حلقة 538: حكم تعليق الآيات في البيوت - الجهاد بدون إذن الوالدين - القمار - صرف الزكاة إلى القريب الفقير - أين تضع المرأة يديها أثناء الصلاة؟ - هجر ومقاطعة تارك الصلاة - صلة الوالدين والرفق بهما - أين قبر الحسين بن علي؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

38 / 50 محاضرة

حلقة 538: حكم تعليق الآيات في البيوت - الجهاد بدون إذن الوالدين - القمار - صرف الزكاة إلى القريب الفقير - أين تضع المرأة يديها أثناء الصلاة؟ - هجر ومقاطعة تارك الصلاة - صلة الوالدين والرفق بهما - أين قبر الحسين بن علي؟

1- هل يجوز تعليق الآيات في البيوت أم لا يجوز؟ أم أن ذلك بدعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا حرج في تعليق الآيات والأحاديث في المكاتب والمجالس ونحو ذلك للفائدة والذكرى، وأما تعليقها على الإنسان: كالمريض أو الصغير، كالتميمة لحفظه من الجن، أو كذا هذا لا يجوز، ولهذا ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، وفي رواية أخرى: (من تعلق تميمة فقد أشرك)، فالتمائم هي التي تعلق على الأولاد، أو على المرضى، إما لقصد حفظهم بزعم المعلق من الجن، أو من العين كل هذا لا يجوز، أما تعليق آيات أو أحاديث في المكاتب ونحو ذلك بقصد الفائدة والذكرى فلا بأس بها.  
 
2- أنا شاب مصري الجنسية غير متزوج، بالكويت أقيم وأعمل هناك، وأقرأ كثيراً عن إخواننا المجاهدين في أفغانستان عن طريق مجلة الجهاد ومجلة البنيان، وقد اشتقت كثيراً إلى الجهاد وأرجو من الله أن يرزقني الشهادة، ولي والدتي في مصر، ولي أخٌ أكبر مني تعيش معه في مصر، وأخواتي البنات كلهن متزوجات، وقد سألت بعض الصالحين فقالوا: لا بد من إذن والدتك قبل السفر للجهاد، وأنت تعلم جيداً بأننا في زمن لا يعرف الجهاد، وإذا عرفوا لا يوافقون، فما الحكم في سفري، هل إسافر دون إذنها؟ أرجو الإفادة الشافية، جزاكم الله خيراً.
ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه جاءه رجل يستأذنه في الجهاد فقال: (أحيٌ والداك، قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد) وفي رواية أخرى قال: (ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك وإلا فبرهما)، فنوصيك أيها الأخ باستأذان الوالدة، وأخذ رضاها فإن سمحت فاستعن بالله وجاهد، وإلا فجاهد فيها بالإحسان إليها وبرها والرفق بها؛ لأن حقها عظيم وبرها من أهم الواجبات، وفقك الله لما فيه رضاه. وإن كان أخوه موجوداً. ولو كان عندها أخ غيره أو ثاني أو ثالث، ولو كان إخوة.  
 
3- لقد اطعلت على فتوى سماحتكم والمرفق صورتها، وهي: قيام بعض المؤسسات والمحلات التجارية بنشر إعلانات في الصحف وغيرها عن تقديم جوائز لمن يشتري من بضائعهم المعروضة، مما يغري الناس على الشراء من هذا المحل دون غيره.. إلى آخره، وأن هذا نوع من القمار المحرم شرعاً، وسؤالي هو: هل محطات البنزين التي تزود من يشتري منها بنزين لسيارته بكرت مكتوب عليه: (عند حصولك على كروت بكمية ثلاثة آلاف لتر بنزين يحق لك غسيل سيارتك لدينا مجاناً)، هل هذا من القمار المحرم شرعاً -أيضاً- كسابقه؟ نرجوا منكم الإفادة أثابكم الله، والواقع أنه أرفق إعلان، وأرفق أيضاً صورة من الفتوى التي صدرت منكم سماحة الشيخ. اقرأ الإعلان. محطة كذا للخدمة السيارات وللمحروقات في المكان الفلاني، إلى زبائننا الكرام أطلب كرت بموجب الكمية المصروفة في سيارتك عند حصولك على الكروت بكمية ثلاث آلاف لتر بنزين يحق لك غسيل سيارتك لدينا مجاناً، ومذكور اسم المحطة ومكانها.
هذا فيه نظر ويحتاج إلى تأمل ودراسة، لأن قد يحصل بذلك هجر المحلات الأخرى التي لا تعلن هذا الإعلان، وتشوش عليها، فيحصل مثل ما يحصل في إعلان التجار الذي أشار إليه السائل، فالأحوط في مثل هذا عدم العمل بهذا الإعلان، وعدم الالتفات إليه؛ لأنه قد يحصل به الأذى للآخرين ما هو معلوم، وأما الجزم بأنه محرم ويحتاج إلى مزيد من العناية، في حلقة أخرى. إذاً أبقي هذا الرسالة وما أرفق بها. نعم.  
 
4- يسأل عن صرف الزكاة إلى الأخت من الأب وأبنائها وإلى الأب وإخواني من أبي، ويسأل أيضاً عن بعث الزكاة إلى بلده لكثرة الفقراء هناك؟
لا مانع من صرف الزكاة لإخوتك الذكور والإناث إذا كانوا محاويج فقراء، هذا فيه الصلة والزكاة جميعاً صلة وصدقة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصدقة على الفقير صدقة، وعلى ذي الرحم إثنتان صدقة وصلة)، فإذا كان أخو الإنسان فقيراً أو أخته فقيره أو عمه أو خاله أو نحو ذلك فالصدقة فيهما أولى من غيرهم؛ لأنها تجمع أمرين الصلة والصدقة جميعاً.  
 
5- أختنا تسأل في سؤالها عن يدي المرأة أين تضعهما أثناء الصلاة؟
كالرجل السنة أن تضعهما على صدرها كما جاء في السنة لأن الأصل أن الرجال والنساء سواء في الصلاة إلا ما خصه الدليل، فهي تعمل كما يعمل الرجل في صلاتها، تكبر وتقرأ الاستفتاح وتقرأ الفاتحة وما تيسر معها، تركع وتطمأن ترفع وتعتدل وتطمأن، وتضع يديها وقت القيام على صدرها قبل الركوع وبعده، كالرجل سواء؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وهذا يعم الرجال والنساء.  
 
6- إذا كان للإنسان المسلم أخٌ أو أخت تاركة للصلاة بالكلية، وقدم ما يلزم من النصح ولكن دون جدوى، فهل يجوز له أن يلجأ إلى أسلوب المقاطعة، وما هو حدود معاملة تارك الصلاة لو كان ذا قرابة في ديننا الحنيف؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
إذا ترك الأخ أو الأخت أو غيرهما من الأقارب الصلاة فالواجب النصيحة والتوجيه والصبر على ذلك، فإن أجاب من ترك الصلاة وهداه الله وتاب فالحمد لله، وإلا وجبت مقاطعته وهجره، فلا تستجاب دعوته من وليمة ولا غيرها، ولا يدعى لوليمة ولا يسلم عليه، ولا يرد عليه السلام حتى يتوب إلى الله، لأن جريمة عظيمة وهي ردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء، ترك الصلاة والتعمد لذلك ردة عن الإسلام؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) رواه مسلم في الصحيح، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وإلى أحاديث أخرى جاءت في المعنى، والله يقول -سبحانه- عن أهل النار: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ[المدثر: 42-43]، فبدأوا أعمال الخبث التي دخلوا بها النار بدأها بترك الصلاة نسأل الله العافية، فالواجب على المؤمن مع أقربائة إذا تركوا الصلاة أن ينصحهم ويوجههم إلى الخير، وأن يوجه أيضاً بعض إخوانه الطيبين إلى أن ينصحوههم ويوجهوهم؛ لأن الله يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى[المائدة: 2]، فالتعاون على البر والتقوى من أهم المهمات فإن هداهم الله -سبحانه- وتابوا فالحمد لله، وإلا وجبت مقاطعته وهجرته حتى يستقيموا ويتوبوا، هذا هو الواجب على المسلمين، إلا للوالدين الوالدان لهما شأن آخر؛ لأن الله قال -سبحانه- في حق الوالدين الكافرين قال: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا[لقمان: 15]، فالوالدان لهما حق عظيم ولو كانا كافرين، يصبر عليهما، ويحسن إليهما، ويرفق بهما، ويدعوهما إلى الله، لعل الله يهديهما بأسبابه، ولا يعجز، ولو استمرا في الكفر، عليه أن ينصحهما وأن يوجههما إلى الخير ويستعن على ذلك بمن يرى من إقاربه وإخوانه وأحبابه لعل الله يهديهما بأسبابه، فلو استمرا على الكفر لم يقطع النصيحة، ولم يقطع الإحسان بل يستمر في نصيحته وإحسانه حتى يسلما أو يموتا.  
 
7- أنا مقيم بالمملكة بصحبة أسرتي المكونة من زوجتي وولدي، أما والدي الذي يعيش في مصر فتقدم به العمر ولكنه ما زال يشتغل بالتجارة في محله البسيط ساعياً على أخي الذي أنهى دراسته هذا العام والتحق بالخدمة العسكرية، وعلى إخوتي البنات الاثنتين، ولكن والديَّ يربطان رضاهم علي بمساعدة أخي المادية، وتحمل نفقة زواجه وحتى قبل إخوتي البنات، ومن أجل ذلك قطعوا اتصالهم بي واعتبروني عاقاً لهما، رغم أنني مريض بمرض مزمن، وكم أخشى من المجهول على مصير أولادي، وأخشى ما أخشاه وما يؤرقني عدم رضى الوالدين علي، فأرجو من سماحتكم تبصيري كيف أتصرف تجاه ما يطلب مني الوالدان؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك أن تتقي الله ما استطعت، فإن استطعت أن تصل والديك وترضيهما فافعل بما يسر الله لك، بعد حاجتك وحاجة أولادك وزوجتك، فإن لم يتيسر فأنت معذور واعتذر إليهما بذلك، فإن النفقة عليك وعلى أولادك مقدمة، فعليك أن تنظر في الأمر وأن تجتهد وتحرص على إرضاء والديك بما يسر الله لك من المال، حتى يرضيا عنك، وحتى تساعد أخاك وأنت على خير عظيم، ولو خففت النفقة على نفسك وأهلك بعض التخفيف الذي لا يضر الجميع لإرضاء والديك فهذا أمر مطلوب، فاجتهد في الإقتصاد والحرص على أن توفر شيئا ترضي به والديك، جزاك الله خيراً.  
 
8- هل جثة الحسين في العراق أو في الشام أو في مصر؟

 

المعروف أن جثة الحسين في العراق، وليست في مصر وليست في الشام، وإنما دفن في العراق، والذي في مصر ليس له أصل، وإنما هي دعوى لا حقيقة لها وأقبح من ذلك وأشد من ذلك دعاؤة والاستغاثة به والطواف في قبره، هذا من أعظم المنكرات والقبائح، بل من الشرك الأكبر، فإن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والتقرب إليهم بالذبائح كل ذلك من المنكرات العظيمة، ومن الشرك الأكبر، سواء كان المدفون الحسين، أو غير الحسين، وهكذا ما يفعل عند قبر البدوي أو السيدة زينب أو غير ذلك، كله يجب تركه وإنما يجوز الزيارة فقط، فالميت يزار فيدعى له بالمغفرة والرحمة، سواء كان الحسين أو غير الحسين. أما أن يدعى لهما من دون الله، ويستغاث بهم، وينذرا لهم، ويطلب منهم الشفاء أو النصر على الأعداء هذا كله من عمل الجاهلية، من عمل المشركين الأولين، من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم رغبة بما عندهم من الشرك بما يقول عبادهم من دون الله، كل هذا منكر عظيم، فالطواف عبادة عظيمة لله، ولا يجوز إلا حول الكعبة المشرفة، فالقبور لا يطاف بها، ولا يسأل أهلها شفاء مرضى ولا نصر على الأعداء، ولا غير هذا، وإنما يزارون إذا كانوا مسلمين يزارون ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة وفي ذلك عبرة وذكرى للزائر، يذكر الموت، ويذكر الآخرة. أما العبادة فحق الله وحده، فهو الذي يدعى ويرجى -سبحانه وتعالى- كما قال -عز وجل-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء[البينة: 5]، قال -سبحانه-: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ[الزمر: 2]، وقال -عز وجل-: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[الجن: 18]، والآيات في هذا المعنى كثيرة كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده، وإنه هو الذي يدعى -سبحانه-، ويرجى ويخاف، وهو الذي يتقرب له بالذبائح والنذور وغير هذا من العبادات، كما قال -سبحانه-: قُلْ إِنَّ يعني قل: يا محمد للناس، قل يا أيها الرسل للناس، قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي يعني ذبحي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام: 162-163]، وقال -سبحانه- يخاطب نبيه -عليه الصلاة والسلام-: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر: 1-2]، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه علي -رضي الله عنه-: (لعن الله من ذبح لغير الله)، فالواجب على جميع المسلمين التفقه في الدين، وتبصير الجاهل وتعليمه، وهذا من حق العلماء، هذا من واجب العلماء أن يبصروا الناس، سواء كان ذلك فيما يتعلق بقبر الحسين، أو غيره في مصر وغير مصر، الواجب على العلماء علماء الحق أن يبصروا الناس وأن يعلموهم أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات أمر منكر، بل من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم أمر منكر، فالطواف عبادة لله ولا تفعل إلا عند الكعبة عند البيت الشريف في مكة المكرمة، فالقبور لا يطاف بها، ولا يدعى أهلها من دون الله، ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم، نعم إذا كانوا مسلمين يسلم عليهم ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، هكذا، كان النبي يزور البقيع ويدعوا لأهله بالمغفرة والرحمة، ويقول لأصحابه يعلمهم إذا زاروا القبور، أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل البقيع)، هكذا كان النبي يفعل -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو السنة في زيارة القبور. أما قبور الكفار فلا يسلم عليهم، إنما تزار للعظة والذكرى، إذا زارها يتذكر الآخرة، يتذكر الموت لكن لا يسلم عليهم ولا يدعوا لهم، وقد زار النبي -صلى الله عليه وسلم- قبر أمه فلم يستفغر لها، نهاه الله أن يستغفر لها لأنها ماتت على دين الجاهلية، فاستأذن ربه أن يستفغر لها فلم يأذن له -سبحانه وتعالى-، وإنما أذن له في زيارتها للعبرة والاتعاظ، وبهذا يعلم السائل أن ما يدعى من وجود الحسين في مصر ليس له أصل عند أهل العلم، وإنما جثته كانت في العراق، وهو قتل في العراق، ويقال إن رأسه نقل إلى يزيد في الشام فلا يدرى أين ذهب هذا الرأس، هل دفن في الشام أو أعيد إلى محله في العراق مع جثته. فالحاصل أن وجود جثة الحسين في مصر أمر لا أساس له، بل هو من كذب الأمراء السابقين، من بني عبيد القداح لأنهم كانوا رافضة فأحدثوا هذا القبر، وسموه قبر الحسين، هو شيء لا أساس له، ويقال لهم: الفاطميون، وهم أناس معروفون عند أهل السنة بأنهم شيعة رافضة. 

 

 
9- أخونا يسأل أيضاً عن رابعة العدوية سماحة الشيخ.
معروفة بالعبادة مشهورة عند أهل التاريخ وأهل السير أنها امرأة عابدة، وليس عندي تفصيل عن حالها وترجمتها، لكنها مشهورة بانها امرأة عابدة، وليس عندي أكثر من ذلك في حالها نسأل الله أن يعفوا عنا وعنها وعن كل مسلم. 
 
10- هل من قال: استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه سبع مرات غُفر له ذنبه ولو كان كزبد البحر، وهل ورد في هذا حديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟
نعم ورد في فضله حديث رواه الحاكم وغيره في الحث على هذه الكلمات: (استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) الإكثار منها فيه فضل عظيم، ومن أسباب غفران الذنوب لمن صدق في ذلك، وتاب إلى الله -سبحانه وتعالى-، وهو استغفار عظيم لكن إنما يحصل هذا الفضل العظيم لمن تاب توبة صادقة، لهذا قال: (استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) والتوبة الصادقة تشتمل ثلاثة أمور، تشتمل على ثلاثة أمور: الأمر الأول: الإقلاع من الذنوب وتركها طاعة لله وتعظيماً له. الأمر الثاني: الندم على ما مضى منها، والأسف والحزن على ما مضى منه. الأمر الثالث: العزيمة الصادقة ألا يعود فيها، فإذا تاب هذه التوبة كفر الله خطاياه مطلقاً كبيرة أو صغيرة، وهناك شرط رابع إذا كانت المعصية تتعلق بحق المخلوقين فلا بد من رد الحق إلى أهله، إذا كان دين أو ظلامة يعني أخذ مال من إنسان أو سرقة أو ما أشبه ذلك لا بد من رد المال إلى مستحقه أو تحلله من ذلك، فالحاصل أن من تمام التوبة في حق المخلوقين أن يعطيهم حقهم أو يتحللهم من ذلك، فإذا سامحوه سقط حقهم، فلا تتم التوبة من حق المخلوقين إلا بإعطائه حقه أو استحلاله، فإذا سامح وحلل فلا بأس.  
 
11- هل يجوز رفع الأيدي عندما يدعو الخطيب يوم الجمعة؟ لأني سمعت أنه لا يجوز رفع الأيدي عند دعاء يوم الجمعة.
لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرفع يدية في خطبة الجمعة، ولما رأى بعض الصحابة بعض الأمراء يرفع يدية في خطبة يوم الجمعة أنكر ذلك، والعبادة توقيفية ليس للرأي فيها مجال، فلا ينبغي للخطيب يوم الجمعة أن يرفع يدية بالدعاء، لأن هذا لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا إذا كان يستسقي يعني يستغيث يطلب الله الغوث من أجل الجدب والقحط فلا بأس أن يرفع يدية في خطبة الجمعة عند دعاء الاستغاثة، كما فعل ذلك النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- فإنه لما استغاث يوم الجمعة في خطبة الجمعة رفع يديه، ودعا ورفع الناس أيديهم. أما في الخطب العادية التي ليس فيها استغاثة فإنه لا يرفع يديه، لماذا؟ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما كان يرفع يديه، وهو الذي يقول: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب: 21]، فلما كان -عليه الصلاة والسلام- لم يرفع في خطبة الجمعة وهكذا خطبة العيد، فإنه لا يشرع لنا أن نرفع فيهما إلا في الإستسقاء في خطبة الاستسقاء، أو في الجمعة أو في العيد إذا استسقى يرفع يديه، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.  
 
12- رجل يصلي فتحرك ثلاث حركات متتالية، فهل تبطل صلاته، كحك الرأس أو الأنف أو ما شابه ذلك؟
ليس على هذا دليل، ولا تبطل الصلاة بذلك، لكن ينبغي للمؤمن أن يجتهد في السكون في الصلاة والخشوع وعدم العبث وعدم الحركة إلا من حاجة على مراعاة القلة، وعدم الإكثار، وقد ذكر العلماء -رحمهم الله- أن الحركة الكثيرة في الصلاة متوالية تبطلها من غير تحديد، أما التحديد بثلاث فهو قول ضعيف لا دليل عليه، ولا تبطل به الصلاة، فلو حرك يده ثلاثاً أو حك رأسه ثلاثاً وما أشبه ذلك لم تبطل صلاته بذلك، وهكذا إذا كانت الحركة مفرقة فقد ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى على المنبر، ثم نزل فسجد في أصل المنبر، ثم صعد فرقى على المنبر وركع عليه، فلما سلم قال: (إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي)، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى وهو حامل أمامة بنت زينب، بنت بنته، أمامة بنت زينب -رضي الله عنها- إذا سجد وضعها وإذا قام حملها -عليه الصلاة والسلام- هذه الحركة لا تضر الصلاة، لأنها مفرقة وهكذا ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الكسوف أنه لما عرضت عليه الجنة تقدم، وتقدمت الصفوف، وأراد أن يتناول منها عنقوداً فلم يتيسر ذلك، ولم يمكن من ذلك، ولما عرضت عليه النار -عليه الصلاة والسلام- تأخر وتأخرت الصفوف، فدل ذلك على أن هذا الحركة وأشبهها لا تبطل الصلاة.  
 
13- إذا الشخص تحرك حاجبه أو أسفل عينه اليمنى بدون إرادته فهذا من دواعي الشر لهذا الشخص، وإذا شخص تحرك حاجبه أو أسفل عينه اليسرى بدون إرادته، فهذا من دواعي الخير لهذا الشخص، فهل هذا الشيء صحيح؟ افتونا جزاكم الله خيرا.
هذا الشيء لا أصل له، بل هو من الخرافات، خرافة لا أساس لها ولا يلتفت إليها. 
 
14- إذا رجل حلف يميناً بالله أو يمين طلاق وهو في حالة غضب، فهل يكتب عليه هذي اليمين؟ وهل من الواجب عليه دفع الفدية؟
هذا مقام تفصيل: يحتاج إلى تفصيل وإلى عناية، فاليمين ضابطها أن يعلق الطلاق أو التحريم على شرط يقصد منه المنع أو الحلف أو التصديق أو التكذيب، هذا يقال له يمين، كأن يقول: عليه الطلاق أن كلم فلاناً يقصد منع نفسه من كلامه، أو يقول عليه الطلاق إن لم يزر فلاناً، لم يقصد حتى نفسه على زيارته، أو يقول: عليه الطلاق أن فلاناً قد مات يقصد يصدق في ذلك حتى يصدق، أو عليه الطلاق أن هذا الشيء لم يقع حتى يصدق أنه لم يقع. فالحاصل أن اليمين إنما التعليق أنما يكون يميناً إذا كان لقصد الحلف أو المنع أو التصديق أو التكذيب، هذا إذا كان هذا قصد المتكلم يكون حكمها حكم اليمين على الصحيح، ويكفيك كفارة اليمين في ذلك، ولا يقع الطلاق من التحريم لهذه النية، أما إذا كان المقصود التعليق فقط فهذا يقال له: تعليق ولا يقال له يمين، كأن يقول: إذا دخل رمضان فزوجته طالق هذا يسمى تعليق إذا دخل رمضان طلقت ليس بيمين، وكأن يقول: إذا ضاعت الحمل فهي طالق، أو يقول: إذا دخل شهر ذي الحجة فهي طالق، وما أشبه ذلك من التعليقات التي ليس فيها حنث ولا منع ولا تصديق ولا تكذيب، إنما هي تعليقات محضة. سماحة الشيخ في الختام... 

315 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply