حلقة 534: حكم نزع المرأة للحجاب أمام النساء - حكم لبس الفستان الأبيض والطرحة البيضاء ليلة الزواج - ساعة الإجابة في يوم الجمعة - مستقبل العالم الإسلامي من حيث القوة والضعف - عزو الأحاديث إلى مصادرها الأصلية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

34 / 50 محاضرة

حلقة 534: حكم نزع المرأة للحجاب أمام النساء - حكم لبس الفستان الأبيض والطرحة البيضاء ليلة الزواج - ساعة الإجابة في يوم الجمعة - مستقبل العالم الإسلامي من حيث القوة والضعف - عزو الأحاديث إلى مصادرها الأصلية

1- هل يجوز خلع الحجاب بين صديقاتي أثناء زيارتي لهن، علماً بأن المكان خالٍ من الرجال، وأن رجال البيت على علم بأننا في داخله؟ أرجو التوضيح جزاكم الله خيراً؟.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فلا حرج في خلع المرأة حجابها عند النساء ، خلع الخمار الذي على رأسها أو العباءة التي عليها ونحو ذلك لا بأس في ذلك ؛ لأن المرأة ليس لها ولا عليها أن تتحجب عن المرأة ولو كانت كافرة على الصحيح ، حتى ولو كانت المرأة كافرة كبعض الخادمات لا يجب عن المرأة أن تحتجب عن المرأة سواء كانت على دينها أو ليست على دينها في أصح قولي العلماء من جهة الكافرة ، وبعض أهل العلم يقول: إنها تحتجب عن الكافرة ؛ لأن الله قال: أَوْ نِسَائِهِنَّ [(31) سورة النــور]. والصواب أنه لا يجب الاحتجاب عن الكافرة أو المسلمة ، ولكن لا يجوز استقدام الكافرات لهذه البلاد السعودية ؛ لأنها جزيرة ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بإخراج الكفار من الجزيرة. فالحاصل أنه لا حرج في خلع المرأة حجابها عند النساء إذا كان المكان ليس فيه أجنبي ، وليس فيه من تظن أنهم ينظرون إليها ، ويتحيلون في النظر إليها ، إذا كان المكان مأمونا فلا بأس. 
 
2- هل يجوز لبس الفستان الأبيض والطرحة البيضاء ليلة الزواج؟ علماً بأن أهل البلد يرتدون هذا النوع من الملابس، ويرتدون أنواعاً أخرى؟
إذا كان ليس على صفة لباس الرجال فلا بأس؛ لأن الألوان كلها مباحة للجميع أخضر وأحمر وأبيض وأسود مباح للجميع للرجال والنساء ، لكن ليس للرجل أن يتشبه بالمرأة ولا للمرأة أن تتشبه بالرجل لا في اللباس ولا في غيره، فإذا كان الملبس الأبيض الذي تلبسه بعض النساء في الزواج لا يشابه لباس الرجل بوجه من الوجوه ، ولا يحصل تشبه فلا حرج ، لكن ترك ذلك إلى اللباس المعتاد للنساء أولى وأفضل وأحوط ، وأبعد عن الشبهة ، فإن الغالب على الرجال لبس الأبيض ، فإذا ترك ذلك من النساء كان ذلك أحسن وأكمل وأبعد عن التشبه ، ثم هذا الذي يفعله الناس لابد أن يكون بين النساء ، أما ما يفعله بعض الناس من التشريعة التي يفعلونها في ليلة ....... ، ليلة الزفاف، ويدخل الرجل على النساء كاشفات هذا لا يجوز ، هذا منكر ، بل إذا كان ولابد يجعلونها في غرفة خاصة ويدخل على زوجها في الغرفة الخاصة، أما أن تجعل فوق السرير أو فوق محل مرتفع ويدخل عليها الرجل بين النساء وهن كاشفات ، أو يدخل عليها وهي تقبله عند الناس هذا كله من قلة الحياء ولا يجوز، بل يجب الحذر من ذلك.  
 
3- متى تكون ساعة الإجابة من يوم الجمعة، هل بين أذان الظهر الأول والثاني، أم من صلاة العصر إلى أن يحين وقت أذان المغرب؟
الجمعة كل ساعاتها مظنة الإجابة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنها فيها ساعة لا يرد فيها سائل، وهي ساعات قليلة ، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الإكثار من الدعاء يوم الجمعة من أوله إلى آخره ، لكن أحرى الساعات وقتان أحراها بالإجابة وقتان : أحدهما حين يجلس الإمام يوم الجمعة في الخطبة على المنبر إلى أن تقضى الصلاة ، جاء فيها حديث رواه مسلم في الصحيح : أنها مابين يجلس الإمام أن تقضى الصلاة . وقد أعله بعضهم بالوقف على أبي بردة ، والصواب أنه متصل مرفوع . رواه مسلم في الصحيح. والوقت الثاني: مابين صلاة العصر إلى غروب الشمس ، جاء فيها أحاديث أيضاً ، هذان الوقتان هما أرجى الساعات وأحراها بساعات الإجابة، ولكن مع ذلك يستحب الدعاء في في جيمع أوقات الجمعة حرصاً على هذا الساعة.  
 
4- ما هو مستقبل العالم الإسلامي من حيث القوة والضعف حسبما نظرت السنة الشريفة، وكذلك مستقبل أعداء الإسلام في هذه الحياة الدنيا؟
هذا - يا أخي - من علم الغيب، هذا أمر إلى الله - عز وجل – وهو من علم الغيب لا يعلم مستقبل الناس إلا الله – سبحانه وتعالى -، لكن مقتضى الأدلة الشرعية أن الغربة تزداد، ما يأتي عام إلا والذي بعده شرٌ منه؛ كما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ). لكن قد تقع فجوات في الدهر ينتصر فيها الإسلام على غيره، ويظهر فيها الإسلام في بعض الأوقات، وفي بعض الجوانب من الدنيا، كما جرى في عهد عمر بن عبد العزيز، كان عهده أحسن من عهد الأمير الذي قبله بسبب ما قام به من الدعوة إلى الله وإلزام الناس بالحق، وكما جرى في نجد في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من ظهور الإسلام، والقضاء على أسباب الكفر، واجتماع المسلمين على الجهاد في سبيل الله، وعلى إخلاص العبادة لله وحده، وهدم القبور المعبودة من دون الله، والقضاء على الأوثان، فكانت الحال في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وما بعده أحسن من الحالة في قرون كثيرة مضت، ظهر في الشرك، وظهر فيها الفجور والمعاصي. الحاصل أن الأصل أن الإسلام تشتد غربته عام بعد عام، وقرن بعد قرن، لكن في الجملة، هذا في الجملة كما قال جماعة من أهل العلم، وقد يأتي الله بزمان ينفس الله فيه عن المسلمين فيحصل فيه خير كبير وتكون الحالة فيه أحسن من الزمان الذي قبله رحمة من الله - جل وعلا -، وقد يكون ذلك في جانب دون ذلك، وفي إقليم دون إقليم كما جرى في وقت الشيخ محمد عبد الوهاب، وفي بلدان أخرى خرج فيها مصلحون فصارت الحالة في بلادهم أحسن من الحالة التي قبلها وقتا ما، والله - جل وعلا - أخبرنا أن هذا الإسلام ينتهي في آخر الزمان، وأن هناك ريحاً تخرج يرسلها الله - عز وجل - يقبض بها أرواح المؤمنين والمؤمنات، ثم يبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة. ففي آخر الزمان يقبض القرآن، يرفع القرآن، ويقبض المؤمنون والمؤمنات، ويبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة. لكن في هذا العصر، في أول هذا القرن، وفي آخر القرن السابق حصل بحمد الله يقضة للمسلمين، وحركة مباركة للمسلمين صار فيها المسلمون الآن أحسن من حالهم قبلها في أوقات، بسبب الحركة الإسلامية من الشباب وغيرهم، وسبب كثرة الدعاة إلى الله والجمعيات الإسلامية، والمراكز الإسلامية في شتى بقاع الأرض، وقد انتشر الدعاة من هنا وهنا، من الجامعة الإسلامية، ومن هذه الرئاسة، الرئاسة العامة للبحوث العلمية للإفتاء والدعوة والأرشاد، ومن الرابطة، ومن جهات أخرى. فالحاصل أن هذا الوقت الآن يبشر بخير من حركة أسلامية قوية وتكاتف ودعوة إلى الله ونشاط، فنرجو أن يكون المستقبل القريب أحسن من ما مضى بكثير. أما ما بعد ذلك فالله أعلم - جل وعلا - والأدلة معروفة في هذا الباب. وأما مستقبل الكفرة فكذلك، كلما نشط الإسلام ضعف جانب الكفر، وكلما ضعف الإسلام نشط جانب الكفر، وأما تفصيل الأشياء، وعلم نهاياتها، فهذا إلى الله - سبحانه وتعالى -، لكن الواجب على المسلمين أن يجتهدوا في نصر دين الله، والدعوة إلى الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يحرصوا على جهاد الأعداء، ونشر تعاليم الإسلام حتى يظهر دينهم، وحتى يبقى دينهم، وحتى يستعيدوا بعض ما سلبه الأعداء منهم، هذا واجب المسلمين، وهذا واجب على الدول الإسلامية أن تتقي الله، وأن تحكم شريعته سبحانه، وأن تجتهد في إصلاح أوضاع بلادها، وإقامة حكم الله في بلادها وفي شعبها، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، وقد سرنا ما سمعنا عن حكومة بنجلاديش من إعلانهم تحكيم الشريعة، واجتماعهم على هذا الأمر، وهذا يبشر بخير كثير، ونرجو أن يوفقهم الله لهذا الأمر، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة، وأن يوفق الباقين لهذا الأمر، وأن يقتدوا بغيرهم ممن سعى وبادر إلى تحكيم الشريعة، وهكذا حكومة الباكستان عندها عزم كبير على تحكيم الشريعة، فنسأل الله أن يعينها على ذلك، وهكذا نرجو لبقية الدول الإسلامية كحكومة مصر، وحكومة الأردن، وغيرهما، نسأل الله لهم العون والتوفيق حتى يحكموا شريعة الله، وحتى يدعو النظم المخالفة لشرع الله، هذا هو الواجب عليهم، وبذلك ينصرهم الله ويعينهم ويحسن لهم العاقبة، ويجمع شملهم على الخير، والله المسؤول - سبحانه - أن يوفق المسلمين حكاماً ومحكومين، وقادة وشعوباً لكل مافيه رضاه، وصلاح عباده، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة، والتمسك بها، وترك ما يخالفها، إنه - سبحانه وتعالى - سميع قريب. شيخ عبدالعزيز الناس بين متفائل ومتشائم تجاه ما وسموه بالصحوة الإسلامية، لعل لسماحتكم من كلمة في هذا المقام جزاكم الله خيرا؟ الواجب التفاؤل، وحسن الظن بالله، هذا هو الواجب، يقول الله - عز وجل - فيما صح عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - يقول سبحانه: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني). وفي صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: (لا يموتنَّ أحدٌ منكم إلا وهو يحسن ظنه بالله). فالواجب حسن الظن بالله، مع السعي الجاد، ومع العمل في نصر دين الله وإقامة شرع الله، وأن يحاسب كل واحد نفسه في آداء حق الله وترك معاصي الله، والوقوف عند حدود الله، وأن يعين حكومته في كل خير، يكون أميناً في وظيفته، يؤدي الأمانة، وينصحون الأمة، ويحافظوا على الحق، ويسارعوا إلى الصلاة، ويؤديها في وقتها مع الجماعة، وهكذا جميع أمور الإسلام، كل واحد مسؤول حتى يساعد الأمة في رجوعها إلى دين الله، وإقامتها لشريعة الله، وحتى يعين الدولة على ذلك، ويجب أيضاً على كل أسرة، وعلى كل جماعة أن تتعاون في هذا، في ترك ما حرم الله، وفي أداء ما أوجب الله، وفي التمكين بذلك والتعاون على ذلك، هذا هو واجب المسلمين، والله - سبحانه - يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [(2) سورة المائدة]. ويقول سبحانه: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر]. هؤلاء هم الرابحون، الذين آمنوا بالله ورسوله أيماناً صادقاً، فعبدوه وحده، وأخلصوا له العبادة، وحكموا شريعته، وعملوا بما أوجب عليهم، وتركوا ما حرم الله عليهم، وتواصوا بذلك، وتناصحوا في ذلك، وتواصوا بالصبر على ذلك، هؤلاء هم الرابحون، هؤلاء هم السعداء في الدنيا والآخرة، وهذا هو الواجب على جميع المؤمنين وعلى جيمع المؤمنات أن يتواصو بالحق، وأن يتناصحوا، وأن يتعاونوا بالبر والتقوى، وأن يصبروا على ذلك حتى الموت؛ كما قال الله - سبحانه - لنبيه عليه الصلاة والسلام: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [(99) سورة الحجر]. ويقول سبحانه للمؤمنين جميعاً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ [سورة آل عمران (102)(103)]. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله يرضى لكم ثلاثاً أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) رواه مسلم في الصحيح. زاد في رواية أخرى: (وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم). فالمؤمنون واجب عليهم التناصح والتعاون. وهكذا النساء المؤمنات يجب عليهن التناصح والتعاون فيما بينهن، ومع الرجال ومع أهلهن، فالواجب مشترك، يقول الله – سبحانه -: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [(71) سورة التوبة]. ويقول سبحانه: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ [(110) سورة آل عمران]. فالواجب على الجميع في كل مكان وفي كل زمان التعاون مع الخير، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً، عرباً وعجماً، هذا واجب على الجيمع أن يتعاونوا على البر والتقوى أينما كانوا، وأن يتواصوا بالحق كتابة ومشافهة، وبكل طريق، رزق الله الجميع للتوفيق والهداية. إذاً هذا هو الطريق الصحيح الذي يراه الشيخ عبد العزيز بن باز للصحوة الإسلامية؟ هذا هو الطريق الصحيح، وهذا الذي يراه المسلمون، يراه أهل الحق، وأهل العلم أن الواجب تغذية هذه الصحوة واليقظة، والإعانة لمن قام بها، والشكر له على ذلك، والتوجيه والدعم حتى يكثر الخير، ويقل الشر.  
 
5- يذكر الشيخ الألباني في بعض كتبه الأحاديث النبوية ويقول: صحيحة، ويعزوها إلى سلسلته الصحيحية، وأحياناً يقول: الحديث ضعيف، ويسنده إلى سلسلته الضعيفة، ولا يعزو الأحاديث إلى مصادرها الأصلية كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن والمسانيد والمعاجم، فهل يتمشى هذا مع الأمانة العلمية في إغفال ذكر سلف هذه الأمة من المحدثين الذين كانو سبباً في إيصال الحديث إلينا، وكذلك إغفال أقوالهم في الحديث، أرجو أن توجهونا حيال هذا؟ جزاكم الله خيراً؟
الشيخ محمد ناصر الألباني من خواص إخواننا المعروفين بالاستقامة ، وحسن العقيدة ، والسيرة والنشاط في جمع الحديث ، وبيان صحيحه من سقيمة ، وهو مشكور ومعروف لدينا ، وله في هذا جهود مباركة ، وأعمال جليلة ، نسأل الله لنا وله المزيد من التوفيق مع صلاح النية والعمل ، ولكنه مثل غيره من أهل العلم ليس معصوماً قد يقع له بعض الأخطاء ، بعض الغلط في التصحيح والتضعيف ، وفي الآراء ، ولكنه يشكر على اجتهاده ، وعلى قصده الخير ، وإذا أخطأ فلا مانع من التنبيه من أهل العلم أن ينبهوه وأن يكتبوا إليه حتى يحصل التعاون على البر والتقوى ؛ عملاً بقوله - سبحانه وتعالى- : وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى. هكذا شأن العلماء في قديم الدهر وحديثة ، يتعاونون وينصحوا بعضهم بعضاً ، ولا يسب بعضهم بعضاً ، ولا يحتقره ولا يعيبه ولا يغتابه ، ولكن ينصح له ويعينه على الخير ، وينبهه إذا أخطأ. والشيخ الألباني ليس ممن يترك العزو، بل هو يعزو في الأحاديث إلى مصادرها ، وإنه يختصر في بعض الأحيان في بعض الكتب ، فيعزوها إلى الصحيحة أو إلى الضعيفة، وأنت في إمكانك ترجع إلى الصحيحة وتجد فيها العزو إلى البخاري إلى مسلم إلى أبي داود إلى النسائي إلى الترمذي إلى غيرهم ، وتجد الكلام في الرجال والأسانيد بالتصحيح والتضعيف ، ونقل كلام العلماء في هذا ذلك ، ليس كما ذكره السائل ، بل الشيخ الألباني قرأنا كتبه ، وأطلعنا على طريقته ، هو يعزو الأحاديث إلى مصادرها ، وينبه على ما فيها حسب اجتهاده ، لكن إذا اختصر في بعض الأحيان ، وقال: ذكرته في الصحيحة ، أو ذكرته في الضعيفة ، أو ذكرته في صحيح جامع ، أو في صحيح كذا ، أو في ضعيف كذا ، معناه أنه يرشدك إلى أن ترجع إلى ذلك حتى تجد مطلوبك من البحث والكلام على السند ، هكذا عمله، وهكذا طريقته، فالواجب عليك - أيها السائل - أن تتقي الله ، وأن تنصف أخاك ، وفق الله الجميع. إذاً يرى سماحة الشيخ عبد العزيز أن الشيخ الألباني فيما إذا أرشد إلى خطأ وقع في كتبه أنه سيصحح؟ إذا ظهر له الصحة، إذا ظهر له ذلك ، إذا ظهر له أن الذي أرشده أصاب وهو أخطأ صحح.  
 
6- حكم بيع التورق؟
التورق معاملة معروفة عند أهل العلم ، فيها خلاف بين أهل العلم ، والصواب أنه لا بأس بها ، فالمعاملة التي يسمونها التورق ، ويسميها العامة الوعدة، هي أن يبيع الإنسان سلعة على إنسان محتاج إلى أجل معلوم وهذا المشتري يبيعها بعد ما يقبضها يبيعها بنقد ويقضي بها حاجته من زواج أو قضاء دين أو بناء سكن أو غير ذلك ، فيأتي زيد وهو محتاج إلى عمرو وهو من التجار ، ويقول له : أريد سيارة أو أريد أكياس من رز أو من السكر أو كذا تبيعني إياها إلى أجل معلوم؟ فيقول : نعم ، فيتفقان على ثمن معلوم ، وعلى أقساط معلومة ، فيتم البيع على ذلك ، وهذا المشتري بعد ما يقبضها ويحوزها إليه يتصرف فيها كما يشاء ، يبيعها بثمن معجل حتى يقضي حاجته من زواج أو قضاء دين أو غير ذلك ، ولكن يقع في هذا أخطاء لهؤلاء ولهؤلاء، ينبغي التنبيه عليها ، بل يجب التنبيه عليها ، وقد نبهنا عليها كثيراً في هذا البرنامج وفي غيره ، وهي أن البائع قد يبيع ما ليس عنده ، تاجر قد يبيع سيارة ما هي بعند ، عند التجار، أو عند الشركات ، قد يبيع أكياس من الرز ما بعنده ، وبعد البيع يذهب يشتريها هذا لا يجوز ، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تبيع ما ليس عندك). وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. وجاءه حكيم بن حزام - رضي الله عنه - فقال : يا رسول الله الرجل يأتيني يريد السلعة فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها ؟، قال: (لا تبيع ما ليس عندك): فالحاصل أن البائع قد يخطى ، والمشتري قد يخطى ، فالبائع قد يبيع ما ليس عنده ثم يذهب يشتري ، وهذا لا يجوز ، بل لا يبيع سيارة ولا أكياس ولا خام ولا كذا إلا إذا كان عنده في حوزته ، في ملكه ، في بيته ، في دكانه. والمشتري المحتاج ليس له أن يبيع أيضاً حتى يقبضه ، لا يبيع هذا الذي باع عليه، ولا يبيع وهي عنده ، بل يقبضها وينقلها إلى بيته ، أو إلى السوق إو إلى بيت فلان أو دكان فلان ، يعني ينقلها من بيت البائع ، من محل البائع ، ثم يتصرف بعد ذلك ، هكذا يجب على هذا وهذا ، فإذا باع أحدهم قبل أن يقبض هذا هو الذي لا يجوز ، وهو الذي يخل به كثير من الناس ، وتأتيه المشكلة من هذا الجانب، والله ولي التوفيق. إذا كان هناك اتفاق بين هذا البائع وبين المتورق أو الذي ..... إلى نقود بثلاثة عشر أو بخمسة عشر أو ما أشبه ذلك هل ترون جواز هذا؟ لا يضر ، الاتفاق غير مطلق، لا يتم البيع إلا بعد ذلك إلا بعد القبض والحوز ، لو جاء قال أنا أريد أشتري منك السلعة بعشرة بثلاث عشر أو بخمسة عشر واتفقا على ذلك هذا ما يتم فيه البيع هذا، وعد ، وتمهيد، لكن البيع الذي يتم بعدما يحوزها التاجر وتكون عنده في بيته السلعة ثم يبيعها عليه بعد ذلك ، يبيعها على الضارب بثمن معين ، وأقساط معلومة ، وأجل معلوم بعشرة بخمسة عشر أو أقل أو أكثر ليس له حد محدود ، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في بعض تجهيز السرايا اشترى البعير ببعيرين إلى أجل معلوم. الحاصل أنه لا بأس أن يشتري منه إلى أجل معلوم بعدما يأخذ التاجر المال ، أما كونه يخاطبه قبل ذلك ، ويتفق معه على أن يشتري منه كذا وكذا ، لا بأس ، لكن لا يتم بيع لا هذا ولا هذا، لا لهذا ولا لهذا ، كل واحد له رأي أن يرجع، له أن يهون ، يعني عما عزم عليه ، حتى يتم البيع بعد شراء التاجر للسلعة ، أو بعد إحضارها في ملكه ، وبعد حوزتها وبعد ذلك يبيعها على الضارب ، فإذا تم البيع بعد ذلك لزم، بعد التفرق. إذاً الذي تحذرون منه الذي يشكو منه الناس ما هو سماحة الشيخ؟ بعض الناس يشكو من جهة زيادة الثمن ، وأن التاجر يبيع عليه بثمن رفيع ، بعض الناس يشكوا أن يبيع قبل أن يملك قبل أن يقبض ، فالذي يشتكى منه هو أن يبيع قبل أن يملك السلعة، أو المشتري يبيع قبل أن يقبضها ، فالتاجر ليس البيع حتى تكون عنده السلعة ، والمشتري من التاجر ليس له أن يبيع حتى يقبضها من التاجر أيضاً، أما الحد المحدود في الربح فليس له حد محدود ، والناس يختلفون ، منهم من يكون مليء ويسدد بدون تعب ولا أذى هذا التاجر يخفف عليه الزيادة والربح ، ولا يكثر عليه ، ومنهم من يخشى أنه يطول، أو لأجل بعيد ، وأنه ربما يماطل ، هذا هو الذي قد يزيدون عليه في الثمن بسبب طول الأجل، أو بسبب خوفهم التأخير.  
 
7- إنني ارغب في خطبة إحدى قريباتي، ولكن اكتشفت بأنني رضعت من والدتها، بل الأصح إخوتي الكبار، وإخوة الفتاة كل من الآخر رضع من والدة الآخر، لهذا أرجو إفادتي عن هذه المسألة، وللعلم فإن الفتاة لم ترضع من والدتي؛ لإنها هي الأصغر، أرجو أن يكون خطابي هذا محل اهتمامكم، وأرجو أن يكون الرد في برنامجكم؟ جزاكم الله خيراً؟
إذا كنت لم ترضع من أمها ولم ترضع هي من أمك فلا بأس وإن رضع أخوتك من أمها أو رضع إخوتها من أمك. المهم أنت ، إذا كنت لم ترضع أنت من أمها رضاعة محرمة خمس رضعات فأكثر في الحولين ، ولم ترضع هي من أمك ولا من أختك ولا من زوحة أبيك ، ليس بينكما رضاعة ، فلا بأس أن تتزوجها وإن كانت أختاً لإخوانك الذين رضعوا من أمها. المهم أنك لم ترضع من أمها ، وهي لم ترضع من أمك ،ليس بينكما رضاعة ، ولم ترضع من أختها حتى تكون خالاً لها ، ولا من زوجة أبيك حتى تكون أخ لها من الأب ، ليس بينكما رضاعة ، أما رضاع إخوتك أو أخواتها فلا يضر، لا يضرك.  
 
8- بعض الناس يقولون إن من يتحرك ثلاث حركات في الصلاة بطلت صلاته، هل هذا صحيح؟
ليس بصحيح على قول بعض أهل العلم لكن ليس بصحيح وإنما الذي يبطل الصلاة الحركة الكثيرة المتوالية كرهاً إذا كثرت الحركة وتوالت فهذا يبطل عند أهل العلم كأن يعبث في ثيابه أو شعره عبثاً كثيراً متوالياً أو بأخذ شيء وطرحه شيء متوالي كثير ليس له حد محدود بل يعتبر كثيراً في العرف هذا هو الذي يبطل الصلاة الواجب على المؤمن أن يطمأن في صلاته والمؤمنة كذلك وأن يجتهد في ترك العبث والحركة إلا الشيء اليسير فيعفى عنه فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة بنته فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في صلاة الكسوف لما عرضت عليه الجنة تقدم خطوات ولما عرضت عليه النار تأخر خطوات، وثبت عنه أنه فتح الباب لعائشة هذا وأمثاله لا يضر الشيء القليل يعتبر قليلاً لا يضر في الصلاة ولكن الشيء الكثير الذي يلهي وهكذا القليل الذي لم يكن له حاجة يحرص المؤمن على السهول والهدوء في الصلاة وهكذا المؤمنة حتى يكملها هذا هو المشروع للمؤمن والمؤمنة الجميع.

359 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply