حلقة 536: وقت تسمية المولود والأحق بتسميته - حكم النقاب - هل الجهل بحكم الذنب يسقط الحد؟ - الرفق بالحيوان وأهمية إطعامه - حكم حقن الحيوانات والطيور قبل بيعها من أجل تسمينها - حكم الصلاة في مسجد وفي قبلته ضريح بينمها فاصل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

36 / 50 محاضرة

حلقة 536: وقت تسمية المولود والأحق بتسميته - حكم النقاب - هل الجهل بحكم الذنب يسقط الحد؟ - الرفق بالحيوان وأهمية إطعامه - حكم حقن الحيوانات والطيور قبل بيعها من أجل تسمينها - حكم الصلاة في مسجد وفي قبلته ضريح بينمها فاصل

1- أختنا تسأل عن الوقت المناسب لتسمية المولود منذ ولادته، ومن هو الأحق بتسميته؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آلة وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالأحق بالتسمية هو الأب هو والد الطفل إذا كان موجوداً، وإذا كان غير موجود فالأكبر من أولياء الطفل، ويستحب التعاون في ذلك والتشاور بين الوالد والوالدة حتى يختار الجميع الاسم الحسن، وأفضل الأسماء ما عُبِّد لله تعالى في حق الرجال كعبد الله وعبد الرحمن وعبد الملك وعبد الكريم ونحو ذلك، وبحق النساء ما كان متعارفاً بين نساء الصحابة ومن بعدهم من المؤمنات الأسماء المعروفة التي ليس فيها بشاعة ولا ما يدل على اختيار أسماء جاهلية من أسماء الكفرة والكافرات، يختار المؤمن الأسماء المعروفة بين المسلمين هذا هو الأفضل، أما ما عُبِّد لغير الله فلا يجوز كعبد الحسين أو عبد النبي أو عبد الكعبة هذا لا يجوز، والأفضل أن تكون التسمية يوم السابع للرجل والمرأة جيمعاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى) رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، فالأفضل التسمية يوم السابع وإن سمي يوم الولادة فلا بأس، فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ولده إبراهيم يوم ولادته، وسمى أولاد بعض الصحابة في اليوم الأول فلا بأس، سنة أيضاً، وفي يوم السابع سنة، فهذا هو الأفضل في الزمان، وفي الاسم إذا اختار الأسماء الطيبة الحسنة التي قد اعتادها المسلمون بعد الصحابة إلى يومنا هذا، وفي أسماء الرجال الأفضل فيها ما كان معبداً لله لقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن)، فما عُبِّد لله كان أفضل، وهكذا الأسماء المعتادة مثل محمد وصالح وسعد وسعيد وأشباه ذلك كلها أسماء صالحة لكن أفضلها ما عُبد لله سبحانه وتعالى، وأفضل الأيام يوم السابع وهكذا اليوم الأول.  
 
2- النقاب هل هو فرض أم مكرمة؟
النقاب فرض على النساء في ليالي الحج والعمرة؛ لأنه ستر لهن عن الفتنة؛ ولهذا يقول سبحانه وتعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (53) سورة الأحزاب، فالحجاب أطهر لقلوب الرجال وقلوب النساء، وأعظم ما في المرأة من الزينة وجهها، فالواجب هو ستره والتنقب بالحجاب الساتر حتى لا تَفتن ولا تُفتن، وكان النساء قبل نزول آية الحجاب يكشفن وجوههن وأيديهن عند الرجال، ثم إن الله عز وجل أمرهن بالحجاب وأنزل قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الآية من سورة الأحزاب، وأنزل في هذا سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ (59) سورة الأحزاب، وهكذا قوله جل وعلا: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ (31) سورة النــور، الخمار ما يضرب على مؤخرة الرأس أو الجيب، فالذي يخرج من الجيب هو الرأس والوجه فتضرب بخمارها على شعورها وعلى وجهها حتى تستر ذلك من الرجال، والجيب هو الشق جاب البلاد شقها، جاب الصخر شق الصخر، والمقصود بالجيب هو ما يشق لإخراج الرأس معه عند لبس القميص، فهذا هو محل الستر يعني ترخي جلبابها على رأسها ووجهها الذي هو محل الجيب، (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ..)الآية، والزينة تشمل الوجه وتشمل غيره من زينتها من شعرها ومن صدرها ومن قدمها ويدها وحليها وشبه ذلك مما يفتن، حتى قال في آخر الآية: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ (31) سورة النــور، حتى نهى عن ضرب الرجل لقصد إسماع الخلخال الذي يكون في الرجل؛ لأنه يفتن أيضاً، فالشيء الذي يفتن الرجال بالرؤية أو بالسماع تمنع منه المرأة حتى لا تَفتن ولا تُفتن؛ ولهذا يحرم عليها الخضوع بالقول؛ لأنه يفتن الرجال؛ ولهذا قال سبحانه يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ (32) سورة الأحزاب، أي مرض الشهوة، وهكذا غيرهن من باب أولى، فإذا كان نساء النبي مع تقواهن لله وكونهن من أكبر النساء فغيرهن أحوج إلى هذا والخطر عليهن أكبر، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل في غزوة الإفك يسترجع لما رآها قد تخلفت عن الغزو قالت: (فلما سمعت صوته خمَّرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب)، ف...... بذلك أن النساء كن قبل الحجاب لا يخمرن وجوههن وبعد آية الحجاب صرن يخمرن وجوههن، وهكذا كان الصحابيات في حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم يخمرن وجوههن عن الرجال، أما ما في حديث ابن عمر: (ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) فالمراد النقاب الذي هو مخيط للوجه لا تلبسه، ولكن تغطي وجهها بغير ذلك، كالجلباب والخمار في الحج في الإحرام؛ لأن عائشة رضي الله عنها أخبرت أنهن كن مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكن إذا دنا منهن الركبان سدلت إحداهن خمارها من على رأسها على وجهها فإذا بعدوا كشفت، وهكذا جاء في حديث أم سلمة وجاء في حديث فاطمة بنت المنذر زوجة هشام بن عروة بن الزبير، كل هذا يدل على أنهن معتادات التستر والحجاب في الإحرام وغيره، وإنما المنهي عنه النقاب الذي هو المخيط على قدر الوجه فهذا تتركه وقت الإحرام في الحج والعمرة، وتكتفي بالخمار الذي يرخى عند الحاجة وينزع عند عدم الحاجة، وسمي نقاباً لأنه ينقب فيه للعينين، هذا يترك وقت الإحرام وتستر وجهها بغير ذلك، وهكذا اليدان لا يلبس فيهما القفازان ولكن يستران بغير ذلك من الجلباب ونحوه، ولا تلبس القفازين في حال الإحرام؛ لأن القفاز يسترها دائماً وربما شق عليها، فتلبس ما تسترهما بغير قفازين، كالخمار والجلباب والعباءة ونحو ذلك، وأما حديث ابن عباس في قصة الخثعمية حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى منى منصرفاً من مزدلفة وجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فهذا لا يدل على أنها كاشفة ولا يلزم من النظر إليه وإليها الكشف، بل الواجب أن يحمل ذلك على أنها كانت مسترة بغير النقاب، كما في حديث عائشة وأم سلمة. إذاًَ على هذا فالنقاب فرض لا مكرمة فقط؟ الشيخ: نعم فرض واجب على النساء، النقاب وما يقوم مقامه من الخُمر المقصود ستر الوجه، ما يسمى حجاباً.   
 
3-  يسأل عن فعل الذنب مع الجهل بحكمه، هل يسقط الحد أم لا؟
إن كان مما يعرف عند المسلمين ويندر الجهل لأن صاحبه بين المسلمين فهذا لا يسقط الحد، ولا يقبل قوله: إني ما أعرف أن الزنا حرام أو ما أعرف أن الخمر حرام؛ لأن هذا معروف بين المسلمين، فلا يقبل قول لجاهل بل يقام عليه الحد، أما لو كان في محل بعيد عن المسلمين في غابات بعيدة عن المسلمين مجاهيل لا يعرفون أحكام الإسلام فهذا لا يقام عليه الحد حتى يعلم ويبين له، فإذا عاد إليه بعد ذلك أقيم عليه الحد. المقصود أنه يختلف الأمر فالشخص الذي بين المسلمين وتبلغه شريعة الله ويعرف أن هذا بين المسلمين محرم هذا لا يعذر بدعواه الجهل؛ لأن هذا شائع منتشر بين المسلمين ومشهور، فالزنا وشرب الخمر تحريم اللواط تحريم العقوق والقطيعة للرحم وأشباه ذلك، فأما من كان عاش في جاهلية بعيدة عن الإسلام بعيدة عن المسلمين في مجاهل أفريقيا ومجاهل أمريكا، يعني في موضع بعيد عن معرفة أحكام الله فهذا يُعلَّم.  
 
4- فتح فم الطير وإعطاؤه الحبوب، وربما تكون أكثر من طاقته حتى يُسمَّن بسرعة، هل هذا جائز أو لا؟
هذا فيه تفصيل: كونه يخشى منه إذا كان الطائر مريضاً يعني يحتاج إلى من يلقِّمه فلا بأس ويعطى قدر الحاجة مع الاحتياط لئلا يضره، فأما إذا كان الطائر يلقط بنفسه ويأكل بنفسه فلا حاجة إلى هذا العمل؛ لأن هذا قد يضره ويؤذيه، ونحن مأمورون بالرفق بالحيوان وعدم إيذائه وعدم ظلمه وعدم ضربه إلا للحاجة، فكونه يعطيه الطعام مع فمه بالقوة بقصد أن هذا يكون تسميناً له فهذا لا ينبغي؛ لأنه يخشى فيه الضرر، فالمقصود أن الواجب التفصيل: إذا كان الطائر والحيوان سليماً يأكل بنفسه ويلقط الحب بنفسه فلا حاجة إلى هذا كله، أما إذا كان مريضاً يعجز عن الأكل يحتاج إلى من يرفع له الطعام مثل بني آدم يساعد على وجه لا يضر. لكن إذا كان المقصود من هذا كما قال أن يسمن بسرعة؟ لا، ما يصلح، ما يصلح إذا كان يضره، أما إذا كان لا يضره ولكن يدر عليه الطعام ويجتهد في أكل جيد هذا لا بأس، لكن على وجه يضره يؤذيه لا. 
 
5-  يحقنون الطيور بالماء عند بيعها من أجل أن تكون على هيئة معينة عند البيع، ربما يكون في هذا شيء من التدليس؟
هذا لا يجوز؛ لأن هذا معناه التدليس، يوهم الناس أنها سمينه وأنها كبيرة والأمر ليس كذلك، كل شيء يوهم المشتري والزبون خلاف الحقيقة لا يجوز؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من غشنا فليس منا)، هكذا يقول صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا)، ولما مر على صبرة من طعام في السوق وأدخل يده فيها نالت أصابعه بللا، فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟) قال: أصابته السماء يارسول الله، يعني المطر، قال: (أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ من غش فليس مني) رواه مسلم في الصحيح، فالمقصود أن الواجب على المسلمين التناصح وعدم الغش، فكل شيء يجعل المشتري على غير الحقيقة في بيع الحيوان أو غير الحيوان لا يجوز.  
 
6- عندنا مسجد وحيد في القرية التي أسكنها، ولكن بجواره من جهة القبلة ضريح، ويفصل بينهما حائط، ولا يوجد باب بين الضريح والمسجد، فهل الصلاة في هذا المسجد جائزة أو لا؟
نعم، إذا كان المسجد ليس في المقبرة ولم يُبنَ على المقبرة ولا على قبور فالصلاة فيه صحيحة، إذا كان مفصولاً على القبور محجوزاً بينهما بجدار، أما إذا كانت القبور أمام المصلي فلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) فالواجب أن يكون مفصولاً بينهما بالجدار حتى لايصلى إليها، وإذا كان مبنياً على طرف منها لتعظيم القبور وجب هدمه، إما إذا كان مبنياً في أرض سليمة ليس فيها قبور أو كانت القبور حاجزة قدامه فلا يضر، ولكن ينبغي للؤمن أن يبتعد عن أسباب الفتنة مهما أمكن، إذا كان يخشى أن يظن الظان أن هذا المسجد من أجل القبور فيذهب إلى محل آخر بعيداً عن أسباب الفتنة؛ لأن بعض الناس عنده جهل كثير فربما ظن أن المسجد بني من أجل القبور التي حوله، فينبغي في مثل هذا للمؤمن وأهل الخير أن يحتاطوا، وأن تكون المساجد بعيدة عن القبور حتى لا يظن الظان أنها بنيت لأجل القبور.  
 
7- أيهما أرجح: الهوى إلى السجود باليدين أم بالركبتين؟
هذا محل اختلاف بين العلماء، والأفضل والأرجح الهوي بالركبتين ثم اليدين، يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه هذا هو الأفضل، على حديث وائل بن حجر وما جاء في معناه، ومن قدَّم يديه فالأمر واسع إن شاء الله، لأن فيه حديث أبي هريرة، ولكن الصواب أنه يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، وأما حديث أبي هريرة الذي فيه: (وليضع يديه قبل ركبتيه) فهو فيه انقلاب كما حققه بعض أهل العلم؛ لأن أول الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير)، لا يبرك كما يبرك البعير، والبعير يقدم يديه، فإذا قدمنا أيدينا صرنا مشابهين للبعير، فيكون آخر الحديث يخالف أوله، فيكون الصواب: (وليضع ركبتيه قبل يديه) هذا حديث وائل، وعلى موافقة أول الحديث صدر الحديث، فحصل انقلاب: (فليضع يديه قبل ركبتيه)، المقصود أن الأرجح أن يقدم ركبتيه قبل يديه وأن الأرجح في حديث أبي هريرة أنه موافق لحديث وائل، وأن ما في آخره من ذكر اليدين قبل الركبتين انقلاب من بعض الرواة مما هو الأقرب والأظهر حتى لا يخالف آخر الحديث أوله، وحتى تجتمع الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي عليه أهل العلم وأكثر أهل العلم، ومن ترجح عنده تقديم اليدين واجتهد في ذلك فلا ينبغي أن ينكر عليه، ينبغي في هذا عدم التشديد وعدم النزاع والخلاف، فالمؤمن يتحرى الحق، فالأرجح والأظهر والأقرب أن يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته مع أنفه، هذا في السجود، وعند الرفع يبدأ بالوجه ثم اليدين ثم ينهض على ركبتيه، هذا هو الأفضل، وهذا الذي به جمع بين الأحاديث. إذاً كان يجب أن أقول في السؤال أيهما أرجح: الهوي إلى السجود؟ الهوي نعم، هوى هوياً، أما الهوى فهو الميل.  
 
8- عند القيام للركعة الثالثة يكبر المصلي قبل القيام أم أثناء القيام؟ ويرفع يديه قبل القيام أم بعد القيام؟
عند القيام، عند نهوضه إلى الثالثة يرفع يديه ويكبر معها، ويرفع يديه مع القيام، حال نهوضه يكبر ويرفع يديه حال النهوض إلى أن يستوي قائماً.  
 
9- إسبال الإزار على أنها عادة عندنا في مصر وليس للمخيلة فجائز أم مكروه أم حرام؟
إسبال الملابس محرم، ولو زعم صاحبه أنه ما أراد التكبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم زجر عن ذلك، ونهى عنه وتوعد عليه، ولم يقيد ذلك بالتكبر، بل قال عليه الصلاة والسلام: (إياك والإسبال فإنه من المخيلة)، سماه مخيلة مجرد الإسبال؛ لأن الغالب أن صاحبه يدرك التكبر، وقد يجره ذلك إلى الكبر وإن لم يرده في أول الأمر؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام قال أيضاً: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار) رواه البخاري في الصحيح، ولم يقيده بالتكبر، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، رواه مسلم في الصحيح، ولأن إسباله وسيلة إلى التكبر إن لم يرده فهو وسيلة إليه وطريق إليه في الغالب؛ ولأنه إسراف وإضاعة للمال؛ ولأنه وسيلة إلى النجاسة والأوساخ فلا حاجة له ولا وجه له، ولما رأى عمر رضي الله عنه شاباً قد وصل ثوبه إلى الأرض ومس ثوبه الأرض قال: (ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك)، فلا ينبغي ولا يجوز للمؤمن الأسبال لا في قميصه ولا في إزاره ولا في سراويله ولا في بشته، جميع الملابس في حق الرجل حدها الكعب، أما المرأة فالسنة لها الإسبال حتى تغطي قدميها، وأمرت بهذا.  
 
10- بعد السلام من الصلاة وبعد ختم الصلاة يرفع بعض الإخوة أيديهم بالدعاء، فهل هذا مستحب أم جائز أم مكروه؟ مع العلم أنهم لا يمسحون وجوههم بأيديهم، وبعد هذا الدعاء قد يصافح جارٌ جاره في الصف على أنه لم يره منذ أيام وهم جالسون، فهل هذه المصافحة أيضاً من المسنونات أم هي بدعة؟
رفع اليدين بالدعاء من أسباب الإجابة، وقد دلت الأدلة الشرعية من الأحاديث الصحيحة على أن رفع اليدين سنة في الدعاء ومن أسباب الإجابة، ومن ذلك الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ (172) سورة البقرة، وقال -تعالى-: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا (51) سورة المؤمنون، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك)، فجعل رفع اليدين من أسباب الإجابة لولا تعاطيه الحرام، وهكذا الحديث الآخر وهو حسن لا بأس به يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أن ربكم حيي كريم يستحي من العبد إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً)، فهذا يدل على أنه من أسباب الإجابة، وفي الباب أحاديث كثيرة دلت على أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الدعاء عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك دعاؤه في الاستسقاء كان يرفع يديه ويبالغ عليه الصلاة والسلام، وهكذا في أحاديث كثيرة دعا على قوم ورفع يديه ودعى لآخرين ورفع يديه، فرفع اليدين سنة، لكن بعض المواضع التي مارفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع فيها، هو سنة لكن أي موضع وجد في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيه لا نرفع فيه تأسياًَ به صلى الله عليه وسلم؛ لأن تركه سنة وفعله سنة عليه الصلاة والسلام، فمثلاً الفريضة إذا سلم منها لا يرفع يديه، إذا دعا بعد السلام، ولا قبل السلام حين دعائه قبل أن يسلم في آخر التحيات لا يرفع يديه، وهكذا بين السجدتين إذا دعا: رب اغفر لي، لا يرفع يديه؛ لأن الرسول ما رفع في هذا عليه الصلاة والسلام، وهكذا في خطبة الجمعة ما رفع في خطبته عليه الصلاة والسلام إذا دعا، خطبة العيد، وإنما رفع في الاستسقاء لما خطب لما دعى في الاستسقاء رفع يديه، فنرفع كما رفع عليه الصلاة والسلام، أما الصلاة النافلة إذا دعا بعدها ورفع يديه فلا حرج، لكن إذا ترك ذلك بعض الأحيان حتى لا يظن أنه سنة دائمة يكون حسناً؛ لأننا لا نحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يواظب على رفع اليدين بعد النوافل فإذا رفع بعض الأحيان فحسن. وهكذا المصافحة لجاريه عن يمينه وشماله سنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع المصافحة للأمة وأخبر أن المصافحة من أسباب مغفرة الله للذنوب، وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا، فإذا لقي أخاه في الصف صافحه وإذا دخل في الصف ولم يصافحه حتى صلى الفريضة أو صلى الراتبة صافحة هذا السنة؛ لأنها من أسباب الألفة والمحبة وإزالة الشحناء، فكونه يصافحه بعد النافلة أو بعد الفريضة إذا كان ما صافحة قبل ذلك حين تلاقيا في الصف فهذا كله سنة ولا بأس به، وأما مسح اليدين بعد الدعاء فقد ورد فيه أحاديث ضعيفة فتركه أولى، وقد جمع بعض أهل العلم بأنها في تعددها يشد بعضها بعضاً وتكون من قبيل الحسن لغيره كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في البلوغ في آخر البلوغ في باب الذكر والدعاء ذكر أن مجموعها يقضي بأنه حديث حسن، ولكن في هذا القول نظر؛ لأنها ضعيفة، والأحاديث الصحيحة ليس فيها مسح الوجه، فالرسول عليه الصلاة والسلام دعا في مواضع كثيرة في الاستسقاء وفي غير الاستسقاء ولم يحفظ عنه أنه مسح وجهه عليه الصلاة والسلام، فالأفضل الترك، الأفضل والأحسن الترك، ومن مسح اعتماداً على قول من قال أن الحديث حسن في المسح فلا حرج عليه، إن شاء الله. إذاً هذه المصافحة على أنها عبادة بعد الصلاة مباشرة لا بد أن يصحح؟ لا بأس بها ، لا بأس بها، لأنها من وسائل المحبة والألفة وإزالة الشحناء، وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا، يقول أنس رضي الله عنه: (كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا)، كان يصافحون النبي صلى الله عليه وسلم ويصافحهم عليه الصلاة والسلام، فالمصافحة عند اللقاء سنة، ومن أسباب الألفة والمحبة، ولو أن الإنسان لقي أخاه ولم يصافحه لكان ذلك من أسباب الوحشة ولاستنكر ذلك، وقال: ما شأنه؟ ما باله، لماذا؟، فالمقصود أن هذا أمر معروف بين المسلمين، التصافح عند اللقاء والسؤال عن الحال والعيال كل هذا أمر معروف ومن أسباب الألفة والمحبة. هل يشترط لذلك فاصل زمني معين؟ ما يشترط فاصل، عند اللقاء، في الطريق في الصف بعد الصلاة بعد الفريضة بعد النافلة يتصافحان. يعني لو دخلت أنا وهو المسجد وجلسنا ثم بعد تأدية الصلاة صافح بعضنا بعضاً؟ لا حرج، لكنه متأخر في هذا، لا حرج لأنكما دخلتما جميعاً، لكن لو صافحته فلا بأس؛ لأن الشغل في الصلاة شغل، فالصلاة فيها شغل عظيم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إن في الصلاة لشغلاً)، والرسول صلى الله عليه وسلم لما سلم عليه الأعرابي الذي دخل المسجد وصلى ونقر الصلاة سلم عليه مرات يرد عليه السلام عليه الصلاة والسلام وهو عنده، صلى ثم سلم فرد عليه السلام وقال: (ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ)، ثم رجع فسلم عليه فرد عليه السلام، وهو ينظر إليه قريباً منه ينظر إلى صلاته، ولم يقل له: سلمت أول يكفي السلام الأول. اللهم صل عليه وسلم. 
 
11- هل الوظيفة حرام؟
هذا فيه تفصيل: الوظيفة إن كانت فيما حرم الله أو بالإعانة على ما حرم الله فهي حرام، فالوظيفة في شراء المسكرات والوظيفة في الدعوة إلى الزنا واللواط، الوظيفة فيه ظلم الناس ما تجوز، وهكذا ما أشبه ذلك؛ لأن الله يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) سورة المائدة، أما الوظيفة التي في أمور مباحة أو في طاعة كالوظيفة في البيع والشراء عن زيد وكله يبيع له يشتري له، الوظيفة في إكرام الضيف، الوظيفة في أعمال المسلمين وحاجات المسلمين التي ليس فيها التعاون على الإثم والعدوان لا بأس بذلك، فالحاصل أن الوظيفة إذا كانت فيما أباح الله أو فيما شرع الله لا بأس بها، أما إذا كانت الوظيفة فيما حرم الله أو في الإعانة على ما حرم الله فإنها لا تجوز لأن الله سبحانه يقول وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) سورة المائدة. السائلة أنثى شيخ عبد العزيز. إذا كانت وظيفتها في ما أباح الله في تدريس النساء تعليم النساء، الدعوة في مدارس النساء، على يد مدرسات نساء، كلية نساء لا بأس، وظيفة طب نساء تطب النساء وظيفة فيما ينفع النساء فيما ينفع المسلمين ولكن ليس فيها اختلاط بالرجال ولا فتنة مثل وظيفة توزع صدقة للمساكين والفقراء ليس فيه اختلاط بالرجال ولا فتنة فلا بأس في ذلك أما وظيفة تدرس الأبناء هذا لا يجوز فتنة لا يجوز، لأنها تعرض نفسها للفتنة وللشباب وللفتنة بها أيضاً، وظيفة في إنها تعاطى شرب الخمر أو بيع الخمر أو تعاطى الربا أو معاملات الربا المقصود وظيفة فيما حرم الله كأن توظف في بيع الربا في معاملات الربوية توظف في أحضار الخمور لبعض الموظفين في أحضار بعض النساء للزنا أو ما أشبه ذلك كل هذا محرم تعتبر قوادة المقصود هذا أوجه له، فإن كانت الوظيفة في ما حرم الله فلاتجوز أو في الإعانة على ما حرم الله للرجال والنساء جميعاً وإن كانت الوظيفة فيما ينفع الناس وفيما أباح الله وفي ما شرع الله فلا بأس للجميع.

447 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply