حلقة 548: كيفية صلاة المريض - تأديب الأولاد - حكم قراءة القرآن لمن به سلس - حكم تأخير قضاء الصيام لسنوات عدة - تخليد الكفار في النار - الحج بدون محرم وحكم التوكيل في رمي الجمرات - حكم شد الرحال لزيارة قبر نبي الله هود

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

48 / 50 محاضرة

حلقة 548: كيفية صلاة المريض - تأديب الأولاد - حكم قراءة القرآن لمن به سلس - حكم تأخير قضاء الصيام لسنوات عدة - تخليد الكفار في النار - الحج بدون محرم وحكم التوكيل في رمي الجمرات - حكم شد الرحال لزيارة قبر نبي الله هود

1-   أنا مصاب بكسر في أسفل الظهر، وعن هذا نتج العجز الكلي؛ لأنه مضى على الإصابة حتى الآن ثلاثون عاماً، ومع كل سنة يزيد العجز، ومع هذا فأنا مصاب بأمراض نفسية. فإذا جلست مدة لا تتجاوز ربع ساعة يُخدر الجزء الأسفل ككل من ضمنها الأرجل، فلا أستطيع السير إلا بعكازين، وينتج مع هذا توتر في الأعصاب ونزول العرق بغزارة من الأرجل مما يزيد حالتي النفسية تعباً، ومع هذا فأنا لا أستطيع الصلاة أداءً مع الجماعة في المسجد فأصلي في البيت، مع العلم بأنني ساكن في قرية لا يوجد في البيت المقيم به سخان كهربائي للماء، فهل يجوز لي أن أتيمم والحال كما ذكرت لكم؟ أرجو أن تتفضلوا بتوجيهي وإرشادي، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فنسأل الله للسائل الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يكفر عنا وعنه السيئات والحمد لله على كل حال، الله يقول: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ[البقرة: 155-157]، وأنت يا أخي عليك أن تتقي الله ما استطعت، كما قال الله -عز وجل-: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]، عليك أن تصلي بالماء وأن تصلي حسب طاقتك قائماً أو قاعداً إن ...... القيام ولو بعكازة، صليت قائماً، وإن لم تستطع ذلك صليت جالساً، وليس عليك الذهاب إلى المسجد إذا كنت تعجز عن ذلك، كما ذكرت في سؤالك. أما ما يتعلق بالماء، فالواجب الوضوء بالماء، فإذا عجزت عن ذلك لشدة البرد وعدم وجود ما تسخنه به، فهذا عذر شرعي، استعمال التيمم، ولكن من كان في القرية فهو لا يعجز في الحقيقة عن التسخين ولو بغير كهرباء، تسخن بالحطب بالفحم بغير ذلك، فأنت ما دمت في القرية فالواجب عليك أن تسخن الماء إذا شق عليك من جهة البرودة تسخن بطرق أخرى، بالنار التي تستعمل في الحطب والفحم وغير ذلك مما يوقد به النار، فليس لك عذر في التيمم مع وجود ما تسخن به الماء، أما لو كنت في صحراء في السفر ولم تستطع تسخين الماء فهذا عذر، من عجز عن الماء لبرودته في الشتاء فإنه يتيمم لكن أهل القرى والمدن في استطاعتهم تسخين الماء بأي وجه من الوجوه.  
 
2-   أنا مقيم في بيت أخي المتوفى وله أولاد وأنا عائلهم، وفي بعض الحالات أغضب عليهم وأزجرهم من غير شعور، وبعد لحظات أندم على ما بدر مني، هل علي في ذلك إثم أم لا؟ مع العلم بأنهم لا يغضبون علي ولا يحقدون.
لا حرج عليك، والحمد لله، إنما الواجب العناية بتربيتهم التربية الإسلامية، وتوجيههم إلى الخير وأمرهم بطاعة الله ورسوله، ونهيهم عما نهى الله عنه ورسوله، والأيتام لا مانع من تأديبهم إذا أساؤوا حتى يتخرجوا شباباً صالحين، فأنت تجتهد في تربيتهم التربية الشرعية الإسلامية بالكلام والفعل، وما يظن بعض الناس أن اليتيم لا يؤدب هذا غلط، فاليتيم يضرب ويؤدب إذا أساء، حتى يستقيم بالتأديب المناسب الذي لا يضر، غير مبرح، بالكلام وبالفعال، لكن مع مراعاة أن يكون التأديب بالفعل غير خطير وغير مبرح، ولا حرج في غضبك عليهم بعض الأحيان إذا أساؤوا أو ....... كل ذلك أنت مأجور عليه، وإذا كان من غير قصد إنما هو عارض فالله -جل وعلا- يرضى عنا وعنك وعن الجميع.  
 
3-   عن قراءة القرآن الكريم حيث قال تعالى في كتابه الكريم: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ[الواقعة:79] مع علمك بحالتي التي أنا فيها من كسر وشلل، فأنا لا أطهر حتى ولو توضأت، فهل علي ذنب في قراءة القرآن على الحال الذي تعلمون؟
يقول الله -سبحانه-: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]، كلما دخل وقت صلاة، إذا كان معك سائل من البول و....... فأنت معذور توضأ لوقت كل صلاة، وتصلي وتقرأ القرآن من المصحف ولا حرج إلى الوقت الثاني، أما إذا كان ما معك سائل وأنت تستطيع الوضوء فالحمد لله لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر بالوضوء، إذا توضأت فاقرأ من المصحف، وإلا فاقرأ عن ظهر قلب، مما حفظت من القرآن والحمد لله، أما إذا كان معك شيء كالريح الدائمة يعني الفساء والضراط الدائم، أو البول الدائم فهو عذر، عليك أن تتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي بهذا الوضوء، وتقرأ من المصحف إلى الوقت الآخر، وهكذا.  
 
4-   منذ بداية وجوب الصوم علي لم أصم لمدة اثنتي عشرة سنة، لعدم إدراكي وقتها بحكم ترك الصيام، أما بعدها وحتى الآن والحمد لله فأنا مستمرة في الصيام دون انقطاع، فما حكم الإسلام بخصوص هذه الفترة التي لم أصمها، هل مطلوب مني صيامها جميعاً، أم صيام جزء منها معوضاً عن الباقي، أم هنالك ما يُعوض عن تلك الفترة بغير صيام، ووالدتي لها نفس الحالة سوى اختلاف في عدد السنين التي لم تصمها، غير أنها الآن أصبحت كبيرة في السن، وحالتها الصحية لا تسمح بصيام فترة طويلة كهذه؟ أرشدونا بارك الله فيكم.
عليك وعلى أمك أن تصوما ما تركتما من الصيام مع التوبة والاستغفار؛ لأنكما أخطأتما في إضاعة هذا الصوم وتأخيره، فالواجب عليكما جميعاً التوبة إلى الله -سبحانه-، والندم على ما مضى مع الاستغفار وسؤال الله العفو -سبحانه وتعالى-، والعزم الصادق ألا تعودوا لمثل هذا، وعليك أن تقضي الأيام التي تركت مع إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع من التمر أو الأرز عن كل يوم مع القدرة، فإن كنت فقيرة فلا شيء عليك من الإطعام، ولكن عليك الصيام، لأن الله يقول: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 185]، وأنت لا مريضة ولا مسافرة، فالوجوب عليك من باب أولى، من باب التساهل، وهكذا أمك عليها أن تقضي الأيام ولو موزعة تقضي أيام وتفطر أيام وهكذا حتى تقضي ما عليها بعد شفائها من المرض. أما إن كانت عاجزة لكبر السن عجزاً لا تستطيع معه صيام رمضان، فإنها تطعم عن كل يوم مسكيناً والحمد لله، أما ما زالت تستطيع الصوم فإنها تصوم، وإذا كان في الوقت الحاضر عندها مرض يؤجل حتى يشفيها الله ثم تصوم مع إطعام مسكين عن كل يوم مثلك سواء بسواء، وهذا الطعام يعطى للفقراء وليس له عدد محصور ولو فقيراً واحداً.  
 
5-  ما هي الأعمال أو الكبائر التي تجعل الإنسان خالداً في النار، وهل صحيح أن كل شخص غير مسلم لا يدخل الجنة وهو خالد في النار؟
نعم، نعم، الأعمال التي توجب الدخول في النار أبد الآباد هي أعمال الكفر، من مات كافراً بالله -عز وجل- فهو مخلد في النار أبد الآباد، كاليهود والنصارى والشيوعيين وهكذا كل من أتى بمكفر، ومثل ذلك من ترك الصلاة، أو سب الدين، أو استهزأ بالدين، أو استهزأ بالجنة أو بالنار، أو سب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو تنقص الرسول، أو سب الله، أو طعن في دينه، كل هذا ردة عن الإسلام، إذا مات عليها الإنسان صار مخلداً في النار أبد الآباد، كسائر الكفرة. أما العصاة، المسلم العاصي هذا لا يخلد في النار، إذا دخل النار لا يخلد في النار، مثل مات وهو على الزنا ما تاب من الزنا، أو مات على شرب الخمر، ولكنه موحد مسلم يعبد الله وحده، ولا يسب الإسلام، ولا يسب الدين، بل هو مسلم ولكنه أطاع الهوى في بعض المعاصي كشرب الخمر، كعقوق الوالدين أو أحدهما، كأكل الربا، كالزنا هذه وأشباهها من المعاصي إذا مات عليها وهو مسلم يعبد الله وحده ليس بكافر فهذا تحت مشيئة الله -جل وعلا-، إن شاء الله غفر له، وعفا عنه لتوحيده وإسلامه وإيمانه .......، وإن شاء سبحانه عذبه على قدر الجرائم والذنوب التي مات عليها، ثم ما دام يمحص في النار ويعذب ما شاء الله فيخرجه الله من النار إلى الجنة، كما قال الله -سبحانه- في كتابه العظيم: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[النساء: 48]، فأبان -سبحانه- أن الشرك لا يغفر، من مات على الشرك لا يغفر له، لا يغفر الله له نعوذ بالله. أما من مات على ما دون الشرك من المعاصي فهذا تحت مشيئة الله، وقد أجمع علماء السنة، أجمع العلماء وبعض المسلمين على أن العاصي الذي هو مسلم موحد مؤمن لكنه عنده معاصي لا يخلد في النار أبد الآباد، بل متى دخل النار لهذه المعصية فإنه لا يخلد، بل يعذب فيها ما شاء الله، ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة وهو الحق. أما من مات على الكفر بالله فهذا يخلد في النار أبد الآباد، نسأل الله السلامة والعافية. ومن الكفرة اليهود والنصارى المعروفون، الشيوعيون المعروفون، عباد الأوثان، عباد القبور، ومن ذلك من يسب الدين أو يستهزأ بالدين أو يسب الله أو يسب رسوله -عليه الصلاة والسلام- هؤلاء إذا ماتوا على ذلك ولم يتوبوا فهم من أهل النار، ويخلدون فيها أبد الآباد نعوذ بالله.  
 
6- والدتي حجت مرتين في الأولى بدون محرم، أي لم يذهب معها أبي ولا أخي ولا خالي ولا أي محرم آخر، لعدم علمها بذلك، وعند رمي الجمرات رمت في الرمية الأولى بنفسها والباقي رماها عنها الحجاج الموجودون معها، أما في الحجة الثانية فقد ذهب معها أبي، ولم ترمِ الجمرات بنفسها بل رماها عنها أبي، أرشدونا ما حكم الإسلام في هذه الحالات؟ بارك الله فيكم.
حجها صحيح، والحمد لله وعليها التوبة إلى الله والاستغفار لكونها حجت الحجة الأولى بدون محرم، عليها التوبة إلى الله من ذلك، وإذا كانت وكلت في الرمي لعجزها عن الرمي فلا حرج عليها والحمد لله. أما إن كان التوكيل تساهلاً وليس هناك موجب لا زحام شديد خافت منه، ولا مرض فعليها دم، يذبح عنها ذبيحة في مكة للفقراء بنية تركها الرمي.  
 
7- تُقام في شهر شعبان في بلدتنا حضرموت زيارة لقبر النبي هود -عليه السلام-، المعتقد أن قبره بالأحقاف حضرموت، إذ تُشد الرحال إلى هناك بمسافة خمس ساعات بالسيارة، حيث يُوفد إلى هناك جمع غفير من الناس تُعد بالألوف المليئة بالاعتقاد الباطل كما نعتقد، حيث يقومون بصعود جبل ويصلوا إلى غرفة في أعلاه بها قبران أو ثلاثة، وينكبون عليها تمسحاً وبكاءاً ودعاءاً وتبركاً، ثم ينزلون ويفعلون ذلك كل يوم لمدة أربعة أيام تقريباً، وهذا ما يشبهونه بالسعي، وجعلوا أماكن شخصوا فيها جسد النبي هود -عليه السلام-، فهناك حصاة يُقال لها: نخرة النبي، أي أنفه! وأخرى ملساء فيها أثر لقدمه وتُسمى (الدحقة)، يبلغ طولها حوالي ثلاثة أذرع، وثالثة يُقال لها: (قدمية)؛ تُعلق النساء اللاتي يُردن أزواجاً حصوات لكي تحصل على زوج، وكذلك تفعل الأم التي تُريد أولاداً، ويقولون من الوعظ في هذه الزيارة: إن السلف من الأولياء قد قاموا بتأسيس هذه الزيارة، وإنهم دعوا إليها مثل الفقية المهاجر أحمد بن عيسى وهكذا ، ويستمر على هذا المنوال في شرحه هذه الصفة شيخ عبد العزيز، في النهاية يرجو توجيهكم ونصحكم، وماذا عليهم أن يعملوا لو تكرمتم؟
أولاً: نبي الله هود -عليه الصلاة والسلام- لا يعرف قبره، ومن يزعمون أنه قبر هود في الأحقاف هناك ليس له أصل، ولا يعرف من القبور التي تنسب للأنبياء سوى قبر نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-، وقبر الخليل في المغارة المعروفة في الخليل في الشام، فلسطين، وأما قبر هود وصالح ونوح وغيرهم من الأنبياء فلا تعرف قبورهم، وما يدعى أن قبر هود موجود هناك في الأحقاف وأنه ........ كل هذا لا أصل له، وليس بصحيح، ولا يعرف قبر هود ولا قبر غيره من الأنبياء سوى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وكذلك قبر الخليل، المقصود أن هذا الذي يفعلونه منكر، ولا يجوز، بل هو من المحرمات الشركية، فإن دعاء نبي الله هود، والتبرك بالحصى الذي ينسب إلى قبره أو هو من جسده، كل هذا شرك أكبر، فالتماس البركة من ذلك أو الأزواج أو الذرية كل هذا منكر، وكله من المحرمات الشركية، فطلب الأولاد يكون من الله هو الذي يعطي الأولاد -سبحانه وتعالى-، وهكذا يطلب من الله تيسير الأزواج، لا من أحجار تنسب إلى هود أو قبر ينسب إلى هود، بل لا يطلب من هود نفسه -عليه الصلاة والسلام-، فلا يقال له: أعطنا أولاد، أو بارك لنا في الأولاد، لا، هذا إلى الله -سبحانه وتعالى-، وما يفعله الجهلة من هذه الأمور كله منكر يجب إنكاره، ويجب على العقلاء نهيهم عن ذلك، وعلى أهل العلم أن يحذروهم من ذلك، وألا يغتروا بفعل الجهلة وما يقولونه بعض الصوفية، أو بعض عباد الأوثان في هذه المسألة، كل هذا غلط، فالعبادة حق الله، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة: 5]، والله -سبحانه- يبارك وهو الذي تطلب منه البركة -جل وعلا-، ولا تطلب البركة من أحجار، ولا من قبور، ولا من أشجار، ولا من نبي الله هود، ولا من غيره، وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله جماعة من الصحابة لما رأوا شجرة يتعلق بها المشركون ويعلقون بها أسلحتهم، يرجون بركتها، قالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، قال -عليه الصلاة والسلام-: (الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة)، شبه قولهم اجعل لنا ذات أنواط، بقول بني إسرائيل: اجعل لنا إلهاً، ومعلوم أن اتخاذ الآلهة مع الله كفر أكبر، فلا يجوز أن يتخذ مع الله آلهة لا من الأصنام، ولا من الأشجار، ولا من الملائكة، ولا من الرسل، ولا من سائر الناس، ولا من الجن، بل حق الله أن يعبد -سبحانه وتعالى-، حق الله العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، فهو القائل -سبحانه-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[البينة: 5]، وهو القائل -عز وجل-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[الإسراء: 23]، وهو القائل -سبحانه-: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[غافر: 14]، وهو القائل -سبحانه-: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ[الزمر: 2]، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لما سأل معاذًا عن حق الله على العباد قال معاذ: الله ورسوله أعلم، قال: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)، أي حق الله على العباد أن يعبدوه وحده، بدعائهم وسؤالهم وصلاتهم وصومهم وذبحهم ونذرهم وطلب البركة كل ذلك إلى الله وحده -سبحانه وتعالى-، وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[البقرة: 163]، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)، وهكذا ما يفعله بعض الجهلة عند قبر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، من دعاء والاستغاثة به، وطلبه النصر أو المدد، كل ذلك من المحرمات الشركية، وهكذا ما يفعله بعض الناس عند قبر البدوي، أو الحسين بن علي -رضي الله عنه-، أو عند قبر ابن عربي في الشام، أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، ما يفعله الجهلة في دعائهم والاستغاثة بهؤلاء، وطلبهم المدد، كل هذا من الكفر بالله، ومن الشرك بالله -سبحانه وتعالى-، فالواجب إخلاص العبادة لله وحده، وألا يدعى سواه -جل وعلا-، وألا يطلب النصر من الأموات، ولا من الأشجار والأحجار، ولا المدد ولا الشفاء، كل ذلك يطلب من الله وحده -سبحانه وتعالى-، أما المخلوق يطلب منه ما يقدر عليه إذا كان حياً حاضراً، مو بميت، الميت لا يطلب منه شيء، ....... إنما يطلب من الحي الحاضر إذا كان يقدر، يقول: يا أخي ساعدنا بكذا، أعنا على كذا بما تقدر عليه، أقرضنا كذا، ساعدني على إصلاح البيت على إصلاح السيارة، يقوله له مشافهة أو عن طريق المكاتبة أو الهاتف لا بأس، أما الأموات والأشجار والأحجار والأصنام والنجوم هذه كلها لا تسأل، ولا تطلب شيء، بل ذلك من الشرك الأكبر والعياذ بالله، بل ذلك من عبادتها من دون الله -سبحانه وتعالى-، فيجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله عليهم، وأن يتفقهوا في دينهم، وأن يسألوا العلماء المعروفين بالسنة، والمعروفين بالعقيدة الصحيحة، على العامة يسألونهم عن دين الله، وعما أشكل عليهم، وألا يعملوا بمجرد العادات والآراء التي يفعلها الجلهة، يقول الله -سبحانه-: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام: 162-163]، ويقول -عز وجل-: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر: 1-2]، فالصلاة لله والذبح لله، وهكذا الدعاء، يقول سبحانه: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[الجن: 18]، فهو الذي يدعى ويرجى -سبحانه وتعالى-، وهو الذي يتقرب إليه بالنذور والذبائح والصلاة والصوم ونحو ذلك، نسأل الله أن يوفق المسلمين إلى الصواب في دينهم، وأن يصلح علماء المسلمين وأن يوفقهم لتبصير إخوانهم وتعليمهم ما أشكل عليهم.  
 
8- إذا أنجبت امرأة طفلين توأمين متلاصقين من ناحية الظهر أي أنهما مختلفان في الوجوه، فإذا مات أحدهما أو ماتا جميعاً كيف يتم دفنهما، هل يجب فصلهما أو كيف يتصرف أهلهم؟ جزاكم الله خيراً.
إذا وقع مثل هذا يعرض على الأطباء المختصين، إن وجدوا حيلة في ذلك فعلوا، حتى يخلص هذا من هذا، وإن لم يجدوا حيلة دفنا جميعاً، إذا ماتا دفنا جميعاً، وإن مات أحدهما فصل الميت من الحي بالطرق التي يراها الأطباء، ثم يغسل ويصلى عليه إذا كان مسلماً ويدفن وحده، ويبقى الحي على حاله، ولا يضر الحي بسبب الميت، بل يستعمل الأطباء الطريقة التي يفصلون بها هذا الذي مات حتى يدفن وحده.  
 
9- ما حكم دفع زكاة النقود على الأم؟
الزكاة لا تصح للأم ولا للأب ولا للأولاد، فالزكاة فرض الله صرفها إلى جهات مخصوصة، لقوله -سبحانه-: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ[التوبة: 60]، فهذه الجهات هي التي يصرف لها الزكاة، أما الأم والأب والأولاد فالواجب على المسلم أن ينفق عليهم من ماله، لا من الزكاة، فالزكاة تصرف لغيرهم، وأما والداه وأولاده وزوجته فالواجب أن يصرف عليهم من ماله لا من الزكاة.  
 
10-   لقد حجيت أنا وابني وأحرمنا من الطائف ودخلنا مكة صلاة الظهر وبقينا فيها إلى المغرب، ثم أرغمني ابني على العودة إلى الطائف والمبيت به، وقد حصل ذلك وبتنا تلك الليلة في الطائف، ثم رجعنا إلى مكة في صباح اليوم التالي ولم نحرم إحراماً جديداً بل اكتفينا بإحرامنا الأول، ودخلنا الحرم المكي في اليوم نفسه، وطفنا طواف القدوم وسعينا، ثم بتنا تلك الليلة في مكة، ثم ذهبنا إلى منى وبقينا فيها يومين وليلة وسرينا في الليلة الثانية، وقبل الخروج منها اغتسلنا ومشطنا رؤوسنا ولم نغير ملابسنا وبالذات ثوبي، مع العلم أنه كان أسود وأكملت حجي كبقية الحجيج من المسلمين (يبدو أن السائلة امرأة يا شيخ عبد العزيز)، فما حكم الإسلام في ما سمعت من دخول مكة بدون إحرام والاكتفاء بالإحرام الأول في اليوم الذي مضى، وفيما فعلنا في منى من غسل ومشط، والإحرام بالثوب الأسود؟
ليس عليكما شيء والحمد لله إحرامكم الأول صحيح، خروجكم إلى الطائف هذا لو تركتموه لكان هو الذي ينبغي لعدم الحاجة إليه، لكنه لا يضر، لا يترتب عليه شيء؛ لأنكم خرجتم قبل إكمال حجكم وأنتم على إحرامكم، فلا يضركم ذلك، وطوافكم وسعيكم حينما رجعتم إلى مكة ثم خروجكم إلى منى ثم إكمالكم مناسك الحج ليس فيه شيء، أما المشط فإن كان فيه قطع شعر هذا هو محل نظر، إن كنتم جاهلين قطعتم الشعر عن جهل فلا شيء عليكم أو نسيان فلا شيء عليكم، أما إذا كنتما تعلمان أنكما لا يجوز لكما قطع الشعر وقطعتم الشعر متعمدين عند المشط فهذا عليكم أحد ثلاثة أشياء إما صوم ثلاثة أيام على كل واحد، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو رز أو نحوه أو ذبح شاة على كل واحدٍ منكم، هذا إذا كنتم متعمدين عالمين أنه لا يجوز، أما إذا كان قطع الشعر حين المشط عن جهل أو عن نسيان فلا شيء عليكم، أو كان مجرد مشطة فيه قطع شعر حين مشط الشعر؟؟؟؟ فلا بأس. والثوب الأسود لا بأس به، لا على الرجل ولا للمرأة، لكن يكون لبس الرجل على حال ولبس المرأة على حال، لا يشتبه أحدهما بالآخر، يعني لباس هؤلاء على حاله، ولباس هؤلاء على حاله.

448 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply