حلقة 199: الحلقة والخيط والوهن في حديث عمران بن حصين - الحج - ما يجوز للمحرم - الحجامة وقلع الضرس للمحرم - لبس ساعة اليد والاكتحال للمحرم - الاتجار للحاج - المحرم يقتل بعض الحشرات والحيوانات

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

49 / 50 محاضرة

حلقة 199: الحلقة والخيط والوهن في حديث عمران بن حصين - الحج - ما يجوز للمحرم - الحجامة وقلع الضرس للمحرم - لبس ساعة اليد والاكتحال للمحرم - الاتجار للحاج - المحرم يقتل بعض الحشرات والحيوانات

1- عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة‍؛ فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك، ما أفلحت أبداً، وأيضاً أسمع أن من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما؛ لرفع البلاء أو دفعه، فما معنى الحلقة والخيط والوهن، وما هو الشرك؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين أما بعد: فهذا الحديث الذي ذكره السائل هو حديث عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي رضي الله عنه عن أبيه رواه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناد جيد، ورواه غيره أن رجلاً كان في يده حلقة علقها من أجل الواهنة، من أجل مرض يقال له الواهنة، والمرض يأكل باليد من المنكب، يحصل له فيها ضغف، فكانت الجاهلية تعلق هذه الحلقة تزعم أنها تنفع من هذا المرض، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-لما رآها على هذا الرجل، وفي رواية أنه رآها على عمران نفسه، (انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، فقوله:(انزعها) يعني أزلها وقال: (فإنها لاتزيدك إلا وهناً) يدل على أن هذه العلاجات الغير المشروعة لا تزيد صاحبها إلا وهناً إلا مرضاً وشر على شره (فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، وما ذاك إلا لأنها نوع من التمائم التي يعلقها الجهلة، وهي نوع من الشرك لأنها تعلق القلوب على غير الله وتلفتها إلى غير الله، فلهذا أنكر الشارع ونهى عنها، ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم-: (من تعلق تميمة فلا أتم الله، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك)، والتمائم هي ما يعلق على الأولاد وعلى المرضى من ودع أو طلاسم أو عظام أو غير هذا مما يعلقه الجهلة يزعمون أنها تشفي المريض وأنها تمنعه من الجن أو من العين فكل هذا باطل لا يجوز فعله وهو من الشرك الأصغر، وما ذاك إلا لأنها تعلق القلوب على غير الله، وتجعلها في إعراض وغفلة عن الله عز وجل، والواجب تعليق القلوب بالله وحده وطلب الشفاء منه سبحانه وتعالى والضراعة إليه في طلب الشفاء، لأن المالك لكل شيء وهو النافع الضار وبيده الشفاء سبحانه وتعالى، فلهذا شرع الله عز وجل ترك هذه التعاليق وشرع النهي عنها حتى تجتمع القلوب على الله، وعلى الإخلاص له والتوكل عليه وسؤاله الشفاء سبحانه وتعالى دون كل ما سواه، فلا يجوز للمسلم أن يعلق حلقة من حديد ولا من صفر ولا من ذهب ولا من غير ذلك لقصد الشفاء أو منع ضرر ونحو ذلك، ومن هذه الأسورة الجميلة التي يستعملها بعض الناس المعدنية هي من جنس هذا يجب منعها يقول بعضهم أنها تمنع من الرومتزم وهذا لا وجه له، فيجب منعها كالحلقة التي علقها عمران، وهكذا ما يعلق من عظام أو من شعر الذئب أو من ودعة أو من طلاسم وأشياء مجهولة كل هذا يجب منعه وكله داخل في قوله - صلى الله عليه وسلم- : (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، ولما دخل حذيفة على رجل مريض فوجده قد علق خيطاً قال ما هذا؟ قال: من الحمى، فقطعه وتلا قوله تعالى:وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون، فلا يجوز أن يعلق خيوطاً ولا حلقات ولا تمائم ولا غير ذلك، بل يجب أن يبتعد عن هذه الأمور التي كانت تعتادها الجاهلية ويلتزم بأمر الإسلام الذي فيه الهدى والنور وفيه الصلاح والإصلاح وفيه العاقبة الحميدة والله ولي التوفيق. أيضاً في سؤاله يسأل عن معنى الشرك؟ الشرك شركان أكبر وأصغر، فالشرك الذي يكون بسبب تعليق التميمة والحلقة شرك أصغر لأنه يصرف القلوب إلى غير الله ويعلقها بغير الله فصار شركاً من هذه الحيثية، وهو من أسباب الغفلة عن الله وعدم كمال التوكل عليه سبحانه وتعالى فصار هذا نوعاً من الشرك، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من تعلق تميمة فقد أشرك)، يعني قد صرف شعبة من قلبه لغير الله، والواجب إخلاص العبادة لله وحده والتعلق عليه سبحانه وتعالى، والواجب التوكل عليه أيضاً جل وعلا وأن يكون قلبك معلقاً بالله ترجو رحمته وتخشى عقابه وتسأله من فضله وترجو منه الشفاء سبحانه وتعالى، أما الأدوية العادية المباحة فلا بأس بها، الدواء بمأكول أو مشروب أو بشيء مباح من الحبوب أو من الإبر أو من الضمادات أو غيرها كل هذا لا بأس به، أما تعليق التمائم وهي الأشياء المكتوبة في قراطيس أو رقع أو تعليق قطعة من الحديد أو من الصفر أو من الذهب أو من الفضة أو ما أشبه ذلك، هذا هو الذي ينهى عنه، ويعتبر تميمة ويعتبر من الشرك، وأما الأدوية المعروفة المباحة من مشروب أو مأكول أو ضماد أو أمور تؤكل أو إبر تضرب أو ما أشبه ذلك، هذه كلها إذا عرف أنها تنفع لا بأس بذلك ولا تدخل في هذا الباب. 
 
2- الحج مؤتمر إسلامي عام، فماذا يستفيد المسلمون من هذا الاجتماع؟
لا ريب أن الحج مؤتمر عظيم واجتماع مهم من المسلمين من سائر أقطار الأرض وله في ذلك فوائد منها: أداء الناس في الحج إلى بيت الله الحرام الذي شرعه الله لهم وأوجبه عليهم مع الاستطاعة، فاجتماعهم لهذا النسك الذي فرضه الله عليهم من نعم الله العظيمة، فإنهم يأتون من أرجاء الأرض ـــ هذا البيت العتيق أداء لما أوجب الله عليهم، وحرصاً على مغفرة ذنوبهم وحط خطاياهم وفوزهم بالجنة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، وهذه فائدة عظيمة لمن بر حجه، وفي اللفظ الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، فمعنى لم يرفث يعني لم يجامع زوجته في حال الإحرام، ولا يتكلم معها بما لا ينبغي من كلام الجماع أو يأتي بما لا ينبغي من قبلة أو لمس في حال الإحرام كل هذا رفث، ولم يفسق يعني لم يأت بشيء من المعاصي فالفسوق يطلق على المعاصي كلها، كلها فسوق، فإذا حج المؤمن واستقام على أمر الله في حجه واجتنب الرفث والفسوق فإنه يكون أدى حجه على وجه البر فيرجى له مغفرة الذنوب وحط الخطايا والفوز بالجنة والنجاة من النار. وكذلك من فوائده التعارف بين المسلمين، التعارف والتلاقي بين المسلمين والتناصح والتعاون على البر والتقوى هذه من فوائده، ومن فوائده أيضاً أن الإنسان قد يجتمع بقريبه وصديقه فيستفيد منه نصيحة أو تعاوناً على البر والتقوى أو تعاوناً دنيوياً ومن ذلك ما يسمعه الحجاج من النصائح وحلقات العلم ودوام التذكير في المساجد وفي المسجد الحرام وفي المشاعر فإن هذه الأشياء لها فائدتها العظيمة. 
 
3- هل يجوز للمحرم أن يغتسل وأن يغير ملابس إحرامه إذا اتسخت، وهل يجوز له أن يستعمل الصابون ذا الرائحة الزكية، وأيضاً هل يباح للمحرم نقض أو نفض شعره وتمشيطه، وتغطية وجهه اتقاء من غبارٍ أو عاصفة أو سموم؟
يجوز للمحرم أن يغتسل وقد اغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو محرم عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يغتسل المحرم وهو محرم، لا بأس أن يغتسل المحرم ولا بأس أن يغير ملابسه إذا اتسخت أو لم تتسخ لم بأس أن يغيرها يلبس إزار بدل الإزار ورداء بدل الرداء، وهكذا المرأة لا بد أن تغير ملابسها قميص بدل القميص، إزار بدل الإزار، سراويل بدل سراويل، خمار بدل خمار، فنيلة بدل فنيلة كل هذا لا بأس به، كذلك شراب بدل شراب، كله لا بأس به لا من الرجل ولا من المرأة وهكذا استعمال السدر والصابون والشامبو وأشباه ذلك كل هذا لا بأس به، لكن الصابون إذا كان من النوع الزكي الرائحة كالممسك تركه أحوط؛ لأن فيه رائحة من الطيب تركه للمحرم يكون أحوط وأولى كل هذه أمور والحمد لله لا بأس بها. يقول: هل يباح للمحرم نقض أو نفض شعره وتمشيطه، وتغطية وجهه اتقاء من غبارٍ أو عاصفة أو سموم؟ لا بأس أن ينفض شعره من غير تغطية الشعر، لا بأس أن ينفض شعره ويغسله كما أمر النبي عائشة أن تنقض شعرها وهي محرمة، وتحرم بالحج وهي كانت أحرمت بالعمرة لكن لما وصلت إلى قرب مكة جاءها الحيض قبل أن تؤدي مناسك العمرة، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم-: (انقضي رأسك وامتشطي وافعلي ما يفعله الحجاج، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري)، فأذن لها في نقض شعرها وتمشيطه وهي محرمة، فلا بأس أن ينقض المحرم ويمتشط بغير الطيب كل هذا لا بأس به، كذلك لا بأس أن يغير ملابسه كما تقدم كله لا بأس به.  
 
4- هل يجوز للحاج المحرم فقع الدمل والحجامة وربط الجرح وتنظيفه، وما حكم نزع الضرس أو السن وأخذ الحقن؟
كل هذا لا بأس به، له أن يحتجم وله أن يفقع دمل ونحوه لإسقاط أذى، وله أن يربط الجرح وله أن يقلع السن وهذه أمور لا بأس بها في حق المحرم، وقد احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم-وهو محرم عليه الصلاة والسلام، فلا حرج في ذلك. 
 
5- أرجو إفادتي عن إذا لبس المحرم ساعة يد، أو لبس خاتماً من ذهب، كما أرجو إفادتي هل يجوز للمحرم الاكتحال؟
أما لبس الخاتم من الذهب فلا يجوز للرجل، لا في الإحرام ولا في غير الإحرام، الذهب من خصائص النساء، تلبس المرأة الذهب من الخواتم والأسورة والقلائد لا بأس، أما الرجل فليس له أن يلبس خاتم الذهب، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن التختم بالذهب، ولما رأى رجلاً في يده خاتم من ذهب نزعه، وقال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده)، فلا يجوز له أن يلبس الذهب، وأما الساعة فتركها أحوط إذا كانت من غير الذهب، تركها في حال الإحرام أحوط, ولا نعلم مانعاً من لبسها في الإحرام، لأنها يحتاج إليها إذا كانت من غير الذهب ولا من الفضة لا بأس أن يلبسها للحاجة إليها، وإن جعلها في كمره وفي إزاره عند الرجوع إليها وترك لبسها فهذا حسن إن شاء الله من باب الحيطة؛ لأن المحرم ممنوع من لبس المخيط وما يشبهه وهذه قد تشبه القفازين، وتشبه الخفين من بعض الوجوه، فإذا ترك لبسها يكون من باب الاحتياط دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وإن لبسها فنرجو ألا يكون عليه شيء إذا كانت من غير الذهب والفضة وهذا في حق الرجل، أما المرأة فلا حرج عليها في ذلك، سواء كانت الساعة من ذهب أو من فضة أو من غير ذلك. 
 
6- قرأت في بعض الكتب أنه يجوز للحاج الاتجار خلال أيام الحج، ودليل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: ((لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ))[البقرة:198]، فأرجو من فضيلتكم توضيح هذا الأمر، وما الحكم في ذلك؟
الأمر كما سمعتم لا حرج في ذلك، ليس في التجارة بأس في مواسم الحج للحجاج هذا من فضل الله سبحانه وتعالى فهو يحج ويطلب ما عند الله، ولا بأس أن يتجر ويبيع ويشتري ويطلب الرزق في عرفات، في مزدلفة في منى في أي مكان لقوله سبحانه: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم، وقد تحرج بعض الناس في ذلك، فأنزل الله الآية فرفعت الحرج، قرأها بعضهم، ليس عليكم أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج، زيادة في مواسم الحج، والمعنى هو هذا المعنى، من باب التفسير، المعنى ليس عليكم حرج في التجارة في مواسم الحج من جنس مشعر مزدلفة مشعر عرفات مشعر منى، في بطن مكة كل هذا لا حرج فيه والحمد لله. 
 
7- هل يجوز للحاج قتل الذباب والنمل والحشرات المؤذية، والحيوانات الضارة، مثل: الكلب العقور والأفاعي وما شابه ذلك اتقاء شرها، وهل في ذلك إثم؟
ليس هناك حرج في قتل المؤذيات كالذباب والبعوض وأشباه ذلك مما يؤذي الإنسان وهكذا قتل الكلب العقور والحية والعقرب والفأرة والغراب، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم، الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور)، زاد في رواية (والحية) وفي بعضها (والذئب العادي) كل هذا لا بأس به، المؤذيات المعروفة من البعوض والذباب والحية والعقرب والكلب العقور والحدية والغراب والفأرة كل هذه تقتل في الحل والحرم.  
 
8- أرجو أن تتفضلوا بتوضيح معنى الآية الكريمة في قوله عز وجل: ((فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ))[البقرة:197]، فقد تحدث أحياناً خصومات بين بعض الحجاج، ويحصل جدالٌ بينهم، أرجو الإفادة، هل هناك إثم في ذلك، وما هي الكفارة؟
يقول الله سبحانه: الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، هذا يدلنا على أن الحاج لا ينبغي له أن يرفث ولا يفسق ولا يجادل بل ينبغي له أن يشتغل بذكر الله وطاعة الله سبحانه وتعالى، والكلام الطيب النافع ويبتعد عما لا ينبغي من الرفث ومن الفسوق والجدال، لأنه في عبادة عظيمة فينبغي له احترامها وصيانتها عما لا ينبغي، والرفث هو الجماع للزوجة قبل التحلل من الإحرام قبل أن يرمي الجمرة ويحلق ويطوف ويسعى إن كان عليه سعي، وقبل أن تفعل ذلك هي أيضاً فليس لهما الجماع إلا بعد الفراغ من أعمال الحج المهمة التي يترتب عليها التحلل، وهي رمي الجمرة يوم العيد والحلق أو التقصير مع طواف الإفاضة والسعي لمن كان عليه سعي، فإن فعل هذه الأمور، وزوجته إن كانت فعلت هذه الأمور حل لهما الجماع وإلا فهو محرم عليهم وهو الرفث كما قال سبحانه: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم فالرفث هو الجماع، وهكذا ما يدعو إليه من الكلام، يسمى رفث، كالتحدث معها في الجماع وتقبليها ولمسها وأشباه ذلك مما يتعلق بالجماع كله رفث، أما الفسوق فهي المعاصي من السب والشتم والكذب والربا وشهادة الزور وعقوق الوالدين أو أحدهما وقطيعة الرحم وغير هذا من سائر المعاصي، يجب اجتنابها دائماً دائماً، ولكن في الحج يكون أشد، المعاصي يجب اجتنابها لأنها زور، يعني أن تجتنب في الحج وفي غير وفي كل مكان وفي كل زمان، لكنها في الحج تكون أشد تحريماً وأشد إثماً، فالواجب على الحاج أن يجتنب كل معصية، أما الجدال فهو نوعان نوع يتعلق بمشاعر الحج ومواسم الحج وأعمال الحج، وقد أوضحها الله فلا جدال فيها فلا ينبغي الجدل فيها وقد أوضح الله معاني الحج وأوضح مسائل الحج وأحكامه فلا يجوز الجدال في ذلك بل يجب على المسلمين أن يتأسوا بنبيهم - صلى الله عليه وسلم-في ذلك وأن يحجوا كما حج، في جميع الأمور، في الوقوف بعرفة في المبيت بمزدلفة في المبيت في المبيت منى رمي الجمار، السعي إلى غير هذا ليس هناك الحاجة إلى الجدال فقد أوضح الله الأمر. النوع الثاني: الجدال بين الناس والخصومات بين الناس فلا ينبغي الجدال بينهم مما يسبب الشحناء والفتنة أو المضاربة أو القتال فإذا أفضى التحدث إلى الجدال ينبغي أن يترك ولا ينبغي أن يتوسع في ذلك، يتحدث الإنسان مع أخيه في شؤونه وحاجاته لكن متى آل الأمر إلى الجدال والشدة والمراء الذي قد يفضي إلى المضاربة أو إلى الشحناء فإنه ينبغي تركه، هكذا ينبغي للمؤمن مع إخوانه في الحج أن يتجنبوا نوعي الجدال حتى تكون حجتهم سليمة، بعيدة عن ما يؤثر عليها من رفث أو فسوق أو جدال، والله المستعان. 
 
9- قمت بطلب عمال من الخارج، فلما وصلت إليهم في بلدهم أعددت مبلغاً من المال، وأخذت منهم ما يعادل: ألفين وخمسمائة ريال، فلما وصلوا إلى مكاني -أي إلى بلدي هنا في السعودية- وجدتهم لم يعرفوا عن المهنة أي شيء، فقلت لهم: اشتغلوا تحت التجربة لمدة ثلاث شهور ولكنهم رفضوا فحاولت معهم لعدة مرات فرفضوا، فقمت بتسفيرهم إلى بلادهم، ولم أعطهم حقهم إلا القليل، مع العلم أنني خسرت عليهم ما يعادل الذي أخذته منهم، وأنا مستعد أن أعطيهم حقهم، ولكن لا أعرف عنواناً لهم،
هذه المسألة خصومة تحتاج إلى نظر من جهة القاضي حتى يعلم دعواك عليهم وحتى يعلم جوابهم، لكن إذا دفعت إليهم حقوقهم التي اتفقت معهم عليها من باب الحيطة فهذا حسن ترسل حقوقهم إلى المكتب الذي تم التعاقد معهم فيه، وترسل لهم القرض الذي أخذته منهم، والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ولا يتعدى عليه ولا يخونه فإما أن تخاصمهم شرعاً عند القاضي عند المحكمة حتى تعرف ما لك وما عليك، وتعطيهم حقوقهم على بينة وإما أن تسمح بدفع الحقوق إليهم وإرسالها إليهم وما عند الله خير وأبقى، وترسل إليهم أيضاً القرض الذي أخذته منهم وهذا خير لك في الدنيا والآخرة، وأبشر بالخلف والخير والعاقبة الحميدة إن شاء الله. 
 
10- هل يجوز للمرأة المحرمة التطيب والاكتحال والخضاب (الحناء) ووضع طلاء الأظافر وتقليمها قبل الإحرام أو بعده ،أفيدونا أفادكم الله ،
أما قبل الإحرام فلا بأس لها أن تكتحل ولها أن تقلم الأظافر، ولها أن تتحنى ولها أن تضع ما على الأظافر من الأشياء التي تضعها من مناكير وغيرها هذا قبل الإحرام، ولها أن تضع الطيب لكن يكون طيباً خفيفاً ليس له رائحة كبيرة لأنها قد تخالط الناس الأولى أن يكون طيبها خفيفاً ليس له رائحة ظاهرة، بل يكون رائحة داخلية لمن اتصل بها من نسائها وقبلها من نسائها واجتمع بها ولا يكون رائحته كبيرة يحصل به فتنة، هذا كله قبل الإحرام، والمناكير تركها أولى التي توضع على الأصابع لأنها قد تمنع من ماء الوضوء، لكن إذا كانت تزيلها عند الوضوء وعند الغسل فلا بأس، وإن تركتها بالكلية كان أحسن لها وأحوط، لأنها قد تنساها عند الوضوء وقد تنساها عند الغسل، وهي فيما بلغنا لها جسم ولها جرم تمنع الماء، وأما بعد الإحرام فليس أن التطيب إذا أحرمت إذا لبت بالعمرة أو بالحج نوت الدخول في الحج أو العمرة بقلبها فإنها لا تمس الطيب، أما الكحل فلا يضر لو اكتحلت بعد الإحرام لا يضر لكن ليس لها أن تتطيب بعد الإحرام، وليس لها أن تقلم أظفارها ولا أن تأخذ شيئاً من شعرها بعد الإحرام، ما دام أنها تنوي الدخول في الحج أو في العمرة فإنها حينئذ تلبي وتمتنع من الطيب وتمتنع من قلم الأظفار ومن قص الشعر ونحو ذلك، أما الحناء فأمره واسع، يجوز قبل الإحرام وبعد الإحرام وهكذا الكحل قبل الإحرام وبعد الإحرام، لكن تركها غير مكتحلة وغير ــ بعد الإحرام يكون الأحسن لأنها حالة تقشف وحالة إقبال على العبادة وليست حالة تجمل، فترك الكحل بعد الإحرام وترك الحناء بعد الإحرام أولى حتى تنتهي من إحرامها، وهكذا الملابس الجميلة تركها أولى، تحرم في ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر وإذا حلت من إحرامها اكتحلت وفعلت ما ترى من الطيب أو غير ذلك.

547 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply