حلقة 550: حكم نكاح الشغار - حرمة التعدي على المقابر ووجوب صيانتها - تقتل الجماعة بالواحد - لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق - العذر بالجهل - حكم الصلاة خلف القبورين - الشهادتان تعصم الدم والمال - لعب الأطفال المجسمة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

50 / 50 محاضرة

حلقة 550: حكم نكاح الشغار - حرمة التعدي على المقابر ووجوب صيانتها - تقتل الجماعة بالواحد - لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق - العذر بالجهل - حكم الصلاة خلف القبورين - الشهادتان تعصم الدم والمال - لعب الأطفال المجسمة

1-   لقد ظهرت في بلادنا ظاهرة غريبة: حيث أن بعض الناس إذا أراد الزواج وعنده أخت أو بنت يتبادل مع شخص آخر بأن يزوج كل منهم الآخر بموليته، وكل منهم يقوم بتزويد تلك المولية بما تستحق وبما هي أهله في الزواج، ويسأل عن الحكم؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فهذا النكاح الذي سأل عنه الأخ يسمى نكاح الشغار، ويسميه بعض الناس نكاح البدل، وهو نكاح لا يجوز؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك، ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة من حديث ابن عمر ومن حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث معاوية: النهي عن الشغار، وقال: (الشغار، أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي)، فهذا هو الشغار، وهو اشتراط نكاح امرأة بنكاح امرأة، سواء كانت المرأة أخته أو بنته، أو بنت أخيه، المقصود أنها موليته، فهذا لا يجوز، والواجب النهي عن ذلك والتحذير منه، ولو سنوا مهراً، ولو تراضوا على ذلك لا يجوز، لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، والله يقول جل وعلا: ..وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا.. (7) سورة الحشر، ويقول جل وعلا: ..فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) سورة النــور، وثبت عن معاوية رضي الله عنه أنه بلغه أن بعض المقيمين في المدينة تزوَّج امرأة على أن يزوج صاحبه امرأة عنده وسموا مهراً، فكتب معاوية إلى أمير المدينة أن يفرق بينهما، وقال: "هذا هو الشغار الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام"، ولم يلتفت إلى ما سموا من المهر. فالحاصل أن هذا النكاح لا يجوز، سواء كان فيه مهر أم لم يكن فيه مهر، وسواء تراضى الجميع أولم يتراضوا، كله ممنوع؛ لنهي النبي عن ذلك عليه الصلاة والسلام؛ ولأنه وسيلة إلى جبر النساء وإلزامهن بما لا يرضين به، وهذا واقع كثيراً، ولأنه أيضاً وسيلة إلى تحجر النساء، ولا يبادر إلى تزويجهن بالأكفاء، ينتظر أن يأتي واحد يبادله، فيحبس المرأة عنده، بنته أو أخته حتى يجد من يبادله، وفيه ظلم للنساء وتعطيل لهن، والله جل وعلا حكيم عليم، ولحكمته العظيمة نهى عن هذا النكاح لما يترتب عليه من أنواع الفساد.   
 
2-   لقد شُقت طرق إلى بلادنا في أعالي الجبال، ومن عادة أجدادنا أنهم جعلوا المقابر إلى جوار القرى، واليوم جعل بعض الناس هذه المقابر مواقف للسيارات، ودُكت القبور بالجرارات، حتى لم يبق شيء يدل على أن هذه مقبرة، وجهونا ووجهوا الناس. جزاكم الله خيراً.
الواجب احترام قبور المسلمين، ولا يجوز دهسها بالسيارات ولا امتهانها بالمرور عليها أو وضع القمامات عليها ونحو ذلك، الواجب أن يمنع هؤلاء، وعلى الدولة وعلى المسؤولين أن يلاحظوا ذلك، وأن يمنعوا الناس من الاستهانة بالموتى وإيذاء الموتى، وفي الإمكان أن تسور المقبرة بسور يمنع من هذا، فالواجب على من يقع عنده شيء من ذلك أن يرفع الأمر إلى المسؤولين في البلد، كالأمين والحاكم والقاضي حتى يقوم بما يلزم، إن شاء الله، وعليك أيها السائل وعلى إخوانك أيضاً أن يرفعوا الأمر إذا وجدوا شيئاً في بعض المقابر أن يرفعوا الأمر إلى من في البلد من المسؤولين حتى يمنعوا من هذا الشيء الذي يضر الموتى ويمتهنهم ويؤذيهم. نسأل الله للجميع الهداية
 
3-  ما حكم الجماعة الذين يقتلون الواحد، هل يُقتلون به، أم تُؤخذ منهم الدية، مع الدليل؟
الصواب أن الجماعة تقتل بالواحد، إذا اجتمعوا على قتل واحد وتعاونوا على قتله فالصواب أنهم يقتلون بذلك؛ لأنهم مجرمون ظالمون، وقد فعل ذلك عمر رضي الله عنه فقتل جماعة بواحد رضي الله عنه، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، ولا يسع أهل الإسلام والمسؤولين في الدول الإسلامية إلا هذا؛ لأن في ذلك منعاً للجريمة التي قد يتواطأ عليها الجماعة إذا علموا أنهم لا يقتلون قد يتواطأ الاثنان والثلاثة على ما يريدون، فالواجب الحكم بالقصاص على الجماعة في قتل الواحد إذا توافرت الشروط، وثبت ما يوجب ذلك عند الحاكم الشرعي.   
 
4-   أبُ له دكان ويبيع السجائر، وابنه يمتنع من بيعها لأنه يعتقد تحريمها، وحينئذٍ الأب يدعو على ابنه ويمنعه من طلب العلم، فهل يُقبل دعاء الأب في هذه الحالة؟ وهل يجوز معصية الأب لطلب العلم؟ علماً أنه مستغنٍ عن ابنه هذا بغيره من الأولاد يعملون معه؟ أفتونا مأجورين، بارك الله فيكم.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إنما الطاعة بالمعروف)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فإذا أمر الوالد الولد بشيء منكر لم يلزم الولد السمع والطاعة في ذلك، وعليه أن يعالج الموضوع بالحكمة والكلام الطيب مع الوالد، ويبين له أن الشيء هذا لا يجوز، لما فيه من المضرة العظيمة والشر الكثير، ويرجو منه المسامحة في عدم مساعدته ......! أو غير هذا مما حرم الله عز وجل، ولكن .......! لقوله -تعالى-: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا.. (15) سورة لقمان، فأمر بمصاحبتها في الدنيا معروفاً مع كونهما يأمران بالشرك، فدل ذلك على أن حقهما عظيم، وأن الواجب على الولد الرعاية بهذا الحق بكل ما يستطيع، من دون أن يطيع والديه في المعصية
 
5-   يسأل أخوان عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ((وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا))[الجن:16].
الآية على ظاهرها، هذا وعد من الله عز وجل أن الناس لو استقاموا على الطريقة التي رسم الله لهم من اتباع الشرع وطاعة الأوامر وترك النواهي لأسقاهم الله الغيث الكثير الذي ينفعهم في بيوتهم وفي آبارهم وفي سائر شؤونهم، ولكن بسبب التفريط والإضاعة والتساهل قد يؤخذ الناس بأنواع العقوبات التي منها الجدب والقحط ومنع الغيث، كما قال جل وعلا: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30) سورة الشورى، وقال جل وعلا: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ.. (130) سورة الأعراف، فالحاصل أن القوم قد يُعاقَبون بالجدب والقحط لمعاصيهم، وقد ينـزل الله عليهم الغيث، ويمنحهم من فضله أنواع الخيرات بسبب طاعاتهم واستقامتهم على أمر الله، وقد يبتلي بعض عباده بالسراء على معاصيهم لعلهم يرجعون لعلهم ينتبهون، كما قال تعالى: ..سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ*وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (182-183) سورة الأعراف، فالواجب الحذر، وألا يغتر الإنسان بإملاء الله وإمهاله له على ما هو عليه من المعاصي مع وجود النعم العظيمة والخير الكثير، وقد يكون استدراج. المقدم: إذن الطريقة ليست هي إحدى الطرق الصوفية كما يزعم بعض الصوفية؟ الشيخ: لا، لا، لا، هي الطريقة الإسلامية المشروعة.  
 
6- ما موقف السلف -رحمهم الله- كالإمام ابن تيمية وابن عبد الوهاب من قضية العذر بالجهل، وهل هي واردة، وهل تطرق إليها السلف، أم أنها باطلة لا أصل لها في قضية التوحيد؟
الجهل في الجملة قد يكون عذراً، وقد لا يكون عذراً، فإذا كان الشخص المكلف بعيداً عن الإسلام وعن أهل العلم كالذي ينشأ في بلاد بعيدة عن المسلمين ولم تبلغه الرسالة ولا القرآن ولا السنة هذا يكون معذوراً بالجهل، فله حكم أهل الفترات يوم القيامة، يمتحنون فإن أجاب دخل الجنة وإن عصا دخل النار، وقد يكون معذوراً أيضاً في الأشياء الخفيفة والفروع التي قد تخفى على مثله، كما علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الجبة لما أحرم في جبة وتضمخ بالطيب، وقد أحرم بالعمرة! قال له عليه الصلاة والسلام: (انزع عنك الجبة، واغسل عنك الخَلوق، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك)، ولم يأمره بفدية عن لبسه الجبة، ولا عن تضمخه بالطيب؛ للجهل. فالحاصل أن الجهل عذر في الأمور التي يخفى مثلها في المسائل الفرعية أو في حق من كان بعيداً عن المسلمين وعن سماع القرآن والسنة، كأن يكون في البلاد التي تبعد عن المسلمين في أطراف الدنيا، ومثل أهل الفترة الذين ما بلغتهم الرسالات، هؤلاء يعذرون بالجهل، والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أجاب الأمر دخل الجنة، ومن عصا دخل النار، أما مَن بين المسلمين يسمع القرآن والسنة هذا غير معذور لا في العقيدة ولا في غيرها، قال الله جل وعلا: ..وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ.. (19) سورة الأنعام، فالله جعل القرآن نذيراً، ومحمد جعله نذيراً، فالقرآن نذير، ومحمد نذير، فالذي يبلغه القرآن والسنة ويعيش بين المسلمين هذا غير معذور، عليه أن يسأل وعليه أن يتفقه في الدين، وعليه أن يتعلم. والله المستعان.  
 
7-   هل الصلاة صحيحة خلف من يقول بُعذر عُبَّاد القبور؟ فإنني وكثيرُ من إخواني لا نصلي خلفهم لعدم تكفيرهم القبوريين، وإذا صليت خلفهم ارتبت في صلاتي وصليتها من جديد!
لا يصلى خلف القبوريين الذين ...... لا يصلى خلفهم؛ لأن الصلاة لا تصح خلف المشرك، فالذي يعبد القبور لا يصلى خلفه، كعباد الحسين وعباد البدوي وأشباههم وعباد الشيخ عبد القادر الجيلاني وعباد الأصنام، وغير هذا كل من كان يعبد غير الله يدعوه ويستغيث به ويطوف بقبره ويسأله الحاجة ويصلي له أو يذبح له وما أشبه ذلك، فهذا لا يصلى خلفهم، لأن ظاهرهم الكفر، فلا يصلى خلفهم، وهكذا من يدعو إلى ذلك ويجيز ذلك ويحببه لا يصلى خلفه. المقدم: إذن هؤلاء القبوريون لا يصلى خلفهم ومن صلى خلفهم فعليه أن يعيد صلاته؟ الشيخ: نعم عليه أن يعيد صلاته. المقدم: إذن فعل أخينا صحيح، والحالة هذه؟ الشيخ: إذا صلى خلف القبوري يعيد صلاته، نعم.  
 
8-   هل مجرد التلفُّظ بالشهادتين يعصم الإنسان ويعصم دمه وماله، وإذا انتفى عنه العلم بمدلول لا إله إلا الله وهو يرددها ليل نهار، هل تكفيه وهل تدخله الجنة وتنجيه من النار؟
لفظ لا إله إلا الله، ولفظ شهادة أن محمداً رسول الله، هاتان الشهادتان هما أصل الدين، هما أساس الملة، ومن أتى بهما وهو لا يقولهما قبل ذلك عصم دمه وماله وحكم بإسلامه، ثم ينظر ويعلم ويفقه فإن قبل الحق واستقام عرف صدقه، وإن أبى واستمر على كفره وشركه وعبادته الأصنام والأشجار والأحجار، وأصحاب القبور، أو استمر على استهزائه بالدين وسبه للدين أو غير هذا من نواقض الإسلام لم تنفعه هذه، يكون مرتداً، فهو يحكم بإسلامه أولاً ثم بمجيئه بما يخالف الإسلام وما يوجب الردة، يحكم بالردة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)، فالشخص إذا نطق بالشهادتين فهو لا ينطق بها سابقاً حكم بإسلامه كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة في حديث أسامة وغيره، وحديث ابن عمر وحديث أبي هريرة وغير ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)، واللفظ الآخر: (إلا بحق الإسلام)، فالمقصود أنه إذا أتى بهذه الشهادة فإنه يعصم دمه وماله إذا كان لم يأت بهما قبل ذلك، ثم ينظر في أمره: فإن استقام على دين الله صار له حكم المسلمين، وإن أبى وبقي على كفره وضلاله لم تنفعه الشهادة بمجرد القول، فالمنافقون يقولونها وهم في الدرك الأسفل من النار؛ لأنهم قالوها ولم يعملوا بها، بل كفروا بها، كذبوا الله ورسوله، أو شكوا في دين الله، وهكذا الذين قال الله فيهم: ..قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ*لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.. (55-66) سورة التوبة، أناس أظهروا الإسلام وشاركوا المسلمين في أعمالهم ولكن ظهر منهم الاستهزاء بالرسول وبالإسلام، فلهذا أنزل الله في حقهم: ..قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ*لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ... وقد أجمع العلماء على أن من أتى بناقض من نواقض الإسلام يحكم عليه بذلك الناقض وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإن صلى وصام؛ لأن هذه الشهادة إنما تنفع إذا أدي حقها، أما إذا ضيع حقها لم تنفع قائلها. والله المستعان.   
 
9-  هل يجوز كشف العضد أو الساق عند المحارم؟
الأولى للمؤمنة ستر الساق والعضد؛ لأنه فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من يجوزه للمحرم، ومنهم من لا يجوزه، والمقام فيه خطورة، فينبغي للمؤمنة ستر ذلك عن المحارم، لئلا تحصل به الفتنة؛ لأن بعض المحارم قد يُفتن بذلك، فينبغي ستر العضد والساق، وألا يرى منها إلا الوجه والكفان والقدمان لمحارمها، هذا هو الأحوط لها والأحسن لها، بعداً عن الشر والخطر، ولو رأى رأسها لا بأس، لكن إذا سترت ذلك واحترزت يكون هذا أحسن وأسلم وأبعد عن الفتنة ولا سيما في هذا العصر الذي ضعف فيه الدين وقلَّت فيه خشية الله، وكثر فيه المحارم الفساق والمنحلُّون من الدين، فينبغي للمرأة أن تجتهد في أسباب السلامة، وأن تكون في صفة محتشمة عند محارمها حتى تكون بعيدة عن الخطر.  
 
10-   عن عائشة رضي الله عنها قالت: [كنت ألعب بالبنات، فربما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي الجواري، فإذا دخل خرجنا وإذا خرج دخلنا]، كيف نجمع بين هذا الحديث وبين تحريم المجسمات ذوات الأرواح، وهل يجوز اقتناء لعب الأطفال المجسمة باعتبارها مهانة؟
هذه المسألة اختلف فيها العلماء رحمة الله عليهم، فمنهم من أجاز ذلك احتجاجاً بحديث عائشة وما عندها من اللعب، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها وهو لا يُقر على باطل، فدل على أنه يسمح اللعب للبنات ليتمرن على خدمة الأولاد وتربية الأولاد بتمرنهن على هذه اللعب؛ ولأنها في حكم الامتهان والابتذال فرخصوا فيها، وقال آخرون: إن هذا كان قبل النهي، قبل نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصور، وقبل لعنه المصورين، وقبل أمره بطمس الصور، فلا يسمح لهن بذلك، وقالوا: إنما يسمح لهن بالشيء الذي ليس فيه صورة، كاللعب العادية التي في الأعواد والعظام، فتلبس بعض الثياب وهي ليست صورة، إنما هي شبه صورة، يعتادها البنات سابقاً من غير تصوير، وهذا القول محتمل وهو أحوط، ولكن قول من قال بالجواز بلعب البنات قول قوي، والأصل عدم النسخ. ويجمع بين النصوص بأن لعب البنات في حكم الامتهان، ولأن فيها تدريباً لهن على خدمة الأطفال وتربية الأطفال، فيكون هذا مستثنى من الأحاديث العامة، التي فيها النهي عن اقتناء الصور، والأمر بطمسها، وتكون ذلك في حكم الصور التي تكون في البسط والوسائد، لها حكم الامتهان.  
 
11-   أنه ممن اُبتلي بشرب الدخان، وذات يوم قال: علي الحرام بالثلاث إني لا أشرب الدخان، وبقيت ما يقارب السنتين ثم عدت في الإجازة إلى البلد وشربت، ما الحكم لو تكرمتم؟
هذا يرجع إلى نيته: فإذا كان أراد بهذا منع نفسه من شرب الدخان وليس قصده تحريم زوجته.....! إنما قصده أن يمتنع من ذلك وأن يستعين بهذا التحريم على ترك التدخين فهو في حكم اليمين وعليه كفارة اليمين مع التوبة والاستغفار، وعدم العود إلى ذلك، وعليه كفارة اليمين لأن التحريم على الأصح في حكم اليمين، إذا قال: عليَّ الحرام لا أفعل كذا، أو لأفعلن كذا، ثم حنث، فالصواب أنه في حكم اليمين، إذا لم يرد تحريم أهله، تحريم زوجته، وإنما أراد الامتناع والكف عن هذا الشيء فله حكم اليمين، وكفارتها معلومة، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام، فالحاصل أن هذا له حكم اليمين
 
12-  إنه نذر على نفسه أن يصوم عشرة أيام إن هو شرب الدخان مرة أخرى، فشرب الدخان؟
هذا مثل ما تقدم، فيه التفصيل: إن كان أراد منع نفسه من ذلك، كما هو الظاهر إنما أراد أن يمتنع، فلا يلزمه الصيام وتجزؤه كفارة اليمين، وإن صام أجرأه ذلك وكفى، وإن كان أراد القربة إلى الله وأنه يصوم إذا فعل ذلك ليس قصده الامتناع هذا يصوم، لكن سياق الناس وعادتهم في مثل هذا أنه قصده من هذا الامتناع وأنه يريد أن يمنع نفسه بالصيام، فإذا فعله فعليه التوبة إلى الله وقد أخطأ وغلط؛ لأن الدخان محرم، وعليه كفارة يمين إن لم يصم، فإن صام أجزأ والحمد لله. 
 
13-  ابنة أخي إذا كان لها بنت هل لي الزواج بها؟
بنت أخيك وبنت بنت أخيك محرم، ليس لك الزواج ببنت أخيك ولا بناتها ولو نزلن. بنت أخيك وبنت بنت أخيك وبنت ابن أخيك وبنت بنت بنت ابن أخيك، أنت عمهن جميعاً ولو نزلن، فليس لك الزواج بواحدةٍ منهن بإجماع المسلمين؛ لأن الله جل وعلا حرم في المحرمات بنات الأخ وبنات الأخ تشمل القريبات والبعيدات، بنات الأخ وبنات ابن الأخ وبنات بنات ابن الأخ، وبنات بنات ابن الأخ، يعني وإن نزلن، فالحاصل أن بنات الأخ وإن نزلن محرمات على عمهن.

478 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply