حلقة 529: النسخ في القرآن - سجود السهو في النوافل - لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق - شرح قوله وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا - حكم قراءة القرآن للمحدث حدثاً أصغر - الشهداء في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

29 / 50 محاضرة

حلقة 529: النسخ في القرآن - سجود السهو في النوافل - لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق - شرح قوله وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا - حكم قراءة القرآن للمحدث حدثاً أصغر - الشهداء في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون

1- هل هناك آيات كريمة من القرآن الكريم نُسخت بعد نزولها على المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ وهل نسخت لفظاً وبقي الحكم، أم نسخت حكماً ولفظاً، وما هي؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فنعم يوجد بعض آيات نسخ حكمها وبقي لفظها مثل قوله جل وعلا: وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) سورة النساء، هذه نسخت بعد ما شرع الله الحدود وجعل حد البكر مائة جلدة في الزنا، وحد المحصن الرجم، وكذلك قوله جل وعلا: وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا.. (16) سورة النساء، نسخ ذلك أيضاً بالحد فالذي يأتي فاحشة من الرجال إن كانت زنا جلد مائة جلدة وغرب عاماً، إن كان بكراً وإن كان ثيباً رجم بالحجارة، وإن كان لواطاً قتل على الصحيح سواء كان ثيباً أو بكراً، فهذا من أمثلة الآيات التي نسخ حكمها وبقى لفظها. سؤاله أطول من هذا سماحة الشيخ، أعيده لو سمحتم؟! ج/ نعم. هل هناك آيات كريمة من القرآن الكريم نسخت بعد نزولها على المصطفى صلى الله عليه وسلم وهل نسخت لفظاً وبقى الحكم أم نسخت حكماً ولفظاً وما هي؟ ج/ أما الذي نسخ لفظاً فقد وجد بعض آيات مثل قوله جل وعلا: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله)، فهذه آية نسخ لفظها وبقي حكمها: الرجم في حق الثيب، كذلك نسخ أيضاً في ما ذكر العلماء في حق الشهداء كان نزل فيهم: (أن بلِّغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا) ثم نسخ هذا اللفظ، وأنزل الله في ذلك: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) سورة آل عمران، جاء في بعض الأحاديث أيضاً أنه نزل قوله -تعالى-: (لو أعطي ابن آم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثاً ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب)، فهذا مما نسخه لفظه أيضاً، فالحاصل أن هناك شيئاً نسخ لفظه مثل هذا الذي ذكرنا، وهناك شيئاً نسخ حكمه وبقي لفظه كالآيات السابقات، وكذلك آية أخرى قوله جل وعلا: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين، فهذه ذهب بعض أهل العلم إلى أنها نسخت بالكلية، والصواب أنها خُصَّت وأن الوصية للوارث فقط، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) فنسخ الله الوصية لمن كان يرث، أما الوصية لمن لا يرث فلا بأس، باقية.  
 
2- هل في صلاة النوافلِ يُسجد للسهو أو لا؟
نعم، يسجد للسهو كالفريضة، إذا سها في النافلة في التراويح وقيام رمضان والرواتب وسنة الضحى ونحو ذلك إذا سها فيها يسجد للسهو.  
3-  إذا كان حلق اللحية إجبارياً لطبيعة العمل فكيف نتصرف؟
ليس له أن يوافق، ليس له أن يوافق ولا يكون إجبارياً، إذا طلبوا منه حلق اللحية ليس له أن يوافق، ولو لم يوظف، إذا قالوا له: إما أن تحلق وإما لن نوظفك لا يتوظف، الرزق عند الله، سواء كان عسكرياً أو غير عسكري، عليه أن يمتنع ويقول طاعة الله مقدمة، إنما الطاعة بالمعروف، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإما أن أبقى بلحيتي وإما أن أفصل، ولا يضرني فصلي، الرزق عند الله عز وجل، أما أن يطاوع ويقول لا بأس حتى يأخذ المعاش لا، هذا ما هو مجبر، ليس هذا بمجبر.  
 
4- بسم الله الرحمن الرحيم ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)) [الحجرات:9] والسؤال هو: ما هو مصير القتلى من الفئة التي بغت أمام الله، هل هي إلى النار؟ وما مصير القتلى من الفئة التي قاتلت كما جاءت في الآية الشريفة، هل هي إلى الجنة؟ نرجو التوضيح جزاكم الله خيراً.
الآية الكريمة بيَّنت الحكم الشرعي، وأن الواجب على المؤمنين في مثل هذا لإصلاح بين إخوتهم وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) سورة الحجرات، فالواجب الأول هو الإصلاح هذا هو الواجب، فإن تيسر الإصلاح فالحمد لله وانتهى الموضوع، فإن لم يتسر الإصلاح وجب أن تقاتل الباغية التي أبت وامتنعت من قبول الصلح، ومصيرها الباغية يختلف: فإن كانت متعمدة للظلم والعدوان فهذه متوعده بالنار لأنها متعدية وظالمة، فأما إن كانت، لا، مجتهدة وتظن أنها على صواب فهذه أمرها إلى الله، ولا يضرها ذلك إذا كانت مجتهدة متحرية للصواب فأمرها إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان قد يقاتل وقد يمتنع من الصلح يرى أنه مصيب ويرى أنه مجتهد وأنه هو الأولى بالأمر، فهذا إذا كان يعلم الله من قلبه أنه مجتهد وأنه طالب للحق متحرٍّ للحق فإن هذا لا يقال إنه إلى النار، بل أمره إلى الله سبحانه ولا شيء عليه، بل له إما أجر وإلا أجرين إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد، وليس من المتوعدين بالنار، أما إذا كان يعلم أنه ظالم وأنه متعدٍّ للحدود ثم يصر فهذا متوعد بالنار لظلمه وعدوانه، وأما الفئة التي قاتلت على صواب وعلى هدى فهي من جنس الشهداء إذا قتل منهم فهو شهيد، كما لو قاتل الكفار فهو شهيد وهو موعود بالجنة؛ لأنه قاتل في سبيل الله، فالذي قاتل الباغية يعتبر مقاتلاً في سبيل الله فهو من الشهداء إذا قتل وله الجنة، وإنما الإشكال في المقتول من الفئة الباغية التي أبت الصلح، هذا هو محل البحث، فيقال في حقها: إن كانت ظالمة متعمدة تعلم أنها باغية وأنها ظالمة فهي متوعدة بالنار، لأن القتل بغير حق صاحبه متوعدٌ بالنار نسأل الله العافية، أما إذا كانت لا، تعتقد أنها مصيبة وأنها على هدى وأنها مظلومة فهذه لا يلحقها الوعيد بل أمرها إلى الله ولها أجر اجتهادها، ويفوتها أجر الصواب، وحديث: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، محمول على الطائفتين غير المجتهدتين الظالمتين، إذا التقيا وكلاهما ظالم متعدٍّ فكلاهما متوعد بالنار، كالقتال على العصبية والظلم والهوى فهذا متوعد كلهم متوعد بالنار، أما إذا التقت الفئتان عن اجتهاد وعن تحرٍّ للخير فالباغية إذا كانت المجتهدة ولا تعتقد أنها باغية وتعتقد أنها مصيبة فليس عليها من ذلك شيء ولها أجر الاجتهاد ويفوتها أجر الصواب، والتي أصابت الحق وهي غير باغية يكون لها أجر الجهاد له أجر المجاهدين وأجر الشهداء إذا قتل منهم أحد فله أجر الشهيد.  
 
5- كل يوم أقرأ من القرآن الكريم ثلاثة أجزاء، فهل يجوز أن أقرأ بدون وضوء، ذلكم أن لدي أسباباً صحية تضطرني إلى ذلك؟ وجهوني!
القراءة فيها تفصيل: إن كانت عن ظهر قلب فلا بأس أن تقرأ القرآن وأنت على غير وضوء، قد أحدثت ريحاً أو بولاً أو غير ذلك لا بأس أن تقرأ عن ظهر قلب، أما من المصحف فلا تقرأ إلا على طهارة؛ لما جاء في الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن أن لا يمس القرآن إلا طاهر، ولعموم قوله جل وعلا: لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) سورة الواقعة، في أحد قولي العلماء في تفسير الآية، فالحاصل أنها تختلف: إن كنت تقرأ من المصحف فلا بد من الطهارة على الصحيح وهو قول جمهور أهل العلم، وإن كنت تقرأ عن ظهر قلب لا من المصحف فلا بأس أن تقرأ على غير طهارة إذا لم تكن جنباً، أما الجنب فلا يقرأ لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً يمتنع من القراءة ويقول: (أما الجنب فلا ولا آية) فإذا كان جنباً رجلاً كان أو امرأة فليس له القراءة حتى يغتسل، أما إذا كان ليس بجنب إنما عليه حدث أصغر من الوضوء كالبول والريح ونحو ذلك والنوم فهذا له أن يقرأ إذا كانت القراءة عن ظهر قلب غيباً، أما من المصحف فلا، لكن لو دعت الحاجة ومس المصحف من وراء الحائل كالقفازين أو منديل صغير جعله على يديه عند الحاجة فلا بأس لكن ترك ذلك أولى ولو من وراء الحائل، حتى يتطهر، وهكذا الحائض لها أن تقرأ عن ظهر قلب على الصحيح ما هي مثل الجنب، الحائض والنفساء ليستا مثل الجنب، الصحيح أنهما ليستا مثل الجنب، الجنب وقته يسير ويغتسل وفي إمكانه الغسل من حين يقضي حاجته، لكن الحائض والنفساء لهما وقت طويل، فقد يشق عليهما ترك القراءة، فالصحيح أنه لا حرج أن تقرأا عن ظهر قلب من دون مس المصحف ولو كان حدثهما أكبر؛ لأن مدتهما تطول ولا يجوز تشبيههما بالجنب؛ لأن الفرق عظيم بينهما، أما حديث: (لا تقرب الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم لا يعتمد عليه.  
 
6- هل الشهيد في سبيل الله يأكل ويشرب ويسمع، وهل هو حي يُرزق إلى يوم القيامة كما قال الحق تبارك وتعالى: ((وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)) [آل عمران:169]؟
نعم كما قال الله، هم أحياء عند ربهم، يعني الأرواح، الأبدان في التراب أما أروحهم فتنقل إلى الجنة، ويأكلون فيها ويشربون في الجنة كما أخبر سبحانه وتعالى.  
 
7- رجل يملك خمسة آلاف دينار ومضى عليه سنة كاملة، وفي نهاية السنة دفع منها ألفين دينار تبرع بها لبناء مسجد، هل تجب عليه حينئذٍ زكاة الخمسة أم زكاة الثلاثة الباقية؟
تجب زكاة الخمسة إذا حال الحول عليها قبل أن يسلِّم ألفين في عمارة المسجد، إذا كانت السنة دارت عليها وتمت فعليه أن يزكي الخمسة جميعاً، أما إن كان أخرج الألفين قبل تمام السنة فإنه يزكي الثلاثة فقط.  
 
8- هل يجوز أن أصلي أثناء الأذان، أقصد صلاة السنة القبلية أو صلاة الفرض دون أن أنتظر المؤذن حتى ينتهي؟
إذا دخل الوقت جازت الصلاة حتى ولو لم يؤذن، إذا دخل الوقت وعرف المؤمن أو المؤمنة دخول الوقت بزوال الشمس مثلاً أو بغروب الشمس مثلاً أو بطلوع الفجر صلى ولو لم يسمع أذاناً، لكن إذا كان هناك اشتباه فلا ينبغي التعجل بل ينبغي التأخر حتى يتحقق دخول الوقت حتى يأذن المؤذنون، وليس هناك حاجة إلى العجلة، يبقى الإنسان ذكراً كان أو أنثى لا يستعجل حتى يتحقق دخول الوقت أو يغلب على ظنه دخوله بأسباب واضحة، ولا ينبغي التعجل في هذا، والمرأة بحمد لله عندها سعة تبقى في بيتها ولا تعجل حتى يؤذن المؤذنون في يوم وقت بعد الأذان أيضاً حتى تحتاط لدينها، وليست مربوطة بالرجال لكن تحتاط لدينها بالتأخر بعض الوقت بعد الأذان، أما الرجل فإنه يصلي مع الناس ويذهب إلى المساجد، فإذا كان لا يستطيع لمرضه أو كونه مقعداً يصلي في البيت فهذا مثل المرأة لا يعجل حتى إن تحقق الوقت أو يغلب على ظنه دخول الوقت من العلامات الدالة على ذلك ولا يستعجل.  
 
9- بالنسبة للرجل إذا دخل المسجد -سماحة الشيخ- أثناء تأدية الأذان، هل ينتظر الأذان حتى ينتهي، أو يؤدي تحية المسجد؟
الأفضل ينتظر حتى ينتهي المؤذن ثم يصلي ركعتين وحتى يجمع بين السنتين، يجيب المؤذن وهو واقف فإذا أجاب المؤذن وكمل ذلك صلى ركعتين، إما إذا كان يشق عليه الوقوف يصلي ركعتين والحمد لله.  
 
10- هل صلة الأرحام تلزم الرجال دون النساء؟
صلة الرحم مشتركة بين الرجال والنساء؛ لأن الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) سورة محمد، هذا خطاب للجميع للرجال والنساء، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، يعم الرجال والنساء، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يفسح له في أجله وأن يبسط له في رزقه فليصل رحمه) يعم الرجال والنساء، فوصل الرحم مطلوب من الرجال والنساء بل واجب على الجميع ولا يختص بالرجال.  
11- هل قص الشعر وتقصيره كشعر الرجل، ولكن ليس بنية التشبه بالرجال، هل يُعتبر ذلك محرماً؟
ترك المرأة شعرها أفضل؛ لأنه جمال لها، فالأفضل لها والأولى بها تركه وعدم قصه، بل يبقى جمالاً لها وزينة لها، لكن لو أخذت منه خففت منه لا لقصد التشبه بالكافرات ولا بالرجال ولكن لأنه طويل فتخفف منه فلا حرج في ذلك، وقد ثبت أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما توفي أخذن من رؤوسهن قصصن رؤوسهن للتخفيف، فالحاصل أن التخفيف لا بأس به، ولكن تركه للجمال والزينة يكون أفضل وأولى، وإذا قصت منه شيئاً فليكن ذلك على غير قصد التشبه بالكافرات أو التشبه بالرجال، بل لقصد التخفيف أو الزينة لزوجها إذا كان يرضى بذلك، أما إذا كان يمنعها فليس لها أن تعصي زوجها.  
 
12- أنا في الواحدة والعشرين من عمري ولي أخت تعمل بالخارج، عرضت علي أن أؤدي فريضة الحج على نفقتها، فهل هذا جائز شرعاً؟ مع العلم أنني لا أعمل وليس لي مال، أرجو التوضيح جزاكم الله خيراً.
نعم، لا بأس بذلك، إذا التزمت أختك بالنفقة فجزاها الله خيراً، الله يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى (2) سورة المائدة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، متفق عليه. فإذا التزمت أختكِ أو أخوكِ أو عمك أو خالك أو أبوك أو أمك بالنفقة فجزاهم الله خيراً ولا شيء عليك ولا حرج.  
 
13- قال الله تعالى: ((إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [البقرة:173]، اشرحوا لي هذه الآية الكريمة ولاسيما كلمة الدم، هل كان الناس يأكلون الدم قبل نزول هذه الآية؟
نعم كانت العرب تأكل الدم وتشرب الدم، فإذا احتاجوا فصدوا الإبل وشربوا الدماء، فالله نهاهم عن هذا إذا كان مسفوحاً وهو الذي يصب من العروق أو غير العروق، أما الدم الجامد كالكبد فهذا لا بأس إذا أكل الإنسان الكبد؛ لأنها ليست دماً مسفوحاً، فلا حرج في ذلك، وكانوا في الجاهلية يأكلون الدم ويفصدون الحيوانات ويشربون من دمائها فحرم الله عليهم ذلك، وبين سبحانه في الآية الأخرى: (أو دماً مسفوحاً) يعني مراقاً، فهذا هو وجه التحريم، الدم المراق لأنه سنة في الجاهلية ولأن في ذلك ضرراً على شاربه، والميتة معروفة، ولحم الخنزير معروف، وما أهل به لغير الله هو الذي يذبح لغير الله كالذبيحة تذبح للجن أو للأصنام أو للكواكب هذا الذبيحة محرمة إذا ذبحت لغير الله، فمن اضطر إلى الميتة أو غيرها فله الأكل من ذلك غير باغ ولا عاد، غير ظالم ولا باغ على إخوانه المسلمين، فالباغي والعادي..... فيها أنواع: منها البغاة يخرجون على السلطان فهم الظالمون بذلك، ومنها المتعدي الذي يتعدى بأكله من الميتة بغير ضرورة ولا حاجة، فلا يسمى مضطراً، وبعض أهل العلم ذكر في ذلك أمراً آخر وهو أن يسافر سفراً يعتبر معصية فيعتبر متعدياً أيضاً وليس له رخصة، ولكن الأقرب والله أعلم بأنه مقيد بأن يكون أكله غير باغ ولا عاد، إنما ضرورة، إذا كان للضرورة يعني لا يجد شيئاً، أما إذا تعدى بأن أكل بغير ضرورة أو تعاطى من الميتة بغير ضرورة فيسمى باغٍ ويسمى عادٍ متعدٍ لحدود الله عز وجل، أما إذا اضطر إلى ذلك بسبب سفر معصية أو شبه ذلك مما قد يوقعه في الحاجة والضرورة إلى الميتة فهو داخل في الآية الكريمة؛ لأن الآية مجملة (غير باغٍ ولا عادٍ) فالباغي هو الذي يتعدى الحدود ويبغي على الناس والعادي الذي كذلك يتعدى على الناس إما بكونه يأكل بغير ضرورة أو يبغي على الناس ويتعدى عليهم بدون حق ودون سبب شرعي، فهذا هو الذي يمتنع عليه هذه الأشياء، وإنما يكون مضطراً إذا كان لا يجد شيئاً حتى يخاف على نفسه فيأكل من الميتة أو من الخنزير أو ما أهل به لغير الله أو من الدم للضرورة التي وقع فيها، نسأل الله العافية.  
 
14- كيف نوفق بين قوله تعالى: ((يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)) [الرعد:39] وبين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: رُفعت الأقلام وجفت الصحف؟ وضحوا لنا جزاكم الله خيراً.
لا منافاة بين الأحاديث وبين الآية الكريمة، فإن الآية فسرها أهل العلم بأن المراد منها الشرائع يمحو الله ما يشاء مما شرع ويثبت منها ما شاء سبحانه وتعالى، فينسخ شيئاً ويثبت شيئاً مما شرع سبحانه وتعالى، والبعض فسرها بالحسنات والسيئات، يمحو الله ما يشاء من السيئات بالتوبة وبالحسنات، ويمحو بعض الحسنات بتعاطي ما حرم الله عز وجل مما يزيلها. فالحاصل أنها ليست المراد بها ما سبق به القدر، ما سبق به القدر لا يمحى، ما استقر في علم الله أنه يقع لا يُمحى، بل الأقدار ماضية (رفعت الأقلام وجفت الصحف) فما قدره الله وسبق في علمه أنه يكونُ يكون، وما سبق في علمه أنه لا يكون لا يكون، فهو غير داخل في الآية الكريمة، وإنما الآية فيما يتعلق بالشرائع والأحكام أو بالحسنات والسيئات لا فيما يتعلق بالأقدار، هذا هو أصح ما قيل في الآية الكريمة.  
 
15- هل يمكن لشيخ حلقة التلاوة في المسجد أو غيره أن يدعو عقب التلاوة والناس تقول -أيضاً-: آمِين، آمين، وكذلك عقب الدروس وبعض المؤتمرات وما أشبه ذلك؟
ورد في ذلك بعض الأحاديث لكن فيها ضعف، فإذا فعله بعض الأحيان ولم يكن سنة راتبة فلا حرج في ذلك، أما اتخاذه سنة راتبة فالأولى تركه؛ لأن الحديث الوارد في هذا فيه ضعف.  
 
16- ما حكم أدائي لصلاة السنة وأنا جالسة؟
يجوز للمسلم والمسلمة أداء النوافل عن جلوس، لكن على النصف من أجر القائم، كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيجوز أن يصلي التهجد بالليل أو سنة الرواتب أو سنة الضحى عن جلوس وإن كان قادراً، لكن يكون له نصف الأجر، أما الفرائض فلا بد أن يصليها قائماً إذا كان يستطيع، إلا إذا عجز لمرض فإنه لا بأس يصلي قاعداً، وإلا فالواجب أن يصلي قائماً؛ لقوله جل وعلا: وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238) سورة البقرة، يعني صلوا قياماً، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من حديث عمران بن حصين: (صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً)، فهذا هو الترتيب في حق القادر، يصلي قائماً فإن عجز صلى قاعداً فإن عجز صلى على جنبه فإن عجز صلى مستلقياً، هذا في الفريضة، أما في النفل فله أن يصلي قاعداً مع القدرة لكن يكون له النصف.  
 
17- هل يُستجاب الدعاء عند صياح الديك؟
شرع لنا عند صياح الديك أن نسأل الله من فضله، قال النبي: (إذا سمعتم صياح الديك فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً)، وعند نهيق الحُمر ونباح الكلاب يتعوذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم فإنها رأت شيطاناً، هذا مأمورٌ به، وهذا الأمر يرجى أن تجاب فيه الدعوة، لكن ما أعلم فيه صريحاً أنها تجاب الدعوة، لكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا يؤخذ منه أنه حري بالإجابة في هذا؛ لأنه امتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قال: اللهم اغفر لي، اللهم أعطني من فضلك، أو اللهم أدخلني الجنة عند سماع صوت الديكة فيرجى له الخير؛ لأنه امتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول قال: (إذا سمعتم صياح الديك فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحُمر- وفي اللفظ الآخر: ونباح الكلاب- فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً).  
 
18- هل لي أن أجهر في غير الصلاة الجهرية؟
السنة السر، لكن لو جهر ببعض الآيات لا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم الآية أحياناً في الظهر والعصر، لكن الأفضل في الظهر والعصر السر وفي الليل الجهر وفي الفجر الجهر لكن لو أن الإنسان جهر في بعض الآيات في الظهر والعصر فلا بأس يسمعهم بعض الآيات كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.  
 
19-  هل التسمية عند الوضوء سنة أم فريضة، وإن كانت فريضة ونسي الإنسان أن يسمي فما الحكم؟
الجمهور من أهل العلم على أنها سنة هذا قول أكثر أهل العلم، التسمية سنة وقال بعض أهل العلم أنها واجبة لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)، لكن هذا الحديث أعله العلماء، قالوا إنه لا يثبت كما قاله أحمد رحمه الله والجماعة ولهذا قال بل يستحب فقط لأن منه الأحاديث قد يشد بعضها بعضا فيؤخذ منها السنية وقال بعضهم يؤخذ منها الوجوب لأنها متعددة فيشد بعضها بعضا كما قال الحافظ بن حجر رحمه الله فالقول بالوجوب في لفظ، أما السنية فلا شك فيها يستحب عند البدء وهو يسمى الله يقول بسم الله عند البدء في الوضوء فإن نسي فلا شيء عليه وهكذا عند الغسل يسمي فإن نسي فلا شيء عليه رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (286) سورة البقرة. 

434 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply