حلقة 535: هل المرض يكفر الذنب؟ - هل هناك من يدخل الجنة بغير حساب؟ - لباس المرأة في الإحرام - محاربة الجهل والأمية - وضع الطيور في أقفاص في البيوت وفي الحدائق للزينة - زيارة الأقارب ونساؤهم سافرات

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

35 / 50 محاضرة

حلقة 535: هل المرض يكفر الذنب؟ - هل هناك من يدخل الجنة بغير حساب؟ - لباس المرأة في الإحرام - محاربة الجهل والأمية - وضع الطيور في أقفاص في البيوت وفي الحدائق للزينة - زيارة الأقارب ونساؤهم سافرات

1- هل المرض يكفر الذنب ؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أن الأمراض يمحو الله بها الخطايا ، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب المسلم من هم ولا غمٍ ولا نصبٍ ولا وصب ولا أذى حتى الشوكة إلا كفّر الله بها من خطاياه). فالمرض من أعظم المصائب ، فالله - جل وعلا - يُكفّر به السيئات - سبحانه وتعالى-. 
 
2- هل هناك من يدخل الجنه بغير حساب؟
نعم أخبر عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: (عرضت عليّ الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي ليس معه أحد - حتى قال في أخره - أنه أُبلغ أنه يدخل من أمته: سبعون ألف بغير حساب ولا عذاب. فسأله الصحابة عنهم ، فقال: هم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون). والمقصود من هذا أن المؤمن الذي استقام على أمر الله ، وترك محارم الله ، ومات على استقامة ، فإنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب. ومنهم هؤلاء الذين أخبر عنهم - صلى الله عليهم وسلم - ، لا يسترقون ، أي لا يطلبون الناس يرقوهم ، يسترقي أي يطلب الرقية ، أما كونه يرقي لغيره فلا بأس؛ لأنه محسن ، الراقي محسن ، فإذا رقى غيره ودعى له بالعافية والشفاء هذا محسن ، في الحديث الصحيح: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه). أما الاسترقاء فهو طلب الرقية ، وهو أن يقول يا فلان إقرأ عليّ ترك هذا أفضل إلا من حاجة إذا كان هناك حاجة فلا بأس أن يطلب الرقية ؛ وقد ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: (استرقي من كذا). فأمر بالاسترقاء، وأمر أسماء بنت عميس أن تسترقي لأولاد جعفر لما أصابتهم العين ، قال عليه الصلاة والسلام : (لا رقية إلا من عين أو حمى). فالاسترقاء عند الحاجة لا بأس لكن تركه أفضل إذا تيسر علاج آخر ، وهكذا الكي تركه أفضل إذا تيسر علاج آخر ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (الشفاء في ثلاث: كية نار، وشربة عسل، وشرطة محجم ، وما أحب أن اكتوي). وفي اللفظ الأخر قال: (وأنا أنهى أمتي عن الكي). فدل ذلك على أن الكي ينبغي أن يكون آخر الطب عند الحاجة إليه ، فإذا تيسر أن يُكتفى بغيره من الأدوية فهو أولى ، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كوى بعض أصحابه - عليه الصلاة والسلام - ، فإذا دعت الحاجة للكي فلا كراهة ، وإن استغني عنه بدواء آخر من شربة عسل ، أو شرطة محجم ، يعني حجامة ، أو قراءة، أو دواء آخر كان أفضل من الكي. فالمقصود أن قوله - صلى الله عليه وسلم - لا يسترقون ولا يكتوون لا يدل على التحريم وإنما يدل على أن هذا هو الأفضل ، عدم الاسترقاء يعني عدم طلب الرقيا وعدم الكي هذا هو الأفضل ، ومتى دعت الحاجة للاسترقاء أو الكي فلا حرج ولا كرهة في ذلك. (ولا يتطيرون) التطير هو التشاؤم بالمرئيات أو المسموعات ، والطيرة شرك ، من عمل الجاهلية ، فهؤلاء السبعون يتركون ما حرم الله عليهم من الطيرة ، وما كره لهم من الاسترقاء والكي عند عدم الحاجة إليه ، وعلى ربهم يتوكلون ، يتركون ذلك ثقة بالله ، واعتماداً عليه ، وطلباً لمرضاته ، والمعنى أنهم استقاموا على طاعة الله ، وتركوا ما حرم الله ، وتركوا بعض ما أباح الله ، إذا كان غيره أفضل كالاسترقاء والكي ، يرجون ثواب الله ، ويخافون عقابه ، ويتقربون إليه بما هو أحب إليه - سبحانه وتعالى - ، عن توكل ، عن ثقة به ، واعتماداً عليه - سبحانه وتعالى -، وجاء في الروايات الأخرى: (إن الله زادهم مع كل ألف سبعين ألف). وفي بعض الروايات الأخرى: (وحثيات من حثيات ربي). وهذه الحثيات لا يعلم مقدارها إلا الله - سبحانه وتعالى - ، والجامع في هذا أن كل مؤمن استقام على أمر الله ، وعلى ترك محارم الله ، ووقف عند حدود الله ، هو داخل في السبعين ، داخل في حكمهم ؛ لأنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب. 
 
3-  ما هو لباس المرأة في الإحرام؟
ليس لها لباس خاص ، فلو أحرمت في ثيابها العادية أجزأ ذلك ، ولكن الأفضل أن تكون ملابسها ملابس لا تلفت النظر ، ليس فيها شهرة ، وليس فيها زينة تلفت النظر ، بل تكون ملابس عادية ليس فيها جمال يلفت أنظار الرجال ، كالأسود السادة والأحمر السادة والأخضر ونحو ذلك الذي ليس فيه جمال يلفت الأنظار ، هذا هو الأفضل لها والأحسن لها ، ولو أحرمت في ملابسها العادية جاز ذلك ، وصح ذلك ، ولكن الأفضل لها أن تحرم في ملابس لا تلفت النظر ، يعني ليس فيها ما يسبب افتتان الرجال بها ، هذا هو الأفضل لها ، مع سترها ما قد يفتن من حُلي وغيرها.  
 
4- لماذا نحارب الجهل والأمية؟ وهل هما شيئان مختلفان أم أن لكل واحد منهما حد معين، وما هو؟ جزاكم الله خيراً؟
الجهل والأمية يحاربان بالعلم، بالتعلم والتفقه في الدين، والتدبر للقرآن الكريم، وحضور مجالس أهل العلم ، وسؤال أهل العلم ، بهذا يحارب أهل العلم ، وتحارب الأمية، كون المؤمن والمؤمنة يتدبران القرآن، ويكثران من قراءة القرآن ، بالتدبر والتعقل والاستفادة ، وكذلك بمراجعة أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعناية بما ذكره أهل العلم في تفسير القرآن ، وفي بيان الأحاديث وما دلت عليه ، وهكذا بحضور مجالس العلم ، وحلقات العلم، وهكذا بصحبة الأخيار من أهل العلم ، وهكذا بسؤال أهل العلم ؛ كما قال الله – سبحانه-: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [(43) سورة النحل]. وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما أفتى قوم بجهل: (ألا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفى العي السؤال). بهذا تحارب الجهالة ، وتحارب الأمية. والجهل أعم من الأمية ، كل أمي قد يكون جاهلاً ، وليس كل جاهل أمياً ، فالجهل أعم ، فقد يكون متعلماً وليس بأمي ، ولكن يجهل مسائل كثيرة ، تخفى عليه مسائل كثيرة ، فدواء ذلك التعلم والتفقه في الدين حتى يزول الجهل ، وقد يكون عالماً بالصلاة جاهلاً بالزكاة ، وقد يكون عالماً بالصلاة والزكاة جاهلاً بأحكام الصيام ، وقد يكون عالما ًبالعقيدة والصلاة والزكاة والصيام لكنه جاهلاً بأحكام الحج ، وقد يكون عالماً بالعبادات لكنه جاهلاً بأحكام المعاملات ، جاهل بأحكام الطلاق والنكاح إلى غير هذا، فالعلم يتبعض والجهل يتبعض ، فدواء الجهل مطلقاً دواؤه التعلم والتفقه في الدين ، ودواء الأمية كذلك التعلم والتفقه في الدين. إذاً وصف أمة الإسلام بأنها أمية يكون ماذا لو تكرمتم؟. الشيخ: هذا هو الأصل فيهم، الأصل في هذه الأمة أنهم أمية ، أي عدم العلم ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمي لأنه ما كان عنده علم قبل أن يوحى إليه - عليه الصلاة والسلام - ما كان يقرأ ولا يكتب؛ كما قال الله - عز وجل-: وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [(48) سورة العنكبوت]. فما كان قارئاً، وما كان شاعراً ، وما كان يخط حتى علمه الله ، وأنزل عليه هذا الكتاب العظيم ، فالأمي الذي نسب لأمه ، يعني بقي على الجهل ليس عنده علوم ، وليس عنده كتابة، فإذا تعلم العلم لم يكن أمياً ، وإذا كان يكتب العلم وينقل المسائل العلمية ، ويحسن الكتابة لا يكون أمياً ، إنما الأمي الذي لا يحسن القراءة ولا يحسن الكتابة حتى يستفيد من علمه الذي علمه ، أو بما يكتبه عن العلماء ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلما قال الله-: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى [(7) سورة الضحى]. جاهلاً بالعلوم التي جاء بها الوحي، لم يكن عنده علم بما شرع الله له في كتابه العظيم، ولم يكن عنده علم من علوم الأولين والمرسلين، ولم يكن يكتب ويخط حتى جاءه هذا الخير العظيم والوحي العظيم- عليه الصلاة والسلام-، ، وكل إنسان لم يتعلم ولم يكتب يقال له أمي. والأمة العربية هكذا ، كان الغالب عليها أنها أمية لا تكتب ولا تقرأ، هذا الغالب على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم-.         
 
5- هل يجوز اتخاذ الطيور مثل الببغاء وغيره داخل قفص، ووضعها في البيوت لغرض الزينة، أو اتخاذ البلابل داخل قفص أيضاً للاستمتاع بصوتها؟ وهناك نوع آخر يكون على شكل حوض وفيه ماء توضع فيه الأسماك الملونة، هل يجوز هذا؟
ليس في ذلك حرج إذا أحسن إليها ولم تظلم ، فإذا أحسن إليها في طعامها وشرابها فلا حرج في البغبغاء ولا غير البغبغاء والحمام والدجاج وغير ذلك، بشرط الإحسان إليها وعدم ظلمها ، وإذا كان في حوش أو في ماء فيه للسمك، أو في صناديق لا تضرها ، تعطى حبوب ، تعطى الشراب ، يعني لا يكون عليها ظلم ، فلا بأس بذلك.   
 
6- هل يجوز مواصلة زيارة الأقارب ولديهم نساء سافرات؟
أما الزيارة للأقارب فهذا صلة للرحم ، لكن بشرط أن لا يكون في ذلك فتنة ولا أذى ، فإذا كانت النساء لا يتحجبن فهو بين أمرين : إما أن يزور ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويعلمهن أن هذا لا يجوز ، وأن عليهن التستر والحجاب ، فإن فعلن ذلك فالحمد لله حصل بذلك صلة الرحم ، وإزالة المنكر. أما إن كانت زيارته يترتب عليه رؤية للنساء، والاستمتاع بالنساء هذا لا يجوز ، أو أمرهن بالمعروف ، ولكن لم يمتثلن ، ولم يبالين كذلك، لا يزورهن؛ لأن هذا قد يسبب فتنة عليه وشر عليه ، لكن يحسن إليهن من جهة أخرى ، من مال إن كن فقراء ، بالنصيحة ولو بالمكاتبة ولو بالهاتف ، ولو بوصية أخوتهن ، أو أبيهن أو جدهن أو أعمامهن من نصيحة الواجبة؛ لأن حضوره إليهن ، ومشاهدته لهن ، قد يترتب عليها شر وفتنة.   
 
7- يسأل أخونا في سؤاله الثالث عن درجة القرابة التي تكون فيها صلة الرحم واجبة ويحرم قطعها؟
القرابه بينها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث الصحيح لما سأله الرجل، قال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال : أمك ، قال: ثم من؟ قال: أمك ، قال : ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب). وفي اللفظ الآخر: (أختك وأخاك ، وأدناك فأدناك). فأول الأقارب وأحقهم بالصلة الآباء والأمهات ، والأجداد والجدات ، ثم الأولاد وأولادهم من الذكور والإناث ، ثم الإخوة وأولادهم ذكوراً وإناثاً ، ثم الأعمام والأخوال والخالات والعمات وأولادهم ، ثم الأقرب فالأقرب من بني العم ، درجات ، فأولاهم ، وأحقهم بالصلة الواجبة للآباء والأمهات ، والأجداد والجدات، هم أحق الناس ، وأحقهم على الإطلاق الأم ، ثم هكذا الأب في الدرجة الرابعة ، وهكذا الجدة والأجداد. المقصود أن الأصول والفروع هم أحق الناس بالبر والصلة ، ثم يليهم الحواشي من الإخوة والأخوات والأعمام والعمات ، وأولادهم إلى أخره، الأقرب فالأقرب ، والصلة واجبة حسب الطاقة ، فإذا استطاع أن يصل الأب والأم وصلهما ، ولا يلزمه صلة الأولاد والإخوة إذا عجز ، فإذا وصل الأولاد والآباء والأمهات ولكن عجز عن الإخوة سقط عنه ذلك ، فإذا استطاع أن يصل الإخوة سقط عنه عما عجز عنه من صلة بنيهم وصلة الأعمام والعمات والأخوال، وهكذا ، والأقرب فالأقرب مع القدرة إذا كانوا فقراء. أما إذا كانوا أغنياء فالصلة تكون بالكلام الطيب ، والزيارة الحسنة ، والسلام ، والسؤال عن الأحوال ، وفعل ما ينفعهم من سائر المعروف.  
 
8- هل تجوز إمامة الشخص المعوق؟
التعويق فيه التفصيل: إن كان التعويق يمنعه من الركوع والسجود فلا ، فلا تجوز إمامته ، يستعمل في شخص صالح سليم ، أما لو كان إماماً راتباً فأصابه عارض مثلما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى جالساً ، ولا حرج في ذلك، إذا كان هو الإمام الراتب ، والإمام الحي. أما إنسان ليس بإمام راتب ، فلا يقدم يصلى وهو معوق ، يصلي قاعداً ، أو لا يركع أو لا يسجد ، بل يلتمس إنسان صالح يستطيع الركوع والسجود ونحو ذلك ، أما إذا كان المعوق لا يمنعه ذلك ، فيه عوق ، فيه مرض في رجله في يده ، لكن لا يمنعه من الصلاة قائماً وراكعاً وساجداً فهذا لا بأس ، لا يضره هذا، ولا حرج في ذلك.   
 
9- أصيب بحادث سيارة وذلكم الحادث أفقده السيطرة على نفسه؛ لأنه أصيب بشلل نصفي، وهو في الحالة هذه يسأل سماحة الشيخ عن الوضوء وعن الصلاة وعن قراءة القرآن، كيف يكون حاله؟ جزاكم الله خيراً.
يعمل بقوله - سبحانه-: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [(16) سورة التغابن]. وقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم). فإذا كان أصابه الشلل وأفقده القيام ، فإنه يصلي على حسب حاله ، يصلي قاعداً ويركع ويسجد إذا استطاع ذلك وهو قاعد ، مثلما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمران بن حصين: (صلي قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنب) خرجه البخاري - رحمه الله - في الصحيح ، وأخرجه النسائي بزيادة: (فإن لم تستطع فمستلقياً). هذا هو الواجب ، فاتقوا الله ما استطعتم. وإذا عجز عن الماء تعفر بالتراب ، تيمم ، إذا كان معه مرض يضره الماء تعفر بالتراب، يُحضر له التراب ، ويضرب التراب بيديه ، ويمسح به وجهه وكفيه، عند الحاجة ، وله الجمع إذا شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها ، فله الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء كسائر المرضى. أما ما يتعلق بالحاجة بالدبر والقبل فهذا يكفيه مسحها بالمناديل ونحوها ، ولا حاجة إلى الماء ، فإن استعمل الماء وقدر على الماء فلا بأس ، الماء أكمل وأفضل ، فإذا لم يتيسر له ذلك فإنه يستعمل الاستجمار بالمناديل بالحجارة باللبن ، والمناديل أرفق به ، فيستعمل المناديل الخشنة الطاهرة يمسح بها الدبر والذكر عن البول والغائط ثلاث مرات، فإن لم تكفي زاد رابعة وخامسة إلى أخره. والأفضل أن يقطع على وتر ، إذا زاد رابعة وكفت استحب له أن يزيد الخامسة حتى يكون استجماره على وتر، وإن لم تكفي الخامسة زاد سادسة ، فإذا كفت السادسة استحب أن يزيد سابعة حتى يقطع على وتر. والمهم أنه يستعمل من المناديل ونحوها ما يزيل الأذى ، بشرط أن يكون ثلاث فأكثر، لا ينقص عن ثلاث ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستجمر بأقل من ثلاث ، فإن كفت الثلاث في إزالة الأذى من الدبر والقبل فالحمد لله ، وإن لم تكفي زاد حتى يزول الأذى ، والأفضل أن يقطع على وتر ، خمس ، أو سبع ، وهكذا ، ولا حاجة إلى الماء ، حتى ولو قطع الماء الاستجمار يكفي ، لكن الماء أفضل ، فإن جمع بينهما ، يعني استطاع أن يجمع بينهما زال بالأذى بالمنديل أو بالحجر ثم استنجى بالماء هذا خير إلى خير وهذا أكمل وأفضل ، ولكن كل واحد يكفي ، الماء وحده يكفي ، والاستجمار وحده يكفي حتى من الصحيح. وكونه لا يستطيع البقاء على وضوء ربما ولا الوقت الكافي لأداء الصلاة ؟ يتقي الله ما استطاع، يتوضأ لكل صلاة ، فإن كان معه سلس لما أصابه الشلل انطلق يعني الدبر أو انطلق الذكر ، وصار لا يستطيع فإنه يصلي على حسب حاله ، لكن يتوضأ لوقت كل صلاة ، إذا دخل وقت الظهر يستنجي ويتوضأ وضوء الصلاة ، أو يتيمم حسب طاقته ، ثم يجمع بين الصلاتين، وهكذا المغرب والعشاء. يجمع بين الصلاتين؟. إذا شق عليه ، لأجل المرض ، فإن كان ما شق عليه فإنه يصلي الصلاة في وقتها ، والمستحاضة مثله ، المستحاضة وصاحب السلس العاجز عن الجماعة عن حضور للجماعة هو مثله ، يصلي جمعاً إذا شق عليه كل صلاة في وقتها ، وهو أرفق به، وإن صلى كل صلاة في وقتها فلا بأس ، أما الرجل لا ، يصلي مع الجماعة إذا كان يستطيع ، يصلي مع الجماعة ويتوضأ لوقت كل صلاة. بالنسبة لقراءة القرآن؟ يقرأ القرآن إذا توضأ يقرأ القرآن من المصحف. وإن انتقض وضوئه؟. الشيخ: إلى الوقت الآخر، ما بين الوقتين يقرأ القرآن وإن انتقض وضوءه ، إن كان صاحب سلس مستمر معه إذا توضأ للظهر يقرأ إلى العصر ، فإذا توضأ للمغرب يقرأ إلى العشاء ، كما يصلي ، لو تطوع بين الظهر والعصر ، أو تطوع بين المغرب والعشاء ، ولو خرج معه البول ؛ لأنه عاجز فهو مثل المستحاضة سواء بسواء ، يصلي ويقرأ ما بين الوقتين. الواقع هذا يسر يغفل عنه كثير من الناس؟. هذا من تيسير الله ، والحمد لله. حبذا لو تفضلتم بكلمة حول يسر الإسلام في مثل هذه الأحكام؟. الله - جل وعلا - يقول في كتابه العظيم: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ [(185) سورة البقرة]. ويقول - عز وجل -: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [(78) سورة الحـج]. فمن رحمة الله - سبحانه وتعالى - أن صاحب السلس ، وهو البول الدائم ، أو الريح الدائمة ، وهكذا المستحاضة التي معها الدم الدائم ، ما يقف عنها ، غير دم الحيض دم دائم يقال استحاضة ، هؤلاء وأشباههم لهم الجمع بين الصلاتين ، ويكفيهم الوضوء في كل صلاة من تيسير الله ، إذا دخل وقت الظهر يتوضأ لوقت الظهر ويصلي، ويتوضأ لوقت العصر ، وهكذا المغرب والعشاء ، يعني لكل صلاة يتوضأ لوقتها ؛ لأنه حدثه دائم من سلس أو ريح أو استحاضة ونحو ذلك ، وما بين الوقتين يصلي فيه ما يشاء ، ويقرأ القرآن ، ويطوف بالبيت بمكة ، ولا حرج في ذلك ؛ لأنه معذور ، وصار كحكم الطاهرين والطاهرات ما بين الوقتين ؛ لأن الرسول أمر المستحاضة بذلك ، في قصة حمنة ، وغيرها، وكذلك ما يتعلق بالصوم يفطر ويقضي بعد ذلك المريض إذا عجز عن الصوم وشق عليه المرض هذا يسر في الشريعة ، وهكذا المسافر يفطر في السفر ويقضي بعد ذلك ، كل هذا من لطف الله، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصيام والحامل إذا شق عليها الصيام أفطرتا وقضتا بعد ذلك. 
 
10- هل يجوز للمسلم أو السعودي - لا أدري لماذا السعودي بالذات شيخ عبد العزيز- بالخصوص أن يتزوج غير مسلمة؟ وجزاكم الله ألف خير؟
نعم يجوز للمسلم سعودياً أو غير سعودي، يجوز للمسلم أن يتزوج الكافرة الكتابية المحصنة، وهي التي لا تعرف بتعاطي الفواحش، وهي الحرة العفيفة؛ كما قال الله - جل وعلا - في كتابه العظيم: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [(5) سورة المائدة]. المحصنات من أهل الكتاب هن الحرائر العفائف، فيجوز للمسلم أن ينكح المحصنة من اليهود والنصارى، لكن تركها أولى وأفضل، والاكتفاء بالمسلمات؛ لأن نكاحها قد يجر الزوج إلى دينها، وقد يجر أولادها إلى النصرانية واليهودية، ولهذا كره ذلك جمع من الصحابة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-، وخافوا من ذلك، وإلا فهن حلال بنص القرآن الكريم إذا كن محصنات عفيفات معروفات بالبعد عن الفواحش وعن الزنا حرائر لا مملوكات، فإنه يجوز له أن يتزوج... لو كان قادر على مسلمة، لكن نكاحه للمسلمة أولى وأفضل وأسلم، وأبعد عن الفتنة له ولأولاده. أما غير أهل الكتاب فلا، كالملاحدة من الشيعيين أو الوثنييين من سائر الكفرة هؤلاء لا يجوز نكاح نسائهم، إنما هذا خاص بأهل الكتاب اليهود والنصارى، أما بقية الكفار فلا يجوز للمسلم أن ينكح منهن أحداً. والأمر كذلك- سماحة الشيخ - هو مباح والحمد لله، لكن هل يشترط في الكتابيه شروط معينة أو أن الأمر على الإطلاق؟. مثلما قال الله: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ [(25) سورة النساء]. لا يكن زواني، يكن معروفات بالستر، والبعد عن الفاحشة عما يكن...... لا مسلمة ولا كافرة، لكن ينكحها إذا تأكد عن حالها، وأنها محصنة، يعني عفيفة، فإذا تأكد عن حالها بشهادة العارفين بها تزوجها، ومع هذا كله فتركها أفضل، ولو كانت محصنة، ولو كانت عفيفة، تركها أولى وأفضل؛ لأن هذا أسلم لدينه؛ لأنها قد يجره حبه لها إلى أن يعتنق دينها أو يتساهل في دينه، أو قد يجر أولادها كذلك إلى أن يكونوا مع أمهم في اليهودية أو النصرانية، وقد يطلقها وتذهب بأولاده إلى بلادها، أو إلى جماعتها، فالحاصل أن فيه خطر كما قاله الصحابه - رضي الله عنهم-. فيما يخص دينها؟. دينها كافرة سماهم الله كفار. لكن هل يشترط عليها أن تكون ملتزمة بشيء من مقام من دينها . كما قال سبحانه: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ [(1) سورة البينة]. لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين سماهم كفرة. فالمقصود أنهم كفرة، فاليهود والنصارى كفرة ومشركون أيضاً ولكن عند الإطلاق المشركون عباد الأوثان وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وقد يطلق اسم الشرك على الجيمع كما في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [(28) سورة التوبة]. هذا يعم اليهود والنصارى جيمع المشركين ليس لهم أن يقربوا المسجد الحرام ولكن يستثنى من المشركين أهل الكتاب فلا مانع من نكاحه نسائهم إذا كن محصنات معروفات بذلك وترك ذلك أفضل وفي هذا العصر أشد وأشد لأن ضعف الإيمان في الرجال وكثرة الفتن في العصر الحاضر وكثرة الدوافع إلى الميل إلى النساء ومساويء الطاعة للنساء هذا يوجب الحذر ويشد معه الخطر فتركها بكل حال أفضل. 

520 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply