حلقة 540: حكم صلاة الجمعة لمن لا يعرف مدة إقامته - حكم إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة - وقت دفع المهر مسألة عرفية - التعامل بالربا - حكم مشاهدة الأفلام والتمثيليات عبر الفيديو - حكم من سرق من مستودع كان يقوم بحراسته

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

40 / 50 محاضرة

حلقة 540: حكم صلاة الجمعة لمن لا يعرف مدة إقامته - حكم إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة - وقت دفع المهر مسألة عرفية - التعامل بالربا - حكم مشاهدة الأفلام والتمثيليات عبر الفيديو - حكم من سرق من مستودع كان يقوم بحراسته

1- إنني في بلد غير بلدي، ولا أعرف مدة الإقامة في هذا البلد، فهل تُعتبر صلاة الجمعة واجبة علي، وهل أعتبر مسافراً أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وصحبة ومن اهتدى بهداه, أما بعد: فقد بين أهل العلم مقتضى ما دلت عليه سنة رسول الله-عليه الصلاة والسلام-أن الرجل إذا أقام في بلد, وليس لهن نية معروفة لا يدري هل يقيم يوماً, أو يومين, أو أربعاً أو أكثر، فإنه في حكم السفر, وله القصر, وله الجمع, ولا تلزمه الجمعة, فله حكم المسافرين, لكن إذا كان فرداً ليس معه أحد, فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة لوجوب الجماعة, فيصلي مع الجماعة في الأوقات الخمسة, ويصلي معهم الجمعة من أجل وجوب الجماعة, أما إن كان الموجود اثنين فأكثر فهم مخيرون, إن شاؤا صلوا مع الجماعة وأتموا أربعاً وصلوا الجمعة وأجزأتهم, وإن شاؤا صلوا ظهراً قصراً . هذا إذا لم يعرف مدة الإقامة . نعم . وإذا عرف . أما إذا أجمع الإقامة على مدة أكثر من أربعة أيام فإنه تلزمه الجمعة تلزمه بغيره, ويلزمه أن يتم الأربع يتم الظهر, والعصر, والعشاء أربعاً عند جمهور أهل العلم. إذا صادف ذلكم الصيام شيخ عبد العزيز . كذلك يصوم ليس له الفطر، إذا كان أجمع الإقامة أكثر من أربعة أيام عند جمهور أهل العلم, وهو قول جيد وفيه جمع بين الأقوال.  
 
2- هل تجب إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة في بلد تعددت فيه المساجد؟
لا يجوز ذلك, بل الواجب أن يتحرى ويصلي جمعة والحمد لله, وليس له أن يعيد ظهراً؛ لأن هذه بدعة ليس لها أصل, متى صلى جمعة فالحمد لله, والتعدد له مصوغات, فحسن الظن بالمسلمين, وأنها إنما تعددت لمصوغ شرعي أولى بسوء الظن.   
 
3- تقدمت لخطبة ابنة إحدى الأسر، وبعد القبول من الطرفين قرأنا الفاتحة بحضور أسرتينا، بعدها بأيام سافرت للعمل بإحدى الدول العربية ثم عدت في إجازة بعد ستة أشهر، وتم خلالها الاتفاق على تحديد قيمة الشبكة والمهر الذي سيُدفع، وتم عمل حفل الخطوبة، ثم اشترينا الشقة بيتنا الجديد وتم الاتفاق كذلك على أن يكون حفل الزفاف مع نهاية تعاقدي الذي سيحل بعد انقضاء خمسة شهور، وتهيأت للسفر لاستكمال بقية المدة، وقبل يومين من السفر طلب والد خطيبتي أن أدفع له المهر الذي اتفقنا عليه سلفاً حتى يتمكن من إجراء التجهيزات وشراء الأثاث لبيتنا الجديد، ولكن رفضت ذلك وقلت له: أنا لن أدفع المهر إلا مع عقد القران، لكنه استنكر ذلك، وقال: المتبع لدينا هو عقد القران مع ليلة الزفاف، تجادلنا طويلاً وقال: سل ذوي التجارب ممن سبقوك إلى دنيا الزواج، ستجد موقفي هو الصواب، وعموماً إذا لم يكن لديك مال الآن يمكن أن أدفعه ثم تسدده فيما بعد، وبدوري أتساءل: هل يمكن دفع المهر في أي وقت دونما الارتباط بعقد القران، أم هو مرتبط به، وهل يُعقد القران أولاً ثم يُدفع المهر فيما بعد؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.
هذه مسائل عرفية يجوز أن يدفع المهر قبل العقد, ويجوز حين العقد, ويجوز بعد العقد, المهم أن يتفقا عليه في صلب العقد, فإذا اتفقا على شيء وجب على الزوج تسليمه, إن اتفقوا عليه حالاً وجب تسليمه حالاً, وإن اتفقوا عليه مؤجلاً وجب تسليمه عند أجله, وإن قدمه قبل العقد كما هي عادة كثير من الناس يقدمونه قبل العقد حتى يتمكن أهل الزوجة من تجهيزات لازمة فهذا كافي, ولا يحتاج إلى تحديد شيء بل متى أعطاهم ما تيسر ورضوا به كفى, وإن لم يتفق أنهم حددوا شيئاً, والناس في هذا يختلفون, فمن قدم شيئاً مما طابت به نفسه إلى أهل الزوجة ورضوا به ولم يردوه كفى, أما إن حددوه بشيء فهو مخير, إن شاء سلم لهم ما حددوه, وإن شاء ترك الخطوبة منهم والزواج منهم.  
 
4- أخونا قضيته في الواقع أيضاً نهايتها يطلب من سماحة الشيخ إذا أمكن أن تُرسل له بعض الكتب كتفسير ابن كثير، وفتح الباري، وصحيح مسلم، والفتاوى الكبرى، إذا أمكن ذلك شيخ عبد العزيز.
لا مانع من إرسال كتب بعد أن ترسل كتاباً رسالة منك إليّ مصحوبةًَ بمؤهلاتك وبعد هذا ينظر الموضوع. هل مؤهلاته موجودة الآن؟ لم يرفق شيء، لا بد من إرفاق المؤهلات. 
 
5- كونَّا جمعية تعاونية لشراء وابور زراعي، وكان سعر السهم آنذاك جنيه فقط، وعدد الأسهم ألفين جنيه، واشترينا الوابور من البنك الزراعي على أن يُسدد سعره على شكل أقساط، والبنك ربوي طبعاً، والآن الوابور خلص، وعمل رصيد قدره تسعين ألف جنيه، فإذا أرادت الجمعية أن توزع المبلغ، فما حكم هذا المبلغ، وإذا كان حراماً فكيف تفعل فيه، وهل تركه يخلص من الربا؟
الواجب أن يترك الربا, وأن يتوب الجميع إلى الله-سبحانه وتعالى-, وأن يعيدوا الوابور إلى صاحبه؛ لأن البيع غير صحيح بيع بالربا غير صحيح, فعليهم أن يعيدوه إلى صاحبه فإن كان الأمر قد مضى, وتعب الوابور واستعملوه, فعلى الجميع أن يتفقوا على قيمته الحالية ذاك الوقت حين قبضوه من البنك, قيمته التي تدفع في الحال, وليس له الربا, بل يعطونه قيمته في الحال؛ لأنهم استعملوا بابوره, وقبضوه بغير عقد شرعي, فليس له إلا قيمته الشرعية دون الربا ذاك الوقت الذي قبضوه فيه وسعره ذاك الوقت هذا هو الواجب عليهم, وبذلك يكون ما حصل لهم حلال, وعليهم التوبة إلى الله من عملهم, وعليهم الاستغفار, والندم مما فعلوه من الربا, والعزم الصادق أن لا يعودوا إلى ذلك.  
 
6- كثيراً ما أسمع من بعض أصحاب الفضيلة المشايخ الذين يُفتون في برنامج نور على الدرب جملة لا ينبغي، فهل هذه الجملة تعني التحريم أو الكراهية، فأنا مثلاً أعلم أن الفتوى لا تكون إلا بإحدى هذه الكلمات وهي: التحريم، الكراهية، الوجوب، المسنون، المندوب، أو الحل، أو فرض عين، أو فرض كفاية، فمثلا في إحدى الحلقات سُئل أحد المشائخ عن أكل الكبد أو الطحال نيئاً بدون طبخ، ولكنني لم أفهم من كلامه هل هو حرام أم مكروه؛ لأنه تكلم بتلكم العبارة التي أسأل عنها، والآن وجهونا حيال ذلك جزاكم الله خيراً.
كثير من الناس يستعمل لا ينبغي بمعنى يكره, وكلمة لا ينبغي عظيمة في القرآن, كما قال-تعالى-:وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) سورة مريم ، فهي عظيمة وشديدة في اللغة العربية, أما في عرف الناس فقد يستعملها كثير من الناس بمعنى أن الشيء يكره ولا ينبغي فعله, وقد يستعملها آخرون من أهل العلم بمعنى أنه حرام وأنه لا يجوز, فإذا استعملها طالب العلم فينبغي له أن يوضح حتى لا يكون المستمع في شك ينبغي للعالم والمفتي أن يوضح مراده بهذه الكلمة, أو يعبر بعبارة أوضح منها كيحرم, ولا يجوز حتى يكون المستمع على بينة وعلى بصيرة، وأما أكل الكبد ونحوها نيئاً فهذا لا نعلم ما يدل على تحريمه, ليس هناك ما يدل على تحريمه فيما نعلم, وقصاراه أن يقال أنه مكروه إذا كان يخشى منه ضرر, أما إذا كان لا يخشى منه ضرر فلا وجه أيضاً للكراهة, ولكن عادة الناس والمعروف عند الناس أن هذه الأشياء إنما تؤكل بعد الطبخ و بعد الإنضاج, فإذا علم من فريق الطب, فريق وأهل الخبرة أنه لا يضر, وأن أكله نيئاً لا يضر فلا حرج في ذلك, أما إن كان يضر فهو بين التحريم والكراهة, إن كان ضرره خفيفاً كره, وإن كان ضرره كبيراً حرم.  
 
7- نحن ولله الحمد قد هدانا الله إلى طاعته وإلى عدم سماع الأغاني والموسيقى وما إلى ذلك، ولكن سؤالي: هل مشاهدة الأفلام والتمثيليات في الفيديو وما شابه الفيديو تُعتبر محرمة أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً
مشاهدة الفيديو وأشباه الفيديو كالتلفاز إذا كانت فيها الأغاني, وفيها تبرج النساء, وفيها احتضان الرجل للمرأة و المرأة للرجل, أو تقبيل المرأة للرجل ونحو ذلك كل هذا محرم, لا تجوز مشاهدته ولا استماع أصوات الذين في الفيلم والتلفاز مما حرم الله-عز وجل-, لا الغناء ولا غيره مما حرم الله؛ لأن الله-جل وعلا-حرم على عبادة مشاهدة ما حرم عليهم مشاهدته, واستماع ما يحرم استماعه من الأغاني والملاهي, فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة البعد عما حرم الله, فلا تسمع ما حرم الله, ولا تشاهد ماحرم الله, لا في الفيلم, ولا في التلفاز, ولا في غيرهما, والواجب اعتزال الشر وعدم حضوره, هكذا ينبغي للمؤمن, وهكذا يجب عليه, يقول الله-سبحانه-: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ (140) سورة النساء ، فالواجب على المؤمن ألا يحضر مشاهد الشر, ولا أن يستمع أقوال الشر لا الأغاني, ولا الملاهي ولا غيرهما مما حرم الله-عز وجل-, وكذلك لا يشاهد مسلسلات منكرة, أو مشاهدة منكرة من تبرج النساء بين الرجال, من إظهار محاسنهن عند الرجال, من ضم لرجل المرأة, وضم المرأة الرجل, وما أشبه ذلك مما حرم الله-عز وجل-سواء كان هذا في الفيلم أو في التلفاز, الحاصل والخلاصة أن الواجب على الرجل والمرأة البعد عما حرم الله استماعاً ومشاهدة في فيلم وغيره.  
 
8- لقد كنت في صلاتي أثناء الرفع من الركوع أقول: ربنا ولك الحمد، دون أن أقول: سمع الله لمن حمده، ولكنني بعد ذلك سمعت أنه لا يجوز ذلك، بل لابد أن أقول: سمع الله لمن حمده، فهل علي إثم وذنب في صلواتي التي مضت، مع العلم بأنني لم أكن أعلم بأن قول: سمع الله لمن حمده واجب في الصلاة، وإذا كان علي شيء فماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً
نرجوا أن لا يكون عليك شيء لأجل الجهل, وعليك مع ذلك الاستغفار, والتوبة, والندم على ما حصل من التساهل وعدم السؤال؛ لأن الواجب على من جهل شيئاً أن يسأل أهل العلم في صلاة وغيرها, وما مضى صحيح والحمد لله, وعليك في المستقبل أن تقولي سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع, وهكذا الإمام, وهكذا المنفرد من الرجال كل واحد يقول سمع الله لمن حمده, أما المأموم فيقول ربنا ولك الحمد هذا هو الصواب, وليس عليه أن يقول سمع الله لمن حمده, ولا يشرع له ذلك, إنما هذا من شأن الإمام والمنفرد من الرجال والنساء, عند الرفع يقول سمع الله لمن حمده, وعند الاستواء يقول ربنا ولك الحمد, أو اللهم ربنا لك الحمد, وما مضى نسأل الله أن يعفوا عنا وعنك, والصلاة صحيحة إن شاء الله من أجل الجهل, ولكن في المستقبل عليك أن تجتهدي في ذلك, وأن تستمري عليه, وألا تتركي هذه الكلمة سمع الله لمن حمده, إذا كنت منفردة, أما مع الإمام فتقولي ربنا ولك الحمد, إذا صليت مع الإمام تقولي ربنا ولك الحمد, أو اللهم ربنا ولك الحمد.   
 
9- إنه سرق من مستودع كان يقوم بحراسته، وكان عمره تسعة عشرة سنة، والآن استيقظ ضميره وبدأ يفكر في المخرج، علماً بأن المسروق قد بيع، ولا يستطيع البوح به، فكيف يتصرف؟
إن كان يستطيع فعليه رد القيمة قيمة المسروق إلى أهل المستودع بأي طريقة, ولو لم يسمي نفسه يوصله إليهم بأي طريق توصل هذا المال إليهم, فإن لم يستطيع تصدق به عنه بالنية, أعطاه بعض الفقراء, أو ساهم به في مشروع خيري كتعمير المساجد بالنية عن صاحب المال, لكن متى استطاع أن يوصله إلى صاحب المال بأي وسيلة, فالواجب عليه إيصاله مع التوبة إلى الله, والندم, والحرص الكامل على عدم العودة يعزم عزماً صادقاً ألا يعود إلى مثل هذا .  
 
10- أن ابن عمها تقدم لخطبتها والجميع موافقون إلا والدتها لم توافق على ذلك بسبب أحقاد قديمة فيما بين الأسرتين، وترجو من سماحة الشيخ التوجيه لأولياء الأمور في هذا؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب على أولياء المرأة, وعلى أمها, وعلى أقاربها الموافقة إذا خطبها الكفؤ في دينه المستقيم الموافقة على ذلك, لما روي عنه-عليه الصلاة والسلام-أنه قال:(إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، وفي اللفظ الآخر ( وفساد عظيم)؛ ولأن المرأة على خطر إذا جلست من دون زوج وهي أهل للزواج ولا سيما في هذا العصر فإن الخطر أكبر, فالواجب على الأولياء, وعلى أم المرأة, وعلى جدتها, وعلى أخواتها أن يساهموا في ذلك وأن يسهلوا الأمر وألا يشددوا إذا كان الخاطب مرضياً في دينه لا حرج فيه, فإن أبت الأم ولم ترضى فلا مانع أن تتزوج بغير إذنها إذا وافق الأب وكان الزوج مرضياً, وعليها أن تستسمح أمها بما تستطيع ولو بعد الزواج؛ لأن الرسول-صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة في المعروف)، هكذا يقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة في المعروف)، ويقول: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وترك الزواج مع تيسر الزواج ومع وجود الخاطب إما معصية وإما مكروه جداً, والأقرب أنه معصية لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج), وهذه استطاعت ويسر الله لها الزواج ورضي والدها أباها, فالواجب المبادرة, والمسارعة إلى هذا الخير حرصاً على عفة الفرج وغض البصر والله المستعان.   
 
11- أخونا أيضاً رسالته من الرسائل المطولة ملخصها الحديث عن الأسواق التجارية الخاصة بالنساء والتي لا يعمل فيها إلا النساء، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه بخصوصها، فإن استحسنتموها -كما يقول-: شجعوا عليها، جزاكم الله خيراً.
هذه موجودة ولا مانع منها إذا سلمت من الشر لا مانع منها حتى يقصدها النساء ويقضين حاجتهن منها, وعلى الهيئات, وعلى ولاة الأمور أن يراقبوها عما يخشى منهما من الخطر.  
 
12-   أنا شاب في التاسعة عشرة من عمري، أُعاني من مرض قد يكون هذا المرض نفسي، ويأتيني هذا المرض على صورة هواجس وأوهام بالموت، وأُحس بأن الموت سيقع على في الوقت نفسه أو في اللحظة نفسها، ثم أتعوذ من الشيطان وأقول لنفسي: إن الموت لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن تزداد عليَّ الهواجس وتكثر عليَّ هذه الهواجس في الليل حتى أنني أحرم من النوم، ويستمر على هذا المنوال سماحة الشيخ، ويرجو منكم التوجيه والإرشاد جزاكم الله خيراً.
لا شك أن هذا من الشيطان, فالواجب عليك الإكثار من ذكر الله, وقراءة القرآن, والتعوذ بالله من الشيطان مع الإيمان بأن الموت له حد محدود يعلمه الله-سبحانه وتعالى- قد يأتي قبل وقته, فالموت لا فرار منه ولا محيص منه, وله وقت حده الله –سبحانه- لا يعلمه العباد, فعليك أن تستعد للقاء الله, وأن تستقيم على أمر الله, وأن تقوم بما ينبغي من طلب الرزق الحلال الذي أباحه الله, وأن تعرض عن هذا الشيء الذي يضرك, ولكن مع مراعاة أن الموت لا بد منه, وأن يشرع للمؤمن أن يستعد وأن لاينساه, المؤمن محتاج إلى ذلك حتى يستعد, وفي الحديث يقول- صلى الله عليه وسلم- : ( أكثروا من ذكر هاذم اللذات الموت), كون الإنسان يذكر الموت ويكون على باله ينفعه حتى يستعد للقاء الله, حتى يحذر الغفلة, حتى يحذر المعاصي, لكن ليس بهذا الشكل, هذا الشكل الذي يشغله عن طاعة الله, ويشغله عن النوم هذا من الشيطان, فعليك يا أخي أن تستعيذ بالله من الشيطان, وإذا آويت إلى فراشك تقرأ آية الكرسي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (البقرة:255), قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(الإخلاص:1)، والمعوذتين، وتقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاثاً ، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات, كل هذه من أسباب السلامة والعافية من الشيطان من هذه الوساوس, وكان النبي-صلى الله عليه وسلم-إذا اشتكى شيئاً ينفث في يده من النوم, ويقرأ قل هو الله أحد, والمعوذتين ثلاث مرات ينفث في كل مرة ويمسح بهما ما أقبل من جسده، على رأسه, ووجهه, وصدره, فيشرع لك أن تستعمل ذلك عند النوم, تقرأ (قل هو الله أحد), والمعوذتين, ثم تمسح بهما وجهك, وصدرك ثم تعيدها مرة ثانية وثالثة ، كما فعله النبي-عليه الصلاة والسلام-, مع الإكثار من ذكر الله, وقراءة القرآن, والتشاغل عن هذه الوساوس بشيء آخر.    
 
13- إنني والحمد لله أعرف حدود ربي ومتحجبة وأُؤدي الفرائض المكتوبة عليَّ، ولكني لا أغض البصر أحياناً عن الرجال الأجانب، مع أنني أعرف حكم ذلك، ولكن هو ضعف النفس، ولكني أيضاً أملك والحمد لله نفساً لوامة وأشعر بالذنب كثيراً بعد ذلك وأستغفر الله، ولكن أعود لفعل ذلك مرة أخرى فماذا أفعل؟ أفيدونا مأجورين.
عليك أيتها الأخت في الله المجاهدة الله يقول-سبحانه-:وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) سورة العنكبوت) ، والله يقول-سبحانه-: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ (31) سورة النــور)، فعليك أن تجاهدي نفسك بغض البصر, والإعراض عن الرجال حتى لا يقع شيء من الباطل, أما الصدفة التي لا تتعمدينها من نظر فجأة هذا لا يضر لا للرجل ولا للمرأة, لكن يصرف بصره حالاً عندما تنظر فجأة لرجل, أو عندما ينظر الرجل فجأة لمرأة كل منهم يصرف بصره, كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم-لما سأل عن النظر الفجأة قال : (اصرف بصرك), فعليك أن تتقي الله, وأن تحذري هذه الأشياء التي تضرك وهي إدامة النظر إلى الرجل الأجنبي, ولا سيما مع الشهوة, أو ما يقارب ذلك فإن الخطر كبير, فينبغي البعد عن هذا الشيء, والحرص على صرف البصر عن هذا الشيء مع الاستغفار, والتوبة إلى الله-سبحانه وتعالى-, والعزم الصادق ألا تعودي إلى ذلك, والله-سبحانه-يعين من أتقى:وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا(2) سورة الطلاق)،ويقول الله: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) سورة الطلاق) ، وكم من نظرة أعقبت شر عظيم, والنظر سهم من سهام إبليس المسموم سهم خطير, فالواجب على كل من الجنسين غض البصر, والحذر من عاقبته.  
 
14- إن أختي كان عليها من رمضان أيام تقضيها، ولكن توفيت قبل قضائها، فهل علي قضاؤها عنها مع الكفارة عن كل يوم وهو إطعام مسكين، وان كان الجواب بنعم فما هو مقدار إطعام المسكين الواحد، علما بأن الأيام التي عليها قضاؤها من شهر رمضان الذي فات ومضى هذه السنة؟
إذا كان القضاء الذي عليها من رمضان القريب, وهي تستطيع القضاء ولكنها أخرت القضاء, فإنه يشرع لك القضاء عنها, وليس عليك إطعام؛ لأن رمضان قريب, إنما الإطعام إذا تأخر القضاء إلى رمضان آخر, أما إذا كان القضاء لم يتأخر فإن الذي أفطر ليس عليه إطعام, وإنما يقضي سواء كان رجل أو امرأة, كالمرأة التي حاضت ثم تساهلت في القضاء حتى مضت أيام, ثم مرضت وماتت فإنه يقضى عنها وليس فيه إطعام, وهكذا الرجل المريض, أو المسافر لما قدم من سفره وجاءه المرض تساهل ولم يقضي ثم مات فإنه يقضى عنه فقط, يقول النبي- صلى الله عليه وسلم- من: (مات وعليه صيام صام عنه وليه) يعني قريبه، وسئل الرسول- صلى الله عليه وسلم-سألته امرأة قالت: يا رسول الله! إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان أفأقضيه عنها؟ قال: (أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ فاقضي الله فالله أحق بالوفاء)، وسئل في هذا مسائل أخرى فأمر بالقضاء- عليه الصلاة والسلام-، لكن إن كان الصوم قد تأخر إلى رمضان آخر تساهلاً ممن عليه الصوم فإنه يقضى عنه, ويطعم عن كل يوم مسكين, وإطعام المسكين نصف صاع من قوت البلد, من تمر, أو رز, أو شعير, أو حنطة يعني كليو ونصف تقربياً من ماله هو, فإن لم يتيسر من يقضي عنه أطعم عنه كل يوم مسكيناً بدلاً من القضاء.

346 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply