟ أفيدونا أفادكم الله. أما المساجد التي تبنى على القبور فحكمها الهدم ولا يجوز بقاؤها ولا يصلى فيها لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا، متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، خرجه مسلم في الصحيح، فبين -صلى الله عليه وسلم- أن الله لعن اليهود والنصارى بسبب اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، وبين -صلى الله عليه وسلم- أن الواجب على المسلمين أن يتجبنوا ذلك، وألا يتأسوا باليهود والنصارى في هذا الأمر فدل ذلك على أنه لا يجوز اتخاذ القبور على المساجد لا يتخذ مساجد على القبور ولا يصلى فيها لأن هذا يسبب ويفضي إلى الشرك بها وعبادتها من دون الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومن هذا ما رواه مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن تجصيص القبر وعن القعود عليه وعن البناء عليه، فالقبور لا تجصص ولا يبنى عليها لا مساجد ولا غيرها وما ذاك إلا لأن اتخاذها مساجد والبناء عليها من أسباب الغلو فيها، وعبادة أهلها من دون الله بالنذر لهم والذبح لهم ونحو ذلك، ولهذا نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن اتخاذ المساجد على القبور، وأخبر أن الله لعن اليهود والنصارى بأسباب ذلك، فالواجب على المسلمين أن يحذروا هذا وألا يبنوا على القبور مساجد وألا يبنوا عليها شيئاً لا قبة ولا حجرة ولا مسجد ولا تجصص؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام وحذر منه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، أما إن كان المسجد قائم قبل ذلك ثم دفن فيه ميت هذا الميت ينبش، إذا كان المسجد موجود، ثم حدث فيه بأن دفن فيه الميت أو أموات فالواجب أن تنبش هذه القبور ويجعلوها في المقابر العامة حتى يبقى المسجد خالياً من القبور، هذا هو الواجب وبهذا يصلى فيه، إذا نبشت وأخرجت صلي فيه لأنه هو القديم هو الأصل، أما إذا كانت القبور هي الأصلية ثم حدث المسجد فالواجب هدمه وإزالته وأن تبقى القبور كسائر القبور ضاحية ليس عليها بناء، كما فعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في البقيع وفي غير البقيع، ولا يخفى ما يترتب على بناء المساجد على القبور واتخاذ القباب عليها وــ وتنويرها وتطييبها لا يخلو ما يترتب على هذا من الغلو فيها وتعظيم أهلها وعبادتهم من دون الله بالنذر لهم ودعائهم وطلبهم المدد وهذا شرك أكبر، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم هذا من الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم المعتبرين وهو مثل دعاء الأخيار ومن دعاء الأشجار والأحجار ووالكواكب والاستغاثة بها كله شرك بالله عز وجل، وتعظيمها ببناء المساجد عليها وبناء القباب عليها وسيلة إلى ذلك، وأما الطرق التي أحدثها الناس الطرق الصوفية والبهائية والقاديانية وغيرها فهي طرق منكرة محدثة يجب أن تعرض على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فما وافق سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو وافق كتاب الله قبل، وما خالف ذلك مما أحدثه الناس فإنه يرد ويطرح، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، رواه مسلم، يعني مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، يعني مردود متفق على صحته، وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبة الجمعة (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، أخرجه مسلم في الصحيح، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما أحدثه الناس من الطرق التي تخالف شرع الله عز وجل، سواء كانت صوفية أو غير صوفية، الواجب عرض ما أحدثه الناس من الطرق على كتاب الله وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فما وافقهما أو أحدهما قبل وما خالفهما رد على من أحدثه قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً، فأمر سبحانه برد ما تنازع به الناس إلى الله ورسوله، معنى إلى الله يعني إلى كتابه العظيم، ومعنى إلى الرسول، يعني إليه في حياته -صلى الله عليه وسلم- وإلى سنته بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- هكذا قال أهل العلم رحمة الله عليهم، وهكذا قال سبحانه: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله، لكن البهائية طائفة كافرة، معروف كفرها بما لديها من دعوى النبوة للبهاء وربما ادعوا أنه الله، فهي طائفة كافرة يجب الحذر منها ويجب على الدول الإسلامية إبعادها والقضاء عليها وعدم إقرارها في البلاد، وهكذا القاديانية طائفة كافرة لأنها تثبت النبوة ــ غلام أحمد القادياني وهذا كفر وضلال فإن محمداً رسول الله هو خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ليس بعده نبي، قال الله عز وجل: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين، وثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتواتر عنه أنه قال: (أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)، فدعوى القاديانية أنه ــ غلام أحمد أنه نبي وأنه يوحى إليه هذا كفر مستقل وردة كبرى عند أهل العلم، فيجب الحذر منهم وعدم إقرارهم حتى يستجيبوا لله ورسوله، حتى يتوبوا من هذه العقيدة، وحتى يرجعوا عن هذا الباطل والمنكر، نسأل الله لنا ولهم الهداية.  
 
3- ما حكم ما يذكرونه من الصلوات النارية والتسبيح بأعداد كبيرة وقراءة القرآن؟
الصلوات النارية لا أعرفها، لكن تعرض على الكتاب والسنة فإن كانت صلاة توافق الصلاة التي أتى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- فتقبل تصلي كما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الفريضة والنافلة، أما صلاة لها صفات زائدة، أو أحوال زائدة على ما فعله الرسول ودعا إليه وشرعه للأمة فلا تقبل والتسبيح كله طيب إذا كان موافقاً للشرع، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ولو أكثر، ولو قال آلافاً أو سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، أو لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ينبغي الإكثار منه الله سبحانه يقول: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سبق المفردون، قيل يا رسول الله، ومن المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)، خرجه مسلم في الصحيح، فالإكثار من ذكر الله أمر مطلوب، إذا كان على الوجه الشرعي أما ذكر مقيد بقيود أو بطريقة خاصة غير ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا لا يقبل، بل يكون من البدع، فلا بد أن يكون الذكر كما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- ويكون على الطريقة المحمدية التي بينها الرسول لأمته عليه الصلاة والسلام، وهكذا الأذكار بعد الصلوات تؤدى كما بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى الطريقة التي كان يفعلها ويعلمها أمته ويفعلها عليه الصلاة والسلام بعد الصلوات وكل شيء يخالف ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ما شرعه للأمة يطَّرح.  
 
4- هو حكم تحريم الخمر، وما حكم تحريم المخدرات الموجودة حالياً، والتي لم تكن موجودة في أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أمثال الحبوب وغيرها؛ لأن بعض أصحاب المخدرات هؤلاء لا يقرون بذنب، ولا يعترفون بأن المخدرات هذه أفسدت كل شيء من الزرع والنسل، وأفسدت معظم العائلات، وجرت الويل والدمار على أصحاب العائلات والمسلمين جميعاً؟
الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين حكم الخمر، من أي شيء كانت، يقول عليه الصلاة والسلام: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام)، ويقول: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، فكل شيء يسكر مأكولاً أو مشروباً أو من طريق الحبوب أو من طريق التدخين كله محرم، كل ما أسكر أو أضر بالعباد فإنه محرم، بنص الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فجميع أنواع المسكرات المأكولة والمشروبة كلها محرمة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كل مسكر حرام)، قال: (كل شراب أسكر فهو حرام)، وقال: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام)، (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، هذا يعم كل شيء، فالحبوب الضارة أو المخدرة أو الشراب أو المأكول كالحشيشة، كل شيء يحصل به هذا المعنى من الإسكار ومضرة على متعاطيه فإنه محرم حتى ولو لم يسكر إذا كان يضر صاحبه ويسبب عليه أضراراً بينة فإنه محرم كالتدخين وغيره مما يتعاطاه الناس مما يضر ولكنه لا يسكر، فإن أسكر فهو محرم لإسكاره وإن أضر فهو محرم لإضراره وإفساده الأبدان وإذهابه للعقول فما أسكر وأضر بالعقول فهو محرم منكر من حبوب أو شراب أو مأكول أو غير ذلك، وهكذا ما عرف أنه مضر بشهادة الأطباء العارفين به، أو بالتجارب معروف أنه يضر فهو محرم ومنكر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضرر ولا ضرار)، ولقوله سبحانه: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، فالله حرم علينا ما يضرنا ويضر عقولنا وأبداننا وحرم علينا كل شيء مسكر، لأنه يغطي العقول ويضرها ويفضي بها إلى أنواع الفساد، فقد يقتل المخمور قد يقتل وقد يزني وقد يسرق إلى غير هذا من الفساد العظيم المترتب على الخمر وقد قال الله سبحانه: يا أيها الذين إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، هذه الكلمة فاجتنوه تدل على شدة التحريم،أي ابتعدوا عنه غاية الابتعاد مثلما قال الله سبحانه: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور، وهي أبلغ من قول فاتركوه، ثم قال سبحانه: إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون، ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه لما سمع هذه الآية قال: انتهينا انتهينا، فالله بين لنا أن الخمر والميسر والقمار رجس من عمل الشيطان وهذا يدل على شدة التحريم، قال: فاجتنبوه ثم قال: لعلكم تفلحون، فعلق الفلاح باجتناب هذه الأمور، وبين أن من أسباب العداوة والبغضاء فوجب على أهل الإسلام أن يحذروها وأن يبتعدوا عنها وأن يتناصحوا بتركها، وأن ينكروها على من فعلها والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.   
 
5- هل المحل والنحل الموجودة حالياً والطرق هي التي ينطبق فيها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: من أتى في ديننا هذا ما ليس عليه أمرنا فهو رد، والقول الآخر: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة؟
كل طريقة وكل نحلة يحدثها الناس تخالف شرع الله فهي داخلة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وداخلة في الحديث الصحيح في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة)، وفي رواية أخرى: ما أنا عليه وأصحابي، فكل طريقة أو عمل أو عبادة يحدثها الناس يتقربون بها إلى الله ويرونها عبادة ــ فهي مخالفة لشرع الله فإنها تكون بدعة وتكون داخلة في هذا الذنب والعيب الذي بينه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فالواجب على جميع أهل الإسلام أن يَزِنُوا ويعرضوا أقوالهم وأعمالهم وعباداتهم بما قاله الله ورسوله، بما شرعه الله، بما ثبت عن رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فما وافق شرع الله الذي جاء في كتابه وما صح عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهذا هو الحق المطلوب، وما خالف كتاب الله أو خالف السنة من عبادات الناس وطرقهم فهو المردود، وكله داخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وهذا كله يتعلق بما يتعبد به الناس وبما يقصد به الناس القربة، أما ما أحدثه الناس من الصنائع والاختراعات كالسلاح أو في المركوبات أوفي الملابس أو في المآكل هذا ليس بداخل في هذا، لأنه ليس له تعلق بالعبادات، وإنما الحديث يتعلق بالعبادات والطرق التي يتعبد بها الناس ويتقربون بها إلى الله، هذا هو المراد بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، والحديث: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، ومثله في ذلك العقود المخالفة لشرع الله تدخل هذا أيضاً، كل عقد يخالف شرع الله فإنه يرد.   
 
6- إنني امرأة ترملت بعد وفاة زوجي رحمة الله عليه، مما جعلني ألتزم العدة عليه، وبعد التزامي بالعدة وضعت أمامي عدة أسئلة حول العدة -حسب أقوال الجيران والأقارب- هي: عدم مشاهدة أي شخص، حتى لو كان هذا الشخص طفلاً يبلغ من العمر سنة واحدة، كذلك عدم مشاهدة أي شخص حتى لو كان مشاهدة عفوية، أي من خلف النافذة أو سياج الحديقة، وحسب قولهم أيضاً: أنه عندما أشاهد أي شخص من الأشخاص يجب علي أن أعيد العدة مرةً أخرى؟
هذه أقوال لا أساس لها من الصحة، هذه أقوال باطلة من شك العامة ومن كذبهم وعدم بصيرتهم فهم يكذبون أشياء ويقولونها ليس عليها حجة ولا برهان، فكل هذا لا أصل له، فالمحادة والمعتدة لها أن تنظر الأطفال وغير الأطفال تنظر للرجال من دون خلوة ومن دون شهوة، فإذا مر بها الرجل ورأته من النافذة أو في الطريق أو رأت صبي ولو ابن سبع أو ابن عشر أو أكثر من ذلك، كل هذا لا حرج فيه، وليس في هذا بأس، وإنما هذا من كلام العامة الذي لا أصل له، فاللمرأة المحادة أن تنظر في الرجال نظراً ليس فيها خلوة وليس فيها ريبة ولا شهوة، النظرة العامة من الطرق ومن النوافذ وتنظر الصبيان، وكذلك تسلم على الجيران وعلى الأقارب من دون مصافحة تسلم عليهم إذا سلموا عليها من طريق الهاتف أو من طريق الباب من دون خلوة فلا بأس بذلك، ومن دون ريبة فلها أن تسلم على أقاربها وعلى غير أقاربها لكن إذا كانوا غير محارم ليس لها أن تصافح من ليس محرماً ولا ليس لها أن تكشف له بل تسلم عليه من وراء حجاب مستورة الوجه والبدن، تكلم من كلمها، تسلم على من سلم عليها من أقارب وجيران وغيرهم ترد على الهاتف، إذا تكلم بالهاتف ترد على الهاتف كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، وإنما المطلوب منها خمسة أمور: الأمر الأول: أن تبقى في البيت، الذي مات وهي ساكنة فيه، إذا كان صالح للبقاء فيه، تبقى فيه حتى تكمل العدة، أما إن كان خارباً أو أهله طلبوه لأنه استأجروه لأنه تمت المدة، أو ما عندها من يؤنسها بل تستوحش، فلا بأس أن تنتقل إذا لم يتيسر لها من يؤنسها. ثانياً: ليس لها أن تلبس الملابس الجميلة، تلبس ملابس مو بجميلة لا تلفت النظر كالأسود والأزرق والأخضر ونحوها هذا هو الواجب عليها أما الملابس الجميلة تكفها. الثالث: تجتنب الطيب، الأطياب من البخور والورد والعود والعنبر وغير هذا من أنواع الأطياب فتجتنب الطيب حتى تنتهي من عدتها إلا إذا طهرت من حيضتها إذا كانت تحيض فلا بأس أن تستعمل البخور وقت الطهر من حيضها. الرابع: تجنب الحلي من الذهب والفضة والماس، لا تلبس هذه الحلي حتى تنتهي من عدتها. الخامس: عدم الكحل والحناء والمكياج هذه الزينة تجتنبها أيضاً حتى تنتهي من عدتها. هذه خمسة أمور هي المطلوبة من المحادة، أما ما سواها فهي مثل الناس تكلم من شاءت وتنظر من النافذة لا حرج فيه كما تقدم تصافح محارمها كإخوانها وأخوالها وأعمامها تكلم من طريق الهاتف من كلمها إلى غير هذا مما يفعله النساء الأخريات ماعدا الخمسة التي بيناها. والله ولي التوفيق.   
 
7- أنوي الذهاب إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، وأملك مبلغاً من المال قدره ألف دينار، فما هو المبلغ المخصص لكي أؤدي فريضة الحج؟
ليس على الحج مؤونة مخصصة بل حسب الطاقة يقول الله عز وجل: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الإسلام: قال: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً)، فإذا استطاع الرجل أو المرأة المؤونة فعليهم الحج، والمؤونة تختلف في كل زمان ومكان، تختلف فالرحيل من العراق إلى مكة له حال، والرحيل من أمريكا إلى مكة له حال، والرحيل من المغرب إلى مكة له حال، فعلى كل حال على المؤمن الحج إذا استطاع، إذا كان عنده من النفقة ما يكفي، لذهابه وإيابه ولنفقة من يبقى بعده في البيت من العوائل إن استطاع ذلك حج، ومن لم يستطع فلا حج عليه، وليس لهذا حد محدود بل المطلوب هو القدرة على نفقة السيارة وأجرة السيارة وأجرة الطائرة نفقة الطريق، النفقة في مكة، النفقة في الرجوع إلى غير هذا من توابع الحج، فإذا استطاع الرجل أو المرأة هذه النفقة فعليهما الحج وإن لم يستطيعا فلا حج عليهما والحمد لله.   
 
8- أملك سيغة ذهبية قيمتها تقدر بتسعين ديناراً، وقد اشتريتها في زمان الرخص؟ فما هي قيمة الزكاة وهل صحيح أنه في كل سنة تدفع زكاة عنها
نعم الصواب أنها تزكى، فيه خلاف بين أهل العلم، بعض أهل العلم يرون أن الحلي من الذهب والفضة ليس فيها زكاة ولكن الراجح والصواب أن فيه زكاة إذا بلغ النصاب هذه الحلية التي عندك فيها زكاة ومقدارها ربع العشر ففي كل ألف خمسة وعشرون في كل ألف خمسة وعشرون ألفين خمسين وهكذا، ربع العشر، هكذا بين النبي عليه الصلاة والسلام فالواجب على من لديه الحلية التي تبلغ النصاب إذا حال عليه الحول أن تخرج ربع العشر من قيمتها وربع العشر خمسة وعشرون في الألف وخمسون في الألفين وهكذا. أيها الأخوة في الله باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد على هذا اللقاء….   

416 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply