حلقة 545: البقاء في الحرم بعد طواف الوداع لحاجة - يدفن كل ميت في قبر لوحده إلا للحاجة - الضحية عن الرجل وأهل بيته - حكم بناء القبور بالطوب والأسمنت والحديد - النذر بالمحافظة على فرائض الله - حكم التدخين - المرء مع من أحب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

45 / 50 محاضرة

حلقة 545: البقاء في الحرم بعد طواف الوداع لحاجة - يدفن كل ميت في قبر لوحده إلا للحاجة - الضحية عن الرجل وأهل بيته - حكم بناء القبور بالطوب والأسمنت والحديد - النذر بالمحافظة على فرائض الله - حكم التدخين - المرء مع من أحب

1- حججت العام الماضي والحمد لله، وعندما أخذت طواف الوداع قبل المغرب بساعة بعد صلاة العشاء خرجت ولظرف غير مقصود تأخرت، فهل يلزمني شيء؟ أرجو التوجيه جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال عن الحجاج: (لا ينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)، خرجه مسلم في صحيحه، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض، متفق عليه، ومعنى أمر الناس، يعني أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز للحاج أن يخرج من مكة إلا بعد طواف الوداع، إذا أراد السفر إلى بلاده، أو إلى بلاد أخرى، وإذا ودع قبل الغروب، ثم جلس بعد العشاء لحاجة أو لسماع درس أو ليصلي العشاء فلا حرج في ذلك، المدة اليسيرة يعفى عنها، قد طاف النبي - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، طواف الوداع في آخر الليل، ثم صلى بالناس الفجر، ثم سافر بعد ذلك عليه الصلاة والسلام، فالأمر اليسير يعفى عنه، فإذا كنت سافرت بعد العشاء فلا حرج في ذلك، أما إن كنت أقمت إقامة طويلة أصبحت، فينبغي لك أن تعيد طواف الوداع، فإن كنت لم تعيد طواف الوداع فلا حرج عليك إن شاء الله، لأن المدة وإن كانت فيها بعض الطول لكنها مغتفرة إن شاء الله للجهل، والواجب المبادرة والمسارعة إلى الخروج بعد طواف الوداع.   
 
2-  يوجد في بلدتنا عادة وهي: أنه عندما يُتوفى الإنسان يوضع في قبر لقريب له إذا مر عليه سنة أو أكثر، فهل هذا يصح؟
السؤال فيه إجمال، إذا كان مراد السائل أن الميت الجديد يدفن مع الميت القديم سنة ثم ينقل هذا لا يجوز، بل يدفن في قبر مستقل، ولا يجوز أن يدفن مع الموتى السابقين إلا للضرورة، إذا كانت ضرورة قصوى ما عندهم أرض، أو في خوف أو هم أمواتاً كثيرين، كثر عليهم الأموات فلا مانع من دفنهم جميعاً كما فعل النبي يوم أحد عليه الصلاة والسلام، وإلا فالواجب أن يكون كل واحد على حدة، يقبر على حدة، كما هو السنة المتبعة في موتى المسلمين من عهد النبي عليه الصلاة والسلام. أما إن كان قصد السائل أنه يحفر لقريب له قبر، ثم إذا مات بعض الأقرباء دفن في هذا القبر الذي مات قريبه، ـــ المعد لقريبه ولكنه لم يمت القريب دفن هذا في قبره، إذا سمحوا بذلك فلا بأس، إذا كان معداً لزيد ثم مات قريبه قبل أن يموت زيد، فدفن فيه في المعد له، وأذن له فلا حرج في ذلك.    
 
3- نحن عائلة ولم يقسم بيننا الوالد، ونعيش في بيت واحد، واثنان منا يأخذون مرتب، ولكننا في عيد الأضحى لا نضحي إلا بأضحية واحدة، فهل تجزئ عنا جميعاً؟
نعم، إذا كنتم في بيت واحد مشتركين في السكن، حالكم واحد ومطعمكم واحد يكفيهم الضحية الواحدة، أما إذا كان البيت شقق مختلفة كل ناس بشقة مستقلين بأنفسهم فالسنة لكل أهل شقة أو لكل أهل دور من الأدوار أن يضحوا عن أنفسهم، هذا هو السنة أما إذا كنتم مجتمعين حالكم واحد وطعامكم واحد ومشتركين في البيت سواء دور أو ثلاثة أ دوار، فالضحية الواحدة تكفي وإن ضحيتم بأكثر فلا حرج في ذلك.  
 
4-  هل يصح بناء القبور من الطوب والأسمنت والحديد؟
لا يجوز البناء على القبور، بل تحفر ولا تبنى ولأنه ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن بناء القبور، نهى عن تجصيصها وعن البناء عليها، ولكن يحفر في الأرض، ويدفن الميت فيه، فيه لحد من جهة القبلة، قبلة الميت ويكون القبر عميقاً بقدر نصف الرجل، حتى يكون بعيداً عن السباع والكلاب، ويكون أبعد عن الروائح الكريهة، التي قد تخرج من القبر، وإذا دعت الضرورة إلى البناء، إذا دعت الضرورة بأن كانت الأرض صلبة ولا يستطيع الحفر متعذرة أن يحفرون فيها فلا مانع من جعله بين الأحجار، يبنى له أحجار ويجمع بينها ثم يوضع فوقه ألواح وغيرها حتى تستره عن السباع وغيرها من الكلاب وغير ذلك، ويوضع له أحجار تستره عن ذلك، حسب الطاقة، من دون حاجة إلى بناء، إنما أحجار تضبط بالطين أو بالجس أو بغير ذلك حتى يسلم من الكلاب وغير ذلك عند الضرورة.  
 
5- إننا نبعد عن مسجد القرية ولكننا نصلي جماعة في مكان اتخذناه مصلى لنا، فهل علينا شيء في عدم الذهاب إلى المسجد؟
إذا كنتم تسمعون النداء بالصوت المجرد من دون مكبر لقربه منكم فإنه يلزمكم الذهاب والصلاة معهم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له، إلا من عذر)، وجاءه رجل أعمى فقال يا رسول الله: ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي، فقال: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب، فالواجب عليكم أن تصلوا مع الجماعة في المسجد إذا كنتم تسمعون النداء، تستطيعون الذهاب إليه، أما إذا كان بعيداً عنكم يشق عليكم الذهاب إليه، لبعده أو لأن أحدكم مرضى أو عاجزون لكبر السن أو نحو ذلك فاتقوا الله ما استطعتم، الحاصل أن الواجب عليك الصلاة مع الجماعة، ما دمتم تسمعون النداء العادي خلو الأصوات تسمعون النداء، أما إذا كان بعيداً عنكم عرفاً يشق عليكم السعي إليه، ولا تسمعون النداء فلا مانع أن تصلوا في محلكم ولا حرج في ذلك.  
 
6-   امرأة أصابها مرض فقالت: صدقة لوجه الله إن عافاني فلن أترك الصلاة، فشفيت ولم تحقق ما قالت، ولا تدري صدقة لوجه الله ما معناها، هل هو قسم أو نذر، وبعد مدة تابت، وتسأل ما كفارة ذلك؟
عليها ما دامت تابت فالحمد لله، لأن الصلاة فرض عليها ولو لم تنذر، فالنذر يزيد المقام تأكيداً، فإذا كانت تركت الصلاة ثم تابت فالتوبة تمحو ما قبلها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (التوبة تجب ما قبلها)، فعليها أن تستقيم وأن تستمر على طاعة الله، وأن تحافظ على الصلاة، التي أوجب الله عليها، وأن تحذر نزغات الشيطان وجلساء السوء، نسأل الله لنا ولها الثبات على الحق، وليس عليها قضاء ما فات.  
 
7- خالي لا يصدق أن التدخين حرام، ويقول: لا أصدق أنه حرام إلا عندما أسمع من سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز، أرجو أن توضحوا حكم التدخين، وتقدموا النصيحة لخالي، جزاكم الله خيراً.
التدخين ثبت عندنا أنه محرم، وقد علمنا أسباباً كثيرة لتحريمه من أضراره المتعددة فهو محرم بلا شك، لأنه يشتمل على أضرار كثيرة بينها الأطباء وبينها من استعمله، فالواجب على كل مسلم تركه والحذر منه، لأن الله حرم على المؤمن أن يضر نفسه، فهو يقول سبحانه: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، ويقول جل وعلا: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً، فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة، الحذر من كل ما حرم الله، والحذر من كل ما يضر دين العبد وبدنه ودنياه، فالله أرحم بعباده منهم بأنفسهم فقد حرم عليهم ما يضرهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا ضرر ولا ضرار)، وهذا التدخين ضار ضرراً بيناً بإجماع أهل المعرفة، من أهل الطب، وبإجماع من عرفه وجربه وما فيه من الضرر العظيم، فنصيحتي لخالك أن يتقي الله وأن يحذر هذا الخبيث وأن يتوب إلى الله منه، حتى تعود له صحته، وحتى يسلم من غضب الله وحتى يحفظ ماله أيضاً والله المستعان.  
 
8-   عندما أقرأ عن سيرة الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام أرى خشيتهم وإيمانهم عميقين، وإذا قرؤوا القرآن يبكون كثيراً، فأنا عندما أقرأ عنهم تمنيت أن أكون مثلهم، وتمنيت لو كنت في عصرهم، وأخشع مثلهم، ولكن بهذا الزمان فتن كثيرة، وغزوٌ فكري خطير يشكك المسلم في دينه، وأنا الآن في ضيق شديد، أريد أن يطمئن قلبي بالإيمان واليقين، وأنال خشية الله، وأن يشرح صدري، وأريد أن يكون حب الله ورسوله أحب إلي من الدنيا وما فيها، ويجعل الدنيا بيدي ولا يجعلها في قلبي، وأقصر الأمل، وأريد أن أتلذذ بطاعة الله، ويجعل الله قرة عيني الصلاة، ولكن لم أستطع، قرأت القرآن ولم يحدث في قلبي خشية إلا قليل، وأنا خائفة أن يدركني الموت ولم أنل تقوى الله حق التقوى وخشيته حق الخشية، كيف؟ أرشدوني فإني - تقول كلمة ليتها لم تصف بها نفسها- في حيرة، وهذا السؤال مهم جداً في حياتي بل هو حياتي كلها؛ لأني لم أُخلق إلا لعبادة الله. هذه هي الرسالة بل هذه هي القضية شيخ عبد العزيز، أرجو أن تلقى عنايتكم جزاكم الله خيراً.
أيها الأخت في الله أبشري بالخير العظيم، ما دمت بهذه المهابة والحرص على الخير ومحبة السلف الصالح، وتمنيك أن تكوني في زمانهم وعلى طريقتهم فاحمدي الله على هذا الخير، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سئل: قال له رجل: يا رسول الله، المرء يحب قومه ولما يلحق بهم، قال عليه الصلاة والسلام: (المرء مع من أحب)، فأنت مع من أحببت وعليك أن تجتهدي في طاعة الله، وترك معصيته، والإكثار من ذكره سبحانه والاستغفار والدعاء، وقراءة القرآن الكريم بتدبر وتعقل في الأوقات المناسبة من الليل أو النهار وأبشري بالخير، أبشري بالخير والعاقبة الحميدة، فالله جل وعلا، رؤوف رحيم وقريب مجيب، سبحانه وتعالى وهو يحب من عباده أن يسألوه ويضرعوا إليه كما في الحديث الصحيح يقوله عليه الصلاة والسلام، يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني، فعليك بحسن الظن بالله، وعليك بالإكثار من دعائه وسؤاله أن يهديك وأن يصلح قلبك وعملك وأن يبقيك على الإسلام، وأن يمنحك خشيته ومراقبته وتعظيم أمره ونهيه ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، وهو القائل سبحانه: ادعوني أستجب لكم، فإياك والقنوط، وإياك والشك في رضى الله وكرمه، وعليك بحسن الظن بالله أحسني الظن بالله، وأبشري بالخير، وعليك بفعل المستطاع في طاعة الله ورسوله وفي حب الله ورسوله وفي إيثار محاب الله ورسوله، وفي كف ما نهى الله عنه ورسوله، ولك العقبى الحميدة، كما قال الله تعالى: فاصبر إن العاقبة للمتقين، جعلنا الله وإياكم من المتقين. ترجوا دعائكم شيخ عبد العزيز؟ أصلح الله قلبها وعملها، أصلح الله قلبها وعملها، ورزقها الله الخشية العظيمة والاستقامة على أمره. وصفت نفسها بوصف لم أقرؤه في ثنايا الرسالة شيخ عبد العزيز والآن أعرضه وأستشير سماحتكم فيه، تقول عن نفسها إنها في ضلال، هل يجوز للمسلم وإن كان يؤنب ضميره، هل يجوز له أن يصف نفسه بهذا الوصف؟ لا ما يصح هذا، ولكن يقول إني ظلمت نفسي، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للصديق ــــ قال قل: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً) الحديث، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، جله ودقه وأوله وآخره وعلانيته وسره)، وما أشبه ذلك من الدعاء، فعليها أن تدعو ربها أن الله يغفر لها ذنوبها وظلمها لنفسها وهكذا تسأل ربها دائماً أن يهديها الصراط المستقيم وأن يغفر لها ذنوبها، هذه وصيتي للأخت في الله. أيضاً ترجو من سماحتكم الدعاء في ظهر الغيب وتقول إنه دعاء مستجاب؟ وهذا الدعاء الذي حصل، ودعاء بالغيب، بأن يصلح الله حالها، نسأل الله أن يتقبل منا ومنك، ونسأل الله أن يصلح قلوبنا جميعاً. 
 
9-  في صلاة الجمعة أذن رجل الأذان الأول، وأذن آخر الأذان الثاني، وخطب خطبتي الجمعة رجل، وصلى بنا رجل آخر، ما حكم ذلك؟
ليس في هذا حرج والحمد لله، يجوز أن يتولى هذا أمر واحد، والثاني الآخر والخطبة شخص والإمامة شخص، كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، لكن الأفضل أن يتولى الخطبة من يتولى الصلاة، ويتولى الصلاة من يتولى الخطبة، إذا تيسر ذلك، إذا تيسر ذلك فالأفضل أن الإمام هو الخطيب كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدون وغيرهم هذا هو الأفضل، لكن لو خطب إنسان وصلى آخر فلا حرج.  
 
10-  ما حكم من يرغم ابنته على الزواج من رجل لا ترضاه؟
لا يجوز ذلك، النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: (والبكر يستأذنها أبوها، وأذنها سكوتها)، فليس له أن يرغمها على شخص ولو كانت تقية، ولو كان أتقى الناس، ليس له إرغامها وإنما ينصح لها ويشير عليها، فيما يراه خيراً لها، وعليها أن تطيع والدها في الخير والمعروف إذا كان الزوج صالحاً، وعليها أن تطيعه وعليها أن تقدر عطفه وحنوه عليها وإحسانه إليها، لكن لا يلزمها طاعته، إذا كان قلبها لا يرضى هذا الزوج، ولا تميل إليه لا بأس عليها أن تعتذر لأبيها ولا يجوز لأبيها أن يرغمها، ولكن متى استطاعت أن تطيع والدها في زوج صالح يناسبها فإنه خير لها وأصلح، طاعة الوالد من أفضل الطاعات في طاعة الله جل وعلا.  
 
11-  ما هي كتب السنة التي ترون أنها مناسبة وتنصحوننا باقتنائها؟
كتب السنة كثيرة والحمد لله، منها الكتب الستة كالصحيحين وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وموطأ مالك رحمه الله ومسند أحمد، هذه كتب الحديث المعروفة، وهناك كتب أخرى معروفة ومن كتب السنة ما ألفه أهل العلم المعروفون مثل ما ألفه الشافعي رحمه الله كتاب الأم، للشافعي والموطأ لمالك رحمه الله، ومنها ما ألفه الفقهاء بعد ذلك في أحكام الشرع المطهر ومن أحسن ما ألف في ذلك، مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم رحمه الله، فإن كتبهم جيدة تعتني بالدليل وتؤدي الحقائق في مسائل الخلاف، فهي كتب عظيمة وهكذا كتب أئمة الدعوة الذين نشطوا في الدعوة ونشروها في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، وما بعده، وهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وأحفاده وأولاده وأنصاره من دعاة السنة، فإن كتبهم مفيدة وعظيمة، مثل فتاوى الشيخ الفتاوى النجدية ،فتح المجيد على كتاب التوحيد، مثل كتاب كشف الشبهات، مثل آداب المشي إلى الصلاة، وهكذا في العقيدة، العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، والتدمرية له أيضاً و الحموية كل هذه كتب عظيمة، ومفيدة.  
 
12-  مرضت ولم أتمكن من صيام رمضان فأخرته إلى رمضان من السنة القادمة، هل يُجزئ الصوم فقط، أم هناك كفارة، وما هي؟
إذا كنت أخرته من أجل مرض، كفاك القضاء فقط، إذا استمر معك المرض إلى رمضان الآخر فإنه يكفيك القضاء والحمد لله ولا شيء عليك، أما إذا كنت تساهلت وأنت طيب ولم تقض إلا بعد رمضان فإنك تجمع بين الأمرين، تقضي الأيام التي أفطرتها وتطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، ومقداره كيلو ونصف تقريباً من قوت البلد، من تمر أو أرز أو حنطة ونحو ذلك، يعطاها بعض الناس بعض الفقراء، تجمع ويعطاها بعض الفقراء.  
 
13-   عندنا في السودان يشترطون في الذبح أن يكون خلف الخرزة، وهي: النتوء البارز في حلقوم الذبيحة، وإذا ذبح أحد بهيمة وفصل بين هذه الخرزة والرأس فالناس لا يأكلون ذبيحته، ما مدى صحة هذا الكلام؟
إذا قطع الحلقوم والمريء ولو فصل الخرزة فلا بأس، إذا قطع الحلقوم والمريء فذبيحته صحيحة، وإن قطع الأربع الحلقوم والمريء والودجين فهو أكمل وأكمل، سواء بقيت الخرزة أو قطعها فالأمر في هذا واسع.  
 
14-  ما حكم صلاة الغائب -هذا هو السؤال الثاني من أخينا السوداني- وهل تجوز أن تُصلى على من لم يُدفن بعد؟
الصلاة على الغائب فيها تفصيل، بعض أهل العلم يرى أنه لا يصلى على غائب، وبعضهم يرى الصلاة عليه لكن إذا كان الغائب له شأن في الإسلام، كالنجاشي، فإن النبي صلى على النجاشي لما مات في بلاده، أخبر به الصحابة وصلى عليه صلاة الغائب، ولم يثبت عنه في الصلاة على الغائب إلا هذا الحديث، فإذا كان الغائب إمام عدل، وإمام خير صلي عليه صلاة الغائب، ولي الأمر يأمر بالصلاة عليه صلاة الغائب، وهكذا علماء الحق ودعاة الهدى إذا صلي عليهم صلاة الغائب فهذا حسن كما صلى النبي على النجاشي عليه الصلاة والسلام، أما أفراد الناس فلا تشرع الصلاة عليهم، لأن الرسول ما صلى على كل غائب، وإنما صلى على شخص واحد، له قدم في الإسلام، لأنه آوى المهاجرين من الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة، أواهم ونصرهم وحماهم وأحسن إليهم وكانت له اليد العظيمة في الإسلام، فلهذا صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- لما مات، وصلى عليه أصحابه معه، فمن كان بهذه المثابة، له قدم في الإسلام مثلما صلى المسلمون في هذه البلاد على ضياء الحق رئيس بلاد الباكستان رحمه الله كانت له مواقف طيبة إسلامية، أمر ولي الأمر أن يصلى عليه في الحرمين فصلي عليه لأنه أهل لذلك لمواقفه الكريمة وعنايته بتحكيم الشريعة وعنايته بها وحرصه على ذلك، نسأل الله لنا وله العفو والمغفرة، فالمقصود أن من كان بهذه المثابة من حكام المسلمين وعلماء المسلمين إذا مات في بلاد أوربا أو في بلاده أيضاً جاز أن يصلي عليه المسلمين.   
 
15-  أخونا يسأل عن جزئية أخرى -لو تكرمتم سماحة الشيخ- عن الصلاة قبل الدفن؟
يجوز أن يصلى عليه قبل الدفن، وبعده. قبل الدفن وبعده؟ نعم. الغائب والحاضر سواء سماحة الشيخ؟ نعم، نعم يصلى على الحاضر ــــ يجوز أن يصلى عليه قبل الدفن، والغائبون إذا علموا أن الناس صلوا عليه ولو قبل الدفن.  
 
16- هل الكفارة الواحدة تُجزئ عن أكثر من حنث، أي أكثر من يمين واحدة؟
فيها تفصيل، إذا كانت اليمين على فعل واحد، ولو كررها، تكفيه كفارة واحدة، كأن يقول: والله لا أزور فلان، والله لا أزور فلان، والله لا أزور فلان، يكررها، عشر مرات أو أكثر أو أقل ثم حنث عليها كفارة واحدة، لأنه فعل واحد، أما إذا كانت على أفعال، يقول: والله لا أزور فلاناً، والله لا آكل طعام فلان، والله لا أصلي خلف فلان، فهي أيمان متعددة على أفعال كل واحد له كفارته إذا حنث، كل واحد له كفارته.  
 
17-   ما هو تخريج هذا الحديث وما مدى صحته: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:(متى ترعوون عن ذكر الفاجر اهتكوه حتى يحذره الناس) وإذا كان هناك أحاديث في معناه ما هي، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
لا أعرف حال هذا الحديث ولا أعرف صحته، والذي يغلب على ظني أنه ليس بصحيح، ولكن الثابت بالتفصيل. ذكر العلماء أنه إذا أظهر منكر جاز الكلام فيه، وأبيحت غيبته في هذه الحال؛ لأنه قد أظهر المنكر، فالذي أظهر المنكر جاز أن يغتاب في المنكر الذي أظهر، أما سيئاته الخفية فلا، وقد جاء في السنة ما يدل على ذلك من وجوهٍ كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن الفاسق المعلن لا غيبة له فيما أعلم، وقد دل على هذا وقائع من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، منها أنه مر عليه بجنازة فأثنى عليها المسلمون خيراً، فقال: (وجبت) ومر عليه بجنازة أخرى فأثنوا عليها شراً، فقال: (وجبت) وسئل عن ذلك، قيل: ما وجبت؟ قال: (هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض) فدل ذلك على أن ذكر السيئين بمعاصيهم الظاهرة لا حرج فيه، ولهذا ما أنكر عليهم في هذا بالشر، بل قال: (وجبت له النار).

431 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply